الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَالْجُمْلَةُ حَالِيَّةٌ (فَقَالَ عَمْرٌو) هُوَ تَكْرَارٌ لِطُولِ الْكَلَامِ لِوَقْعِ الْجُمْلَةِ الْحَالِيَّةِ بَيْنَ قَوْلِهِ قَالَ عَمْرٌو وَبَيْنَ مَقُولِهِ وَهُوَ قَوْلُهُ (لَوْ قَصَدَ فِي قَوْلِهِ لَكَانَ خَيْرًا لَهُ) أَيْ لَوْ أَخَذَ فِي كَلَامِهِ الطَّرِيقَ الْمُسْتَقِيمَ وَالْقَصْدُ مَا بَيْنَ الْإِفْرَاطِ وَالتَّفْرِيطِ (لَقَدْ رَأَيْتُ) أَيْ عَلِمْتُ (أَوْ أُمِرْتُ) شَكٌّ مِنَ الرَّاوِي (أَنْ أَتَجَوَّزَ في القول) قال القارىء أَيْ أُسْرِعُ فِيهِ وَأُخَفِّفُ الْمُؤْنَةَ عَنِ السَّامِعِ مِنْ قَوْلِهِمْ تَجَوَّزَ فِي صَلَاتِهِ أَيْ خَفَّفَ (فَإِنَّ الْجَوَازَ هُوَ خَيْرٌ) بِفَتْحِ الْجِيمِ وَهُوَ الِاقْتِصَارُ عَلَى قَدْرِ الْكِفَايَةِ
قَالَ الْمُنْذِرِيُّ أَبُو ظَبْيَةَ بِفَتْحِ الظَّاءِ الْمُعْجَمَةِ وَسُكُونِ الْبَاءِ الْمُوَحَّدَةِ وبعدها ياء آخر الحروف مفتوحة وتاء تأنيث كلاغي حِمْصِيٌّ ثِقَةٌ
وَفِي إِسْنَادِهِ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْمَاعِيلَ بْنِ عَيَّاشٍ عَنْ أَبِيهِ وَفِيهِمَا مَقَالٌ
6 -
(بَاب ما جاء في الشعر [
5009])
(لأن يمتلىء جَوْفُ أَحَدِكُمْ قَيْحًا) نَصَبَهُ عَلَى التَّمْيِيزِ أَيْ صَدِيدًا وَدَمًا وَمَا يُسَمَّى نَجَاسَةٌ (خَيْرٌ لَهُ من أن يمتلىء شِعْرًا) قَالَ الْحَافِظُ ظَاهِرُهُ الْعُمُومُ فِي كُلِّ شِعْرٍ لَكِنَّهُ مَخْصُوصٌ بِمَا لَا يَكُونُ مَدْحًا حَقًّا كَمَدْحِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَمَا اشْتَمَلَ عَلَى الذِّكْرِ وَالزُّهْدِ وَسَائِرِ الْمَوَاعِظِ مِمَّا لَا إِفْرَاطَ فِيهِ انْتَهَى
قَالَ الْمُنْذِرِيُّ وَأَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ وَالتِّرْمِذِيُّ وبن مَاجَهْ (قَالَ أَبُو عَلِيٍّ) هُوَ اللُّؤْلُؤِيُّ صَاحِبُ أَبِي دَاوُدَ (وَجْهُهُ) أَيْ وَجْهُ الْحَدِيثِ وَمَعْنَاهُ (فَإِذَا كَانَ الْقُرْآنُ وَالْعِلْمُ) بِالرَّفْعِ اسْمُ كَانَ (الْغَالِبَ) بِالنَّصْبِ خَبَرُ كَانَ (وَإِنَّ مِنَ الْبَيَانِ لَسِحْرًا قَالَ كَأَنَّ الْمَعْنَى إِلَخْ) قَالَ الْمُنْذِرِيُّ وَقَدِ اخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِي قَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم إِنَّ مِنَ الْبَيَانِ لَسِحْرًا فَقِيلَ أَوْرَدَهُ مَوْرِدَ الذَّمِّ لِتَشْبِيهِهِ بِعَمَلِ السِّحْرِ
