الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الرَّابِعُ تَخْصِيصُهُ بِالْمُدَبَّرِ فَلَا يَجُوزُ فِي الْمُدَبَّرَةِ وهو رواية عن أحمد وجزم به بن حَزْمٍ عَنْهُ وَقَالَ هَذَا تَفْرِيقٌ لَا بُرْهَانَ عَلَى صِحَّتِهِ وَالْقِيَاسُ الْجَلِيُّ يَقْتَضِي عَدَمَ الْفَرْقِ
الْخَامِسُ بَيْعُهُ إِذَا احْتَاجَ صَاحِبُهُ إِلَيْهِ
وَقَالَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ بْنُ دَقِيقِ الْعِيدِ مَنْ مَنَعَ بَيْعَهُ مُطْلَقًا فَالْحَدِيثُ حُجَّةٌ عَلَيْهِ لِأَنَّ الْمَنْعَ الْكُلِّيَّ يُنَاقِضُهُ الْجَوَازُ الْجُزْئِيُّ وَمَنْ أَجَازَ بَيْعَهُ فِي بَعْضِ الصُّوَرِ يَقُولُ أَنَا أَقُولُ بِالْحَدِيثِ فِي صُورَةِ كَذَا فَالْوَاقِعَةُ وَاقِعَةُ حَالٍ لَا عُمُومَ لَهَا فَلَا تَقُومُ عَلَيَّ الْحُجَّةُ فِي الْمَنْعِ مِنْ بَيْعِهِ فِي غَيْرِهَا كَمَا يَقُولُ مَالِكٌ فِي بَيْعِ الدَّيْنِ انْتَهَى
وَمُلَخَّصُ الْكَلَامِ أَنَّ أَصْحَابَ أَبِي حَنِيفَةَ حَمَلُوا الْحَدِيثَ عَلَى الْمُدَبَّرِ الْمُقَيَّدِ وَهُوَ عِنْدَهُمْ يَجُوزُ بَيْعُهُ وَأَصْحَابُ مَالِكٍ عَلَى أَنَّهُ كَانَ مَدْيُونًا حِينَ دُبِّرَ وَمِثْلُهُ يَجُوزُ إِبْطَالُ تَدْبِيرِهِ عِنْدَهُمْ وَأَمَّا الشَّافِعِيُّ وَمَنْ وَافَقَهُ فَأَخَذُوا بِظَاهِرِ الْحَدِيثِ وَجَوَّزُوا بَيْعَ الْمُدَبَّرِ مُطْلَقًا (ثُمَّ قَالَ) النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم لِلرَّجُلِ الْأَنْصَارِيِّ الْمُدَبِّرِ بِكَسْرِ الْبَاءِ (أَحَدُكُمْ فَقِيرًا) أَيْ لَا مَالَ لَهُ وَلَا كَسْبَ يَقَعُ مَوْقِعًا مِنْ كِفَايَتِهِ (فَلْيَبْدَأْ نفسه أَيْ فَلْيُقَدِّمْ نَفْسَهُ بِالْإِنْفَاقِ عَلَيْهَا مِمَّا آتَاهُ اللَّهُ تَعَالَى قَبْلَ التَّصَدُّقِ عَلَى الْفُقَرَاءِ فَإِنْ كَانَ فِيهَا) أَيْ فِي الْأَمْوَالِ بَعْدَ الْإِنْفَاقِ عَلَى نَفْسِهِ (فَضْلٌ) بِسُكُونِ الضَّادِ أَيْ زِيَادَةٌ والمعنى فإن فضل بعد كفاية مؤونة نَفْسِهِ فَضْلَةٌ (فَعَلَى عِيَالِهِ) أَيِ الَّذِينَ يَعُولُهُمْ وتلزمه نفقتهم (فههنا وههنا) أَيْ فَيَرُدُّهُ عَلَى مَنْ عَنْ يَمِينِهِ وَيَسَارِهِ وَأَمَامَهُ وَخَلْفَهُ مِنَ الْفُقَرَاءِ يُقَدِّمُ الْأَحْوَجَ فَالْأَحْوَجَ وَيُعْتِقُ وَيُدَبِّرُ يَفْعَلُ مَا يَشَاءُ
قَالَ الْمُنْذِرِيُّ وَأَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ وَالنَّسَائِيُّ
[3958]
(بَابٌ فِيمَنْ أَعْتَقَ عَبِيدًا له)
الْعَبْدُ خِلَافُ الْحُرِّ وَاسْتُعْمِلَ لَهُ جُمُوعٌ كَثِيرَةٌ وَالْأَشْهَرُ مِنْهَا أَعْبُدٌ وَعَبِيدٌ وَعِبَادٌ كَذَا فِي الْمِصْبَاحِ (لَمْ يَبْلُغْهُمُ الثُّلُثُ) فَاعِلُ يَبْلُغْ أَيْ لَمْ يَتَنَاوَلْهُمُ الثُّلُثُ وَلَمْ يَشْمَلْهُمْ بَلْ زَادُوا عَلَى الثُّلُثِ فَمَاذَا حُكْمُهُ
(سِتَّةَ أَعْبُدٍ) وَعِنْدَ مُسْلِمٍ سِتَّةَ مَمْلُوكِينَ لَهُ عِنْدَ مَوْتِهِ (فَقَالَ لَهُ) فِي شَأْنِهِ (قَوْلًا شَدِيدًا) أَيْ
كَرَاهِيَةً لِفِعْلِهِ وَتَغْلِيظًا عَلَيْهِ وَبَيَانُ هَذَا الْقَوْلِ الشَّدِيدِ سَيَأْتِي فِي مَتْنِ الْحَدِيثِ (فَجَزَّأَهُمْ) بِتَشْدِيدِ الزَّايِ
