الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الْأَرْبَعَةِ يَكْفِي الثَّمَانِيَةَ فَاجْتَمِعُوا عَلَيْهِ وَلَا تَفَرَّقُوا وَأَمَّا قَوْلُهُ تَعَالَى لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تأكلوا جميعا أو أشتاتا فَمَحْمُولٌ عَلَى الرُّخْصَةِ أَوْ دَفْعًا لِلْحَرَجِ عَلَى الشَّخْصِ إِذَا كَانَ وَحْدَهُ (إِذَا كُنْتَ فِي وَلِيمَةٍ إِلَخْ) لَيْسَتْ هَذِهِ الْعِبَارَةُ فِي بَعْضِ النسخ
قال المنذري وأخرجه بن مَاجَهْ
وَذُكِرَ عَنِ الْإِمَامِ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ رحمه الله أَنَّهُ قَالَ وَحْشِيُّ بْنُ حَرْبٍ شَامِيٌّ تَابِعِيٌّ لَا بَأْسَ بِهِ وَذَكَرَ عَنْ صَدَقَةَ بْنِ خَالِدٍ أَنَّهُ قَالَ لَا تَشْتَغِلْ بِهِ وَلَا بِأَبِيهِ
6 -
(بَاب التَّسْمِيَةِ عَلَى الطَّعَامِ)
[3765]
(قَالَ الشَّيْطَانُ) أَيْ لِإِخْوَانِهِ وَأَعْوَانِهِ وَرُفْقَتِهِ (لَا مَبِيتَ لَكُمْ) أَيْ لَا مَوْضِعَ بَيْتُوتَةٍ لَكُمْ (وَلَا عَشَاءَ) بِفَتْحِ الْعَيْنِ وَالْمَدِّ هُوَ الطَّعَامُ الَّذِي يُؤْكَلُ فِي الْعَشِيَّةِ وَهِيَ مِنْ صَلَاةِ الْمَغْرِبِ إِلَى الْعِشَاءِ بِكَسْرِ الْعَيْنِ أَيْ لَا يَحْصُلُ لَكُمْ مَسْكَنٌ وَطَعَامٌ بَلْ صِرْتُمْ مَحْرُومِينَ بِسَبَبِ التَّسْمِيَةِ (قَالَ أَدْرَكْتُمُ الْمَبِيتَ وَالْعَشَاءَ) لِتَرْكِهِ ذِكْرَ اللَّهِ عِنْدَ الدُّخُولِ وَعِنْدَ الطَّعَامِ
وَتَخْصِيصُ الْمَبِيتِ وَالْعَشَاءِ فَلِغَالِبِ الْأَحْوَالِ لِأَنَّ ذَلِكَ صَادِقٌ فِي عُمُومِ الْأَفْعَالِ ذَكَرَهُ الطِّيبِيُّ
قَالَ الْمُنْذِرِيُّ وأخرجه مسلم والنسائي وبن ماجه
[3766]
(لَمْ يَضَعْ أَحَدُنَا يَدَهُ) أَيْ فِي الطَّعَامِ (حَتَّى يَبْدَأَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِيهِ بَيَانُ هَذَا الْأَدَبِ وَهُوَ أَنَّهُ يَبْدَأُ الْكَبِيرُ وَالْفَاضِلُ فِي غَسْلِ الْيَدِ لِلطَّعَامِ وَفِي الْأَكْلِ (كَأَنَّمَا يُدْفَعُ) بِصِيغَةِ الْمَجْهُولِ يَعْنِي لِشِدَّةِ سُرْعَتِهِ كَأَنَّهُ مَدْفُوعٌ (فَذَهَبَ) أَيْ أَرَادَ الْأَعْرَابِيُّ وَشَرَعَ (لِيَضَعَ يَدَهُ فِي الطَّعَامِ) أَيْ قَبْلَنَا (ثُمَّ جَاءَتْ جَارِيَةٌ) أَيْ بِنْتٌ صَغِيرَةٌ (إِنَّ الشَّيْطَانَ لَيَسْتَحِلُّ الطَّعَامَ) أَيْ يَتَمَكَّنُ مِنْ أَكْلِ ذَلِكَ الطَّعَامِ
