المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

فهرس الكتاب

- ‌(بَاب فِي الشَّهَادَاتِ)

- ‌(باب في الرجل يعين على خصومه)

- ‌(بَاب فِي شَهَادَةِ الزُّورِ)

- ‌(بَاب مَنْ تُرَدُّ شَهَادَتُهُ)

- ‌(بَاب شَهَادَةِ الْبَدَوِيِّ عَلَى أَهْلِ الْأَمْصَارِ)

- ‌(بَاب الشهادة على الرَّضَاعِ)

- ‌(بَاب شَهَادَةِ أَهْلِ الذمة والوصية فِي السَّفَرِ)

- ‌ باب إذا علم الحاكم صدق شهادة الواحد)

- ‌(بَاب الْقَضَاءِ بِالْيَمِينِ وَالشَّاهِدِ)

- ‌(باب الرجلان يدعيان شيئا وليس بينهما بَيِّنَةٌ)

- ‌(بَاب الْيَمِينِ عَلَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ)

- ‌(بَاب كَيْفَ الْيَمِينُ)

- ‌(بَاب إِذَا كَانَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ ذِمِّيًّا أَيَحْلِفُ)

- ‌(باب الرجل الْمُدَّعَى عَلَيْهِ)

- ‌(باب الذمي كيف يستحلف)

- ‌ بَابُ الرَّجُلِ يَحْلِفُ عَلَى حَقِّهِ)

- ‌(باب في الدين هل يحبس به)

- ‌ بَابٌ فِي الْوَكَالَةِ)

- ‌(باب في الْقَضَاءِ)

- ‌24 - كتاب العلم

- ‌(باب في فضل الْعِلْمِ)

- ‌(بَاب رِوَايَةِ حَدِيثِ أَهْلِ الْكِتَابِ)

- ‌(باب كتابة الْعِلْمِ)

- ‌ باب التَّشْدِيدِ فِي الْكَذِبِ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ)

- ‌(باب الكلام في كتاب الله بلا عِلْمٍ)

- ‌ بَاب تَكْرِيرِ الْحَدِيثِ)

- ‌(بَاب فِي سَرْدِ الْحَدِيثِ)

- ‌ باب التوقي)

- ‌(بَاب كَرَاهِيَةِ مَنْعِ الْعِلْمِ)

- ‌ بَاب فَضْلِ نَشْرِ الْعِلْمِ)

- ‌(بَاب الْحَدِيثِ عَنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ)

- ‌(بَاب فِي طَلَبِ الْعِلْمِ لغير الله)

- ‌(بَاب فِي الْقَصَصِ)

- ‌25 - كتاب الأشربة

- ‌(باب تَحْرِيمِ الْخَمْرِ)

- ‌(باب العصير لِلْخَمْرِ)

- ‌(بَاب مَا جَاءَ فِي الْخَمْرِ)

- ‌(بَاب الخمر مما هي)

- ‌(باب ما جاء في السكر)

- ‌(بَاب فِي الدَّاذِيِّ)

- ‌ بَاب فِي الْأَوْعِيَةِ)

- ‌(بَاب فِي الْخَلِيطَيْنِ)

- ‌(بَاب فِي نَبِيذِ الْبُسْرِ)

- ‌(بَابٌ فِي صِفَةِ النَّبِيذِ)

- ‌(بَاب فِي شَرَابِ الْعَسَلِ)

- ‌(بَاب فِي النَّبِيذِ إِذَا غلا)

- ‌(بَاب فِي الشُّرْبِ قَائِمًا)

- ‌(بَاب الشَّرَابِ مِنْ فِي السِّقَاءِ أَيْ مِنْ فَمِ السِّقَاءِ)

- ‌(بَابٌ فِي اخْتِنَاثِ الْأَسْقِيَةِ)

- ‌ بَابٌ فِي الشُّرْبِ مِنْ ثُلْمَةِ الْقَدَحِ)

- ‌(بَاب فِي الشُّرْبِ فِي آنِيَةِ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ)

- ‌(بَاب فِي الْكَرْعِ)

- ‌(بَاب فِي السَّاقِي مَتَى يَشْرَبُ)

- ‌(بَاب فِي النَّفْخِ في الشراب)

- ‌(بَاب مَا يَقُولُ إِذَا شَرِبَ اللَّبَنَ)

- ‌(بَاب فِي إِيكَاءِ الْآنِيَةِ)

- ‌26 - كِتَاب الْأَطْعِمَةِ

- ‌(بَاب مَا جَاءَ فِي إِجَابَةِ الدَّعْوَةِ)

- ‌(بَاب فِي اسْتِحْبَابِ الْوَلِيمَةِ عِنْدَ النِّكَاحِ)

- ‌(بَاب فِي كَمْ تُسْتَحَبُّ الْوَلِيمَةُ أَيْ فِي كَمْ يَوْمًا)

- ‌(بَاب الْإِطْعَامِ عِنْدَ الْقُدُومِ مِنْ السَّفَرِ)

- ‌ بَاب مَا جَاءَ فِي الضِّيَافَةِ)

- ‌ باب نسخ الضيف)

- ‌(بَاب فِي طَعَامِ الْمُتَبَارِيَيْنِ)

- ‌ بَاب إِجَابَةِ الدَّعْوَةِ إِذَا حَضَرَهَا مَكْرُوهٌ)

- ‌ بَاب إِذَا اجْتَمَعَ الداعيان أَيُّهُمَا أَحَقُّ)

- ‌ باب إذا حضر الصَّلَاةُ وَالْعَشَاءُ بِفَتْحِ الْعَيْنِ طَعَامُ آخِرِ النَّهَارِ)

- ‌(بَاب فِي غَسْلِ الْيَدَيْنِ عِنْدَ الطَّعَامِ)

- ‌(بَابٌ فِي غَسْلِ الْيَدِ قَبْلَ الطَّعَامِ)

- ‌(بَابٌ فِي طَعَامِ الْفَجْأَةِ)

- ‌(بَاب فِي كَرَاهِيَةِ ذَمِّ الطَّعَامِ)

- ‌(بَاب فِي الِاجْتِمَاعِ عَلَى الطَّعَامِ)

- ‌(بَاب التَّسْمِيَةِ عَلَى الطَّعَامِ)

- ‌(باب فِي الْأَكْلِ مُتَّكِئًا)

- ‌(باب في الأكل من أعلى الصحفة)

- ‌(باب الْجُلُوسِ عَلَى مَائِدَةٍ عَلَيْهَا بَعْضُ مَا يُكْرَهُ)

- ‌ بَاب الْأَكْلِ بِالْيَمِينِ)

- ‌(بَاب فِي أَكْلِ اللَّحْمِ)

- ‌(بَاب فِي أَكْلِ الدُّبَّاءِ)

- ‌(بَاب فِي أَكْلِ الثَّرِيدِ)

- ‌(بَاب كَرَاهِيَةِ التَّقَذُّرِ لِلطَّعَامِ)

- ‌(بَاب النَّهْيِ عَنْ أَكْلِ الْجَلَّالَةِ وَأَلْبَانِهَا)

- ‌(بَاب فِي آكِلِ لُحُومِ الْخَيْلِ)

- ‌(بَاب فِي أَكْلِ الْأَرْنَبِ)

- ‌(بَاب فِي أَكْلِ الضَّبِّ)

- ‌(بَاب فِي أَكْلِ لَحْمِ الْحُبَارَى)

- ‌ بَابٌ فِي أَكْلِ حَشَرَاتِ الْأَرْضِ)

- ‌(بَاب فِي أَكْلِ الضَّبُعِ)

- ‌(بَاب مَا جَاءَ في أَكْلِ السِّبَاعِ)

- ‌(بَاب في أكل لحوم الحمر الأهلية)

- ‌(بَاب فِي أَكْلِ الْجَرَادِ)

- ‌(بَاب فِي أَكْلِ الطَّافِي مَنْ السَّمَكِ)

- ‌(باب فيمن اضطر إِلَى الْمَيْتَةِ)

- ‌(بَاب فِي الْجَمْعِ بَيْنَ لَوْنَيْنِ مِنْ الطَّعَامِ)

- ‌(باب في أَكْلِ الْجُبْنِ)

- ‌ بَاب فِي الْخَلِّ)

- ‌(بَاب فِي أَكْلِ الثُّومِ)

- ‌(بَاب فِي التَّمْرِ)

