الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
11 -
(بَاب مَا يَقُولُ إِذَا أَصْبَحَ)
[5067]
(فَاطِرَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ) أَيْ مُخْتَرِعَهُمَا وَمُوجِدَهُمَا عَلَى غَيْرِ مِثَالٍ سَبَقَ (عَالِمَ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ) أَيْ مَا غَابَ مِنَ الْعِبَادِ وَظَهَرَ لَهُمْ (رَبَّ كُلِّ شَيْءٍ وَمَلِيكَهُ) فَعِيلٌ بِمَعْنَى فَاعِلٍ لِلْمُبَالَغَةِ كَالْقَدِيرِ بِمَعْنَى الْقَادِرِ (وَشَرِّ الشَّيْطَانِ) أَيْ وَسْوَسَتِهِ وَإِغْوَائِهِ وَإِضْلَالِهِ (وَشِرْكِهِ) بِكَسْرِ الشِّينِ وَسُكُونِ الرَّاءِ أَيْ مَا يَدْعُو إِلَيْهِ مِنَ الْإِشْرَاكِ بِاللَّهِ وَيُرْوَى بِفَتْحَتَيْنِ أَيْ مَصَائِدِهِ وَحَبَائِلِهِ الَّتِي يَفْتَتِنُ بِهَا النَّاسُ
قَالَ الْمُنْذِرِيُّ وَأَخْرَجَهُ التِّرْمِذِيُّ وَالنَّسَائِيُّ وَقَالَ التِّرْمِذِيُّ حَسَنٌ صَحِيحٌ (إِذَا أَصْبَحَ) أَيْ دَخَلَ فِي الصَّبَاحِ
[5068]
(اللَّهُمَّ بِكَ أَصْبَحْنَا) الْبَاءُ مُتَعَلِّقٌ بِمَحْذُوفٍ وهو خبر أصبحنا ولابد مِنْ تَقْدِيرِ مُضَافٍ أَيْ أَصْبَحْنَا مُتَلَبِّسِينَ بِحِفْظِكَ أَوْ مَغْمُورِينَ بِنِعَمِكَ أَوْ مُشْتَغِلِينَ بِذِكْرِكَ (وَبِكَ نَحْيَا وَبِكَ نَمُوتُ) قِيلَ هُوَ حِكَايَةُ الْحَالِ الْآتِيَةِ يَعْنِي يَسْتَمِرُّ حَالُنَا عَلَى هَذَا فِي جَمِيعِ الْأَوْقَاتِ وَسَائِرِ الْحَالَاتِ
ــ
[حاشية ابن القيم، تهذيب السنن]
قال الشيخ شمس الدين بن القيم رحمه الله وَلَفْظ النَّسَائِيِّ فِيهِ أَنَّ النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم كَانَ يَقُول إِذَا أَصْبَحَ اللَّهُمَّ بِك أَصْبَحْنَا وَبِك أَمْسَيْنَا وَبِك نَحْيَا وَبِك نَمُوت وَإِلَيْك النُّشُور فَقَطْ
وَرَوَاهُ أَبُو حَاتِم بْن حِبَّان فِي صَحِيحه وَقَالَ إِنَّ النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم كَانَ يَقُول إِذَا أَصْبَحَ اللَّهُمَّ بِك
قَالَ النَّوَوِيُّ مَعْنَاهُ أَنْتَ تُحْيِينِي وَأَنْتَ تُمِيتُنِي (وَإِلَيْكَ النُّشُورُ) أَيِ الْبَعْثُ بَعْدَ الْمَوْتِ (وَإِذَا أَمْسَى) عَطْفٌ عَلَى إِذَا أَصْبَحَ
قَالَ الْمُنْذِرِيُّ وأخرجه الترمذي والنسائي وبن مَاجَهْ وَقَالَ التِّرْمِذِيُّ حَسَنٌ
[5069]
(أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي فُدَيْكٍ) بِالتَّصْغِيرِ (حِينَ يُصْبِحُ أَوْ يُمْسِي) كَلِمَةُ أَوْ لِلتَّخْيِيرِ أَوْ لِلتَّنْوِيعِ (أُشْهِدُكَ) أَيْ أَجْعَلُكَ شَاهِدًا عَلَى إِقْرَارِي بِوَحْدَانِيِّتِكَ فِي الْأُلُوهِيَّةِ وَالرُّبُوبِيَّةِ وَهُوَ إِقْرَارٌ لِلشَّهَادَةِ وَتَأْكِيدٌ لَهَا وَتَجْدِيدٌ لَهَا فِي كُلِّ صَبَاحٍ وَمَسَاءٍ (وَأُشْهِدُ حَمَلَةَ عَرْشِكَ) جَمْعُ حَامِلٍ أَيْ حَامِلِي عَرْشِكَ (وَمَلَائِكَتَكَ) بِالنَّصْبِ عَطْفٌ عَلَى الْحَمَلَةِ تَعْمِيمًا بَعْدَ تَخْصِيصٍ (وَجَمِيعَ خَلْقِكَ) تَعْمِيمٌ آخَرُ (أَنَّكَ) بِفَتْحِ الْهَمْزَةِ أَيْ عَلَى شَهَادَتِي وَاعْتِرَافِي بِأَنَّكَ (أَعْتَقَ اللَّهُ) جَوَابُ الشَّرْطِ (فَإِنْ قَالَهَا أَرْبَعًا أَعْتَقَهُ اللَّهُ مِنَ النَّارِ) أَيْ أَعْتَقَهُ كُلَّهُ
قَالَ الْمُنْذِرِيُّ فِي إِسْنَادِهِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَبْدِ الْمَجِيدِ وَهُوَ أَبُو رَجَاءٍ الْمَهَرِيُّ مَوْلَاهُمُ الْمِصْرِيُّ الْمَكْفُوفُ قال بن يُونُسَ كَانَ يُحَدِّثُ حِفْظًا وَكَانَ أَعْمَى وَأَحَادِيثُهُ مضطربة
ووقع
ــ
[حاشية ابن القيم، تهذيب السنن]
أَصْبَحْنَا وَبِك أَمْسَيْنَا وَبِك نَحْيَا وَبِك نَمُوت وَإِلَيْك النُّشُور وَإِذَا أَمْسَى قَالَ اللَّهُمَّ بِك أَمْسَيْنَا وَبِك أَصْبَحْنَا وَبِك نَحْيَا وَبِك نَمُوت وَإِلَيْك الْمَصِير
فَرِوَايَة أَبِي دَاوُدَ فِيهَا النُّشُور في المساء والمصير فِي الصَّبَاح
وَرِوَايَة التِّرْمِذِيّ فِيهَا النُّشُور فِي المساء والمصير في الصباح
ورواية بن حبان فيها النشور في الصباح والمصير فِي الْمَسَاء وَهِيَ أَوْلَى الرِّوَايَات أَنْ تَكُون مَحْفُوظَة لِأَنَّ الصَّبَاح وَالِانْتِبَاه مِنْ النَّوْم بِمَنْزِلَةِ النُّشُور وَهُوَ الْحَيَاة بَعْد الْمَوْت
وَالْمَسَاء وَالصَّيْرُورَة إِلَى النَّوْم بِمَنْزِلَةِ الْمَوْت وَالْمَصِير إِلَى اللَّه وَلِهَذَا جَعَلَ اللَّه سُبْحَانه فِي النَّوْم الْمَوْت وَالِانْتِبَاه بَعْده دَلِيلًا عَلَى الْبَعْث وَالنُّشُور لِأَنَّ النَّوْم أَخُو الْمَوْت وَالِانْتِبَاه نُشُور وَحَيَاة قَالَ تَعَالَى {وَمِنْ آيَاته مَنَامكُمْ بِاللَّيْلِ وَالنَّهَار وَابْتِغَاؤُكُمْ مِنْ فَضْله إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَات لِقَوْمٍ يَسْمَعُونَ}
وَيَدُلّ عَلَيْهِ أَيْضًا مَا رَوَاهُ الْبُخَارِيّ فِي صَحِيحه عَنْ حُذَيْفَة أَنَّ النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم كَانَ إِذَا اِسْتَيْقَظَ قَالَ الحمد لله الذي أحيانا بعد ما أَمَاتَنَا وَإِلَيْهِ النُّشُور
فِي أَصْلِ سَمَاعِنَا وَفِي غَيْرِهِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَبْدِ الْمَجِيدِ وَالصَّحِيحُ عَبْدُ الْحَمِيدِ هَكَذَا ذكره بن يُونُسَ فِي تَارِيخِ الْمِصْرِيِّينَ وَلَهُ الْعِنَايَةُ الْمَعْرُوفَةُ بِأَهْلِ بَلَدِهِ وَذَكَرَهُ غَيْرُهُ أَيْضًا كَذَلِكَ
[5070]
(وَأَنَا عَلَى عَهْدِكَ وَوَعْدِكَ) أَيْ أَنَا مُقِيمٌ عَلَى الْوَفَاءِ بِعَهْدِ الْمِيثَاقِ وَأَنَا مُوقِنٌ بِوَعْدِكَ يَوْمَ الْحَشْرِ وَالتَّلَاقِ (مَا اسْتَطَعْتُ) أَيْ بِقَدْرِ طَاقَتِي
وَفِي فَتْحِ الْبَارِي قَالَ الْخَطَّابِيُّ يُرِيدُ أَنَا عَلَى مَا عَاهَدْتُكَ عَلَيْهِ وَوَاعَدْتُكَ مِنَ الْإِيمَانِ بِكَ وَإِخْلَاصِ الطَّاعَةِ لَكَ مَا اسْتَطَعْتُ
وَفِيهِ أَيْضًا وَاشْتِرَاطُ الِاسْتِطَاعَةِ فِي ذَلِكَ مَعْنَاهُ الِاعْتِرَافُ بِالْعَجْزِ وَالْقُصُورِ عَنْ كُنْهِ الْوَاجِبِ مِنْ حَقِّهِ تَعَالَى (أَبُوءُ بِنِعْمَتِكَ) أَيْ أَعْتَرِفُ بِهَا وَأُقِرُّ وَأَلْتَزِمُ وَأَصْلُهُ الْبَوَاءُ وَمَعْنَاهُ اللُّزُومُ (وَأَبُوءُ بِذَنْبِي) أَيْ أَعْتَرِفُ أَيْضًا
قَالَ الْخَطَّابِيُّ مَعْنَاهُ الْإِقْرَارُ بِهِ أَيْضًا كَالْأَوَّلِ وَلَكِنْ فِيهِ مَعْنًى لَيْسَ فِي الْأَوَّلِ تَقُولُ الْعَرَبُ بَاءَ فُلَانٌ بِذَنْبِهِ إِذَا احْتَمَلَهُ كُرْهًا لَا يَسْتَطِيعُ دَفْعَهُ عَنْ نفسه
