الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
هذا، وقد كثُرَ في كتابات المعاصرين وصفُ فاطمة بِـ «البتول»
…
و «التبتل» و «الانقطاع للعبادة» ، و «العزلة عن الناس» ، ولا شكَّ في عبادتها وصلاحِها، لكن لم أجد في الآثار المسندة، ولا في كلام السلف الصالح، ولا المحقِّقين من العلماء شيئاً يدل على هذا الانقطاع والعزلة، وهي رضي الله عنها في غِنى كَبيرٍ عن الألقاب والأوصاف المحدَثة التي لا أصل لها.
وهذا أثرٌ
مِن آثار ابتداع الألقابِ للصحابة والآل رضي الله عنهم
-، يَذكرُ اللقبَ أهلُ البدع، ثم يتسرَّب إلى بعض أهل السُّنَّة، ثم يشتهر على لسان غير المحقِّقِين، ثم يُخرَّج له معنى، ثم يُستَنْبط منه فَوائِد! ! وهنا: مَن ذكر اعتزال فاطمة وانقطاعها: الرافضة، ونقل هذه المعاني بعضُ المعاصرين مع ربطها
= والصفوري (ت 894 هـ) في «نزهة المجالس» (2/ 163)، والقسطلاني (ت 923 هـ) في «إرشاد الساري» (6/ 141) ، (9/ 423)، وبا مخرمة الهجراني الحضرمي
…
(ت 947 هـ) في «قلائد النحر» (1/ 273)، والسفيري الشافعي (ت 956 هـ)
…
في «المجالس الوعظية» (2/ 379)، وعلي القاري (ت 1014 هـ) في «مرقاة المفاتيح»
…
(7/ 2769)، والنجم الغزي الدمشقي (ت 1016 هـ) في «حسن التشبه»
…
(8/ 166)، والزرقاني (ت 1122 هـ)، وإسماعيل حقي (ت 1127 هـ)، والصنعاني
…
(ت 1182 هـ) في «الإيضاح في معاني التيسير» (3/ 150 و 764)، وفي «التنوير» أيضاً (3/ 292)، والسفاريني (ت 1188 هـ) في «لوامع الأنوار» (2/ 72 و 386)، والزبيدي (ت 1205 هـ) في «تاج العروس» (28/ 52)، والشوكاني (ت 1250 هـ) في «الفتح الرباني» (9/ 4498)، وفي «السيل الجرار» ، وغيرهم من العلماء.
بالبَتُول والتبَتُّل! !
ومما سبق، يُعلم إحداثُ هذا اللقب بعد القرون الثلاثة الأولى، وهو من محدثات الشيعة، كما في قول ابن العربي ـ السابق ذكره ـ.
ويغني أهل السُّنة والجماعة التمسُّك بماورد في السُّنَّة النبوية، ففيه الغُنيَة الكاملة، ودرء أبواب الغلو التي ولجت منها الرافضة، فيبدأ الأمر بإحداث ألقاب، ثم يُخرَّج لها فضائل افتعالاً، ثم يتبعه أعمال، وقد يتضمن ذلك تفضيل بعض الصحابة على بعض، أو انتقاص بعضهم، وقد سبقت الإشارة في
…
«التمهيد: المبحث الثالث» إلى مسألة تخصيص أحد من آل البيت بِـ
…
عليه السلام، وعليِّ بنِ أبي طالب رضي الله عنها بِـ (كرَّم اللهُ وجهَهُ).
ويكفينا، ويكفي فاطمة رضي الله عنها أنها بضعة نبوية وكذا أخواتها وإخوانها، وأنها «سيدة نساء المؤمنين» ، و «سيِّدة نساء أهل الجنة» ، وما سيأتي من الأحاديث الصحيحة في الباب الثاني، المتعلِّق بفضائلها.
الخلاصة:
اسمها: (فاطمة)، كاسم غيرها تضمَّنَ معنى حسَن، تتسَمَّى به العربُ، وسُمِّي به بعض جدَّاتها. وأما اسم (المنصورة) فورد في حديث مكذوب ـ كما سبق ـ.
ولقبها: (الزهراء)، و (البَتول)، مما ظهر بعد القرون الثلاثة الأولى، مما أحدثته الشيعة. فقد ظهرت دويلاتهم في القرن الرابع الهجري وما بعده.
وذكرهما بعض علماء السُّنة في كتبهم؛ وقد توافقت مصادر السنة والشيعة على أن بدء ظهور هذا اللقب خاصة (الزهراء) في منتصف القرن الرابع الهجري.
والظاهر ـ والله أعلم ـ أن ظهوره أولاً من الشيعة، خاصة «البتول» ، أما «الزهراء» فلا يمكن الجزم بذلك.
أما لقب «البتول» ، فإنه من الرافضة، لذا يُكره إيراده.
وأما لقبُ «الزهراء» فقد استعمَلَهُ عَدَدٌ من علماء الإسلام من القرن الرابع وما بعده، والأحسَنُ اجتنابه.
هذا، وقد يُقال باستخدام هذا اللقب:«الزهراء» ما دام أنْ وُصِفَت: رقيةُ وأمُّ كلثوم ابنتَا النبيِّ صلى الله عليه وسلم بِـ «النورين» كما في لقَبِ عثمان بنِ عفان رضي الله عنه، فيقال كذلك: فاطمة؛ لأنَّ الزهراءَ والنُّورَ في معنى واحد.
ويؤيد ذلك أنْ ذَكرَ لقَبَ «الزهراء» كثيرٌ من علماء الإسلام.
ولا شكَّ أنَّ قولَ المرءِ: فاطمةُ بنتُ النبيِّ - صلى الله عليه وعلى آله وسلم -، أجمَلُ وأفضَلُ مِن قولِه: فاطمةُ الزَّهْرَاء؛ لنِسْبَتِهَا الشَّرِيفَةِ، وللصَّلَاةِ عَلى
…
النبيِّ صلى الله عليه وسلم ، وآلِه، واللَّهُ أعلَمُ بالصَّوابِ.
وأما لقبُ: (الصدِّيقة) ـ وهي صِدِّيقَةٌ حَقِيْقَةٌ ـ فَمِن عمَلِ الرافضة؛ مُقابَلَةً لتلقيب أهل السُّنة عائشةَ وأبيها رضي الله عنهم.
وكنيتُها: (أمُّ أبِيْها) كذا ورد، ويُمَرُّ كما جاء؛ لأن الأمر هنا تاريخي لايتضمن ما تتضمنه الألقاب السابقة، من تمييز لها ـ دون مستند ـ عن بقية أخواتها، وبقية الصحابيات بما فيهن أمهات المؤمنين رضي الله عنهم.
وتُكنى بـ «أم الحسن» ، و «أم الحسنين» .
* * *