المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌(باب ما جاء في إجابة الدعوة) - عون المعبود وحاشية ابن القيم - جـ ١٠

[العظيم آبادي، شرف الحق]

فهرس الكتاب

- ‌(بَاب فِي الشَّهَادَاتِ)

- ‌(باب في الرجل يعين على خصومه)

- ‌(بَاب فِي شَهَادَةِ الزُّورِ)

- ‌(بَاب مَنْ تُرَدُّ شَهَادَتُهُ)

- ‌(بَاب شَهَادَةِ الْبَدَوِيِّ عَلَى أَهْلِ الْأَمْصَارِ)

- ‌(بَاب الشهادة على الرَّضَاعِ)

- ‌(بَاب شَهَادَةِ أَهْلِ الذمة والوصية فِي السَّفَرِ)

- ‌ باب إذا علم الحاكم صدق شهادة الواحد)

- ‌(بَاب الْقَضَاءِ بِالْيَمِينِ وَالشَّاهِدِ)

- ‌(باب الرجلان يدعيان شيئا وليس بينهما بَيِّنَةٌ)

- ‌(بَاب الْيَمِينِ عَلَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ)

- ‌(بَاب كَيْفَ الْيَمِينُ)

- ‌(بَاب إِذَا كَانَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ ذِمِّيًّا أَيَحْلِفُ)

- ‌(باب الرجل الْمُدَّعَى عَلَيْهِ)

- ‌(باب الذمي كيف يستحلف)

- ‌ بَابُ الرَّجُلِ يَحْلِفُ عَلَى حَقِّهِ)

- ‌(باب في الدين هل يحبس به)

- ‌ بَابٌ فِي الْوَكَالَةِ)

- ‌(باب في الْقَضَاءِ)

- ‌24 - كتاب العلم

- ‌(باب في فضل الْعِلْمِ)

- ‌(بَاب رِوَايَةِ حَدِيثِ أَهْلِ الْكِتَابِ)

- ‌(باب كتابة الْعِلْمِ)

- ‌ باب التَّشْدِيدِ فِي الْكَذِبِ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ)

- ‌(باب الكلام في كتاب الله بلا عِلْمٍ)

- ‌ بَاب تَكْرِيرِ الْحَدِيثِ)

- ‌(بَاب فِي سَرْدِ الْحَدِيثِ)

- ‌ باب التوقي)

- ‌(بَاب كَرَاهِيَةِ مَنْعِ الْعِلْمِ)

- ‌ بَاب فَضْلِ نَشْرِ الْعِلْمِ)

- ‌(بَاب الْحَدِيثِ عَنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ)

- ‌(بَاب فِي طَلَبِ الْعِلْمِ لغير الله)

- ‌(بَاب فِي الْقَصَصِ)

- ‌25 - كتاب الأشربة

- ‌(باب تَحْرِيمِ الْخَمْرِ)

- ‌(باب العصير لِلْخَمْرِ)

- ‌(بَاب مَا جَاءَ فِي الْخَمْرِ)

- ‌(بَاب الخمر مما هي)

- ‌(باب ما جاء في السكر)

- ‌(بَاب فِي الدَّاذِيِّ)

- ‌ بَاب فِي الْأَوْعِيَةِ)

- ‌(بَاب فِي الْخَلِيطَيْنِ)

- ‌(بَاب فِي نَبِيذِ الْبُسْرِ)

- ‌(بَابٌ فِي صِفَةِ النَّبِيذِ)

- ‌(بَاب فِي شَرَابِ الْعَسَلِ)

- ‌(بَاب فِي النَّبِيذِ إِذَا غلا)

- ‌(بَاب فِي الشُّرْبِ قَائِمًا)

- ‌(بَاب الشَّرَابِ مِنْ فِي السِّقَاءِ أَيْ مِنْ فَمِ السِّقَاءِ)

- ‌(بَابٌ فِي اخْتِنَاثِ الْأَسْقِيَةِ)

