الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الضَّرَّتَانِ زَوْجَتَاكَ وَكُلُّ ضَرَّةٍ لِلْأُخْرَى وَهُنَّ ضَرَائِرُ (هَلْ عَلَيَّ جُنَاحٌ) أَيْ إِثْمٌ وَبَأْسٌ (إِنْ تَشَبَّعْتُ لَهَا بِمَا لَمْ يُعْطِ زَوْجِي) أَيْ تَكَثَّرْتُ بِأَكْثَرَ مِمَّا عِنْدِي وَأَظْهَرْتُ لِضَرَّتِي أَنَّهُ يُعْطِينِي أَكْثَرَ مِمَّا يُعْطِيهَا إِدْخَالًا لِلْغَيْظِ عَلَيْهَا (قَالَ الْمُتَشَبِّعُ إِلَخْ) قَالَ النَّوَوِيُّ مَعْنَاهُ الْمُتَكَثِّرُ بِمَا لَيْسَ عِنْدَهُ بِأَنْ يَظْهَرَ أَنَّ عِنْدَهُ مَا لَيْسَ عِنْدَهُ وَيَتَكَثَّرُ بِذَلِكَ عِنْدَ النَّاسِ وَيَتَزَيَّنُ بِالْبَاطِلِ فَهُوَ مَذْمُومٌ كَمَا يُذَمُّ مَنْ لَبِسَ ثَوْبَيْ زُورٍ
قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ وَآخَرُونَ هُوَ الَّذِي يَلْبَسُ أَهْلَ الزُّهْدِ وَالْعِبَادَةِ وَالْوَرَعِ وَمَقْصُودُهُ أَنْ يُظْهِرَ لِلنَّاسِ أَنَّهُ مُتَّصِفٌ بِتِلْكَ الصِّفَةِ وَيُظْهِرَ مِنَ التَّخَشُّعِ وَالزُّهْدِ أَكْثَرَ مِمَّا فِي قَلْبِهِ فَهَذِهِ ثِيَابُ زُورٍ وَرِيَاءٍ وَقِيلَ هُوَ كَمَنْ لَبِسَ ثَوْبَيْنِ لِغَيْرِهِ وَأَوْهَمَ أَنَّهُمَا لَهُ انْتَهَى
قَالَ الْمُنْذِرِيُّ وَأَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ وَالنَّسَائِيُّ
3 -
(بَاب مَا جَاءَ فِي الْمِزَاحِ [
4998])
قَالَ فِي الصُّرَاحِ مزح لاغ كردن مِنْ بَابِ فَتَحَ وَالِاسْمُ الْمُزَاحُ بِالضَّمِّ وَبِالْكَسْرِ الْمَصْدَرِ
(احْمِلْنِي) أَيْ عَلَى دَابَّةٍ وَالْمَعْنَى اعْطِنِي حَمُولَةً أَرْكَبُهَا (قَالَ وَمَا أَصْنَعُ بِوَلَدِ النَّاقَةِ) لَمَّا كَانَ الْمُتَعَارَفُ عِنْدَ الْعَامَّةِ فِي بَادِي الرَّأْيِ اسْتِعْمَالَ وَلَدِ النَّاقَةِ فِيمَا كَانَ صَغِيرًا لَا يَصْلُحُ لِلرُّكُوبِ وَإِنَّمَا يُقَالُ لِلصَّالِحِ الْإِبِلُ تَوَحُّشُ الرَّجُلِ عَلَى فَهْمِ الْمَعْنَى (وَهَلْ تَلِدُ الْإِبِلَ) بِالنَّصْبِ مَفْعُولٌ مُقَدَّمٌ وَالْإِبِلُ اسْمُ جَمْعٍ لَا وَاحِدَ له من لفظه وهو بكسرتين ولم يجيء مِنَ الْأَسْمَاءِ عَلَى فِعِلٍ بِكِسْرَتَيْنِ إِلَّا الْإِبِلُ وَالْحِبِرُ (إِلَّا النُّوقُ) بِضَمِّ النُّونِ جَمْعُ نَاقَةٍ وَهِيَ أُنْثَى الْإِبِلِ
وَقَالَ أَبُو عُبَيْدَةَ لَا تسمى ناقة
ــ
[حاشية ابن القيم، تهذيب السنن]
قال الشيخ شمس الدين بن القيم رحمه الله وَفِي الصَّحِيحَيْنِ عَنْ أَنَس كَانَ رَسُول اللَّه صلى الله عليه وسلم يُخَالِطنَا حَتَّى يَقُول لِأَخٍ لِي صَغِير يَا أَبَا عُمَيْر مَا فَعَلَ النُّغَيْر
