المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌(باب لا يستنجى بروث) - عمدة القاري شرح صحيح البخاري - جـ ٢

[بدر الدين العيني]

فهرس الكتاب

- ‌(كتاب الْعلم)

- ‌(بابُ فَضْلِ العِلْمِ)

- ‌(بَاب مَنْ سُئِلَ عِلْماً وَهوَ مُشْتَغِلٌ فِي حَدِيثِهِ فَأتَمَّ الحَدِيثَ ثُمَّ أجابَ السَّائِلَ

- ‌(بابُ مَنْ رَفَعَ صَوْتَهُ بِالْعلْمِ)

- ‌(بَاب قَوْلِ المُحَدِّثِ: حدّثنا أوْ أخْبَرَنَا وأنْبأَنَا)

- ‌(بَاب طرْحِ الإِمَامِ المَسْألَةَ عَلى أصْحَابِهِ لِيَخْتَبِرَ مَا عِنْدَهُمْ مِنَ العِلْمِ)

- ‌(بابٌ القِرَاءَةُ والعَرْضُ عَلَى المُحَدِّثِ)

- ‌(بَاب مَا يُذْكَرُ فِي المُناوَلَةِ)

- ‌(بَاب مَنْ قعَدَ حَيْث يَنْتَهِي بِه المَجْلِسُ ومَنْ رَأى فُرْجَةً فِي الحَلْقَةِ فَجَلَسَ فِيها)

- ‌(بَاب قَولِ النبيِّ صلى الله عليه وسلم رُبَّ مُبَلَّغٍ أوْعَى مِنْ سامِعٍ)

- ‌(بابٌ العِلْمُ قَبْلَ القَوْلِ والعَمَلِ لِقولِهِ تَعَالَى {فاعلَمْ أنَّهُ لَا إلَهَ إلَاّ الله} (مُحَمَّد: 19) فبَدَأ بالعلْمِ)

- ‌(بَاب مَا كانَ النبيُّ يَتَخَوَّلُهُمْ بالموْعِظَةِ والعِلْمِ كَي لَا يَنْفِرُوا)

- ‌(بَاب مَنْ جَعَلَ لأهْلِ العِلْمِ أيَّاماً مَعلُومَةً)

- ‌(بَاب مَنْ يُرِدِ الله بِهِ خَيْراً يُفَقِّههُ فِي الدِّينِ)

- ‌(بَاب الفَهمِ فِي العِلْمِ)

- ‌(بَاب الاغْتِباطِ فِي العِلْمِ والحِكْمَةِ)

- ‌(بَاب مَا ذُكِرَ فِي ذَهابِ مُوسَى صَلَّى الله عَلَيْهِ فِي البَحْرِ إِلى الخضِرِ)

- ‌(بَاب قوْل النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم: اللَّهُمَّ عَلِّمْهُ الكِتَابَ)

- ‌(بَاب متَى يَصِحُّ سَماعُ الصَّغِيرِ)

- ‌(بابُ الخُرُوجِ فِي طَلَبِ العِلْمِ)

- ‌(بَاب فَضْل مَنْ عَلِمَ وعلَّمَ)

- ‌(بَاب رفْعِ العِلْمِ وظُهُورِ الجَهْلِ)

- ‌(بابُ فَضْلِ العلْمِ)

- ‌(بَاب الفُتْيا وهْوَ واقِفٌ عَلَى الدَّابَّةِ وغَيْرها)

- ‌(بَاب مَنْ أجَاب الفُتْيا باشارَةِ اليَدِ والرَّأسِ)

- ‌(بَاب تحْرِيضِ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم وَفْدَ عَبْدِ القَيْسِ عَلَى أنْ يَحْفَظُوا الإِيمانَ والعِلْمَ وَيُخْبِرُوا مَنْ وَرَاءَهُمْ)

- ‌(بَاب الرِّحْلةِ فِي المَسْألَةِ النَّازِلِةِ وتَعْلِيمِ أهْلِهِ)

- ‌(بَاب التَّناوُبِ فِي العِلْمِ)

- ‌(بَاب الغَضَبِ فِي المَوْعِظَةِ والتَّعْلِيمِ إِذَا رَأى مَا يَكْرَهُ)

- ‌(بابُ مَنْ بَرَكَ عَلَى رُكْبتَيْهِ عِنْدَ الإِمامِ أَو المُحِدِّثِ)

- ‌(بَاب مَنْ أعادَ الحَدِيثَ ثَلاثاً لِيُفْهَمَ عَنْهُ)

- ‌(بَاب تَعْلِيمِ الرَّجُلِ أمَتَهُ وأهْلَهُ)

- ‌(بَاب عِظَةِ الإِمامِ النِّساءَ وتَعْلِيمهنَّ)

- ‌(بابُ الحِرْصِ علَى الحدِيثِ)

- ‌(بَاب كَيْفَ يُقْبَضُ العِلْمُ)

- ‌(بابٌ هَلْ يُجْعَلُ لِلنِّساءِ يَوْمٌ علَى حِدَةٍ فِي العِلْم)

- ‌(بابُ مَنْ سَمِعَ شَيْئاً فَرَاجَعَهُ حَتَّى يَعْرِفَهُ)

- ‌(بابٌ لِيُبَلّغِ العِلْمَ الشَّاهِدُ الغائبَ)

- ‌(بابُ إثْمِ مَنْ كَذَبَ علَى النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم

- ‌(بابُ كِتَابَةِ العلْمِ)

- ‌(تَابعه معمر عَن همام عَن أبي هُرَيْرَة)

- ‌(بابُ العِلْمِ والعِظَةِ باللَّيْلِ)

- ‌(بابُ السَّمَر فِي العِلْمِ)

- ‌(بابُ حِفْظِ العِلْمِ)

- ‌(بابُ الإِنْصَاتِ لِلْعُلَمَاءِ)

- ‌(بابُ مَا يُسْتَحَبُّ للْعَالِمِ إذَا سُئِلَ: أيُّ النَّاسِ أعْلَمُ؟ فَيَكِلُ العِلْمَ إلَى اللَّهِ)

- ‌(بابُ مَنْ سَأَلَ وَهُوَ قائِمٌ عالِما جالِسا)

- ‌(بابٌ السُّؤَال والفُتْيا عِنْدَ رَمْيِ الجِمارِ)

- ‌(بابُ قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى {وَمَا أُوتِيتُمْ مِنَ العِلْمِ إلَاّ قَلِيلاً} )

- ‌(بَاب من خص بِالْعلمِ قوما دون قوم كَرَاهِيَة أَن لَا يفهموا)

- ‌(بَاب الْحيَاء فِي الْعلم)

- ‌(بَاب من استحيا فَأمر غَيره بالسؤال)

- ‌(بَاب ذكر الْعلم والفتيا فِي الْمَسْجِد)

