الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
يُؤْتَدَمُ بِهِ يُقَالُ أَدَمَ الْخُبْزَ يَأْدِمُهُ بِكَسْرِ الدَّالِ وَجَمْعُ الْإِدَامِ أُدُمٌ بِضَمِّ الْهَمْزَةِ وَالدَّالِ كَإِهَابٍ وَأُهُبٍ وَكِتَابٍ وَكُتُبٍ وَالْأُدْمُ بِسُكُونِ الدَّالِ مُفْرَدٌ كَالْإِدَامِ
قَالَ الْخَطَّابِيُّ فِي الْمَعَالِمِ مَعْنَى هَذَا الْكَلَامِ مَدْحُ الِاقْتِصَادِ فِي الْمَأْكَلِ وَمَنْعُ النَّفْسِ عَنْ مَلَاذِّ الْأَطْعِمَةِ كَأَنَّهُ يَقُولُ ائْتَدِمُوا بِالْخَلِّ وَمَا كَانَ فِي مَعْنَاهُ مِمَّا تَخِفُّ مُؤْنَتُهُ وَلَا يَعِزُّ وُجُودُهُ وَلَا تَتَأَنَّقُوا فِي الشَّهَوَاتِ فَإِنَّهَا مُفْسِدَةٌ لِلدِّينِ مُسْقِمَةٌ لِلْبَدَنِ انْتَهَى
وَنَقَلَ النَّوَوِيُّ كَلَامَ الْخَطَّابِيِّ هَذَا ثُمَّ قَالَ وَالصَّوَابُ الَّذِي يَنْبَغِي أَنْ يُجْزَمَ بِهِ أَنَّهُ مَدْحٌ لِلْخَلِّ نَفْسِهِ وَأَمَّا الِاقْتِصَادُ فِي الْمَطْعَمِ وَتَرْكُ الشَّهَوَاتِ فَمَعْلُومٌ مِنْ قَوَاعِدَ أُخَرَ وَاللَّهُ أَعْلَمُ انْتَهَى
قَالَ الْمُنْذِرِيُّ وَأَخْرَجَهُ التِّرْمِذِيُّ وبن مَاجَهْ
[3821]
(عَنْ طَلْحَةَ بْنِ نَافِعٍ عَنْ جَابِرٍ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ نِعْمَ الْإِدَامُ الْخَلُّ) لِأَنَّهُ أَقَلُّ مُؤْنَةٍ وَأَقْرَبُ إلى القناعة ورواه بن مَاجَهْ عَنْ أُمِّ سَعْدٍ وَزَادَ اللَّهُمَّ بَارِكْ فِي الْخَلِّ وَفِي رِوَايَةٍ لَهُ فَإِنَّهُ كَانَ إِدَامَ الْأَنْبِيَاءِ وَفِي رِوَايَةٍ لَهُ لَمْ يَفْتَقِرْ بيت فيه خلقال الْمُنْذِرِيُّ وَأَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ وَالنَّسَائِيُّ
1 -
(بَاب فِي أَكْلِ الثُّومِ)
[3822]
(مَنْ أَكَلَ ثُومًا أَوْ بَصَلًا) أَيْ غَيْرَ مَطْبُوخَيْنِ (فَلْيَعْتَزِلْنَا) أَيْ لِيَبْعُدْ عَنَّا (أَوْ لِيَعْتَزِلْ مَسْجِدَنَا) فَإِنَّهُ مَعَ أَنَّهُ مَجْمَعُ الْمُسْلِمِينَ فَهُوَ مَهْبِطُ الْمَلَائِكَةِ الْمُقَرَّبِينَ وَالشَّكُّ مِنَ الرَّاوِي
قَالَ بَعْضُ الْعُلَمَاءِ النَّهْيُ عَنْ مَسْجِدِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم خَاصَّةً وَحُجَّةُ الْجُمْهُورِ رِوَايَةُ فَلَا يَقْرَبَنَّ مَسَاجِدَنَا فَإِنَّهُ صَرِيحٌ فِي الْعُمُومِ (وَإِنَّهُ أُتِيَ بِبَدْرٍ) بِفَتْحِ الْمُوَحَّدَةِ وَهُوَ الطَّبَقُ سُمِّيَ بِذَلِكَ لِاسْتِدَارَتِهِ تَشْبِيهًا لَهُ بِالْقَمَرِ عند كماله وفسره به بن وَهْبٍ رَاوِي الْحَدِيثِ كَمَا فِي آخِرِ الْحَدِيثِ (فِيهِ خَضِرَاتٌ) بِفَتْحِ الْخَاءِ وَكَسْرِ الضَّادِ الْمُعْجَمَتَيْنِ جَمْعُ خَضِرَةٍ وَيُرْوَى بِضَمِّ الْخَاءِ وَفَتْحِ الضَّادِ جَمْعُ خَضِرَةٍ (مِنَ