وَالْمَعْنَى أَنَّهُ يَتَمَكَّنُ مِنْ أَكْلِ الطَّعَامِ إِذَا شَرَعَ فِيهِ إِنْسَانٌ بِغَيْرِ ذِكْرِ اللَّهِ تَعَالَى
وَأَمَّا إِذَا لَمْ يَشْرَعْ فِيهِ أَحَدٌ فَلَا يَتَمَكَّنُ وَإِنْ كَانَ جَمَاعَةٌ فَذَكَرَ اسْمَ اللَّهِ بَعْضُهُمْ دُونَ بَعْضٍ لَمْ يَتَمَكَّنْ مِنْهُ قَالَهُ النَّوَوِيُّ (إِنَّ يَدَهُ لَفِي يَدِي مَعَ أَيْدِيهِمَا) أَيْ إِنَّ يَدَ الشَّيْطَانِ مَعَ يَدِ الرَّجُلِ وَالْجَارِيَةِ فِي يَدِي
قَالَ الْمُنْذِرِيُّ وَأَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ وَالنَّسَائِيُّ
[3767]
(حَدَّثَنَا مُؤَمَّلٌ) عَلَى وَزْنِ مُحَمَّدٍ ثِقَةٌ (عَنْ بُدَيْلٍ) بِالتَّصْغِيرِ (فَإِنْ نَسِيَ) بِفَتْحِ النُّونِ وَكَسْرِ السِّينِ (فَلْيَقُلْ بِسْمِ اللَّهِ أَوَّلَهُ وَآخِرَهُ) بِنَصْبِهِمَا عَلَى الظَّرْفِيَّةِ أَيْ فِي أَوَّلِهِ وَآخِرِهِ أَوْ عَلَى نَزْعِ الْخَافِضِ أَيْ عَلَى أَوَّلِهِ وَآخِرِهِ وَالْمَعْنَى عَلَى جَمِيعِ أَجْزَائِهِ كَمَا يَشْهَدُ لَهُ الْمَعْنَى الَّذِي قُصِدَ بِهِ التَّسْمِيَةُ فَلَا يُقَالُ ذِكْرُهُمَا يُخْرِجُ الْوَسَطَ فَهُوَ كَقَوْلِهِ تَعَالَى وَلَهُمْ رِزْقُهُمْ فِيهَا بُكْرَةً وَعَشِيًّا مع قوله عز وجل أكلها دائم وَيُمْكِنُ أَنْ يُقَالَ الْمُرَادُ بِأَوَّلِهِ النِّصْفُ الْأَوَّلُ وَبِآخِرِهِ النِّصْفُ الثَّانِي فَيَحْصُلُ الِاسْتِيفَاءُ وَالِاسْتِيعَابُ وَاللَّهُ أعلم بالصواب قاله القارىء
قَالَ الْمُنْذِرِيُّ وَأَخْرَجَهُ التِّرْمِذِيُّ وَالنَّسَائِيُّ وَلَمْ يَقُلِ التِّرْمِذِيُّ عَنِ امْرَأَةٍ مِنْهُمْ إِنَّمَا قَالَ
عَنْ أُمِّ كُلْثُومٍ وَقَالَ التِّرْمِذِيُّ وَبِهَذَا الْإِسْنَادِ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَأْكُلُ طَعَامًا فِي سِتَّةٍ مِنْ أَصْحَابِهِ فَجَاءَ أَعْرَابِيٌّ فَأَكَلَهُ بِلُقْمَتَيْنِ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أما إِنَّهُ لَوْ سَمَّى لَكَفَى لَكُمْ وَقَالَ حَسَنٌ صَحِيحٌ وَوَقَعَ فِي بَعْضِ رِوَايَاتِ التِّرْمِذِيِّ أُمُّ كُلْثُومٍ اللَّيْثِيَّةُ وَهُوَ الْأَشْبَهُ لِأَنَّ عُبَيْدَ بْنَ عُمَيْرٍ لَيْثِيٌّ وَمِثْلُ بِنْتِ أَبِي بَكْرٍ لَا يُكَنَّى عَنْهَا بِامْرَأَةٍ وَلَا سِيَّمَا مَعَ قَوْلِهِ مِنْهُمْ وَقَدْ سَقَطَ هَذَا مِنْ بَعْضِ نُسَخِ التِّرْمِذِيِّ وَسُقُوطُهُ الصَّوَابُ وَاللَّهُ عز وجل أَعْلَمُ