- ‌(بَاب من أجَاب السَّائِل بِأَكْثَرَ مِمَّا سَأَلَهُ)

- ‌بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم

- ‌(كتاب الْوضُوء)

- ‌(بَاب مَا جَاءَ فِي الْوضُوء وَقَول الله تَعَالَى {إِذا قُمْتُم إِلَى الصَّلَاة فَاغْسِلُوا وُجُوهكُم وَأَيْدِيكُمْ إِلَى الْمرَافِق وامسحوا برؤسكم وأرجلكم إِلَى الْكَعْبَيْنِ} )

- ‌(بَاب لَا تقبل صَلَاة بِغَيْر طهُور)

- ‌(بَاب فضل الْوضُوء والغر المحجلون من آثَار الْوضُوء)

- ‌(بَاب لَا يتَوَضَّأ من الشَّك حَتَّى يستيقن)

- ‌(بَاب التَّخْفِيف فِي الْوضُوء)

- ‌(بَاب إسباغ الْوضُوء)

- ‌(بَاب غسل الْوَجْه باليدين من غرفَة وَاحِدَة)

- ‌(بَاب التَّسْمِيَة على كل حَال وَعند الوقاع)

- ‌(بَاب مَا يَقُول عِنْد الْخَلَاء)

- ‌(بَاب وضع المَاء عِنْد الْخَلَاء)

- ‌(بَاب لَا تسْتَقْبل الْقبْلَة بغائط أَو بَوْل إِلَّا عِنْد الْبناء جِدَار أَو نَحوه)

- ‌(بَاب من تبرز على لبنتين)

- ‌(بَاب خُرُوج النِّسَاء إِلَى البرَاز)

- ‌(بَاب التبرز فِي الْبيُوت)

- ‌(بَاب الِاسْتِنْجَاء بِالْمَاءِ)

- ‌(بَاب من حمل مَعَه المَاء لطهوره)

- ‌(بَاب حمل العنزة مَعَ المَاء فِي الِاسْتِنْجَاء)

- ‌(بَاب النَّهْي عَن الِاسْتِنْجَاء بِالْيَمِينِ)

- ‌(بَاب لَا يمسك ذكره بِيَمِينِهِ إِذا بَال)

- ‌(بَاب الِاسْتِنْجَاء بِالْحِجَارَةِ)

- ‌(بَاب لَا يستنجى بروث)

الفصل: ‌(باب لا يستنجى بروث)

وَبَين الْأَحْجَار الَّتِي هِيَ للترخيص لكنه إِذا استجمر بِالْحِجَارَةِ فليجعل وترا وَإِلَّا فَلَا حرج إِلَى تَركه إِلَى غَيره وَلَيْسَ مَعْنَاهُ ترك التَّعَبُّد أصلا بِدَلِيل حَدِيث سلمَان نَهَانَا أَن نستنجي بِأَقَلّ من ثَلَاثَة أَحْجَار قلت الشَّارِع نفى الْحَرج عَن تَارِك الِاسْتِنْجَاء فَدلَّ على أَنه لَيْسَ بِوَاجِب وَكَذَلِكَ ترك الإيتار لَا يضر لِأَن ترك أَصله لما لم يكن مَانِعا فَمَا ظَنك بترك وَصفه فَدلَّ الحَدِيث على انْتِفَاء الْمَجْمُوع فَإِن قلت قَالَ الْخطابِيّ فِيهِ وَجه آخر وَهُوَ رفع الْحَرج فِي الزِّيَادَة على الثَّلَاث وَذَلِكَ أَن مُجَاوزَة الثَّلَاث فِي المَاء عدوان وَترك للسّنة وَالزِّيَادَة فِي الْأَحْجَار لَيست بعدوان وَإِن صَارَت شفعا قلت هَذَا الْوَجْه لَا يفهم من هَذَا الْكَلَام على مَا لَا يخفى على الفطن وَأَيْضًا مُجَاوزَة الثَّلَاث فِي المَاء كَيفَ تكون عُدْوانًا إِذا لم تحصل الطَّهَارَة بِالثلَاثِ وَالزِّيَادَة فِي الْأَحْجَار وَإِن كَانَت شفعا كَيفَ لَا يصير عُدْوانًا وَقد نَص على الإيتار فَافْهَم وَأهل الْمقَالة الأولى احْتَجُّوا بِظَاهِر الْأَوَامِر الْوَارِدَة فِي حَدِيث أبي هُرَيْرَة وليستنج بِثَلَاثَة أَحْجَار وَفِي حَدِيث عَائِشَة الَّذِي أخرجه ابْن ماجة وَأحمد أَن رَسُول الله صلى الله عليه وسلم قَالَ إِذا ذهب أحدهم إِلَى الْغَائِط فليذهب مَعَه بِثَلَاثَة أَحْجَار يَسْتَطِيب بِهن وَأَحَادِيث غَيرهمَا وَأجِيب بِأَن الْأَمر يحْتَمل أَن يكون على وَجه الِاسْتِحْبَاب والمحتمل لَا يصلح حجَّة إِلَّا بمرجح لأحد الْمعَانِي وَفِيمَا ذكر أهل الْمقَالة الثَّانِيَة أَيْضا أَعمال الْأَحَادِيث كلهَا وَفِيمَا قَالَه هَؤُلَاءِ إهمال لبعضها