قال المنذري وأخرجه النسائي وبن مَاجَهْ مِنْ حَدِيثِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ بُرَيْدَةَ عَنْ بُشَيْرِ بْنِ كَعْبٍ عَنْ شَدَّادِ بْنِ أَوْسٍ بِنَحْوِهِ وَقَالَ فِيهِ سَيِّدُ الِاسْتِغْفَارِ
وَأَخْرَجَهُ التِّرْمِذِيُّ مِنْ حَدِيثِ عُثْمَانَ بْنِ رَبِيعَةَ عَنْ شَدَّادِ بْنِ أَوْسٍ وَقَالَ حَسَنٌ غَرِيبٌ مِنْ هَذَا الْوَجْهِ
[5071]
(أَخْبَرَنَا جَرِيرٌ) فَجَرِيرٌ وَخَالِدٌ كِلَاهُمَا يَرْوِيَانِ عَنِ الْحَسَنِ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ (زَادَ فِي حَدِيثِ جَرِيرٍ) وَلَفْظُ الْمُنْذِرِيِّ فِي مُخْتَصَرِ السنن وعن عبد الله هو بن مَسْعُودٍ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم كَانَ يَقُولُ إِذَا
أَمْسَى أَمْسَيْنَا وَأَمْسَى الْمُلْكُ لِلَّهِ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ
وَأَمَّا زُبَيْدٌ كَانَ يَقُولُ كَانَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ سُوَيْدٍ يَقُولُ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ لَهُ الْمُلْكُ وَلَهُ الْحَمْدُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ رَبِّ أَسْأَلُكَ خَيْرَ مَا فِي هَذِهِ اللَّيْلَةِ وَخَيْرَ مَا بَعْدَهَا وَأَعُوذُ بِكَ مِنْ شَرِّ مَا فِي هَذِهِ اللَّيْلَةِ وَشَرِّ مَا بَعْدَهَا
رَبِّ أعوذ بك من الكسل ومن سوء الكفر
رَبِّ أَعُوذُ بِكَ مِنْ عَذَابِ النَّارِ وَعَذَابِ الْقَبْرِ إِلَى آخِرِهِ
قُلْتُ حَدِيثُ جَرِيرٍ أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ مَا لَفْظُهُ حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ أَخْبَرَنَا جَرِيرٌ عَنِ الْحَسَنِ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ سُوَيْدٍ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ يَزِيدَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ كَانَ نَبِيُّ اللَّهِ إِذَا أَمْسَى قَالَ أَمْسَيْنَا وَأَمْسَى الْمُلْكُ لِلَّهِ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ قَالَ أَرَاهُ قَالَ فِيهِنَّ لَهُ الْمُلْكُ وَلَهُ الْحَمْدُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ رَبِّ أَسْأَلُكَ خَيْرَ مَا فِي هَذِهِ اللَّيْلَةِ وَخَيْرَ مَا بَعْدَهَا وَأَعُوذُ بِكَ مِنْ شَرِّ مَا فِي هَذِهِ اللَّيْلَةِ وَشَرِّ مَا بَعْدَهَا
رَبِّ أَعُوذُ بِكَ مِنَ الْكَسَلِ وَسُوءِ الْكِبَرِ
رَبِّ أَعُوذُ بِكَ مِنْ عَذَابٍ فِي النَّارِ وَعَذَابٍ فِي الْقَبْرِ
وَإِذَا أَصْبَحَ قَالَ ذَلِكَ أَيْضًا أَصْبَحْنَا وَأَصْبَحَ الْمُلْكُ لِلَّهِ
ثُمَّ أَخْرَجَ مِنْ طَرِيقِ أَبِي بَكْرِ بْنِ أَبِي شَيْبَةَ أَخْبَرَنَا حُسَيْنُ بْنُ عَلِيٍّ عَنْ زَائِدَةَ عَنِ الْحَسَنِ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ سُوَيْدٍ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ يَزِيدَ عَنْ عَبْدِ الله قال كان رسول اللَّهِ إِذَا أَمْسَى قَالَ أَمْسَيْنَا وَأَمْسَى الْمُلْكُ لِلَّهِ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ مِنْ خَيْرِ هَذِهِ اللَّيْلَةِ وَخَيْرِ مَا فِيهَا وَأَعُوذُ بِكَ مِنْ شَرِّهَا وَشَرِّ مَا فِيهَا اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنَ الْكَسَلِ وَالْهَرَمِ وَسُوءِ الْكِبَرِ وَفِتْنَةِ الدُّنْيَا وَعَذَابِ الْقَبْرِ قَالَ الْحَسَنُ بْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ وَزَادَنِي فِيهِ زُبَيْدٌ عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ سُوَيْدٍ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ يَزِيدَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ رَفَعَهُ أَنَّهُ قَالَ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ لَهُ الْمُلْكُ وَلَهُ الْحَمْدُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ
وَأَخْرَجَ مِنْ طَرِيقِ قُتَيْبَةَ بْنِ سَعِيدٍ أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْوَاحِدِ بْنُ زِيَادٍ عَنِ الْحَسَنِ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ أَخْبَرَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ سُوَيْدٍ النَّخَعِيُّ أَخْبَرَنَا عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ يَزِيدَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ قال كان رسول اللَّهِ إِذَا أَمْسَى قَالَ أَمْسَيْنَا وَأَمْسَى الْمُلْكُ لِلَّهِ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ قَالَ الْحَسَنُ فَحَدَّثَنِي الزُّبَيْدُ أَنَّهُ حَفِظَ عَنْ إِبْرَاهِيمَ فِي هَذَا لَهُ الْمُلْكُ وَلَهُ الْحَمْدُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ اللَّهُمَّ أَسْأَلُكَ خَيْرَ هَذِهِ اللَّيْلَةِ وَأَعُوذُ بِكَ مِنْ شَرِّ هَذِهِ اللَّيْلَةِ وَشَرِّ مَا بَعْدَهَا اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنَ الْكَسَلِ وَسُوءِ الْكِبَرِ اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنْ عَذَابٍ فِي النَّارِ وَعَذَابٍ فِي الْقَبْرِ انْتَهَى
(مِنْ سُوءِ الْكِبَرِ) قَالَ النَّوَوِيُّ رَوَيْنَاهُ الْكِبَرَ بِإِسْكَانِ الْبَاءِ وَفَتْحِهَا فَالْإِسْكَانُ بِمَعْنَى
التَّعَاظُمِ عَلَى النَّاسِ وَالْفَتْحُ بِمَعْنَى الْهَرَمِ وَالْخَرِفِ وَالرَّدِّ إِلَى أَرْذَلِ الْعُمْرِ كَمَا فِي الْحَدِيثِ الْآخَرِ
قَالَ الْقَاضِي وَهَذَا أَظْهَرُ وَأَشْهَرُ بِمَا قَبْلَهُ
قَالَ وَبِالْفَتْحِ ذَكَرَهُ الْهَرَوِيُّ بِالْوَجْهَيْنِ ذَكَرَهُ الْخَطَّابِيُّ وَصَوَّبَ الْفَتْحَ وَتُعَضِّدُهُ رِوَايَةُ النَّسَائِيِّ وَسُوءِ الْعُمْرِ انْتَهَى (أَوِ الْكُفْرِ) هَذَا شَكٌّ مِنَ الرَّاوِي أَيْ مِنْ سُوءِ الْكُفْرِ أَيْ مِنْ شَرِّ مَا فِيهِ الْكُفْرُ أَوِ الْكُفْرَانُ (وَلَمْ يَذْكُرْ سُوءَ الْكُفْرِ) وَكَذَلِكَ لَمْ يَذْكُرْ هَذِهِ اللَّفْظَةَ بَعْضُ أَصْحَابِ الْحَسَنِ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ كَعَبْدِ الْوَاحِدِ بْنِ زِيَادٍ وَزَائِدَةَ بَلْ جَرِيرٌ أَيْضًا فِي رِوَايَةِ عُثْمَانَ بْنِ أَبِي شَيْبَةَ وَرِوَايَتُهُمْ عِنْدَ مُسْلِمٍ فَجُمْلَةُ سُوءِ الْكِبَرِ هِيَ مَحْفُوظَةٌ
