الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
2
([3690]
بَاب فِي الْأَوْعِيَةِ)
جَمْعُ وِعَاءٍ بِالْكَسْرِ
(نَهَى عَنِ الدُّبَّاءِ) مَمْدُودًا وَيُقْصَرُ أَيْ عَنْ ظَرْفٍ يُعْمَلُ مِنْهُ (وَالْحَنْتَمِ) الْجَرَّةِ الْخَضْرَاءِ (وَالْمُزَفَّتِ) بِتَشْدِيدِ الْفَاءِ الْمَفْتُوحَةِ الْمَطْلِيِّ بِالزِّفْتِ وَهُوَ الْقِيرُ (وَالنَّقِيرِ) أَيِ الْمَنْقُورِ مِنَ الْخَشَبِ
قَالَ الْخَطَّابِيُّ وَإِنَّمَا نَهَى عَنْ هَذِهِ الْأَوْعِيَةِ لِأَنَّ لَهَا ضَرَاوَةٌ وَيَشْتَدُّ فِيهَا النَّبِيذُ وَلَا يَشْعُرُ بِذَلِكَ صَاحِبُهَا فَيَكُونُ عَلَى غَرَرٍ مِنْ شُرْبِهَا
وَقَدِ اخْتَلَفَ النَّاسُ فِي هَذَا فَقَالَ قَائِلُونَ كَانَ هَذَا فِي صَدْرِ الْإِسْلَامِ ثُمَّ نُسِخَ بِحَدِيثِ بُرَيْدَةَ الْأَسْلَمِيِّ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ كُنْتُ نَهَيْتُكُمْ عَنِ الْأَوْعِيَةِ فَاشْرَبُوا فِي كُلِّ وِعَاءٍ وَلَا تَشْرَبُوا مُسْكِرًا وَهَذَا أَصَحُّ الْأَقَاوِيلِ وَقَالَ بَعْضُهُمُ الْحَظْرُ بَاقٍ وَكَرِهُوا أَنْ يُنْبَذَ فِي هَذِهِ الْأَوْعِيَةِ وَإِلَيْهِ ذَهَبَ مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ وَأَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ وَإِسْحَاقُ وَقَدْ روي ذلك عن بن عمر وبن عَبَّاسٍ انْتَهَى قُلْتُ حَدِيثُ بُرَيْدَةَ أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ
قَالَ الْمُنْذِرِيُّ وَأَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ
[3691]
(حَرَّمَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم نَبِيذَ الْجَرِّ) بِفَتْحِ الْجِيمِ وَتَشْدِيدِ الرَّاءِ جَمْعُ جَرَّةٍ كَتَمْرٍ جَمْعُ تَمْرَةٍ وَهُوَ بِمَعْنَى الْجِرَارِ الْوَاحِدَةُ جَرَّةٌ وَيَدْخُلُ فِيهِ جَمِيعُ أَنْوَاعِ الْجِرَارِ مِنَ الْحَنْتَمِ وَغَيْرِهِ (فَزَعًا) بِفَتْحَتَيْنِ
قَالَ فِي الْقَامُوسِ الْفَزَعُ الذُّعْرُ وَالْفَرَقُ (مِنْ قَوْلِهِ حَرَّمَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَوْلُهُ حَرَّمَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بَدَلٌ مِنْ قَوْلِهِ (قَالَ صَدَقَ) بِتَخْفِيفِ الدَّالِ وَالضَّمِيرُ لِابْنِ عُمَرَ (كُلُّ شَيْءٍ يُصْنَعُ مِنْ مَدَرٍ) بِفَتْحِ الْمِيمِ
وَالدَّالِ الطِّينُ الْمُجْتَمِعُ الصُّلْبُ
كَذَا فِي النِّهَايَةِ