وَالْعَمَل بِالْكُلِّ أولى على مَا لَا يخفى الثَّالِث أَن الْأَحْجَار لَا تتَعَيَّن للاستنجاء بل يقوم مقَامهَا كل جامد طَاهِر قالع غير مُحْتَرم وتنصيصه عليه الصلاة والسلام عَلَيْهَا لكَونهَا الْغَالِب الميسر وجودهَا بِلَا مشقة وَلَا كلفة فِي تَحْصِيلهَا كَمَا ذَكرْنَاهُ مَبْسُوطا الرَّابِع فِيهِ النَّهْي عَن الِاسْتِنْجَاء بالعظم والروث وَاخْتلف الْعلمَاء فِيهِ فَقَالَ الثَّوْريّ وَالشَّافِعِيّ وَأحمد وَإِسْحَاق والظاهرية لَا يجوز الِاسْتِنْجَاء بالعظام وَاحْتَجُّوا فِيهِ بِظَاهِر الحَدِيث وَقَالَ ابْن قدامَة فِي الْمُغنِي والخشب والخروق وكل مَا أنقى بِهِ كالأحجار إِلَّا الروث وَالْعِظَام وَالطَّعَام مقتاتا أَو غير مقتات فَلَا يجوز الِاسْتِنْجَاء بِهِ وَلَا بالروث وَالْعِظَام طَاهِرا كَانَ أَو غير طَاهِر وَبِه قَالَ الثَّوْريّ وَالشَّافِعِيّ وَإِسْحَاق وَقَالَ ابْن حزم فِي الْمحلى وَمِمَّنْ قَالَ لَا يجزىء بالعظام وَلَا بِالْيَمِينِ الشَّافِعِي وَأَبُو سُلَيْمَان وَقَالَ القَاضِي وَاخْتلفت الرِّوَايَة عَن مَالك فِي كَرَاهِيَة هَذَا يَعْنِي الِاسْتِنْجَاء بالعظم وَالْمَشْهُور عَنهُ النَّهْي عَن الِاسْتِنْجَاء بِهِ على مَا جَاءَ فِي الحَدِيث وَعنهُ أَيْضا أَنه أجَاز ذَلِك وَقَالَ مَا سَمِعت فِي ذَلِك بنهي عَام وَذهب بعض البغداديين إِلَى جَوَاز ذَلِك إِذا وَقع بمَكَان وَهُوَ قَول أبي حنيفَة وَفِي الْبَدَائِع فَإِن فعل ذَلِك يَعْنِي الِاسْتِنْجَاء بالعظم يعْتد بِهِ عندنَا فَيكون مُقيما سنة ومرتكبا كَرَاهِيَة قلت ذكر ابْن جرير الطَّبَرِيّ أَن عمر بن الْخطاب رضي الله عنه كَانَ لَهُ عظم يستنجي بِهِ ثمَّ يتَوَضَّأ وَيُصلي وشذ ابْن جرير فَأجَاز الِاسْتِنْجَاء بِكُل طَاهِر ونجس وَيكرهُ بِالذَّهَب وَالْفِضَّة عِنْد أبي حنيفَة وَعند الشَّافِعِي فِي قَول لَا يكره وَكره بعض الْعلمَاء الِاسْتِنْجَاء بِعشْرَة أَشْيَاء الْعظم والرجيع والروث وَالطَّعَام والفحم والزجاج وَالْوَرق والخرق وورق الشّجر والسعتر وَلَو استنجي بهَا أَجزَأَهُ مَعَ الْكَرَاهَة وَقَالَ بعض الشَّافِعِيَّة يجوز الِاسْتِنْجَاء بالعظم إِن كَانَ طَاهِرا لَا زهومة عَلَيْهِ لحُصُول الْمَقْصُود وَلَو أحرق الْعظم الطَّاهِر بالنَّار وَخرج عَن حَال الْعظم فَوَجْهَانِ عِنْد الشَّافِعِيَّة حَكَاهُمَا الْمَاوَرْدِيّ أَحدهمَا يجوز الِاسْتِنْجَاء بِهِ لِأَن النَّار أحالته. وَالثَّانِي لَا لعُمُوم النَّهْي عَن الرمة وَهِي الْعظم الْبَالِي وَلَا فرق بَين البلي بالنَّار أَو بمرور الزَّمَان وَهَذَا أصح الْخَامِس فِيهِ كَرَاهَة الِاسْتِنْجَاء بِجَمِيعِ المطعومات فَإِنَّهُ عليه الصلاة والسلام نبه بالعظم على ذَلِك ويلتحق بهَا المحترمات كأجزاء الْحَيَوَان وأوراق كتب الْعلم وَغير ذَلِك السَّادِس فِيهِ أعداد الْأَحْجَار للاستنجاء كي لَا يحْتَاج إِلَى طلبَهَا بعد قِيَامه فَلَا يَأْمَن من التلوث السَّابِع فِيهِ جَوَاز اتِّبَاع السادات بِغَيْر إذْنهمْ الثَّامِن فِيهِ اسْتِخْدَام المتبوعين الِاتِّبَاع. التَّاسِع فِيهِ اسْتِحْبَاب الْإِعْرَاض عَن قَاضِي الْحَاجة. الْعَاشِر فِيهِ جَوَاز الرِّوَايَة بِالْمَعْنَى حَيْثُ قَالَ أَو نَحوه

