الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المبحث السابع:
طلبها ميراث أبيها صلى الله عليه وسلم
-.
27.
[1] قال الإمام البخاري رحمه الله: حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ، قال: حَدَّثَنَا اللَّيْثُ، عَنْ عُقَيْلٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ عُرْوَةَ، عَنْ عَائِشَةَ، أَنَّ فَاطِمَةَ عليها السلام بِنْتَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أَرْسَلَتْ إِلَى أَبِي بَكْرٍ تَسْأَلُهُ مِيرَاثَهَا مِنْ رَسُولِ الله صلى الله عليه وسلم مِمَّا أَفَاءَ الله عَلَيْهِ بِالْمَدِينَةِ، وَفَدَكٍ، وَمَا بَقِيَ مِنْ خُمُسِ خَيْبَرَ، فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ: إِنَّ رَسُولَ الله صلى الله عليه وسلم قَالَ: «لا نُورَثُ، مَا تَرَكْنَا صَدَقَةٌ، إِنَّمَا يَأْكُلُ آلُ مُحَمَّدٍ صلى الله عليه وسلم فِي هَذَا المَالِ» ، وَإِنِّي وَالله لا أُغَيِّرُ شَيْئَاً مِنْ صَدَقَةِ رَسُولِ الله صلى الله عليه وسلم عَنْ حَالِهَا الَّتِي كَانَ عَلَيْهَا فِي عَهْدِ رَسُولِ الله صلى الله عليه وسلم، وَلَأَعْمَلَنَّ فِيهَا بِمَا عَمِلَ بِهِ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم.
فَأَبَى أَبُو بَكْرٍ أَنْ يَدْفَعَ إِلَى فَاطِمَةَ مِنْهَا شَيْئًا، فَوَجَدَتْ فَاطِمَةُ عَلَى أَبِي بَكْرٍ فِي ذَلِكَ، فَهَجَرَتْهُ فَلَمْ تُكَلِّمْهُ حَتَّى تُوُفِّيَتْ، وَعَاشَتْ بَعْدَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم سِتَّةَ أَشْهُرٍ، فَلَمَّا تُوُفِّيَتْ دَفَنَهَا زَوْجُهَا عَلِيٌّ لَيْلَاً، وَلَمْ يُؤْذِنْ بِهَا أَبَا بَكْرٍ وَصَلَّى عَلَيْهَا، وَكَانَ لِعَلِيٍّ مِنَ النَّاسِ وَجْهٌ حَيَاةَ فَاطِمَةَ، فَلَمَّا تُوُفِّيَتِ اسْتَنْكَرَ عَلِيٌّ وُجُوهَ النَّاسِ، فَالْتَمَسَ مُصَالَحَةَ أَبِي بَكْرٍ وَمُبَايَعَتَهُ، وَلَمْ يَكُنْ يُبَايِعُ تِلْكَ الأَشْهُرَ، فَأَرْسَلَ إِلَى أَبِي بَكْرٍ: أَنِ ائْتِنَا وَلا يَأْتِنَا أَحَدٌ مَعَكَ، كَرَاهِيَةً لِمَحْضَرِ عُمَرَ، فَقَالَ عُمَرُ: لا وَالله لا
تَدْخُلُ عَلَيْهِمْ وَحْدَكَ، فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ: وَمَا عَسَيْتَهُمْ أَنْ يَفْعَلُوا بِي، وَالله لآتِيَنَّهُمْ، فَدَخَلَ عَلَيْهِمْ أَبُو بَكْرٍ، فَتَشَهَّدَ عَلِيٌّ، فَقَالَ: إِنَّا قَدْ عَرَفْنَا فَضْلَكَ وَمَا أَعْطَاكَ الله، وَلَمْ نَنْفَسْ عَلَيْكَ خَيْرَاً سَاقَهُ الله إِلَيْكَ، وَلَكِنَّكَ اسْتَبْدَدْتَ عَلَيْنَا بِالأَمْرِ، وَكُنَّا نَرَى لِقَرَابَتِنَا مِنْ رَسُولِ الله صلى الله عليه وسلم نَصِيبَاً، حَتَّى فَاضَتْ عَيْنَا أَبِي بَكْرٍ، فَلَمَّا تَكَلَّمَ أَبُو بَكْرٍ قَالَ: وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَقَرَابَةُ رَسُولِ الله صلى الله عليه وسلم أَحَبُّ إِلَيَّ أَنْ أَصِلَ مِنْ قَرَابَتِي، وَأَمَّا الَّذِي شَجَرَ بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ مِنْ هَذِهِ الأَمْوَالِ، فَلَمْ آلُ فِيهَا عَنِ الخَيْرِ، وَلَمْ أَتْرُكْ أَمْرَاً رَأَيْتُ رَسُولَ الله - صلى الله عليه
وسلم - يَصْنَعُهُ فِيهَا إِلَّا صَنَعْتُهُ، فَقَالَ عَلِيٌّ لِأَبِي بَكْرٍ: مَوْعِدُكَ العَشِيَّةَ لِلْبَيْعَةِ، فَلَمَّا صَلَّى أَبُو بَكْرٍ الظُّهْرَ رَقِيَ عَلَى المِنْبَرِ، فَتَشَهَّدَ، وَذَكَرَ شَأْنَ عَلِيٍّ وَتَخَلُّفَهُ عَنِ البَيْعَةِ، وَعُذْرَهُ بِالَّذِي اعْتَذَرَ إِلَيْهِ، ثُمَّ اسْتَغْفَرَ وَتَشَهَّدَ عَلِيٌّ، فَعَظَّمَ حَقَّ أَبِي بَكْرٍ، وَحَدَّثَ: أَنَّهُ لَمْ يَحْمِلْهُ عَلَى الَّذِي صَنَعَ نَفَاسَةً عَلَى أَبِي بَكْرٍ، وَلا إِنْكَارَاً لِلَّذِي فَضَّلَهُ الله بِهِ، وَلَكِنَّا نَرَى لَنَا فِي هَذَا الأَمْرِ نَصِيبَاً، فَاسْتَبَدَّ عَلَيْنَا، فَوَجَدْنَا فِي أَنْفُسِنَا، فَسُرَّ بِذَلِكَ المُسْلِمُونَ، وَقَالُوا: أَصَبْتَ، وَكَانَ المُسْلِمُونَ إِلَى عَلِيٍّ قَرِيبَاً، حِينَ رَاجَعَ الأَمْرَ المَعْرُوفَ».