قَالَ الْمُنْذِرِيُّ وَأَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ وَالتِّرْمِذِيُّ وَالنَّسَائِيُّ
[5072]
(عَنْ أَبِي عَقِيلٍ) بِفَتْحِ الْعَيْنِ وَاسْمُهُ هِشَامُ بْنُ بِلَالٍ (عَنْ أَبِي سَلَّامٍ) بِتَشْدِيدِ اللَّامِ هُوَ مَمْطُورٌ الْحَبَشِيُّ (أَنَّهُ) أَيْ أَبُو سَلَّامٍ (كَانَ فِي مَسْجِدِ حِمْصَ) بِكَسْرِ الْمُهْمَلَةِ وَسُكُونِ الْمِيمِ كَوْرَةٌ بِالشَّامِ (فَقَالُوا هَذَا) أَيِ الرَّجُلُ (خَدَمَ) صِيغَةُ الْمَاضِي الْمَعْلُومِ (فَقَامَ) أَيْ أَبُو سَلَّامٍ (إِلَيْهِ) أَيْ إِلَى الرَّجُلِ (فَقَالَ) أَيْ أَبُو سَلَّامٍ (لَمْ يَتَدَاوَلْهُ بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ الرِّجَالُ) فِي الصُّرَاحِ تَدَاوَلَتْهُ الْأَيْدِي أَخَذَتْهُ هَذِهِ مَرَّةً وَهَذِهِ مَرَّةً وَالْمَعْنَى لَمْ يَكُنْ بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ وَاسِطَةُ الرِّجَالِ (رَضِينَا بِاللَّهِ رَبًّا) تَمْيِيزٌ وَهُوَ يَشْمَلُ الرِّضَا بِالْأَحْكَامِ الشَّرْعِيَّةِ وَالْقَضَايَا الْكَوْنِيَّةِ (إِلَّا كَانَ حَقًّا عَلَى اللَّهِ) هُوَ خَبَرُ كَانَ (أَنْ يُرْضِيَهُ) أَيْ يُعْطِيَهُ ثَوَابًا جَزِيلًا حَتَّى يَرْضَى وَهُوَ اسْمُ كَانَ
قَالَ الْمُنْذِرِيُّ وَأَخْرَجَهُ النسائي
[5073]
(عَبْدُ اللَّهِ بْنُ غَنَّامٍ) بِتَشْدِيدِ النُّونِ (مَا أَصْبَحَ بِي) أَيْ حَصَلَ لِي فِي الصَّبَاحِ قاله القارىء
وَقِيلَ أَيْ مَا أَصْبَحَ مُتَّصِلًا بِي (مِنْ نِعْمَةٍ) دُنْيَوِيَّةٍ أَوْ أُخْرَوِيَّةٍ (فَمِنْكَ) أَيْ حَاصِلٌ مِنْكَ (وَحْدَكَ) حَالٌ مِنَ الضَّمِيرِ الْمُتَّصِلِ فِي مِنْكَ (وَمَنْ قَالَ مِثْلَ ذَلِكَ حِينَ يُمْسِي) لَكِنْ يَقُولُ أَمْسَى بَدَلَ أَصْبَحَ (فَقَدْ أَدَّى شُكْرَ لَيْلَتِهِ) هَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الشُّكْرَ هُوَ الِاعْتِرَافُ بِالْمُنْعِمِ الْحَقِيقِيِّ وَرُؤْيَةُ كُلِّ النِّعَمِ دَقِيقِهَا وَجَلِيلِهَا مِنْهُ وَكَمَالُهُ أَنْ يَقُومَ بِحَقِّ النِّعَمِ وَيَصْرِفَهَا فِي مَرْضَاةِ الْمُنْعِمِ
قَالَ الْمُنْذِرِيُّ وَأَخْرَجَهُ النَّسَائِيُّ
وَغَنَّامٌ بِفَتْحِ الْغَيْنِ الْمُعْجَمَةِ وَتَشْدِيدِ النُّونِ وَفَتْحِهَا وَبَعْدَ الْأَلِفِ مِيمٌ
وَالْبَيَاضِيُّ مَنْسُوبٌ إلى بياضة بطن من الأنصار
وقال بن أَبِي حَاتِمٍ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَنْبَسَةَ وَرَوَى عن بن غنام ويقال عن بن عَبَّاسٍ وَقَالَ أَيْضًا سُئِلَ أَبُو زُرْعَةَ فَقَالَ مَدَنِيٌّ لَا أَعْرِفُهُ إِلَّا فِي هَذَا الْحَدِيثِ يعني حديث النبي مَنْ قَالَ إِذَا أَصْبَحَ
[5074]
(لَمْ يَكُنْ رَسُولُ الله يَدَعُ) أَيْ يَتْرُكُ (اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ الْعَافِيَةَ) أَيِ السَّلَامَةَ مِنَ الْآفَاتِ (اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ الْعَفْوَ) أَيِ التَّجَاوُزَ عَنِ الذُّنُوبِ (اللَّهُمَّ اسْتُرْ عورتي) هي سوءة الإنسان وكل ما يستحي مِنْهُ (وَقَالَ عُثْمَانُ عَوْرَاتِي) أَيْ بِصِيغَةِ الْجَمْعِ (وَآمِنْ رَوْعَاتِي) أَيْ مُخَوِّفَاتِي وَالرَّوْعَةُ الْفَزَعَةُ (اللَّهُمَّ احْفَظْنِي) أَيِ ادْفَعِ الْبَلَاءَ عَنِّي (مِنْ بَيْنِ يَدَيَّ) أَيْ أَمَامِي (أَنْ أُغْتَالَ) بِصِيغَةِ الْمَجْهُولِ أَيْ أُوخَذَ بَغْتَةً وَأَهْلَكَ غَفْلَةً (قَالَ وَكِيعٌ يعني الخسف) أي يريد النبي بِالِاغْتِيَالِ مِنَ الْجِهَةِ التَّحْتَانِيَّةِ الْخَسْفَ
قَالَ فِي الْقَامُوسِ خَسَفَ اللَّهُ بِفُلَانٍ الْأَرْضَ غَيَّبَهُ فِيهَا
قَالَ الطِّيبِيُّ عَمَّ الْجِهَاتِ لِأَنَّ الْآفَاتِ مِنْهَا وَبَالَغَ فِي جِهَةِ السُّفْلِ لِرَدَاءَةِ الآفة
قال المنذري وأخرجه النسائي وبن مَاجَهْ
[5075]
(أَنَّ أُمَّهُ) قَالَ الْحَافِظُ أُمُّ عَبْدِ الْحَمِيدِ لَمْ أَقِفْ عَلَى اسْمِهَا (وَكَانَتْ) أَيْ أُمُّ عَبْدِ الْحَمِيدِ (فَيَقُولُ) الْفَاءُ عَاطِفَةٌ وَيَحْتَمِلُ أَنْ تَكُونَ تَفْسِيرِيَّةً (سُبْحَانَ اللَّهِ) هُوَ عَلَمٌ لِلتَّسْبِيحِ مَنْصُوبٌ عَلَى الْمَصْدَرِيَّةِ تَقْدِيرُهُ سَبَّحْتُ اللَّهَ سُبْحَانًا وَلَا يُسْتَعْمَلُ غَالِبًا إِلَّا مُضَافًا وَمَعْنَى التَّسْبِيحِ تَنْزِيهُ اللَّهِ عَمَّا لَا يَلِيقُ بِهِ مِنْ كُلِّ نَقْصٍ (وَبِحَمْدِهِ) قِيلَ الْوَاوُ لِلْحَالِ وَالتَّقْدِيرُ أُسَبِّحُ اللَّهَ مُتَلَبِّسًا بِحَمْدِي لَهُ مِنْ أَجْلِ تَوْفِيقِهِ وَقِيلَ عَاطِفَةٌ وَالتَّقْدِيرُ أُسَبِّحُ اللَّهَ وَأَلْتَبِسُ بِحَمْدِهِ (مَا شَاءَ اللَّهُ) أَيْ وُجُودَهُ (كَانَ) أَيْ وُجِدَ (وَمَا لَمْ يَشَأْ لَمْ يَكُنْ) أَيْ لَمْ يُوجَدْ (أَعْلَمُ) أَيْ أَعْتَقِدُ (أَنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ وَأَنَّ اللَّهَ قَدْ أَحَاطَ بِكُلِّ شَيْءٍ عِلْمًا) قَالَ الطِّيبِيُّ هَذَانِ الْوَصْفَانِ أَعْنِي الْقُدْرَةَ الشَّامِلَةَ وَالْعِلْمَ الْكَامِلَ هُمَا عُمْدَةُ أُصُولِ الدِّينِ وَبِهِمَا يَتِمُّ إِثْبَاتُ الْحَشْرِ وَالنَّشْرِ وَرَدُّ الْمَلَاحِدَةِ فِي إِنْكَارِهُمُ الْبَعْثَ وَحَشْرَ الْأَجْسَادِ (فَإِنَّهُ) أَيِ الشَّأْنَ (حُفِظَ) بِصِيغَةِ الْمَجْهُولِ أَيْ مِنَ الْبَلَايَا وَالْخَطَايَا
قَالَ الْمُنْذِرِيُّ وَأَخْرَجَهُ النَّسَائِيُّ أُمُّهُ مَجْهُولٌ
[5076]
(الْبَيْلَمَانِيَّ) بِفَتْحِ الْمُوَحَّدَةِ وَاللَّامِ بَيْنَهُمَا تَحْتَانِيَّةٍ سَاكِنَةٍ (قَالَ الرَّبِيعُ) هو بن سليمان (بن الْبَيْلَمَانِيِّ) أَيْ بِحَذْفِ اسْمِ أَبِيهِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ (فَسُبْحَانَ اللَّهِ) أَيْ نَزِّهُوهُ عَمَّا لَا يَلِيقُ بعظمته وقيل
مَعْنَاهُ صَلُّوا (حِينَ تُمْسُونَ) أَيْ تَدْخُلُونَ فِي الْمَسَاءِ وَهُوَ وَقْتُ الْمَغْرِبِ وَالْعِشَاءِ (وَحِينَ تُصْبِحُونَ) أَيْ تَدْخُلُونَ فِي الصَّبَاحِ (وَلَهُ الْحَمْدُ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ) اعْتِرَاضٌ وَمَعْنَاهُ يَحْمَدُهُ أَهْلُهُمَا (وَعَشِيًّا) عَطْفٌ عَلَى حِينٍ وَأُرِيدَ بِهِ وَقْتُ الْعَصْرِ (وَحِينَ تُظْهِرُونَ) أَيْ تَدْخُلُونَ فِي الظَّهِيرَةِ وَهُوَ وَقْتُ الظُّهْرِ (إِلَى وَكَذَلِكَ تَخْرُجُونَ) أَيْ إِلَى قَوْلِهِ تَعَالَى وَكَذَلِكَ تَخْرُجُونَ وَهَذَا اقْتِصَارٌ مِنَ الرَّاوِي وَتَمَامُهُ يُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ وَيُخْرِجُ الْمَيِّتَ مِنَ الْحَيِّ وَيُحْيِي الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا وكذلك تخرجون
