الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الرُّقْيَةِ مِنْ كُلِّ حُمَةٍ وَأَخْرَجَ مُسْلِمٌ وَالتِّرْمِذِيُّ وبن مَاجَهْ مِنْ حَدِيثِ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ رخص رسول الله فِي الرُّقْيَةِ مِنَ الْعَيْنِ وَالْحُمَةِ وَالنَّمِلَةِ
([3890]
بَاب كَيْفَ الرُّقَى)
(أَلَا أَرْقِيكَ) أَيْ أَلَا أَعُوذُكَ (اللَّهُمَّ رَبَّ النَّاسِ) أَيْ يَا رَبَّ النَّاسِ (مُذْهِبَ) بِضَمِّ الْمِيمِ وَكَسْرِ الْهَاءِ مِنَ الْإِذْهَابِ (الباس) بغير الهمزة للمواخاة لقوله الناس وَأَصْلُهُ الْهَمْزَةُ بِمَعْنَى الشِّدَّةِ (اشْفِ) بِكَسْرِ الْهَمْزَةِ (أَنْتَ الشَّافِي) فِيهِ جَوَازُ تَسْمِيَةِ اللَّهِ تَعَالَى بِمَا لَيْسَ فِي الْقُرْآنِ مَا لَمْ يُوهِمْ نَقْصًا وَكَانَ لَهُ أَصْلٌ فِي الْقُرْآنِ كَهَذَا ففي القرآن وإذا مرضت فهو يشفين (لَا شَافِيَ إِلَّا أَنْتَ) إِذْ لَا يَنْفَعُ الدَّوَاءُ إِلَّا بِتَقْدِيرِكَ (اشْفِهِ) بِكَسْرِ الْهَاءِ أَيِ العليل أو هي هاء السكت (لايغادر) بِالْغَيْنِ الْمُعْجَمَةِ أَيْ لَا يَتْرُكُ سَقَمًا إِلَّا أَذْهَبَهُ (سَقَمًا) بِفَتْحَتَيْنِ وَبِضَمٍّ ثُمَّ سُكُونٍ
قَالَ الْمُنْذِرِيُّ وَأَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ وَالتِّرْمِذِيُّ وَالنَّسَائِيُّ
[3891]
(عَنْ يَزِيدَ بْنِ) عَبْدِ اللَّهِ بْنِ (خُصَيْفَةَ) بِضَمِّ الْمُعْجَمَةِ وَفَتْحِ الْمُهْمَلَةِ مُصَغَّرًا (أَنَّ عَمْرَو) بِفَتْحِ الْعَيْنِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ (السَّلَمِيَّ) بِفَتْحَتَيْنِ الْأَنْصَارِيَّ الْمَدَنِيَّ الثِّقَةَ كَذَا فِي شَرْحِ الْمُوَطَّأِ
وَفِي لُبِّ اللُّبَابِ السَّلَمِيُّ بِفَتْحَتَيْنِ إِلَى سَلِمَةَ بِكَسْرِ اللَّامِ بَطْنٌ مِنَ الْأَنْصَارِ وَكَسَرَهَا الْمُحَدِّثُونَ أَيْضًا فِي النِّسْبَةِ انْتَهَى (قَدْ كَادَ) أَيْ قَارَبَ (يُهْلِكُنِي) وَلِمُسْلِمٍ وَغَيْرِهِ مِنْ رِوَايَةِ الزُّهْرِيِّ عَنْ نَافِعٍ عَنْ عُثْمَانَ أَنَّهُ اشْتَكَى إلى رسول الله وَجَعًا يَجِدُهُ فِي جَسَدِهِ مُنْذُ أَسْلَمَ (امْسَحْهُ) أَيْ مَوْضِعَ الْوَجَعِ (بِيَمِينِكَ سَبْعَ مَرَّاتٍ) وَفِي رِوَايَةِ مُسْلِمٍ فَقَالَ ضَعْ يَدَكَ عَلَى الَّذِي يَأْلَمُ مِنْ جَسَدِكَ وَلِلطَّبَرَانِيِّ وَالْحَاكِمِ ضَعْ يَمِينَكَ عَلَى الْمَكَانِ الَّذِي تَشْتَكِي فَامْسَحْ بِهَا سَبْعَ
