المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌(باب من تبرز على لبنتين) - عمدة القاري شرح صحيح البخاري - جـ ٢

[بدر الدين العيني]

فهرس الكتاب

- ‌(كتاب الْعلم)

- ‌(بابُ فَضْلِ العِلْمِ)

- ‌(بَاب مَنْ سُئِلَ عِلْماً وَهوَ مُشْتَغِلٌ فِي حَدِيثِهِ فَأتَمَّ الحَدِيثَ ثُمَّ أجابَ السَّائِلَ

- ‌(بابُ مَنْ رَفَعَ صَوْتَهُ بِالْعلْمِ)

- ‌(بَاب قَوْلِ المُحَدِّثِ: حدّثنا أوْ أخْبَرَنَا وأنْبأَنَا)

- ‌(بَاب طرْحِ الإِمَامِ المَسْألَةَ عَلى أصْحَابِهِ لِيَخْتَبِرَ مَا عِنْدَهُمْ مِنَ العِلْمِ)

- ‌(بابٌ القِرَاءَةُ والعَرْضُ عَلَى المُحَدِّثِ)

- ‌(بَاب مَا يُذْكَرُ فِي المُناوَلَةِ)

- ‌(بَاب مَنْ قعَدَ حَيْث يَنْتَهِي بِه المَجْلِسُ ومَنْ رَأى فُرْجَةً فِي الحَلْقَةِ فَجَلَسَ فِيها)

- ‌(بَاب قَولِ النبيِّ صلى الله عليه وسلم رُبَّ مُبَلَّغٍ أوْعَى مِنْ سامِعٍ)

- ‌(بابٌ العِلْمُ قَبْلَ القَوْلِ والعَمَلِ لِقولِهِ تَعَالَى {فاعلَمْ أنَّهُ لَا إلَهَ إلَاّ الله} (مُحَمَّد: 19) فبَدَأ بالعلْمِ)

- ‌(بَاب مَا كانَ النبيُّ يَتَخَوَّلُهُمْ بالموْعِظَةِ والعِلْمِ كَي لَا يَنْفِرُوا)

- ‌(بَاب مَنْ جَعَلَ لأهْلِ العِلْمِ أيَّاماً مَعلُومَةً)

- ‌(بَاب مَنْ يُرِدِ الله بِهِ خَيْراً يُفَقِّههُ فِي الدِّينِ)

- ‌(بَاب الفَهمِ فِي العِلْمِ)

- ‌(بَاب الاغْتِباطِ فِي العِلْمِ والحِكْمَةِ)

- ‌(بَاب مَا ذُكِرَ فِي ذَهابِ مُوسَى صَلَّى الله عَلَيْهِ فِي البَحْرِ إِلى الخضِرِ)

- ‌(بَاب قوْل النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم: اللَّهُمَّ عَلِّمْهُ الكِتَابَ)

- ‌(بَاب متَى يَصِحُّ سَماعُ الصَّغِيرِ)

- ‌(بابُ الخُرُوجِ فِي طَلَبِ العِلْمِ)

- ‌(بَاب فَضْل مَنْ عَلِمَ وعلَّمَ)

- ‌(بَاب رفْعِ العِلْمِ وظُهُورِ الجَهْلِ)

- ‌(بابُ فَضْلِ العلْمِ)

- ‌(بَاب الفُتْيا وهْوَ واقِفٌ عَلَى الدَّابَّةِ وغَيْرها)

- ‌(بَاب مَنْ أجَاب الفُتْيا باشارَةِ اليَدِ والرَّأسِ)

- ‌(بَاب تحْرِيضِ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم وَفْدَ عَبْدِ القَيْسِ عَلَى أنْ يَحْفَظُوا الإِيمانَ والعِلْمَ وَيُخْبِرُوا مَنْ وَرَاءَهُمْ)

- ‌(بَاب الرِّحْلةِ فِي المَسْألَةِ النَّازِلِةِ وتَعْلِيمِ أهْلِهِ)

- ‌(بَاب التَّناوُبِ فِي العِلْمِ)

- ‌(بَاب الغَضَبِ فِي المَوْعِظَةِ والتَّعْلِيمِ إِذَا رَأى مَا يَكْرَهُ)