[«الجامع الصحيح» (ص 803)، كتاب المغازي، باب غزوة خيبر، حديث رقم (4240)]
تخريج الحديث:
ــ أخرجه الإمام البخاري كما سبق ـ عن يحيى بن بكير.
ــ وأخرجه الإمام مسلم في «صحيحه» (ص 729)، كتاب الجهاد والسِّيَر، حديث (1759) عن محمد بن رافع، عن حُجين.
كلاهما: (ابن بكير، وحُجين) عن الليث، عن عُقيل، عن ابن شهاب الزهري، عن عروة، عن عائشة رضي الله عنها.
عند البخاري: (فلم آلُ فيها عن الخير)، وعند مسلم (عن الحق).
عند البخاري: «فلم يكن يبايع تلك الأشهر» وعند مسلم: «ولم يكن بايع
(1)
تلك الأشهر»، وبقية ألفاظ الحديث سواء.
ــ وأخرجه البخاري في «صحيحه» (ص 591)، كتاب فرض الخُمُس، باب فرض الخُمُس، حديث (3092)، ومسلم في «صحيحه»
…
(ص 730)، كتاب الجهاد والسِّيَر، حديث (1759) من طريق إبراهيم بن سعد، عن صالح، عن ابن شهاب، عن عروة، عن عائشة رضي الله عنها. بنحو حديث عقيل، عن الليث، وفيه: وَكَانَتْ فَاطِمَةُ تَسْأَلُ أَبَا بَكْرٍ نَصِيبَهَا مِمَّا تَرَكَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم مِنْ خَيْبَرَ، وَفَدَكٍ، وَصَدَقَتِهُ بِالمدِينَةِ، فَأَبَى أَبُو بَكْرٍ
(1)
وكذا بلفظ «بايع» عند ابن حبان في «صحيحه» رقم (4823) و (6607)، والطبراني في «مسند الشاميين» رقم (3097).
عَلَيْهَا ذَلِكَ، وَقَالَ: لَسْتُ تَارِكَاً شَيْئَاً، كَانَ رَسُولُ اللَّه صلى الله عليه وسلم يَعْمَلُ بِهِ إِلَّا عَمِلْتُ بِهِ، فَإِنِّي أَخْشَى إِنْ تَرَكْتُ شَيْئًا مِنْ أَمْرِهِ أَنْ أَزِيغَ.
فَأَمَّا صَدَقَتُهُ بِالْمَدِينَةِ فَدَفَعَهَا عُمَرُ إِلَى عَلِيٍّ، وَعَبَّاسٍ، وَأَمَّا خَيْبَرُ، وَفَدَكٌ، فَأَمْسَكَهَا عُمَرُ، وَقَالَ: هُمَا صَدَقَةُ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، كَانَتَا لِحُقُوقِهِ الَّتِي تَعْرُوهُ وَنَوَائِبِهِ، وَأَمْرُهُمَا إِلَى مَنْ وَلِيَ الأَمْرَ، قَالَ: فَهُمَا عَلَى ذَلِكَ إِلَى اليَوْمِ».
قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ (أي: البخاري): «اعْتَرَاكَ افْتَعَلْتَ مِنْ عَرَوْتُهُ، فَأَصَبْتُهُ وَمِنْهُ يَعْرُوهُ وَاعْتَرَانِي» .
هذا لفظ البخاري، وعند مسلم بمثله. وفيه زيادة بعد:(إلى عليٍّ وعبَّاس): «فغلبه عليها عليٌّ» .
ــ وأخرجه البخاري في «صحيحه» (ص 3708)، كتاب فضائل الصحابة، باب مناقب قرابة رسول الله صلى الله عليه وسلم، حديث (3711) من طريق شعيب، عن الزهري، به. بنحوه مختصراً، وفيه:«لا نُورَثُ مَا تَرَكْنَا فَهُوَ صَدَقَةٌ، إِنَّمَا يَأْكُلُ آلُ مُحَمَّدٍ مِنْ هَذَا المَالِ، يَعْنِي مَالَ اللَّهِ، لَيْسَ لَهُمْ أَنْ يَزِيدُوا عَلَى المَأْكَلِ»
…
إلخ.
ــ وأخرجه البخاري في «صحيحه» (ص 766)، كتاب المغازي، باب حديث بني النضير، حديث (3711) عن إبراهيم بن موسى، وفي
…
(ص 1284)، كتاب الفرائض، باب قول النبي صلى الله عليه وسلم: «لانورث،
ما تركنا صدقة»، حديث (6725) عن عبدالله بن محمد.
كلاهما عن هشام.
ــ وأخرجه مسلم في «صحيحه» (ص 730)، كتاب الجهاد والسِّيَر، حديث (1759) من طريق عبدالرزاق.
كلاهما: (هشام، وعبدالرزاق)، عن معمر، عن الزهري، به.
قَالَ أَبُو بَكْرٍ: وَاللَّهِ لا أَدَعُ أَمْرَاً رَأَيْتُ رَسُولَ الله صلى الله عليه وسلم يَصْنَعُهُ فِيهِ إِلَّا صَنَعْتُهُ، قَالَ: فَهَجَرَتْهُ فَاطِمَةُ، فَلَمْ تُكَلِّمْهُ حَتَّى مَاتَتْ.
