المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

فهرس الكتاب

- ‌(بَاب فِي الْجَهْمِيَّةِ)

- ‌(بَاب فِي الرُّؤْيَةِ [

- ‌(بَاب فِي الرَّدِّ عَلَى الْجَهْمِيَّةِ [

- ‌(بَاب فِي الْقُرْآنِ [4734] قَالَ فِي فَتْحِ الْوَدُودِ)

- ‌(بَابُ ذِكْرِ الْبَعْثِ [

- ‌(بَاب فِي الشَّفَاعَةِ [

- ‌(بَابٌ فِي خَلْقِ الْجَنَّةِ وَالنَّارِ [

- ‌(بَاب فِي الْحَوْضِ [

- ‌(باب الْمَسْأَلَةِ فِي الْقَبْرِ وَعَذَابِ الْقَبْرِ [

- ‌(بَاب فِي ذِكْرِ الْمِيزَانِ [

- ‌(بَاب فِي الدَّجَّالِ [

- ‌(باب في الْخَوَارِجِ [

- ‌(بَاب في قتل الْخَوَارِجِ [

- ‌(بَاب فِي قِتَالِ اللُّصُوصِ [

- ‌40 - كِتَابُ الْأَدَب

- ‌(بَاب فِي الْحِلْمِ وَأَخْلَاقِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم [

- ‌(بَاب فِي الْوَقَارِ [

- ‌(بَاب مَنْ كَظَمَ غَيْظًا)

- ‌(بَاب مَا يُقَالُ عِنْدَ الْغَضَبِ [

- ‌(بَاب فِي التَّجَاوُزِ فِي الْأَمْرِ [

- ‌(بَاب فِي حُسْنِ الْعِشْرَةِ [

- ‌(بَاب فِي الْحَيَاءِ [

- ‌(بَاب فِي حُسْنِ الْخُلُقِ [

- ‌(بَاب فِي كَرَاهِيَةِ الرِّفْعَةِ فِي الْأُمُورِ [

- ‌(بَاب فِي كَرَاهِيَةِ التَّمَادُحِ [

- ‌(بَاب فِي الرِّفْقِ بِالْكَسْرِ ضِدُّ الْعُنْفِ [

- ‌(بَاب فِي شُكْرِ الْمَعْرُوفِ [

- ‌(بَاب فِي الْجُلُوسِ بِالطُّرُقَاتِ [4815] جَمْعُ الطُّرُقِ)

- ‌(بَاب فِي سَعَةِ الْمَجْلِسِ)

- ‌(باب في الجلوس بين الشمس والظل [

- ‌(بَاب في التحلق [4823] أي الجلوس)

- ‌(باب الْجُلُوسِ وَسْطَ الْحَلْقَةِ [

- ‌(بَاب فِي الرَّجُلِ يَقُومُ لِلرَّجُلِ مِنْ مَجْلِسِهِ [

- ‌(بَاب مَنْ يُؤْمَرُ أَنْ يُجَالِسَ [

- ‌(بَاب فِي كَرَاهِيَةِ الْمِرَاءِ [

- ‌(بَاب الْهَدْيِ فِي الْكَلَامِ [4837] الْهَدْيُّ)

- ‌(بَاب فِي الخطبة [

- ‌(بَاب فِي تَنْزِيلِ النَّاسِ مَنَازِلَهُمْ [

- ‌(بَاب فِي الرَّجُلِ يَجْلِسُ بَيْنَ الرَّجُلَيْنِ بِغَيْرِ إِذْنِهِمَا [

- ‌(بَاب فِي جُلُوسِ الرَّجُلِ [

- ‌(بَاب فِي الْجِلْسَةِ الْمَكْرُوهَةِ [

- ‌(بَاب فِي السَّمَرِ بَعْدَ الْعَشَاءِ [

- ‌(بَاب فِي الرَّجُلِ يَجْلِسُ مُتَرَبِّعًا [

- ‌(بَاب فِي التَّنَاجِي [

- ‌(باب إذا قام من مجلسه ثُمَّ رَجَعَ [

- ‌(بَاب كَرَاهِيَةِ أَنْ يَقُومَ الرَّجُلُ مِنْ مَجْلِسِهِ وَلَا يَذْكُرَ اللَّهَ [

