الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
قَالَ النَّوَوِيُّ مَذْهَبُ أَهْلِ السُّنَّةِ وَعَامَّةِ الْمُسْلِمِينَ أَنَّ أَهْلَ الْجَنَّةِ يَأْكُلُونَ فِيهَا وَيَشْرَبُونَ وَيَتَنَعَّمُونَ بِذَلِكَ وَبِغَيْرِهِ مِنْ مَلَاذِّهَا وَأَنْوَاعِ نَعِيمِهَا تَنَعُّمًا دَائِمًا لَا آخِرَ لَهُ وَلَا انْقِطَاعَ أَبَدًا وأنهم لا يبولون ولا يتغوطون ولا يمتخطون وَلَا يَبْصُقُونَ
وَقَدْ دَلَّتْ دَلَائِلُ الْقُرْآنِ وَالسُّنَّةِ فِي الْأَحَادِيثِ الَّتِي ذَكَرَهَا مُسْلِمٌ وَغَيْرُهُ أَنَّ نَعِيمَ الْجَنَّةِ دَائِمٌ لَا انْقِطَاعَ لَهُ أَبَدًا انْتَهَى
قَالَ الْمُنْذِرِيُّ وَأَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ أَتَمُّ مِنْهُ
هَذَا مَذْهَبُ أَهْلِ السُّنَّةِ وَكَافَّةِ الْمُسْلِمِينَ أَنَّ نَعِيمَ أَهْلِ الْجَنَّةِ وَمَلَاذَّهَا كَأَجْنَاسِ نَعِيمِ الدُّنْيَا إِلَّا مَا بَيْنَهُمَا مِنَ الْفَرْقِ الَّذِي لَا يَكَادُ يَتَنَاسَبُ وَأَنَّ ذَلِكَ عَلَى الدَّوَامِ لَا آخِرَ لَهُ خِلَافًا لِلْمُبْتَدِعَةِ
4 -
(بَابٌ فِي خَلْقِ الْجَنَّةِ وَالنَّارِ [
4744])
أَيْ أَنَّهُمَا مَخْلُوقَتَانِ وَأَشَارَ بِذَلِكَ إِلَى الرَّدِّ عَلَى مَنْ زَعَمَ مِنَ الْمُعْتَزِلَةِ أنهما لا توجدان إلا يَوْمِ الْقِيَامَةِ
(لَا يَسْمَعُ بِهَا أَحَدٌ إِلَّا دَخَلَهَا) أَيْ طَمَعَ فِي دُخُولِهَا وَجَاهَدَ فِي حُصُولِهَا وَلَا يَهْتَمُّ إِلَّا
ــ
[حاشية ابن القيم، تهذيب السنن]
مُحَمَّد اِرْفَعْ رَأْسك وَقُلْ يُسْمَع لَك وَسَلْ تُعْطَه وَاشْفَعْ تُشَفَّع
فَأَقُول يَا رَبّ أُمَّتِي أمتي فيقال لي انطلق فمن كان في قَلْبه مِثْقَال حَبَّة مِنْ خَرْدَل مِنْ إِيمَان فَأَخْرِجْهُ مِنْهَا فَأَنْطَلِق فَأَفْعَل ثُمَّ أَعُود إِلَى رَبِّي فَأَحْمَدهُ بِتِلْكَ الْمَحَامِد ثُمَّ أَخِرّ لَهُ سَاجِدًا فَيُقَال لِي يَا مُحَمَّد اِرْفَعْ رَأْسك وَقُلْ يُسْمَع لَك وَسَلْ تُعْطَه وَاشْفَعْ تُشَفَّع