ــ وأخرجه البخاري في «صحيحه» (ص 1285)، كتاب الفرائض، باب قول النبي صلى الله عليه وسلم:«لانورث، ما تركنا صدقة» ، حديث
…
(6730)، ومسلم في «صحيحه» (ص 730)، كتاب الجهاد والسِّيَر، حديث (1759) من طريق مالك، عن ابن شهاب، عن عروة، عن عائشة رضي الله عنها قالت: إن أزواج النبي صلى الله عليه وسلم حين توفي رسول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم -
أرَدْنَ أن يبعثْنَ عثمان بن عفان إلى أبي بكر، فيسألنه ميراثهن من النبي صلى الله عليه وسلم، قالت عائشة لهن: أليس قد قال رسول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «لا نورث ما تركنا فهو صدقة» . لفظ مسلم.
ــ وأخرجه البخاري في «صحيحه» (ص 765)، كتاب المغازي، باب حديث بني النضير، حديث (4034)، عن أبي اليمان، عن شعيب، عن الزهري، عن عروة، عن عائشة رضي الله عنها قالت: (أَرْسَلَ أَزْوَاجُ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم عُثْمَانَ إِلَى أَبِي بَكْرٍ، يَسْأَلْنَهُ ثُمُنَهُنَّ مِمَّا أَفَاءَ اللَّهُ عَلَى رَسُولِهِ صلى الله عليه وسلم، فَكُنْتُ أَنَا أَرُدُّهُنَّ، فَقُلْتُ لَهُنَّ: أَلا تَتَّقِينَ اللَّهَ، أَلَمْ تَعْلَمْنَ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم كَانَ يَقُولُ:«لا نُورَثُ، مَا تَرَكْنَا صَدَقَةٌ ـ يُرِيدُ بِذَلِكَ نَفْسَهُ ـ إِنَّمَا يَأْكُلُ آلُ مُحَمَّدٍ صلى الله عليه وسلم فِي هَذَا المَالِ» فَانْتَهَى أَزْوَاجُ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم إِلَى مَا أَخْبَرَتْهُنَّ.
قَالَ: فَكَانَتْ هَذِهِ الصَّدَقَةُ بِيَدِ عَلِيٍّ، مَنَعَهَا عَلِيٌّ عَبَّاسَاً فَغَلَبَهُ عَلَيْهَا، ثُمَّ كَانَ بِيَدِ حَسَنِ بْنِ عَلِيٍّ، ثُمَّ بِيَدِ حُسَيْنِ بْنِ عَلِيٍّ، ثُمَّ بِيَدِ عَلِيِّ بْنِ حُسَيْنٍ، وَحَسَنِ بْنِ حَسَنٍ، كِلاهُمَا كَانَا يَتَدَاوَلانِهَا، ثُمَّ بِيَدِ زَيْدِ بْنِ حَسَنٍ، وَهِيَ صَدَقَةُ
…
رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم حَقَّاً).
(1)
(1)
وانظر متون هذا الحديث وطرُقَه من غالب كتُب السُّنَّة في: «المسند المصنف المعلل» لبشار عوَّاد، وجماعة (26/ 387 ـ 394).
…
=
…
وعند الحاكم في «فضائل فاطمة» (ص 127) رقم (177) من طريق أحمد بن عبدالجبار، عن يونس بن بُكير، عن ابن إسحاق، قال: حدثنا صالح بن كيسان، عن عروة، عن عائشة
…
وذكر الحديث، وفي آخره قال أبو بكر لفاطمة: فإن اتهمتني، فَسَلِي المسلمين يخبرونك.
وهذه زيادة منكرة، أحمد بن عبدالجبار العطاردي، ضعيف، وسماعه للسيرة صحيح.
…
«تقريب» (ص 119)، ويونس: صدوق يخطئ. «تقريب» (ص 643)، وصالح بن كيسان: ثقة، ثبت. «تقريب» (ص 307).
غريب الحديث:
ــ (وَلَمْ نَنْفَسْ عَلَيْكَ خَيْرَاً): أي: لم نحسدك، ويقال: نفَس عليه بالشئ؛ إذا لم يَرَه أهلا له، وبَخِل به عليه، قال عياض:(وقوله «نفاسة علي أبي بكر» أي حسداً له، ورغبة وحرصا على ما ناله، ولم يره له أهلاً، وقوله: وما نفسناه عليك ولم ننفس عليك: بمعناه قال أبو عبيد: نفست عليه الشيء أنفس نفاسة إذا لم تره يستاهله).
(1)
* * *
(1)
ينظر: «المجموع المغيث» (3/ 331)، «مشارق الأنوار» للقاضي عياض (2/ 21)، «النهاية» (5/ 96).
28.
[2] قال الإمام البخاري رحمه الله: حدثنا عبدُالله بن يوسف، قال: أخبرنا مالك، عن أبي الزناد، عن الأعرج، عن أبي هريرة رضي الله عنه: أنَّ رسولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قال: «لا يقتسم ورثتي ديناراً، ولا درهماً، ما تركتُ بعد نفقَةِ نسائي، ومَؤونَة عامِلي؛ فهُو صَدَقَةٌ» .
[«الجامع الصحيح» (ص 535)، كتاب الوصايا، باب نفقة القيِّم على الوقف، حديث (2776)]
تخريج الحديث:
أخرجه البخاري ـ كما سبق ـ، وفي (ص 593)، كتاب فرض الخمس، باب نفقة نساء النبي صلى الله عليه وسلم بعد وفاته، حديث (3096) عن عبداللهِ بن يوسف.
وفي (ص 1285)، كتاب الفرائض، باب قول النبي صلى الله عليه وسلم:
…
«لانورث، ماتركنا صدقةٌ» ، حديث (6729) عن إسماعيل بن أبي أويس.
وأخرجه مسلم في «صحيحه» (ص 731)، كتاب الجهاد والسير، حديث (1760) عن يحيى بن يحيى.
ثلاثتهم: عن مالك. وهو في «موطئه» (ص 595) رقم (4190).
وأخرجه مسلم في ـ الموضع السابق ـ من طريق سفيان.
كلاهما: عن أبي الزناد.
وعند مسلم أيضاً من طريق يونس، عن الزهري.
كلاهما: (أبو الزناد، والزهري) عن الأعرج، عن أبي هريرة رضي الله عنه.