(بَاب لَا يستنجى بروث)

بَاب مَرْفُوع منون خبر مُبْتَدأ مَحْذُوف وَقَوله لَا يستنجى على صِيغَة الْمَجْهُول وَلَيْسَ فِي بعض النّسخ ذكر الْبَاب وَإِنَّمَا ذكر حَدِيث عبد الله مَعَ حَدِيث أبي هُرَيْرَة وَفِي بعض النّسخ بَاب الِاسْتِنْجَاء بروث والمناسبة بَين الْبَابَيْنِ ظَاهِرَة

ص: 301

22 -

(حَدثنَا أَبُو نعيم قَالَ حَدثنَا زُهَيْر عَن أبي إِسْحَاق قَالَ لَيْسَ أَبُو عُبَيْدَة ذكره وَلَكِن عبد الرَّحْمَن بن الْأسود عَن أَبِيه أَنه سمع عبد الله يَقُول أَتَى النَّبِي صلى الله عليه وسلم الْغَائِط فَأمرنِي أَن آتيه بِثَلَاثَة أَحْجَار فَوجدت حجرين والتمست الثَّالِث فَلم أَجِدهُ فَأخذت رَوْثَة فَأَتَيْته بهَا فَأخذ الحجرين وَألقى الروثة وَقَالَ هَذَا ركس) مُطَابقَة الحَدِيث للتَّرْجَمَة فِي قَوْله وَألقى الروثة وَقَالَ هَذَا ركس لِأَن إلقاءه إِنَّمَا كَانَ لِأَنَّهُ لَا يستنجى بِهِ. (بَيَان رِجَاله) وهم سِتَّة الأول أَبُو نعيم بِضَم النُّون الْفضل بن دُكَيْن وَقد مر الثَّانِي زُهَيْر بن مُعَاوِيَة الْجعْفِيّ الْكُوفِي وَقد مر الثَّالِث أَبُو إِسْحَاق عَمْرو بن عبد الله السبيعِي بِفَتْح السِّين الْمُهْملَة وَكسر الْبَاء الْمُوَحدَة وَقد مر فِي بَاب الصَّلَاة من الْإِيمَان الرَّابِع عبد الرَّحْمَن بن الْأسود أَبُو حَفْص النَّخعِيّ كُوفِي عَالم عَامل روى عَن أَبِيه وَعَائِشَة وَعنهُ الْأَعْمَش وَغَيره كَانَ يُصَلِّي كل يَوْم سَبْعمِائة رَكْعَة وَكَانَ يُصَلِّي الْعشَاء وَالْفَجْر بِوضُوء وَاحِد مَاتَ سنة تسع وَتِسْعين وَفِي البُخَارِيّ أَيْضا عبد الرَّحْمَن بن الْأسود عبد يَغُوث زهري تَابِعِيّ وَلَيْسَ فِيهِ غَيرهمَا. وَفِي شُيُوخ التِّرْمِذِيّ وَالنَّسَائِيّ عبد الرَّحْمَن بن الْأسود الْوراق وَلَيْسَ فِي الْكتب السِّتَّة عبد الرَّحْمَن بن الْأسود غير هَؤُلَاءِ وَوَقع فِي كتاب الدَّاودِيّ وَابْن التِّين أَن عبد الرَّحْمَن الْوَاقِع فِي رِوَايَة البُخَارِيّ هُوَ ابْن عبد يَغُوث وَهُوَ وهم فَاحش مِنْهُمَا إِذْ الْأسود الزُّهْرِيّ لم يسلم فضلا أَن يعِيش حَتَّى يروي عَن عبد الله بن مَسْعُود الْخَامِس الْأسود بن يزِيد من الزِّيَادَة ابْن قيس الْكُوفِي النَّخعِيّ وَقد مر فِي بَاب من ترك بعض الِاخْتِيَار فِي كتاب الْعلم السَّادِس عبد الله بن مَسْعُود رضي الله عنه (بَيَان لطائف إِسْنَاده) مِنْهَا أَن فِيهِ التحديث والعنعنة وَالسَّمَاع. وَمِنْهَا أَن رُوَاته كلهم ثِقَات كوفيون. وَمِنْهَا أَن فِيهِ ثَلَاثَة من التَّابِعين يروي بَعضهم عَن بعض وهم أَبُو إِسْحَق وَعبد الرَّحْمَن بن الْأسود وَأَبوهُ الْأسود بن يزِيد. وَمِنْهَا نفى أَبُو إِسْحَق رِوَايَته هَهُنَا عَن أبي عُبَيْدَة وتصريحه بِأَنَّهُ لَا يروي هَذَا الحَدِيث هَهُنَا إِلَّا عَن عبد الرَّحْمَن بن الْأسود وَهُوَ معنى قَوْله قَالَ لَيْسَ أَبُو عُبَيْدَة ذكره أَي قَالَ أَبُو إِسْحَق لَيْسَ أَبُو عُبَيْدَة ذكره لي وَلَكِن عبد الرَّحْمَن بن الْأسود هُوَ الَّذِي ذكره لي بِدَلِيل قَوْله فِي الرِّوَايَة الْآتِيَة الْمُعَلقَة حَدثنِي عبد الرَّحْمَن وَقَالَ بَعضهم وَإِنَّمَا عدل أَبُو إِسْحَق عَن الرِّوَايَة عَن أبي عُبَيْدَة إِلَى الرِّوَايَة عَن عبد الرَّحْمَن مَعَ أَن الرِّوَايَة عَن أبي عُبَيْدَة أَعلَى لَهُ لكَون أبي عُبَيْدَة لم يسمع من أَبِيه على الصَّحِيح فَتكون مُنْقَطِعَة بِخِلَاف رِوَايَة عبد الرَّحْمَن فَإِنَّهَا مَوْصُولَة قلت قَول أبي إِسْحَق هَذَا يحْتَمل أَن يكون نفيا لحديثه وإثباتا لحَدِيث عبد الرَّحْمَن وَيحْتَمل أَن يكون إِثْبَاتًا لحديثه أَيْضا وَأَنه كَانَ غَالِبا يحدثه بِهِ عَن أبي عُبَيْدَة فَقَالَ يَوْمًا لَيْسَ هُوَ حَدثنِي وَحده وَلَكِن عبد الرَّحْمَن أَيْضا وَقَالَ الْكَرَابِيسِي فِي كتاب المدلسين أَبُو إِسْحَق يَقُول فِي هَذَا الحَدِيث مرّة حَدثنِي عبد الرَّحْمَن بن يزِيد عَن عبد الله وَمرَّة حَدثنِي عَلْقَمَة عَن عبد الله وَمرَّة حَدثنِي أَبُو عُبَيْدَة عَن عبد الله وَمرَّة يَقُول لَيْسَ أَبُو عُبَيْدَة حَدَّثَنِيهِ وَإِنَّمَا حَدثنِي عبد الرَّحْمَن عَن عبد الله وَهَذَا دَلِيل وَاضح أَنه رَوَاهُ عَن عبد الرَّحْمَن بن الْأسود سَمَاعا فَافْهَم وَأما قَول هَذَا الْقَائِل لكَون أبي عُبَيْدَة لم يسمع من أَبِيه فمردود بِمَا ذكر فِي المعجم الْأَوْسَط للطبراني من حَدِيث زِيَاد بن سعد عَن أبي الزبير قَالَ حَدثنِي يُونُس بن عتاب الْكُوفِي سَمِعت أَبَا عُبَيْدَة بن عبد الله يذكر أَنه سمع أَبَاهُ يَقُول كنت مَعَ النَّبِي عليه الصلاة والسلام فِي سفر الحَدِيث وَبِمَا أخرج الْحَاكِم فِي مُسْتَدْركه حَدِيث أبي إِسْحَق عَن أبي عُبَيْدَة عَن أَبِيه فِي ذكر يُوسُف عليه السلام وَصحح إِسْنَاده وَرُبمَا حسن التِّرْمِذِيّ عدَّة أَحَادِيث رَوَاهَا عَن أَبِيه مِنْهَا لما كَانَ يَوْم بدر وَجِيء بالأسرى وَمِنْهَا كَانَ فِي الرَّكْعَتَيْنِ الْأَوليين كَأَنَّهُ على الرصف وَمِنْهَا قَوْله {وَلَا تحسبن الَّذين قتلوا فِي سَبِيل الله} وَمن شَرط الحَدِيث الْحسن أَن يكون مُتَّصِل الْإِسْنَاد عِنْد الْمُحدثين (ذكر رجال هَذَا الحَدِيث) وَهُوَ صَحِيح كَمَا ترى إِذْ لَو لم يكن صَحِيحا لما أخرجه هَهُنَا وَيُؤَيِّدهُ أَن ابْن الْمَدِينِيّ لما سُئِلَ عَنهُ لم يقْض فِيهِ بِشَيْء فَلَو كَانَ مُنْقَطِعًا أَو مدلسا لبينه فَإِن قلت قَالَ ابْن الشَّاذكُونِي هَذَا الحَدِيث مَرْدُود لِأَنَّهُ مُدَلّس لِأَن السبيعِي لم يُصَرح فِيهِ بِسَمَاع وَلم يَأْتِ فِيهِ بِصِيغَة مُعْتَبرَة وَمَا سَمِعت بتدليس أعجب من هَذَا وَلَا أخْفى فَقَالَ أَبُو عُبَيْدَة لم يحدثني