- ‌(باب في تفتيش التمر المسوس عند الأكل)

- ‌ بَابُ الْإِقْرَانِ فِي التَّمْرِ عَنْدَ الْأَكْلِ)

- ‌(باب في الجمع بين اللونين عند الْأَكْلِ)

- ‌(باب في استعمال آنِيَةِ أَهْلِ الْكِتَابِ)

- ‌(بَاب فِي دَوَابِّ الْبَحْرِ جَمْعُ دَابَّةٍ)

- ‌ بَاب فِي الْفَأْرَةِ تَقَعُ فِي السَّمْنِ)

- ‌(بَاب فِي الذُّبَابِ يَقَعُ فِي الطَّعَامِ)

- ‌ بَاب فِي اللُّقْمَةِ تَسْقُطُ)

- ‌(بَاب فِي الْخَادِمِ يَأْكُلُ مَعَ الْمَوْلَى)

- ‌(بَاب فِي الْمِنْدِيلَ)

- ‌(باب ما يقول إِذَا طَعِمَ)

- ‌(بَاب فِي غَسْلِ الْيَدِ مِنْ الطَّعَامِ)

- ‌(باب فِي الدُّعَاءِ لِرَبِّ الطَّعَامِ إِذَا أُكِلَ عِنْدَهُ)

- ‌27 - كِتَابِ الطِّبِّ

- ‌ باب الرجل يتداوى)

- ‌ بَاب فِي الْحِمْيَةِ)

- ‌ باب الْحِجَامَةِ)

- ‌ بَاب فِي مَوْضِعِ الْحِجَامَةِ)

- ‌(باب متى تستحب الحجامة)

- ‌(باب في قطع العرق)

- ‌(بَاب فِي الْكَيِّ)

- ‌ بَاب فِي السَّعُوطِ)

- ‌ بَاب فِي النُّشْرَةِ)

- ‌ بَاب فِي التِّرْيَاقِ)

- ‌(بَاب فِي الْأَدْوِيَةِ الْمَكْرُوهَةِ)

- ‌(بَاب فِي تَمْرَةِ الْعَجْوَةِ)

- ‌(بَابٌ فِي الْعِلَاقِ)

- ‌(باب في الكحل)

- ‌(بَاب مَا جَاءَ فِي الْعَيْنِ)

- ‌(بَاب فِي الْغَيْلِ)

- ‌(بَاب فِي تَعْلِيقِ التَّمَائِمِ)

- ‌(باب فِي الرُّقَى)

- ‌ بَاب كَيْفَ الرُّقَى)

- ‌(بَاب فِي السُّمْنَةِ)

- ‌ كِتَابُ الْكَهَانَةِ وَالتَّطَيُّرِ)

- ‌(باب في الكهانة)

- ‌(بَاب فِي النُّجُومِ)

- ‌(بَاب فِي الْخَطِّ وَزَجْرِ الطَّيْرِ)

- ‌(بَاب فِي الطِّيَرَةِ)

- ‌28 - كِتَابِ الْعِتْقِ

- ‌(بَابٌ فِي الْمُكَاتَبِ)

- ‌ بَابٌ في بيع المكاتب)

- ‌ بَابٌ فِي الْعِتْقِ)

- ‌ بَاب فيمن أعتق نصيبا له عن مَمْلُوكٍ)

- ‌ بَابُ مَنْ ذَكَرَ السِّعَايَةَ)

- ‌ بَابٌ فِيمَنْ رَوَى)

- ‌(بَاب فِيمَنْ مَلَكَ ذَا رَحِمٍ مَحْرَمٍ)

- ‌(بَابٌ فِي عِتْقِ أُمَّهَاتِ الْأَوْلَادِ)

- ‌(بَاب فِي بَيْعِ الْمُدْبِرِ)

- ‌(بَابٌ فِيمَنْ أَعْتَقَ عَبِيدًا له)

- ‌(باب من أَعْتَقَ عَبْدًا وَلَهُ مَالٌ)

- ‌(باب في عتق ولد الزنى)

- ‌(بَاب فِي ثَوَابِ الْعِتْقِ)

- ‌(بَاب أَيُّ الرِّقَابِ)

- ‌(بَاب فِي فَضْلِ الْعِتْقِ فِي الصِّحَّةِ)

الفصل: ‌ باب فيمن روى)

حَدِيثِ جَابِرٍ وَأَخْرَجَهُ الْبَيْهَقِيُّ مِنْ طَرِيقِ خَالِدِ بْنِ أَبِي قِلَابَةَ عَنْ رَجُلٍ مِنْ بَنِي عذرة والله أعلم

([3940]

‌ بَابٌ فِيمَنْ رَوَى)

بِصِيغَةِ الْمَعْرُوفِ (أَنَّهُ) أَيِ الْعَبْدُ (لَا يُسْتَسْعَى) كَمَا هُوَ مَذْهَبُ مَالِكٍ وَالشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ وَأَبِي عُبَيْدٍ وَغَيْرِهِمْ فَإِنَّهُمْ قَالُوا يَنْفُذُ الْعِتْقُ فِي نَصِيبِ الْمُعْتِقِ فَقَطْ وَلَا يُطَالَبُ الْمُعْتِقُ بِشَيْءٍ وَلَا يُسْتَسْعَى الْعَبْدُ بَلْ يَبْقَى نَصِيبُ الشَّرِيكِ رَقِيقًا كَمَا كَانَ وَهَذَا إِذَا كَانَ الْمُعْتِقُ مُعْسِرًا حَالَ الْإِعْتَاقِ

وَهَذَا الْبَابُ هَكَذَا فِي جَمِيعِ النُّسَخِ الصَّحِيحَةِ وَهُوَ الصَّحِيحُ وَفِي نُسْخَةٍ وَاحِدَةٍ بَابٌ فِيمَنْ رَوَى إِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ مَالٌ يُسْتَسْعَى

(أُقِيمَ عَلَيْهِ) وَلَفْظُ الْمُوَطَّأِ قُوِّمَ عَلَيْهِ وَهَكَذَا عِنْدَ الشَّيْخَيْنِ (قِيمَةُ الْعَدْلِ) بِأَنْ لَا يُزَادَ عَلَى قِيمَتِهِ وَلَا يُنْقَصَ عَنْهَا (فَأَعْطَى) بِصِيغَةِ الْمَعْرُوفِ (شُرَكَاءَهُ) بِالنَّصْبِ هَكَذَا رَوَاهُ الْأَكْثَرُ وَلِبَعْضِهِمْ فَأَعْطَى على البناء للمفعول ورفع شركاءه قَالَهُ الْحَافِظُ (حِصَصُهُمْ) أَيْ قِيمَةُ حِصَصِهِمْ فَإِنْ كان الشريك واحدا أعطاء جَمِيعَ الْبَاقِي اتِّفَاقًا فَلَوْ كَانَ مُشْتَرَكًا بَيْنَ ثَلَاثَةٍ فَأَعْتَقَ أَحَدُهُمْ حِصَّتَهُ وَهِيَ الثُّلُثُ وَالثَّانِي حِصَّتَهُ وَهِيَ السُّدُسُ فَهَلْ يُقَوَّمُ عَلَيْهِمَا نَصِيبُ صَاحِبِ النِّصْفِ بِالسَّوِيَّةِ أَوْ عَلَى قَدْرِ الْحِصَصِ الْجُمْهُورُ عَلَى الثَّانِي وَعِنْدَ الْمَالِكِيَّةِ وَالْحَنَابِلَةِ خِلَافٌ كَالْخِلَافِ فِي الشُّفْعَةِ إِذَا كَانَتْ لِاثْنَيْنِ هَلْ يَأْخُذَانِ بِالسَّوِيَّةِ أَوْ عَلَى قَدْرِ الْمِلْكِ (وَأُعْتِقَ) بِضَمِّ الْهَمْزَةِ (عَلَيْهِ الْعَبْدُ) بَعْدَ إِعْطَاءِ الْقِيمَةِ عَلَى ظَاهِرِهِ فَلَوْ أَعْتَقَ الشَّرِيكُ قَبْلَ أَخْذِ الْقِيمَةِ نَفَذَ عِتْقُهُ (وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ مَالٌ (فَقَدْ أُعْتِقَ مِنْهُ مَا أُعْتِقَ) بِضَمِّ الْهَمْزَتَيْنِ فِي الْمَوْضِعَيْنِ أَيْ وَإِنْ لَمْ يَكُنِ الْمُعْتِقُ مُوسِرًا فَقَدْ أَعْتَقَ مِنْهُ حِصَّتَهُ وَهِيَ مَا أَعْتَقَ