- ‌(بابُ مَنْ بَرَكَ عَلَى رُكْبتَيْهِ عِنْدَ الإِمامِ أَو المُحِدِّثِ)

- ‌(بَاب مَنْ أعادَ الحَدِيثَ ثَلاثاً لِيُفْهَمَ عَنْهُ)

- ‌(بَاب تَعْلِيمِ الرَّجُلِ أمَتَهُ وأهْلَهُ)

- ‌(بَاب عِظَةِ الإِمامِ النِّساءَ وتَعْلِيمهنَّ)

- ‌(بابُ الحِرْصِ علَى الحدِيثِ)

- ‌(بَاب كَيْفَ يُقْبَضُ العِلْمُ)

- ‌(بابٌ هَلْ يُجْعَلُ لِلنِّساءِ يَوْمٌ علَى حِدَةٍ فِي العِلْم)

- ‌(بابُ مَنْ سَمِعَ شَيْئاً فَرَاجَعَهُ حَتَّى يَعْرِفَهُ)

- ‌(بابٌ لِيُبَلّغِ العِلْمَ الشَّاهِدُ الغائبَ)

- ‌(بابُ إثْمِ مَنْ كَذَبَ علَى النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم

- ‌(بابُ كِتَابَةِ العلْمِ)

- ‌(تَابعه معمر عَن همام عَن أبي هُرَيْرَة)

- ‌(بابُ العِلْمِ والعِظَةِ باللَّيْلِ)

- ‌(بابُ السَّمَر فِي العِلْمِ)

- ‌(بابُ حِفْظِ العِلْمِ)

- ‌(بابُ الإِنْصَاتِ لِلْعُلَمَاءِ)

- ‌(بابُ مَا يُسْتَحَبُّ للْعَالِمِ إذَا سُئِلَ: أيُّ النَّاسِ أعْلَمُ؟ فَيَكِلُ العِلْمَ إلَى اللَّهِ)

- ‌(بابُ مَنْ سَأَلَ وَهُوَ قائِمٌ عالِما جالِسا)

- ‌(بابٌ السُّؤَال والفُتْيا عِنْدَ رَمْيِ الجِمارِ)

- ‌(بابُ قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى {وَمَا أُوتِيتُمْ مِنَ العِلْمِ إلَاّ قَلِيلاً} )

- ‌(بَاب من خص بِالْعلمِ قوما دون قوم كَرَاهِيَة أَن لَا يفهموا)

- ‌(بَاب الْحيَاء فِي الْعلم)

- ‌(بَاب من استحيا فَأمر غَيره بالسؤال)

- ‌(بَاب ذكر الْعلم والفتيا فِي الْمَسْجِد)

- ‌(بَاب من أجَاب السَّائِل بِأَكْثَرَ مِمَّا سَأَلَهُ)

- ‌بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم

- ‌(كتاب الْوضُوء)

- ‌(بَاب مَا جَاءَ فِي الْوضُوء وَقَول الله تَعَالَى {إِذا قُمْتُم إِلَى الصَّلَاة فَاغْسِلُوا وُجُوهكُم وَأَيْدِيكُمْ إِلَى الْمرَافِق وامسحوا برؤسكم وأرجلكم إِلَى الْكَعْبَيْنِ} )

- ‌(بَاب لَا تقبل صَلَاة بِغَيْر طهُور)

- ‌(بَاب فضل الْوضُوء والغر المحجلون من آثَار الْوضُوء)

- ‌(بَاب لَا يتَوَضَّأ من الشَّك حَتَّى يستيقن)

- ‌(بَاب التَّخْفِيف فِي الْوضُوء)

- ‌(بَاب إسباغ الْوضُوء)

- ‌(بَاب غسل الْوَجْه باليدين من غرفَة وَاحِدَة)

- ‌(بَاب التَّسْمِيَة على كل حَال وَعند الوقاع)

- ‌(بَاب مَا يَقُول عِنْد الْخَلَاء)

- ‌(بَاب وضع المَاء عِنْد الْخَلَاء)

- ‌(بَاب لَا تسْتَقْبل الْقبْلَة بغائط أَو بَوْل إِلَّا عِنْد الْبناء جِدَار أَو نَحوه)

- ‌(بَاب من تبرز على لبنتين)

- ‌(بَاب خُرُوج النِّسَاء إِلَى البرَاز)

- ‌(بَاب التبرز فِي الْبيُوت)

- ‌(بَاب الِاسْتِنْجَاء بِالْمَاءِ)

- ‌(بَاب من حمل مَعَه المَاء لطهوره)

- ‌(بَاب حمل العنزة مَعَ المَاء فِي الِاسْتِنْجَاء)

- ‌(بَاب النَّهْي عَن الِاسْتِنْجَاء بِالْيَمِينِ)

- ‌(بَاب لَا يمسك ذكره بِيَمِينِهِ إِذا بَال)

- ‌(بَاب الِاسْتِنْجَاء بِالْحِجَارَةِ)

- ‌(بَاب لَا يستنجى بروث)

الفصل: ‌(باب من تبرز على لبنتين)

فِي الْبُنيان فَقَط تمسكا بِظَاهِر حَدِيث ابْن عمر وَهُوَ مَرْوِيّ عَن أبي يُوسُف. وَمِنْهَا التَّحْرِيم مُطلقًا حَتَّى فِي الْقبْلَة المنسوخة وَهِي بَيت الْمُقَدّس وَهُوَ محكي عَن إِبْرَاهِيم وَابْن سِيرِين عملا بِحَدِيث معقل الْأَسدي الْمَذْكُور عَن قريب. وَمِنْهَا أَن التَّحْرِيم مُخْتَصّ بِأَهْل الْمَدِينَة وَمن كَانَ على سمتها وَأما من كَانَت قبلته فِي جِهَة الْمشرق أَو الْمغرب فَيجوز لَهُ الِاسْتِقْبَال والاستدبار مُطلقًا لعُمُوم قَوْله عليه الصلاة والسلام شرقوا أَو غربوا قَالَه أَبُو عوَانَة صَاحب الْمُزنِيّ وبعكسه قَالَ البُخَارِيّ وَاسْتدلَّ بِهِ على أَنه لَيْسَ فِي الْمشرق وَلَا فِي الْمغرب قبله كَمَا سَيَأْتِي فِي بَاب قبْلَة أهل الْمَدِينَة فِي كتاب الصَّلَاة إِن شَاءَ الله تَعَالَى فَإِن قلت ادّعى الْخطابِيّ الْإِجْمَاع على عدم تَحْرِيم اسْتِقْبَال بَيت الْمُقَدّس لمن لَا يستدبر فِي استقباله الْكَعْبَة قلت فِيهِ نظر لما ذَكرْنَاهُ عَن إِبْرَاهِيم وَمُحَمّد بن سِيرِين وَهُوَ قَول بعض الشَّافِعِيَّة أَيْضا. الثَّانِي من الْأَحْكَام فِيهِ إكرام الْقبْلَة عَن المواجهة بِالنَّجَاسَةِ مُطلقًا تَعْظِيمًا لَهَا وَلَا سِيمَا عِنْد الْغَائِط وَالْبَوْل. الثَّالِث فِيهِ الْمُحَافظَة على الْأَدَب ومراعاته فِي كل حَال. الرَّابِع استنبط ابْن التِّين مِنْهُ منع اسْتِقْبَال النيرين فِي حَالَة الْغَائِط وَالْبَوْل وَكَأَنَّهُ قاسه على اسْتِقْبَال الْقبْلَة وَلَيْسَ الْقيَاس بِظَاهِر على مَا لَا يخفى. (فروع) من آدَاب الِاسْتِنْجَاء الإبعاد إِذا كَانَ فِي براح من الأَرْض أَو ضرب حجاب أَو ستر وأعماق الْآبَار والحفائر وَأَن لَا يرفع ثَوْبه حَتَّى يدنو من الأَرْض جَاءَ ذَلِك فِي حَدِيث رَوَاهُ أَبُو مُحَمَّد الْأَعْمَش عَن أنس عَن أبي دَاوُد وتغطية الرَّأْس كَمَا كَانَ أَبُو بكر رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ يَفْعَله وَترك الْكَلَام كَفعل عُثْمَان رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ والاستنجاء باليسار وَغسل الْيَد بعد الْفَرَاغ بِالتُّرَابِ رَوَاهُ ابْن حبَان فِي صَحِيحه والاستجمار وَاجْتنَاب الروث والرمة وَأَن لَا يتَوَضَّأ فِي المغتسل لقَوْله عليه الصلاة والسلام لَا يبولن أحدكُم فِي مغتسله وَينْزع خَاتمه إِذا كَانَ فِيهِ اسْم الله تَعَالَى رَوَاهُ النَّسَائِيّ وارتياد الْموضع الدمث وَأَن لَا يسْتَقْبل الشَّمْس وَالْقَمَر وَأَن لَا يَبُول قَائِما وَلَا فِي طَرِيق النَّاس وَلَا ظلهم وَلَا فِي المَاء الراكد ومساقط الثِّمَار وَصفَة الْأَنْهَار وَأَن يتكئ على رجله الْيُسْرَى وينثر ذكره ثَلَاثًا