هَذَا تَصْرِيحٌ أَنَّ الْجَرَّ يَدْخُلُ فِيهِ جَمِيعُ أَنْوَاعِ الْجِرَارِ الْمُتَّخَذَةِ مِنَ الْمَدَرِ الَّذِي هُوَ التُّرَابُ وَالطِّينُ يُقَالُ مَدَرْتُ الْحَوْضَ أَمْدُرُهُ إِذَا أَصْلَحْتَهُ بِالْمَدَرِ وَهُوَ الطِّينُ مِنَ التُّرَابِ
قَالَ المنذري وأخرجه مسلم والنسائي
1 -
[3692](حماد) هو بن زَيْدٍ كَمَا فِي رِوَايَةِ الْبُخَارِيِّ فِي بَابِ وجوب الزكاة (عن أبي حمزة) بِالْجِيمِ وَالرَّاءِ اسْمُهُ نَصْرُ بْنُ عِمْرَانَ بْنِ عصام وقيل بن عَاصِمٍ الضُّبَعِيُّ فَحَمَّادٌ وَعَبَّادُ بْنُ عَبَّادٍ كِلَاهُمَا يَرْوِيَانِ عَنْ أَبِي جَمْرَةَ (قَالَ مُسَدَّدٌ) أَيْ في روايته (عن بن عَبَّاسٍ) أَيْ ذَكَرَ لَفْظَةَ عَنْ بَيْنَ أَبِي جمرة وبن عَبَّاسٍ حَيْثُ قَالَ أَخْبَرَنَا عَبَّادُ بْنُ عَبَّادٍ عن أبي جمرة عن بن عَبَّاسٍ وَأَمَّا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ وَمُحَمَّدُ بْنُ عُبَيْدٍ فَقَالَا فِي رِوَايَتِهِمَا أَخْبَرَنَا حَمَّادٌ عَنْ أبي جمرة قال سمعت بن عباس فذكرا بين أبي جمرة وبن عَبَّاسٍ لَفْظَ السَّمَاعِ (قَدِمَ وَفْدُ عَبْدِ الْقَيْسِ) الْوَفْدُ الْجَمَاعَةُ الْمُخْتَارَةُ لِلتَّقَدُّمِ فِي لُقِيِ الْعُظَمَاءِ وَاحِدُهُمْ وَافِدٌ وَعَبْدُ الْقَيْسِ اسْمُ أَبِي قَبِيلَةٍ مِنْ أَسَدٍ (إِنَّا هَذَا الْحَيَّ مِنْ رَبِيعَةَ) قال بن الصَّلَاحِ الْحَيَّ مَنْصُوبٌ عَلَى الِاخْتِصَاصِ وَالْمَعْنَى إِنَّا هَذَا الْحَيَّ حَيٌّ مِنْ رَبِيعَةَ قَالَ وَالْحَيُّ هُوَ اسْمٌ لِمَنْزِلِ الْقَبِيلَةِ ثُمَّ سُمِّيَتِ الْقَبِيلَةُ بِهِ لِأَنَّ بَعْضَهُمْ يَحْيَا بِبَعْضٍ (قَدْ حَالَ بَيْنَنَا وَبَيْنَكَ كُفَّارُ مُضَرَ) لِأَنَّ كُفَّارَ مُضَرَ كَانُوا بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ الْمَدِينَةِ وَلَا يُمْكِنُهُمُ الْوُصُولُ إِلَى الْمَدِينَةِ إِلَّا عَلَيْهِمْ (وَلَيْسَ نَخْلُصُ إِلَيْكَ) أَيْ لَا نَصِلُ إِلَيْكَ (إِلَّا فِي شَهْرٍ حَرَامٍ) جِنْسٌ يَشْمَلُ الْأَرْبَعَةَ الْحُرُمَ وَسُمِّيَتْ بِذَلِكَ لِحُرْمَةِ الْقِتَالِ فِيهَا أَيْ فَإِنَّهُمْ لَا يَتَعَرَّضُونَ لَنَا كَمَا كَانَتْ عَادَةُ الْعَرَبِ مِنْ تَعْظِيمِ الْأَشْهُرِ الْحُرُمِ وَامْتِنَاعِهِمْ مِنَ الْقِتَالِ فِيهَا (نَأْخُذُ بِهِ) أَيْ بِذَلِكَ الشَّيْءِ وَقَوْلُهُ نَأْخُذُ بِالرَّفْعِ عَلَى أَنَّهُ صِفَةٌ لِشَيْءٍ وَقَوْلُهُ نَدْعُو عَطْفٌ عَلَيْهِ (مَنْ وَرَاءَنَا) فِي حَالَةِ النَّصْبِ