لِغَلَبَةِ الْقُلُوبِ وَتَزْيِينِهِ الْقَبِيحَ وَتَقْبِيحِهِ الْحَسَنَ وَإِلَيْهِ أَشَارَ الْإِمَامُ مَالِكٌ رضي الله عنه فَإِنَّهُ ذَكَرَ هَذَا الْحَدِيثَ فِي الْمُوَطَّأِ فِي بَابِ مَا يُكْرَهُ مِنَ الْكَلَامِ قِيلَ إِنَّ مَعْنَاهُ أَنَّ صَاحِبَهُ يَكْسِبُ بِهِ مِنَ الْإِثْمِ مَا يَكْسِبُهُ السَّاحِرُ بِعِلْمِهِ
وَقِيلَ أَوْرَدَهُ مَوْرِدَ الْمَدْحِ أَيْ أَنَّهُ تُمَالُ بِهِ الْقُلُوبُ وَيَرْضَى بِهِ السَّاخِطُ وَيَذِلُّ بِهِ الصَّعْبُ وَيَشْهَدُ لَهُ أَنَّ مِنَ الشِّعْرِ لَحِكْمَةً وَهَذَا لَا رَيْبَ فِيهِ أَنَّهُ مَدْحٌ وَكَذَلِكَ مِصْرَاعُهُ الَّذِي بِإِزَائِهِ وَقَالَ بَعْضُهُمْ فِي الِامْتِلَاءِ مِنَ الشِّعْرِ أَيِ الشِّعْرِ الَّذِي هُجِيَ بِهِ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم وَهَذَا الْقَوْلُ غَيْرُ مَرْضِيٍّ فَإِنَّ شَطْرَ الْبَيْتِ مِنْ ذَلِكَ يَكُونُ كُفْرًا فَإِذَا حُمِلَ عَلَى الِامْتِلَاءِ مِنْهُ فَقَدْ رُخِّصَ فِي الْقَلِيلِ مِنْهُ وَهَذَا لَيْسَ بِشَيْءٍ وَالْمُخْتَارُ مَا تَقَدَّمَ انْتَهَى كَلَامُ الْمُنْذِرِيِّ
قَالَ الْمَيْدَانِيُّ إِنَّ مِنَ الْبَيَانِ لَسِحْرًا قَالَهُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم حِينَ وَفَدَ عَلَيْهِ عَمْرُو بْنُ الْأَهْتَمِ وَالزِّبْرِقَانُ بْنُ بَدْرٍ وَقَيْسُ بْنُ عَاصِمٍ فَسَأَلَ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَمْرَو بْنَ الْأَهْتَمِ عَنِ الزِّبْرِقَانِ فَقَالَ عَمْرٌو مُطَاعٌ فِي أُذُنَيْهِ شَدِيدُ الْعَارِضَةِ مَانِعٌ لِمَا وَرَاءَ ظَهْرِهِ فَقَالَ الزِّبْرِقَانُ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّهُ لَيَعْلَمُ مِنِّي أَكْثَرَ مِنْ هَذَا وَلَكِنَّهُ حَسَدَنِي فَقَالَ عَمْرٌو أَمَا وَاللَّهِ إِنَّهُ لَزَمِرُ الْمَرْوَةِ ضَيِّقُ الْعَطَنِ أَحْمَقُ الْوَالِدِ لَئِيمُ الْخَالِ وَاللَّهِ يَا رَسُولَ اللَّهِ مَا كَذَبْتُ فِي الْأُولَى وَلَقَدْ صَدَقْتُ فِي الْأُخْرَى وَلَكِنِّي رَجُلٌ رَضِيتُ فَقُلْتُ أَحْسَنَ مَا عَلِمْتُ وَسَخِطْتُ فَقُلْتُ أَقْبَحَ مَا وَجَدْتُ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إِنَّ مِنَ الْبَيَانِ لَسِحْرًا يَعْنِي أَنَّ بَعْضَ الْبَيَانِ يَعْمَلُ عَمَلَ السِّحْرِ
وَمَعْنَى السِّحْرِ إِظْهَارُ الْبَاطِلِ فِي صُورَةِ الْحَقِّ