(بَاب من تبرز على لبنتين)

أَي هَذَا بَاب فِي بَيَان حكم من تبرز على لبنتين وَبَاب مَرْفُوع مُضَاف إِلَى مَا بعده وَكلمَة من مَوْصُولَة وتبرز صلتها على وزن تفعل من التبرز وَهُوَ التغوط وأصل التبرز الْخُرُوج إِلَى البرَاز للْحَاجة وَالْبرَاز بِفَتْح الْمُوَحدَة اسْم للفضاء الْوَاسِع من الأَرْض وكنوا بِهِ عَن حَاجَة الْإِنْسَان قَوْله لبنتين تَثْنِيَة لبنة بِفَتْح اللَّام وَكسر الْبَاء الْمُوَحدَة وَيجوز تسكينها أَيْضا مَعَ فتح اللَّام وَكسرهَا وَكَذَا كل مَا كَانَ على هَذَا الْوَزْن أَعنِي مَفْتُوح الأول مكسور الثَّانِي يجوز فِيهِ الْأَوْجه الثَّلَاثَة ككتف وَإِن كَانَ ثَانِيه أَو ثالثه حرف حلق جَازَ فِيهِ وَجه رَابِع وَهُوَ كسر الأول وَالثَّانِي كفخذ قَالَ الْجَوْهَرِي اللبنة واللبنة الَّتِي يبْنى بهَا وَالْجمع لبن مثل كلمة وكلم قيل اللبنة هِيَ الطوب قَالَه ابْن قرقول وَهُوَ الطوب النيء وَالَّذِي توقد عَلَيْهِ النَّار يُسمى بالآجر وَقَالَ بَعضهم اللبنة هِيَ مَا يصنع من الطين أَو غَيره للْبِنَاء قبل أَن يحرق قلت لَيْت شعري مَا معنى قَوْله أَو غَيره فَهَل تصنع اللبنة من غير الطين عَادَة. وَجه الْمُنَاسبَة بَين الْبَابَيْنِ ظَاهر وَهُوَ أَن حَدِيث هَذَا الْبَاب مُخَصص لحَدِيث الْبَاب الأول على رَأْي البُخَارِيّ وَمن ذهب إِلَى مذْهبه فِي ذَلِك كَمَا ذَكرْنَاهُ هُنَاكَ

11 -

(حَدثنَا عبد الله بن يُوسُف قَالَ أخبرنَا مَالك عَن يحيى بن سعيد عَن مُحَمَّد بن يحيى بن حبَان عَن عَمه وَاسع بن حبَان عَن عبد الله بن عمر أَنه كَانَ يَقُول إِن نَاسا يَقُولُونَ إِذا قعدت على حَاجَتك فَلَا تسْتَقْبل الْقبْلَة وَلَا بَيت الْمُقَدّس فَقَالَ عبد الله بن عمر لقد ارتقيت يَوْمًا على ظهر بَيت لنا فَرَأَيْت رَسُول الله صلى الله عليه وسلم على لبنتين مُسْتَقْبلا بَيت الْمُقَدّس لِحَاجَتِهِ وَقَالَ لَعَلَّك من الَّذين يصلونَ على أوراكهم فَقلت لَا أَدْرِي وَالله قَالَ مَالك يَعْنِي