عَلَى الْمَفْعُولِيَّةِ أَيْ مِنْ قَوْمِنَا أَوْ مِنَ الْبِلَادِ النَّائِيَةِ أَوِ الْأَزْمِنَةِ الْمُسْتَقْبَلَةِ (قَالَ) صلى الله عليه وسلم (آمُرُكُمْ) بِمَدِّ الْهَمْزَةِ (الْإِيمَانُ بِاللَّهِ) بِالْجَرِّ وَيَجُوزُ الضَّمُّ (وَشَهَادَةُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ) عَطْفٌ تَفْسِيرِيٌّ لِقَوْلِهِ الْإِيمَانُ
وقال بن بَطَّالٍ هِيَ مُقْحَمَةٌ كَهِيَ فِي فُلَانٍ حَسَنٍ وَجَمِيلٍ أَيْ حَسَنٌ جَمِيلٌ انْتَهَى
قُلْتُ وَوَاوُ العطف إنما وجدت في بعض نسخ اللؤلؤي وَأَكْثَرُهَا خَالِيَةٌ عَنْهَا
وَأَخْرَجَ الْبُخَارِيُّ فِي الزَّكَاةِ وَفِي الْمَغَازِي مِنْ طَرِيقِ سُلَيْمَانَ بْنِ حَرْبٍ عَنْ حَمَّادٍ بْنِ زَيْدٍ الْإِيمَانُ بِاللَّهِ شَهَادَةُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ
قَالَ الْقَسْطَلَّانِيُّ أَيْ بِدُونِ الْوَاوِ وَهُوَ أَصْوَبُ وَالْإِيمَانِ بِالْجَرِّ بَدَلٌ مِنْ قَوْلِهِ فِي السَّابِقِ بِأَرْبَعٍ وَقَوْلُهُ شَهَادَةِ بِالْجَرِّ عَلَى الْبَدَلِيَّةِ أَيْضًا وَبِالرَّفْعِ فِيهِمَا مبتدأ وخبر (وعقد) أي الرواي (بِيَدِهِ وَاحِدَةً) أَيْ كَلِمَةً وَاحِدَةً أَيْ وَجَعَلَ الْإِيمَانَ بِاللَّهِ وَشَهَادَةَ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ كَلِمَةً وَاحِدَةً وَهَذَا لَفْظُ سُلَيْمَانَ وَمُحَمَّدِ بْنِ عُبَيْدٍ
وَأَمَّا حَدِيثُ مُسَدَّدٍ فَهُوَ أَصْرَحُ وَأَبْيَنُ فِي الْمُرَادِ وَإِلَيْهِ أَشَارَ الْمُؤَلِّفُ بِقَوْلِهِ وَقَالَ مُسَدَّدٌ الْإِيمَانُ بِاللَّهِ ثُمَّ فَسَّرَهَا لَهُمْ شَهَادَةَ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَأَنَّ مُحَمَّدًا رسول الله انْتَهَى فَشَهَادَةُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَأَنَّ مُحَمَّدًا رسول الله هِيَ كَلِمَةٌ وَاحِدَةٌ
وَثَانِيهِمَا إِقَامَةُ الصَّلَاةِ
وَثَالِثُهُمَا إيتاء الزكاة وخامسها أَدَاءُ الْخُمُسِ مِنَ الْغَنِيمَةِ
وَلَمْ يَذْكُرْ فِي هَذِهِ الرِّوَايَةِ صِيَامَ رَمَضَانَ إِمَّا لِغَفْلَةِ الرَّاوِي أَوِ اخْتِصَارِهِ وَلَيْسَ ذَلِكَ مِنَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَلَمْ يَذْكُرِ الْحَجَّ أَيْضًا لِشُهْرَتِهِ عِنْدَهُمْ أَوْ لِكَوْنِهِ عَلَى التَّرَاخِي وَالتَّفْصِيلُ فِي الْفَتْحِ