وَالْبَيَانُ اجْتِمَاعُ الْفَصَاحَةِ وَالْبَلَاغَةِ وَذَكَاءُ الْقَلْبِ مَعَ اللَّسِنِ وَإِنَّمَا شُبِّهَ بِالسِّحْرِ لِحِدَّةِ عَمَلِهِ فِي سَامِعِهِ وَسُرْعَةِ قَبُولِ الْقَلْبِ لَهُ يُضْرَبُ فِي اسْتِحْسَانِ الْمَنْطِقِ وَإِيرَادِ الْحُجَّةِ الْبَالِغَةِ انْتَهَى كَلَامُهُ
وَقَالَ الْإِمَامُ أَبُو هِلَالٍ الْعَسْكَرِيُّ أَمَّا النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم فَذَمَّ الْبَيَانَ أَمْ مَدَحَهُ فَقَالَ بَعْضٌ ذَمَّهُ لِأَنَّ السِّحْرَ تَمْوِيهٌ فَقَالَ إِنَّ مِنَ الْبَيَانِ مَا يُمَوِّهُ الْبَاطِلَ حَتَّى يَتَشَبَّهَ بِالْحَقِّ وَقَالَ بَعْضٌ بَلْ مَدَحَهُ لِأَنَّ الْبَيَانَ مِنَ الْفَهْمِ وَالذَّكَاءِ
قَالَ أَبُو هِلَالٍ الصَّحِيحُ أَنَّهُ مَدَحَهُ وَتَسْمِيَتُهُ إِيَّاهُ سِحْرًا إِنَّمَا هُوَ عَلَى جِهَةِ التَّعَجُّبِ مِنْهُ لَمَّا ذَمَّ عَمْرٌو الزِّبْرِقَانَ وَمَدَحَهُ فِي حَالَةٍ وَاحِدَةٍ وَصَدَقَ فِي مَدْحِهِ وَذَمِّهِ فِيمَا ذُكِرَ عَجِبَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم كَمَا يَعْجَبُ مِنَ السِّحْرِ فَسَمَّاهُ سِحْرًا مِنْ هَذَا الْوَجْهِ انْتَهَى مُخْتَصَرًا
قَالَ النَّوَوِيُّ أَنْ يَكُونَ الشِّعْرُ غَالِبًا عَلَيْهِ بِحَيْثُ يَشْغَلُهُ عَنِ الْقُرْآنِ وَغَيْرِهِ مِنَ الْعُلُومِ الشَّرْعِيَّةِ فَهُوَ مَذْمُومٌ فَأَمَّا إِذَا كَانَ الْقُرْآنُ وَالْحَدِيثُ وَغَيْرُهُمَا مِنَ الْعُلُومِ الشَّرْعِيَّةِ وَهُوَ الْغَالِبُ عَلَيْهِ فَلَا يَضُرُّ حِفْظُ الْيَسِيرِ مَعَ هَذَا لِأَنَّ جَوْفَهُ لَيْسَ مُمْتَلِئًا شِعْرًا انْتَهَى مُلَخَّصًا
وَقَالَ أَبُو عُبَيْدِ الْبَكْرِيُّ الْأَنْدَلُسِيُّ فِي شَرْحِ كِتَابِ الْأَمْثَالِ لِلْحَافِظِ أَبِي عُبَيْدِ الْقَاسِمِ بْنِ سَلَّامٍ النَّاسُ يَتَلَقَّوْنَ هَذَا
الْحَدِيثَ عَلَى أَنَّهُ فِي مَدْحِ الْبَيَانِ وَأَدْرَجُوا فِي كُتُبِهِمْ هَذَا التَّأْوِيلُ وَتَلَقَّاهُ الْعُلَمَاءُ عَلَى غَيْرِ ذَلِكَ بَوَّبَ مَالِكٌ فِي الْمُوَطَّأِ عَلَيْهِ بَابُ مَا يُكْرَهُ مِنَ الْكَلَامِ فَحَمَلَهُ عَلَى الذَّمِّ وَهَذَا هُوَ الصَّحِيحُ فِي تَأْوِيلِهِ لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى قَدْ سَمَّى السِّحْرَ فَسَادًا فِي قَوْلِهِ تَعَالَى مَا جِئْتُمْ بِهِ السِّحْرُ إِنَّ اللَّهَ سَيُبْطِلُهُ إِنَّ اللَّهَ لَا يُصْلِحُ عَمَلَ المفسدين انْتَهَى
قَالَ السُّيُوطِيُّ وَهُوَ ظَاهِرُ صَنِيعِ أَبِي دَاوُدَ
قُلْتُ فَإِنْ كَانَ الْبَيَانُ فِي أَمْرٍ بَاطِلٍ فَهُوَ كَذَلِكَ وَإِلَّا فَمَدْحٌ لَا مَحَالَةَ وَاللَّهُ أَعْلَمُ