- ‌ بَابٌ فِي الشُّرْبِ مِنْ ثُلْمَةِ الْقَدَحِ)

- ‌(بَاب فِي الشُّرْبِ فِي آنِيَةِ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ)

- ‌(بَاب فِي الْكَرْعِ)

- ‌(بَاب فِي السَّاقِي مَتَى يَشْرَبُ)

- ‌(بَاب فِي النَّفْخِ في الشراب)

- ‌(بَاب مَا يَقُولُ إِذَا شَرِبَ اللَّبَنَ)

- ‌(بَاب فِي إِيكَاءِ الْآنِيَةِ)

- ‌26 - كِتَاب الْأَطْعِمَةِ

- ‌(بَاب مَا جَاءَ فِي إِجَابَةِ الدَّعْوَةِ)

- ‌(بَاب فِي اسْتِحْبَابِ الْوَلِيمَةِ عِنْدَ النِّكَاحِ)

- ‌(بَاب فِي كَمْ تُسْتَحَبُّ الْوَلِيمَةُ أَيْ فِي كَمْ يَوْمًا)

- ‌(بَاب الْإِطْعَامِ عِنْدَ الْقُدُومِ مِنْ السَّفَرِ)

- ‌ بَاب مَا جَاءَ فِي الضِّيَافَةِ)

- ‌ باب نسخ الضيف)

- ‌(بَاب فِي طَعَامِ الْمُتَبَارِيَيْنِ)

- ‌ بَاب إِجَابَةِ الدَّعْوَةِ إِذَا حَضَرَهَا مَكْرُوهٌ)

- ‌ بَاب إِذَا اجْتَمَعَ الداعيان أَيُّهُمَا أَحَقُّ)

- ‌ باب إذا حضر الصَّلَاةُ وَالْعَشَاءُ بِفَتْحِ الْعَيْنِ طَعَامُ آخِرِ النَّهَارِ)

- ‌(بَاب فِي غَسْلِ الْيَدَيْنِ عِنْدَ الطَّعَامِ)

- ‌(بَابٌ فِي غَسْلِ الْيَدِ قَبْلَ الطَّعَامِ)

- ‌(بَابٌ فِي طَعَامِ الْفَجْأَةِ)

- ‌(بَاب فِي كَرَاهِيَةِ ذَمِّ الطَّعَامِ)

- ‌(بَاب فِي الِاجْتِمَاعِ عَلَى الطَّعَامِ)

- ‌(بَاب التَّسْمِيَةِ عَلَى الطَّعَامِ)

- ‌(باب فِي الْأَكْلِ مُتَّكِئًا)

- ‌(باب في الأكل من أعلى الصحفة)

- ‌(باب الْجُلُوسِ عَلَى مَائِدَةٍ عَلَيْهَا بَعْضُ مَا يُكْرَهُ)

- ‌ بَاب الْأَكْلِ بِالْيَمِينِ)

- ‌(بَاب فِي أَكْلِ اللَّحْمِ)

- ‌(بَاب فِي أَكْلِ الدُّبَّاءِ)

- ‌(بَاب فِي أَكْلِ الثَّرِيدِ)

- ‌(بَاب كَرَاهِيَةِ التَّقَذُّرِ لِلطَّعَامِ)

- ‌(بَاب النَّهْيِ عَنْ أَكْلِ الْجَلَّالَةِ وَأَلْبَانِهَا)

- ‌(بَاب فِي آكِلِ لُحُومِ الْخَيْلِ)

- ‌(بَاب فِي أَكْلِ الْأَرْنَبِ)

- ‌(بَاب فِي أَكْلِ الضَّبِّ)

- ‌(بَاب فِي أَكْلِ لَحْمِ الْحُبَارَى)

- ‌ بَابٌ فِي أَكْلِ حَشَرَاتِ الْأَرْضِ)

- ‌(بَاب فِي أَكْلِ الضَّبُعِ)

- ‌(بَاب مَا جَاءَ في أَكْلِ السِّبَاعِ)