- ‌(بَاب فِي كَفَّارَةِ الْمَجْلِسِ [4857] (عِنْدَ قِيَامِهِ))

- ‌(بَاب فِي رَفْعِ الْحَدِيثِ مِنْ الْمَجْلِسِ [

- ‌(بَاب فِي الْحَذَرِ مِنْ النَّاسِ [

- ‌(بَاب فِي هَدْيِ الرَّجُلِ [

- ‌(بَاب فِي الرَّجُلِ يَضَعُ إِحْدَى رِجْلَيْهِ على الأخرى [

- ‌(بَاب فِي نَقْلِ الْحَدِيثِ [

- ‌(بَاب فِي الْقَتَّاتِ [

- ‌(بَابُ فِي ذِي الْوَجْهَيْنِ [

- ‌(بَاب فِي الْغِيبَةِ [

- ‌(باب الرجل يذب عن عرض أخيه [

- ‌(بَاب مَنْ لَيْسَتْ لَهُ غِيبَةٌ [

- ‌(بَاب مَا جَاءَ فِي الرَّجُلِ يُحِلُّ الرَّجُلَ قَدْ اغْتَابَهُ [

- ‌(بَابٌ فِي التَّجَسُّسِ [

- ‌(بَاب فِي السَّتْرِ عَلَى الْمُسْلِمِ [

- ‌(بَابٌ فِي الْمُؤَاخَاةِ [

- ‌(بَابٌ فِي الْمُسْتَبَّانِ [

- ‌(بَاب فِي التَّوَاضُعِ [

- ‌(بَاب فِي الِانْتِصَارِ [

- ‌(بَاب فِي النَّهْيِ عَنْ سَبِّ الْمَوْتَى [

- ‌(بَاب فِي اللَّعْنِ [

- ‌(بَاب فِيمَنْ دَعَا عَلَى مَنْ ظَلَمَهُ [

- ‌(باب في هجرة الرجل أخاه [

- ‌(بَاب فِي الظَّنِّ [

- ‌(بَابُ فِي النَّصِيحَةِ وَالْحِيَاطَةِ [

- ‌(بَاب فِي إِصْلَاحِ ذَاتِ الْبَيْنِ [

- ‌(بَابٌ فِي الْغِنَاءِ [

- ‌(بَاب كَرَاهِيَةِ الْغِنَاءِ وَالزَّمْرِ [

- ‌(بَابُ الْحُكْمِ فِي الْمُخَنَّثِينَ [

- ‌(بَابُ اللَّعِبِ بِالْبَنَاتِ [

- ‌(بَاب فِي الْأُرْجُوحَةِ [

- ‌(بَاب فِي النَّهْيِ عَنْ اللَّعِبِ بِالنَّرْدِ [

- ‌(بَاب فِي اللَّعِبِ بِالْحَمَامِ [

- ‌(بَاب فِي الرحمة [

- ‌(بَاب فِي النَّصِيحَةِ [

- ‌(باب في المعونة للمسلم [

- ‌(باب في تغيير الأسماء [

- ‌(باب في تغيير اسم القبيح [

- ‌(بَاب فِي الْأَلْقَابِ [

- ‌(بَاب فيمن يتكنى بِأَبِي عِيسَى [

- ‌(بَابٌ فِي الرَّجُلِ يَقُولُ لِابْنِ غَيْرِهِ يَا بُنَيَّ [

- ‌(بَاب فِي الرَّجُلِ يَتَكَنَّى بأبي القاسم [

- ‌(بَابٌ فِيمَنْ رَأَى أَنْ لَا يَجْمَعَ بَيْنَهُمَا [

- ‌(بَاب فِي الرُّخْصَةِ فِي الْجَمْعِ بَيْنَهُمَا [

- ‌(بَابٌ فِي الرَّجُلِ يَتَكَنَّى وَلَيْسَ لَهُ وَلَدٌ [

- ‌(بَاب فِي الْمَرْأَةِ تُكْنَى [

- ‌(بَاب فِي الْمَعَارِيضِ [