فِي مَعَالِمِ التَّنْزِيلِ قَالَ نَافِعُ بْنُ الْأَزْرَقِ لِابْنِ عَبَّاسٍ هَلْ تَجِدُ الصَّلَوَاتِ الْخَمْسَ فِي الْقُرْآنِ قَالَ نَعَمْ وَقَرَأَ هَاتَيْنِ الْآيَتَيْنِ وَقَالَ جَمَعَتِ الْآيَةُ الصَّلَوَاتِ الْخَمْسَ وَمَوَاقِيتَهَا انْتَهَى
وَاخْتَارَ الطِّيبِيُّ عُمُومَ مَعْنَى التَّسْبِيحِ الَّذِي هُوَ مُطْلَقُ التَّنْزِيهِ فَإِنَّهُ الْمَعْنَى الْحَقِيقِيُّ الْأَوَّلِيُّ مِنَ الْمَعْنَى الْمَجَازِ مِنْ إِطْلَاقِ الْجُزْءِ وَإِرَادَةِ الْكُلِّ مَعَ أَنَّ الْعِبْرَةَ بِعُمُومِ اللَّفْظِ لَا بِخُصُوصِ السَّبَبِ (أَدْرَكَ مَا فَاتَهُ) أَيْ مِنَ الْخَيْرِ أَيْ حَصَلَ لَهُ ثَوَابُ مَا فَاتَهُ مِنْ وِرْدٍ وَخَيْرٍ وَهُوَ جَوَابُ الشَّرْطِ (وَمَنْ قَالَهُنَّ) أَيْ تِلْكَ الْكَلِمَاتِ أَوِ الْآيَاتِ (قَالَ الرَّبِيعُ عَنِ اللَّيْثِ) وَأَمَّا أَحْمَدُ بْنُ سَعِيدٍ فَقَالَ أَخْبَرَنِي اللَّيْثُ كَمَا مَرَّ
قَالَ الْمُنْذِرِيُّ فِي إِسْنَادِهِ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْبَيْلَمَانِيُّ عَنْ أَبِيهِ وَكِلَاهُمَا لَا يُحْتَجُّ بِهِ
[5077]
(وَوُهَيْبٌ نَحْوَهُ) أَيْ نحو حديث حماد (عن بن أَبِي عَائِشٍ) قَالَ الْمِزِّيُّ فِي الْأَطْرَافِ أَبُو عياش ويقال بن أبي عياش ويقال بن أبي عائش عن النبي وَيُقَالُ إِنَّهُ الزُّرَقِيُّ حَدِيثُ مَنْ قَالَ إِذَا أَصْبَحَ إِلَخْ أَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُدَ فِي الْأَدَبِ عَنْ مُوسَى عَنْ حَمَّادٍ وَوُهَيْبٍ كِلَاهُمَا عَنْ سُهَيْلِ بْنِ
ــ
[حاشية ابن القيم، تهذيب السنن]
قال الشيخ شمس الدين بن القيم رحمه الله وَقَدْ أَخْرَجَا فِي الصَّحِيحَيْنِ عَنْ أَبِي أَيُّوب الْأَنْصَارِيّ عَنْ النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم قَالَ مَنْ قَالَ لَا إِلَه إِلَّا اللَّه وَحْده لَا شَرِيك لَهُ لَهُ الْمُلْك وَلَهُ الْحَمْد وَهُوَ عَلَى كُلّ شَيْء قَدِير عَشْر مَرَّات كَانَ كَمَنْ أَعْتَقَ عَشَرَة أَنْفُس مِنْ وَلَد إِسْمَاعِيل
وَقَالَ الْبُخَارِيّ رَقَبَة مِنْ وَلَد إِسْمَاعِيل رَوَاهُ تَعْلِيقًا
أبي صالح عن أبيه عن بن أَبِي عَيَّاشٍ وَقَالَ حَمَّادٌ عَنْ أَبِي عَيَّاشٍ وَأَخْرَجَهُ النَّسَائِيُّ فِي عَمَلِ الْيَوْمِ وَاللَّيْلَةِ عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ يَعْقُوبَ عَنِ الْحَسَنِ بْنِ مُوسَى عَنْ حَمَّادِ بْنِ سَلَمَةَ عَنْ سُهَيْلٍ عَنْ أبيه عن أبي عياش الزرقي
وأخرجه بن مَاجَهْ فِي الدُّعَاءِ نَحْوَهُ انْتَهَى
قَالَ الْحَافِظُ في الإصابة أبو عياش وقيل بن عياش وقيل بن أبي عياش روى عن النبي مَنْ قَالَ إِذَا أَصْبَحَ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ الْحَدِيثُ مِنْ رِوَايَةِ سُهَيْلِ بْنِ أَبِي صَالِحٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْهُ أَخْرَجَ حَدِيثَهُ أَبُو داود والنسائي وبن مَاجَهْ وَفِي بَعْضِ طُرُقِهِ سُهَيْلِ بْنِ أَبِي صَالِحٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ بن أَبِي عَيَّاشٍ وَفِي بَعْضِ طُرُقِهِ عَنْ أَبِي عَيَّاشٍ الزُّرَقِيِّ
فَقِيلَ هُوَ زَيْدُ بْنُ الصَّامِتِ أَبُو عَيَّاشٍ الزُّرَقِيُّ
وَعَلَى ذَلِكَ جَرَى أَبُو أَحْمَدَ الْحَاكِمُ وَالَّذِي يَظْهَرُ أَنَّهُ غَيْرُهُ
وَوَقَعَ فِي الْكُنَى لِأَبِي بِشْرٍ الدُّولَابِيِّ أَبُو عَيَّاشٍ الزُّرَقِيُّ رَوَى عَنْهُ زَيْدُ بْنُ أَسْلَمَ حَدِيثَ مَنْ قَالَ إِذَا أَصْبَحَ إِلَخْ انْتَهَى
(مَنْ قَالَ) شَرْطِيَّةٌ (إِذَا أَصْبَحَ) ظَرْفِيَّةٌ (كَانَ لَهُ) جَوَابُ الشَّرْطِ (عَدْلُ رَقَبَةٍ) أَيْ مِثْلُ عِتْقِهَا وَهُوَ بِفَتْحِ الْعَيْنِ وَكَسْرِهَا بِمَعْنَى الْمِثْلِ
وَقِيلَ بِالْفَتْحِ الْمِثْلُ مِنْ غَيْرِ الْجِنْسِ وَبِالْكَسْرِ مِنَ الْجِنْسِ وَقِيلَ بِالْعَكْسِ (مِنْ وَلَدِ إِسْمَاعِيلَ) صِفَةُ رَقَبَةٍ وَهُوَ بِفَتْحِ الْوَاوِ وَاللَّامِ وَبِضَمٍّ وَسُكُونٍ أَيْ أَوْلَادُهُ وَالتَّخْصِيصُ لِأَنَّهُمْ أَشْرَفُ مَنْ سُبِيَ (وَكُتِبَ) أَيْ أُثْبِتَ مَعَ هَذَا (وَحُطَّ) أَيْ وُضِعَ وَمُحِيَ (وَكَانَ
ــ
[حاشية ابن القيم، تهذيب السنن]
وَفِي الصَّحِيحَيْنِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَة أَنَّ رَسُول اللَّه صلى الله عليه وسلم قَالَ مَنْ قَالَ لَا إِلَه إِلَّا اللَّه وَحْده لَا شَرِيك لَهُ لَهُ الْمُلْك وَلَهُ الْحَمْد وَهُوَ عَلَى كُلّ شَيْء قَدِير فِي يَوْم مِائَة مَرَّة كَانَتْ لَهُ عَدْل عَشْر رِقَاب وَكُتِبَتْ لَهُ مِائَة حَسَنَة وَمُحِيَتْ عَنْهُ مِائَة سَيِّئَة وَكَانَتْ لَهُ حِرْزًا مِنْ الشَّيْطَان يَوْمه ذَلِكَ حَتَّى يُمْسِي وَلَمْ يَأْتِ أَحَد بِأَفْضَل مِمَّا جَاءَ بِهِ إِلَّا رَجُل عَمِلَ أَكْثَر مِنْ ذَلِكَ وَمَنْ قَالَ سُبْحَان اللَّه وَبِحَمْدِهِ فِي يَوْم مِائَة مَرَّة حُطَّتْ عَنْهُ خَطَايَاهُ وَإِنْ كَانَتْ مِثْل زَبَد الْبَحْر
فَهَذَا الْحَدِيث يَدُلّ عَلَى أَنَّ كُلّ رَقَبَة يَعْدِلهَا عَشْر مَرَّات تَهْلِيلًا وَهُوَ يُوَافِق رِوَايَة
الْبُخَارِيّ فِي الْحَدِيث الذي قبله
وحديث بن عَبَّاس يَدُلّ عَلَى أَنَّ كُلّ مَرَّة بِرَقَبَةٍ وَيُوَافِقهُ حَدِيث أَبِي أَيُّوب الَّذِي رَوَاهُ مُسْلِم وَلَكِنْ حَدِيث أَبِي أَيُّوب قَدْ اِخْتَلَفَ فِيهِ الْبُخَارِيّ وَمُسْلِم كَمَا ذَكَرْنَاهُ
وَحَدِيث أَبِي هُرَيْرَة صَرِيح بِأَنَّ الْمِائَة تَعْدِل عَشْر رِقَاب وَلَمْ يُخْتَلَف فِيهِ
فَيَتَرَجَّح مِنْ هَذَا الْوَجْه عَلَى خَبَر أَبِي أَيُّوب وَتَتَرَجَّح رِوَايَة مُسْلِم لِحَدِيثِ أبي أيوب بحديث بن عَبَّاس الْمُتَقَدِّم
فَقَدْ تَقَابَلَ التَّرْجِيحَانِ
فِي حِرْزٍ) أَيْ حِفْظٍ وَصَوْنٍ (كَانَ لَهُ مِثْلُ ذَلِكَ) أَيْ مَا ذَكَرَ مِنَ الْجَزَاءِ (فرأى رجل) قال القارىء ذَكَرَ اسْتِظْهَارًا لَا دَلِيلًا عَلَيْهِ لِلْإِجْمَاعِ عَلَى أَنَّ رُؤْيَةَ الْمَنَامِ لَا يُعْمَلُ بِهَا
ــ
[حاشية ابن القيم، تهذيب السنن]
وقد يقال خبر بن عَبَّاس قَدْ تُكُلِّمَ فِيهِ وَأَنَّهُ لَا يَصِحّ وَخَبَر أَبِي أَيُّوب قَدْ اُخْتُلِفَ فِي لَفْظه وَخَبَر أَبِي هُرَيْرَة صَحِيح لَا عِلَّة فِيهِ وَلَا اِخْتِلَاف فَوَجَبَ تَقْدِيمه وَاَللَّه أَعْلَم
