الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
8 -
(بَاب فِي الرَّجُلِ يَقُومُ لِلرَّجُلِ مِنْ مَجْلِسِهِ [
4827])
(جَاءَنَا أَبُو بَكْرَةَ) أَيِ الثَّقَفِيُّ صَحَابِيٌّ جَلِيلٌ (فِي شَهَادَةٍ) أَيْ لِأَدَاءِ شَهَادَةٍ كَانَتْ عِنْدَهُ (فَقَامَ لَهُ رَجُلٌ مِنْ مَجْلِسِهِ) أَيْ لِيَجْلِسَ هُوَ فِيهِ (فَأَبَى) أَيْ أَبُو بَكْرَةَ (فِيهِ) أَيْ فِي ذَلِكَ الْمَجْلِسِ (نَهَى عَنْ ذَا) أَيْ أَنْ يَقُومَ أَحَدٌ لِيَجْلِسَ غَيْرُهُ فِي مجلسه ذكره الطيبي
وقال القارىء وَالْأَظْهَرُ أَنْ يَكُونَ إِشَارَةً إِلَى الْجُلُوسِ فِي مَوْضِعٍ يَقُومُ مِنْهُ أَحَدٌ (أَنْ يَمْسَحَ الرَّجُلُ يَدَهُ) أَيْ إِذَا كَانَتْ مُلَوَّثَةً بِطَعَامٍ مَثَلًا (بِثَوْبِ مَنْ لَمْ يَكْسُهُ) بِفَتْحِ الْيَاءِ وَضَمِّ السِّينِ أَيْ بِثَوْبِ شَخْصٍ لَمْ يُلْبِسْهُ ذَلِكَ الرَّجُلُ الثَّوْبَ
وَالْمُرَادُ مِنْهُ النَّهْيُّ عَنِ التَّصَرُّفِ فِي مَالِ الْغَيْرِ وَالتَّحَكُّمِ عَلَى مَنْ لَا وِلَايَةَ لَهُ عَلَيْهِ
وَالظَّاهِرُ أَنَّ صَاحِبَ الثَّوْبِ إِذَا كَانَ رَاضِيًا يَجُوزُ لَهُ ذَلِكَ وَكَذَلِكَ إِذَا عُلِمَ أَنَّ الشَّخْصَ قَامَ عَنِ الْمَجْلِسِ بِطِيبِ خَاطِرِهِ فَلَا بَأْسَ بِجُلُوسِهِ كَمَا يُسْتَفَادُ من قوله تعالى تفسحوا في المجالس وَكَذَا مِنْ قَوْلِهِ سُبْحَانَهُ وَإِذَا قِيلَ انْشُزُوا فانشزوا وَمِمَّا يَدُلُّ عَلَيْهِ حَدِيثُ صَدْرِ الدَّابَّةِ أَحَقُّ بِصَاحِبِهَا إِلَّا إِذَا أَذِنَ وَأَمْثَالُ ذَلِكَ كَثِيرٌ فِي الْفُرُوعِ
وَفِي الْحَدِيثِ دَلَالَةٌ عَلَى أَنَّهُ لَا بَأْسَ أَنْ يَمْسَحَ الرَّجُلُ يَدَهُ بِثَوْبِ ابْنِهِ أَوْ غُلَامِهِ وَغَيْرِهِمَا مِمَّنْ أَلْبَسَهُ الثَّوْبَ
قَالَ الْمُنْذِرِيُّ قَالَ أَبُو بَكْرٍ الْبَزَّارُ وَهَذَا الحديث لا نعلم أحدا يرويه إلا أبو بَكْرَةَ وَلَا نَعْلَمُ لَهُ طَرِيقًا إِلَّا هَذَا الطَّرِيقَ وَلَا نَعْلَمُ أَحَدًا سَمَّى هَذَا الرَّجُلَ يَعْنِي أَبَا عَبْدِ اللَّهِ مَوْلَى قُرَيْشٍ وَإِنَّمَا ذَكَرْنَا مَا فِيهِ لِأَنَّهُ لَا يُرْوَى عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بِهَذَا اللَّفْظِ إِلَّا مِنْ هَذَا الْوَجْهِ
هَذَا آخِرُ كَلَامِهِ
وَقَالَ فِيهِ مَوْلَى قُرَيْشٍ وَوَقَعَ هُنَا مَوْلَى لِآلِ أَبِي بُرْدَةَ
وَقَالَ أَبُو أَحْمَدَ الْكَرَابِيسِيُّ مَوْلَى أَبِي مُوسَى الْأَشْعَرِيِّ
وَإِذَا قِيلَ فِيهِ مَوْلَى آلِ أَبِي بُرْدَةَ وَمَوْلَى أَبِي مُوسَى الْأَشْعَرِيِّ فَهُوَ الصَّحِيحُ لِأَنَّ أَبَا بُرْدَةَ إِمَّا أَنْ يَكُونَ أَخَا أَبِي مُوسَى أَوْ وَلَدَ أَبِي مُوسَى وَأَيُّمَا كَانَ فَهُوَ صَحِيحٌ فَإِذَا قِيلَ فِيهِ مَوْلَى قُرَيْشٍ فَلَا يَصِحُّ إِلَّا أَنْ يَكُونَ الْوَلَاءُ انْجَرَّ إِلَيْهِ وَاللَّهُ عز وجل أَعْلَمُ
وَذَكَرَ الْحَافِظُ أَبُو الْفَضْلِ مُحَمَّدُ بْنُ طَاهِرٍ الْمَقْدِسِيُّ هَذَا الْحَدِيثَ
وَقَالَ رَوَاهُ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ مَوْلًى لِآلِ أَبِي بُرْدَةَ عَنْ سَعِيدٍ وَهُوَ غَيْرُ مَعْرُوفٍ
[4828]