- ‌(بَاب في أكل لحوم الحمر الأهلية)

- ‌(بَاب فِي أَكْلِ الْجَرَادِ)

- ‌(بَاب فِي أَكْلِ الطَّافِي مَنْ السَّمَكِ)

- ‌(باب فيمن اضطر إِلَى الْمَيْتَةِ)

- ‌(بَاب فِي الْجَمْعِ بَيْنَ لَوْنَيْنِ مِنْ الطَّعَامِ)

- ‌(باب في أَكْلِ الْجُبْنِ)

- ‌ بَاب فِي الْخَلِّ)

- ‌(بَاب فِي أَكْلِ الثُّومِ)

- ‌(بَاب فِي التَّمْرِ)

- ‌(باب في تفتيش التمر المسوس عند الأكل)

- ‌ بَابُ الْإِقْرَانِ فِي التَّمْرِ عَنْدَ الْأَكْلِ)

- ‌(باب في الجمع بين اللونين عند الْأَكْلِ)

- ‌(باب في استعمال آنِيَةِ أَهْلِ الْكِتَابِ)

- ‌(بَاب فِي دَوَابِّ الْبَحْرِ جَمْعُ دَابَّةٍ)

- ‌ بَاب فِي الْفَأْرَةِ تَقَعُ فِي السَّمْنِ)

- ‌(بَاب فِي الذُّبَابِ يَقَعُ فِي الطَّعَامِ)

- ‌ بَاب فِي اللُّقْمَةِ تَسْقُطُ)

- ‌(بَاب فِي الْخَادِمِ يَأْكُلُ مَعَ الْمَوْلَى)

- ‌(بَاب فِي الْمِنْدِيلَ)

- ‌(باب ما يقول إِذَا طَعِمَ)

- ‌(بَاب فِي غَسْلِ الْيَدِ مِنْ الطَّعَامِ)

- ‌(باب فِي الدُّعَاءِ لِرَبِّ الطَّعَامِ إِذَا أُكِلَ عِنْدَهُ)

- ‌27 - كِتَابِ الطِّبِّ

- ‌ باب الرجل يتداوى)

- ‌ بَاب فِي الْحِمْيَةِ)

- ‌ باب الْحِجَامَةِ)

- ‌ بَاب فِي مَوْضِعِ الْحِجَامَةِ)

- ‌(باب متى تستحب الحجامة)

- ‌(باب في قطع العرق)

- ‌(بَاب فِي الْكَيِّ)

- ‌ بَاب فِي السَّعُوطِ)

- ‌ بَاب فِي النُّشْرَةِ)

- ‌ بَاب فِي التِّرْيَاقِ)

- ‌(بَاب فِي الْأَدْوِيَةِ الْمَكْرُوهَةِ)

- ‌(بَاب فِي تَمْرَةِ الْعَجْوَةِ)

- ‌(بَابٌ فِي الْعِلَاقِ)

- ‌(باب في الكحل)

- ‌(بَاب مَا جَاءَ فِي الْعَيْنِ)

- ‌(بَاب فِي الْغَيْلِ)

- ‌(بَاب فِي تَعْلِيقِ التَّمَائِمِ)

- ‌(باب فِي الرُّقَى)

- ‌ بَاب كَيْفَ الرُّقَى)

- ‌(بَاب فِي السُّمْنَةِ)

- ‌ كِتَابُ الْكَهَانَةِ وَالتَّطَيُّرِ)

- ‌(باب في الكهانة)

- ‌(بَاب فِي النُّجُومِ)

- ‌(بَاب فِي الْخَطِّ وَزَجْرِ الطَّيْرِ)

- ‌(بَاب فِي الطِّيَرَةِ)

- ‌28 - كِتَابِ الْعِتْقِ

- ‌(بَابٌ فِي الْمُكَاتَبِ)

- ‌ بَابٌ في بيع المكاتب)

- ‌ بَابٌ فِي الْعِتْقِ)