ــ لم تُذكر زيادة الدرهم إلا في الموضع الأول عند البخاري برقم
…
(2776).
* * *
29.
[3] قال الإمام أحمد رحمه الله: حَدَّثَنَا عَبْدُالله بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي شَيْبَةَ ـ وَسَمِعْتُهُ
(1)
مِنْ عَبْدِالله بْنِ أَبِي شَيْبَةَ ـ قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ فُضَيْلٍ، عَنِ الْوَلِيدِ بْنِ جُمَيْعٍ، عَنْ أَبِي الطُّفَيْلِ رضي الله عنه قَالَ: لَمَّا قُبِضَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم أَرْسَلَتْ فَاطِمَةُ إِلَى أَبِي بَكْرٍ رضي الله عنهم: أَنْتَ وَرِثْتَ رَسُولَ الله صلى الله عليه وسلم، أَمْ أَهْلُهُ؟ قَالَ: فَقَالَ: لَا، بَلْ أَهْلُهُ. قَالَتْ: فَأَيْنَ سَهْمُ رَسُولِ الله صلى الله عليه وسلم؟ قَالَ: فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ: إِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ الله صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: «إِنَّ اللهَ عز وجل، إِذَا أَطْعَمَ نَبِيَّاً طُعْمَةً، ثُمَّ قَبَضَهُ جَعَلَهُ لِلَّذِي يَقُومُ مِنْ بَعْدِهِ» .
فَرَأَيْتُ أَنْ أَرُدَّهُ عَلَى الْمُسْلِمِينَ. قَالَتْ: (فَأَنْتَ، وَمَا سَمِعْتَ مِنْ رَسُولِ الله صلى الله عليه وسلم أَعْلَمُ).
[«المسند» للإمام أحمد (1/ 191) رقم (14)]
تخريج الحديث:
ــ عبدُالله بن محمد بن أبي شيبة إبراهيم بن عثمان العَبْسي مولاهم، الواسطي الأصل، أبو بكر بن أبي شيبة الكوفي.
ثِقَةٌ، حَافِظٌ، مُتفَقٌ على تَوثِيقِهِ.
(1)
القائل: عبدالله ابنُ الإمام أحمد.
قال الذهبي في «الميزان» : الحافظ، الكبير، الحجة.
وقال: أبو بكر ممن قفز القنطرة، وإليه المنتهى في الثقة.
وقال في «السير» : الإمام العلم، سيد الحفاظ، وصاحب الكتب الكبار «المسند» ، و «المصنف» ، و «التفسير» .
وقال ابن حجر في «التقريب» : ثقة حافظ، صاحب تصانيف.
(ت 235 هـ).
(1)
ــ محمد بن فُضيل بن غَزوان بن جرير الضَّبِّي مولاهم، أبو عبدالرحمن الكوفي.
ثِقةٌ، شِيعي، وليس غالياً في التشَيُّع.
وثَّقَه: ابن معين، وابن سعد وزاد:(وكان صدوقاً كثير الحديث، متشيعاً، وبعضهم لايحتج به). ووثَّقَه: ابن المديني ـ فيما ذكره عنه ابنُ شاهين ـ، ولفظه:(كان ثقة ثبتاً في الحديث، وما أقلَّ سقطَ حديثِه). ووثَّقَهُ: العجلي، والبسوي، وذكره ابن حبان في «الثقات» .
(2)
(1)
ينظر: «الطبقات الكبرى» لابن سعد (6/ 413)، «تاريخ بغداد» (11/ 259)،
…
«تهذيب الكمال» (16/ 34)، «سير أعلام النبلاء» (11/ 122)، «ميزان الاعتدال»
…
(2/ 437)، «تهذيب التهذيب» (6/ 2)، «تقريب التهذيب» (ص 354).
(2)
ذكر ذلك المزي في «تهذيب الكمال» ، ولم أجده في المطبوع من «الثقات» .
قال الدارقطني ـ كما في سؤالات السلمي له ـ: كان ثَبَتًا في الحديثِ، إلا أنَّه كان مُنحرِفًا عن عثمانَ ـ رضي اللَّهُ عن عثمانَ ـ بلغني أنَّ أباه ضرَبَهُ من أولِ الليلِ إلى آخرِه؛ لِيَترحَّمَ على عثمانَ، فلم يَفعلْ.
وتوسَّط فيه جماعة: قال الإمام أحمد: حسن الحديث، وقال أبوزرعة: صدوق من أهل العلم، وقال النسائي: لا بأس به.
قال أبو حاتم: شيخ.
(1)
وصفه بالتشيُّع: ابن سعد، والإمام أحمد، والعجلي، والبسوي، وقال
…
أبو داوود: كان شيعياً محترِقاً.
علَّق الذهبي في «تاريخ الإسلام» على قول أبي داوود بقوله: قلت:
…
(إنما كان متوالياً فقط، مُبَجِّلاً للشيخين، وقد قرأ القرآن على حمزة .. ).
وعلَّق في «السِّيَر» بقوله: (قلتُ: تحرُّقُه على مَن حارب أو نازع الأمر علياً رضي الله عنه وهو مُعظِّمٌ للشيخين رضي الله عنهما، وكان ممن قرأ القرآن على حمزة الزيات، وقد أدرك منصور بن المعتمر، ودخل عليه، فوجده مريضاً، وهذا أوان أول سماعه للعلم).
وقال ابن حبان: كان يغلو في التشيع.
(1)
مروان بن معاوية الفزاري، ثقة، حافظ، وكان يدَلِّس أسماء الشيوخ. «تقريب التهذيب»
…
(ص 555).
قال ابن محرز: (سمعت يحيى ـ أي ابن معين ـ يقول: سمعت محمد بن فضيل ـ وأنا عنده ـ قال له رجل: إن مروان الفزاري
(1)
يزعم أنَّ أباكَ أرادَك ليلةً أنْ تستغفرَ لعُثمان، فلم تَفْعَل؛ فسمعتُهُ يقول: لا والله، ما عَلِمَ اللهُ هذا مِنِّي قطُّ، وما ذَكرتُ عثمانَ قَطُّ إلا بِخَير).
