الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
[4793]
(الْتَقَمَ أُذُنَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أَيْ وَضَعَ فَمَهُ عَلَى أُذُنِهِ صلى الله عليه وسلم لِلتَّنَاجِي (فَيُنَحِّي رَأْسَهُ) الضَّمِيرَانِ لِلنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم
قَالَ الْمُنْذِرِيُّ فِي إِسْنَادِهِ مُبَارَكُ بْنُ فَضَالَةَ أَبُو فَضَالَةَ الْقُرَشِيُّ الْعَدَوِيُّ مَوْلَاهُمُ الْبَصْرِيُّ
قَالَ عَفَّانُ بْنُ مُسْلِمٍ ثِقَةٌ وَضَعَّفَهُ الْإِمَامُ أَحْمَدُ وَيَحْيَى بْنُ مَعِينٍ والنسائي
[4794]
(انْبَسَطَ إِلَيْهِ) أَيْ تَبَسَّمَ لَهُ وَأَلَانَ الْقَوْلَ لَهُ وَقِيلَ أَيْ جَعَلَهُ قَرِيبًا مِنْ نَفْسِهِ كَذَا فِي الْمِرْقَاةِ (إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْفَاحِشَ الْمُتَفَحِّشَ) قَالَ الْخَطَّابِيُّ أَصْلُ الْفُحْشِ زِيَادَةُ الشَّيْءِ عَلَى مِقْدَارِهِ يَقُولُ صلى الله عليه وسلم إِنَّ اسْتِقْبَالَ الْمَرْءِ صَاحِبَهُ بِعُيُوبِهِ إِفْحَاشٌ وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ الْفُحْشَ وَلَكِنَّ الْوَاجِبَ أَنْ يَتَأَنَّى بِهِ وَيَرْفُقَ بِهِ وَيُكَنِّيَ فِي الْقَوْلِ وَيُوَرِّيَ وَلَا يُصَرِّحَ
وَقَالَ فِي النِّهَايَةِ الْفَاحِشُ وَالْفَحِشُ فِي كَلَامِهِ وَفِعَالِهِ وَالْمُتَفَحِّشُ الَّذِي يَتَكَلَّفُ ذلك ويتعمده
والحديث سكت عنه المنذري
(بَاب فِي الْحَيَاءِ [
4795])
بِالْمَدِّ وَهُوَ فِي اللُّغَةِ تَغَيُّرٌ وَانْكِسَارٌ يَعْتَرِي الْإِنْسَانَ مِنْ خَوْفِ مَا يُعَابُ بِهِ
وَفِي الشَّرْعِ خُلُقٌ يَبْعَثُ عَلَى اجْتِنَابِ الْقَبِيحِ وَيَمْنَعُ مِنَ التَّقْصِيرِ فِي حَقِّ ذِي الْحَقِّ
كَذَا قَالَ الْحَافِظُ
(وَهُوَ يَعِظُ أَخَاهُ فِي الْحَيَاءِ) قَالَ النَّوَوِيُّ أَيْ يَنْهَاهُ عَنْهُ وَيُقَبِّحُ لَهُ فِعْلَهُ وَيَزْجُرُهُ عَنْ كَثْرَتِهِ
وَقَالَ الْحَافِظُ أَيْ يَنْصَحُهُ أَوْ يُخَوِّفُهُ أَوْ يُذَكِّرُهُ
كَذَا شَرَحُوهُ وَالْأَوْلَى أَنْ يُشْرَحَ بِمَا جَاءَ عِنْدَ الْبُخَارِيِّ فِي الْأَدَبِ وَلَفْظُهُ يُعَاتِبُ أَخَاهُ فِي الْحَيَاءِ يَقُولُ إِنَّكَ لَتَسْتَحِي حَتَّى كَأَنَّهُ يَقُولُ قَدْ أَضَرَّ بِكَ (دَعْهُ) أَيِ اتْرُكْهُ عَلَى حَالِهِ (فَإِنَّ الْحَيَاءَ مِنَ الْإِيمَانِ) أَيْ مِنْ شُعَبِهِ
قَالُوا
إِنَّمَا جُعِلَ الْحَيَاءُ مِنَ الْإِيمَانِ وَإِنْ كَانَ غَرِيزَةً لِأَنَّ اسْتِعْمَالَهُ عَلَى قَانُونِ الشَّرْعِ يَحْتَاجُ إِلَى قَصْدٍ وَاكْتِسَابٍ وَعِلْمٍ