- ‌ بَاب فيمن أعتق نصيبا له عن مَمْلُوكٍ)

- ‌ بَابُ مَنْ ذَكَرَ السِّعَايَةَ)

- ‌ بَابٌ فِيمَنْ رَوَى)

- ‌(بَاب فِيمَنْ مَلَكَ ذَا رَحِمٍ مَحْرَمٍ)

- ‌(بَابٌ فِي عِتْقِ أُمَّهَاتِ الْأَوْلَادِ)

- ‌(بَاب فِي بَيْعِ الْمُدْبِرِ)

- ‌(بَابٌ فِيمَنْ أَعْتَقَ عَبِيدًا له)

- ‌(باب من أَعْتَقَ عَبْدًا وَلَهُ مَالٌ)

- ‌(باب في عتق ولد الزنى)

- ‌(بَاب فِي ثَوَابِ الْعِتْقِ)

- ‌(بَاب أَيُّ الرِّقَابِ)

- ‌(بَاب فِي فَضْلِ الْعِتْقِ فِي الصِّحَّةِ)

الفصل: ‌(باب ما جاء في إجابة الدعوة)

‌26 - كِتَاب الْأَطْعِمَةِ

(بَاب مَا جَاءَ فِي إِجَابَةِ الدَّعْوَةِ)

[3736]

(إِذَا دُعِيَ) بِصِيغَةِ الْمَجْهُولِ (أَحَدُكُمْ إِلَى الْوَلِيمَةِ) هِيَ الطَّعَامُ الَّذِي يُصْنَعُ عِنْدَ الْعُرْسِ (فَلْيَأْتِهَا) أَيْ فَلْيَأْتِ مَكَانَهَا

وَالتَّقْدِيرُ إِذَا دُعِيَ إِلَى مَكَانِ وَلِيمَةٍ فَلْيَأْتِهَا وَلَا يَضُرُّ إِعَادَةُ الضَّمِيرِ مُؤَنَّثًا

قَالَهُ الْحَافِظُ

قَالَ النَّوَوِيُّ فِي الْحَدِيثِ الْأَمْرُ بِحُضُورِهَا وَلَا خِلَافَ فِي أَنَّهُ مَأْمُورٌ بِهِ وَلَكِنْ هَلْ هُوَ أَمْرُ إِيجَابٍ أَوْ نَدْبٍ فِيهِ خِلَافٌ الْأَصَحُّ فِي مَذْهَبِنَا أَنَّهُ فَرْضُ عَيْنٍ عَلَى كُلِّ مَنْ دُعِيَ لَكِنْ يَسْقُطُ بِأَعْذَارٍ سَنَذْكُرُهَا وَالثَّانِي أَنَّهُ فَرْضُ كِفَايَةٍ وَالثَّالِثُ مَنْدُوبٌ

هَذَا مَذْهَبُنَا فِي وَلِيمَةِ الْعُرْسِ

وَأَمَّا غَيْرُهَا فَفِيهَا وَجْهَانِ لِأَصْحَابِنَا أَحَدُهُمَا أَنَّهَا كَوَلِيمَةِ الْعُرْسِ وَالثَّانِي أَنَّ الْإِجَابَةَ إِلَيْهَا نَدْبٌ وَإِنْ كَانَتْ فِي الْعُرْسِ وَاجِبَةً

وَنَقَلَ الْقَاضِي اتِّفَاقَ الْعُلَمَاءِ عَلَى وُجُوبِ الْإِجَابَةِ فِي وَلِيمَةِ الْعُرْسِ قَالَ وَاخْتَلَفُوا فِيمَا سِوَاهَا فَقَالَ مَالِكٌ وَالْجُمْهُورُ لَا تَجِبُ الْإِجَابَةُ إِلَيْهَا وَقَالَ أَهْلُ الظَّاهِرِ تَجِبُ الْإِجَابَةُ إِلَى كُلِّ دَعْوَةٍ مِنْ عُرْسٍ وَغَيْرِهِ وَبِهِ قَالَ بَعْضُ السَّلَفِ