ص: 279

الَّذِي يُصَلِّي وَلَا يرْتَفع عَن الأَرْض يسْجد وَهُوَ لاصق بِالْأَرْضِ) مُطَابقَة الحَدِيث للتَّرْجَمَة فِي قَوْله فَرَأَيْت رَسُول الله صلى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَسلم على لبنتين مُسْتَقْبلا بَيت الْمُقَدّس (بَيَان رِجَاله) وهم سِتَّة الأول عبد الله بن يُوسُف التنيسِي وَقد تقدم الثَّانِي الإِمَام مَالك بن أنس وَقد تكَرر ذكره الثَّالِث يحيى بن سعيد الْأنْصَارِيّ الْمدنِي وَقد تقدم. الرَّابِع مُحَمَّد بن يحيى بن حبَان بِفَتْح الْحَاء الْمُهْملَة وَتَشْديد الْبَاء الْمُوَحدَة الْأنْصَارِيّ النجاري بالنُّون وَالْجِيم الْمَازِني كَانَ لَهُ حَلقَة فِي مَسْجِد رَسُول الله عليه الصلاة والسلام وَكَانَ مفتيا ثِقَة كثير الحَدِيث مَاتَ بِالْمَدِينَةِ سنة إِحْدَى وَعشْرين وَمِائَة. الْخَامِس عَم مُحَمَّد بن يحيى وَهُوَ وَاسع بن حبَان بِالْفَتْح الْأنْصَارِيّ النجاري الْمَازِني الثِّقَة قيل أَن لَهُ رِوَايَة فَلذَلِك ذكر فِي الصَّحَابَة رضي الله عنهم وَأَبوهُ حبَان هُوَ ابْن منقذ بن عَمْرو لَهُ ولأبيه صُحْبَة. السَّادِس عبد الله بن عمر رضي الله عنهما. (بَيَان لطائف إِسْنَاده) مِنْهَا أَن فِيهِ التحديث والإخبار. وَمِنْهَا أَن هَذَا الْإِسْنَاد كُله على شَرط الشَّيْخَيْنِ وَالْأَرْبَعَة إِلَّا عبد الله بن يُوسُف فَإِنَّهُ من رجال البُخَارِيّ وَأَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيّ وَالنَّسَائِيّ. وَمِنْهَا أَنهم كلهم مدنيون سوى عبد الله فَإِنَّهُ مصري تنيسي بِكَسْر التَّاء الْمُثَنَّاة من فَوق وَتَشْديد النُّون. وَمِنْهَا أَن فِيهِ رِوَايَة ثَلَاثَة من التَّابِعين بَعضهم عَن بعض يحيى بن سعيد وَمُحَمّد بن يحيى وواسع بن حبَان. وَمِنْهَا أَن فِيهِ رِوَايَة صَحَابِيّ عَن صَحَابِيّ على قَول من يعد وَاسِعًا من الصَّحَابَة رضي الله عنهم. (بَيَان تعدد مَوْضِعه وَمن أخرجه غَيره) أخرجه البُخَارِيّ أَيْضا فِي الطَّهَارَة عَن يَعْقُوب بن إِبْرَاهِيم عَن يزِيد بن هرون عَن يحيى بن سعيد وَفِيه وَفِي الْخمس أَيْضا عَن إِبْرَاهِيم بن الْمُنْذر عَن أنس بن عِيَاض عَن عبيد الله بن عمر عَن مُحَمَّد بن يحيى بن حبَان بِهِ وَأخرجه مُسلم فِي الطَّهَارَة عَن القعْنبِي عَن سُلَيْمَان بن بِلَال عَن يحيى بن سعيد بِهِ وَعَن أبي بكر بن أبي شيبَة عَن مُحَمَّد بن بشر عَن عبيد الله وَأَبُو دَاوُد فِيهِ أَيْضا عَن القعْنبِي عَن مَالك بِهِ وَالتِّرْمِذِيّ أَيْضا فِيهِ عَن هناد عَن