وَقَدْ ذَكَرَ الْحَافِظُ أَبُو الْقَاسِمِ الدِّمَشْقِيُّ فِي أَطْرَافِهِ لِأُمِّ كُلْثُومٍ بِنْتِ أَبِي بَكْرٍ عَنْ عَائِشَةَ أَحَادِيثَ وَذَكَرَ بَعْدَهَا أُمَّ كُلْثُومٍ اللَّيْثِيَّةَ ويقال المكية وذكر لها هَذَا الْحَدِيثَ وَقَدْ أَخْرَجَ أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ هَذَا الْحَدِيثَ فِي مُسْنَدِهِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُبَيْدِ بْنِ عُمَيْرٍ عَنْ عَائِشَةَ وَلَمْ يَذْكُرْ فِيهِ أُمَّ كُلْثُومٍ انْتَهَى كَلَامُ الْمُنْذِرِيِّ
[3768]
(أَخْبَرَنَا جَابِرُ بْنُ صُبْحٍ) بِضَمِّ الصَّادِ وَسُكُونِ الْمُوَحَّدَةِ (عَنْ عَمِّهِ أُمَيَّةَ) بِالتَّصْغِيرِ (بْنِ مَخْشِيٍّ) بِفَتْحِ الْمِيمِ وَسُكُونِ الْخَاءِ الْمُعْجَمَةِ وَكَسْرِ الشِّينِ الْمُعْجَمَةِ وَتَشْدِيدِ الْيَاءِ (إِلَّا لُقْمَةٌ) بِالرَّفْعِ عَلَى الْفَاعِلِيَّةِ (إِلَى فِيهِ) أَيْ إِلَى فَمِهِ (فَضَحِكَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم أَيْ تَعَجُّبًا لِمَا كُشِفَ لَهُ ذَلِكَ (اسْتَقَاءَ) أَيِ الشَّيْطَانُ (مَا فِي بَطْنِهِ) أَيْ مِمَّا أَكَلَهُ وَالِاسْتِقَاءُ اسْتِفْعَالٌ مِنَ الْقَيْءِ بِمَعْنَى الِاسْتِفْرَاغِ وَهُوَ مَحْمُولٌ عَلَى الْحَقِيقَةِ أَوِ الْمُرَادُ الْبَرَكَةُ الذَّاهِبَةُ بِتَرْكِ التَّسْمِيَةِ كَأَنَّهَا كَانَتْ فِي جَوْفِ الشَّيْطَانِ أَمَانَةً فَلَمَّا سَمَّى رَجَعَتْ إِلَى الطَّعَامِ
قَالَ التُّورْبَشْتِيُّ أَيْ صَارَ مَا كَانَ لَهُ وَبَالًا عَلَيْهِ مُسْتَلَبًا عَنْهُ بِالتَّسْمِيَةِ
قَالَ الطِّيبِيُّ وهذا التأويل محمول على ماله حَظٌّ مِنْ تَطْيِيرِ الْبَرَكَةِ مِنَ الطَّعَامِ
وَأَحَادِيثُ الْبَابِ تَدُلُّ عَلَى مَشْرُوعِيَّةِ التَّسْمِيَةِ لِلْأَكْلِ وَأَنَّ النَّاسِيَ يَقُولُ فِي أَثْنَائِهِ بِسْمِ اللَّهِ أَوَّلَهُ وَآخِرَهُ قَالَ فِي الْهَدْيِ
وَالصَّحِيحُ وُجُوبُ التَّسْمِيَةِ عِنْدَ الْأَكْلِ وَهُوَ أَحَدُ الْوَجْهَيْنِ لِأَصْحَابِ أَحْمَدَ وَأَحَادِيثُ الْأَمْرِ بِهَا صَحِيحَةٌ صَرِيحَةٌ لَا مُعَارِضَ لَهَا وَلَا إِجْمَاعَ يُسَوِّغُ مُخَالَفَتَهَا وَيُخْرِجُهَا عَنْ ظَاهِرِهَا وَتَارِكُهَا يُشْرِكُهُ الشَّيْطَانُ فِي طَعَامِهِ وَشَرَابِهِ انتهى