قَالَ الْعَيْنِيُّ فِي شَرْحِ الْبُخَارِيِّ احْتَجَّ مَالِكٌ وَالشَّافِعِيُّ بِهَذَا الْحَدِيثِ أَنَّهُ إِذَا كَانَ عَبْدٌ بَيْنَ اثْنَيْنِ فَأَعْتَقَ أَحَدُهُمَا نَصِيبَهُ فَإِنْ كَانَ لَهُ مَالٌ غَرِمَ نَصِيبَ صَاحِبِهِ وَعَتَقَ الْعَبْدُ مِنْ مَالِهِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ مَالٌ عَتَقَ مِنَ الْعَبْدِ مَا عَتَقَ وَلَا يُسْتَسْعَى

قَالَ التِّرْمِذِيُّ وَهَذَا قَوْلُ أَهْلِ الْمَدِينَةِ

وَعِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ أَنَّ شَرِيكَهُ مُخَيَّرٌ إِمَّا أَنَّهُ يُعْتِقُ

ص: 331

نَصِيبَهُ أَوْ يُسْتَسْعَى الْعَبْدُ وَالْوَلَاءُ فِي الْوَجْهَيْنِ لَهُمَا أَوْ يَضْمَنُ الْمُعْتِقُ قِيمَةَ نَصِيبِهِ لَوْ كَانَ مُوسِرًا أَوْ يَرْجِعُ بِالَّذِي ضُمِّنَ عَلَى الْعَبْدِ وَيَكُونُ الْوَلَاءُ لِلْمُعْتِقِ

وَعِنْدَ أَبِي يُوسُفَ وَمُحَمَّدٍ لَيْسَ لَهُ إِلَّا الضَّمَانُ مَعَ الْيَسَارِ أَوِ السِّعَايَةُ مَعَ الْإِعْسَارِ وَلَا يَرْجِعُ الْمُعْتِقُ عَلَى الْعَبْدِ بِشَيْءٍ وَالْوَلَاءُ لِلْمُعْتِقِ فِي الْوَجْهَيْنِ

ثُمَّ قَالَ الْعَيْنِيُّ وَمَذْهَبُ مَالِكٍ أَنَّ الْمُعْتِقَ إِذَا كَانَ مُوسِرًا قُوِّمَ عَلَيْهِ حِصَصُ شُرَكَائِهِ وَأُغْرِمَهَا لَهُمْ وَأُعْتِقَ كُلُّهُ بَعْدَ التَّقْوِيمِ لَا قَبْلَهُ وَإِنْ شَاءَ الشَّرِيكُ أَنْ يُعْتِقَ حِصَّتَهُ فَلَهُ ذَلِكَ وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يُمْسِكَهُ رَقِيقًا وَلَا أَنْ يُكَاتِبَهُ وَلَا أَنْ يُدَبِّرَهُ وَلَا أَنْ يَبِيعَهُ وَإِنْ كَانَ مُعْسِرًا فَقَدْ عَتَقَ مَا أَعْتَقَ وَالْبَاقِي رَقِيقٌ يَبِيعُهُ الَّذِي هُوَ لَهُ إِنْ شَاءَ أَوْ يُمْسِكُهُ رَقِيقًا أَوْ يُكَاتِبُهُ أَوْ يَهَبُهُ أَوْ يُدَبِّرُهُ وَسَوَاءٌ أَيْسَرَ الْمُعْتِقُ بَعْدَ عِتْقِهِ أَوْ لَمْ يُوسِرْ

وَمَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ فِي قَوْلٍ وَأَحْمَدَ وَإِسْحَاقَ أَنَّ الَّذِي أَعْتَقَ إِنْ كَانَ مُوسِرًا قُوِّمَ عَلَيْهِ حِصَّةُ مَنْ شَرَكَهُ وَهُوَ حُرٌّ كُلُّهُ حِينَ أَعْتَقَ الَّذِي أَعْتَقَ نَصِيبَهُ وَلَيْسَ لِمَنْ يُشْرِكُهُ أَنْ يُعْتِقَهُ وَلَا أَنْ يُمْسِكَهُ وَإِنْ كَانَ مُعْسِرًا فَقَدْ عَتَقَ مَا عَتَقَ وَبَقِيَ سَائِرُهُ مَمْلُوكًا يَتَصَرَّفُ فِيهِ مَالِكُهُ كَيْفَ شَاءَ

وَاحْتَجَّ بِهِ أَيْضًا مَالِكٌ وَالثَّوْرِيُّ وَالشَّافِعِيُّ وَغَيْرُهُمْ عَلَى أَنَّ وُجُوبَ الضَّمَانِ عَلَى الْمُوسِرِ خَاصَّةً دُونَ الْمُعْسِرِ يَدُلُّ عَلَيْهِ قَوْلُهُ وَإِلَّا فَقَدْ أَعْتَقَ مِنْهُ مَا أَعْتَقَ

قَالَ الْمُنْذِرِيُّ وَأَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ والنسائي وبن مَاجَهْ

[3941]

(بِمَعْنَاهُ) أَيْ بِمَعْنَى حَدِيثِ مَالِكٍ (عَتَقَ مِنْهُ مَا عَتَقَ) بِفَتْحِ الْعَيْنِ فِي الْمَوْضِعَيْنِ

قَالَ فِي الْمُغْرِبِ وَقَدْ يُقَامُ الْعِتْقُ مَقَامَ الإعتاق

وقال بن الْأَثِيرِ يُقَالُ أَعْتِقُ الْعَبْدَ أَعْتِقُهُ عِتْقًا وَعَتَاقَةً فَهُوَ مُعْتَقٌ وَأَنَا مُعْتِقٌ وَعَتَقَ فَهُوَ عَتِيقٌ أَيْ حَرَّرْتُهُ وَصَارَ حُرًّا

قَالَ الْمُنْذِرِيُّ وَأَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ وَالتِّرْمِذِيُّ وَالنَّسَائِيُّ

ص: 332

[3942]

(قَالَ أَيُّوبُ فَلَا أَدْرِي) قَالَ فِي الْفَتْحِ هَذَا شَكٌّ مِنْ أَيُّوبَ فِي هَذِهِ الزِّيَادَةِ الْمُتَعَلِّقَةِ بِحُكْمِ الْمُعْسِرِ هَلْ هِيَ مَوْصُولَةٌ مَرْفُوعَةٌ أَوْ مُنْقَطِعَةٌ مَقْطُوعَةٌ

وَقَدْ رَوَاهُ عَبْدُ الْوَهَّابِ عَنْ أَيُّوبَ فَقَالَ فِي آخِرِهِ وَرُبَّمَا قَالَ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ مَالٌ فَقَدْ عَتَقَ مِنْهُ مَا عَتَقَ وَرُبَّمَا لَمْ يَقُلْهُ وَأَكْثَرُ ظَنِّي أَنَّهُ شَيْءٌ يَقُولُهُ نَافِعٌ مِنْ قِبَلِهِ أَخْرَجَهُ النَّسَائِيُّ وَقَدْ وَافَقَ أَيُّوبَ عَلَى الشَّكِّ فِي رَفْعِ هَذِهِ الزِّيَادَةِ يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ عَنْ نَافِعٍ أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ وَالنَّسَائِيُّ وَلَفْظُ النَّسَائِيِّ وَكَانَ نَافِعٌ يَقُولُ قَالَ يَحْيَى لَا أَدْرِي أَشَيْءٌ كَانَ مِنْ قِبَلِهِ يَقُولُهُ أَمْ شَيْءٌ فِي الْحَدِيثِ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ عِنْدَهُ فَقَدْ جَازَ مَا صَنَعَ وَرَوَاهَا مِنْ وَجْهٍ آخَرَ عَنْ يَحْيَى فَجَزَمَ بِأَنَّهَا عَنْ نَافِعٍ وَأَدْرَجَهَا فِي الْمَرْفُوعِ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ وَجَزَمَ مُسْلِمٌ بِأَنَّ أَيُّوبَ وَيَحْيَى قَالَا لَا نَدْرِي أَهُوَ فِي الْحَدِيثِ أَوْ شَيْءٌ قَالَهُ نَافِعٌ مِنْ قِبَلِهِ وَلَمْ يُخْتَلَفْ عَنْ مَالِكٍ فِي وَصْلِهَا وَلَا عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ لَكِنِ اخْتُلِفَ عَلَيْهِ فِي إِثْبَاتِهَا وَحَذْفِهَا