عَبدة بن سُلَيْمَان عَن عبيد الله بِهِ وَقَالَ حسن صَحِيح وللنسائي أَيْضا فِيهِ عَن قُتَيْبَة عَن مَالك بِهِ وَابْن ماجة أَيْضا فِيهِ عَن أبي بكر بن خَلاد وَمُحَمّد بن يحيى كِلَاهُمَا عَن يزِيد بن هَارُون بِهِ وَعَن هِشَام بن عمار عَن عبد الحميد بن حبيب عَن الْأَوْزَاعِيّ عَن يحيى بِهِ يزِيد بَعضهم على بعض (بَيَان اللُّغَات) قَوْله بَيت الْمُقَدّس فِيهِ لُغَتَانِ مشهورتان فتح الْمِيم وَسُكُون الْقَاف وَكسر الدَّال المخففة وَضم الْمِيم وَفتح الْقَاف وَالدَّال الْمُشَدّدَة والمشدد مَعْنَاهُ المطهر والمخفف لَا يَخْلُو إِمَّا أَن يكون مصدرا أَو مَكَانا وَمَعْنَاهُ بَيت الْمَكَان الَّذِي جعل فِيهِ الطَّهَارَة وتطهيره أخلاؤه من الْأَصْنَام وأبعاده مِنْهَا أَو من الْقُلُوب قَوْله ارتقيت مَعْنَاهُ صعدت من رقيت فِي السّلم بِالْكَسْرِ رقيا ورقيا إِذا صعدت وَهَذِه هِيَ اللُّغَة الفصيحة الْمَشْهُورَة وَحكى صَاحب الْمطَالع لغتين أُخْرَيَيْنِ إِحْدَاهمَا فتح الْقَاف بِغَيْر همز وَالْأُخْرَى فتحهَا مَعَ الْهمزَة قَوْله أوراكهم جمع ورك قَالَ الْكرْمَانِي وَهُوَ مَا بَين الفخذين قلت لَيْسَ كَذَلِك بل الوركان مَا قَالَه الْأَصْمَعِي الوركان العظمان على طرف عظم الفخذين وَفِي الْعباب الورك الورك الورك كفخذ وفخذ وفخذ وَهِي مُؤَنّثَة (بَيَان الْإِعْرَاب) قَوْله كَانَ فِي مَحل الرّفْع لِأَنَّهُ خبر أَن وَقَوله يَقُول فِي مَحل النصب لِأَنَّهُ خبر كَانَ وَقَوله أَن نَاسا بِكَسْر الْهمزَة مقول القَوْل وَقَوله يَقُولُونَ فِي مَحل الرّفْع لِأَنَّهُ خبر أَن قَوْله وَلَا بَيت الْمُقَدّس بِالنّصب عطف على قَوْله الْقبْلَة وَالْإِضَافَة فِيهِ إِضَافَة الْمَوْصُوف إِلَى صفته نَحْو مَسْجِد الْجَامِع قَوْله لقد ارتقيت اللَّام فِيهِ جَوَاب قسم مَحْذُوف قَوْله يَوْمًا نصب على الظّرْف وَقَوله على ظهر بَيت يتَعَلَّق بقوله ارتقيت قَوْله فَرَأَيْت عطف على قَوْله ارتقيت وَهُوَ بِمَعْنى أَبْصرت فَلَا يَقْتَضِي إِلَّا مَفْعُولا وَاحِدًا قَوْله على لبنتين فِي مَحل النصب على الْحَال من رَسُول الله عليه السلام وَكَذَا قَوْله مُسْتَقْبلا حَال مِنْهُ وَيجوز أَن يَكُونَا حَالين مترادفتين ومتداخلتين قَوْله بَيت الْمُقَدّس كَلَام إضافي مَنْصُوب بقوله مُسْتَقْبل وَاللَّام فِي لِحَاجَتِهِ للتَّعْلِيل وَيجوز أَن تكون للتوقيت أَي وَقت حَاجته قَوْله يسْجد جملَة فِي مَحل النصب على الْحَال وَكَذَا قَوْله وَهُوَ لاصق بِالْأَرْضِ جملَة وَقعت حَالا