قَالَ النَّوَوِيُّ بِتَشْدِيدِ الزَّايِ وَتَخْفِيفِهَا لُغَتَانِ مشهورتان ذكرهما بن السِّكِّيتِ وَغَيْرُهُ أَيْ فَقَسَمَهُمْ (وَأَرَقَّ أَرْبَعَةً) أَيْ أَبْقَى حُكْمَ الرِّقِّ عَلَى الْأَرْبَعَةِ قَالَ فِي شَرْحِ السُّنَّةِ فِيهِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ الْعِتْقَ الْمُنْجَزَ فِي مَرَضِ الْمَوْتِ كَالْمُعَلَّقِ بِالْمَوْتِ فِي الِاعْتِبَارِ مِنَ الثُّلُثِ وَكَذَلِكَ التَّبَرُّعُ الْمُنْجَزُ فِي مَرَضِ الْمَوْتِ انْتَهَى
قَالَ النَّوَوِيُّ فِي هَذَا الْحَدِيثِ دَلَالَةٌ لِمَذْهَبِ مَالِكٍ وَالشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ وَإِسْحَاقَ وداود وبن جَرِيرٍ وَالْجُمْهُورِ فِي إِثْبَاتِ الْقُرْعَةِ فِي الْعِتْقِ وَنَحْوِهِ وَأَنَّهُ إِذَا أَعْتَقَ عَبِيدًا فِي مَرَضِ مَوْتِهِ أَوْ أَوْصَى بِعِتْقِهِمْ وَلَا يَخْرُجُونَ مِنَ الثُّلُثِ أُقْرِعَ بَيْنَهُمْ فَيُعْتَقُ ثُلُثُهُمْ بِالْقُرْعَةِ وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ الْقُرْعَةُ بَاطِلَةٌ لَا مَدْخَلَ لَهَا فِي ذَلِكَ بَلْ يُعْتَقُ مِنْ كُلِّ وَاحِدٍ قِسْطُهُ وَيُسْتَسْعَى فِي الْبَاقِي لِأَنَّهَا خَطَرٌ وَهَذَا مَرْدُودٌ بِهَذَا الْحَدِيثِ الصَّحِيحِ وَأَحَادِيثَ كَثِيرَةٍ
وَقَوْلُهُ فِي الْحَدِيثِ فَأَعْتَقَ اثْنَيْنِ وَأَرَقَّ أَرْبَعَةً صَرِيحٌ بِالرَّدِّ عَلَى أَبِي حَنِيفَةَ
وَقَدْ قَالَ بِقَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ الشَّعْبِيُّ وَالنَّخَعِيُّ وَشُرَيْحٌ وَالْحَسَنُ وَحُكِيَ أيضا عن بن الْمُسَيَّبِ انْتَهَى
قُلْتُ وَاحْتَجَّ مَنْ أَبْطَلَ الِاسْتِسْعَاءَ بِحَدِيثِ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ هَذَا وَوَجْهُ الدَّلَالَةِ مِنْهُ أَنَّ الِاسْتِسْعَاءَ لَوْ كَانَ مَشْرُوعًا لَنَجَّزَ مِنْ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ عِتْقَ ثُلُثِهِ وَأَمَرَهُ بِالِاسْتِسْعَاءِ فِي بَقِيَّةِ قِيمَتِهِ لِوَرَثَةِ الْمَيِّتِ وَأَجَابَ مَنْ أَثْبَتَ الِاسْتِسْعَاءَ بِأَنَّهَا وَاقِعَةُ عَيْنٍ فَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ قَبْلَ مَشْرُوعِيَّةِ الِاسْتِسْعَاءِ وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ الِاسْتِسْعَاءُ مَشْرُوعًا إِلَّا فِي هَذِهِ الصُّورَةِ وَهِيَ مَا إِذَا أَعْتَقَ جَمِيعَ مَا لَيْسَ لَهُ أَنْ يُعْتِقَهُ كَذَا فِي الْفَتْحِ
قَالَ المنذري وأخرجه مسلم والترمذي والنسائي وبن مَاجَهْ
[3960]
(عَنْ خَالِدٍ) وَهُوَ الْحَذَّاءُ (لَوْ شَهِدْتُهُ) أَيْ ذَلِكَ الرَّجُلَ الْمُعْتِقَ (لَمْ يُدْفَنْ) بِصِيغَةِ الْمَجْهُولِ (فِي مَقَابِرِ الْمُسْلِمِينَ) وَعِنْدَ النَّسَائِيِّ وَلَقَدْ هَمَمْتُ أَنْ لَا أُصَلِّيَ عَلَيْهِ قَالَ النَّوَوِيُّ وَهَذَا مَحْمُولٌ عَلَى أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم وَحْدَهُ كَانَ يَتْرُكُ الصَّلَاةَ عَلَيْهِ تَغْلِيظًا وَزَجْرًا لِغَيْرِهِ عَلَى مِثْلِ فِعْلِهِ وَأَمَّا أَصْلُ الصَّلَاةِ عَلَيْهِ فَلَا بُدَّ مِنْ وُجُودِهَا مِنْ بَعْضِ الصَّحَابَةِ انْتَهَى