[5010]
(إِنَّ مِنَ الشِّعْرِ حِكْمَةً) أَيْ مَا فِيهِ حَقٌّ وَحِكْمَةٌ أَوْ قَوْلًا صَادِقًا مُطَابِقًا لِلْحَقِّ وَقِيلَ أَصْلُ الْحِكْمَةِ الْمَنْعُ فَالْمَعْنَى إِنَّ مِنَ الشِّعْرِ كَلَامًا نَافِعًا يَمْنَعُ عَنِ السَّفَهِ وَالْجَهْلِ وَهُوَ مَا نَظَمَهُ الشُّعَرَاءُ مِنَ الْمَوَاعِظِ وَالْأَمْثَالِ الَّتِي يَنْتَفِعُ بِهِ النَّاسُ
قَالَ المنذري وأخرجه البخاري وبن مَاجَهْ
[5011]
(إِنَّ مِنَ الشِّعْرِ حُكْمًا) بِضَمٍّ فَسُكُونٍ أَيْ حِكْمَةٌ كَمَا فِي قَوْلِهِ تَعَالَى وَآتَيْنَاهُ الحكم صبيا أي الحكمة كذا قال القارىء
وَقَالَ الْعَزِيزِيُّ فِي السِّرَاجِ الْمُنِيرِ فِي شَرْحِ هَذَا الْحَدِيثِ بِكَسْرٍ فَفَتْحٍ جَمْعُ حِكْمَةٍ أَيْ حِكْمَةً وَكَلَامًا نَافِعًا فِي الْمَوَاعِظِ وَذَمُّ الدُّنْيَا وَالتَّحْذِيرُ مِنْ غُرُورِهَا وَنَحْوُ ذَلِكَ انْتَهَى
وَالْحَدِيثُ سَكَتَ عَنْهُ الْمُنْذِرِيُّ
[5012]
(وَإِنَّ مِنَ الْعِلْمِ جَهْلًا) أَيْ لِكَوْنِهِ عِلْمًا مَذْمُومًا وَالْجَهْلُ بِهِ خَيْرٌ مِنْهُ أَوْ لِكَوْنِهِ عِلْمًا مِمَّا لَا
يَعْنِيهِ فَيَصِيرَ جَهْلًا بِمَا يَعْنِيهِ
وَقِيلَ هُوَ أَنْ لَا يَعْمَلَ بِعِلْمِهِ فَيَكُونَ تَرْكُ الْعَمَلِ بِالْعِلْمِ جَهْلًا قَالَ فِي النِّهَايَةِ قِيلَ هُوَ يَتَعَلَّمُ مَا لَا حَاجَةَ إِلَيْهِ كَالنُّجُومِ وَعُلُومِ الْأَوَائِلِ وَيَدَعُ مَا يَحْتَاجُ إِلَيْهِ فِي دِينِهِ مِنْ عِلْمِ الْقُرْآنِ وَالسُّنَّةِ
وَقِيلَ هُوَ أَنْ يَتَكَلَّفَ الْعَالِمُ الْقَوْلَ فِيمَا لَا يَعْلَمُهُ فَيُجَهِّلُهُ ذَلِكَ انْتَهَى (وَإِنَّ مِنَ الْقَوْلِ عِيَالًا) بِكَسْرِ أَوَّلِهِ
قَالَ الْخَطَّابِيُّ هَكَذَا رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ عِيَالًا وَرَوَاهُ غَيْرُهُ إِنَّ مِنَ الْقَوْلِ عَيْلًا
قَالَ الْأَزْهَرِيُّ قَوْلُهُ عليه السلام عِيلًا مِنْ قولك علت الضالة أعيل عيلا وعيلا إِذَا لَمْ تَدْرِ أَيَّةُ جِهَةٍ تَبْغِيهَا
قَالَ أَبُو زَيْدٍ كَأَنَّهُ لَمْ يَهْتَدِ لِمَنْ يَطْلُبُ عِلْمَهُ فَعَرَضَهُ عَلَى مَنْ لَا يُرِيدُهُ انْتَهَى
وَفِي النِّهَايَةِ إِنَّ مِنَ الْقَوْلِ عَيْلًا هُوَ عَرْضُكَ حَدِيثُكَ وَكَلَامُكَ عَلَى مَنْ لَا يُرِيدُهُ وَلَيْسَ مِنْ شَأْنِهِ