(وَأَنْهَاكُمْ عَنِ الدُّبَّاءِ) بِضَمِّ الْمُهْمَلَةِ وَتَشْدِيدِ الْمُوَحَّدَةِ وَالْمَدِّ هُوَ الْقَرْعُ وَالْمُرَادُ الْيَابِسُ مِنْهُ (وَالْحَنْتَمِ) بِفَتْحِ الْمُهْمَلَةِ وَسُكُونِ النُّونِ وَفَتْحِ الْمُثَنَّاةِ مِنْ فَوْقُ هِيَ الْجَرَّةُ كَذَا فَسَّرَهَا بن عُمَرَ فِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ
وَلَهُ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ الْحَنْتَمُ الْجِرَارُ الْخُضْرُ (وَالْمُزَفَّتِ) بِالزَّايِ وَالْفَاءِ مَا طُلِيَ بِالزِّفْتِ (وَالْمُقَيَّرِ) بِفَتْحِ الْقَافِ وَالْيَاءِ مَا طُلِيَ بِالْقَارِ وَيُقَالُ لَهُ الْقِيرُ وَهُوَ نَبْتٌ يُحْرَقُ إِذَا يَبِسَ تُطْلَى بِهِ السُّفُنُ وَغَيْرُهَا كَمَا تُطْلَى بِالزِّفْتِ كَذَا فِي الْفَتْحِ (وقال بن عُبَيْدٍ) أَيْ فِي رِوَايَتِهِ (النَّقِيرِ) بِفَتْحِ النُّونِ وَكَسْرِ الْقَافِ أَصْلُ النَّخْلَةِ يُنْقَرُ فَيُتَّخَذُ مِنْهُ وِعَاءٌ (وَقَالَ مُسَدَّدٌ) أَيْ فِي رِوَايَتِهِ (وَالنَّقِيرُ وَالْمُقَيَّرُ) أَيْ قَالَ مُسَدَّدٌ أَنْهَاكُمْ عَنِ الدُّبَّاءِ وَالْحَنْتَمِ وَالنَّقِيرِ وَالْمُقَيَّرِ (وَلَمْ يَذْكُرْ) أَيْ مُسَدَّدٌ
(الْمُزَفَّتَ) بَلْ ذَكَرَ مَكَانَهُ النَّقِيرَ (أَبُو جَمْرَةَ نَصْرُ بْنُ عِمْرَانَ الضُّبَعِيُّ) مُبْتَدَأٌ وَخَبَرٌ أَيْ أَبُو جَمْرَةَ اسْمُهُ نَصْرُ بْنُ عِمْرَانَ وَالضُّبَعِيُّ بِضَمِّ الضَّادِ الْمُعْجَمَةِ وَفَتْحِ الْبَاءِ إِلَى ضُبَيْعَةَ بْنِ قَيْسٍ بَطْنٍ مِنْ بَكْرِ بْنِ وَائِلٍ
وَضُبَيْعَةَ بْنِ رَبِيعَةَ بْنِ نِزَارِ بْنِ مَعْدِ بْنِ عَدْنَانَ قَالَهُ السُّيُوطِيُّ
قَالَ الْمُنْذِرِيُّ وَأَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ وَالتِّرْمِذِيُّ وَالنَّسَائِيُّ
[3693]
(وَالْمَزَادَةِ) هِيَ السِّقَاءُ الْكَبِيرُ سُمِّيَتْ بِذَلِكَ لِأَنَّهُ يُزَادُ فِيهَا عَلَى الْجِلْدِ الْوَاحِدِ كَذَا قَالَ النَّسَائِيُّ (الْمَجْبُوبَةِ) بِالْجِيمِ بَعْدَهَا مُوَحَّدَتَانِ بَيْنَهُمَا وَاوٌ كَذَا ضَبَطَهُ فِي النِّهَايَةِ أَيِ الَّتِي قُطِعَ رَأْسُهَا فَصَارَتْ كَالدَّنِّ مُشْتَقَّةٌ مِنَ الْجَبِّ وَهُوَ الْقَطْعُ لِيَكُونَ رَأْسُهَا يُقْطَعُ حَتَّى لَا يَكُونَ لَهَا رَقَبَةٌ تُوكَى وَقِيلَ هِيَ الَّتِي قُطِعَتْ رَقَبَتُهَا وَلَيْسَ لَهَا عَزْلَاءُ أَيْ فَمٌ مِنْ أَسْفَلِهَا يُتَنَفَّسُ الشَّرَابُ مِنْهَا فَيَصِيرُ شَرَابُهَا مُسْكِرًا وَلَا يُدْرَى بِهِ بِخِلَافِ السِّقَاءِ الْمُتَعَارَفِ فَإِنَّهُ يَظْهَرُ فِيهِ مَا اشْتَدَّ مِنْ غَيْرِهِ لِأَنَّهَا تَنْشَقُّ بِالِاشْتِدَادِ الْقَوِيِّ (وَلَكِنِ اشْرَبْ فِي سِقَائِكَ وَأَوْكِهِ) بِفَتْحِ الْهَمْزَةِ أَيْ وَإِذَا فَرَغْتَ مِنْ صَبِّ الْمَاءِ وَاللَّبَنِ الَّذِي مِنَ الْجِلْدَةِ فَأَوْكِهِ أَيْ شُدَّ رَأْسَهُ بِالْوِكَاءِ يَعْنِي بِالْخَيْطِ لِئَلَّا يَدْخُلَهُ حَيَوَانٌ أَوْ يَسْقُطَ فِيهِ شَيْءٌ كَذَا قَالَ فِي النَّيْلِ