مَرَّاتٍ (وَقُلْ) زَادَ مُسْلِمٌ بِسْمِ اللَّهِ ثَلَاثًا قَبْلَ قَوْلِهِ (أَعُوذُ) أَعْتَصِمُ (مَا أَجِدُ) زَادَ فِي رِوَايَةِ مُسْلِمٍ وَأُحَاذِرُ وَلِلطَّبَرَانِيِّ وَالْحَاكِمِ عَنْ عُثْمَانَ أَنَّهُ يَقُولُ ذَلِكَ فِي كُلِّ مَسْحَةٍ من السبع
والترمذي وحسنه وَالْحَاكِمُ وَصَحَّحَهُ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سَالِمٍ قَالَ قال لي ثابت البناني يامحمد إِذَا اشْتَكَيْتَ فَضَعْ يَدَكَ حَيْثُ تَشْتَكِي ثُمَّ قُلْ بِسْمِ اللَّهِ أَعُوذُ بِعِزَّةِ اللَّهِ وَقُدْرَتِهِ مِنْ شَرِّ مَا أَجِدُ مِنْ وَجَعِي هَذَا ثُمَّ ارْفَعْ يَدَكَ ثُمَّ أَعِدْ ذَلِكَ وِتْرًا
قَالَ فَإِنَّ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ حَدَّثَنِي أَنَّ رسول الله حَدَّثَهُ بِذَلِكَ (مَا كَانَ بِي) مِنَ الْوَجَعِ (وَغَيْرِهِمْ) لِأَنَّهُ مِنَ الْأَدْوِيَةِ الْإِلَهِيَّةِ وَالطِّبِّ النَّبَوِيِّ لِمَا فِيهِ مِنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَالتَّفْوِيضِ إِلَيْهِ وَالِاسْتِعَاذَةِ بِعِزَّتِهِ وَقُدْرَتِهِ وَتَكْرَارُهُ يَكُونُ أَنْجَحَ وَأَبْلَغَ كَتَكْرَارِ الدَّوَاءِ الطَّبِيعِيِّ لِاسْتِقْصَاءِ إِخْرَاجِ الْمَادَّةِ وَفِي السَّبْعِ خَاصِّيَّةٌ لَا تُوجَدُ فِي غَيْرِهَا
قَالَ المنذري وأخرجه مسلم والترمذي والنسائي وبن مَاجَهْ بِنَحْوِهِ انْتَهَى
[3892]
(مَنِ اشْتَكَى مِنْكُمْ شَيْئًا) مِنَ الْوَجَعِ (أَوِ اشْتَكَاهُ أَخٌ لَهُ) الظَّاهِرُ أنه تنويع من النبي (فَلْيَقُلْ رَبَّنَا) بِالنَّصْبِ عَلَى النِّدَاءِ فَقَوْلُهُ (اللَّهُ) إِمَّا مَنْصُوبٌ عَلَى أَنَّهُ عَطْفُ بَيَانٍ لَهُ أَوْ مَرْفُوعٌ عَلَى الْمَدْحِ أَوْ عَلَى أَنَّهُ خَبَرُ مُبْتَدَأٍ مَحْذُوفٍ أَيْ أَنْتَ اللَّهُ وَالْأَصَحُّ أَنَّ قَوْلَهُ رَبُّنَا اللَّهُ مَرْفُوعَانِ عَلَى الِابْتِدَاءِ وَالْخَبَرِ وَقَوْلَهُ الَّذِي فِي السَّمَاءِ صِفَتُهُ (تَقَدَّسَ اسْمُكَ) خَبَرٌ بَعْدَ خَبَرٍ أَوِ اسْتِئْنَافٌ وَفِيهِ الْتِفَاتٌ مِنَ الْغَيْبَةِ إِلَى الْخِطَابِ عَلَى رِوَايَةِ رَفْعِ رَبُّنَا (أَمْرُكَ فِي السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ) أَيْ نَافِذٌ وَمَاضٍ وَجَارٍ (كَمَا رَحْمَتُكَ) بِالرَّفْعِ عَلَى أَنَّ مَا كَافَّةٌ (فَاجْعَلْ رَحْمَتَكَ فِي الْأَرْضِ) أَيْ كَمَا جَعَلْتَ رَحْمَتَكَ الْكَامِلَةَ فِي أَهْلِ السَّمَاءِ مِنَ الْمَلَائِكَةِ وَأَرْوَاحِ الْأَنْبِيَاءِ وَالْأَوْلِيَاءِ فَاجْعَلْ رَحْمَتَكَ فِي أَهْلِ الْأَرْضِ (حُوبَنَا) بِضَمِّ الْحَاءِ والمراد ها هنا الذَّنْبُ الْكَبِيرُ كَمَا يَدُلُّ عَلَيْهِ قَوْلُهُ تَعَالَى إنه كان حوبا كبيرا وَهُوَ الْحَوْبَةُ أَيْضًا مَفْتُوحَةُ الْحَاءِ مَعَ إِدْخَالِ الْهَاءِ (وَخَطَايَانَا) يُرَادُ بِهَا الذُّنُوبُ الصِّغَارُ وَالْمُرَادُ بِالْحُوبِ الذَّنْبُ الْمُتَعَمَّدُ وَبِالْخَطَأِ ضِدُّهُ (أَنْتَ رَبُّ الطَّيِّبِينَ) أَيْ أَنْتَ رَبُّ الَّذِينَ اجْتَنَبُوا عَنِ الْأَفْعَالِ الرَّدِيئَةِ وَالْأَقْوَالِ الدَّنِيئَةِ كَالشِّرْكِ وَالْفِسْقِ أَيْ رَبُّ الطَّيِّبِينَ مِنَ الْأَنْبِيَاءِ وَالْمَلَائِكَةِ وَهَذَا
إِضَافَةُ التَّشْرِيفِ كَرَبِّ هَذَا الْبَيْتِ وَرَبِّ مُحَمَّدٍ (عَلَى هَذَا الْوَجَعِ) بِفَتْحِ الْجِيمِ أَيِ الْمَرَضِ أو بكسر الجيم أي المريض (فيبرأ) بفتح الرَّاءِ مِنَ الْبُرْءِ أَيْ فَيَتَعَافَى
قَالَهُ عَلِيٌّ القارىء فِي شَرْحِ الْحِصْنِ
قَالَ الْمُنْذِرِيُّ وَأَخْرَجَهُ النَّسَائِيُّ وَأَخْرَجَهُ مِنْ حَدِيثِ مُحَمَّدِ بْنِ كَعْبِ الْقُرَظِيِّ عَنْ أَبِي الدَّرْدَاءِ وَلَمْ يَذْكُرْ فَضَالَةَ بْنَ عُبَيْدٍ وَفِي إِسْنَادِهِ زِيَادُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْأَنْصَارِيُّ
قَالَ أَبُو حَاتِمٍ الرَّازِيُّ هُوَ مُنْكَرُ الْحَدِيثِ
وقال بن حِبَّانَ مُنْكَرُ الْحَدِيثِ جِدًّا يَرْوِي الْمَنَاكِيرَ عَنِ المشاهير فاستحق الترك
وقال بن عَدِيٍّ لَا أَعْرِفُ لَهُ إِلَّا مِقْدَارَ حَدِيثَيْنِ أو ثلاثة
وروى عنه الليث وبن لهيعة ومقدار ماله لَا يُتَابَعُ عَلَيْهِ وَقَالَ أَيْضًا أَظُنُّهُ مَدَنِيًّا انْتَهَى
[3893]
(مِنَ الْفَزَعِ) بِفَتْحِ الْفَاءِ وَالزَّايِ أَيِ الْخَوْفُ (التَّامَّةِ) بِصِيغَةِ الْإِفْرَادِ وَالْمُرَادُ بِهِ الْجَمَاعَةُ (مِنْ غَضَبِهِ) أَيْ إِرَادَةِ انْتِقَامِهِ وَزَادَ فِي رِوَايَةِ التِّرْمِذِيِّ وَعِقَابِهِ (وَشَرِّ عِبَادِهِ) وَهُوَ أَخَصُّ مِنْ شَرِّ خَلْقِهِ (وَمِنْ هَمَزَاتِ الشَّيَاطِينِ) أَيْ وَسَاوِسِهِمْ وَأَصْلُ الْهَمْزِ الطَّعْنُ
قَالَ الْجَزَرِيُّ أَيْ خَطَرَاتُهَا الَّتِي يُخْطِرُهَا بِقَلْبِ الْإِنْسَانِ (وَأَنْ يَحْضُرُونِ) بِحَذْفِ يَاءِ الْمُتَكَلِّمِ اكْتِفَاءً بِكَسْرِ نُونِ الْوِقَايَةِ وَضَمِيرُ الْجَمْعِ الْمُذَكَّرِ فِيهِ لِلشَّيَاطِينِ وَهُوَ مُقْتَبَسٌ مِنْ قَوْلِهِ تَعَالَى وَقُلْ رَبِّ أَعُوذُ بِكَ مِنْ هَمَزَاتِ الشَّيَاطِينِ وَأَعُوذُ بِكَ رَبِّ أَنْ يحضرون (عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَمْرِو) بْنِ الْعَاصِ (يُعَلِّمُهُنَّ) أَيِ الْكَلِمَاتِ السَّابِقَةَ (مَنْ عَقَلَ) أَيْ مَنْ تَمَيَّزَ بِالتَّكَلُّمِ (كَتَبَهُ) أَيْ هَذَا الدُّعَاءَ وَفِي رِوَايَةِ التِّرْمِذِيِّ وَمَنْ لَمْ يَبْلُغْ مِنْهُمْ كَتَبَهَا فِي صَكٍّ ثُمَّ عَلَّقَهَا فِي عُنُقِهِ (فَأَعْلَقَهُ عَلَيْهِ) أَعْلَقْتُ بِالْأَلِفِ وَعَلَّقْتُ بِالتَّشْدِيدِ كِلَاهُمَا لُغَتَانِ
قَالَ الْجَزَرِيُّ الصَّكُّ الْكِتَابُ وَفِيهِ دَلِيلٌ عَلَى جَوَازِ تَعْلِيقِ التَّعَوُّذِ عَلَى الصِّغَارِ
قَالَ الْمُنْذِرِيُّ وَأَخْرَجَهُ التِّرْمِذِيُّ وَالنَّسَائِيُّ وَقَالَ التِّرْمِذِيُّ حَسَنٌ غَرِيبٌ وَفِي إِسْنَادِهِ مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ تَقَدَّمَ الْكَلَامُ عَلَيْهِ وَعَلَى عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ انْتَهَى
وَقَالَ القارىء فِي الْحِرْزِ الثَّمِينِ رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ وَالتِّرْمِذِيُّ وَالنَّسَائِيُّ وَالْحَاكِمُ وَرَوَاهُ أَحْمَدُ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ يحي بْنِ حِبَّانَ عَنِ الْوَلِيدِ أَخِي خَالِدِ بْنِ الوليد إنه قال يارسول اللَّهِ إِنِّي أَجِدُ وَحْشَةً قَالَ إِذَا أَخَذْتَ مضجعك فقل فذكر مثله
وفي كتاب بن السُّنِّيِّ أَنَّ خَالِدَ بْنَ الْوَلِيدِ أَصَابَهُ أَرَقٌ فشكى ذلك إلى النبي فَأَمَرَهُ أَنْ يَتَعَوَّذَ عِنْدَ مَنَامِهِ بِكَلِمَاتِ اللَّهِ التامات انتهى
[3894]
(قَالَ رَأَيْتُ أَثَرَ ضَرْبَةٍ فِي سَاقِ سَلَمَةَ) بن الأكوع (فقلت) له (ما هذه) وفي رواية البخاري فقلت ياأبا مُسْلِمٍ مَا هَذِهِ الضَّرْبَةُ (فَقَالَ) هَذِهِ ضَرْبَةٌ (أَصَابَتْنِي) وَفِي بَعْضِ رِوَايَاتِ الْبُخَارِيِّ أَصَابَتْهَا أَيْ رِجْلُهُ (فَأُتِيَ) بِصِيغَةِ الْمَجْهُولِ (بِيَ) بِفَتْحِ الْيَاءِ (النبي) مَفْعُولُ مَا لَمْ يُسَمَّ فَاعِلُهُ
وَفِي رِوَايَةِ البخاري فأتيت النبي (فَنَفَثَ فِيَّ) بِتَشْدِيدِ الْيَاءِ
وَفِي رِوَايَةِ الْبُخَارِيِّ فِيهِ أَيْ فِي مَوْضِعِ الضَّرْبَةِ (ثَلَاثَ نَفَثَاتٍ) جَمْعُ نَفْثَةٍ وَهِيَ فَوْقَ النَّفْخِ وَدُونَ التَّفْلِ بِرِيقٍ خَفِيفٍ وَغَيْرِهِ (فَمَا اشْتَكَيْتُهَا حَتَّى السَّاعَةِ) بِالْجَرِّ عَلَى أَنَّ حَتَّى جَارَّةٌ قَالَهُ الْقَسْطَلَّانِيُّ