قَالَ الْإِسْمَاعِيلِيُّ عَامَّةُ الْكُوفِيِّينَ رَوَوْا عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ حُكْمَ الْمُوسِرِ وَالْمُعْسِرِ مَعًا

وَالْبَصْرِيُّونَ لَمْ يَذْكُرُوا إِلَّا حُكْمَ الْمُوسِرِ فَقَطْ

قَالَ الْحَافِظُ فَمِنَ الْكُوفِيِّينَ أَبُو أُسَامَةَ عند البخاري وبن نُمَيْرٍ عِنْدَ مُسْلِمٍ وَزُهَيْرٌ عِنْدَ النَّسَائِيِّ وَعِيسَى بْنُ يُونُسَ عِنْدَ أَبِي دَاوُدَ وَمُحَمَّدُ بْنُ عُبَيْدٍ عِنْدَ أَبِي عَوَانَةَ وَأَحْمَدَ وَمِنَ الْبَصْرِيِّينَ بِشْرُ بْنُ الْمُفَضَّلِ عِنْدَ الْبُخَارِيِّ وَخَالِدُ بْنُ الْحَارِثِ وَيَحْيَى الْقَطَّانُ عِنْدَ النَّسَائِيِّ وَعَبْدُ الْأَعْلَى فِيمَا ذَكَرَ الْإِسْمَاعِيلِيُّ لَكِنْ رَوَاهُ النَّسَائِيُّ مِنْ طَرِيقِ زَائِدَةَ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ وَقَالَ فِي آخِرِهِ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ مَالٌ عَتَقَ مَعَهُ مَا عَتَقَ وَزَائِدَةُ كُوفِيٌّ لَكِنَّهُ وَافَقَ الْبَصْرِيِّينَ

وَالَّذِينَ أَثْبَتُوهَا حُفَّاظٌ فَإِثْبَاتُهَا عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ مُقَدَّمٌ

وَأَثْبَتَهَا أَيْضًا جَرِيرُ بْنُ حَازِمٍ كَمَا عِنْدَ الْبُخَارِيِّ وَإِسْمَاعِيلُ بْنُ أُمَيَّةَ عِنْدَ الدَّارَقُطْنِيِّ وَقَدْ رَجَّحَ الْأَئِمَّةُ رِوَايَةَ مَنْ أَثْبَتَ هَذِهِ الزِّيَادَةَ مَرْفُوعَةً

قَالَ الشَّافِعِيُّ لَا أَحْسَبُ عَالِمًا بِالْحَدِيثِ يَشُكُّ فِي أَنَّ مَالِكًا أَحْفَظُ لِحَدِيثِ نَافِعٍ مِنْ أَيُّوبَ لِأَنَّهُ كَانَ أَلْزَمَ لَهُ مِنْهُ حَتَّى وَلَوِ اسْتَوَيَا فَشَكَّ أَحَدُهُمَا فِي شَيْءٍ لَمْ يَشُكَّ فِيهِ صَاحِبُهُ كَانَتِ الْحُجَّةُ مَعَ مَنْ لَمْ يَشُكَّ وَيُؤَيِّدُ ذَلِكَ قَوْلُ عُثْمَانَ الدَّارِمِيِّ

قُلْتُ لِابْنِ مَعِينٍ مَالِكٌ فِي نَافِعٍ أَحَبُّ إِلَيْكَ أَوْ أَيُّوبُ قَالَ مَالِكٌ انْتَهَى

[3943]

(شِرْكًا) بِكَسْرِ الْمُعْجَمَةِ وَسُكُونِ الرَّاءِ وَفِي رِوَايَةِ أَيُّوبَ عَنْ نَافِعٍ شِقْصًا وَفِي أخرى

ص: 333

عَنْ أَيُّوبَ أَيْضًا وَكِلَاهُمَا فِي الْبُخَارِيِّ عَنْ نَافِعٍ نَصِيبًا وَالْكُلُّ بِمَعْنًى وَالشِّرْكُ فِي الْأَصْلِ مَصْدَرٌ أُطْلِقَ عَلَى مُتَعَلِّقِهِ وَهُوَ الْعَبْدُ الْمُشْتَرَكُ قَالَهُ الزُّرْقَانِيُّ (فَعَلَيْهِ) أَيْ مَنْ أَعْتَقَ نَصِيبًا لَهُ (عِتْقُهُ) أَيْ عِتْقُ الْمَمْلُوكِ (كُلِّهِ) بِالْجَرِّ لِأَنَّهُ تَأْكِيدٌ لِقَوْلِهِ فِي مَمْلُوكٍ

قَالَهُ الْعَيْنِيُّ (إِنْ كَانَ لَهُ مَا) بِلَا لَامٍ أَيْ شَيْءٌ وَفِي بَعْضِ النُّسَخِ مَالٌ هُوَ مَا يُتَمَوَّلُ وَالْمُرَادُ بِهِ هُنَا مَا يَسَعُ نَصِيبَ الشَّرِيكِ وَيُبَاعُ عَلَيْهِ فِي ذَلِكَ مَا يُبَاعُ عَلَى الْمُفْلِسِ قَالَهُ عِيَاضٌ (يَبْلُغُ ثَمَنَهُ) أَيْ ثَمَنَ الْعَبْدِ أَيْ ثَمَنَ بَقِيَّتِهِ لِأَنَّهُ مُوسِرٌ بِحِصَّتِهِ وَالْمُرَادُ قِيمَتُهُ لِأَنَّ الثَّمَنَ مَا اشْتُرِيَ به واللازم ها هنا الْقِيمَةُ لَا الثَّمَنُ

وَقَدْ بَيَّنَ الْمُرَادَ فِي رِوَايَةِ النَّسَائِيِّ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ وَعُمَرَ بْنِ نَافِعٍ وَمُحَمَّدِ بْنِ عَجْلَانَ عَنْ نافع عن بن عُمَرَ بِلَفْظِ وَلَهُ مَالٌ يَبْلُغُ قِيمَةَ أَنْصِبَاءِ شُرَكَائِهِ فَإِنَّهُ يَضْمَنُ لِشُرَكَائِهِ أَنْصِبَاءَهُمْ وَيُعْتِقُ الْعَبْدَ

قَالَ الْمُنْذِرِيُّ وَأَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ وَالنَّسَائِيُّ

[3944]

(بِمَعْنَى) حَدِيثِ (إِبْرَاهِيمَ بْنِ مُوسَى) الرَّازِيِّ

قَالَ الْمُنْذِرِيُّ وَأَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ وَالنَّسَائِيُّ وَذَكَرَهُ الْبُخَارِيُّ تَعْلِيقًا

وَفِي حَدِيثِ النَّسَائِيِّ قَالَ يَحْيَى لَا أَدْرِي شَيْئًا كَانَ مِنْ قِبَلِهِ يَقُولُهُ أَمْ شَيْئًا فِي الْحَدِيثِ

وَذَكَرَهُ مُسْلِمٌ أَيْضًا عَنْ يَحْيَى نَحْوَهُ

[3945]

(جويرية) هو بن أَسْمَاءَ (بِمَعْنَى) حَدِيثِ (مَالِكٍ) عَنْ نَافِعٍ (وَلَمْ يَذْكُرْ) أَيْ جُوَيْرِيَةُ هَذِهِ الْجُمْلَةَ (وَإِلَّا فَقَدْ عَتَقَ مِنْهُ مَا عَتَقَ) كَمَا ذَكَرَهُ مَالِكٌ (انْتَهَى حَدِيثُهُ) أَيْ جُوَيْرِيَةَ (إِلَى) قَوْلِهِ (وَأُعْتِقَ عَلَيْهِ الْعَبْدُ) قَالَ الْبُخَارِيُّ فِي صَحِيحِهِ وَرَوَاهُ الليث وبن أبي ذئب وبن إِسْحَاقَ وَجُوَيْرِيَةُ وَيَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ وَإِسْمَاعِيلُ بْنُ أمية عن نافع عن بن عمر عن النبي مُخْتَصَرًا انْتَهَى