الْبُقُولِ) مِنْ لِلْبَيَانِ (قَرِّبُوهَا) أَيِ الْخَضِرَاتِ (إِلَى بَعْضِ أَصْحَابِهِ) قَالَ الْكِرْمَانِيُّ فِيهِ النَّقْلُ بِالْمَعْنَى إذا لرسول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم لَمْ يَقُلْهُ بِهَذَا اللَّفْظِ بَلْ قَالَ قَرِّبُوهَا إِلَى فُلَانٍ مَثْلًا أَوْ فِيهِ حَذْفٌ أَيْ قَالَ قَرِّبُوهَا مُشِيرًا أَوْ أَشَارَ إِلَى أَصْحَابِهِ وَالْمُرَادُ بِالْبَعْضِ أَبُو أَيُّوبَ الْأَنْصَارِيُّ
فَفِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ مِنْ حَدِيثِ أَبِي أَيُّوبَ فِي قِصَّةِ نُزُولِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ فَكَانَ يَصْنَعُ لِلنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم طَعَامًا فَإِذَا جِيءَ بِهِ إِلَيْهِ أَيْ بَعْدَ أَنْ يَأْكُلَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم سَأَلَ عَنْ مَوْضِعِ أَصَابِعِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَصَنَعَ ذَلِكَ مَرَّةً فَقِيلَ لَهُ لَمْ يَأْكُلْ وَكَانَ الطَّعَامُ فِيهِ ثُومٌ فَقَالَ أَحَرَامٌ هُوَ يارسول اللَّهِ قَالَ لَا وَلَكِنْ أَكْرَهُهُ (كَانَ) أَيِ الْبَعْضُ (مَعَهُ) أَيْ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِي الْبَيْتِ (فَإِنِّي أُنَاجِي مَنْ لَا تُنَاجِي) أَيِ الْمَلَائِكَةَ
قَالَ الْمُنْذِرِيُّ وَأَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ وَالنَّسَائِيُّ
[3823]
(أَشَدُّ ذَلِكَ كُلُّهُ الثُّومُ) أَيْ فِي الرِّيحِ وَالنَّتْنِ (كُلُوهُ وَمَنْ أَكَلَهُ إِلَخْ) فِيهِ جَوَازُ أَكْلِ الثُّومِ وَالْبَصَلِ إِلَّا أَنَّ مَنْ أَكَلَهُ يُكْرَهُ لَهُ حُضُورُ الْمَسْجِدِ
وَالْحَدِيثُ سَكَتَ عَنْهُ الْمُنْذِرِيُّ
[3824]
(عَنْ زِرِّ بْنِ حُبَيْشٍ) بِكَسْرِ الزَّايِ وَتَشْدِيدِ الرَّاءِ وَحُبَيْشٌ بِمُهْمَلَةٍ وَمُوَحَّدَةٍ مُصَغَّرًا (مَنْ تَفِلَ) بِمُثَنَّاةٍ وَفَاءٍ أَيْ بَصَقَ (تِجَاهَ الْقِبْلَةِ) أَيْ جَانِبَ الْقِبْلَةِ