- ‌(بَابٌ فِي زَعَمُوا [

- ‌(باب في الرجل يقول في خطبته أما بعد [

- ‌(بَابٌ في الكرم [

- ‌(بَاب لَا يَقُولُ الْمَمْلُوكُ رَبِّي وَرَبَّتِي [

- ‌(بَابٌ لَا يُقَالُ خَبُثَتْ نَفْسِي [

- ‌(بَابٌ فِي صَلَاةِ الْعَتَمَةِ [

- ‌(بَابُ التَّشْدِيدِ فِي الْكَذِبِ [

- ‌(بَاب في حسن الظن [

- ‌(بَاب فِي الْعِدَةِ [

- ‌(باب فيمن يَتَشَبَّعُ بِمَا لَمْ يُعْطِ [

- ‌(بَاب مَا جَاءَ فِي الْمِزَاحِ [

- ‌(بَابُ مَنْ يَأْخُذُ الشَّيْءَ مِنْ مُزَاحٍ [

- ‌(بَابُ مَا جَاءَ فِي التَّشَدُّقِ فِي الْكَلَامِ [

- ‌(بَاب ما جاء في الشعر [

- ‌(بَاب فِي الرُّؤْيَا [

- ‌(بَاب فِي التَّثَاؤُبِ [

- ‌(بَاب فِي الْعُطَاسِ [5029] بِضَمِّ الْعَيْنِ)

- ‌(بَابُ كَيْفَ تَشْمِيتُ الْعَاطِسِ [

- ‌(بَابُ كَمْ يُشَمَّتِ الْعَاطِسُ [

- ‌(بَابُ كَيْفَ يُشَمَّتُ الذِّمِّيُّ [

- ‌(باب فيمن يعطس ولا يحمد الله [

- ‌(بَابٌ فِي الرَّجُلِ يَنْبَطِحُ عَلَى بَطْنِهِ [

- ‌(بَابٌ فِي النَّوْمِ عَلَى السَّطْحِ لَيْسَ عَلَيْهِ حِجَارٌ [

- ‌(باب في النوم على طهارة [

- ‌(باب كيف يتوجه [5044] الرجل عند النوم)

- ‌(بَابُ مَا يَقُولُ عِنْدَ النَّوْمِ [

- ‌(بَاب مَا يَقُولُ الرَّجُلُ إِذَا تَعَارَّ مِنْ اللَّيْلِ)

- ‌(بَاب فِي التَّسْبِيحِ عِنْدَ النَّوْمِ)

- ‌(بَاب مَا يَقُولُ إِذَا أَصْبَحَ)

- ‌(بَاب مَا يَقُولُ الرَّجُلُ إِذَا رَأَى الْهِلَالَ)

- ‌(بَاب مَا يَقُولُ إِذَا خَرَجَ مِنْ بَيْتِهِ)

- ‌(بَاب ما يقول الرجل إذا دخل بيته)

الفصل: ‌(باب في الكرم [

وَيُجَرَّبَ عَلَيْهِ الْكَذِبُ قَالَهُ الْمَنَاوِيُّ

وَفِي اللُّمَعَاتِ يَعْنِي أَنَّ مَا زَعَمُوا بِئْسَ مَطِيَّتُهُ يَجْعَلُ الْمُتَكَلِّمَ مُقَدِّمَةَ كَلَامِهِ وَالْمَقْصُودُ أَنَّ الْإِخْبَارَ بِخَبَرٍ مَبْنَاهُ عَلَى الشَّكِّ وَالتَّخْمِينِ دُوْنَ الْجَزْمِ وَالْيَقِينِ قَبِيحٌ بَلْ يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ لِخَبَرِهِ سَنَدٌ وَثُبُوتٌ وَيَكُونَ عَلَى ثِقَةٍ مِنْ ذَلِكَ لَا مُجَرَّدَ حِكَايَةٍ عَلَى ظَنٍّ وَحُسْبَانٍ