ص: 302

وَلَكِن عبد الرَّحْمَن عَن فلَان وَلم يقل حَدثنِي فَجَاز الحَدِيث وَسَار قلت أَبُو إِسْحَق سَمعه من جمَاعَة وَلكنه كَانَ غَالِبا إِنَّمَا يحدث بِهِ عَن أبي عُبَيْدَة فَلَمَّا نشط يَوْمًا قَالَ لَيْسَ أَبُو عُبَيْدَة الَّذِي فِي ذهنكم أَنِّي حدثتكم عَنهُ حَدثنِي وَحده وَلَكِن عبد الرَّحْمَن بن الْأسود وَلَعَلَّ البُخَارِيّ لم يرد ذَلِك متعارضا وجعلهما إسنادين أَو أَسَانِيد فَإِن قلت قَالَ ابْن أبي حَاتِم عَن أبي زرْعَة اخْتلفُوا فِي هَذَا الحَدِيث وَالصَّحِيح عِنْدِي حَدِيث أبي عُبَيْدَة بن عبد الله عَن أَبِيه وَزعم التِّرْمِذِيّ أَن أصح الرِّوَايَات عِنْده حَدِيث قيس بن الرّبيع وَإِسْرَائِيل عَن أبي عُبَيْدَة عَن عبد الله قَالَ لِأَن إِسْرَائِيل أثبت وأحفظ لحَدِيث أبي إِسْحَق من هَؤُلَاءِ وَتَابعه على ذَلِك قيس وَزُهَيْر عَن أبي إِسْحَق لَيْسَ بذلك لِأَن سَمَاعه مِنْهُ بآخرة سَمِعت أَحْمد بن الْحسن سَمِعت أَحْمد بن حَنْبَل يَقُول إِذا سَمِعت الحَدِيث عَن زَائِدَة وَزُهَيْر فَلَا تبال أَن لَا تسمعه من غَيرهمَا إِلَّا حَدِيث أبي إِسْحَق وَرَوَاهُ زَكَرِيَّا بن أبي زَائِدَة عَن أبي إِسْحَق عَن عبد الرَّحْمَن بن يزِيد عَن عبد الله وَهَذَا حَدِيث فِيهِ اضْطِرَاب قَالَ وَسَأَلت الدَّارمِيّ أَي الرِّوَايَات فِي هَذَا أصح عَن أبي إِسْحَق فَلم يقْض فِيهِ بِشَيْء وَسَأَلت مُحَمَّدًا عَن هَذَا فَلم يقْض بِشَيْء وَكَأَنَّهُ رأى حَدِيث زُهَيْر أشبه وَوَضعه فِي جَامعه قلت كَون حَدِيث أبي عُبَيْدَة عَن أَبِيه صَحِيحا عِنْد أبي زرْعَة لَا يُنَافِي صِحَة طَرِيق البُخَارِيّ وَأما تَرْجِيح التِّرْمِذِيّ حَدِيث إِسْرَائِيل على حَدِيث زُهَيْر فمعارض بِمَا حَكَاهُ الْإِسْمَاعِيلِيّ فِي صَحِيحه لِأَنَّهُ رَوَاهُ من حَدِيث يحيى بن سعيد وَيحيى بن سعيد لَا يرضى أَن يَأْخُذ عَن زُهَيْر عَن أبي إِسْحَق مَا لَيْسَ بِسَمَاع لأبي إِسْحَق وَقَالَ الْآجُرِيّ سَأَلت أَبَا دَاوُد عَن زُهَيْر وَإِسْرَائِيل فِي أبي إِسْحَق فَقَالَ زُهَيْر فَوق إِسْرَائِيل بِكَثِير وَتَابعه إِبْرَاهِيم بن يُوسُف عَن أَبِيه وَابْن حَمَّاد الْحَنَفِيّ وَأَبُو مَرْيَم وَشريك وزَكَرِيا بن أبي زَائِدَة فِيمَا ذكره الدَّارَقُطْنِيّ. وَإِسْرَائِيل اخْتلف عَلَيْهِ فَرَوَاهُ كَرِوَايَة زُهَيْر وَرَوَاهُ عباد الْقَطوَانِي وخَالِد العَبْد عَنهُ عَن أبي إِسْحَق عَن عَلْقَمَة عَن عبد الله وَرَوَاهُ الْحميدِي عَن ابْن عُيَيْنَة عَنهُ عَن أبي إِسْحَق عَن عبد الرَّحْمَن بن يزِيد ذكره الدَّارَقُطْنِيّ والعدوي فِي مُسْنده وَزُهَيْر لم يخْتَلف عَلَيْهِ واعتماده على مُتَابعَة قيس بن الرّبيع لَيْسَ بِشَيْء لشدَّة مَا رمي بِهِ من نَكَارَة الحَدِيث والضعف وإضرابه عَن مُتَابعَة الثَّوْريّ وَيُونُس وهما هما