ص: 280

(بَيَان الْمعَانِي) قَوْله أَنه كَانَ أَي أَن وَاسِعًا كَانَ يَقُول كَذَا قَالَه الْكرْمَانِي وَقَالَ ابْن بطال أما قَول ابْن عمر أَن نَاسا يَقُولُونَ إِلَى آخِره قلت هَذَا يدل على أَن الضَّمِير فِي قَوْله أَنه كَانَ يعود إِلَى عبد الله بن عمر وَقَالَ الْكرْمَانِي أَيْضا جعل ابْن بطال أَن نَاسا مَفْعُولا لِابْنِ عمر لَا لواسع والسياق لَا يساعده قلت الصَّوَاب مَعَ ابْن بطال على مَا لَا يخفى وَقَالَ الْخطابِيّ قد يتَوَهَّم السَّامع من قَول ابْن عمر أَن نَاسا يَقُولُونَ إِلَى آخِره فَهَذَا أَيْضا يُؤَيّد تَفْسِير ابْن بطال فَافْهَم قَوْله أَن نَاسا كَانُوا يَقُولُونَ أَرَادَ بِالنَّاسِ هَؤُلَاءِ من كَانَ يَقُول بِعُمُوم النَّهْي فِي اسْتِقْبَال الْقبْلَة واستدبارها عِنْد الْحَاجة فِي الصَّحرَاء والبنيان وهم أَمْثَال أبي أَيُّوب الْأنْصَارِيّ وَأبي هُرَيْرَة وَمَعْقِل الْأَسدي وَغَيرهم رَضِي الله تَعَالَى عَنْهُم قَوْله إِذا قعدت ذكر الْقعُود لكَونه الْغَالِب وَإِلَّا فحال الْقيام كَذَلِك قَوْله على حَاجَتك كِنَايَة عَن التبرز قَوْله على ظهر بَيت لنا وَفِي رِوَايَة يزِيد عَن يحيى الْآتِيَة على ظهر بيتنا وَفِي رِوَايَة عبيد الله بن عمر الْآتِيَة على ظهر بَيت حَفْصَة يَعْنِي أُخْته كَمَا صرح بِهِ فِي رِوَايَة مُسلم قَوْله مُسْتَقْبلا بَيت الْمُقَدّس وَفِي رِوَايَة تَأتي عَن قريب مُسْتَقْبل الشَّام مستدبر الْكَعْبَة وَوَقع فِي صَحِيح ابْن حبَان مُسْتَقْبل الْقبْلَة مستدبر الشَّام وَكَأَنَّهُ مقلوب وَالله أعلم. فَإِن قلت كَيفَ نظر ابْن عمر إِلَى رَسُول الله صلى الله عليه وسلم وَهُوَ فِي تِلْكَ الْحَالة وَلَا يجوز ذَلِك قلت وَقعت مِنْهُ تِلْكَ اتِّفَاقًا من غير قصد لذَلِك فَنقل مَا رَآهُ وقصده ذَلِك لَا يجوز كَمَا لَا يتَعَمَّد الشُّهُود النّظر إِلَى الزِّنَا ثمَّ يجوز أَن يَقع أَبْصَارهم عَلَيْهِ ويتحملوا الشَّهَادَة بعد ذَلِك وَقَالَ الْكرْمَانِي يحْتَمل أَن يكون ابْن عمر قصد ذَلِك وَرَأى رَأسه دون مَا عداهُ من بدنه ثمَّ تَأمل قعوده فَعرف كَيفَ هُوَ جَالس ليستفيد فعله فَنقل مَا شَاهد قَوْله وَقَالَ أَي ابْن عمر رَضِي الله تَعَالَى عَنْهُمَا قَوْله لَعَلَّك الْخطاب فِيهِ لواسع أَي لَعَلَّك من الَّذين لَا يعْرفُونَ السّنة إِذْ لَو كنت عَارِفًا بِالسنةِ لعرفت جَوَاز اسْتِقْبَال بَيت الْمُقَدّس وَلما الْتفت إِلَى قَوْلهم وَإِنَّمَا كنى عَن الْجَاهِلين بِالسنةِ بالذين يصلونَ على أوراكهم لِأَن الْمُصَلِّي على الورك لَا يكون إِلَّا جَاهِلا بِالسنةِ وَإِلَّا لما صلى عَلَيْهِ وَالسّنة فِي السُّجُود التخوية أَي لَا يلصق الرجل بِالْأَرْضِ بل يرفع عَنْهَا قَوْله فَقلت لَا أَدْرِي أَي قَالَ وَاسع لَا أَدْرِي أَنا مِنْهُم أم لَا وَلَا أَدْرِي السّنة فِي اسْتِقْبَال بَيت الْمُقَدّس