يَعْنِي لَمْ يَذْكُرُوا الْجُمْلَةَ الْأَخِيرَةَ فِي حَقِّ الْمُعْسِرِ وَهِيَ قَوْلُهُ فَقَدْ عَتَقَ مِنْهُ مَا عَتَقَ

وَالْحَدِيثُ أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ

قَالَ الْإِمَامُ الشَّافِعِيُّ لَا أَحْسَبُ عَالِمًا بِالْحَدِيثِ وَرُوَاتِهِ يَشُكُّ فِي أَنَّ مَالِكًا أَحْفَظُ

ص: 334

لِحَدِيثِ نَافِعٍ وَلِمَالِكٍ فَضْلٌ لِحَدِيثِ أَصْحَابِهِ

وَقَالَ الْبَيْهَقِيُّ وَقَدْ تَابَعَ مَالِكًا عَلَى رِوَايَتِهِ عَنْ نَافِعٍ أَثْبَتُ ابْنَيْ عُمَرَ فِي زَمَانِهِ وَأَحْفَظُهُمْ عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ بْنِ حَفْصٍ

[3946]

(عَنْ سالم عن بن عُمَرَ)

قَالَ الْمُنْذِرِيُّ وَأَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ وَالتِّرْمِذِيُّ وَالنَّسَائِيُّ

وَفِي رِوَايَةِ النَّسَائِيِّ أُقِيمَ مَا بَقِيَ فِي مَالِهِ

قَالَ الزُّهْرِيُّ إِنْ كَانَ لَهُ مَالٌ يَبْلُغُ ثَمَنَهُ

وَذَكَرَ أَبُو بَكْرٍ الْخَطِيبُ أَنَّ الْإِمَامَ أَحْمَدَ رضي الله عنه رَوَاهُ عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ ثُمَّ قَالَ لَا أَدْرِي قَوْلَهُ إِذَا كَانَ لَهُ مَا يَبْلُغُ ثَمَنَ الْعَبْدِ في حديث النبي أَوْ شَيْءٍ قَالَهُ الزُّهْرِيُّ وَكَانَ مُوسَى بْنُ عقبة يقول للزهري أفضل كلامك من كلام النبي لِمَا كَانَ يُحَدِّثُ مِنْ حَدِيثِ رَسُولِ اللَّهِ فَيَخْلِطُهُ بِكَلَامِهِ انْتَهَى

[3947]

(يُقَوَّمُ) بِصِيغَةِ الْمَجْهُولِ (لَا وَكْسَ) بِفَتْحِ الْوَاوِ وَسُكُونِ الْكَافِ بَعْدَهَا مُهْمَلَةٌ بِمَعْنَى النَّقْصِ أَيْ لَا نَقْصَ (وَلَا شَطَطَ) بِمُعْجَمَةٍ ثُمَّ مُهْمَلَةٍ مُكَرَّرَةٍ وَالْفَتْحِ أَيْ لَا جَوْرَ وَلَا ظُلْمَ (ثُمَّ يُعْتَقُ) بِصِيغَةِ الْمَجْهُولِ

وَلَفْظُ مُسْلِمٍ ثُمَّ أُعْتِقَ عَلَيْهِ مِنْ مَالِهِ إِنْ كَانَ مُوسِرًا

قَالَ الْحَافِظُ وَاتَّفَقَ مَنْ قَالَ مِنَ الْعُلَمَاءِ عَلَى أَنَّهُ يُبَاعُ عَلَيْهِ فِي حِصَّةِ شَرِيكِهِ جَمِيعُ مَا يُبَاعُ عَلَيْهِ فِي الدِّينِ عَلَى اخْتِلَافٍ عِنْدَهُمْ فِي ذَلِكَ ولو كان عليه دين بقدر مَا يَمْلِكُهُ كَانَ فِي حُكْمِ الْمُوسِرِ عَلَى أَصَحِّ قَوْلَيِ الْعُلَمَاءِ وَهُوَ كَالْخِلَافِ فِي أَنَّ الدَّيْنَ هَلْ يَمْنَعُ الزَّكَاةَ أَمْ لَا انْتَهَى

وَأَخْرَجَ الْبُخَارِيُّ مِنْ حَدِيثِ مُوسَى بْنِ عُقْبَةَ أخبرني نافع عن بن عُمَرَ أَنَّهُ كَانَ يُفْتِي فِي الْعَبْدِ أَوِ الْأَمَةِ يَكُونُ بَيْنَ الشُّرَكَاءِ فَيُعْتِقُ أَحَدُهُمْ نَصِيبَهُ مِنْهُ يَقُولُ قَدْ وَجَبَ عَلَيْهِ عِتْقُهُ كُلُّهُ إذا كان الذي أعتق من المال ما يبلغ يُقَوَّمُ مِنْ مَالِهِ قِيمَةَ الْعَدْلِ وَيُدْفَعُ إِلَى الشُّرَكَاءِ أَنْصِبَاؤُهُمْ وَيُخَلَّى سَبِيلُ الْمُعْتَقِ يُخْبِرُ ذَلِكَ بن عمر عن النبي

وَفِي هَذَا دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ الْمُوسِرَ إِذَا أَعْتَقَ نَصِيبَهُ مِنْ مَمْلُوكٍ عُتِقَ كُلُّهُ

قَالَ الحافظ بن عَبْدِ الْبَرِّ لَا خِلَافَ فِي أَنَّ التَّقْوِيمَ لَا يَكُونُ إِلَّا عَلَى الْمُوسِرِ ثُمَّ اخْتَلَفُوا فِي وَقْتِ الْعِتْقِ فَقَالَ الْجُمْهُورُ وَالشَّافِعِيُّ فِي الْأَصَحِّ وَبَعْضُ الْمَالِكِيَّةِ أَنَّهُ يُعْتَقُ فِي الْحَالِ

ص: 335

وَقَالَ بَعْضُ الشَّافِعِيَّةِ لَوْ أَعْتَقَ الشَّرِيكُ نَصِيبَهُ بِالتَّقْوِيمِ كَانَ لَغْوًا وَيَغْرَمُ الْمُعْتِقُ حِصَّةَ نَصِيبِهِ بِالتَّقْوِيمِ وَحُجَّتُهُمْ رِوَايَةُ أَيُّوبَ عِنْدَ الْبُخَارِيِّ حَيْثُ قَالَ مَنْ أَعْتَقَ نَصِيبًا وَكَانَ لَهُ مِنَ الْمَالِ مَا يَبْلُغُ قِيمَتَهُ فَهُوَ عَتِيقٌ وَأَوْضَحُ من ذلك رواية النسائي وبن حِبَّانَ وَغَيْرِهِمَا مِنْ طَرِيقِ سُلَيْمَانَ بْنِ مُوسَى عن نافع عن بن عُمَرَ بِلَفْظِ مَنْ أَعْتَقَ عَبْدًا وَلَهُ فِيهِ شُرَكَاءُ وَلَهُ وَفَاءٌ فَهُوَ حُرٌّ وَيَضْمَنُ نَصِيبَ شركائه بقيمته

وللطحاوي من طريق بن أَبِي ذِئْبٍ عَنْ نَافِعٍ فَكَانَ لِلَّذِي يُعْتِقُ نَصِيبَهُ مَا يَبْلُغُ ثَمَنَهُ فَهُوَ عَتِيقٌ كُلُّهُ حَتَّى لَوْ أَعْسَرَ الْمُوسِرُ الْمُعْتِقُ بَعْدَ ذَلِكَ اسْتَمَرَّ الْعِتْقُ وَبَقِيَ ذَلِكَ دَيْنًا فِي ذِمَّتِهِ وَلَوْ مَاتَ أُخِذَ مِنْ تَرِكَتِهِ فَإِنْ لَمْ يُخَلِّفْ شَيْئًا لَمْ يَكُنْ لِلشَّرِيكِ شَيْءٌ وَاسْتَمَرَّ الْعِتْقُ