وَمن أكبر مَا يُؤَاخذ بِهِ التِّرْمِذِيّ أَنه أضْرب عَن الحَدِيث الْمُتَّصِل الصَّحِيح إِلَى مُنْقَطع على مَا زَعمه فَإِنَّهُ قَالَ أَبُو عُبَيْدَة لم يسمع من أَبِيه وَلَا يعرف اسْمه وَقَالَ فِي جَامعه حَدثنَا هناد وقتيبة قَالَا حَدثنَا وَكِيع عَن إِسْرَائِيل عَن أبي إِسْحَق عَن أبي عُبَيْدَة عَن عبد الله خرج النَّبِي صلى الله عليه وسلم لحَاجَة فَقَالَ التمس لي ثَلَاثَة أَحْجَار قَالَ فَأَتَيْته بحجرين وروثة فَأخذ الحجرين وَرمى الروثة وَقَالَ إِنَّهَا ركس وَقد أجبنا عَن قَول من يَقُول أَبُو عُبَيْدَة لم يسمع من أَبِيه وَكَيف مَا سمع وَقد كَانَ عمره سبع سِنِين حِين مَاتَ أَبوهُ عبد الله قَالَه غير وَاحِد من أهل النَّقْل وَابْن سبع سِنِين لَا يُنكر سَمَاعه من الغرباء عِنْد الْمُحدثين فَكيف من الْآبَاء القاطنين وَأما اسْمه فقد ذكر فِي الكنى لمُسلم والكنى لأبي أَحْمد وَكتاب الثِّقَات لِابْنِ حبَان وَغَيرهَا أَنه عَامر وَالله أعلم وَقيل اسْمه كنيته وَهُوَ هذلي كُوفِي أَخُو عبد الرَّحْمَن وَكَانَ يفضل عَلَيْهِ كَمَا قَالَه أَحْمد حدث عَن عَائِشَة رضي الله عنها وَغَيرهَا وَحدث عَن أَبِيه فِي السّنَن وَعنهُ السبيعِي وَغَيره مَاتَ لَيْلَة دجيل. (بَيَان من أخرجه غَيره) هُوَ من أَفْرَاد البُخَارِيّ وَلم يُخرجهُ مُسلم وَأخرجه النَّسَائِيّ فِي الطَّهَارَة عَن أَحْمد بن سُلَيْمَان عَن أبي نعيم بِهِ وَأخرجه ابْن مَاجَه فِيهِ عَن أبي بكر بن خَلاد عَن يحيى بن سعيد عَن زُهَيْر بِهِ. (بَيَان اللُّغَات) قَوْله الْغَائِط أَي الأَرْض المطمئنة لقَضَاء الْحَاجة وَالْمرَاد بِهِ مَعْنَاهُ اللّغَوِيّ قَوْله رَوْثَة فِي الْعباب الروثة وَاحِدَة الروث والأرواث وَقد راث الْفرس يروث وَقَالَ التَّيْمِيّ قيل الروثة إِنَّمَا تكون للخيل وَالْبِغَال وَالْحمير قَوْله ركس بِكَسْر الرَّاء الرجس وبالفتح رد الشَّيْء مقلوبا وَقَالَ النَّسَائِيّ فِي سنَنه الركس طَعَام الْجِنّ وَقَالَ الْخطابِيّ الركس الرجيع يَعْنِي قد رد عَن حَال الطَّهَارَة إِلَى حَال النَّجَاسَة وَيُقَال ارتكس الرجل فِي الْبلَاء إِذا رد فِيهِ بعد الْخَلَاص مِنْهُ وَقد جَاءَ الرجس بِمَعْنى الْإِثْم وَالْكفْر والشرك كَقَوْلِه تَعَالَى {فزادتهم رجسا إِلَى رجسهم} وَقيل نَحوه فِي قَوْله تَعَالَى {ليذْهب عَنْكُم الرجس} أَي ليطهركم من جَمِيع هَذِه الْخَبَائِث وَقد يَجِيء بِمَعْنى الْعَذَاب وَالْعَمَل الَّذِي يُوجِبهُ كَقَوْلِه {وَيجْعَل الرجس على الَّذين لَا يعْقلُونَ} وَقيل بِمَعْنى اللَّعْنَة فِي الدُّنْيَا وَالْعَذَاب فِي الْآخِرَة وَقَالَ ابْن التِّين الرجس والركس فِي هَذَا الحَدِيث قيل النَّجس وَقيل القذر وَقَالَ ابْن بطال يُمكن أَن يكون معنى ركس رِجْس قَالَ وَلم أجد لأهل اللُّغَة شرح هَذِه الْكَلِمَة وَالنَّبِيّ

