الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
قَدْرِهَا وَمَنْزِلَتِهَا) عِنْدَ اللَّهِ مِنَ الْهَوَانِ وَالضِّعَةِ أَلَا تَرَى قَوْلَهُ صلى الله عليه وسلم إِنَّ حَقًّا عَلَى اللَّهِ أَنْ لَا يَرْفَعَ شَيْئًا إِلَّا وَضَعَهُ فَنَبَّهَ بِذَلِكَ أُمَّتَهُ صلى الله عليه وسلم عَلَى تَرْكِ الْمُبَاهَاةِ وَالْفَخْرِ بِمَتَاعِ الدُّنْيَا وَإِنْ كَانَ مَا عِنْدَ اللَّهِ فِي مَنْزِلَةِ الضَّعْفِ فَحَقٌّ عَلَى ذِي دِينٍ وَعَقْلٍ الزُّهْدُ فِيهِ وَتَرْكُ التَّرَفُّعِ بِنَيْلِهِ لِأَنَّ الْمَتَاعَ بِهِ قَلِيلٌ وَالْحِسَابَ عَلَيْهِ طَوِيلٌ انْتَهَى كَلَامُ الْمُنْذِرِيِّ
0 -
(بَاب فِي كَرَاهِيَةِ التَّمَادُحِ [
4804])
(فَحَثَا فِي وَجْهِهِ) أَيْ رَمَى التُّرَابَ فِي وَجْهِ الرَّجُلِ الْمُثْنِي (إِذَا لَقِيتُمُ الْمَدَّاحِينَ) قَالَ الْخَطَّابِيُّ الْمَدَّاحُونَ هُمُ الَّذِينَ اتَّخَذُوا مَدْحَ النَّاسِ عَادَةً وَجَعَلُوهُ بِضَاعَةً يَسْتَأْكِلُونَ بِهِ الْمَمْدُوحَ وَيَفْتِنُونَهُ فَأَمَّا مَنْ مَدَحَ الرَّجُلَ عَلَى الْفِعْلِ الْحَسَنِ تَرْغِيبًا لَهُ فِي أَمْثَالِهِ وَتَحْرِيضًا لِلنَّاسِ عَلَى الِاقْتِدَاءِ بِهِ فِي أَشْبَاهِهِ فَلَيْسَ بِمَدَّاحٍ (فَاحْثُوا) أَيِ الْقُوا وَارْمُوا
فِي الْقَامُوسِ حَثَا التُّرَابَ عَلَيْهِ يَحْثُوهُ وَيَحْثِيهِ حَثْوًا وَحَثْيًا وَقَدْ حَمَلَ الْمِقْدَادُ الْحَدِيثَ عَلَى ظَاهِرِهِ وَوَافَقَهُ طَائِفَةٌ
وَقَالَ آخَرُونَ مَعْنَاهُ خَيِّبُوهُمْ فَلَا تُعْطُوهُمْ شَيْئًا لِمَدْحِهِمْ
قَالَ المنذري وأخرجه مسلم والترمذي وبن مَاجَهْ
[4805]
(قَطَعْتَ عُنُقَ صَاحِبِكَ) أَيْ أَهْلَكْتَهُ لِأَنَّ مَنْ يُقْطَعُ عُنُقُهُ يَهْلَكُ
قَالَ النَّوَوِيُّ لَكِنَّ هَلَاكَ هَذَا الْمَمْدُوحِ فِي دِينِهِ وَقَدْ يَكُونُ مِنْ جِهَةِ الدُّنْيَا لِمَا يُشْتَبَهُ عَلَيْهِ مِنْ حَالِهِ بِالْإِعْجَابِ (ثَلَاثَ مَرَّاتٍ) أَيْ قَالَ ذَلِكَ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ
قَالَ النَّوَوِيُّ فِي شَرْحِ مُسْلِمٍ وَرَدَتِ الْأَحَادِيثُ فِي النَّهْيِ عَنِ الْمَدْحِ وَقَدْ جَاءَتْ أَحَادِيثُ كَثِيرَةٌ فِي الصَّحِيحَيْنِ بِالْمَدْحِ فِي الْوَجْهِ
قَالَ الْعُلَمَاءُ وَوَجْهُ الْجَمْعِ بَيْنَهُمَا أَنَّ النَّهْيَ مَحْمُولٌ عَلَى الْمُجَازَفَةِ فِي الْمَدْحِ وَالزِّيَادَةِ في
الْأَوْصَافِ أَوْ عَلَى مَنْ يُخَافُ عَلَيْهِ فِتْنَةٌ مِنْ إِعْجَابٍ وَنَحْوِهِ إِذَا سَمِعَ الْمَدْحَ وَأَمَّا مَنْ لَا يُخَافُ عَلَيْهِ ذَلِكَ لِكَمَالِ تَقْوَاهُ وَرُسُوخِ عَقْلِهِ وَمَعْرِفَتِهِ فَلَا نَهْيَ فِي مَدْحِهِ فِي وَجْهِهِ إِذَا لَمْ يَكُنْ فِيهِ مُجَازَفَةٌ بَلْ إِنْ كَانَ يَحْصُلُ بِذَلِكَ مَصْلَحَةٌ كَنَشْطِهِ لِلْخَيْرِ أَوِ الِازْدِيَادِ مِنْهُ أَوِ الدَّوَامِ عَلَيْهِ أَوِ الِاقْتِدَاءِ بِهِ كَانَ مُسْتَحَبًّا انْتَهَى (لَا محالة بفتح الميم أي لابد (فَلْيَقُلْ إِنِّي أَحْسَبُهُ) أَيْ أَظُنُّهُ (كَمَا يُرِيدُ) أَيِ الْمَادِحُ (أَنْ يَقُولَ) فِي حَقِّ الْمَمْدُوحِ