وفي «التعديل والتجريح» للباجي: (قال أحمد بن علي بن مسلم، : حدثنا أبو هشام ـ هو محمد بن يزيد الرفاعي ـ: سمعتُ ابن فضيل يقول: رحِمَ اللهُ عثمان، ولا رَحِمَ مَنْ لا يترَحَّمُ عليه. قال: وسمعتُهُ يحلفُ باللَّهِ أنَّه لَصاحبُ سُنَّةٍ وجماعَةٍ، قال أبو هشام: ورَأيتُ على خُفِّهِ أثَرَ المسْحِ، وصَلَّيتُ خَلْفَهُ مَا لا أحصي، فلَمْ أسمَعْهُ يجهَرُ يَعنِي بالبسملة).
وقال الجوزجاني: زائغ عن الحق.
(2)
وسبق قول الدارقطني بأنه منحرف عن عثمان، وأنه والده ضربه ليلة
…
إلخ.
وقصة الضرب هذه رواها العقيلي في «الضعفاء» فقال: (حدثنا محمد بن إسماعيل الأصبهاني، حدثنا يحيى بن عبد الحميد الحِمَّاني، قال: سمعت
(1)
تحرفت في المطبوع ـ ط. الصميعي ـ إلى: أبي.
(2)
هذه من عباراته التي يطلقها على متشيعة الكوفة. انظر: «التنكيل» للمعلمي (1/ 58، 99، 367)، و «شفاء العليل» لمصطفى السليماني (ص 324).
فُضَيل ـ أو حُدِّثت عنه ـ قال: ضربتُ ابني
(1)
البارحة إلى الصباح؛ أن يترحَّمَ على عثمان رضي الله عنه، فأبى عليَّ).
وهذه القصة ذكرها الذهبي في «السير» ، وغيرِه، ولم يتعقبها، ويظهر
…
ـ واللهُ أعلمُ ـ أنها لا تصحُّ، لثلاث عِلل:
1.
يحيى بن عبد الحميد الحِمَّاني، متَّهم بسرقة الحديث.
(2)
2.
وهو لم يدرك فضيلاً والدَ محمد: فَفُضَيلٌ توفي بعد 140 هـ، وولادة الحمَّاني في حدود (150 هـ).
(3)
3.
أن محمد بن فضيل أنكر أن يكون وقع هذا، ويحلفُ باللَّهِ أنه لم يذكر عثمانَ إلا بخير، كما سبق في نقل ابن معين، فالقصَّةُ مخالفة للصحيح المنقول عنه من ترَحُّمِهِ على عثمان رضي الله عنه.
قال الذهبي في «الميزان» : (كوفي، صدوق، مشهور
…
وكان صاحب حديث ومعرفة). وفي «المغني» : (ثقة مشهور، لكنه شيعي، قال ابن سعد: بعضهم لا يحتج به). وفي «السير» : الإمام، الصدوق، الحافظ، .... على تشيع كان فيه، إلا أنه كان من علماء الحديث، والكمال عزيز.
(1)
تحرفت في المطبوع ـ ط. الصميعي ـ إلى: أبي.
(2)
ستأتي ترجمته في الباب الثالث: مسند فاطمة، حديث رقم (7).
(3)
ينظر: «سير أعلام النبلاء» (10/ 527). أفدتُ من تعليق المحققين لِـ «سؤالات السلمي للدارقطني» (ص 283) رقم (341)، وفاتهم نقل ابن معين.
وقال أيضاً: وقد احتج به أرباب الصحاح.
وقال في «من تُكُلِّم فيه وهو موثق أو صالح الحديث» : شيعي صدوق.
وقال في «الكاشف» : ثقة، شيعي.
قال ابن حجر في «هدي الساري» : (إنما توقَّفَ فيه من توقَّف؛ لتشيُّعِه، وقد قال أحمد بن علي الأبار: حدثنا أبو هاشم، سمعتُ ابن فضيل يقول:
…
«رحِمَ اللهُ عثمانَ، ولا رَحِمَ اللهُ مَن لا يترحَّمُ عَلَيهِ» قال: ورأيتُ عليه آثارَ أهلِ السُّنَّةِ والجماعة رحمه الله، احتَجَّ بِهِ الجماعة).
وقال ابن حجر في «التقريب» : صدوق، عارف، رُمي بالتشيع.
والراجح أنه ثقة، لتوثيق من ذُكر، واحتجاج الشيخين به في صحيحيهما، ولعل مَن أنزله لدرجة الحسَن، لأجل تشيعه، كما قال ابن حجر في «الهدي» ، ويلحظ تردد الذهبي في وصفه، والصحيح أنه ليس غالٍ في التشيع، وهو معظم للشيخين كما قال الذهبي، وكان يترحم على عثمان، ولم تصح القصة في انحرافه عنه ـ والله أعلم ـ.
روى له الجماعة. (ت 195 هـ).
(1)
(1)
ينظر: «الطبقات الكبرى» لابن سعد (6/ 389)، «تاريخ ابن معين» رواية ابن محرز
…
ـ ط. الفاروق ـ (ص 210) رقم (792)، «أحوال الرجال» للجوزجاني (ص 62) رقم (63)، «الثقات» للعجلي (2/ 250) رقم (1635)، «المعرفة والتاريخ» للبسوي
…
(3/ 112)، «الجرح والتعديل» (8/ 57)، «الضعفاء» للعقيلي (4/ 1275)،
…
«سؤالات السلمي للدراقطني» ـ تحقيق جماعة، بإشراف د. سعد الحميِّد، والجريسي ـ
…
(ص 283) رقم (341)، «التعديل والتجريح» (2/ 674)، «تهذيب الكمال»
…
(26/ 293)، «سير أعلام النبلاء» (9/ 173)، «تاريخ الإسلام» (4/ 1199)،
…
«ميزان الاعتدال» (4/ 241)، «الكاشف» (4/ 185)، «من تكلم فيه وهو موثق أو صالح الحديث» (ص 465) رقم (313)، «المغني» (2/ 362)، «تهذيب التهذيب»
…
(9/ 405)، «إكمال تهذيب الكمال» (10/ 312)، «هدي الساري» (ص 441)،
…
«تقريب التهذيب» (ص 532).