يُقَالُ عِلْتُ الضَّالَّةَ أُعِيلُ عَيْلًا إِذَا لَمْ تَدْرِ أَيُّ جِهَةٍ تَبْغِيهَا كَأَنَّهُ لَمْ يَهْتَدِ لِمَنْ يَطْلُبُ كَلَامَهُ فَعَرَضَهُ عَلَى مِنْ لَا يُرِيدُهُ انْتَهَى (فَقَالَ صَعْصَعَةُ بْنُ صُوحَانَ) بِضَمِّ الْمُهْمَلَةِ وَبِالْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ تَابِعِيٌّ كَبِيرٌ مُخَضْرَمٌ فَصِيحٌ ثِقَةٌ مَاتَ فِي خِلَافَةِ مُعَاوِيَةَ قَالَهُ الْحَافِظُ (وَهُوَ أَلْحَنُ) أَيْ أَقْدَرُ عَلَى بَيَانِ مَقْصُودِهِ مِنْ لَحِنَ بِالْكَسْرِ إِذَا نَطَقَ بِحُجَّتِهِ (بِالْحُجَجِ) جَمْعُ حُجَّةٍ (وَلَا يُرِيدُهُ) أَيْ لَا يُرِيدُ الْمَعْرُوضُ عَلَيْهِ كَلَامَكَ وَحَدِيثَكَ فَيَصِيرَ كَلَامُكَ ثَقِيلًا عَلَيْهِ كَالْعِيَالِ قَالَهُ السِّنْدِيُّ
قَالَ الْمُنْذِرِيُّ فِي إِسْنَادِهِ أَبُو تُمَيْلَةَ يَحْيَى بْنُ وَاضِحٍ الْأَنْصَارِيُّ الْمَرْوَزِيُّ وَثَّقَهُ يَحْيَى بْنُ مَعِينٍ وَأَبُو حَاتِمٍ الرَّازِيُّ وَأَدْخَلَهُ الْبُخَارِيُّ فِي كِتَابِ الضُّعَفَاءِ فَقَالَ أَبُو حَاتِمٍ الرَّازِيُّ يُحَوَّلُ من هناك
[5013]
(بحسان) أي بن ثَابِتٍ الشَّاعِرِ غَيْرُ مُنْصَرِفٍ عَلَى الْأَصَحِّ قَالَهُ القارىء (وَهُوَ يَنْشُدُ) أَيْ يَقْرَأُ الشِّعْرَ
فِي الْقَامُوسِ أَنْشَدَ الشِّعْرَ قَرَأَهُ (فَلَحَظَ إِلَيْهِ) فِي الْقَامُوسِ لَحَظَهُ كَمَنَعَهُ وَإِلَيْهِ نَظَرَ بِمُؤَخَّرِ عَيْنَيْهِ وَهُوَ أَشَدُّ الْتِفَاتًا مِنَ الشَّزْرِ وَالضَّمِيرُ الْمَرْفُوعُ يَرْجِعُ إِلَى عُمَرَ وَالْمَجْرُورُ إِلَى حَسَّانَ (وَفِيهِ) أَيْ فِي الْمَسْجِدِ وَالْوَاوُ لِلْحَالِ (مَنْ هُوَ خَيْرٌ مِنْكَ) يَعْنِي رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
قَالَ الْمُنْذِرِيُّ وَأَخْرَجَهُ النَّسَائِيُّ وَسَعِيدُ بْنُ الْمُسَيِّبِ لَمْ يَصِحَّ سَمَاعُهُ مِنْ عُمَرَ فَإِنْ كَانَ سَمِعَ ذَلِكَ مِنْ حَسَّانَ بْنِ ثَابِتٍ فَيَتَّصِلُ
[5014]
(بِمَعْنَاهُ) أَيْ بِمَعْنَى الْحَدِيثِ السَّابِقِ (زَادَ) أَيْ مَعْمَرٌ (فَخَشِيَ) أَيْ عُمَرُ رضي الله عنه (بِرَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَيْ بِإِجَازَتِهِ صلى الله عليه وسلم (فَأَجَازَهُ) أَيْ أَجَازَ عُمَرُ رضي الله عنه حَسَّانَ رضي الله عنه لِلْإِنْشَادِ فِي الْمَسْجِدِ
قَالَ الْمُنْذِرِيُّ وَأَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ وَالنَّسَائِيُّ بِمَعْنَاهُ دُونَ الزِّيَادَةِ
ــ
[حاشية ابن القيم، تهذيب السنن]
ذَكَرَ حَدِيث سَعِيد بْن الْمُسَيِّب فِي وَاقِعَة عُمَر وَحَسَّان ثُمَّ قَالَ الْمُنْذِرِيُّ وَسَعِيد بْن الْمُسَيِّب لَمْ يَصِحّ سَمَاعه مِنْ عُمَر فَإِنْ كَانَ سَمِعَ ذَلِكَ مِنْ حَسَّان فَمُتَّصِل