وَقَدْ رَوَى التِّرْمِذِيّ مِنْ حَدِيث زَيْد بْن أَبِي أُنَيْسَة عَنْ عَبْد الرَّحْمَن بْن غَنْم عَنْ أَبِي ذَرّ أَنَّ رَسُول اللَّه صلى الله عليه وسلم قَالَ مَنْ قَالَ فِي دُبُر صَلَاة الْفَجْر وَهُوَ ثَانٍ رِجْلَيْهِ قَبْل أَنْ يَتَكَلَّم لَا إِلَه إِلَّا اللَّه وَحْده لَا شَرِيك لَهُ لَهُ الْمُلْك وَلَهُ الْحَمْد يُحْيِي وَيُمِيت وَهُوَ عَلَى كُلّ شَيْء قَدِير عَشْر مَرَّات كُتِبَ لَهُ عَشْر حَسَنَات وَمُحِيَ عَنْهُ عَشْر سَيِّئَات وَرُفِعَ لَهُ عَشْر دَرَجَات وَكَانَ يَوْمه ذَلِكَ كُلّه فِي حِرْز مِنْ كُلّ مكروه وحرس من الشيطان ولم ينبغي لِذَنْبٍ أَنْ يُدْرِكهُ ذَلِكَ الْيَوْم إِلَّا الشِّرْك بِاَللَّهِ وَقَالَ هَذَا حَدِيث حَسَن صَحِيح غَرِيب مِنْ هَذَا الْوَجْه
وَأَمَّا الْحَدِيث الَّذِي رَوَاهُ التِّرْمِذِيّ فِي جَامِعه عَنْ سَالِم بْن عَبْد اللَّه بْن عُمَر عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدّه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قَالَ مَنْ دَخَلَ السُّوق فَقَالَ لَا إِلَه إِلَّا اللَّه وَحْده لَا شَرِيك لَهُ لَهُ الْمُلْك وَلَهُ الْحَمْد يُحْيِي وَيُمِيت وَهُوَ حَيّ لَا يَمُوت بِيَدِهِ الْخَيْر وَهُوَ عَلَى كُلّ شَيْء قَدِير كُتِبَ لَهُ أَلْف أَلْف حَسَنَة وَمُحِيَ عَنْهُ أَلْف أَلْف سَيِّئَة وَرُفِعَ لَهُ أَلْف أَلْف دَرَجَة فَهُوَ حَدِيث مَعْلُول لَا يثبت مثله وذكره لَهُ التِّرْمِذِيّ طُرُقًا
أَحَدهَا أَحْمَد بْن مَنِيع حَدَّثَنَا أَزْهَر بْن سِنَان حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن وَاسِع قَالَ قَدِمْت مَكَّة فَلَقِيَنِي أَخِي سَالِم بْن عَبْد اللَّه بْن عُمَر فَحَدَّثَنِي عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدّه أَنَّ رَسُول اللَّه صلى الله عليه وسلم فَذَكَرَهُ وَقَالَ هَذَا حَدِيث غَرِيب
وَالثَّانِي رَوَاهُ عُمَر بْن دِينَار
قَهْرَمَان آلِ الزُّبَيْر عَنْ سَالِم نَحْوه
قَالَ التِّرْمِذِيّ حَدَّثَنَا أَحْمَد بْن عَبْدَة حَدَّثَنَا حَمَّاد بْن عَبْدَة حَدَّثَنَا حَمَّاد بْن زَيْد وَالْمُعْتَمِر بْنُ سُلَيْمَان قَالَا حَدَّثَنَا عَمْرو بْن دِينَار وَهُوَ قَهْرَمَان آلِ الزُّبَيْر عَنْ سَالِم عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدّه وَقَالَ وَبُنِيَ لَهُ بَيْت فِي الْجَنَّة وَلَمْ يَقُلْ أَلْف أَلْف دَرَجَة
وَالثَّالِث رَوَاهُ يَحْيَى بْن سُلَيْم الطَّائِفِيّ عَنْ عِمْرَان بْن مُسْلِم عَنْ عَبْد اللَّه بْن دِينَار عن بْن عُمَر عَنْ النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم وَلَمْ يَذْكُر عُمَر
ذَكَرَهُ التِّرْمِذِيّ تَعْلِيقًا عن يحيى
(قَالَ أَبُو دَاوُدَ رَوَاهُ إِسْمَاعِيلُ إِلَخْ) قَالَ الْمُنْذِرِيُّ وَقَالَ أَبُو بَكْرٍ الْخَطِيبُ عِنْدَ الْقَاضِيَ يَعْنِي أَبَا عُمَرَ الْهَاشِمِيَّ عَنْ شَيْخِهِ عَنْ أَبِي عَائِشٍ وَكَذَا عِنْدَ غَيْرِهِ وَأَخْرَجَهُ النَّسَائِيُّ وبن مَاجَهْ وَفِي حَدِيثِهِمَا عَنْ أَبِي عَيَّاشٍ الزُّرَقِيِّ وَأَبُو عَيَّاشٍ الْأَنْصَارِيُّ الزُّرَقِيُّ اسْمُهُ زَيْدُ بْنُ الصَّامِتِ وَقِيلَ غَيْرُ ذَلِكَ وَهُوَ بِفَتْحِ الْعَيْنِ الْمُهْمَلَةِ وَتَشْدِيدِ الْيَاءِ آخِرِ الْحُرُوفِ وَفَتْحِهَا وَبَعْدَ الْأَلِفِ شِينٌ مُعْجَمَةٌ وَذَكَرَهُ أَبُو أَحْمَدَ الْكَرَابِيسِيُّ فِي كِتَابِ الْكُنَى وَقَالَ لَهُ صُحْبَةٌ مِنَ النبي وَلَيْسَ حَدِيثَهُ مِنْ وَجْهٍ صَحِيحٍ وَذُكِرَ لَهُ هَذَا الْحَدِيثُ
[5078]
(إِلَّا غَفَرَ اللَّهُ لَهُ) قَالَ القارىء اسْتِثْنَاءٌ مُفَرَّغٌ مِمَّا هُوَ جَوَابٌ مَحْذُوفٌ لِلشَّرْطِ الْمَذْكُورِ أَيِ الَّذِي قَالَ فِيهِ ذَلِكَ الذِّكْرَ تَقْدِيرُهُ مَا قَالَ قَائِلٌ هَذَا الدُّعَاءَ إِلَّا غَفَرَ اللَّهُ لَهُ أَوْ يُقَدَّرُ نَفْيٌ أَيْ مَنْ قَالَ ذَلِكَ لَمْ يَحْصُلْ لَهُ شَيْءٌ مِنَ الْأَحْوَالِ إِلَّا هَذِهِ الْحَالَةِ الْعَظِيمَةِ مِنَ الْمَغْفِرَةِ الْجَسِيمَةِ (مِنْ ذَنْبٍ) أَيْ أَيُّ ذَنْبٍ كَانَ وَاسْتَثْنَى الْكَبَائِرَ وَكَذَا مَا يَتَعَلَّقُ بِحُقُوقِ الْعِبَادِ وَالْإِطْلَاقُ لِلتَّرْغِيبِ مَعَ أَنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ مَا دُونَ الشِّرْكِ لِمَنْ يَشَاءُ
وَالْحَدِيثُ لَيْسَ مِنْ رِوَايَةِ اللُّؤْلُؤِيِّ وَلِذَا لَمْ يَذْكُرْهُ المنذري وَقَالَ الْمِزِّيُّ حَدِيثُ مَنْ قَالَ حِينَ يُصْبِحُ إِلَخْ أَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُدَ فِي الْأَدَبِ عَنْ عمرو بن
ــ
[حاشية ابن القيم، تهذيب السنن]
فَأَمَّا الطَّرِيق الْأُولَى فَهِيَ أَمْثَل طُرُقه وَأَزْهَر بْن سِنَان لَا بَأْس بِهِ وَقَدْ تَكَلَّمَ فِيهِ بَعْض الْأَئِمَّة وَقَدْ ذَكَرَ حَدِيثه هَذَا الْحَافِظ أَبُو عَبْد اللَّه الْمَقْدِسِيُّ فِي الْمُخْتَارَة
وَأَمَّا الطَّرِيق الثَّانِيَة فَفِيهَا عَمْرو بْن دِينَار قَهْرَمَان آل الزُّبَيْر قَالَ الْبُخَارِيّ فِي التَّارِيخ فِيهِ نَظَر
وَذَكَرَ هَذَا الْإِسْنَاد بِعَيْنِهِ وَلَمْ يَذْكُر لَهُ مَتْنًا فَقَالَ قَالَ مُوسَى بْن عَبْد الرَّحْمَن حَدَّثَنَا زَيْد بْن خَبَّاب حَدَّثَنَا سَعِيد بْن زَيْد عَنْ عَمْرو بْن دِينَار مَوْلَى الْأَنْصَارِيّ عَنْ سَالِم عَنْ أَبِيهِ عَنْ عُمَر وَقَالَ التِّرْمِذِيّ تَكَلَّمَ فِيهِ بَعْض أَصْحَاب الْحَدِيث وَقَدْ رَوَى عَنْ سَالِم أَحَادِيث لَا يُتَابَع عَلَيْهَا
وَأَمَّا الطَّرِيق الثَّالِثَة فَفِيهَا عِمْرَان بْن مُسْلِم وَلَيْسَ هُوَ عِمْرَان بْن مُسْلِم الْقَصِير فَإِنَّ ذَاكَ مِنْ رِجَال الصَّحِيح وَهَذَا مُنْكَر الْحَدِيث
قَالَهُ الْبُخَارِيّ وَغَيْره
وَقَدْ قِيلَ إِنَّهُ الْقَصِير وَاَللَّه أَعْلَم
عُثْمَانَ وَأَخْرَجَهُ التِّرْمِذِيُّ فِي الدَّعَوَاتِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الدَّارِمِيِّ عَنْ حَيْوَةَ بْنِ شُرَيْحٍ الْحِمْصِيِّ وَأَخْرَجَهُ النَّسَائِيُّ فِي عَمَلِ الْيَوْمِ وَاللَّيْلَةِ عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ إِبْرَاهِيمَ وَعَمْرِو بْنِ عُثْمَانَ وَكَثِيرِ بْنِ عُبَيْدٍ أَرْبَعَتُهُمْ عَنْ بَقِيَّةَ بْنِ الْوَلِيدِ عَنْ مُسْلِمِ بْنِ زِيَادٍ الشامي مولى ميمونة زوج النبي عَنْ أَنَسٍ وَحَدِيثُ أَبِي دَاوُدَ فِي رِوَايَةِ أَبِي بَكْرِ بْنِ دَاسَةَ عَنْهُ وَلَمْ يَذْكُرْهُ أَبُو الْقَاسِمِ انْتَهَى