ص: 303

عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام أعلم الْأمة باللغة وَقَالَ الدَّاودِيّ يحْتَمل أَن يُرِيد بالركس النَّجس وَيحْتَمل أَن يُرِيد لِأَنَّهَا طَعَام الْجِنّ وَفِي الْعباب الركس فعل بِمَعْنى مفعول كَمَا أَن الرجيع من رجعته والرجس بِالْكَسْرِ والرجس بِالتَّحْرِيكِ والرجس مِثَال كتف القذر يُقَال رِجْس نجس ورجس نجس ورجس نجس اتِّبَاع وَقَالَ الْأَزْهَرِي الرجس اسْم لكل مَا استقذر من الْعَمَل وَيُقَال الرجس المأثم (بَيَان الْإِعْرَاب) قَوْله ذكره جملَة فِي مَحل النصب لِأَنَّهَا خبر لَيْسَ قَوْله وَلَكِن للاستدراك وَقَوله عبد الرَّحْمَن مَرْفُوع بِفعل مَحْذُوف تَقْدِيره وَلَكِن حَدثنِي عبد الرَّحْمَن قَوْله أَنه أَصله بِأَنَّهُ وَقَوله عبد الله مفعول لقَوْله سمع فَقَوله يَقُول جملَة فِي مَحل النصب على الْحَال قَوْله الْغَائِط مَنْصُوب بقوله أَتَى قَوْله أَن آتيه كلمة أَن مَصْدَرِيَّة صلَة لِلْأَمْرِ أَي أَمرنِي بإتيان الْأَحْجَار وَلَيْسَت أَن هَذِه مفسرة بِخِلَاف أَن فِي قَوْله أَمرته أَن يفعل فَإِنَّهَا تحْتَمل أَن تكون صلَة وَأَن تكون مفسرة قَوْله فَوجدت بِمَعْنى أصبت وَلِهَذَا اكْتفى بمفعول وَاحِد وَهُوَ حجرين قَوْله هَذَا ركس مُبْتَدأ وَخبر وَقعت مقول القَوْل فَإِن قلت الْمشَار إِلَيْهِ يؤنث وَهُوَ قَوْله رَوْثَة فَكيف ذكر الضَّمِير قلت التَّذْكِير بِاعْتِبَار تذكير الْخَبَر كَمَا فِي قَوْله تَعَالَى {هَذَا رَبِّي} وَفِي بعض النّسخ هَذِه على الأَصْل (بَيَان الْمعَانِي) قَوْله والتمست الثَّالِث أَي طلبت الْحجر الثَّالِث قَوْله فَلم أَجِدهُ بالضمير الْمَنْصُوب رِوَايَة الْكشميهني وَفِي رِوَايَة غَيره فَلم أجد بِدُونِ الضَّمِير قَوْله فَأَتَيْته بهَا أَي أتيت النَّبِي صلى الله عليه وسلم بِالثَّلَاثَةِ من الحجرين والروثة وَلَيْسَ الضَّمِير فِي بهَا عَائِدًا إِلَى الروثة فَقَط قَوْله هَذَا ركس كَذَا وَقع هَهُنَا فَقيل هُوَ لُغَة فِي رِجْس بِالْجِيم وَيدل عَلَيْهِ رِوَايَة ابْن مَاجَه وَابْن خُزَيْمَة فِي هَذَا الحَدِيث فَإِنَّهُ عِنْدهمَا بِالْجِيم وَقَالَ ابْن خُزَيْمَة حَدثنَا أَبُو سعيد الْأَشَج حَدثنَا زِيَاد بن الْحسن بن فرات عَن أَبِيه عَن جده عَن عبد الرَّحْمَن بن الْأسود عَن عَلْقَمَة عَن عبد الله رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ قَالَ أَرَادَ النَّبِي صلى الله عليه وسلم أَن يتبرز فَقَالَ ائْتِنِي بِثَلَاثَة أَحْجَار فَوجدت لَهُ حجرين وروثة حمَار فَأمْسك الحجرين وَطرح الروثة وَقَالَ هِيَ رِجْس (بَيَان استنباط الْأَحْكَام) الأول فِيهِ منع الِاسْتِنْجَاء بالروث وَالْبَاب مَعْقُود عَلَيْهِ وَقد مر الْكَلَام فِيهِ مُسْتَوفى فِي الْبَاب الَّذِي قبله وَقَالَ ابْن خُزَيْمَة فِي الحَدِيث الَّذِي رَوَاهُ الَّذِي ذَكرْنَاهُ الْآن فِيهِ بَيَان أَن أرواث الْحمر نَجِسَة وَإِذا كَانَت أرواث الْحمر نَجِسَة بِحكم النَّبِي عليه الصلاة والسلام كَانَ حكم جَمِيع أرواث مَا لَا يجوز أكل لَحمهَا من ذَوَات الْأَرْبَع مثل أرواث الْحمر قلت قد اخْتلف الْعلمَاء فِي صفة نَجَاسَة الأرواث فَعِنْدَ أبي حنيفَة هِيَ نجس مغلظ وَبِه قَالَ زفر وَعند أبي يُوسُف وَمُحَمّد نجس مخفف وَقَالَ مَالك الروث طَاهِر الثَّانِي فِيهِ منع الِاسْتِنْجَاء بِالنَّجسِ فَإِن الركس هُوَ النَّجس كَمَا ذَكرْنَاهُ الثَّالِث قَالَ الْخطابِيّ فِيهِ إِيجَاب عدد الثَّلَاث فِي الِاسْتِنْجَاء إِذْ كَانَ معقولا أَنه إِنَّمَا استدعاها ليستنجي بهَا كلهَا وَلَيْسَ فِي قَوْله فَأخذ الحجرين دَلِيل على أَنه اقْتصر عَلَيْهِمَا لجَوَاز أَن يكون بِحَضْرَتِهِ ثَالِث فَيكون قد استوفاها عددا وَيدل على ذَلِك خبر سلمَان قَالَ نَهَانَا رَسُول الله صلى الله عليه وسلم أَن نكتفي بِدُونِ ثَلَاثَة أَحْجَار وَخبر أبي هُرَيْرَة قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم وَلَا يستنجي بِدُونِ ثَلَاثَة أَحْجَار قَالَ وَلَو كَانَ الْقَصْد الإنقاء فَقَط لخلا اشْتِرَاط الْعدَد عَن الْفَائِدَة فَلَمَّا اشْترط الْعدَد لفظا وَعلم الانقاء فِيهِ معنى دلّ على إِيجَاب الْأَمريْنِ وَنَظِيره الْعدة بالإقراء فَإِن الْعدَد مشترط وَلَو تحققت بَرَاءَة الرَّحِم بقرء وَاحِد انْتهى قلت لَا نسلم أَن فِيهِ إِيجَاب عدد الثَّلَاث بل كَانَ ذَلِك للِاحْتِيَاط لِأَن التَّطْهِير بِوَاحِد أَو اثْنَيْنِ لم يكن محققا فَلذَلِك نَص على الثَّلَاث لِأَن بِالثلَاثِ يحصل التَّطْهِير غَالِبا وَنحن نقُول أَيْضا إِذا تحقق شخص أَنه لَا يطهر إِلَّا بِالثلَاثِ يتَعَيَّن عَلَيْهِ الثَّلَاث وَالتَّعْيِين لَيْسَ لأجل التوفية فِيهِ وَإِنَّمَا هُوَ للانقاء الْحَاصِل فِيهِ حَتَّى إِذا احْتَاجَ إِلَى رَابِع أَو خَامِس وهلم جرا يتَعَيَّن عَلَيْهِ ذَلِك على أَن الحَدِيث مَتْرُوك الظَّاهِر فَإِنَّهُ لَو استنجى بِحجر لَهُ ثَلَاثَة أحرف جَازَ بِالْإِجْمَاع وَقَوله وَلَيْسَ فِي قَوْله فَأخذ الحجرين دَلِيل على أَنه اقْتصر عَلَيْهِمَا لَيْسَ كَذَلِك بل فِيهِ دَلِيل على ذَلِك لِأَنَّهُ لَو كَانَ الثَّلَاث شرطا لطلب الثَّالِث فَحَيْثُ لم يطْلب دلّ على مَا قُلْنَاهُ وتعليله بقوله لجَوَاز أَن يكون بِحَضْرَتِهِ ثَالِث مَمْنُوع لِأَن قعوده عليه الصلاة والسلام للغائط كَانَ فِي مَكَان لَيْسَ فِيهِ أَحْجَار إِذْ لَو كَانَت هُنَاكَ أَحْجَار لما قَالَ لَهُ ائْتِنِي بِثَلَاثَة أَحْجَار لِأَنَّهُ لَا فَائِدَة لطلب الْأَحْجَار وَهِي حَاصِلَة عِنْده وَهَذَا مَعْلُوم بِالضَّرُورَةِ وَقَوله وَلَو كَانَ الْمَقْصد الإنقاء فَقَط لخلا