وَأَمَّا الْأَعْذَارُ الَّتِي يَسْقُطُ بِهَا وُجُوبُ إِجَابَةِ الدَّعْوَةِ أَوْ نَدْبُهَا فَمِنْهَا أَنْ يَكُونَ فِي الطَّعَامِ شُبْهَةٌ أَوْ يُخَصَّ بِهَا الْأَغْنِيَاءُ أَوْ يَكُونَ هُنَاكَ مَنْ يَتَأَذَّى بِحُضُورِهِ مَعَهُ أَوْ لَا تَلِيقُ بِهِ مُجَالَسَتُهُ أَوْ يَدْعُوهُ لِخَوْفِ شَرِّهِ أَوْ لِطَمَعٍ فِي جَاهِهِ أَوْ لِيُعَاوِنَهُ عَلَى بَاطِلٍ وَأَنْ لَا يَكُونَ هُنَاكَ مُنْكَرٌ مِنْ خَمْرٍ أَوْ لَهْوٍ أَوْ فُرُشٍ حَرِيرٍ أَوْ صُوَرِ حَيَوَانٍ غَيْرِ مَفْرُوشَةٍ أَوْ آنِيَةِ ذَهَبٍ أَوْ فِضَّةٍ

فَكُلُّ هَذِهِ أَعْذَارٌ فِي تَرْكِ الْإِجَابَةِ وَمِنَ الْأَعْذَارِ أَنْ يَعْتَذِرَ إِلَى الدَّاعِي فَيَتْرُكَهُ وَلَوْ دَعَاهُ ذِمِّيٌّ لَمْ تَجِبْ إِجَابَتُهُ عَلَى الْأَصَحِّ

ص: 145

وَلَوْ كَانَتِ الدَّعْوَةُ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ فَالْأَوَّلُ تَجِبُ الْإِجَابَةُ فِيهِ وَالثَّانِي تُسْتَحَبُّ وَالثَّالِثُ تُكْرَهُ انْتَهَى

قَالَ الْمُنْذِرِيُّ وَأَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ وَالنَّسَائِيُّ

[3737]

(بِمَعْنَاهُ) أَيْ بِمَعْنَى الْحَدِيثِ الْمَذْكُورِ (زَادَ) أَيْ عُبَيْدُ اللَّهِ الرَّاوِي عَنْ نَافِعٍ (فَإِنْ كَانَ) أَيِ الْمَدْعُوُّ (مُفْطِرًا فَلْيَطْعَمْ) ظَاهِرُهُ وُجُوبُ الْأَكْلِ عَلَى الْمَدْعُوِّ وَقَدِ اخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِي ذَلِكَ وَالْأَصَحُّ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ أَنَّهُ لَا يَجِبُ الْأَكْلُ فِي طَعَامِ الْوَلِيمَةِ وَلَا غَيْرِهَا

وَقِيلَ يَجِبُ لِظَاهِرِ الْأَمْرِ وَأَقَلُّهُ لُقْمَةٌ

وَقَالَ مَنْ لَمْ يُوجِبِ الْأَكْلَ الْأَمْرُ لِلنَّدَبِ وَالْقَرِينَةُ الصَّارِفَةُ إِلَيْهِ حَدِيثُ جَابِرٍ الْآتِي فِي هَذَا الْبَابِ (وَإِنْ كَانَ صَائِمًا فَلْيَدْعُ) أَيْ لِأَهْلِ الطَّعَامِ بِالْمَغْفِرَةِ وَالْبَرَكَةِ

وَفِيهِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّهُ يَجِبُ الْحُضُورُ عَلَى الصَّائِمِ وَلَا يَجِبُ عَلَيْهِ الْأَكْلُ