قَالَ الْمُنْذِرِيُّ وَأَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ وَالتِّرْمِذِيُّ وَالنَّسَائِيُّ وبن مَاجَهْ
[4796]
(عَنْ أَبِي قَتَادَةَ) هُوَ تَمِيمُ بْنُ نُذَيْرٍ الْعَدَوِيُّ الْبَصْرِيُّ
وَقِيلَ فِي اسْمِهِ غَيْرُ ذَلِكَ وَالْأَوَّلُ أَشْهَرُ رضي الله عنه
وَنُذَيْرٌ بِضَمِّ النُّونِ وَفَتْحِ الذَّالِ الْمُعْجَمَةِ وَسُكُونِ الْيَاءِ آخِرِ الْحُرُوفِ وَرَاءٍ مُهْمَلَةٍ قَالَهُ الْمُنْذِرِيُّ (وَثَمَّ) بِفَتْحِ الْمُثَلَّثَةِ وَتَشْدِيدِ الْمِيمِ الْمَفْتُوحَةِ ظَرْفُ مَكَانٍ وَفِي رِوَايَةِ مُسْلِمٍ وَفِينَا بُشَيْرُ بْنُ كَعْبٍ (بُشَيْرُ) بِالتَّصْغِيرِ تَابِعِيُّ جَلِيلٌ (الْحَيَاءُ خَيْرٌ كُلُّهُ أَوْ قَالَ الْحَيَاءُ كُلُّهُ خَيْرٌ) أَوْ لِلشَّكِّ
قَالَ الْحَافِظُ أَشْكَلَ حَمْلُهُ عَلَى الْعُمُومِ لِأَنَّهُ قَدْ يَصُدُّ صَاحِبَهُ عَنْ مُوَاجَهَةِ مَنْ يَرْتَكِبُ الْمُنْكَرَاتِ وَيَحْمِلُهُ عَلَى الْإِخْلَالِ بِبَعْضِ الْحُقُوقِ
وَالْجَوَابُ أَنَّ الْمُرَادَ بِالْحَيَاءِ فِي هَذِهِ الْأَحَادِيثِ مَا يَكُونُ شَرْعِيًّا وَالْحَيَاءُ الَّذِي يَنْشَأُ عَنْهُ الْإِخْلَالُ بِالْحُقُوقِ لَيْسَ حَيَاءً شَرْعِيًّا بَلْ هُوَ عَجْزٌ وَمَهَانَةٌ وَإِنَّمَا يُطْلَقُ عَلَيْهِ حَيَاءٌ لِمُشَابَهَتِهِ لِلْحَيَاءِ الشَّرْعِيِّ وَهُوَ خُلُقٌ يَبْعَثُ عَلَى تَرْكِ الْقَبِيحِ انْتَهَى (أَنَّ مِنْهُ) أَيْ مِنَ الْحَيَاءِ وَمِنْ لِلتَّبْعِيضِ (سَكِينَةً وَوَقَارًا) قَالَ الْقُرْطُبِيُّ مَعْنَى كَلَامِ بُشَيْرٍ أَنَّ مِنَ الْحَيَاءِ مَا يَحْمِلُ صَاحِبَهُ عَلَى الْوَقَارِ بِأَنْ يُوَقِّرَ غَيْرَهُ وَيَتَوَقَّرَ هُوَ فِي نَفْسِهِ وَمِنْهُ مَا يَحْمِلُهُ عَلَى أَنْ يسكن عن كثير مما يتحرك النَّاسُ فِيهِ مِنَ الْأُمُورِ الَّتِي لَا تَلِيقُ بِذِي الْمُرُوءَةِ (وَمِنْهُ ضَعْفًا) بِفَتْحِ الضَّادِ وَضَمِّهَا لُغَتَانِ أَيْ كَالْحَيَاءِ الَّذِي يَمْنَعُ عَنْ طَلَبِ الْعِلْمِ وَنَحْوِهِ (فَغَضِبَ عِمْرَانُ) وَسَبَبُ غَضَبِهِ وَإِنْكَارِهِ عَلَى بُشَيْرٍ لِكَوْنِهِ قَالَ وَمِنْهُ ضَعْفًا بَعْدَ سَمَاعِهِ قَوْلَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ خَيْرٌ كُلُّهُ وَقِيلَ إِنَّمَا أَنْكَرَهُ عَلَيْهِ مِنْ حَيْثُ إِنَّهُ سَاقَهُ فِي مَعْرِضِ مَنْ يعارض كلام
الرَّسُولِ بِكَلَامِ غَيْرِهِ (يَا أَبَا نُجَيْدٍ) بِضَمِّ النُّونِ وَفَتْحِ الْجِيمِ وَآخِرُهُ دَالٌ مُهْمَلَةٌ وَهُوَ كُنْيَةُ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ (إِيهْ إِيهْ) قَالَ في القاموس إي بِكَسْرِ الْهَمْزَةِ وَإِسْكَانِ الْهَاءِ زَجْرٌ بِمَعْنَى حَسْبُكَ وَإِيهِ مَبْنِيَّةٌ عَلَى الْكَسْرِ فَإِذَا وُصِلَتْ نُوِّنَتْ وَإِيهًا بِالنَّصْبِ وَالْفَتْحِ أَمْرٌ بِالسُّكُوتِ