ثُمَّ قال الشيخ شمس الدين بن القيم رحمه الله وَقَدْ تَكَرَّرَ لَهُ فِي هَذَا الْكِتَاب في مواضع وبه يعلل بن الْقَطَّان وَغَيْره حَدِيث سَعِيد عَنْ عُمَر وَهُوَ تَعْلِيل بَاطِل أَنْكَرَهُ الْأَئِمَّة كَأَحْمَد بْن حَنْبَل وَيَعْقُوب بْن سُفْيَان وَغَيْرهمَا
قَالَ أَحْمَد إِذَا لَمْ يُقْبَل سَعِيد بْن الْمُسَيِّب عَنْ عُمَر فَمَنْ يُقْبَل سَعِيد عَنْ عُمَر عِنْدنَا حُجَّة
وَقَالَ حَنْبَل فِي تَارِيخه حَدَّثَنَا أَبُو عَبْد اللَّه يَعْنِي أَحْمَد بْن حَنْبَل حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن جَعْفَر حَدَّثَنَا سَعِيد عَنْ إِيَاس بْن مُعَاوِيَة قَالَ قَالَ سَعِيد بْن الْمُسَيِّب مِمَّنْ أَنْتَ قُلْت مِنْ مُزَيْنَة
قَالَ إِنِّي لَأَذْكُر يَوْم نَعَى عُمَر بْن الْخَطَّاب النُّعْمَان بْن مُقْرِن الْمُزَنِيَّ عَلَى الْمِنْبَر وَهَذَا صَرِيح فِي الرَّدّ عَلَى مَنْ قَالَ إِنَّهُ وُلِدَ لِسَنَتَيْنِ بَقِيَتَا مِنْ خِلَافَة عُمَر
وَقَالَ يَحْيَى بْن سَعِيد الْأَنْصَارِيّ كَانَ سَعِيد بْن الْمُسَيِّب يُسَمِّي رِوَايَة عُمَر بْن الْخَطَّاب لِأَنَّهُ كَانَ أَحْفَظ النَّاس لِأَحْكَامِهِ
وَقَالَ مَالِك بَلَغَنِي أَنَّ عَبْد الله بن عمر كان يرسل إلى بن الْمُسَيِّب يَسْأَلهُ عَنْ بَعْض شَأْن عُمَر وَأَمْره
هَذَا وَلَمْ يُحْفَظ عَنْ أَحَد مِنْ الْأَئِمَّة أَنَّهُ طَعَنَ فِي رِوَايَة سَعِيد عَنْ عُمَر بَلْ قَابَلُوهَا كُلّهمْ بِالْقَبُولِ وَالتَّصْدِيق وَمَنْ لَمْ يَقْبَل الْمُرْسَل قَبِلَ مُرْسَل سَعِيد عَنْ النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم
وَقَالَ الْحَاكِم فِي عُلُوم الْحَدِيث سَعِيد بْن الْمُسَيِّب أَدْرَكَ عُمَر وَعَلِيًّا وَطَلْحَة وَبَاقِي الْعَشَرَة وَسَمِعَ مِنْهُمْ
وَالْمَقْصُود أَنَّ تَعْلِيل الْحَدِيث بِرِوَايَةِ سَعِيد لَهُ عَنْ عُمَر تَعَنُّت بَارِد
[5015]
(وَهِشَامٍ) بِالْجَرِّ عَطْفٌ عَلَى أَبِيهِ فَابْنُ أَبِي الزِّنَادِ يَرْوِي عَنْ أَبِيهِ وَعَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ (مَنْ قَالَ فِي رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَيْ مَنْ هَجَاهُ صلى الله عليه وسلم مِنَ الْمُشْرِكِينَ (إِنَّ رُوحَ الْقُدُسِ مَعَ حَسَّانَ) الْمُرَادُ بِرُوحِ الْقُدُسِ جِبْرِيلُ عليه السلام بِدَلِيلِ حَدِيثِ الْبَرَاءِ عِنْدَ الْبُخَارِيِّ بِلَفْظِ وَجِبْرِيلُ مَعَكَ وَدَالُ الْقُدُسِ يُضَمُّ وَيُسَكَّنُ (مَا نَافَحَ) بِحَاءٍ مُهْمَلَةٍ أَيْ دَافَعَ وَخَاصَمَ الْمُشْرِكِينَ وَهَجَاهُمْ