قَالَ النَّوَوِيُّ لَا خِلَافَ أَنَّهُ لَا يَجِبُ عَلَيْهِ الْأَكْلُ لَكِنْ إِنْ كَانَ صَوْمُهُ فَرْضًا لَمْ يَجُزْ لَهُ الْأَكْلُ لِأَنَّ الْفَرْضَ لَا يَجُوزُ الْخُرُوجُ مِنْهُ وَإِنْ كَانَ نَفْلًا جَازَ الْفِطْرُ وَتَرْكُهُ فَإِنْ كَانَ يَشُقُّ عَلَى صَاحِبِ الطَّعَامِ صَوْمُهُ فَالْأَفْضَلُ الْفِطْرُ وَإِلَّا فَإِتْمَامُ الصَّوْمِ

قَالَ الْمُنْذِرِيُّ وأخرجه مسلم وبن مَاجَهْ وَفِي حَدِيثِهِمَا وَلِيمَةِ عُرْسٍ وَلَيْسَ فِي حَدِيثِهِمَا الزِّيَادَةُ

[3738]

(إِذَا دَعَا أَحَدُكُمْ أَخَاهُ فَلْيُجِبْ) أَيْ أَخُوهُ الْمَدْعُوُّ دَعْوَةَ أَخِيهِ الدَّاعِي (عُرْسًا) بِضَمِّ الْعَيْنِ الْمُهْمَلَةِ وَإِسْكَانِ الرَّاءِ وَضَمِّهَا لُغَتَانِ مَشْهُورَتَانِ (كَانَ أَوْ نَحْوَهُ) كَالْعَقِيقَةِ

وَقَدِ احْتَجَّ بِهَذَا مَنْ ذَهَبَ إِلَى أَنَّهُ يَجِبُ الْإِجَابَةُ إلى الدعوة مطلقا

وزعم بن حَزْمٍ أَنَّهُ قَوْلُ جُمْهُورِ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ

وَمِنْهُمْ مَنْ فَرَّقَ بَيْنَ وَلِيمَةِ الْعُرْسِ وَغَيْرِهَا كَمَا تقدم

قال المنذري وأخرجه مسلم

ص: 146

[3739]

(حدثنا بن الْمُصَفَّى) هُوَ مُحَمَّدُ بْنُ الْمُصَفَّى بْنِ بُهْلُولٍ الْقُرَشِيُّ صَدُوقٌ لَهُ أَوْهَامٌ وَكَانَ يُدَلِّسُ (أَخْبَرَنَا الزُّبَيْدِيُّ) بَالزَّايِ وَالْمُوَحَّدَةِ مُصَغَّرًا هُوَ مُحَمَّدُ بْنُ الْوَلِيدِ بْنِ عَامِرٍ الزُّبَيْدِيُّ ثِقَةٌ ثَبْتٌ (بِإِسْنَادِ أَيُّوبَ وَمَعْنَاهُ) أَيْ مَعْنَى حَدِيثِهِ

[3740]

(فَإِنْ شَاءَ طَعِمَ) بِفَتْحِ الطَّاءِ وَكَسْرِ الْعَيْنِ أَيْ أَكَلَ (وَإِنْ شَاءَ تَرَكَ) فِيهِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ نَفْسَ الْأَكْلِ لَا يَجِبُ عَلَى الْمَدْعُوِّ فِي عُرْسٍ أَوْ غَيْرِهِ وَإِنَّمَا الْوَاجِبُ الْحُضُورُ وَهُوَ مُسْتَنَدُ مَنْ لَمْ يُوجِبِ الْأَكْلَ عَلَى الْمَدْعُوِّ وَقَالَ الْأَمْرُ فِي قَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم فَإِنْ كَانَ مُفْطِرًا فَلْيَطْعَمْ لِلنَّدْبِ

قَالَ المنذري وأخرجه مسلم والنسائي وبن مَاجَهْ

[3741]