ــ الوليد بن عبدالله بن جُمَيع الزهري الخزاعي المكي، نزيل الكوفة، وقد يُنسب إلى جَدِّه.
صدوق يَهِم، ورُمي بالتشيع.
وثقه: ابن سعد، وابن معين ـ في رواية الدارمي ـ، وزاد ـ في رواية ابن محرز ـ:(مأمون، مَرْضِي)، والعجلي، وذكره ابن حبان في «الثقات» وفي
…
«المجروحين» أيضاً.
قال الإمام أحمد، وأبو زرعة، وأبو داوود: لا بأس به. وقال أبو حاتم: صالح الحديث.
قال عمرو بن على الفلاس: كان يحيى بن سعيد لا يُحدثنا عن الوليد بن جميع، فلما كان قبل موته بقليل، حدَّثَنَا عنه.
وقال البزار: رجلٌ من أهل الكوفة، قد حدَّث عنه جماعةٌ، واحتملوا حديثه، وقال في موضع: كانت فيه شيعية شديدة، وقد احتمل أهل العلم حديثه، وحدَّثوا عنه.
أورده ابن حبان في «المجروحين» وقال: (كان ممن ينفرد عن الأثبات مالا يشبه حديث الثقات، فلما فحش ذلك منه، بطل الاحتجاج به).
قال العقيلي: في حديثه اضطراب.
قال الحاكم: لو لم يخرج له مسلم، لكان أولى.
قال مغلطاي: (وخرج أبو عوانة الإسفراييني حديثه في «صحيحه»، وكذلك ابن خزيمة، والحاكم، وأبو علي الطوسي).
قال ابن حجر: صدوق يهم، ورُمي بالتشيع.
وهو الراجح لأن أغلب الأئمة على التوسط فيه، وله أوهام كما في كلام ابن حبان، والعقيلي، والحاكم، لا تنزله عن درجة الاحتجاج به، لذا أخرج له مسلم في «صحيحه» ، والنسائي، وابن خزيمة، وغيرهم.
(1)
(1)
ينظر: «الطبقات الكبرى» لابن سعد (6/ 354)، «تاريخ ابن معين رواية الدارمي»
…
(ص 192) رقم (838)، و «رواية ابن محرز» (ص 143) رقم (403)، «الثقات» للعجلي (2/ 342) رقم (1943)، «الجرح والتعديل» (9/ 8)، «الضعفاء» للعقيلي
…
(4/ 1441)، «البحر الزخار» (1/ 125، 201)، و (7/ 228)، «الثقات» لابن حبان (5/ 492)، «المجروحون» له أيضاً (2/ 420)، «الكامل» لابن عدي (7/ 75)،
…
«تهذيب الكمال» (31/ 35)، «ميزان الاعتدال» (5/ 85)، «من تُكُلِّم فيه وهو مُوثَّق أو صالح الحديث» (ص 530) رقم (365)، «إكمال تهذيب الكمال» (12/ 239)،
…
«التكميل في الجرح والتعديل ومعرفة الثقات والضعفاء والمجاهيل» لابن كثير
…
(2/ 98)، «تهذيب التهذيب» (11/ 138)، «تقريب التهذيب» (ص 612).
ــ أبو الطفيل عامر بن واثلة بن عبد الله بن عمير بن جابر بن حميس بن جزء بن سعد بن ليث كلدة بن حنبل الليثي، وهو أخو صفوان بن أمية لأمه. رضي الله عنه
صحابي جليل، وهو آخر من مات من الصحابة رضي الله عنهم.
ولد عام أحد، أدرك من زمان النبي صلى الله عليه وسلم ثماني سنين، سكن الكوفة، ثم مكة حتى مات بها.
قال الذهبي: خاتم مَن رأى رسول اللهِ صلى الله عليه وسلم في الدنيا.
وقال في «تاريخ الإسلام» : آخر من رأى النبي صلى الله عليه وسلم في الدنيا بالإجماع، وكان من شيعة علي.
وقال وهب بن جرير: سمعت أبي يقول: كنت بمكة سنة عشر ومئة، فرأيت جنازة، فسألت عنها، فقالوا: هذا أبو الطفيل.
علق الذهبي بقوله: هذا هو الصحيح من وفاته لثبوته، ويعضده ما قبله.
ولو عُمِّرَ أحَدٌ بعْدَهُ كما عُمِّرَ هُوَ بَعْدَ النبي صلى الله عليه وسلم لعاش إلى سنَة
بضع ومئتين.
قال ابن حجر: توفي سنة (110 هـ) على الصحيح، وهو آخر من مات من الصحابة، قاله مسلم، وغيره.
(1)
تخريج الحديث:
ــ أخرجه الإمام أحمد، وابنه في «المسند» ـ كما سبق ـ، ومن طريق الإمام أحمد:[الضياء في «الأحاديث المختارة» (1/ 129) رقم (42)].
ــ ويعقوب بن شيبة ـ كما في «جامع الآثار» لابن ناصر الدين الدمشقي (7/ 355) ـ، وابن شبَّه في «تاريخ المدينة» (1/ 198)،
…
والمروزي في «مسند أبي بكر» (ص 146) رقم (78)، وأبو يعلى في
…
«مسنده» (1/ 40) رقم (37)، ومن طريقه:[الضياء في «الأحاديث المختارة» (1/ 130) رقم (43)].
ــ وأخرجه: ابن عبدالبر في «التمهيد» (8/ 167) من طريق محمد بن وضَّاح.