قَالَ الْمُنْذِرِيُّ وَأَخْرَجَهُ التِّرْمِذِيُّ وَقَالَ حَسَنٌ صَحِيحٌ
[5016]
(والشعراء يتبعهم الغاوون) أَيِ الضَّالُّونَ (إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ) أَيْ مِنَ الشُّعَرَاءِ (وَذَكَرُوا اللَّهَ كَثِيرًا) أَيْ لَمْ يَشْغَلْهُمُ الشِّعْرُ عَنِ الذِّكْرِ
وَفِي الدُّرِّ المنثور أخرج عبد بن حميد وبن أَبِي حَاتِمٍ عَنْ عُرْوَةَ قَالَ لَمَّا نَزَلَتْ وَالشُّعَرَاءُ قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ رَوَاحَةَ يَا رَسُولَ اللَّهِ قَدْ عَلِمَ اللَّهُ أَنِّي مِنْهُمْ فَأَنْزَلَ اللَّهُ إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ
وأخرج بن أَبِي شَيْبَةَ وَعَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ عَنْ أَبِي حَسَنٍ سَالِمٍ الْبَرَّادِ قَالَ لَمَّا نَزَلَتْ وَالشُّعَرَاءُ الْآيَةَ جَاءَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ رَوَاحَةَ وَكَعْبُ بْنُ مَالِكٍ وَحَسَّانُ بْنُ ثَابِتٍ وَهُمْ يَبْكُونَ فَقَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ لَقَدْ أَنْزَلَ اللَّهُ هَذِهِ الْآيَةِ وَهُوَ يَعْلَمُ أَنَّا شُعَرَاءُ أَهَلَكْنَا فَأَنْزَلَ اللَّهُ إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ فَدَعَاهُمْ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فتلا عليهم
وأخرج بن جرير عن بن عَبَّاسٍ يَتَّبِعُهُمُ الْغَاوُونَ قَالَ هُمُ الْكُفَّارُ يَتْبَعُونَ ضَلَالَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ ثُمَّ اسْتَثْنَى مِنْهُمْ فَقَالَ إلا الذين آمنوا وعملوا الصالحات
وأخرج بن أبي حاتم عن بن عَبَّاسٍ وَالشُّعَرَاءُ مِنْهُمُ الَّذِينَ كَانُوا يَهْجُونَ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم
ــ
[حاشية ابن القيم، تهذيب السنن]
وَالصَّحِيح أَنَّهُ وُلِدَ لِسَنَتَيْنِ مَضَتَا مِنْ خِلَافَة عُمَر فَيَكُون لَهُ وَقْت وَفَاة عُمَر ثَمَان سِنِينَ
فَكَيْف يُنْكَر سَمَاعه وَيُقْدَح فِي اِتِّصَال رِوَايَته عَنْهُ وَاَللَّه الْمُوَفِّق لِلصَّوَابِ
وَقَدْ أَخْرَجَاهُ فِي الصَّحِيحَيْنِ وَذَكَرَهُ أَبُو دَاوُدَ عَقِب هَذَا الْحَدِيث عَنْ سَعِيد بْن الْمُسَيِّب عَنْ أَبِي هُرَيْرَة فَذَكَرَ الْحَدِيث بِمَعْنَى مَا تَقَدَّمَ دُون ذكر الزيادة