وَقَالَ النَّوَوِيُّ مَعْنَاهُ أَنَّ السِّقَاءَ إِذَا أُوكِيَ أُمِنَتْ مَفْسَدَةُ الْإِسْكَارِ لِأَنَّهُ مَتَى تَغَيَّرَ نَبِيذُهُ وَاشْتَدَّ وَصَارَ مُسْكِرًا شَقَّ الْجِلْدَ الْمُوكَى فَمَا لَمْ يَشُقَّهُ لَا يَكُونُ مُسْكِرًا بِخِلَافِ الدُّبَّاءِ وَالْحَنْتَمِ وَالْمَزَادَةِ الْمَجْبُوبَةِ وَالْمُزَفَّتِ وَغَيْرِهَا مِنَ الْأَوْعِيَةِ الْكَثِيفَةِ فَإِنَّهُ قَدْ يَصِيرُ فِيهَا مُسْكِرًا وَلَا يُعْلَمُ
قَالَ الْمُنْذِرِيُّ وَأَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ وَالنَّسَائِيُّ
[3694]
(بِأَسْقِيَةِ الْأَدَمِ) بِفَتْحِ الْهَمْزَةِ وَالدَّالِ جَمْعُ أَدِيمٍ وَهُوَ الجلد الذي تم دباغه والأسقية جمع
سقاة (الَّتِي يُلَاثُ) بِضَمِّ الْمُثَنَّاةِ مِنْ تَحْتُ وَتَخْفِيفِ اللَّامِ وَآخِرُهُ ثَاءٌ مُثَلَّثَةٌ أَيْ يُلَفُّ الْخَيْطُ عَلَى أَفْوَاهِهَا وَيُرْبَطُ بِهِ
قَالَ الْمُنْذِرِيُّ وَأَخْرَجَهُ النَّسَائِيُّ مُسْنَدًا وَمُرْسَلًا وَقَدْ أَخْرَجَ مُسْلِمٌ فِي الصَّحِيحِ حَدِيثَ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ فِي وَفْدِ عبد القيس وفيه فقلت ففيم تشرب يارسول اللَّهِ قَالَ فِي أَسْقِيَةِ الْأَدَمِ الَّتِي يُلَاثُ عَلَى أَفْوَاهِهَا
[3695]
(فَإِنِ اشْتَدَّ فَاكْسِرُوهُ بِالْمَاءِ فَإِنْ أَعْيَاكُمْ فَأَهْرِيقُوهُ) أَيْ إِنِ اشْتَدَّ النَّبِيذُ فِي الْجِلْدِ أَيْضًا فَأَصْلِحُوهُ بِتَخْلِيطِ الْمَاءِ بِهِ وَإِنْ غَلَبَ اشْتِدَادُهُ بِحَيْثُ أَعْيَاكُمْ فَصُبُّوهُ وَاللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ
وَالْحَدِيثُ سَكَتَ عَنْهُ الْمُنْذِرِيُّ
[3696]
(حَدَّثَنِي عَلِيُّ بن بذيمة) بفتح الموحدة وكسر المعجمة الخفيفة بَعْدَهَا تَحْتَانِيَّةٌ سَاكِنَةٌ ثِقَةٌ رُمِيَ بِالتَّشَيُّعِ (حَدَّثَنِي قَيْسُ بْنُ حَبْتَرٍ) بِمُهْمَلَةٍ وَمُوَحَّدَةٍ وَمُثَنَّاةٍ عَلَى وَزْنِ جَعْفَرٍ ثِقَةٌ (نَهْشَلِيٌّ) بِفَتْحِ أَوَّلِهِ وَالْمُعْجَمَةِ إِلَى نَهْشَلٍ بَطْنٌ مِنْ تَمِيمٍ وَمِنْ كَلْبٍ (فَإِنِ اشْتَدَّ) أَيِ النَّبِيذُ (فِي الثَّالِثَةِ أَوِ الرَّابِعَةِ) أَيْ فِي الْمَرَّةِ الثَّالِثَةِ أَوِ الرَّابِعَةِ (فَسَأَلْتُ عَلِيَّ بْنَ بَذِيمَةَ عَنِ الْكُوبَةِ قَالَ الطَّبْلُ) وَقَالَ الْخَطَّابِيُّ