وَفِي الْمَثَلِ زَعَمُوا مَطِيَّةَ الْكَذِبِ انْتَهَى

قَالَ الْخَطَّابِيُّ فِي الْمَعَالِمِ أَصْلُ هَذَا أَنَّ الرَّجُلَ إِذَا أَرَادَ الْمَسِيرَ إِلَى بَلَدٍ رَكِبَ مَطِيَّةً وَسَارَ حَتَّى يَبْلُغَ حَاجَتَهُ فَشَبَّهَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم مَا يُقَدِّمُهُ الرَّجُلُ أَمَامَ كَلَامِهِ وَيَتَوَصَّلُ بِهِ إِلَى حَاجَتِهِ مِنْ قَوْلِهِمْ زَعَمُوا كَذَا وَكَذَا بِالْمَطِيَّةِ الَّتِي يُتَوَصَّلُ بِهَا إِلَى الْمَوْضِعِ الَّذِي يَقْصِدُهُ وَإِنَّمَا يُقَالُ زَعَمُوا فِي حَدِيثٍ لَا سَنَدَ لَهُ وَلَا ثَبَتَ فِيهِ وَإِنَّمَا هُوَ شَيْءٌ حُكِيَ عَنِ الْأَلْسُنِ عَلَى سَبِيلِ الْبَلَاغِ فَذَمَّ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم مِنَ الْحَدِيثِ مَا كَانَ هَذَا سَبِيلَهُ وَأَمَرَ بِالتَّثَبُّتِ فِيهِ وَالتَّوَثُّقِ لِمَا يَحْكِيهِ مِنْ ذَلِكَ فَلَا يَرْوُونَهُ حَتَّى يَكُونَ مَعْزِيًّا إِلَى ثَبْتٍ وَمَرْوِيًّا عَنْ ثِقَةٍ انْتَهَى

قَالَ الْمُنْذِرِيُّ أَبُو قِلَابَةَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ زَيْدٍ الْجَرْمِيُّ الْبَصْرِيُّ ذَكَرَ الْحَافِظُ أَبُو مَسْعُودٍ الدِّمَشْقِيُّ فِي الْأَطْرَافِ أَنَّهُ لَمْ يَسْمَعْ مِنْهُمَا يَعْنِي حُذَيْفَةَ وَأَبَا مسعود رضي الله عنهم

1 -

‌(باب في الرجل يقول في خطبته أما بعد [

4973])

(فَقَالَ أَمَّا بَعْدُ) مَبْنِيٌّ عَلَى الضَّمِّ لِأَنَّهُ مِنَ الظُّرُوفِ الْمَقْطُوعَةِ عَنِ الْإِضَافَةِ

وَقَدْ ثَبَتَ اسْتِعْمَالُ هَذِهِ الْكَلِمَةِ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِي الْخَطْبِ فِي كَثِيرٍ مِنَ الْأَحَادِيثِ فَيَنْبَغِي لِلْخُطَبَاءِ أَنْ يَسْتَعْمِلُوهَا تَأَسِّيًا وَاتِّبَاعًا

قَالَ الْمُنْذِرِيُّ وَأَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ فِي أَثْنَاءِ الْحَدِيثِ الطَّوِيلِ فِي فَضَائِلِ أَهْلِ الْبَيْتِ

2 -

‌(بَابٌ في الكرم [

4974])

الْكَرْمِ بِسُكُونِ الرَّاءِ وَفَتْحِهَا مَصْدَرُ كَرَمَ يَكْرُمُ يُوصَفُ بِهِ مُبَالَغَةً عَلَى طَرِيقِ رَجُلٌ عَدْلٌ

ــ

[حاشية ابن القيم، تهذيب السنن]

قال الشيخ شمس الدين بن القيم رحمه الله الْعَرَب تُسَمِّي شَجَر الْعِنَب كَرْمًا لِكَرَمِهِ وَالْكَرَم كَثْرَة الْخَيْر وَالْمَنَافِع وَالْفَوَائِد لِسُهُولَةِ تَنَاوُلهَا من

ص: 215

يَسْتَوِي فِيهِ الْمُذَكَّرُ وَالْمُؤَنَّثُ وَالتَّثْنِيَةُ وَالْجَمْعُ يُقَالُ رَجُلٌ كَرْمٌ وَامْرَأَةٌ كَرْمٌ وَرَجُلَانِ كَرْمٌ وَامْرَأَتَانِ كَرْمٌ وَرِجَالٌ كَرْمٌ وَنِسْوَةٌ كَرْمٌ وَيُطْلَقُ عَلَى الْعِنَبِ وَشَجَرَةٍ كَذَا قَالُوا