وَالْمَشْهُورُ عِنْدَ الْمَالِكِيَّةِ أَنَّهُ لَا يَعْتِقُ إِلَّا بِدَفْعِ الْقِيمَةِ فَلَوْ أَعْتَقَ الشَّرِيكُ قَبْلَ أَخْذِ الْقِيمَةِ نَفَذَ عِتْقُهُ وَهُوَ أَحَدُ أَقْوَالِ الشَّافِعِيِّ وَحُجَّتُهُمْ رِوَايَةُ سَالِمٍ عِنْدَ الْبُخَارِيِّ حَيْثُ قَالَ فَإِنْ كَانَ مُوسِرًا قُوِّمَ عَلَيْهِ ثُمَّ يُعْتَقُ

وَالْجَوَابُ أَنَّهُ لَا يَلْزَمُ مِنْ تَرْتِيبِ الْعِتْقِ عَلَى التَّقْوِيمِ تَرْتِيبُهُ عَلَى أَدَاءِ الْقِيمَةِ فَإِنَّ التَّقْوِيمَ يُفِيدُ مَعْرِفَةَ الْقِيمَةِ وَأَمَّا الدَّفْعُ فَقَدْرٌ زَائِدٌ عَلَى ذَلِكَ وَأَمَّا رِوَايَةُ مَالِكٍ الَّتِي فِيهَا فَأَعْطَى شُرَكَاءَهُ حِصَصَهُمْ وَعَتَقَ عَلَيْهِ الْعَبْدُ فَلَا تَقْتَضِي تَرْتِيبًا لِسِيَاقِهَا بِالْوَاوِ انْتَهَى

وَقَالَ النَّوَوِيُّ إِنَّ مَنْ أَعْتَقَ نَصِيبَهُ مِنْ عَبْدٍ مُشْتَرَكٍ قُوِّمَ عَلَيْهِ بَاقِيهِ إِذَا كَانَ مُوسِرًا بِقِيمَةِ عَدْلٍ سَوَاءٌ كَانَ الْعَبْدُ مُسْلِمًا أَوْ كَافِرًا وَسَوَاءٌ كَانَ الشَّرِيكُ مُسْلِمًا أَوْ كَافِرًا وَسَوَاءٌ كَانَ الْعَتِيقُ عَبْدًا أَوْ أَمَةً وَلَا خِيَارَ لِلشَّرِيكِ فِي هَذَا وَلَا لِلْعَبْدِ وَلَا لِلْمُعْتِقِ بَلْ يَنْفُذُ هَذَا الْحُكْمُ وَإِنْ كَرِهَهُ كُلُّهُمْ مُرَاعَاةً لِحَقِّ اللَّهِ تَعَالَى فِي الْحُرِّيَّةِ

وَأَجْمَعَ الْعُلَمَاءُ عَلَى أَنَّ نَصِيبَ الْمُعْتِقِ بِنَفْسِ الْإِعْتَاقِ إِلَّا مَا حَكَاهُ الْقَاضِي عَنْ رَبِيعَةَ أَنَّهُ قَالَ لَا يُعْتَقُ نَصِيبُ الْمُعْتِقِ مُوسِرًا كَانَ أَوْ مُعْسِرًا وَهَذَا مَذْهَبٌ بَاطِلٌ مُخَالِفٌ لِلْأَحَادِيثِ الصَّحِيحَةِ كُلِّهَا وَالْإِجْمَاعِ

وَأَمَّا نَصِيبُ الشَّرِيكِ فَاخْتَلَفُوا فِي حُكْمِهِ إِذَا كَانَ الْمُعْتِقُ مُوسِرًا عَلَى مَذَاهِبَ أَحَدُهَا وَهُوَ الصَّحِيحُ فِي مذهب الشافعي وبه قال بن شبرمة والأوزاعي والثوري وبن أَبِي لَيْلَى وَأَبُو يُوسُفَ وَمُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ وَأَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ وَإِسْحَاقُ وَبَعْضُ الْمَالِكِيَّةِ أَنَّهُ عَتَقَ بِنَفْسِ الْإِعْتَاقِ وَيُقَوَّمُ عَلَيْهِ نَصِيبُ شَرِيكِهِ بقيمة يَوْمَ الْإِعْتَاقِ وَيَكُونُ وَلَاءُ جَمِيعِهِ لِلْمُعْتِقِ وَحُكْمُهُ مِنْ حِينِ الْإِعْتَاقِ حُكْمُ الْأَحْرَارِ فِي الْمِيرَاثِ وَغَيْرِهِ وَلَيْسَ لِلشَّرِيكِ إِلَّا الْمُطَالَبَةُ بِقِيمَةِ نَصِيبِهِ كَمَا لَوْ قَتَلَهُ قَالَ هَؤُلَاءِ وَلَوْ أَعْسَرَ الْمُعْتِقُ بَعْدَ ذَلِكَ اسْتَمَرَّ نُفُوذُ الْعِتْقِ وَكَانَتِ الْقِيمَةُ دَيْنًا فِي ذِمَّتِهِ وَلَوْ مَاتَ أُخِذَتْ مِنْ تَرِكَتِهِ فَإِنْ لَمْ تَكُنْ لَهُ تَرِكَةٌ ضَاعَتِ الْقِيمَةُ وَاسْتَمَرَّ عِتْقُ جَمِيعِهِ

قَالُوا وَلَوْ أَعْتَقَ الشَّرِيكُ نَصِيبَهُ بَعْدَ إِعْتَاقِ الْأَوَّلِ نَصِيبَهُ كَانَ إِعْتَاقُهُ لَغْوًا

لِأَنَّهُ قَدْ صَارَ كُلُّهُ حرا

ص: 336

وَالْمَذْهَبُ الثَّانِي أَنَّهُ لَا يَعْتِقُ إِلَّا بِدَفْعِ الْقِيمَةِ وَهُوَ الْمَشْهُورُ مِنْ مَذْهَبِ مَالِكٍ وَبِهِ قَالَ أَهْلُ الظَّاهِرِ وَهُوَ قَوْلٌ لِلشَّافِعَيِّ

وَالثَّالِثُ مَذْهَبُ أَبِي حَنِيفَةَ لِلشَّرِيكِ الْخِيَارُ إِنْ شَاءَ اسْتُسْعِيَ الْعَبْدُ فِي نِصْفِ قِيمَتِهِ وَإِنْ شَاءَ أَعْتَقَ نَصِيبَهُ وَالْوَلَاءُ بَيْنَهُمَا وَإِنْ شَاءَ قُوِّمَ نَصِيبُهُ عَلَى شَرِيكِهِ الْمُعْتِقِ ثُمَّ يَرْجِعُ الْمُعْتِقُ بِمَا دَفَعَ إِلَى شَرِيكِهِ عَلَى الْعَبْدِ يَسْتَسْعِيهِ فِي ذَلِكَ وَالْوَلَاءُ كُلُّهُ لِلْمُعْتِقِ قَالَ وَالْعَبْدُ فِي مُدَّةِ السِّعَايَةِ بِمَنْزِلَةِ الْمُكَاتَبِ فِي كُلِّ أَحْكَامِهِ

هَذَا كُلُّهُ فِيمَا إِذَا كَانَ الْمُعْتِقُ لِنَصِيبِهِ مُوسِرًا

فَأَمَّا إِذَا كَانَ مُعْسِرًا حَالَ الْإِعْتَاقِ فَفِيهِ مَذَاهِبُ أَيْضًا أَحَدُهَا مَذْهَبُ مَالِكٍ وَالشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ وَأَبِي عُبَيْدٍ وَمُوَافِقِيهِمْ يَنْفُذُ الْعِتْقُ فِي نَصِيبِ الْمُعْتِقِ فَقَطْ وَلَا يُطَالَبُ الْمُعْتِقُ بِشَيْءٍ وَلَا يُسْتَسْعَى الْعَبْدُ بَلْ يَبْقَى نَصِيبُ الشَّرِيكِ رَقِيقًا كَمَا كَانَ وَبِهَذَا قَالَ جُمْهُورُ علماء الحجاز لحديث بن عمر