وَقَالَ الْكِرْمَانِيُّ رحمه الله بِالنَّصْبِ لِأَنَّ حَتَّى لِلْعِطْفِ فَالْمَعْطُوفُ دَاخِلٌ فِي الْمَعْطُوفِ عَلَيْهِ وَتَقْدِيرُهُ فَمَا اشْتَكَيْتُهَا زَمَانًا حَتَّى السَّاعَةَ نَحْوُ أَكَلْتُ السَّمَكَةَ حَتَّى رَأْسَهَا بِالنَّصْبِ انْتَهَى
قَالَ الْمُنْذِرِيُّ وَأَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ
[3895]
(يَقُولُ لِلْإِنْسَانِ إِذَا اشْتَكَى) وَلَفْظُ مُسْلِمٍ كَانَ إِذَا اشْتَكَى الْإِنْسَانُ الشَّيْءَ مِنْهُ أَوْ كَانَتْ بِهِ قُرْحَةٌ أَوْ جُرْحٌ (يَقُولُ) يُشِيرُ (بِرِيقِهِ ثُمَّ قَالَ) أَيْ أَشَارَ (بِهِ) أي بالريق وعند مسلم قال النبي بِأُصْبُعِهِ هَكَذَا وَوَضَعَ سُفْيَانُ سَبَّابَتَهُ بِالْأَرْضِ ثُمَّ رفعها
قَالَ النَّوَوِيُّ وَمَعْنَى الْحَدِيثِ أَنَّهُ يَأْخُذُ مِنْ ريق نفسه على أصبعه السبابة ثم يضعها عَلَى التُّرَابِ فَيَعْلَقُ بِهَا مِنْهُ شَيْءٌ فَيَمْسَحُ بِهِ عَلَى الْمَوْضِعِ الْجَرِيحِ أَوِ الْعَلِيلِ وَيَقُولُ هَذَا الْكَلَامَ فِي حَالِ الْمَسْحِ (تُرْبَةُ أَرْضِنَا) هُوَ خَبَرُ مُبْتَدَأٍ مَحْذُوفٍ أَيْ هَذِهِ تُرْبَةُ أَرْضِنَا (بِرِيقَةِ بَعْضِنَا) أَيْ مَمْزُوجَةٌ بِرِيقِهِ
وَلَفْظُ الْبُخَارِيِّ بِسْمِ اللَّهِ تُرْبَةُ أَرْضِنَا وَرِيقَةُ بَعْضِنَا وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ كَانَ يَتْفُلُ عِنْدَ الرقية
قال النووي المراد بأرضنا ها هنا جُمْلَةُ الْأَرْضِ وَقِيلَ أَرْضُ الْمَدِينَةِ خَاصَّةً لِبَرَكَتِهَا وَالرِّيقَةُ أَقَلُّ مِنَ الرِّيقِ (يُشْفَى) بِصِيغَةِ الْمَجْهُولِ عِلَّةٌ لِلْمَمْزُوجِ قَالَهُ السِّنْدِيُّ (بِإِذْنِ رَبِّنَا) مُتَعَلِّقُ يُشْفَى
قَالَ الْمُنْذِرِيُّ وَأَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ وَالنَّسَائِيُّ وبن مَاجَهْ
[3896]
(إِنَّا حُدِّثْنَا) بِصِيغَةِ الْمَجْهُولِ الْمُتَكَلِّمِ (أَنَّ صاحبكم هذا) يعنون النبي (هَلْ إِلَّا هَذَا) أَيْ هَلْ قُلْتَ إِلَّا فَاتِحَةَ الْكِتَابِ (قَالَ خُذْهَا) قَالَ صَاحِبُ التَّوْضِيحِ فِيهِ حُجَّةٌ عَلَى أَبِي حَنِيفَةَ فِي مَنْعِهِ أَخْذَ الْأُجْرَةِ عَلَى تَعْلِيمِ الْقُرْآنِ (لَمَنْ أَكَلَ برقية باطل) جزاءه مَحْذُوفٌ أَيْ فَعَلَيْهِ وِزْرُهُ وَإِثْمُهُ (لَقَدْ أَكَلْتَ بِرُقْيَةِ حَقٍّ) فَلَا وِزْرَ عَلَيْكَ
قَالَ الْمُنْذِرِيُّ وَأَخْرَجَهُ النَّسَائِيُّ
وَعَمُّ خَارِجَةَ بْنِ الصَّلْتِ هُوَ عِلَاقَةُ بْنُ صُحَارٍ التَّمِيمِيُّ