[5079]
(الْفِلَسْطِينِيُّ) بِكَسْرِ فَاءٍ وَفَتْحِ لَامٍ وَسُكُونِ سِينٍ مُهْمَلَةٍ وَكَسْرِ طَاءٍ مُهْمَلَةٍ وَبِمُثَنَّاةٍ تَحْتِيَّةٍ فَنُونٍ نِسْبَةٌ إِلَى فِلَسْطِينَ كَذَا فِي الْمُغْنِي
وَفِي الْقَامُوسِ فِلَسْطُونَ وَفِلَسْطِينُ وَقَدْ يُفْتَحُ فَاؤُهُمَا كَوْرَةٌ بِالشَّامِ وَقَرْيَةٌ بِالْعِرَاقِ (عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ حَسَّانَ) بَدَلٌ مِنْ أَبِي سَعِيدٍ (أَنَّهُ أَسَرَّ) مِنَ الْإِسْرَارِ (إِلَيْهِ) أَيْ إِلَى مسلم بن الحارث والمعنى تكلم مَعَهُ خُفْيَةً (إِذَا انْصَرَفْتَ) أَيْ فَرَغْتَ (اللَّهُمَّ أَجِرْنِي مِنَ النَّارِ) أَجِرْنِي أَمْرٌ مِنَ الْإِجَارَةِ مِنْ بَابِ الْإِفْعَالِ مِنَ الْجَوْرِ مَعْنَاهُ أَمِّنِّي وَأَعِذْنِي وَأَنْقِذْنِي وَخَلِّصْنِي مِنَ النَّارِ
قَالَ فِي لِسَانِ الْعَرَبِ وَفِي التَّنْزِيلِ الْعَزِيزِ وَإِنْ أَحَدٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ اسْتَجَارَكَ فَأَجِرْهُ حَتَّى يَسْمَعَ كَلَامَ الله قَالَ الزَّجَّاجُ الْمَعْنَى إِنْ طَلَبَ أَحَدٌ مِنْ أَهْلِ الْحَرْبِ أَنْ تُجِيرَهُ مِنَ الْقَتْلِ إِلَى أَنْ يَسْمَعَ كَلَامَ اللَّهِ فَأَجِرْهُ أَيْ أَمِّنْهُ
قَالَ أَبُو الْهَيْثَمِ الْجَارُ وَالْمُجِيرُ وَالْمُعِيذُ وَاحِدٌ وَمَنْ عَاذَ بِاللَّهِ اسْتَجَارَ بِهِ أَجَارَهُ اللَّهُ وَأَجَارَهُ اللَّهُ مِنَ الْعَذَابِ أَنْقَذَهُ
انْتَهَى مُلَخَّصًا
وأما في قوله اللَّهُمَّ آجِرْنِي فِي مُصِيبَتِي فَآجِرْ هَا هُنَا أَمْرٌ مِنَ الْإِيجَارِ مِنْ بَابِ الْإِفْعَالِ مِنَ الْأَجْرِ وَأَيْضًا يُرْوَى فِيهِ اجُرْنِي بِسُكُونِ الْهَمْزَةِ وَضَمِّ الْجِيمِ مِنْ بَابِ نَصَرَ يَنْصُرُ مِنَ الْأَجْرِ وَعَلَى كِلْتَا الرِّوَايَتَيْنِ مَعْنًى وَاحِدٌ أَيْ أَعْطِنِي أَجْرًا وَثَوَابًا فِي مُصِيبَتِي
قَالَ فِي اللِّسَانِ وَفِي حَدِيثِ أُمِّ سَلَمَةَ آجِرْنِي اللَّهُ فِي مُصِيبَتِي وَأَخْلِفْ لِي خَيْرًا مِنْهَا آجَرَهُ يُوجِرُهُ إِذَا أَثَابَهُ وَأَعْطَاهُ الْأَجْرَ وَالْجَزَاءَ وَكَذَلِكَ أَجَرَهُ يَأْجُرُهُ وَيَأْجُرُهُ وَالْأَمْرُ مِنْهُمَا آجِرْنِي وَأَجِرْنِي وَأَجِرْنِي انْتَهَى
وَفِي مَجْمَعِ الْبِحَارِ آجِرْنِي فِي مُصِيبَتِي آجَرَهُ يُوجِرَهُ إِذَا أَثَابَهُ وَأَعْطَاهُ الْأَجْرَ والجزاء
وَكَذَا أَجَرَهُ يَأْجُرُهُ وَأَجِرْنِي فِي مُصِيبَتِي بِسُكُونِ الْهَمْزَةِ وَضَمِّ الْجِيمِ إِنْ كَانَ ثُلَاثِيًّا وَإِلَّا فَبِفَتْحِ هَمْزَةٍ مَمْدُودَةٍ وَبِكَسْرِ الْجِيمِ مِنْ آجَرَهُ اللَّهُ أَعْطَاهُ جَزَاءَ صَبْرِهِ وَهُوَ بِالْقَصْرِ أَكْثَرُ انْتَهَى
وَفِي النِّهَايَةِ آجَرَهُ يُوجِرُهُ إِذَا أَثَابَهُ وَأَعْطَاهُ الْأَجْرَ وَالْجَزَاءَ وَكَذَلِكَ أَجَرَهُ يَأْجُرُهُ وَالْأَمْرُ مِنْهُمَا آجِرْنِي وَأَجِرْنِي انْتَهَى (سَبْعَ مَرَّاتٍ) ظَرْفٌ لِقُلْ أَيْ كَرِّرْ ذَلِكَ سَبْعَ مَرَّاتٍ (فَإِنَّكَ إِذَا قُلْتَ ذَلِكَ) أَيِ الدُّعَاءَ الْمَذْكُورَ سَبْعًا (ثُمَّ مُتَّ) بِالضَّمِّ وَالْكَسْرِ (كُتِبَ لَكَ جِوَارٌ) بِكَسْرِ الْجِيمِ وَإِهْمَالِ الرَّاءِ وَفِي بَعْضِ النُّسَخِ بِفَتْحِ الْجِيمِ وَإِعْجَامِ الزَّايِ أَيْ أَمَانٌ وَخَلَاصٌ
قَالَ فِي الْمِرْقَاةِ وَالْجَوَازُ فِي الْأَصْلِ لِلْبَرَاءَةِ الَّتِي تَكُونُ مَعَ الرَّجُلِ فِي الطَّرِيقِ حَتَّى لَا يَمْنَعَهُ أَحَدٌ مِنَ الْمُرُورِ وَحِينَئِذٍ فَلَا يَدْفَعُهُ إِلَّا تَحِلَّةَ الْقَسَمِ انْتَهَى (مِنْهَا) أَيْ مِنَ النَّارِ (أَسَرَّهَا) أَيِ الْكَلِمَاتِ الْمَذْكُورَةَ (نَحْنُ نَخُصُّ إِخْوَانَنَا بِهَا) وَفِي بَعْضِ النُّسَخِ فَنَحْنُ بِالْفَاءِ وَهُوَ الْأَوْلَى وَكَأَنَّهُ فَهِمَ أَنَّ الْإِسْرَارَ كَانَ تَخْصِيصًا مِنْهُ لَهُ وَالْحَدِيثُ سَكَتَ عَنْهُ الْمُنْذِرِيُّ
[5080]
(الْحِمْصِيُّ) بِكَسْرِ الْمُهْمَلَتَيْنِ (وَمُؤَمَّلٌ) بِوَزْنِ مُحَمَّدٍ (بن الْفَضْلِ الْحَرَّانِيُّ) بِفَتْحِ الْمُهْمَلَةِ وَشِدَّةِ الرَّاءِ (الرَّمْلِيُّ) بِفَتْحِ الرَّاءِ وَسُكُونِ الْمِيمِ نِسْبَةٌ إِلَى رَمْلَةٍ مَدِينَةٌ مِنْ فِلَسْطِينَ (قَالَ نَحْوَهُ) أَيْ نَحْوَ الْحَدِيثِ السَّابِقِ (إِلَى قَوْلِهِ جَوَارٌ مِنْهَا) أَيْ بِدُونِ ذِكْرِ قَوْلِهِ أَخْبَرَنِي أَبُو سَعِيدٍ إِلَخْ (إِلَّا أَنَّهُ قَالَ) أَيِ الْوَلِيدُ (فِيهِمَا) أَيْ فِي الْجُمْلَتَيْنِ مِنَ الْحَدِيثِ إِحْدَاهُمَا إِذَا انْصَرَفْتَ مِنْ صَلَاةِ الْمَغْرِبِ إِلَخْ وَثَانِيَتُهُمَا إِذَا صَلَّيْتَ الصُّبْحَ إِلَخْ (قَبْلَ أَنْ تُكَلِّمَ أَحَدًا) الظَّاهِرُ أَنَّ هَذِهِ الزِّيَادَةَ بَعْدَ قَوْلِهِ فَقُلْ وَاللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ (قَالَ عَلِيُّ بْنُ سَهْلٍ فِيهِ أَنَّ أَبَاهُ حَدَّثَهُ) أَيْ مَكَانَ عَنْ أَبِيهِ (وقال علي وبن الْمُصَفَّى) أَيْ ذَكَرَا قَبْلَ بَيَانِ الْحَدِيثِ هَذِهِ الْقِصَّةَ الْمَذْكُورَةَ بِقَوْلِهِ بَعَثَنَا إِلَى قَوْلِهِ وَدَفَعَهُ إِلَيَّ ثُمَّ بَعْدَ ذِكْرِ هَذِهِ الْقِصَّةِ بَيَّنَّا الْحَدِيثَ (فِي سَرِيَّةٍ) السَّرِيَّةُ طَائِفَةٌ مِنْ جَيْشٍ أَقْصَاهَا أَرْبَعُمِائَةٍ تُبْعَثُ إِلَى الْعَدُوِّ
سُمُّوا بِهِ لِأَنَّهُمْ يَكُونُونَ خُلَاصَةَ الْعَسْكَرِ وَخِيَارَهُمْ مِنَ الشَّيْءِ السِّرِيِّ أَيِ النَّفِيسِ (فَلَمَّا بَلَغْنَا الْمُغَارَ) بِالضَّمِّ الْغَارَةُ وَمَوْضِعُهَا (اسْتَحْثَثْتُ) اسْتِفْعَالٌ مِنَ الْحَثِّ (وَتَلَقَّانِي الْحَيُّ) أَيِ الَّذِينَ سِرْنَا إِلَيْهِمْ (بِالرَّنِينِ) أَيْ بِالصَّوْتِ وَالصِّيَاحِ فَفِي الْقَامُوسِ الرَّنَّةُ الصَّوْتُ رَنَّ يَرِنُّ صَاحَ (تُحْرَزُوا) مِنَ الْحِرْزِ أَيْ تُحْفَظُوا وَهُوَ جَوَابُ قُولُوا (فَقَالُوهَا) أَيْ كَلِمَةَ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ (فَقَالُوا) أَيْ أَصْحَابِي (فَحَسَّنَ لِي) مِنَ التَّحْسِينِ (كَذَا وَكَذَا) أَيْ مِنَ الثَّوَابِ (قَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ) هُوَ بن حَسَّانَ (أَمَا) بِالتَّخْفِيفِ حَرْفُ التَّنْبِيهِ (بِالْوَصَاةِ) اسْمُ التَّوْصِيَةِ كَصَلَاةٍ وَسَلَامٍ اسْمُ التَّصْلِيَةِ وَالتَّسْلِيمِ (فَفَعَلَ) أي النبي أَيْ كَتَبَ لِي الْوَصَاةَ (وَخَتَمَ عَلَيْهِ) أَيْ عَلَى الْمَكْتُوبِ (ثُمَّ ذَكَرَ مَعْنَاهُمْ) أَيْ مَعْنَى حديثهم (قال بن الْمُصَفَّى قَالَ سَمِعْتُ الْحَارِثَ بْنَ مُسْلِمِ بْنِ الْحَارِثَ إِلَخْ) وَأَمَّا غَيْرُهُ فَقَالَ مُسْلِمُ بْنُ الْحَارِثِ بْنِ مُسْلِمٍ