الْكُوبَةُ تُفَسَّرُ بِالطَّبْلِ
وَيُقَالُ بَلْ هُوَ النَّرْدُ وَيَدْخُلُ فِي مَعْنَاهُ كُلُّ وَتَرٍ وَمِزْهَرٍ وَنَحْوُ ذَلِكَ مِنَ الْمَلَاهِي وَالْحَدِيثُ سَكَتَ عَنْهُ الْمُنْذِرِيُّ
[3697]
(وَالْجِعَةِ) بِكَسْرِ الْجِيمِ وَفَتْحِ الْعَيْنِ الْمُهْمَلَةِ
قَالَ الْخَطَّابِيُّ قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ هِيَ نَبِيذُ الشَّعِيرِ
قَالَ الْمُنْذِرِيُّ وَأَخْرَجَهُ النَّسَائِيُّ
[3698]
(نَهَيْتُكُمْ) أَيْ أَوَّلًا (عَنْ ثَلَاثٍ) أَيْ ثَلَاثِ أُمُورٍ وَهَذَا مِنَ الْأَحَادِيثِ الَّتِي تَجْمَعُ النَّاسِخَ وَالْمَنْسُوخَ (نَهَيْتُكُمْ عَنْ زيارة القبور فزوروها) قال بن الْمَلَكِ الْإِذْنُ مُخْتَصٌّ لِلرِّجَالِ لِمَا رُوِيَ أَنَّهُ عليه السلام لَعَنَ زَوَّارَاتِ الْقُبُورِ وَقِيلَ إِنَّ هَذَا الْحَدِيثَ قَبْلَ التَّرْخِيصِ فَلَمَّا رَخَّصَ عَمَّتِ الرُّخْصَةُ لَهُمَا كَذَا فِي شَرْحِ السُّنَّةِ (فَإِنَّ في زيارتها تَذْكِرَةً) أَيْ لِلْمَوْتِ وَالْقِيَامَةِ (إِلَّا فِي ظُرُوفِ الْأَدَمِ) بِفَتْحِ الْهَمْزَةِ وَالدَّالِ جَمْعُ أَدِيمٍ وَيُقَالُ أُدُمٌ بَعْضُهُمَا وَهُوَ الْقِيَاسُ كَكَثِيبٍ وَكُثُبٍ وَبَرِيدٍ وَبُرُدٍ وَالْأَدِيمُ الْجِلْدُ الْمَدْبُوغُ وَالِاسْتِثْنَاءُ مُنْقَطِعٌ لِأَنَّ الْمَنْهِيَّ عَنْهُ هِيَ الْأَشْرِبَةُ فِي الظُّرُوفِ الْمَخْصُوصَةِ وَلَيْسَتْ ظُرُوفُ الْأَدَمِ مِنْ جِنْسِ ذَلِكَ
ذَكَرَهُ الطِّيبِيُّ (فَاشْرَبُوا فِي كُلِّ وِعَاءٍ غَيْرَ أَنْ لَا تَشْرَبُوا مُسْكِرًا) فِيهِ دَلِيلٌ عَلَى نَسْخِ النَّهْيِ عَنِ الِانْتِبَاذِ فِي الْأَوْعِيَةِ الْمَذْكُورَةِ
قَالَ النَّوَوِيُّ كَانَ الِانْتِبَاذُ فِي هَذِهِ الْأَوْعِيَةِ مَنْهِيًّا عَنْهُ فِي أَوَّلِ الْإِسْلَامِ خَوْفًا مِنْ أَنْ يَصِيرَ مُسْكِرًا فِيهَا وَلَا نَعْلَمُ بِهِ لِكَثَافَتِهَا فَيُتْلِفُ مَالِيَّتَهُ وَرُبَّمَا شَرِبَهُ الْإِنْسَانُ ظَانًّا أَنَّهُ لَمْ يَصِرْ مُسْكِرًا فَيَصِيرُ شَارِبًا لِلْمُسْكِرِ وَكَانَ الْعَهْدُ قَرِيبًا بِإِبَاحَةِ الْمُسْكِرِ فَلَمَّا طَالَ الزَّمَانُ وَاشْتَهَرَ تَحْرِيمُ الْمُسْكِرَاتِ وَتَقَرَّرَ ذَلِكَ فِي نُفُوسِهِمْ نُسِخَ ذَلِكَ وَأُبِيحَ لَهُمُ الِانْتِبَاذُ فِي كُلِّ وِعَاءٍ بِشَرْطِ أَنْ لَا يَشْرَبُوا مُسْكِرًا انْتَهَى (وَنَهَيْتُكُمْ عَنْ لُحُومِ الْأَضَاحِي) تَقَدَّمَ الْكَلَامُ فِيهِ فِي كِتَابِ الْأَضَاحِي