ص: 304

اشْتِرَاط الْعدَد عَن الْفَائِدَة قُلْنَا أَن ذكر الثَّلَاث لم يكن للاشتراط بل للِاحْتِيَاط إِلَى آخر مَا ذَكرْنَاهُ الْآن قَوْله وَنَظِيره الْعدة بالإقراء غير مُسلم لِأَن الْعدَد فِيهِ شَرط بِنَصّ الْقُرْآن والْحَدِيث وَلم يُعَارضهُ نَص آخر بِخِلَاف الْعدَد هَهُنَا لِأَنَّهُ ورد من فعل فقد أحسن وَمن لَا فَلَا حرج فَهَذَا لما دلّ على ترك أصل الِاسْتِنْجَاء دلّ على ترك وَصفه أَيْضا بِالطَّرِيقِ الأولى. وَقَالَ بَعضهم اسْتدلَّ بِهِ الطَّحَاوِيّ على عدم اشْتِرَاط الثَّلَاثَة قَالَ لِأَنَّهُ لَو كَانَ شرطا لطلب ثَالِثا كَذَا قَالَه وغفل عَمَّا أخرجه أَحْمد فِي مُسْنده من طَرِيق معمر عَن أبي إِسْحَق عَن عَلْقَمَة عَن ابْن مَسْعُود فِي هَذَا الحَدِيث فَإِن فِيهِ فَألْقى الروثة وَقَالَ أَنَّهَا ركس ائْتِنِي بِحجر وَرِجَاله ثِقَات أثبات وَقد تَابع معمرا عَلَيْهِ أَبُو شيبَة الوَاسِطِيّ أخرجه الدَّارَقُطْنِيّ وتابعهما عمار بن زُرَيْق أحد الثِّقَات عَن أبي إِسْحَق قلت لم يغْفل الطَّحَاوِيّ عَن ذَلِك وَإِنَّمَا الَّذِي نسبه إِلَى الْغَفْلَة هُوَ الغافل وَكَيف يغْفل عَن ذَلِك وَقد ثَبت عِنْده عدم سَماع أبي إِسْحَق عَن عَلْقَمَة فَالْحَدِيث عِنْده مُنْقَطع والمحدث لَا يرى الْعَمَل بِهِ وَأَبُو شيبَة الوَاسِطِيّ ضَعِيف فَلَا يعْتَبر بمتابعته فَالَّذِي يَدعِي صَنْعَة الحَدِيث كَيفَ يرضى بِهَذَا الْكَلَام وَقد قَالَ أَبُو الْحسن بن الْقصار الْمَالِكِي روى أَنه أَتَاهُ بثالث لَكِن لَا يَصح وَلَو صَحَّ فالاستدلال بِهِ لمن لَا يشْتَرط الثَّلَاثَة قَائِم لِأَنَّهُ اقْتصر فِي الْمَوْضِعَيْنِ على ثَلَاثَة فَحصل لكل مِنْهُمَا أقل من ثَلَاثَة وَقَول ابْن حزم هَذَا بَاطِل لِأَن النَّص ورد فِي الِاسْتِنْجَاء وَمسح الْبَوْل لَا يُسمى استنجاء بَاطِل على مَا لَا يخفى ثمَّ قَالَ هَذَا الْقَائِل واستدلال الطَّحَاوِيّ أَيْضا فِيهِ نظر لاحْتِمَال أَن يكون اكْتفى بِالْأَمر الأول فِي طلب الثَّلَاثَة فَلم يجدد الْأَمر بِطَلَب الثَّالِث أَو اكْتفى بِطرف أَحدهمَا عَن الثَّالِث لِأَن الْمَقْصُود بِالثَّلَاثَةِ أَن يمسح بهَا ثَلَاث مسحات وَذَلِكَ حَاصِل وَلَو بِوَاحِد وَالدَّلِيل على صِحَّته أَنه لَو مسح بِطرف وَاحِد ثمَّ رَمَاه ثمَّ جَاءَ شخص آخر فَمسح بطرفه الآخر لأجزأهما بِلَا خلاف قلت نظره مَرْدُود عَلَيْهِ لِأَن الطَّحَاوِيّ اسْتدلَّ بِصَرِيح النَّص لما ذهب إِلَيْهِ وبالاحتمال الْبعيد كَيفَ يدْفع هَذَا وَقَوله لِأَن الْمَقْصُود بِالثَّلَاثَةِ أَن يمسح بهَا ثَلَاث مسحات يُنَافِيهِ اشتراطهم الْعدَد فِي الْأَحْجَار لأَنهم مستدلون بِظَاهِر قَوْله وَلَا يسْتَنْج أحدكُم بِأَقَلّ من ثَلَاثَة أَحْجَار وَقَوله وَذَلِكَ حَاصِل وَلَو بِوَاحِد مُخَالف لصريح الحَدِيث فَهَل رَأَيْت من يرد بمخالفة ظَاهر حَدِيثه الَّذِي يحْتَج بِهِ على من يحْتَج بِظَاهِر الحَدِيث بطرِيق الِاسْتِدْلَال الصَّحِيح وَهل هَذَا إِلَّا مُكَابَرَة وتعنت عصمنا الله من ذَلِك وَمن أمعن النّظر فِي أَحَادِيث الْبَاب ودقق ذهنه فِي مَعَانِيهَا علم وَتحقّق أَن الحَدِيث حجَّة عَلَيْهِم وَأَن المُرَاد الانقاء لَا التَّثْلِيث وَهُوَ قَول عمر بن الْخطاب رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ حَكَاهُ الْعَبدَرِي وَإِلَيْهِ ذهب أَبُو حنيفَة وَمَالك وَدَاوُد وَهُوَ وَجه للشَّافِعِيَّة ايضا (وَقَالَ إِبْرَاهِيم بن يُوسُف عَن أبي إِسْحَاق حَدثنِي عبد الرَّحْمَن) هَذَا مَوْجُود فِي غَالب النّسخ ذكره أَبُو مَسْعُود وَخلف وَغَيرهمَا عَن البُخَارِيّ وَلَيْسَ بموجود فِي بَعْضهَا وَأَرَادَ البُخَارِيّ بِهَذَا التَّعْلِيق الرَّد على من زعم أَن أَبَا إِسْحَق دلّس هَذَا الْخَبَر كَمَا حكى ذَلِك عَن الشَّاذكُونِي كَمَا ذَكرْنَاهُ فِيمَا مضى فَإِنَّهُ صرح فِيهِ بِالتَّحْدِيثِ وَقد اسْتدلَّ الْإِسْمَاعِيلِيّ أَيْضا على صِحَة سَماع أبي إِسْحَق لهَذَا الحَدِيث من عبد الرَّحْمَن لكَون يحيى الْقطَّان رَوَاهُ عَن زُهَيْر ثمَّ قَالَ وَلَا يرضى الْقطَّان أَن يَأْخُذ عَن زُهَيْر مَا لَيْسَ بِسَمَاع لأبي إِسْحَق كَمَا ذَكرْنَاهُ وَإِبْرَاهِيم بن يُوسُف بن إِسْحَق بن أبي إِسْحَق السبيعِي الْهَمدَانِي الْكُوفِي روى عَن أَبِيه وجده وَعنهُ أَبُو كريب وَجَمَاعَة فِيهِ لين أخرجُوا لَهُ سوى ابْن مَاجَه مَاتَ سنة ثَمَان وَتِسْعين وَمِائَة وَأَبُو يُوسُف الْكُوفِي الْحَافِظ روى عَن جده وَالشعْبِيّ وَعنهُ ابْن عُيَيْنَة وَغَيره مَاتَ فِي زمن أبي جَعْفَر الْمَنْصُور وَيُقَال توفّي سنة سبع وَخمسين وَمِائَة وَعبد الرَّحْمَن هُوَ ابْن الْأسود الْمُتَقَدّم ذكره وَقَالَ الْكرْمَانِي هَذِه مُتَابعَة نَاقِصَة ذكرهَا البُخَارِيّ تَعْلِيقا فَإِن قلت قد تكلم فِي إِبْرَاهِيم قَالَ عَيَّاش إِبْرَاهِيم عَن يحيى لَيْسَ بِشَيْء وَقَالَ النَّسَائِيّ إِبْرَاهِيم لَيْسَ بِالْقَوِيّ قلت يحْتَمل فِي المتابعات مَا لَا يحْتَمل فِي الْأُصُول انْتهى كَلَامه. قلت لأجل مُتَابعَة يُوسُف الْمَذْكُور حفيد أبي إِسْحَق زُهَيْر بن مُعَاوِيَة رجح البُخَارِيّ رِوَايَة زُهَيْر الْمَذْكُورَة وتابعهما أَيْضا شريك القَاضِي وزَكَرِيا بن أبي زَائِدَة وَغَيرهمَا وتابع أَبَا إِسْحَق على رِوَايَته عَن عبد الرَّحْمَن الْمَذْكُور لَيْث بن أبي سليم أخرجه ابْن أبي شيبَة وَحَدِيثه يستشهد بِهِ وَلما اخْتَار فِي رِوَايَة زُهَيْر طَرِيق عبد الرَّحْمَن على طَرِيق أبي عُبَيْدَة دلّ على أَنه عَارِف بالطريقين وَأَن رِوَايَة عبد الرَّحْمَن عِنْده أرجح وَالله أعلم (تمّ الْجُزْء الثَّانِي وَالْحَمْد لله

ص: 305