المذهب الثاني مذهب بن شبرمة والأوزاعي وأبي حنيفة وبن أَبِي لَيْلَى وَسَائِرِ الْكُوفِيِّينَ وَإِسْحَاقَ يُسْتَسْعَى الْعَبْدُ فِي حِصَّةِ الشَّرِيكِ وَاخْتَلَفَ هَؤُلَاءِ فِي رُجُوعِ الْعَبْدِ بِمَا أَدَّى فِي سِعَايَتِهِ عَلَى مُعْتِقِهِ فقال بن أَبِي لَيْلَى يَرْجِعُ عَلَيْهِ وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَصَاحِبَاهُ لَا يَرْجِعُ ثُمَّ هُوَ عِنْدَ أَبَى حَنِيفَةَ فِي مُدَّةِ السِّعَايَةِ بِمَنْزِلَةِ الْمُكَاتَبِ وَعِنْدَ الآخرين هو حربا لسراية ثُمَّ ذَكَرَ النَّوَوِيُّ بَاقِي الْمَذَاهِبِ ثُمَّ قَالَ أَمَّا إِذَا مَلَكَ الْإِنْسَانُ عَبْدًا بِكَمَالِهِ فَأَعْتَقَ بَعْضَهُ فَيُعْتَقُ كُلُّهُ فِي الْحَالِ بِغَيْرِ اسْتِسْعَاءٍ هَذَا مَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ وَمَالِكٍ وَأَحْمَدَ وَالْعُلَمَاءِ كَافَّةً وَانْفَرَدَ أَبُو حَنِيفَةَ فَقَالَ يُسْتَسْعَى فِي بَقِيَّتِهِ لِمَوْلَاهُ وَخَالَفَهُ أَصْحَابُهُ فِي ذَلِكَ فَقَالُوا بِقَوْلِ الْجُمْهُورِ وَحَكَى الْقَاضِي أَنَّهُ رُوِيَ عَنْ طَاوُسٍ وَرَبِيعَةَ وَحَمَّادٍ وَرِوَايَةٌ عَنِ الْحَسَنِ كَقَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ وَقَالَهُ أَهْلُ الظَّاهِرِ عَنِ الشَّعْبِيِّ وَعُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ الْحَسَنِ الْعَنْبَرِيِّ أَنَّ لِلرَّجُلِ أَنْ يُعْتِقَ مِنْ عَبْدِهِ مَا شَاءَ انْتَهَى

فَإِنْ قُلْتَ حَدِيثُ أَبِي هُرَيْرَةَ الْمَذْكُورُ يَدُلُّ عَلَى ثُبُوتِ الِاسْتِسْعَاءِ وَحَدِيثُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ يَدُلُّ عَلَى تَرْكِهِ فَكَيْفَ التَّوْفِيقُ بَيْنَهُمَا

قُلْتُ إِنَّ الْحَدِيثَيْنِ صَحِيحَانِ لَا يُشَكُّ فِي صِحَّتِهِمَا وَاتَّفَقَ عَلَى إِخْرَاجِهِمَا الشَّيْخَانِ الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ

وَقَدْ جَمَعَ بَيْنَ الْحَدِيثَيْنِ الْأَئِمَّةُ الْحُذَّاقُ مِنْهُمُ الْبُخَارِيُّ وَالطَّحَاوِيُّ وَالْبَيْهَقِيُّ وَغَيْرُهُمْ

قَالَ الْبُخَارِيُّ فِي صَحِيحِهِ بَعْدَ إِخْرَاجِ حَدِيثِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ مِنْ طُرُقٍ شَتَّى بَابُ إِذَا أَعْتَقَ نَصِيبًا فِي عَبْدٍ وَلَيْسَ لَهُ مَالٌ اسْتُسْعِيَ الْعَبْدُ غَيْرَ مَشْقُوقٍ عَلَيْهِ عَلَى نَحْوِ الْكِتَابَةِ انْتَهَى

ص: 337

فَأَشَارَ الْبُخَارِيُّ بِهَذِهِ التَّرْجَمَةِ إِلَى أَنَّ الْمُرَادَ بقوله في حديث بن عُمَرَ وَإِلَّا فَقَدْ عَتَقَ مِنْهُ مَا عَتَقَ أَيْ وَإِلَّا فَإِنْ كَانَ الْمُعْتِقُ لَا مَالَ لَهُ يَبْلُغُ قِيمَةَ بَقِيَّةِ الْعَبْدِ فَقَدْ تَنَجَّزَ عِتْقُ الْجُزْءِ الَّذِي كَانَ يَمْلِكُهُ وَبَقِيَ الْجُزْءُ الَّذِي لِشَرِيكِهِ عَلَى مَا كَانَ عَلَيْهِ أَوَّلًا إِلَى أَنْ يُسْتَسْعَى الْعَبْدُ فِي تَحْصِيلِ الْقَدْرِ الَّذِي يَخْلُصُ بِهِ بَاقِيهِ مِنَ الرِّقِّ إِنْ قَوِيَ عَلَى ذَلِكَ فَإِنْ عَجَّزَ نَفْسَهُ اسْتَمَرَّتْ حِصَّةُ الشَّرِيكِ مَوْقُوفَةً وَهُوَ مَصِيرٌ مِنَ الْبُخَارِيِّ إِلَى الْقَوْلِ بِصِحَّةِ الْحَدِيثَيْنِ جَمِيعًا وَالْحُكْمِ بِرَفْعِ الزيادتين معا وهما قوله في حديث بن عُمَرَ وَإِلَّا فَقَدْ عَتَقَ مِنْهُ مَا عَتَقَ وَقَوْلُهُ فِي حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ فَاسْتُسْعِيَ بِهِ غَيْرَ مَشْقُوقٍ عَلَيْهِ

قَالَهُ الْحَافِظُ فِي الْفَتْحِ

وأما الطحاوي فإنه أخرج أولا حديث بن عُمَرَ ثُمَّ قَالَ فَثَبَتَ أَنَّ مَا رَوَاهُ بن عمر عن النبي مِنْ ذَلِكَ إِنَّمَا هُوَ فِي الْمُوسِرِ خَاصَّةً فَأَرَدْنَا أَنْ نَنْظُرَ فِي حُكْمِ عَتَاقِ الْمُعْسِرِ كَيْفَ هُوَ فَقَالَ قَائِلُونَ قَوْلُ رَسُولِ اللَّهِ وَإِلَّا فَقَدْ عَتَقَ مِنْهُ مَا عَتَقَ دَلِيلٌ أَنَّ مَا بَقِيَ مِنَ الْعَبْدِ لَمْ يَدْخُلْهُ عَتَاقٌ فَهُوَ رَقِيقٌ لِلَّذِي لَمْ يَعْتِقْ عَلَى حَالِهِ وَخَالَفَهُمْ فِي ذَلِكَ آخَرُونَ فَقَالُوا بَلْ يَسْعَى الْعَبْدُ فِي نِصْفِ قِيمَتِهِ لِلَّذِي لَمْ يُعْتِقْهُ وَكَانَ مِنَ الْحُجَّةِ لَهُمْ فِي ذَلِكَ أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَدْ روى ذلك عن النبي كما رواه بن عُمَرَ وَزَادَ عَلَيْهِ شَيْئًا بَيَّنَ بِهِ كَيْفَ حُكْمُ مَا بَقِيَ مِنَ الْعَبْدِ بَعْدَ نَصِيبِ الْمُعْتِقِ ثُمَّ سَاقَ حَدِيثَ أَبِي هُرَيْرَةَ وَقَالَ بَعْدَ ذَلِكَ فَكَانَ هَذَا الْحَدِيثُ فِيهِ مَا في حديث بن عُمَرَ وَفِيهِ وُجُوبُ السِّعَايَةِ عَلَى الْعَبْدِ إِذَا كَانَ مُعْتِقُهُ مُعْسِرًا ثُمَّ رَوَى حَدِيثَ أَبِي الْمَلِيحِ عَنْ أَبِيهِ وَقَالَ بَعْدَ ذَلِكَ فَدَلَّ قول النبي لَيْسَ لِلَّهِ شَرِيكٌ عَلَى أَنَّ الْعَتَاقَ إِذَا وَجَبَ بِبَعْضِ الْعَبْدِ لِلَّهِ انْتَفَى أَنْ يَكُونَ لِغَيْرِهِ عَلَى بَقِيَّتِهِ مِلْكٌ فَثَبَتَ بِذَلِكَ أَنَّ إِعْتَاقَ الْمُوسِرِ وَالْمُعْسِرِ جَمِيعًا يُبَرِّئَانِ الْعَبْدَ مِنَ الرِّقِّ فَقَدْ وَافَقَ حَدِيثُ أَبِي الْمَلِيحِ أَيْضًا حَدِيثَ أَبِي هُرَيْرَةَ وَزَادَ حَدِيثُ أَبِي هُرَيْرَةَ على حديث أبي المليح وعلى حديث بن عُمَرَ وُجُوبَ السِّعَايَةِ لِلشَّرِيكِ الَّذِي لَمْ يُعْتِقْ إِذَا كَانَ الْمُعْتِقُ مُعْسِرًا