السَّلِيطِيُّ وَلَهُ صُحْبَةٌ وَرِوَايَةٌ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ أَيْ فِي كِتَابِ الْبُيُوعِ فِي بَابِ كَسْبِ الْأَطِبَّاءِ فَلْيُرْجَعْ إِلَيْهِ وَقَدْ تَقَدَّمَ الْكَلَامُ فِي الجزء الثاني والعشرين انتهى مختصرا
[3897]
(بن جَعْفَرٍ) هُوَ مُحَمَّدٌ وَلَقَبُهُ غُنْدَرٌ فَابْنُ جَعْفَرٍ وَمُعَاذٌ الْعَنْبَرِيُّ كِلَاهُمَا يَرْوِيَانِ عَنْ شُعْبَةَ (أُنْشِطَ) بِصِيغَةِ الْمَجْهُولِ أَيْ حُلَّ يُقَالُ أَنْشَطْتُ الْعُقْدَةَ إِذَا حَلَلْتَهَا (مِنْ عِقَالٍ) بِكَسْرِ الْعَيْنِ هُوَ الحبل الذي يعقل به البعير قاله بن الْأَثِيرِ
وَقَالَ الْعَيْنِيُّ الَّذِي يُشَدُّ بِهِ ذِرَاعُ البهيمة
والمعنى
كَأَنَّمَا أُخْرِجَ مِنْ قَيْدٍ
قَالَ الْمِزِّيُّ فِي الْأَطْرَافِ فِي مُسْنَدِ عِلَاقَةَ بْنِ صُحَارٍ التَّمِيمِيِّ عَمِّ خَارِجَةَ بْنِ الصَّلْتِ حَدِيثُ أَنَّهُ مَرَّ بِقَوْمٍ فَقَالُوا إِنَّكَ جِئْتَ مِنْ عِنْدِ هَذَا الرَّجُلِ بِخَيْرٍ فَارْقِ لَنَا هَذَا الرَّجُلَ الْحَدِيثَ أَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُدَ فِي الْبُيُوعِ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ مُعَاذٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ شُعْبَةَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي السَّفَرِ عَنِ الشَّعْبِيِّ عَنْ خَارِجَةَ بْنِ الصَّلْتِ عَنْ عَمِّهِ بِهِ
وَفِي الطِّبِّ عَنْ مُسَدَّدٍ عَنْ يَحْيَى عَنْ زَكَرِيَّا عَنْ عَامِرٍ الشَّعْبِيِّ بِمَعْنَاهُ
وَعَنِ بن بَشَّارٍ عَنْ غُنْدَرٍ عَنْ شُعْبَةَ بِهِ
وَأَخْرَجَهُ النَّسَائِيُّ فِي الطِّبِّ وَعَمَلِ الْيَوْمِ وَاللَّيْلَةِ عَنْ عَمْرِو بْنِ عَلِيٍّ عَنْ غُنْدَرٍ بِهِ انْتَهَى
[3898]
(لُدِغْتُ) بِصِيغَةِ الْمَجْهُولِ (مَاذَا) أَيْ مَا لَدَغَكَ (التَّامَّاتِ) قَالَ فِي النِّهَايَةِ إِنَّمَا وَصَفَهَا بِالتَّمَامِ لِأَنَّهُ لَا يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ فِي شَيْءٍ مِنْ كَلَامِهِ نَقْصٌ أَوْ عَيْبٌ كَمَا يَكُونُ فِي كَلَامِ النَّاسِ
قَالَ الْمُنْذِرِيُّ وَأَخْرَجَهُ النَّسَائِيُّ كذلك
وأخرجه أيضا مرسلا وأخرجه النسائي وبن مَاجَهْ مِنْ حَدِيثِ الْقَعْقَاعِ بْنِ حَكِيمٍ وَيَعْقُوبَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْأَشَجِّ عَنْ أَبِي صالح عن أبي هريرة انتهى
[3899]
(يعنى بن مُخَاشَنٍ) بِضَمِّ الْمِيمِ وَبَعْدَهَا خَاءٌ مُعْجَمَةٌ مَفْتُوحَةٌ وَبَعْدَ الْأَلِفِ شِينٌ مُعْجَمَةٌ وَنُونٌ