وَالْمَعْنَى أَنَّ الْمَدْحَ الَّذِي يُرِيدُ الْمَادِحُ أَنْ يَقُولَ فِي حَقِّ الْمَمْدُوحِ فَلَا يُقْطَعُ فِي حَقِّهِ بَلْ يَقُولُ إِنِّي أَظُنُّهُ كَذَا وَكَذَا
وَلَفْظُ الشَّيْخَيْنِ إِنْ كَانَ أَحَدُكُمْ مَادِحًا لَا مَحَالَةَ فَلْيَقُلْ أَحْسَبُ كَذَا وَكَذَا إِنْ كَانَ يَرَى أَنَّهُ كَذَلِكَ وَحَسِيبُهُ اللَّهُ (لَا أُزَكِّيهِ عَلَى اللَّهِ تَعَالَى) أَيْ لَا أَقْطَعُ عَلَى عَاقِبَتِهِ وَلَا عَلَى مَا فِي ضَمِيرِهِ لِأَنَّ ذَلِكَ مُغَيَّبٌ عَنِّي وَلَكِنْ أَحْسَبُ وَأَظُنُّ لِوُجُودِ الظَّاهِرِ الْمُقْتَضِي لِذَلِكَ
قَالَ الْمُنْذِرِيُّ وَأَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ ومسلم وبن مَاجَهْ
[4806]
(قَالَ قَالَ أَبِي) هُوَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الشِّخِّيرِ (فَقَالَ السَّيِّدُ اللَّهُ) أَيْ هُوَ الحقيق بهذا الاسم
قال القارىء أَيِ الَّذِي يَمْلِكُ نَوَاصِيَ الْخَلْقِ وَيَتَوَلَّاهُمْ هُوَ اللَّهُ سُبْحَانَهُ وَهَذَا لَا يُنَافِي سِيَادَتَهُ الْمَجَازِيَّةَ الْإِضَافِيَّةَ الْمَخْصُوصَةَ بِالْأَفْرَادِ الْإِنْسَانِيَّةِ حَيْثُ قَالَ أَنَا سَيِّدُ وَلَدِ آدَمَ وَلَا فَخَرَ أَيْ لَا أَقُولُ افْتِخَارًا بَلْ تَحَدُّثًا بِنِعْمَةِ اللَّهِ وَإِلَّا فَقَدْ رَوَى الْبُخَارِيُّ عَنْ جَابِرٍ أَنَّ عُمَرَ كَانَ يَقُولُ أَبُو بَكْرٍ سَيِّدُنَا وَأَعْتَقَ سَيِّدَنَا يَعْنِي بِلَالًا انْتَهَى وَهُوَ بِالنِّسْبَةِ إِلَى بِلَالٍ تواضع
انتهى كلام القارىء (وَأَفْضَلُنَا فَضْلًا) أَيْ مَزِيَّةً وَمَرْتَبَةً وَنَصَبَهُ عَلَى التمييز (وأعظمنا طولا) أي عطاء الأحباء وَعُلَوًا عَلَى الْأَعْدَاءِ (فَقَالَ قُولُوا بِقَوْلِكُمْ) أَيْ مَجْمُوعِ مَا قُلْتُمْ أَوْ هَذَا الْقَوْلِ وَنَحْوِهِ (أَوْ بَعْضِ قَوْلِكُمْ) أَيِ اقْتَصِرُوا عَلَى إِحْدَى الْكَلِمَتَيْنِ مِنْ غَيْرِ حَاجَةٍ إِلَى الْمُبَالَغَةِ بِهِمَا
وَيُمْكِنُ أَنْ تَكُونَ أَوْ بِمَعْنَى بَلْ أَيْ بَلْ قُولُوا بَعْضَ مَا قُلْتُمْ مُبَالَغَةً فِي التواضعوقيل قُولُوا قَوْلَكُمُ الَّذِي جِئْتُمْ لِأَجْلِهِ وَدَعُوا غَيْرَكُمْ مِمَّا لَا يَعْنِيكُمْ (وَلَا يَسْتَجْرِيَنَّكُمُ الشَّيْطَانُ) أَيْ لَا يَتَّخِذَنَّكُمْ جَرِيًّا بِفَتْحِ الْجِيمِ وَكَسْرِ الرَّاءِ وَتَشْدِيدِ التَّحْتِيَّةِ أَيْ كَثِيرَ الْجَرْيِ فِي طَرِيقِهِ وَمُتَابَعَةِ خُطُوَاتِهِ
وَقِيلَ هُوَ مِنَ الْجَرَاءَةِ بِالْهَمْزَةِ أَيْ لَا يَجْعَلَنَّكُمْ ذَوِي شَجَاعَةٍ عَلَى التَّكَلُّمِ بِمَا لَا يَجُوزُ