قَوْله قَالَ مَالك إِلَى آخِره تَفْسِير الصَّلَاة على الورك وَهُوَ اللصوق بِالْأَرْضِ حَالَة السُّجُود قَوْله قَالَ مَالك إِلَى آخِره إِن كَانَ من قَول البُخَارِيّ نَقله عَنهُ يكون تَعْلِيقا وَإِن كَانَ من قَول عبد الله يكون دَاخِلا تَحت الْإِسْنَاد الْمَذْكُور (بَيَان استنباط الْأَحْكَام) الأول احْتج بِهِ مَالك وَالشَّافِعِيّ وَإِسْحَق وَآخَرُونَ فِيمَا ذَهَبُوا إِلَيْهِ من جَوَاز اسْتِقْبَال الْقبْلَة واستدبارها عِنْد قَضَاء الْحَاجة فِي الْبُنيان وَأَنه مُخَصص لعُمُوم النَّهْي كَمَا ذَكرْنَاهُ فِي الْبَاب السَّابِق وَمِنْهُم من رأى هَذَا الحَدِيث نَاسِخا لحَدِيث أبي أَيُّوب الْمَذْكُور واعتقد الْإِبَاحَة مُطلقًا وقاس الِاسْتِقْبَال على الاستدبار وَترك حكم تَخْصِيصه بالبنيان وَرَأى أَنه وصف ملغى الِاعْتِبَار وَمِنْهُم من رأى الْعَمَل بِحَدِيث أبي أَيُّوب وَمَا فِي مَعْنَاهُ واعتقد هَذَا خَاصّا بِالنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَمِنْهُم من جمع بَينهمَا وأعملهما وَمِنْهُم من توقف فِي الْمَسْأَلَة قلت دَعْوَى النّسخ غير ظَاهِرَة لِأَنَّهُ لَا يُصَار إِلَيْهِ إِلَّا عِنْد تعذر الْجمع وَهُوَ مُمكن كَمَا قد ذَكرْنَاهُ فَإِن قلت قد ورد عَن عَائِشَة رضي الله عنها حَدِيث بَين فِيهِ وَجه النّسخ مُطلقًا رَوَاهُ ابْن مَاجَه بِسَنَد صَحِيح عَن أبي بكر بن أبي شيبَة وَعلي بن مُحَمَّد ثَنَا وَكِيع عَن حَمَّاد بن سَلمَة عَن خَالِد الْحذاء عَن خَالِد بن أبي الصَّلْت عَن عرَاك بن مَالك عَنْهَا قَالَت ذكر عِنْد النَّبِي صلى الله عليه وسلم قوم يكْرهُونَ أَن يستقبلوا الْقبْلَة بفروجهم فَقَالَ أَرَاهُم قد فعلوا استقبلوا بمقعدتي الْقبْلَة قلت فِي علل التِّرْمِذِيّ قَالَ مُحَمَّد هَذَا حَدِيث فِيهِ اضْطِرَاب وَالصَّحِيح عَن عَائِشَة قَوْلهَا وَقَالَ ابْن حزم هَذَا حَدِيث سَاقِط لِأَن خَالِد بن أبي الصَّلْت مَجْهُول لَا يدْرِي من هُوَ وَأَخْطَأ فِيهِ عبد الرَّزَّاق فَرَوَاهُ عَن خَالِد الْحذاء عَن كثير بن أبي الصَّلْت وَهَذَا أبطل وأبطل لِأَن الْحذاء لم يدْرك كثيرا انْتهى كَلَامه قَوْله ابْن أبي الصَّلْت لَا يدْرِي من هُوَ غير مُسلم لِأَن ابْن حبَان ذكره فِي الثِّقَات وَلِأَن بخشلا ذكر أَنه كَانَ عينا لعمر بن عبد الْعَزِيز رضي الله عنه بواسط وَذكر من صَلَاحه وَدينه وَقَوله كثير بن أبي الصَّلْت لَيْسَ كَذَلِك وَإِنَّمَا الْمَذْكُور عِنْد البُخَارِيّ فِي تَارِيخه وَعند ابْن أبي حَاتِم فِي كِتَابه الْجرْح وَالتَّعْدِيل كثير بن الصَّلْت وَكَذَا ذكره أَبُو عمر العسكري وَابْن حبَان وَابْن مَنْدَه والبارودي وَآخَرُونَ وَلَعَلَّ ذَلِك يكون من خطأ عبد الرَّزَّاق فِيهِ وَقَالَ الإِمَام أَحْمد رحمه الله أحسن مَا روى فِي الرُّخْصَة حَدِيث عرَاك وَإِن كَانَ مُرْسلا فَإِن مخرجه

ص: 281