قُلْتُ وَيُطْلَقُ أَيْضًا عَلَى الْحَائِطِ مِنَ الْعِنَبِ يَدُلُّ عَلَيْهِ مَا أَخْرَجَهُ الطَّبَرَانِيُّ وَالْبَزَّارُ مِنْ حَدِيثِ سَمُرَةَ رَفْعُهُ أَنَّ اسْمَ الرَّجُلِ الْمُؤْمِنِ فِي الْكُتُبِ الْكَرْمُ مِنْ أَجْلِ مَا أَكْرَمَهُ اللَّهُ عَلَى الْخَلِيفَةِ وَأَنَّكُمْ تَدْعُونَ الْحَائِطَ مِنَ الْعِنَبِ الْكَرْمَ الْحَدِيثَ وَهَذَا هُوَ الْمُنَاسِبُ لِرِوَايَةِ الْمُؤَلِّفِ (وَحِفْظِ الْمَنْطِقِ) أَيْ وَهَذَا بَابُ حِفْظِ الْمَنْطِقِ وَهُوَ بِفَتْحِ الْمِيمِ وَسُكُونِ النُّونِ مَصْدَرٌ قَالَ فِي الْمِصْبَاحِ نَطَقَ نُطْقًا مِنْ بَابِ ضَرَبَ وَمَنْطِقًا

وَالنُّطْقُ بِالضَّمِّ اسْمٌ مِنْهُ وَالْمَعْنَى أَنَّ لِلرَّجُلِ أَنْ يُحَافِظَ فِي الْمَنْطِقِ وَيُرَاعِي فِي الْكَلَامِ فَلَا يتكلم ولا ينطق بما تشهيه نَفْسُهُ بَلْ لَا بُدَّ لَهُ أَنْ يَسْتَعْمِلَ فِي كَلَامِهِ الْأَلْفَاظَ الْوَارِدَةَ فِي الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ وَيَجْتَنِبَ عَنِ الْأَلْفَاظِ الْجَاهِلِيَّةِ وَعَنِ الْعِبَارَاتِ الَّتِي ظَاهِرُهَا مُخَالَفَةٌ لِلْأَدَبِ وَالْمُرُوءَةِ

قُلْتُ وَالْأَحَادِيثُ الَّتِي سَاقَهَا الْمُؤَلِّفُ فِي هَذَا الْبَابِ وَالْأَبْوَابِ التَّالِيَةِ أَكْثَرُهَا دَاخِلٌ تَحْتَ هَذِهِ التَّرْجَمَةِ أَيْ حِفْظِ الْمَنْطِقِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ

(لَا يَقُولَنَّ أَحَدُكُمُ الْكَرَمَ) أَيْ لِلْعِنَبِ أَوْ لِحَائِطِهِ

ــ

[حاشية ابن القيم، تهذيب السنن]

الْكَرِيم وَمِنْهُ قَوْله تَعَالَى {فَأَنْبَتْنَا فِيهَا مِنْ كُلّ زَوْج كَرِيم} وَفِي آيَة أُخْرَى {مِنْ كُلّ زَوْج بَهِيج} فَهُوَ كَرِيم مَخْبَره بَهِيج فِي مَنْظَره وَشَجَر الْعِنَب قَدْ جَمَعَ وُجُوهًا مِنْ ذَلِكَ

مِنْهَا تَذْلِيل ثَمَره لِقَاطِفِهِ

وَمِنْهَا أَنَّهُ لَيْسَ دُونه شَوْك يُؤْذِي مُجْتَنِيه

وَمِنْهَا أَنَّهُ لَيْسَ بِمُمْتَنِعٍ عَلَى مَنْ أَرَادَهُ لِعُلُوِّ سَاقه وَصُعُوبَته كَغَيْرِهِ

وَمِنْهَا أَنَّ الشَّجَرَة الْوَاحِدَة مِنْهُ مَعَ ضَعْفهَا وَدِقَّة سَاقهَا تَحْمِل أَضْعَاف مَا تَحْمِلهُ غَيْرهَا