(1)
ينظر: «الطبقات الكبرى» لابن سعد (5/ 457)، «معرفة الصحابة» لأبي نعيم
…
(5/ 2943)، «الاستيعاب» لابن عبدالبر (4/ 1696)، «تهذيب الكمال» (14/ 79)، «سير أعلام النبلاء» (3/ 467)، «تاريخ الإسلام» (2/ 1201)، «الإصابة»
…
(7/ 193)، «تقريب التهذيب» (ص 324).
سبعتهم: (أحمد، وابنه، ويعقوب بن شيبة، وابن شبَّه، والمروزي،
…
وأبو يعلى، والبزار، ومحمد بن وضاح) عن أبي بكر ابن أبي شيبة.
ــ وأخرجه: أبو داوود في «سننه» (ص 337)، كتاب الخراج، باب في صفايا رسولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم من الأموال، حديث (2973) عن عثمان بن أبي شيبة.
ــ والبزار في «البحر الزخار» (1/ 124) رقم (54) عن عبدالله بن سعيد الكندري.
ــ والحاكم في «فضائل فاطمة» (ص 148) رقم (225)، والبيهقي في «السنن الكبرى» (6/ 303) من طريق أحمد بن عبدالجبار العطاردي.
أربعتهم: (أبو بكر ابن أبي شيبة، وعثمان ابن أبي شيبة، وعبدالله الكندري، وأحمد العطاردي) عن محمد بن فُضيل، عن الوليد بن جُميع، عن أبي الطُفيل رضي الله عنه، به.
ــ عند أبي داوود: لم يذكر سؤال فاطمة: مَنْ يرثك؟ ولا كلامَها الأخير.
ــ عند ابن شبه، والمروزي، وأبي يعلى، وابن عبدالبر: قالت فاطمة رضي الله عنها لأبي بكر رضي الله عنه: مالَكَ ياخليفة رسول الله؟ !
ــ وعند يعقوب، والبزار، والحاكم، والبيهقي: ياخليفة رسول الله.
أقوال العلماء في الحديث:
قال يعقوب بن شيبة: (حديث كوفي، صالح الإسناد من هذا الوجه، وأبو الطفيل له صحبة، ولا أدري سمع هذا من أبي بكر أم لا؟ لا يبين فيه سماعاً ـ والله أعلم ـ).
(1)
ـ إذا لم يثبت سماعه هذا الحديث، فهو من مراسيل الصحابة، وهي حجة.
قال البزار عقب الحديث: (وهذا الحديث لا نعلم أحداً رواه بهذا اللفظ، إلا أبو بكر عن النبي صلى الله عليه وسلم، ولا نعلم له طريقاً عن أبي بكر، إلا هذا الطريق، وأبو الطفيل قد روى عن النبي صلى الله عليه وسلم أحاديث، والوليد بن جُميع رجلٌ من أهل الكوفة، قد حدَّثَ عنه جماعةٌ، واحتملوا حديثه).
قال ابن عبد البر: (وهو حديث لا تقوم به حجة، لضعفه).
(2)
وقال ابن عبدالبر: (فإن قيل: ما معنى قول أبي بكر لفاطمة: «بل ورثه أهله» يعني: رسولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم، وهو يقول: «لا نورث ما تركنا
(1)
«جامع الآثار» لابن ناصر الدين (7/ 355).
فائدة: هذا الحديث بإسناد يعقوب بن شيبة، مع تعليقه، مما يُستدرك به على «الموسوعة العلمية الشاملة عن الحافظ يعقوب بن شيبة» تأليف د. علي الصياح.
(2)
«الاستذكار» (14/ 190).
صدقة»؟
قيل له: معناه على تصحيح الحديثَين أنه لو تخلَّف رسول الله صلى الله عليه وسلم شيئاً يُورَث؛ لَوَرِثَهُ أهلُه، فكأنه قال: بل وَرِثَهُ أهلُه إن كان خلَّفَ شيئاً، وإن كان لم يتخلَّف شيئاً يُورَث، لأن ما تخلَّفه صدقةٌ راجعةٌ في منافع المسلمين، من الكراع والسلاح وغيرها، فأيُّ شيءٍ يرِثُ عنه أهلُه وهو لم يُخلِّف شيئاً؟ !
فإن قيل: فما معنى قول أبي بكر عن النبي صلى الله عليه وسلم: «إذا
…
أطعمَ اللهُ نبياً طُعمة، ثم قبضَه جعلَه لِلَّذِي يقوم بعده»؟
قيل له: اللام في قوله: «للذي» ليست لام الملك، وإنما هيَ بمعنى إلى، كما قال الله عز وجل
…
:
…
{الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي هَدَانَا لِهَذَا} الأعراف: 43 أي: هدانا إلى هذا، ألا ترى إلى قوله: {وَإِنَّكَ لَتَهْدِي إِلَى
…
صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ
…
} الشورى: 52، ومثله قوله عز وجل:{بِأَنَّ رَبَّكَ أَوْحَى لَهَا} الزلزلة: 5، معناه: أوحى إليها.
فكأنه قال: جعلَهُ إلى الذي بعده، يقوم فيه بما يجب، على حسب ما قدمناه ذكرَه، والأحاديث الصحاح، ولسان العرب كلُّ ذلك يدُلُّ على ما ذكرنا).
(1)
(1)
«التمهيد» (8/ 168).
وقال الذهبي: (رواه أحمد في «مسنده»، وهو منكر، وأنكر ما فيه قوله: «لا، بل أهله»).
(1)
وقال ابن حجر: (ورجاله ثقات، أخرج لهم مسلم، لكنَّه شاذ المتن؛ لأن ظاهره إثبات كَونِ النبي صلى الله عليه وسلم يُورَث، وهو مخالف للأحاديث الصحيحة المتواترة).
(2)
وقال أيضاً: (فيه لفظة منكرة، وهي قول أبي بكر: «بل أهله»؛ فإنه معارض للحديث الصحيح أن النبي لا يورث).
(3)
وذكر ابن كثير الحديثَ بإسناد أحمد ومتنه، وتخريج أبي داوود، ثم قال: (في لفظ هذا الحديث غرابة ونكارة، ولعلَّه رُوِي بمعنى ما فهمه بعض الرواة، ومنهم من فيه تشيُّع، فليُعلَم ذلك. وأحسن ما فيه قولها:«أنت وما سمعت من رسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم» . وهذا هو المظنون بها، واللائق بأمرها وسيادتها وعلمها ودينها رضي الله عنها.