(أَخْبَرَنَا دُرُسْتُ) بِضَمِّ الدَّالِ وَالرَّاءِ الْمُهْمَلَتَيْنِ وَسُكُونِ السِّينِ الْمُهْمَلَةِ بَعْدَهَا مُثَنَّاةٌ ضَعِيفٌ مِنَ الثَّامِنَةِ (فَقَدْ عَصَى اللَّهَ وَرَسُولَهُ) احْتَجَّ بِهَذَا مَنْ قَالَ بِوُجُوبِ الْإِجَابَةِ إِلَى الدَّعْوَةِ لِأَنَّ الْعِصْيَانَ لَا يُطْلَقُ إِلَّا عَلَى تَرْكِ الْوَاجِبِ (وَمَنْ دَخَلَ عَلَى غَيْرِ دَعْوَةٍ) أَيْ لِلْمُضِيفِ إِيَّاهُ (دَخَلَ سَارِقًا وَخَرَجَ مُغِيرًا) بِضَمِّ الْمِيمِ وَكَسْرِ الْغَيْنِ الْمُعْجَمَةِ اسْمُ فَاعِلٍ مِنْ أَغَارَ يُغِيرُ إِذَا نَهَبَ مَالَ غَيْرِهِ فَكَأَنَّهُ شَبَّهَ دُخُولَهُ عَلَى الطَّعَامِ الَّذِي لَمْ يُدْعَ إِلَيْهِ بِدُخُولِ السَّارِقِ الَّذِي يَدْخُلُ بِغَيْرِ إِرَادَةِ الْمَالِكِ لِأَنَّهُ اخْتَفَى بَيْنَ الدَّاخِلِينَ وَشَبَّهَ خُرُوجَهُ بِخُرُوجِ مَنْ نَهَبَ قَوْمًا وَخَرَجَ ظَاهِرًا بَعْدَ مَا أَكَلَ بِخِلَافِ الدُّخُولِ فَإِنَّهُ دَخَلَ مُخْتَفِيًا خَوْفًا مِنْ أَنْ يُمْنَعَ وَبَعْدَ الْخُرُوجِ قَدْ قَضَى حَاجَتَهُ فَلَمْ يَبْقَ لَهُ حَاجَةٌ إِلَى التَّسَتُّرِ

وَقَالَ فِي الْمِرْقَاةِ وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ صلى الله عليه وسلم عَلَّمَ أُمَّتَهُ مَكَارِمَ الْأَخْلَاقِ الْبَهِيَّةِ وَنَهَاهُمْ عَنِ الشَّمَائِلِ الدَّنِيَّةِ فَإِنَّ عَدَمَ إِجَابَةِ الدَّعْوَةِ مِنْ غَيْرِ حُصُولِ الْمَعْذِرَةِ يَدُلُّ عَلَى تَكَبُّرِ النَّفْسِ وَالرُّعُونَةِ وَعَدَمِ

ص: 147

الْأُلْفَةِ وَالْمَحَبَّةِ

وَالدُّخُولُ مِنْ غَيْرِ دَعْوَةٍ يُشِيرُ إِلَى حِرْصِ النَّفْسِ وَدَنَاءَةِ الْهِمَّةِ وَحُصُولِ الْمَهَانَةِ وَالْمَذَلَّةِ

فَالْخُلُقُ الْحَسَنُ هُوَ الِاعْتِدَالُ بَيْنَ الْخُلُقَيْنِ الْمَذْمُومَيْنِ انْتَهَى

وَقَالَ الشَّيْخُ عَبْدُ الْحَقِّ الدَّهْلَوِيُّ دَخَلَ سَارِقًا لِدُخُولِهِ بِغَيْرِ إِذْنِ صَاحِبِ الْبَيْتِ فَكَأَنَّهُ دَخَلَ خُفْيَةً وَخَرَجَ مُغِيرًا مِنَ الْإِغَارَةِ إِنْ أَكَلَ أَوْ حَمَلَ شَيْئًا مَعَهُ لِأَنَّهُ لَمَّا كَانَ بِغَيْرِ إِذْنِ الْمَالِكِ كَانَ فِي حُكْمِ الْغَصْبِ وَالْغَارَةِ انْتَهَى