وَمِنْهَا أَنَّ الشَّجَرَة الْوَاحِدَة مِنْهُ إِذَا قُطِعَ أَعْلَاهَا أَخْلَفَتْ مِنْ جَوَانِبهَا وَفُرُوعهَا وَالنَّخْلَة إِذَا قُطِعَ أَعْلَاهَا مَاتَتْ وَيَبِسَتْ جُمْلَة

وَمِنْهَا أَنَّ ثَمَره يُؤْكَل قَبْل نُضْجه وَبَعْد نُضْجه وَبَعْد يُبْسه

وَمِنْهَا أَنَّهُ يُتَّخَذ مِنْهُ مِنْ أَنْوَاع الْأَشْرِبَة الْحُلْوَة وَالْحَامِضَة كَالدَّبْسِ وَالْخَلّ مَا لَا يُتَّخَذ مِنْ غَيْره ثُمَّ يُتَّخَذ مِنْ شَرَابه مِنْ أَنْوَاع الْحَلَاوَة وَالْأَطْعِمَة وَالْأَقْوَات مَا لَا يُتَّخَذ مِنْ غَيْره وَشَرَابه الْحَلَال غِذَاء وَقُوت وَمَنْفَعَة وَقُوَّة

وَمِنْهَا أَنَّهُ يُدَّخَر يَابِسه قُوتًا وَطَعَامًا وَأُدُمًا

وَمِنْهَا أَنَّ ثَمَره قَدْ جَمَعَ نِهَايَة الْمَطْلُوب مِنْ الْفَاكِهَة مِنْ الِاعْتِدَال فَلَمْ يُفْرِط إِلَى الْبُرُودَة كَالْخَوْخِ

ص: 216

وَهَذَا هُوَ مُنَاسِبٌ لِقَوْلِهِ وَلَكِنْ قُولُوا حَدَائِقَ الْأَعْنَابِ قَالَ الْخَطَّابِيُّ فِي الْمَعَالِمِ إِنَّمَا نَهَاهُمْ عليه السلام عَنْ تَسْمِيَةِ هَذِهِ الشَّجَرَةِ كَرْمًا لِأَنَّ هَذَا الِاسْمَ مُشْتَقٌّ عِنْدَهُمْ مِنَ الْكَرْمِ وَالْعَرَبُ تَقُولُ رَجُلٌ كَرْمٌ بِمَعْنَى كَرِيمٍ وَقَوْمٌ كَرْمٌ أَيْ كِرَامٌ فَأَشْفَقَ صلى الله عليه وسلم أَنْ يَدْعُوهُمْ حُسْنُ أَسْمَائِهَا إِلَى شُرْبِ الْخَمْرِ الْمُتَّخَذَةِ مِنْ ثَمَرِهَا فَسَلَبَهَا هَذَا الِاسْمَ وَجَعَلَهُ صِفَةً لِلْمُسْلِمِ الَّذِي يَتَوَقَّى شُرْبَهَا وَيَمْنَعُ نَفْسَهُ الشَّهْوَةَ فِيهَا عِزَّةً وَتَكَرُّمًا انْتَهَى

قَالَ الْمُنْذِرِيُّ وَقَدْ أَخْرَجَ مُسْلِمٌ فِي صَحِيحِهِ مِنْ حَدِيثِ مُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ لَا تُسَمُّوا الْعِنَبَ الْكَرْمَ فَإِنَّ الْكَرْمَ الرَّجُلُ المسلم

ــ

[حاشية ابن القيم، تهذيب السنن]

وَغَيْره وَلَا إِلَى الْحَرَارَة كَالتَّمْرِ بَلْ هُوَ فِي غَايَة الِاعْتِدَال إِلَى غَيْر ذَلِكَ مِنْ فَوَائِده

فَلَمَّا كَانَ بِهَذِهِ الْمَنْزِلَة سَمَّوْهُ كَرْمًا فَأَخْبَرَهُمْ النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم أَنَّ الْفَوَائِد وَالثَّمَرَات وَالْمَنَافِع الَّتِي أَوْدَعَهَا اللَّه قَلْب عَبْده الْمُؤْمِن مِنْ الْبِرّ وَكَثْرَة الْخَيْر أَعْظَم مِنْ فَوَائِد كَرْم الْعِنَب فَالْمُؤْمِن أَوْلَى بِهَذِهِ التَّسْمِيَة مِنْهُ