قَالَ الْمُنْذِرِيُّ وَأَخْرَجَهُ النَّسَائِيُّ وَفِي إِسْنَادِهِ بَقِيَّةُ بْنُ الْوَلِيدِ وَفِيهِ مَقَالٌ وَأَخْرَجَهُ النَّسَائِيُّ بِإِسْنَادٍ حَسَنٍ لَيْسَ فِيهِ بَقِيَّةُ بْنُ الْوَلِيدِ
وَأَخْرَجَهُ مِنْ حَدِيثِ الزُّهْرِيِّ قَالَ بَلَغَنَا أَبَا هُرَيْرَةَ وَلَمْ يَذْكُرْ فِيهِ طَارِقًا
[3900]
(عَنْ أَبِي بِشْرٍ) بِكَسْرِ الْمُوَحَّدَةِ هُوَ جَعْفَرُ بْنُ أَبِي وَحْشِيَّةَ (عَنْ أَبِي الْمُتَوَكِّلِ) عَلِيِّ بْنِ دَاوُدَ
(أن رهطا من أصحاب النبي) كَانُوا فِي سَرِيَّةٍ وَكَانُوا ثَلَاثِينَ رَجُلًا كَمَا في رواية الترمذي وبن مَاجَهْ (بِحَيٍّ مِنْ أَحْيَاءِ الْعَرَبِ) فَاسْتَضَافُوهُمْ فَلَمْ يُضَيِّفُوهُمْ فَبَيْنَمَا هُمْ كَذَلِكَ (فَقَالَ بَعْضُهُمْ) أَيْ مِنْ ذَلِكَ الْحَيِّ (إِنَّ سَيِّدَنَا لُدِغَ) بِصِيغَةِ الْمَجْهُولِ أَيْ ضَرَبَتْهُ الْعَقْرَبُ بِذَنَبِهَا (فَقَالَ رَجُلٌ مِنَ الْقَوْمِ) هُوَ أَبُو سَعِيدٍ الْخُدْرِيُّ أَبْهَمَ نَفْسَهُ فِي هَذِهِ الرِّوَايَةِ (اسْتَضَفْنَاكُمْ) أَيْ طَلَبْنَا مِنْكُمُ الضِّيَافَةَ (فَأَبَيْتُمْ) أَيِ امْتَنَعْتُمْ (أَنْ تُضَيِّفُونَا) مِنَ التَّفْعِيلِ (تَجْعَلُوا لِي جُعْلًا) بِضَمِّ الْجِيمِ وَسُكُونِ الْعَيْنِ الْمُهْمَلَةِ أَجْرًا عَلَى ذَلِكَ قَالَهُ الْقَسْطَلَّانِيُّ
وَفِي الْكِرْمَانِيِّ الْجُعْلُ بِضَمِّ الْجِيمِ مَا يُجْعَلُ لِلْإِنْسَانِ مِنَ الْمَالِ عَلَى فِعْلٍ (قَطِيعًا) أَيْ طَائِفَةً (مِنَ الشَّاءِ) جَمْعُ شَاةٍ وَكَانَتْ ثَلَاثِينَ رَأْسًا (وَيَتْفُلُ) وَفِي رِوَايَةٍ لِلْبُخَارِيِّ وَيَجْمَعُ بُزَاقَهُ أَيْ فِي فِيهِ وَيَتْفُلُ (حَتَّى بَرَأَ) سَيِّدُ أُولَئِكَ (كَأَنَّمَا أُنْشِطَ مِنْ عِقَالٍ) أَيْ أُخْرِجَ مِنْ قَيْدٍ (فَأَوْفَاهُمْ) أَيْ أَوْفَى ذَلِكَ الْحَيُّ لِلصَّحَابَةِ (جُعْلَهُمْ) بِضَمِّ الْجِيمِ هُوَ الْمَفْعُولُ الثَّانِي لِأَوْفَى (الَّذِي صَالَحُوهُمْ عَلَيْهِ) وَهُوَ ثَلَاثُونَ رَأْسًا مِنَ الشَّاءِ (فَقَالُوا) أَيْ بَعْضُ الصَّحَابَةِ لِبَعْضِهِمُ (اقْتَسِمُوا) الشَّاءَ (فَقَالَ الَّذِي رَقَى) هُوَ أَبُو سَعِيدٍ (مِنْ أَيْنَ عَلِمْتُمْ) وَفِي رِوَايَةِ الْبُخَارِيِّ وَمَا أَدْرَاكَ (أَنَّهَا) أَيْ فَاتِحَةَ الْكِتَابِ (أَحْسَنْتُمْ) وَعِنْدَ الْبُخَارِيِّ خُذُوهَا (مَعَكُمْ بِسَهْمٍ) كَأَنَّهُ أَرَادَ الْمُبَالَغَةَ فِي تَصْوِيبِهِ إِيَّاهُمْ