قَالَ الْمُنْذِرِيُّ قِيلَ فِيهِ مُسْلِمُ بْنُ الْحَارِثَ وَقِيلَ الْحَارِثُ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ الْحَارِثَ كَمَا تَقَدَّمَ وَصَحَّحَ غَيْرُ وَاحِدٍ أَنَّهُ مُسْلِمُ بْنُ الْحَارِثِ
وَسُئِلَ أَبُو زُرْعَةَ الرَّازِيُّ عَنْ مُسْلِمِ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ مُسْلِمٍ فَقَالَ الصَّحِيحُ الْحَارِثُ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ الْحَارِثِ عَنْ أَبِيهِ
وَقَالَ أَبُو حَاتِمٍ الرَّازِيُّ الْحَارِثُ بْنُ مُسْلِمٍ تَابِعِيٌّ وَقِيلَ لِلدَّارَقُطْنِيِّ مُسْلِمُ بْنُ الحارث التميمي عن أبيه عن النبي قَالَ مُسْلِمٌ مَجْهُولٌ لَا يُحَدِّثُ عَنْ أَبِيهِ إِلَّا هُوَ
[5081]
(حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ مُحَمَّدٍ الدِّمَشْقِيُّ إِلَخْ) هَذَا الْحَدِيثُ لَيْسَ فِي عَامَّةِ النُّسَخِ الْحَاضِرَةِ وَإِنَّمَا هُوَ فِي نُسْخَتَيْنِ وَلَيْسَ مِنْ رِوَايَةِ اللُّؤْلُؤِيِّ وَلِذَا لَمْ يَذْكُرْهُ الْمُنْذِرِيُّ
وقال الْمِزِّيُّ هَذَا الْحَدِيثُ فِي رِوَايَةِ أَبِي بَكْرِ بْنِ دَاسَةَ وَلَمْ يَذْكُرْهُ أَبُو الْقَاسِمِ انْتَهَى
(صَادِقًا كَانَ بِهَا) أَيْ بِتِلْكَ الْكَلِمَاتِ (أَوْ كَاذِبًا) وَالْمَعْنَى أَنَّ الْقَائِلَ بِتِلْكَ الْكَلِمَاتِ إِنْ كَانَ مُخْلِصًا وَصَادِقًا فِي اعْتِقَادِهِ عَلَى تِلْكَ الْكَلِمَاتِ وَمُتَيَقِّنًا بِهَا أَوْ كَانَ كَاذِبًا فِي اعْتِقَادِهِ عَلَيْهَا بِحَيْثُ تَجْرِي تِلْكَ الْكَلِمَاتُ عَلَى لِسَانِهِ عَلَى سَبِيلِ الْعَادَةِ وَيَظُنُّ فِيهَا أَثَرًا وَلَكِنْ لَا يَتَيَقَّنُ بِهَا كَتَيَقُّنِ الْمُخْلِصِينَ الصَّادِقِينَ وَمَعَ ذَلِكَ كَفَاهُ اللَّهُ تَعَالَى مَا أَهَمَّهُ مِنْ أُمُورِ الدُّنْيَا وَأَتْعَبَهُ الزَّمَانُ فَاللَّهُ تَعَالَى يُنْجِيهِ مِنَ التَّعَبِ وَالْكَرْبِ وَالْهَمِّ بِبَرَكَةِ هَذِهِ الْكَلِمَاتِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ
[5082]
(عَنْ أَبِي أَسِيدٍ) بِفَتْحِ الْهَمْزَةِ (عَنْ مُعَاذِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ خُبَيْبٍ) بِالتَّصْغِيرِ (وَالْمُعَوِّذَتَيْنِ) أَيْ قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الفلق وقل أعوذ برب الناس (ثَلَاثَ مَرَّاتٍ) أَيْ قُلْ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ (تَكْفِيكَ) أَيْ هَذِهِ السُّوَرُ الثَّلَاثُ (مِنْ كُلِّ شَيْءٍ) أَيْ مِنْ كُلِّ شَرٍّ أَوْ كُلِّ وِرْدٍ يَتَعَوَّذُ بِهِ
قَالَ الْمُنْذِرِيُّ وَأَخْرَجَهُ التِّرْمِذِيُّ وَالنَّسَائِيُّ مُسْنَدًا وَمُرْسَلًا وَقَالَ التِّرْمِذِيُّ حَسَنٌ صَحِيحٌ غَرِيبٌ مِنْ هَذَا الْوَجْهِ وَأَبُو سَعِيدٍ الْبَرَّادُ وهو بن أبي أسيد
[5083]
(فاطر السماوات والأرض) أَيْ خَالِقَهُمَا (وَشِرْكِهِ) بِكَسْرِ الشِّينِ وَسُكُونِ الرَّاءِ أَيْ مَا يَدْعُو
إِلَيْهِ مِنَ الْإِشْرَاكِ بِاللَّهِ أَوْ بِفَتْحَتَيْنِ أَيْ حَبَائِلِهِ وَمَصَائِدِهِ جَمْعُ شِرْكَةٍ (وَأَنْ نَقْتَرِفَ) أَيْ نَكْتَسِبَ (أَوْ نَجُرَّهُ) أَيِ السُّوءَ [5084](وَبِهَذَا الْإِسْنَادِ) أَيِ السَّابِقِ (فَتْحَهُ) أَيِ الظَّفَرَ عَلَى الْمَقْصُودِ (وَنَصْرَهُ) أَيِ النُّصْرَةَ عَلَى الْعَدُوِّ (وَنُورَهُ) أَيْ بِتَوْفِيقِ الْعِلْمِ وَالْعَمَلِ (وَبَرَكَتَهُ) أَيْ بِتَيَسُّرِ الرِّزْقِ الْحَلَالِ الطَّيِّبِ (وَهُدَاهُ) أَيِ الثَّبَاتَ عَلَى مُتَابَعَةِ الْهُدَى وَمُخَالَفَةِ الْهَوَى
قَالَ الطِّيبِيُّ قَوْلُهُ فَتْحَهُ وَمَا بَعْدَهُ بَيَانٌ لِقَوْلِهِ خَيْرُ هَذَا الْيَوْمِ (مِنْ شَرِّ مَا فِيهِ) أَيْ فِي هَذَا الْيَوْمِ (وَشَرِّ مَا بَعْدَهُ) وَاكْتَفَى بِهِ عَنْ سُؤَالِ خَيْرِ مَا بَعْدَهُ إِشْعَارًا بِأَنَّ دَرْءَ الْمَفَاسِدِ أَهَمُّ مِنْ جَلْبِ الْمَنَافِعِ (فَلْيَقُلْ مِثْلَ ذَلِكَ) بِأَنْ يَقُولَ أَمْسَيْنَا وَأَمْسَى الْمُلْكُ وَخَيْرُ هَذِهِ اللَّيْلَةِ وَيُؤَنَّثُ الضَّمَائِرُ
قَالَ الْمُنْذِرِيُّ فِي إِسْنَادِ هَذَيْنِ الْحَدِيثَيْنِ مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ بْنِ عَيَّاشٍ وَأَبُوهُ وَكِلَاهُمَا فِيهِ مَقَالٌ
[5085]
(عَنْ عُمَرَ بن جعثم) بضم الجيم وسكون المهملة وضم الْمُثَلَّثَةِ مَقْبُولٌ مِنَ السَّابِعَةِ كَذَا فِي التَّقْرِيبِ وفي الخلاصة وثقه بن حِبَّانَ وَفِي الْمِيزَانِ هُوَ صَدُوقٌ (الْحَرَازِيُّ) بِمُهْمَلَةٍ وَرَاءٍ خَفِيفَةٍ وَبَعْدَ الْأَلِفِ زَايٌ كَذَا فِي الْمُغْنِي وَفِي تَاجِ الْعَرُوسِ وَحَرَازٌ كَسَحَابٍ جَبَلٌ بِمَكَّةَ وَحَرَازُ بْنُ عَوْفِ بْنِ عَدِيٍّ بَطْنٌ مِنْ ذِي الْكَلَاعِ مِنْ حِمْيَرٍ وَمِنْ نَسْلِهِ الْحَرَازِيُّونَ الْمُحَدِّثُونَ وَغَيْرُهُمْ مِنْهُمْ أَزْهَرُ الْحَرَازِيُّ انْتَهَى
وَفِي الْخُلَاصَةِ أَزْهَرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ جُمَيْعٍ الْحَرَازِيُّ الْحِمْيَرِيُّ الْحِمْصِيُّ نَاصِبِيٌّ صَدُوقُ اللَّهْجَةِ انتهى (حدثني شريق) بفتح الشين وكسرالراء وَآخِرُهُ قَافٌ (الْهَوْزَنِيُّ) بِفَتْحِ الْهَاءِ وَالزَّايِ كَذَا فِي التَّقْرِيبِ وَفِي الْمَرَاصِدِ هَوْزَنٌ بِالْفَتْحِ ثُمَّ السُّكُونِ وَفَتْحِ الزَّايِ وَنُونٍ اسْمُ حَيٍّ مِنَ الْيَمَنِ يُضَافُ إِلَيْهِمْ مِخْلَافٌ مِنْ مَخَالِيفِ الْيَمَنِ انْتَهَى
وَفِي الْخُلَاصَةِ شَرِيقٌ الْهَوْزَنِيُّ الْحِمْصِيُّ وَثَّقَهُ بن حِبَّانَ (بِمَ) أَيْ بِأَيِّ شَيْءٍ (إِذَا هَبَّ مِنَ اللَّيْلِ) أَيِ اسْتَيْقَظَ هَبَّ النَّائِمُ هَبًّا وهبوبا استيقظ
قَالَ الْمُنْذِرِيُّ وَأَخْرَجَهُ النَّسَائِيُّ وَفِي إِسْنَادِهِ بَقِيَّةُ بْنُ الْوَلِيدِ وَفِيهِ مَقَالٌ
[5086]
(فَأَسْحَرَ) أَيْ دَخَلَ فِي وَقْتِ السَّحَرِ وَهُوَ قُبَيْلَ الصُّبْحِ