وَقَدْ أَخْرَجَ التِّرْمِذِيّ مِنْ حَدِيث أُسَامَة بْن زَيْد عَنْ سَعِيد الْمَقْبُرِيِّ عَنْ أَبِي هُرَيْرَة قَالَ قَالُوا يَا رَسُول اللَّه إِنَّك تُدَاعِبنَا قَالَ إِنِّي لَا أَقُول إِلَّا حَقًّا قَالَ التِّرْمِذِيّ حَدِيث حَسَن
حَتَّى تُجْذَعَ وَقَوْلُهُ إِلَّا النُّوقُ بِالرَّفْعِ فَاعِلٌ مُؤَخَّرٌ فَالْإِبِلُ وَلَوْ كِبَارًا أَوْلَادُ النَّاقَةِ فَيَصْدُقُ وَلَدُ النَّاقَةِ بِالْكَبِيرِ وَالصَّغِيرِ قَالَهُ الْبَيْجُورِيُّ فِي شَرْحِ الشَّمَائِلِ
وَالْمَعْنَى إِنَّكَ لَوْ تَدَبَّرْتَ لَمْ تَقُلْ ذَلِكَ فَفِيهِ الْإِشَارَةُ إِلَى أَنَّهُ يَنْبَغِي لِمَنْ سَمِعَ قَوْلًا أَنْ يَتَأَمَّلَهُ وَلَا يُبَادِرَ إِلَى رَدِّهِ
وَفِي هَذَا الْحَدِيثِ وَالْأَحَادِيثِ الْآتِيَةِ فِي الْبَابِ إِبَاحَةُ الْمُزَاحِ وَالدُّعَابَةِ
وَكَانَ صلى الله عليه وسلم يُدَاعِبُ الصَّحَابَةَ وَلَا يَقُولُ إلا حقا
وأخرج الترمذي من حديث بن عَبَّاسٍ رَفَعَهُ لَا تُمَارِ أَخَاكَ وَلَا تُمَازِحْهُ الْحَدِيثَ وَالْجَمْعُ بَيْنَهُمَا أَنَّ الْمَنْهِيَّ عَنْهُ مَا فِيهِ إِفْرَاطٌ أَوْ مُدَاوَمَةٌ عَلَيْهِ لِمَا فِيهِ مِنَ الشُّغْلِ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَالتَّفَكُّرِ فِي مُهِمَّاتِ الدِّينِ وَيُؤَدِّي إِلَى قَسْوَةِ الْقَلْبِ وَالْإِيذَاءِ وَالْحِقْدِ وَسُقُوطِ الْمَهَابَةِ وَالْوَقَارِ وَالَّذِي يَسْلَمُ مِنْ ذَلِكَ هُوَ الْمُبَاحُ فَإِنْ صَادَفَ مَصْلَحَةً مِثْلَ تَطَيُّبِ نَفْسِ الْمُخَاطَبِ وَمُؤَانَسَتِهِ فَهُوَ مُسْتَحَبٌّ
قَالَ الْمُنْذِرِيُّ وَأَخْرَجَهُ التِّرْمِذِيُّ وَقَالَ صَحِيحٌ غَرِيبٌ
[4999]
(عَنِ الْعَيْزَارِ) بِفَتْحِ الْعَيْنِ الْمُهْمَلَةِ وَسُكُونِ التَّحْتَانِيَّةِ بَعْدَهَا زَايٌ وَآخِرُهُ رَاءٌ (تَنَاوَلَهَا) أَيْ أَخَذَ أَبُو بَكْرٍ عَائِشَةَ (لِيَلْطِمَهَا) بِكَسْرِ الطَّاءِ وَيَجُوزُ ضَمُّهَا مِنَ اللَّطْمِ وَهُوَ ضَرْبُ الْخَدِّ وَصَفْحَةُ الْجَسَدِ بِالْكَفِّ مَفْتُوحَةٌ عَلَى مَا فِي الْقَامُوسِ
وَفِي الْمِصْبَاحِ لَطَمَتِ الْمَرْأَةُ وَجْهَهَا لَطْمًا مِنْ بَابِ ضَرَبَ انْتَهَى
قَالَ عَبْدُ الْحَقِّ الدَّهْلَوِيُّ اللَّطْمُ ضَرْبُ الْخَدِّ بِالْكَفِّ وَهُوَ مَنْهِيٌّ عَنْهُ وَلَعَلَّ هَذَا كَانَ قَبْلَ النَّهْيِ أَوْ وَقَعَ ذَلِكَ مِنْهُ لِغَلَبَةِ الْغَضَبِ أَوْ أَرَادَ وَلَمْ يَلْطِمْ انْتَهَى (يَحْجُزُهُ) بِضَمِّ الْجِيمِ وَالزَّايِ أَيْ يَمْنَعُ أَبَا بَكْرٍ مِنْ ضَرْبِهَا وَلَطْمِهَا (مُغْضَبًا) بِفَتْحِ الضَّادِ أَيْ غَضْبَانُ عَلَى عَائِشَةَ (أَنْقَذْتُكِ) أَيْ خَلَّصْتُكِ (مِنَ الرَّجُلِ) أَيْ مِنْ ضَرْبِهِ وَلَطْمِهِ