قَالَ الْمُنْذِرِيُّ وَأَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ وَالنَّسَائِيُّ بِمَعْنَاهُ وَأَخْرَجَ مُسْلِمٌ وَالتِّرْمِذِيُّ فَصْلَ الظُّرُوفِ فِي جَامِعِهِ مِنْ حَدِيثِ سُلَيْمَانَ بْنِ بُرَيْدَةَ عَنْ أَبِيهِ وَأَخْرَجَ بن مَاجَهْ فِي سُنَنِهِ هَذَا الْفَصْلَ أَيْضًا وَقَالَ فيه عن بن بُرَيْدَةَ عَنْ أَبِيهِ وَلَمْ يَسْمَعْهُ
[3699]
(عَنِ الْأَوْعِيَةِ) أَيْ عَنِ الِانْتِبَاذِ فِي الْأَوْعِيَةِ (قَالَ) أَيْ جَابِرٌ (إِنَّهُ) أَيِ الشَّأْنُ (لَا بُدَّ لَنَا) أَيْ مِنَ الْأَوْعِيَةِ (قَالَ) أَيْ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم (فَلَا إِذًا) أَيْ إِذَا كَانَ لَا بُدَّ لَكُمْ مِنْهَا فَلَا يُنْهَى عَنِ الِانْتِبَاذِ فِيهَا فَالنَّهْيُ كَانَ قَدْ وَرَدَ عَلَى تَقْدِيرِ عَدَمِ الِاحْتِيَاجِ وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ الْحُكْمُ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ مُفَوَّضًا لِرَأْيِهِ صلى الله عليه وسلم أَوْ أُوحِيَ إِلَيْهِ فِي الْحَالِ بِسُرْعَةٍ
وَعِنْدَ أَبِي يَعْلَى وَصَحَّحَهُ بن حِبَّانَ مِنْ حَدِيثِ الْأَشَجِّ الْعَصَرِيِّ أَنَّهُ صلى الله عليه وسلم قال لهم مالي أَرَى وُجُوهَكُمْ قَدْ تَغَيَّرَتْ قَالُوا نَحْنُ بِأَرْضٍ وَخِمَةٍ وَكُنَّا نَتَّخِذُ مِنْ هَذِهِ الْأَنْبِذَةِ مَا يَقْطَعُ اللُّحْمَانَ فِي بُطُونِنَا فَلَمَّا نَهَيْتَنَا عَنِ الظُّرُوفِ فَذَلِكَ الَّذِي تَرَى فِي وُجُوهِنَا فَقَالَ صلى الله عليه وسلم إِنَّ الظُّرُوفَ لَا تَحِلُّ وَلَا تَحْرُمُ وَلَكِنْ كُلُّ مُسْكِرٍ حَرَامٍ كَذَا فِي الْقَسْطَلَّانِيِّ
قَالَ الْمُنْذِرِيُّ وَأَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ والترمذي وبن مَاجَهْ
[3700]
(فَقَالَ أَعْرَابِيٌّ إِنَّهُ) أَيِ الشَّأْنُ (فَقَالَ اشْرَبُوا مَا حَلَّ) أَيِ الَّذِي حَلَّ مِنَ الْأَشْرِبَةِ فِي أَيِّ ظَرْفٍ كَانَ
[3701]
(بِإِسْنَادِهِ) أَيِ الْمَذْكُورِ قَبْلُ (اجْتَنِبُوا مَا أَسْكَرَ) أَيِ احْتَرِزُوا عَنِ الْمُسْكِرِ وَاشْرَبُوا مَا حَلَّ فِي أَيِّ ظَرْفٍ كَانَ
قَالَ الْمُنْذِرِيُّ وَأَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ بِمَعْنَاهُ وَفِيهِ فَأَرْخَصَ لَهُمْ فِي الْجَرِّ غَيْرِ المزفت