في القاموس وجاهك تجاهك مُثَلَّثَيْنِ تِلْقَاءَ وَجْهِكَ (تَفْلُهُ) بِفَتْحِ الْمُثَنَّاةِ وَسُكُونِ الْفَاءِ أَيْ بُصَاقُهُ وَالْجُمْلَةُ حَالِيَّةٌ (مِنْ هَذِهِ الْبَقْلَةِ الْخَبِيثَةِ) أَيِ الثُّومُ وَالْبَصَلُ وَالْكُرَّاثُ وَخُبْثُهَا مِنْ كَرَاهَةِ طَعْمِهَا وَرَائِحَتِهَا لِأَنَّهَا طَاهِرَةٌ قَالَهُ فِي الْمَجْمَعِ (فَلَا يَقْرَبَنَّ مَسْجِدَنَا ثَلَاثًا) أَيْ قَالَ هَذِهِ الْكَلِمَةَ ثَلَاثًا
وَالْحَدِيثُ سَكَتَ عَنْهُ المنذري
[3825]
(فَلَا يَقْرَبَنَّ الْمَسَاجِدَ) فِيهِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ النَّهْيَ عَامٌّ لِكُلِّ مَسْجِدٍ وَلَيْسَ خَاصًّا بِمَسْجِدِ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم وَالْحَدِيثُ سَكَتَ عَنْهُ الْمُنْذِرِيُّ
[3826]
(وَقَدْ سُبِقْتُ) عَلَى الْبِنَاءِ لِلْمَجْهُولِ (مَنْ أَكَلَ مِنْ هَذِهِ الشَّجَرَةِ فَلَا يَقْرَبْنَا) لَيْسَ فِي هَذَا تَقْيِيدُ النَّهْيِ بِالْمَسْجِدِ فَيُسْتَدَلُّ بِعُمُومِهِ عَلَى إِلْحَاقِ الْمَجَامِعِ بِالْمَسَاجِدِ كَمُصَلَّى الْعِيدِ وَالْجِنَازَةِ وَمَكَانِ الْوَلِيمَةِ وَقَدْ أَلْحَقَهَا بَعْضُهُمْ بِالْقِيَاسِ وَالتَّمَسُّكُ بِهَذَا الْعُمُومِ أَوْلَى لَكِنْ قَدْ عُلِّلَ الْمَنْعُ فِي الْحَدِيثِ بِتَرْكِ أَذَى الْمَلَائِكَةِ وَتَرْكِ أَذَى الْمُسْلِمِينَ فَإِنْ كَانَ كُلٌّ مِنْهُمَا جُزْءَ عِلَّةٍ اخْتَصَّ النَّهْيُ بِالْمَسَاجِدِ وَمَا فِي مَعْنَاهَا وَهَذَا هُوَ الْأَظْهَرُ وَإِلَّا لَعَمَّ النَّهْيُ كُلَّ مَجْمَعٍ كَالْأَسْوَاقِ وَيُؤَيِّدُ هَذَا الْبَحْثَ قَوْلُهُ فِي حَدِيثِ أَبِي سَعِيدٍ عِنْدَ مُسْلِمٍ مَنْ أَكَلَ مِنْ هَذِهِ الشَّجَرَةِ شَيْئًا فَلَا يَقْرَبْنَا فِي المسجد
قال القاضي بن الْعَرَبِيِّ ذِكْرُ الصِّفَةِ فِي الْحُكْمِ يَدُلُّ عَلَى التَّعْلِيلِ بِهَا وَمِنْ ثَمَّ رَدَّ عَلَى الْمَازِرِيِّ حَيْثُ قَالَ لَوْ أَنَّ جَمَاعَةَ مَسْجِدٍ أَكَلُوا كُلُّهُمْ مَا لَهُ رَائِحَةٌ كَرِيهَةٌ لَمْ يُمْنَعُوا مِنْهُ بِخِلَافِ مَا إِذَا أَكَلَ بَعْضُهُمْ لِأَنَّ الْمَنْعَ لَمْ يَخْتَصَّ بِهِمْ بَلْ بِهِمْ وَبِالْمَلَائِكَةِ وَعَلَى هَذَا يَتَنَاوَلُ الْمَنْعُ مَنْ تَنَاوَلَ شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ وَدَخَلَ الْمَسْجِدَ مُطْلَقًا وَلَوْ كَانَ وَحْدَهُ كَذَا أَفَادَ الْحَافِظُ فِي الْفَتْحِ (فِي كُمِّ قَمِيصِي) الْكُمُّ بِالضَّمِّ وَتَشْدِيدِ الْمِيمِ مَدْخَلُ الْيَدِ وَمَخْرَجُهَا مِنَ الثَّوْبِ (فَإِذَا أَنَا مَعْصُوبُ الصَّدْرِ) كَانَ مِنْ عَادَتِهِمْ إِذَا جَاعَ أَحَدُهُمْ أَنْ يَشُدَّ جَوْفَهُ بِعِصَابَةٍ وَرُبَّمَا جَعَلَ تَحْتَهَا حَجَرًا