فَأَقُول يَا رَبّ أُمَّتِي أُمَّتِي فَيُقَال لِي اِنْطَلِقْ فَمَنْ كَانَ فِي قَلْبه أَدْنَى أَدْنَى أَدْنَى مِنْ مِثْقَال حَبَّة مِنْ خَرْدَل مِنْ إِيمَان فَأَخْرِجْهُ مِنْ النَّار فَأَنْطَلِق فَأَفْعَل ثُمَّ أَرْجِع إِلَى رَبِّي فِي الرَّابِعَة فَأَحْمَدهُ بِتِلْكَ الْمَحَامِد ثُمَّ أَخِرّ لَهُ سَاجِدًا فَيُقَال لِي يَا مُحَمَّد اِرْفَعْ رَأْسك وَقُلْ يُسْمَع لَك سَلْ تُعْطَه وَاشْفَعْ تُشَفَّع فَأَقُول يَا رَبّ اِئْذَنْ لِي فِيمَنْ قَالَ لَا إِلَه إِلَّا اللَّه قَالَ لَيْسَ ذَلِكَ لَك وَلَكِنْ وَعِزَّتِي وَجَلَالِي وَعَظَمَتِي وَكِبْرِيَائِي لَأُخْرِجَنَّ مَنْ قَالَ لَا إِلَه إِلَّا اللَّه
وَفِي الصَّحِيحَيْنِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَة قَالَ أُتِيَ رَسُول اللَّه صلى الله عليه وسلم يَوْمًا بِلَحْمٍ فَرَفَعَ إِلَيْهِ الذِّرَاع وَكَانَتْ تُعْجِبهُ فَذَكَرَ الْحَدِيث إِلَى أَنْ قَالَ فَأَنْطَلِق فَآتِي تَحْت الْعَرْش فَأَقَع سَاجِدًا لِرَبِّي
ثُمَّ يَفْتَح اللَّه عَلَيَّ وَيُلْهِمنِي مِنْ مَحَامِده وَحُسْن الثَّنَاء عَلَيْهِ شَيْئًا لَمْ يَفْتَحهُ لِأَحَدٍ قَبْلِي
ثُمَّ قَالَ يَا مُحَمَّد اِرْفَعْ رَأْسك سَلْ تُعْطَه اِشْفَعْ تُشَفَّع فَأَرْفَع رَأْسِي
فَأَقُول يَا رَبّ أُمَّتِي أُمَّتِي
فَيُقَال يَا مُحَمَّد أَدْخِلْ الْجَنَّة مَنْ أُمَّتك مَنْ لَا حِسَاب عَلَيْهِ مِنْ بَاب الْأَيْمَن مِنْ أَبْوَاب الْجَنَّة وَهُمْ شُرَكَاء النَّاس فِيمَا سِوَى ذَلِكَ مِنْ الْأَبْوَاب
وَفِي صَحِيح مُسْلِم عَنْ حُذَيْفَة وَأَبِي هُرَيْرَة قَالَا قَالَ رَسُول اللَّه صلى الله عليه وسلم يَجْمَع اللَّه تبارك وتعالى النَّاس فَيَقُوم الْمُؤْمِنُونَ حَتَّى تَزْدَلِف لَهُمْ الْجَنَّة فَيَأْتُونَ آدَم فَيَقُولُونَ يَا أَبَانَا اِسْتَفْتِحْ لَنَا الْجَنَّة
فَيَقُول وَهَلْ أَخْرَجَكُمْ مِنْ الْجَنَّة إِلَّا خَطِيئَة أَبِيكُمْ آدَم
لَسْت بِصَاحِبِ ذَلِكَ فَذَكَرَ الْحَدِيث إلى أن قال فيأتون محمدا صلى الله عليه وسلم فيقوم فيؤذن له ويرسل الْأَمَانَة وَالرَّحِم الْحَدِيث