وَفِيهِ جَوَازُ الرُّقْيَةِ وَبِهِ قَالَتِ الْأَئِمَّةُ الْأَرْبَعَةُ وَفِيهِ جَوَازُ أَخْذِ الْأُجْرَةِ قَالَهُ الْعَيْنِيُّ
قَالَ الْمُنْذِرِيُّ وَأَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ وَالتِّرْمِذِيُّ وَالنَّسَائِيُّ وبن ماجه
[3901]
(مَعْتُوهًا) أَيْ مَجْنُونًا (فَكَأَنَّمَا نُشِطَ) بِضَمِّ النُّونِ وَكَسْرِ الْمُعْجَمَةِ
قَالَ الْخَطَّابِيُّ وَهُوَ لُغَةٌ وَالْمَشْهُورُ نُشِطَ إِذَا عُقِدَ وَأُنْشِطَ إِذَا حُلَّ وَعِنْدَ الْهَرَوِيِّ أُنْشِطَ مِنْ عِقَالٍ
وَقِيلَ مَعْنَاهُ أُقِيمَ بِسُرْعَةٍ وَمِنْهُ يُقَالُ رَجُلٌ نَشِيطٌ قَالَهُ الْعَيْنِيُّ
وَهَذِهِ الْقِصَّةُ الَّتِي فِي حَدِيثِ عَمِّ خَارِجَةَ هِيَ غَيْرُ الْقِصَّةِ الَّتِي فِي حَدِيثِ أَبِي سَعِيدٍ لِأَنَّ الَّذِي فِي السَّابِقَةِ أَنَّهُ مَجْنُونٌ وَالرَّاقِي لَهُ عَمُّ خَارِجَةَ وَفِي الثَّانِيَةِ أَنَّهُ لُدِغَ وَالرَّاقِي لَهُ أَبُو سَعِيدٍ وَاللَّهُ أَعْلَمُ
وَتَقَدَّمَ حَدِيثُ عَمِّ خَارِجَةَ
[3902]
(وَيَنْفُثُ) بِضَمِّ الْفَاءِ وَكَسْرِهَا بَعْدَهَا مُثَلَّثَةٌ أَيْ يَنْفُخُ نَفْخًا لَطِيفًا أَقَلَّ مِنَ التَّفْلِ (رَجَاءَ بَرَكَتِهَا) أَيْ بَرَكَةَ يَدِهِ أَوْ بَرَكَةَ الْقِرَاءَةِ
وَفِي صَحِيحِ الْبُخَارِيِّ قَالَ مَعْمَرٌ فَسَأَلْتُ الزُّهْرِيَّ كَيْفَ يَنْفُثُ قَالَ كَانَ يَنْفُثُ عَلَى يَدَيْهِ ثُمَّ يَمْسَحُ بِهِمَا وَجْهَهُ
قَالَ الْقَسْطَلَّانِيُّ وَفِيهِ جَوَازُ الرُّقْيَةِ لَكِنْ بشروط أَنْ تَكُونَ بِكَلَامِ اللَّهِ تَعَالَى أَوْ بِأَسْمَائِهِ وَصِفَاتِهِ وَبِاللِّسَانِ الْعَرَبِيِّ أَوْ بِمَا يُعْرَفُ مَعْنَاهُ مِنْ غَيْرِهِ وَأَنْ يَعْتَقِدَ أَنَّ الرُّقْيَةَ غَيْرُ مُؤَثِّرَةٍ بِنَفْسِهَا بَلْ بِتَقْدِيرِ اللَّهِ عز وجل
وَقَالَ الشَّافِعِيُّ لَا بَأْسَ أَنْ يَرْقِيَ بِكِتَابِ اللَّهِ وَبِمَا يُعْرَفُ مِنْ ذِكْرِ اللَّهِ
قَالَ الرَّبِيعُ قُلْتُ لِلشَّافِعِيِّ أَيَرْقِي أَهْلُ الْكِتَابِ الْمُسْلِمِينَ قَالَ نَعَمْ إِذَا رَقَوْا بِمَا يُعْرَفُ مِنْ كِتَابِ اللَّهِ وَذِكْرِ اللَّهِ
وَفِي الْمُوَطَّأِ أَنَّ أَبَا بَكْرٍ قَالَ لِلْيَهُودِيَّةِ الَّتِي كَانَتْ تَرْقِي عائشة ارقيها بكتاب الله
وروى بن وَهْبٍ عَنْ مَالِكٍ كَرَاهِيَةَ الرُّقْيَةِ بِالْحَدِيدَةِ وَالْمِلْحِ وَعُقَدِ الْخَيْطِ وَالَّذِي يَكْتُبُ خَاتَمَ سُلَيْمَانَ وَقَالَ لَمْ يَكُنْ ذَلِكَ مِنْ أَمْرِ النَّاسِ الْقَدِيمِ
قال المنذري وأخرجه البخاري ومسلم والنسائي وبن ماجه