وَالظَّاهِرُ أَنْ يُقَالَ مِنْ أَبِيكِ فَعَدَلَ إِلَى الرَّجُلِ أَيْ مِنَ الرَّجُلِ الْكَامِلِ فِي الرُّجُولِيَّةِ حِينَ غَضِبَ لِلَّهِ وَلِرَسُولِهِ قَالَهُ الطِّيبِيُّ قُلْتُ قَوْلُهُ أَنْقَذْتُكِ مِنَ الرَّجُلِ وَلَمْ يَقُلْ عَنْ أَبِيكِ وَإِبْعَادِهِ صلى الله عليه وسلم أَبَا بَكْرٍ عَنْ عَائِشَةَ تَطْيِيبًا وَمُمَازَحَةً كُلُّ ذَلِكَ دَاخِلٌ فِي الْمُزَاحِ وَلِذَا أَوْرَدَهُ الْمُؤَلِّفُ فِي بَابِ الْمُزَاحِ (فَمَكَثَ) أَيْ لَبِثَ (قَدِ اصْطَلَحَا) مِنَ الصُّلْحِ (فِي سِلْمِكُمَا) بِكَسْرِ السِّينِ وَيُفْتَحُ أَيْ فِي صُلْحِكُمَا (أَدْخَلْتُمَانِي فِي حَرْبِكُمَا) أَيْ في شقاكما
وإسناد الإدخال
إِلَيْهِمَا فِي الثَّانِي مِنَ الْمَجَازِ السَّبَبِيِّ أَوْ مِنْ قَبِيلِ الْمُشَاكَلَةِ وَإِلَّا فَالْمَعْنَى كَمَا دَخَلْتُ في حربكما قاله القارىء (قَدْ فَعَلْنَا) مَفْعُولُهُ مَحْذُوفٌ أَيْ فَعَلْنَا إِدْخَالَكَ فِي السِّلْمِ وَالتَّكْرَارُ لِلتَّأْكِيدِ
قَالَ الْمُنْذِرِيُّ وَأَخْرَجَهُ النَّسَائِيُّ وَلَيْسَ فِي حَدِيثِهِ ذِكْرُ أَبِي إِسْحَاقَ السُّبَيْعِيِّ
[5000]
(وَهُوَ فِي قُبَّةٍ) أَيْ خَيْمَةٍ صَغِيرَةٍ (مِنْ أَدَمٍ) بِفَتْحَتَيْنِ أَيْ مِنْ جِلْدٍ (فَرَدَّ) أَيِ السَّلَامَ (وَقَالَ) أَيِ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم (ادْخُلْ) فِي الْقُبَّةَ (فَقُلْتُ أَكُلِّي يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ كُلُّكَ) قَالَ الطِّيبِيُّ يَجُوزُ فِيهِ الرَّفْعُ وَالنَّصْبُ وَالتَّقْدِيرُ أَيَدْخُلُ كُلِّي فَقَالَ كُلُّكَ يَدْخُلُ أَوْ أَدْخُلُ كُلِّي فَقَالَ ادْخُلْ كُلُّكَ انْتَهَى
وَإِنَّمَا قَالَ هَذَا لِأَجْلِ صِغَرِ الْقُبَّةِ كَمَا فِي الرِّوَايَةِ الْآتِيَةِ وَفِيهِ أَنَّهُ كَمَا كَانَ يُمَازِحُ الصَّحَابَةَ كَذَلِكَ كَانُوا يمازحونه
قال المنذري وأخرجه البخاري وبن مَاجَهْ مُطَوَّلًا وَلَيْسَ فِي حَدِيثِ الْبُخَارِيِّ قِصَّةُ الدخول
[5001]
إنما قال أدخل كلي) قال القارىء بِمُتَكَلِّمٍ ثُلَاثِيٍّ وَفِي نُسْخَةٍ يَعْنِي مِنَ الْمِشْكَاةِ مِنَ الْمَزِيدِ (مِنْ صِغَرِ الْقُبَّةِ) أَيْ مِنْ أَجْلِ صِغَرِهَا
قَالَ الْمُنْذِرِيُّ وَعُثْمَانُ هَذَا فِيهِ مقال
[5002]
(ياذا الْأُذُنَيْنِ) مَعْنَاهُ الْحَضُّ وَالتَّنْبِيهُ عَلَى حُسْنِ الِاسْتِمَاعِ لِمَا يُقَالُ لَهُ لِأَنَّ السَّمْعَ بِحَاسَّةِ الْأُذُنِ وَمَنْ خَلَقَ اللَّهُ لَهُ الْأُذُنَيْنِ وَغَفَلَ وَلَمْ يُحْسِنِ الْوَعْيَ لَمْ يُعْذَرْ
وَقِيلَ إِنَّ هَذَا الْقَوْلَ مِنْ جُمْلَةِ مُدَاعَبَاتِهِ صلى الله عليه وسلم وَلَطِيفِ أَخْلَاقِهِ
قَالَ الْمُنْذِرِيُّ وَأَخْرَجَهُ التِّرْمِذِيُّ