وَقَالَ الزَّمَخْشَرِيُّ هُوَ السُّدُسُ الْأَخِيرُ مِنَ اللَّيْلِ (سَمِعَ سَامِعٌ بِحَمْدِ اللَّهِ وَنِعْمَتِهِ وَحُسْنِ بَلَائِهِ عَلَيْنَا) الْبَلَاءُ هَا هُنَا بِمَعْنَى النِّعْمَةِ
قَالَ الْخَطَّابِيُّ مَعْنَى سَمِعَ سَامِعٌ شَهِدَ شَاهِدٌ وَحَقِيقَتُهُ لِيَسْمَعِ السَّامِعُ وَلْيَشْهَدِ الشَّاهِدُ عَلَى حَمْدِنَا اللَّهَ سُبْحَانَهُ عَلَى نِعَمِهِ وَحُسْنِ بَلَائِهِ انْتَهَى فَعِنْدَ الْخَطَّابِيِّ هُوَ خَبَرٌ بِمَعْنَى الْأَمْرِ
وَقَالَ التُّورْبَشْتِيُّ الْحَمْلُ عَلَى الْخَبَرِ أَوْلَى لِظَاهِرِ اللَّفْظِ وَالْمَعْنَى سَمِعَ مَنْ كَانَ لَهُ سَمْعٌ بِأَنَّا نَحْمَدُ اللَّهَ وَنُحْسِنُ نِعَمَهُ وَأَفْضَالَهُ عَلَيْنَا انْتَهَى
وَقِيلَ سَمَّعَ بِتَشْدِيدِ الْمِيمِ وَفَتْحِهَا أَيْ بَلَّغَ سَامِعٌ قَوْلِي هَذَا إِلَى غَيْرِهِ (اللَّهُمَّ صَاحِبْنَا) بِصِيغَةِ الْأَمْرِ مِنَ الْمُصَاحَبَةِ وَالْمُرَادُ أَعِنَّا وَحَافِظْنَا (فَأَفْضِلْ عَلَيْنَا) أَمْرٌ مِنَ الْأَفْضَالِ أَيْ تَفَضَّلْ عَلَيْنَا بِإِدَامَةِ النِّعْمَةِ وَالتَّوْفِيقِ لِلْقِيَامِ بِحُقُوقِهَا (عَائِذًا بِاللَّهِ مِنَ النَّارِ) حَالٌ مِنْ ضَمِيرِ يَقُولُ أَوْ بِمَعْنَى الْمَصْدَرِ أَيْ أَعُوذُ عِيَاذًا بِاللَّهِ كَذَا فِي فَتْحِ الْوَدُودِ
قَالَ الْمُنْذِرِيُّ وَأَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ وَالنَّسَائِيُّ
[5087]
(حدثنا بن مُعَاذٍ) هُوَ عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُعَاذٍ الْعَنْبَرِيُّ (أَخْبَرَنَا أَبِي) مُعَاذُ بْنُ مُعَاذٍ الْعَنْبَرِيُّ (أَخْبَرَنَا الْمَسْعُودِيِّ) هُوَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ الكوفي (أخبرنا القاسم) بن مُحَمَّدٍ التَّابِعِيُّ الْجَلِيلُ أَحَدُ الْفُقَهَاءِ السَّبْعَةِ أَوْ هو القاسم بن بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الدِّمَشْقِيُّ مِنَ التَّابِعِينَ
(قَالَ كَانَ أَبُو ذَرٍّ يَقُولُ) هَكَذَا مَوْقُوفًا فِي النُّسَخِ وَلَيْسَ هَذَا مِنْ رِوَايَةِ اللُّؤْلُؤِيِّ وَلِذَا لَمْ يَذْكُرْهُ الْمُنْذِرِيُّ (كَانَ فِي اسْتِثْنَاءِ يومه) أي كان قائل هَؤُلَاءِ الْكَلِمَاتِ فِي الِاسْتِثْنَاءِ عَنْ زَلَّاتِ لِسَانِهِ يَوْمَهُ ذَلِكَ يَعْنِي يُعْفَى عَنْهُ قَالَهُ السِّنْدِيُّ
[5088]
(عَمَّنْ سَمِعَ أَبَانَ) بِفَتْحِ الْهَمْزَةِ وَتَخْفِيفِ الْمُوَحَّدَةِ يُصْرَفُ لِأَنَّهُ فَعَالٌ وَيُمْنَعُ لِأَنَّهُ أَفْعَلُ وَالصَّحِيحُ الأشهر الصرف كذا نقل القارىء عَنِ الطِّيبِيِّ (بِسْمِ اللَّهِ) أَيْ أَسْتَعِينُ أَوْ أَتَحَفَّظُ مِنْ كُلِّ مُؤْذٍ بِاسْمِ اللَّهِ (مَعَ اسْمِهِ) أَيْ مَعَ ذِكْرِ اسْمِهِ (وَلَا فِي السَّمَاءِ) أَيْ مِنَ الْبَلَاءِ النَّازِلِ مِنْهَا (ثَلَاثَ مَرَّاتٍ) ظَرْفُ يَقُولُ (لَمْ تُصِبْهُ فَجْأَةُ بَلَاءٍ) بِفَتْحِ الْفَاءِ وَسُكُونِ الْجِيمِ وَفِي بَعْضِ النُّسَخِ بِضَمِّ الْفَاءِ مَمْدُودًا قَالَ فِي مُخْتَصَرِ النِّهَايَةِ فجأة الأمر وفجئه فجاء بِالضَّمِّ وَالْمَدِّ وَفَجْأَةٌ بِالْفَتْحِ وَسُكُونِ الْجِيمِ مِنْ غَيْرِ مَدٍّ وَفَاجَأَهُ مُفَاجَأَةً إِذَا جَاءَهُ بَغْتَةً مِنْ غَيْرِ تَقَدُّمِ سَبَبٍ (فَأَصَابَ أَبَانَ بْنَ عُثْمَانَ الْفَالِجُ) بِالرَّفْعِ فَاعِلٌ وَهُوَ بِفَتْحِ اللَّامِ اسْتِرْخَاءٌ لِأَحَدِ شِقَّيِ الْبَدَنِ لِانْصِبَابِ خَلْطٍ بَلْغَمِيٍّ تَنْسَدُّ مِنْهُ مَسَالِكُ الرُّوحِ (يَنْظُرُ إِلَيْهِ) أَيْ إِلَى أَبَانٍ تَعَجُّبًا (فَقَالَ) أَيْ أَبَانٌ رَفْعًا لِتَعَجُّبِهِ (لَهُ) أَيْ لِلرَّجُلِ (أَصَابَنِي فِيهِ مَا أَصَابَنِي) أَيْ مِنَ الْفَالِجِ (فَنَسِيتُ أَنْ أَقُولَهَا) أَيِ الْكَلِمَاتِ الْمَذْكُورَةَ وَالْحَدِيثُ سَكَتَ عَنْهُ الْمُنْذِرِيُّ
[5089]
(عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ كَعْبٍ عَنْ أَبَانِ بْنِ عُثْمَانَ عَنْ عُثْمَانَ إِلَخْ
قال المنذري وأخرجه الترمذي والنسائي وبن مَاجَهْ وَقَالَ التِّرْمِذِيُّ حَسَنٌ صَحِيحٌ غَرِيبٌ
[5090]
(حَدَّثَنَا الْعَبَّاسُ بْنُ عَبْدِ الْعَظِيمِ وَمُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى قَالَا) وَفِي بَعْضِ النُّسَخِ حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ وَالْعَبَّاسُ بْنُ عَبْدِ الْعَظِيمِ الْعَنْبَرِيُّ وَمُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى قَالُوا حَدَّثَنَا عَبْدُ الْمَلِكِ إِلَخْ وَلَكِنْ لَمْ يَذْكُرِ الْمِزِّيُّ فِي الْأَطْرَافِ عَلِيَّ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ بَلِ اقْتَصَرَ عَلَى الْعَبَّاسِ بْنِ عَبْدِ الْعَظِيمِ الْعَنْبَرِيِّ وَمُحَمَّدِ بْنِ الْمُثَنَّى كَمَا فِي عَامَّةِ النُّسَخِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ (يَا أَبَتِ) بِكَسْرِ التَّاءِ وَفَتْحِهَا (كُلَّ غَدَاةٍ) أَيْ كُلَّ صَبَاحٍ (تُعِيدُهَا ثَلَاثًا) أَيْ تُكَرِّرُ هَذِهِ الْجُمَلَ أَوْ هَذِهِ الدَّعَوَاتِ بَدَلٌ مِنْ تَقُولُ أَوْ حَالٌ (فَقَالَ) أَيْ أَبُو بَكْرَةَ وَالِدُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ (أَنْ أَسْتَنَّ بِسُنَّتِهِ) أَيْ أقتدي وأتتبع سنته (قال عباس) هو بن عَبْدِ الْعَظِيمِ (فِيهِ) أَيْ فِي الْحَدِيثِ (وَتَقُولُ اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ إِلَخْ) قَدِ اخْتَلَفَتِ النُّسَخُ فِي لَفْظَةِ تَقُولُ وَكَذَا فِي الْأَلْفَاظِ الْآتِيَةِ تُعِيدُ وَتُصْبِحُ وَتُمْسِي وَتَدْعُو فَفِي بَعْضِ النُّسَخِ بِالتَّاءِ الْمُثَنَّاةِ الْفَوْقِيَّةِ وَفِي بَعْضِهَا بِالتَّحْتِيَّةِ يَقُولُ وَالصَّوَابُ عِنْدِي يَقُولُ بِالتَّحْتِيَّةِ بِصِيغَةِ الْغَائِبِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ (دَعَوَاتَ الْمَكْرُوبِ) أَيِ الْمَهْمُومِ الْمَغْمُومِ (اللَّهُمَّ رَحْمَتَكَ أَرْجُو) أَيْ لَا أَرْجُو إِلَّا رَحْمَتَكَ (فَلَا تَكِلْنِي) أَيْ لَا تَتْرُكْنِي (إِلَى نَفْسِي طَرْفَةَ عَيْنٍ) أَيْ لَحْظَةً وَلَمْحَةً (وَأَصْلِحْ لِي شَأْنِي) أَيْ أَمْرِي (كُلَّهُ) تَأْكِيدٌ لِإِفَادَةِ الْعُمُومِ (بَعْضُهُمْ يَزِيدُ عَلَى صَاحِبِهِ) ضَمِيرُ بَعْضِهِمْ لِلْعَبَّاسِ بْنِ عَبْدِ الْعَظِيمِ وَمُحَمَّدِ بْنِ الْمُثَنَّى وَالْمَعْنَى أَنَّ بَعْضَ هَؤُلَاءِ يَزِيدُ فِي أَلْفَاظِ الْحَدِيثِ عَلَى بَعْضٍ