بِشَأْنِهَا لِحُسْنِهَا وَبَهْجَتِهَا (ثُمَّ حَفَّهَا) أَيْ أَحَاطَهَا اللَّهُ (بِالْمَكَارِهِ جَمْعُ كُرْهٍ وَهُوَ الْمَشَقَّةُ وَالشِّدَّةُ عَلَى غَيْرِ قِيَاسٍ وَالْمُرَادُ بِهَا التَّكَالِيفُ الشَّرْعِيَّةُ الَّتِي هِيَ مَكْرُوهَةٌ عَلَى النُّفُوسِ الْإِنْسَانِيَّةِ (وَعِزَّتِكَ) الْوَاوُ لِلْقَسَمِ (لَقَدْ خَشِيتُ أَنْ لَا يَدْخُلَهَا أَحَدٌ) قَالَ الطِّيبِيُّ رحمه الله أَيْ لِوُجُودِ الْمَكَارِهِ مِنَ التَّكَالِيفِ الشَّاقَّةِ وَمُخَالَفَةِ النَّفْسِ وَكَسْرِ الشَّهَوَاتِ (لَا يَسْمَعُ بِهَا أَحَدٌ فَيَدْخُلُهَا) أَيْ لَا يَسْمَعُ بِهَا أَحَدٌ إِلَّا فَزِعَ مِنْهَا وَاحْتَرَزَ فَلَا يَدْخُلُهَا (لَقَدْ خَشِيتُ أَنْ لَا يَبْقَى أَحَدٌ إِلَّا دَخَلَهَا) أَيْ لِمَيَلَانِ النَّفْسِ إِلَى الشَّهَوَاتِ وَحُبِّ اللَّذَّاتِ وَكَسَلِهَا عَنِ الطَّاعَاتِ
ــ
[حاشية ابن القيم، تهذيب السنن]
وَفِي صَحِيح مُسْلِم عَنْ أَنَس قَالَ قَالَ رَسُول اللَّه صلى الله عليه وسلم أَنَا أَوَّل النَّاس يَشْفَع فِي الْجَنَّة الْحَدِيث
وَفِي الصَّحِيحَيْنِ عَنْ أَبِي سَعِيد أَنَّ رَسُول اللَّه صلى الله عليه وسلم ذُكِرَ عِنْده عَمّه أَبُو طَالِب فَقَالَ لَعَلَّهُ تَنْفَعهُ شَفَاعَتِي يَوْم القيامة فيجعل فِي ضَحْضَاح مِنْ النَّار يَبْلُغ كَعْبَيْهِ يَغْلِي مِنْهُ دِمَاغه وَفِي الصَّحِيحَيْنِ عَنْ الْعَبَّاس بْن عَبْد الْمُطَّلِب أَنَّهُ قَالَ يَا رَسُول اللَّه هَلْ نَفَعْت أَبَا طَالِب بِشَيْءٍ فَإِنَّهُ كَانَ يَحُوطك وَيَغْضَب لَك قَالَ نَعَمْ هُوَ فِي ضحضاح من نار ولولا أَنَا لَكَانَ فِي الدَّرْك الْأَسْفَل مِنْ النَّار
فَقَدْ تَضَمَّنَتْ هَذِهِ الْأَحَادِيث خَمْسَة أَنْوَاع مِنْ الشَّفَاعَة
أَحَدهَا الشَّفَاعَة الْعَامَّة الَّتِي يَرْغَب فِيهَا النَّاس إِلَى الْأَنْبِيَاء نَبِيًّا بَعْد نَبِيّ حَتَّى يُرِيحهُمْ اللَّه مِنْ مَقَامهمْ
النَّوْع الثَّانِي الشَّفَاعَة فِي فَتْح الْجَنَّة لِأَهْلِهَا
النَّوْع الثَّالِث الشَّفَاعَة فِي دُخُول مَنْ لَا حِسَاب عَلَيْهِمْ الْجَنَّة
النَّوْع الرَّابِع الشَّفَاعَة فِي إِخْرَاج قَوْم مِنْ أَهْل التَّوْحِيد مِنْ النَّار
النَّوْع الْخَامِس فِي تَخْفِيف الْعَذَاب عَنْ بَعْض أَهْل النَّار
وَيَبْقَى نَوْعَانِ يَذْكُرهُمَا كَثِير مِنْ النَّاس
أَحَدهمَا فِي قَوْم اِسْتَوْجَبُوا النَّار فَيُشْفَع فِيهِمْ أَنْ لَا يَدْخُلُوهَا
وَهَذَا النَّوْع لَمْ أَقِف إِلَى الْآن عَلَى حَدِيث يَدُلّ عَلَيْهِ