الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
قَالَ الْخَطَّابِيُّ الْقَدَحُ مِنَ اللَّبَنِ بِالْغَدَاةِ وَالْقَدَحُ بِالْعَشِيِّ يُمْسِكُ الرَّمَقَ وَيُقِيمُ النَّفْسَ وَإِنْ كَانَ لَا يَغْذُو الْبَدَنَ وَلَا يُشْبِعُ الشِّبَعَ التَّامَّ وَقَدْ أَبَاحَ لَهُمْ مَعَ ذَلِكَ تَنَاوَلَ الْمَيْتَةِ فَكَانَ دَلَالَتُهُ أَنَّ تَنَاوُلَ الْمَيْتَةِ مُبَاحٌ إِلَى أَنْ تَأْخُذَ النَّفْسُ حَاجَتَهَا مِنَ الْقُوتِ وَإِلَى هَذَا ذَهَبَ مَالِكٌ وَالشَّافِعِيُّ فِي أَحَدِ قَوْلَيْهِ انتهى
قال العلامة الشوكاني والقول الراجح عند الشَّافِعِيِّ هُوَ الِاقْتِصَارُ عَلَى سَدِّ الرَّمَقِ كَمَا نَقَلَهُ الْمُزَنِيُّ وَصَحَّحَهُ الرَّافِعِيُّ وَالنَّوَوِيُّ وَهُوَ قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ وَإِحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ عَنْ مَالِكٍ
وَيَدُلُّ عَلَيْهِ قَوْلُهُ هَلْ عِنْدَكَ غِنًى يُغْنِيكَ إِذَا كَانَ يُقَالُ لِمَنْ وَجَدَ سَدَّ رَمَقِهِ مُسْتَغْنِيًا لُغَةً أَوْ شَرْعًا
وَاسْتَدَلَّ بِهِ بَعْضُهُمْ عَلَى الْقَوْلِ الْأَوَّلِ قَالَ لِأَنَّهُ سَأَلَهُ عَنِ الْغِنَى وَلَمْ يَسْأَلْهُ عَنْ خَوْفِهِ عَلَى نَفْسِهِ وَالْآيَةُ الْكَرِيمَةُ قَدْ دَلَّتْ عَلَى تَحْرِيمِ الْمَيْتَةِ وَاسْتَثْنَى مَا وَقَعَ الِاضْطِرَارُ إِلَيْهِ فَإِذَا انْدَفَعَتِ الضَّرُورَةُ لَمْ يَحِلَّ الْأَكْلُ كَحَالَةِ الِابْتِدَاءِ وَلَا شَكَّ أَنَّ سَدَّ الرَّمَقِ يَدْفَعُ الضَّرُورَةَ وَقِيلَ إِنَّهُ يَجُوزُ أَكْلُ الْمُعْتَادِ لِلْمُضْطَرِّ فِي أَيَّامِ عَدَمِ الِاضْطِرَارِ
قَالَ الْحَافِظُ وَهُوَ الرَّاجِحُ لِإِطْلَاقِ الْآيَةِ
وَاخْتَلَفُوا فِي الْحَالَةِ الَّتِي يَصِحُّ فِيهَا الْوَصْفُ بِالِاضْطِرَارِ وَيُبَاحُ عِنْدَهَا الْأَكْلُ فَذَهَبَ الْجُمْهُورُ إِلَى أَنَّهَا الْحَالَةُ الَّتِي يَصِلُ بِهِ الْجُوعُ فِيهَا إِلَى حَدِّ الْهَلَاكِ أَوْ إِلَى مَرَضٍ يُفْضِي إِلَيْهِ وَعَنْ بَعْضِ الْمَالِكِيَّةِ تَحْدِيدُ ذَلِكَ بِثَلَاثَةِ أَيَّامٍ كَذَا فِي النَّيْلِ