وَالْمَعْنَى وَاللَّهُ أَعْلَمُ يَا أَبَا نُجَيْدٍ حَسْبُكَ مَا صَدَرَ مِنْكَ مِنَ الْغَضَبِ وَالْإِنْكَارِ عَلَى بُشَيْرٍ فَإِنَّهُ مِنَّا وَلَا بَأْسَ بِهِ فَاسْكُتْ وَلَا تَزْدَدْ غَضَبًا وَإِنْكَارًا
وَفِي بَعْضِ النُّسَخِ إِنَّهُ إِنَّهُ أَيْ صَادِقٌ وَفِي بَعْضِهَا إِنَّهُ إِنَّهُ وَفِي رِوَايَةِ مُسْلِمٍ يَا أَبَا نُجَيْدٍ إِنَّهُ لَا بَأْسَ بِهِ
قَالَ النَّوَوِيُّ مَعْنَاهُ لَيْسَ هُوَ مِمَّا يُتَّهَمُ بِنِفَاقٍ أَوْ زَنْدَقَةٍ أَوْ بِدْعَةٍ أَوْ غَيْرِهَا مِمَّا يُخَالِفُ بِهِ أَهَلَ الِاسْتِقَامَةِ انْتَهَى
قَالَ الْمُنْذِرِيُّ وَأَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ بِمَعْنَاهُ
[4797]
(عَنْ ربعي) بكسر أوله وسكون الموحدة (بن حِرَاشٍ) بِكَسْرِ الْمُهْمَلَةِ وَآخِرُهُ مُعْجَمَةٌ (إِنَّ مِمَّا أَدْرَكَ النَّاسُ) أَيْ أَهْلُ الْجَاهِلِيَّةِ وَالنَّاسُ يَجُوزُ فِيهِ الرَّفْعُ وَالْعَائِدُ عَلَى مَا مَحْذُوفٌ وَيَجُوزُ النَّصْبُ وَالْعَائِدُ ضَمِيرُ الْفَاعِلِ وَأَدْرَكَ بِمَعْنَى بَلَغَ وإذا لم تستحي اسْمُ إِنَّ بِتَأْوِيلِ هَذَا الْقَوْلِ (مِنْ كَلَامِ النُّبُوَّةِ الْأُولَى) قَالَ الْعَزِيزِيُّ أَيْ نُبُوَّةِ آدَمَ وقال القارىء مِنْ تَبْعِيضِيَّةٌ
وَالْمَعْنَى إِنَّ مِنْ جُمْلَةِ أَخْبَارِ أَصْحَابِ النُّبُوَّةِ السَّابِقَةِ مِنَ الْأَنْبِيَاءِ وَالْمُرْسَلِينَ
قَالَ الْخَطَّابِيُّ فِي الْمَعَالِمِ مَعْنَاهُ أَنَّ الْحَيَاءَ لَمْ يَزَلْ أَمْرُهُ ثَابِتًا وَاسْتِعْمَالُهُ وَاجِبًا مُنْذُ زَمَانِ النُّبُوَّةِ الْأُولَى فَإِنَّهُ مَا مِنْ نَبِيٍّ إِلَّا وَقَدْ نُدِبَ إِلَى الْحَيَاءِ وَبُعِثَ عَلَيْهِ وَإِنَّهُ لَمْ يُنْسَخْ فِيمَا نُسِخَ مِنْ شَرَائِعِهِمْ وَذَلِكَ أَنَّهُ أَمْرٌ قَدْ عُلِمَ صَوَابُهُ وَبَانَ فَضْلُهُ وَاتَّفَقَتِ الْعُقُولُ عَلَى حُسْنِهِ وَمَا كَانَتْ هَذِهِ صِفَتَهُ لَمْ يَجْرِ عَلَيْهِ النَّسْخُ وَالتَّبْدِيلُ (إِذَا لَمْ تَسْتَحِي) بِسُكُونِ الْحَاءِ وَكَسْرِ الْيَاءِ وَحَذْفِ الثَّانِيَةِ لِلْجَزْمِ (فَاصْنَعْ مَا شِئْتَ) قَالَ فِي شَرْحِ السُّنَّةِ فِيهِ أَقَاوِيلُ أَحَدُهَا أَنَّ مَعْنَاهُ الْخَبَرَ وَإِنْ كَانَ لَفْظُهُ لَفْظَ الْأَمْرِ كَأَنَّهُ يَقُولُ إِذَا لَمْ يَمْنَعْكَ الْحَيَاءُ فَعَلْتَ مَا شِئْتَ مِمَّا تَدْعُوكَ إِلَيْهِ نَفْسُكَ مِنَ الْقَبِيحِ وَإِلَى هَذَا الْمَعْنَى ذَهَبَ أَبُو عُبَيْدٍ