كَذَا فِي النِّهَايَةِ
قَالَ الْمُنْذِرِيُّ فِي إِسْنَادِهِ أَبُو هِلَالٍ مُحَمَّدُ بْنُ سُلَيْمٍ الْمَعْرُوفُ بِالرَّاسِبِيِّ وَقَدْ تَكَلَّمَ فِيهِ غَيْرُ وَاحِدٍ
[3827]
(إِنْ كُنْتُمْ لَا بُدَّ آكِلُوهُمَا) وَفِي بَعْضِ النُّسَخِ آكِلِيهِمَا وَهُوَ الظَّاهِرُ لِأَنَّهُ خَبَرُ كُنْتُمْ
قَالَ فِي الْقَامُوسِ بَدَّدَهُ تَبْدِيدًا فَرَّقَهُ وَلَا بُدَّ لَا فِرَاقَ وَلَا مَحَالَةَ انْتَهَى
وَخَبَرُ لَا مَحْذُوفٌ وَالْجُمْلَةُ مُعْتَرِضَةٌ (فَأَمِيتُوهُمَا طَبْخًا) أَيْ أَزِيلُوا رَائِحَتَهُمَا بِالطَّبْخِ
وَالْحَدِيثُ سَكَتَ عَنْهُ الْمُنْذِرِيُّ
[3828]
(نُهِيَ) بِصِيغَةِ الْمَجْهُولِ (عَنْ أَكْلِ الثُّومِ إِلَّا مطبوخا) قال القارىء هَذَا الْحَدِيثُ يُفِيدُ تَقْيِيدَ مَا وَرَدَ مِنَ الْأَحَادِيثِ الْمُطْلَقَةِ فِي النَّهْيِ (قَالَ أَبُو دَاوُدَ شَرِيكُ بْنُ حَنْبَلٍ) أَيْ شَرِيكٌ الْمَذْكُورُ فِي الإسناد هو بن حَنْبَلٍ
قَالَ الْمُنْذِرِيُّ وَأَخْرَجَهُ التِّرْمِذِيُّ قَالَ وَقَدْ رَوَى هَذَا عَنْ عَلِيٍّ قَوْلُهُ وَقَالَ لَيْسَ إِسْنَادُهُ بِذَاكَ الْقَوِيِّ
قَالَ أَخْبَرَنَا أَيْ بَقِيَّةُ بْنُ الْوَلِيدِ وَالْمَعْنَى أَنَّ إِبْرَاهِيمَ بْنَ مُوسَى قَالَ أَخْبَرَنَا بَقِيَّةُ وَقَالَ حَيْوَةُ حَدَّثَنَا بَقِيَّةُ
[3829]
(إِنَّ آخِرَ طَعَامٍ أَكَلَهُ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم طَعَامٌ فِيهِ بَصَلٌ) أَيْ مَطْبُوخٌ بِشَهَادَةِ الطَّعَامِ لِأَنَّهُ الْغَالِبُ فِيهِ قَالَ بن الْمَلَكِ قِيلَ إِنَّمَا أَكَلَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم ذَلِكَ فِي آخِرِ عُمُرِهِ لِيُعْلِمَ أن النهي للتنزية لا للتحريم ذكره القارىء
وَأَحَادِيثُ الْبَابِ تَدُلُّ عَلَى جَوَازِ أَكْلِ الثُّومِ وَالْبَصَلِ مَطْبُوخًا كَانَ أَوْ غَيْرَ مَطْبُوخٍ لِمَنْ قَعَدَ فِي بَيْتِهِ وَكَرَاهَةِ حُضُورِ الْمَسْجِدِ وَرِيحُهُ مَوْجُودٌ لِئَلَّا يُؤْذِيَ بِذَلِكَ مَنْ يَحْضُرُهُ مِنَ الْمَلَائِكَةِ وَبَنِي آدَمَ وَقَدْ أَلْحَقَ الْفُقَهَاءُ بِالثُّومِ وَالْبَصَلِ مَا فِي مَعْنَاهُمَا مِنَ الْبُقُولِ الْكَرِيهَةِ الرَّائِحَةِ كَالْفُجْلِ
قَالَ الْحَافِظُ وَقَدْ وَرَدَ فِيهِ حَدِيثٌ فِي الطَّبَرَانِيِّ
قَالَ الْمُنْذِرِيُّ وَأَخْرَجَهُ النَّسَائِيُّ وَفِي إِسْنَادِهِ بَقِيَّةُ بْنُ الْوَلِيدِ وَفِيهِ مَقَالٌ