فَتَصْحِيحُ هَذِهِ الْآثَارِ يُوجِبُ الْعَمَلَ بِذَلِكَ وَيُوجِبُ الضَّمَانَ عَلَى الْمُعْتِقِ الموسر لشريكه الذي لم يعتق ولا يوجب الضَّمَانُ عَلَى الْمُعْتِقِ الْمُعْسِرِ وَلَكِنَّ الْعَبْدَ يَسْعَى فِي ذَلِكَ لِلشَّرِيكِ الَّذِي لَمْ يُعْتِقْ

وَهَذَا قَوْلُ أَبِي يُوسُفَ وَمُحَمَّدٍ وَبِهِ نَأْخُذُ انْتَهَى

وَفِي فَتْحِ الْبَارِي وَعُمْدَةُ مَنْ ضَعَّفَ حَدِيثَ الاستسعاء في حديث بن عُمَرَ قَوْلُهُ وَإِلَّا فَقَدْ عَتَقَ مِنْهُ مَا عَتَقَ وَقَدْ تَقَدَّمَ أَنَّهُ فِي حَقِّ الْمُعْسِرِ وَأَنَّ الْمَفْهُومَ مِنْ ذَلِكَ أَنَّ الْجُزْءَ الَّذِي لِشَرِيكِ الْمُعْتِقِ بَاقٍ عَلَى حُكْمِهِ الْأَوَّلِ وَلَيْسَ فِيهِ التَّصْرِيحُ بِأَنْ يَسْتَمِرَّ رَقِيقًا وَلَا فِيهِ التَّصْرِيحُ بِأَنَّهُ يَعْتِقُ كُلُّهُ

فَلِلَّذِي صَحَّحَ رَفْعَ الِاسْتِسْعَاءِ أَنْ يَقُولَ مَعْنَى الْحَدِيثَيْنِ أَنَّ الْمُعْسِرَ إِذَا أَعْتَقَ حِصَّتَهُ لَمْ يَسْرِ

ص: 338

الْعِتْقُ فِي حِصَّةِ شَرِيكِهِ بَلْ تَبْقَى حِصَّةُ شَرِيكِهِ عَلَى حَالِهَا وَهِيَ الرِّقُّ ثُمَّ يُسْتَسْعَى فِي عِتْقِ بَقِيَّتِهِ فَيُحَصِّلُ ثَمَنَ الْجُزْءِ الَّذِي لِشَرِيكِ سَيِّدِهِ وَيَدْفَعُهُ إِلَيْهِ وَيَعْتِقُ وَجَعَلُوهُ فِي ذَلِكَ كَالْمُكَاتَبِ وَهُوَ الَّذِي جَزَمَ بِهِ الْبُخَارِيُّ

وَالَّذِي يَظْهَرُ أَنَّهُ فِي ذَلِكَ بِاخْتِيَارِهِ لِقَوْلِهِ غَيْرَ مَشْقُوقٍ عَلَيْهِ فَلَوْ كَانَ ذَلِكَ عَلَى سَبِيلِ اللُّزُومِ بِأَنْ يُكَلَّفَ الْعَبْدُ الِاكْتِسَابَ وَالطَّلَبَ حَتَّى يَحْصُلَ ذَلِكَ لَحَصَلَ لَهُ بِذَلِكَ غَايَةُ الْمَشَقَّةِ وَهُوَ لَا يَلْزَمُ فِي الْكِتَابَةِ بِذَلِكَ عند الجمهور لأنها غير واجبة فهده مِثْلُهَا وَإِلَى هَذَا الْجَمْعِ مَالَ الْبَيْهَقِيُّ وَقَالَ لَا يَبْقَى بَيْنَ الْحَدِيثَيْنِ مُعَارَضَةٌ أَصْلًا وَهُوَ كَمَا قَالَ إِلَّا أَنَّهُ يَلْزَمُ مِنْهُ أَنْ يَبْقَى الرِّقُّ فِي حِصَّةِ الشَّرِيكِ إِذَا لَمْ يَخْتَرِ الْعَبْدُ الِاسْتِسْعَاءَ فَيُعَارِضُهُ حَدِيثُ أَبِي الْمَلِيحِ عَنْ أَبِيهِ أَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُدَ وَالنَّسَائِيُّ

وَحَدِيثُ سَمُرَةَ عِنْدَ أَحْمَدَ بِلَفْظِ أَنَّ رَجُلًا أَعْتَقَ شقصا له في مملوك فقال النبي هُوَ كُلُّهُ فَلَيْسَ لِلَّهِ شَرِيكٌ وَيُمْكِنُ حَمْلُهُ عَلَى مَا إِذَا كَانَ الْمُعْتِقُ غَنِيًّا أَوْ عَلَى مَا إِذَا كَانَ جَمِيعُهُ لَهُ فَأَعْتَقَ بَعْضَهُ فَقَدْ رَوَى أَبُو دَاوُدَ مِنْ طَرِيقِ مِلْقَامِ بْنِ التَّلِبِّ عَنْ أَبِيهِ أَنَّ رَجُلًا أَعْتَقَ نَصِيبَهُ مِنْ مَمْلُوكٍ فَلَمْ يُضَمِّنْهُ النَّبِيُّ وَهُوَ مَحْمُولٌ عَلَى الْمُعْسِرِ وَإِلَّا لَتَعَارَضَا انْتَهَى

قَالَ الْمُنْذِرِيُّ وَأَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ وَالنَّسَائِيُّ

[3948]

(عَنِ بن التَّلِبِّ) اسْمُهُ مِلْقَامٌ

قَالَ فِي التَّقْرِيبِ مِلْقَامٌ بِكَسْرِ أَوَّلِهِ وَسُكُونِ اللَّامِ ثُمَّ قَافٍ وَيُقَالُ بالهاء بدل الميم بن التَّلِبِّ بِفَتْحِ الْمُثَنَّاةِ وَكَسْرِ اللَّامِ وَتَشْدِيدِ الْمُوَحَّدَةِ التَّمِيمِيُّ الْعَنْبَرِيُّ مَسْتُورٌ مِنَ الْخَامِسَةِ انْتَهَى

قَالَ المنذري وبن التَّلِبِّ اسْمُهُ مِلْقَامٌ وَيُقَالُ فِيهِ هِلْقَامٌ وَأَبُوهُ يُكَنَّى أَبَا الْمِلْقَامِ قَالَ النَّسَائِيُّ يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ مِلْقَامُ بْنُ التَّلِبِّ لَيْسَ بِالْمَشْهُورِ وَقَالَ الْبَيْهَقِيُّ إِسْنَادُهُ غَيْرُ قَوِيٍّ انْتَهَى

وَفِي الْإِصَابَةِ التَّلِبُّ بْنُ ثَعْلَبَةَ لَهُ صُحْبَةٌ وَأَحَادِيثُ رَوَى لَهُ أَبُو دَاوُدَ وَالنَّسَائِيُّ وَقَدِ اسْتَغْفَرَ لَهُ رسول الله ثَلَاثًا وَهُوَ بِفَتْحِ الْمُثَنَّاةِ وَكَسْرِ اللَّامِ بَعْدَهَا مُوَحَّدَةٌ خَفِيفَةٌ وَقِيلَ ثَقِيلَةٌ انْتَهَى وَحَسَّنَ إِسْنَادَهُ فِي الْفَتْحِ (عَنْ أَبِيهِ) التَّلِبِّ بْنِ ثَعْلَبَةَ بْنِ رَبِيعَةَ (فَلَمْ يُضَمِّنْهُ) قَالَ الْخَطَّابِيُّ هَذَا غَيْرُ مُخَالِفٍ لِلْأَحَادِيثِ الْمُتَقَدِّمَةِ وَذَلِكَ أَنَّهُ إِذَا كَانَ مُعْسِرًا لَمْ يُضَمَّنْ وَبَقِيَ الشِّقْصُ مَمْلُوكًا انْتَهَى وَتَقَدَّمَ مِنْ قَوْلِ الْحَافِظِ أَيْضًا أَنَّهُ مَحْمُولٌ عَلَى الْمُعْسِرِ

ص: 339