قَالَ الْمُنْذِرِيُّ فِي إِسْنَادِهِ عقبة بن وهب (قال بن معين صالح وقال بن الْمَدِينِيِّ قُلْتُ لِسُفْيَانَ بْنِ عُيَيْنَةَ عُقْبَةُ بْنُ وَهْبٍ) فَقَالَ مَا كَانَ ذَاكَ فَنَدْرِي مَا هَذَا الْأَمْرُ وَلَا كَانَ مِنْ شَأْنِهِ يَعْنِي الْحَدِيثَ
8 -
(بَاب فِي الْجَمْعِ بَيْنَ لَوْنَيْنِ مِنْ الطَّعَامِ)
[3818]
(حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ أَبِي رِزْمَةَ) بِكَسْرِ الرَّاءِ الْمُهْمَلَةِ وَسُكُونِ الزَّايِ الْمُعْجَمَةِ (وَدِدْتُ) بِكَسْرِ الدَّالِ أَيْ تَمَنَّيْتُ وَأَحْبَبْتُ (مِنْ بُرَّةٍ سَمْرَاءَ) أَيْ حِنْطَةٌ فِيهَا سَوَادٌ خفي فهي
وَصْفٌ لِبُرَّةٍ وَلَعَلَّ الْمُرَادَ بِهَا أَنْ تَكُونَ مُقْمِرَةً فَإِنَّهُ أَبْلَغُ فِي اللَّذَّةِ وَلِئَلَّا يَحْصُلَ التَّنَاقُضُ بَيْنَ الْبَيْضَاءِ وَالسَّمْرَاءِ
وَاخْتَارَ بَعْضُ الشُّرَّاحِ أَنَّ السَّمْرَاءَ هِيَ الْحِنْطَةُ فَهِيَ بَدَلٌ مِنْ بُرَّةٍ
قَالَ الْقَاضِي السَّمْرَاءُ مِنَ الصِّفَاتِ الْغَالِبَةِ غَلَبَتْ عَلَى الْحِنْطَةِ فَاسْتَعْمَلَهَا هُنَا عَلَى الْأَصْلِ وَقِيلَ هِيَ نَوْعٌ مِنَ الْحِنْطَةِ فِيهَا سَوَادٌ خَفِيٌّ وَلَعَلَّهُ أَحْمَدُ الْأَنْوَاعِ عِنْدَهُمْ كَذَا فِي الْمِرْقَاةِ (مُلَبَّقَةً بِسَمْنٍ وَلَبَنٍ) بِتَشْدِيدِ الْمُوَحَّدَةِ الْمَفْتُوحَةِ وَهِيَ مَنْصُوبَةٌ عَلَى أَنَّهَا صِفَةُ خُبْزَةً وَهُوَ الظَّاهِرُ وَيَحْتَمِلُ بِجَرِّهَا عَلَى أَنَّهَا صِفَةُ بُرَّةٍ وَالْمَعْنَى مَبْلُولَةٌ مَخْلُوطَةٌ خَلْطًا شَدِيدًا بِسَمْنٍ وَلَبَنٍ وَالْمُلَبَّقَةُ اسْمُ مَفْعُولٍ مِنَ التَّلْبِيقِ وَهُوَ التَّلْيِينُ
وَفِي الْقَامُوسِ لَبَّقَهُ لَيَّنَهُ وَثَرِيدٌ مُلَبَّقٌ مُلَيَّنٌ بِالدَّسَمِ (فَاتَّخَذَهُ) أَيْ صَنَعَ مَا ذَكَرَ (فِي أَيْ شَيْءٍ كَانَ هَذَا) أَيْ سَمْنُهُ وَلَعَلَّهُ صلى الله عليه وسلم وَجَدَ فِيهِ رَائِحَةً كَرِيهَةً (فِي عُكَّةِ ضَبٍّ) الْعُكَّةُ بِالضَّمِّ آنِيَةُ السَّمْنِ وَقِيلَ وِعَاءٌ مُسْتَدِيرٌ لِلسَّمْنِ وَالْعَسَلِ وَقِيلَ الْعُكَّةُ الْقِرْبَةُ الصَّغِيرَةُ وَالْمَعْنَى أَنَّهُ كَانَ فِي وِعَاءٍ مَأْخُوذٍ مِنْ جِلْدِ ضَبٍّ (ارْفَعْهُ) قَالَ الطيبي وإنما أمر برفعه لتنفر طَبْعِهِ عَنِ الضَّبِّ لِأَنَّهُ لَمْ يَكُنْ بِأَرْضِ قَوْمِهِ كَمَا دَلَّ عَلَيْهِ حَدِيثُ خَالِدٍ لَا لِنَجَاسَةِ جِلْدِهِ وَإِلَّا لَأَمَرَهُ بِطَرْحِهِ وَنَهَاهُ عَنْ تَنَاوُلِهِ
(قَالَ أَبُو دَاوُدَ هَذَا حَدِيثٌ مُنْكَرٌ) الْمُنْكَرُ حَدِيثُ مَنْ فَحُشَ غَلَطُهُ أَوْ كَثُرَتْ غَفْلَتُهُ أَوْ ظَهَرَ فِسْقُهُ عَلَى مَا فِي شَرْحِ النُّخْبَةِ قَالَ الطِّيبِيُّ هَذَا الْحَدِيثُ مُخَالِفٌ لِمَا كَانَ عَلَيْهِ مِنْ شِيمَتِهِ صلى الله عليه وسلم كَيْفَ وَقَدْ أُخْرِجَ مَخْرَجَ التَّمَنِّي وَمِنْ ثَمَّ صَرَّحَ أَبُو دَاوُدَ بِكَوْنِهِ مُنْكَرًا ذكره القارىء (وَأَيُّوبُ) أَيِ الْمَذْكُورُ فِي الْإِسْنَادِ وَهَذِهِ الْعِبَارَةُ أَيْ قَوْلُهُ قَالَ أَبُو دَاوُدَ إِلَى قَوْلِهِ لَيْسَ هُوَ السِّخْتِيَانِيُّ لَيْسَتْ فِي بَعْضِ النُّسَخِ وَلَمْ يُنَبِّهْ عَلَيْهَا الْمِزِّيُّ فِي الْأَطْرَافِ بَلْ أَوْرَدَ الْحَدِيثَ فِي تَرْجَمَةِ أَيُّوبَ السِّخْتِيَانِيِّ وَرَقَّمَ عليه علامة أبي داود وبن مَاجَهْ وَكَذَا لَمْ يَذْكُرْهَا الْمُنْذِرِيُّ فِي مُخْتَصَرِهِ فَفِي ثُبُوتِ هَذِهِ الزِّيَادَةِ فِي نَفْسِي شَيْءٌ
وَأَيُّوبُ هَذَا الَّذِي فِي الْإِسْنَادِ رَوَى عَنْ نَافِعٍ وَرَوَى عَنْهُ حُسَيْنُ بْنُ وَاقِدٍ
وَالرَّاوِي عَنْ نَافِعٍ الَّذِي اسْمُهُ أَيُّوبُ هُوَ ثَلَاثَةُ رِجَالٍ الْأَوَّلُ أَيُّوبُ بْنُ أَبِي تَمِيمَةَ كِيسَانُ السِّخْتِيَانِيُّ وَرَوَى عَنْ نَافِعٍ وَعَنْهُ شُعْبَةُ وَالسُّفْيَانَانِ وَالْحَمَّادَانِ هُوَ ثِقَةٌ ثَبْتٌ حُجَّةٌ
وَالثَّانِي أَيُّوبُ بْنُ مُوسَى بْنِ عَمْرٍو الْأُمَوِيُّ الْفَقِيهُ رَوَى عَنْ نَافِعٍ وَعَنْهُ شُعْبَةُ وَاللَّيْثُ وَعَبْدُ الْوَارِثِ وَغَيْرُهُمْ هُوَ ثِقَةٌ