فَيَكُون مَعْنَى الْحَدِيث عَلَى هَذَا النَّهْي عَنْ قَصْر اِسْم الْكَرْم عَلَى شَجَر الْعِنَب بَلْ الْمُسْلِم أَحَقّ بِهَذَا الِاسْم مِنْهُ

وهذا نظير قوله صلى الله عليه وسلم لَيْسَ الشَّدِيد بِالصُّرَعَةِ وَلَكِنْ الَّذِي يَمْلِك نَفْسه عِنْد الْغَضَب أَيّ مَالِك نَفْسه أَوْلَى أَنْ يُسَمَّى شَدِيدًا مِنْ الَّذِي يَصْرَع الرِّجَال

وَكَقَوْلِهِ لَيْسَ الْمِسْكِين بِهَذَا الطَّوَّاف الَّذِي تَرُدّهُ اللُّقْمَة وَاللُّقْمَتَانِ وَالْأَكْلَة وَالْأَكْلَتَانِ وَلَكِنَّهُ الَّذِي لَا يَسْأَل النَّاس وَلَا يُفْطَن لَهُ فَيُتَصَدَّق عَلَيْهِ أَي هَذَا أَوْلَى بِأَنْ يُقَال لَهُ مِسْكِين مِنْ الطَّوَّاف الَّذِي تُسَمُّونَهُ مِسْكِينًا

وَنَظِيره فِي الْمُفْلِس والرقوب وغيرهما

ونظيره قوله ليس الواصل بالمكافيء وَلَكِنَّهُ الَّذِي إِذَا قُطِعَتْ رَحِمه وَصَلَهَا وَإِنْ كَانَ هَذَا أَلْطَف مِنْ الَّذِي قَبْله

وَقِيلَ فِي مَعْنَى وَجْه آخَر وَهُوَ قَصْد النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم سَلْب هَذَا الِاسْم الْمَحْبُوب لِلنُّفُوسِ الَّتِي يَلَذّ لَهَا سَمَاعه عَنْ هَذِهِ الشَّجَرَة الَّتِي تُتَّخَذ مِنْهَا أُمّ الْحَبَائِب فَيَسْلُبهَا الِاسْم الَّذِي يَدْعُو النُّفُوس إِلَيْهَا وَلَا سِيَّمَا فَإِنَّ الْعَرَب قَدْ تَكُون سَمَّتْهَا كَرْمًا لِأَنَّ الْخَمْر الْمُتَّخَذَة مِنْهَا تَحُثّ عَلَى الْكَرَم وَبَذْل الْمَال فَلَمَّا حَرَّمَهَا الشَّارِع نَفَى اِسْم الْمَدْح عَنْ أَصْلهَا وَهُوَ الْكَرْم كَمَا نَفَى اِسْم الْمَدْح عَنْهَا وَهُوَ الدَّوَاء فَقَالَ إِنَّهَا دَاء وَلَيْسَتْ بِدَوَاءٍ وَمَنْ عَرَفَ سِرّ تَأْثِير الأسماء في مسمياتها نقرة وَمَيْلًا عَرَفَ هَذَا فَسَلَبَهَا النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم هَذَا الِاسْم الْحَسَن وَأَعْطَاهُ مَا هُوَ أَحَقّ بِهِ مِنْهَا وَهُوَ قَلْب الْمُؤْمِن

وَيُؤَكِّد الْمَعْنَى الْأَوَّل أَنَّ النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم شَبَّهَ الْمُسْلِم بِالنَّخْلَةِ لِمَا فِيهَا مِنْ الْمَنَافِع وَالْفَوَائِد حَتَّى إِنَّهَا كُلّهَا مَنْفَعَة لَا يَذْهَب مِنْهَا شَيْء بِلَا مَنْفَعَة حَتَّى شَوْكهَا وَلَا يَسْقُط عَنْهَا لِبَاسهَا وَزِينَتهَا كَمَا لا

ص: 217