قَالَ الْمُنْذِرِيُّ فِي إِسْنَادِهِ أَبَانُ بْنُ طَارِقٍ الْبَصْرِيُّ سُئِلَ عَنْهُ أَبُو زُرْعَةَ الرَّازِيُّ فَقَالَ شَيْخٌ مَجْهُولٌ وَقَالَ أَبُو أَحْمَدَ بْنُ عَدِيٍّ وَأَبَانُ بْنُ طَارِقٍ لَا يُعْرَفُ إِلَّا بِهَذَا الْحَدِيثِ وَهَذَا الْحَدِيثُ مَعْرُوفٌ بِهِ وَلَيْسَ لَهُ أَنْكَرُ مِنْ هَذَا الْحَدِيثِ

وَفِي إِسْنَادِهِ أَيْضًا دُرُسْتُ بْنُ زِيَادٍ وَلَا يُحْتَجُّ بِحَدِيثِهِ وَيُقَالُ هُوَ دُرُسْتُ بْنُ هَمْزَةَ وَقِيلَ بَلْ هُمَا اثْنَانِ ضَعِيفَانِ [3742] شَرُّ

الطَّعَامِ طَعَامُ الْوَلِيمَةِ يُدْعَى لَهَا الْأَغْنِيَاءُ وَيُتْرَكُ الْمَسَاكِينُ الْجُمْلَةُ صِفَةُ الْوَلِيمَةِ

قَالَ الْقَاضِي وَإِنَّمَا سَمَّاهُ شَرًّا لِمَا ذُكِرَ عَقِيبَهُ فَإِنَّهُ الْغَالِبُ فِيهَا فَكَأَنَّهُ قَالَ شَرُّ الطَّعَامِ طَعَامُ الْوَلِيمَةِ الَّتِي مِنْ شَأْنِهَا هَذَا فَاللَّفْظُ وَإِنْ أُطْلِقَ فَالْمُرَادُ بِهِ التَّقْيِيدُ بِمَا ذُكِرَ عَقِيبَهُ

قَالَ الطِّيبِيُّ اللَّامُ فِي الْوَلِيمَةِ لِلْعَهْدِ الْخَارِجِيِّ وَكَانَ مِنْ عَادَتِهِمْ مُرَاعَاةُ الْأَغْنِيَاءِ فِيهَا فَيَدْعُوا الْأَغْنِيَاءَ وَيَتْرُكُوا الْفُقَرَاءَ

وَقَوْلُهُ يُدْعَى إِلَخْ اسْتِئْنَافُ بَيَانٍ لِكَوْنِهَا شَرَّ الطَّعَامِ (وَمَنْ لَمْ يَأْتِ الدَّعْوَةَ) أَيْ مِنْ غَيْرِ مَعْذِرَةٍ

قَالَ الْمُنْذِرِيُّ وَأَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ وَالنَّسَائِيُّ مَوْقُوفًا أَيْضًا وَأَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ من حديث بن عِيَاضٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ انْتَهَى

قُلْتُ أَخْرَجَ مُسْلِمٌ مِنْ طَرِيقِ ثَابِتِ بْنِ عِيَاضٍ الْأَعْرَجِ أَنَّهُ يُحَدِّثُ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ شَرُّ الطَّعَامِ طَعَامُ الْوَلِيمَةِ يُمْنَعُهَا مَنْ يَأْتِيهَا وَيُدْعَى إِلَيْهَا مَنْ يَأْبَاهَا وَمَنْ لَمْ يُجِبِ الدَّعْوَةَ فَقَدْ عَصَى اللَّهَ عز وجل وَرَسُولَهُ انْتَهَى

وَقَدْ تَقَرَّرَ أَنَّ الْحَدِيثَ إِذَا رُوِيَ مَوْقُوفًا وَمَرْفُوعًا حُكِمَ بِرَفْعِهِ عَلَى الْمَذْهَبِ الصَّحِيحِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ

ص: 148