(عَنْ عَقِيلٍ) بِفَتْحِ الْعَيْنِ وَكَسْرِ الْقَافِ (سَمِعْتُ أَبَا الْخَصِيبِ) بِفَتْحِ الْخَاءِ الْمُعْجَمَةِ عَلَى وَزْنِ عَظِيمٍ قَالَهُ الْحَافِظُ (فَقَامَ لَهُ) أَيْ لِلرَّجُلِ الْجَائِي لِيَجْلِسَ هُوَ فِي مَكَانِهِ (فَنَهَاهُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم أَيْ عَنِ الْجُلُوسِ فِي ذَلِكَ الْمَجْلِسِ
وَأَخْرَجَ الْبُخَارِيُّ فِي الصَّحِيحِ مِنْ طَرِيقِ سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ عن نافع عن بْنِ عُمَرَ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ نَهَى أَنْ يُقَامَ الرَّجُلُ مِنْ مَجْلِسِهِ وَيَجْلِسُ فِيهِ آخَرُ
وَأَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ فِي الْأَدَبِ المفرد بلفظ وكان بن عُمَرَ إِذَا قَامَ لَهُ رَجُلٌ مِنْ مَجْلِسِهِ لَمْ يَجْلِسْ فِيهِ وَكَذَا أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ مِنْ رِوَايَةِ سَالِمِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ عَنْ أَبِيهِ
قال بن بَطَّالٍ اخْتُلِفَ فِي النَّهْيِ فَقِيلَ لِلْأَدَبِ وَإِلَّا فَالَّذِي يَجِبُ لِلْعَالِمِ أَنْ يَلِيَهُ أَهْلُ الْفَهْمِ وَالنُّهَى وَقِيلَ هُوَ عَلَى ظَاهِرِهِ وَلَا يَجُوزُ لِمَنْ سَبَقَ إِلَى مَجْلِسٍ مُبَاحٍ أَنْ يُقَامَ مِنْهُ وَاحْتَجُّوا بِحَدِيثٍ أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَفَعَهُ إِذَا قَامَ أَحَدُكُمْ مِنْ مَجْلِسِهِ ثُمَّ رَجَعَ إِلَيْهِ فَهُوَ أَحَقُّ بِهِ قَالُوا فَلَمَّا كَانَ أَحَقَّ بِهِ بَعْدَ رُجُوعِهِ ثَبَتَ أَنَّهُ حَقُّهُ قَبْلَ أَنْ يَقُومَ
وَيَتَأَيَّدُ ذَلِكَ بفعل بن عُمَرَ الْمَذْكُورِ فَإِنَّهُ رَاوِي الْحَدِيثِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُرَادِ مِنْهُ
وَقَالَ الْقُرْطُبِيُّ فِي الْمُفْهِمِ هَذَا الْحَدِيثُ يَدُلُّ عَلَى صِحَّةِ الْقَوْلِ بِوُجُوبِ اخْتِصَاصِ الْجَالِسِ بِمَوْضِعِهِ إِلَى أَنْ يَقُومَ مِنْهُ وَمَا احْتَجَّ بِهِ مِنْ حَمْلِهِ عَلَى الْأَدَبِ لِكَوْنِهِ لَيْسَ مِلْكًا لَهُ لَا قَبْلُ وَلَا بَعْدُ لَيْسَ بِحُجَّةٍ لِأَنَّا نُسَلِّمُ أَنَّهُ غَيْرُ مِلْكٍ لَهُ لَكِنْ يَخْتَصُّ بِهِ إِلَى أَنْ يَفْرُغَ غَرَضُهُ فَصَارَ كَأَنَّهُ مَلَكَ مَنْفَعَتِهِ فَلَا يُزَاحِمُهُ غَيْرُهُ عَلَيْهِ انْتَهَى
كَذَا فِي فَتْحِ الْبَارِي وَأَطَالَ الْحَافِظُ الْكَلَامَ فِيهِ (قَالَ أَبُو دَاوُدَ أَبُو الْخَصِيبِ إِلَخْ
ــ
[حاشية ابن القيم، تهذيب السنن]
قال الشيخ شمس الدين بن القيم رحمه الله وَقَدْ أَخْرَجَ التِّرْمِذِيّ مِنْ حَدِيث حَمَّاد بْن زَيْد عَنْ أَيُّوب عَنْ نَافِع عَنْ بن عُمَر أَنَّ رَسُول اللَّه صلى الله عليه وسلم قَالَ لَا يُقِيم أَحَدكُمْ أَخَاهُ مِنْ مَجْلِسه ثُمَّ يَجْلِس فِيهِ قَالَ وَكَانَ الرَّجُل يَقُوم لِابْنِ عُمَر فَمَا يَجْلِس قَالَ هَذَا حديث حسن صحيح
وحديث بن عُمَر هَذَا فِي الصَّحِيحَيْنِ وَلَفْظه نَهَى رَسُول اللَّه صلى الله عليه وسلم أَنْ يُقَام الرَّجُل مِنْ مَجْلِسه وَيُجْلَس فِيهِ وَلَكِنْ تَفَسَّحُوا وَتَوَسَّعُوا
وَفِي صَحِيح مُسْلِم عَنْ جَابِر قَالَ قَالَ رَسُول اللَّه صلى الله عليه وسلم لَا يُقِيم أَحَدكُمْ أَخَاهُ يَوْم الْجُمُعَة ثُمَّ يُخَالِفهُ إِلَى مَقْعَده وَلَكِنْ لِيُقَلْ اِفْسَحُوا