وكأنها سألتَهُ بعد هذا أن يجعل زوجها ناظراً على هذه الصدقة، فلم يجبْهَا إلى ذلك ; لما قدمناه، فتعتَّبَتْ عليه بسبب ذلك، وهي امرأةٌ من بني آدم،
(1)
«تاريخ الإسلام» (2/ 17).
(2)
«موافقة الخُبر الخَبَر في تخريج أحاديث المختصر» (2/ 179).
(3)
«فتح الباري» لابن حجر (6/ 202).
تأسَفُ كما يأسفون، وليسَتْ بواجِبَةِ العِصمة مع وجودِ نصِّ رسولِ الله صلى الله عليه وسلم، ومخالفةِ أبي بكر الصديق رضي الله عنه وأرضاه، وقد رُوِّينا عن أبي بكر رضي الله عنه أنه ترضَّى فاطمةَ وتلاينها قبل موتها، فرَضِيَتْ رضي الله عنها).
(1)
والحديث حسَّنه الألباني.
(2)
الراجح: أن الحديث حسَن؛ لأجل الوليد بن جميع، وهو صدوق يهم.
ولعل اللفظة المنكرة التي أشار إليها الذهبي، وابن حجر، من أوهام الوليد. لذا قال ابن كثير: ولعله روي بمعنى ما فهمه بعض الرواة.
ولها محمل كما في توجيه ابن عبدالبر، وإن كان تأويلاً بعيداً، فالأقرب
…
ـ والله أعلم ـ أنها وهم من الوليد بن جميع.
شواهد:
1.
حديث سعد بن تميم رضي الله عنه.
أخرجه: البخاري في «التاريخ الكبير» (4/ 46)، ومن طريقه:
…
[البيهقي في «الجامع لشعب الإيمان» (9/ 467) رقم (6971)]، والبسوي في «المعرفة والتاريخ» (1/ 279)، وابن أبي عاصم في «الآحاد والمثاني» (4/ 406) رقم (2455)، وابن قانع في «معجم الصحابة»
(1)
«البداية والنهاية» (8/ 195).
(2)
«إرواء الغليل» (5/ 76) رقم (1241).
(1/ 255)، والطبراني في «المعجم الكبير» (6/ 45) رقم (5461)، والسهمي في «تاريخ جرجان» (ص 493)، وأبو نعيم في «معرفة الصحابة» (3/ 1279) رقم (3211)، وابن عبد البر في «الاستيعاب» (2/ 583)، وابن عساكر في «تاريخ دمشق» (35/ 104) من طُرُقٍ عن الوليد بن مسلم، قال: حدَّثنا عبدالله بن العلاء بن زَبْر، وغيره، أنهما سمعا بلال بن سعد، يحدث عن أبيه سعد بن تميم السكوني ـ وكان من الصحابة ـ قال: قيل:
…
يا رسول الله، ما للخليفة من بعدك؟ قال:«مثل الذي لي، ما عدل في الحكم، وقسط في القسط، ورحم ذا الرحم، فمَن فعل غير ذلك، فليس مني ولست منه» .
وهذا سند جيِّد. بلال بن سعد بن تميم الأشعري، ثقة، عابد. «تقريب» (ص 168). وعبدالله بن العلاء بن زبر، ثقة. «تقريب» (ص 351)، الوليد بن مسلم القرشي، الدمشقي. ثقة، كثير التدليس والتسوية. «تقريب»
…
(ص 614).
2.
حديث أم هانئ رضي الله عنها.
أخرجه: ابن سعد في «الطبقات الكبرى» (2/ 314)، وابن شبه في
…
«تاريخ المدينة» (1/ 197)، والبلاذري في «فتوح البلدان» (ص 40)، والطحاوي في «شرح معاني الآثار» (3/ 308) رقم (5437، 5438)، والحاكم في «فضائل فاطمة» (ص 149)(226)، وابن عبدالبر في
…
«التمهيد» (8/ 167) من طريق محمد بن السائب الكلبي، عن أبي صالح، عن أم هانئ رضي الله عنها أن فاطمة رضي الله عنها قالت لأبي بكر رضي الله عنه:
…
(مَنْ يرِثُكَ إذا مِتَّ؟ قال: ولَدِي، وأهلي. قالت: فما لَكَ ورِثْتَ النبيَّ دونَنا؟ فقال: يا بنت رسول الله، إني واللهِ ما ورِثْتُ أباك أرضاً، ولا ذهبَاً، ولا فضةً، ولا غُلَاماً، ولا مالاً.
قالت: فسهمُ اللَّهِ الذي جعله لنا، وصافيتنا التي بِيَدِك؟ فقال: إني سمعتُ رسول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يقول: «إنما هي طعمة أطعمنيها الله، فإذا متُّ كان بين المسلمين» .
لفظ ابن سعد.
والباقون بنحوه.
وعند الحاكم في آخره: وفي آخره: أنت ورسول الله أعلم، ما أسألُكهُ بعد مجلسي هذا.
وهذا الحديث واهٍ لايصح، عِلَّته محمد بن السائب الكلبي، متهم بالكذب، ورمي بالرفض. «تقريب التهذيب» (ص 510).
ومع أنه متروك إلا أنه اختُلِف عليه، فقد سئل الدراقطني عن هذا الحديث فقال: (هو حديث يرويه الكلبي، واختلف عنه:
فقال إسماعيل بن عياش، عن الكلبي، عن أبي صالح، عن أم هانئ،
عن فاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم، قالت: دخلت على أبي بكر، فقلت: أرأيت لو مت من كان يرثك؟
وخالفه سفيان الثوري، والمغيرة بن مسلم، فروياه عن الكلبي، عن أبي صالح، عن أم هانئ؛ أن أبا بكر قال لفاطمة).
(1)
3.
حديث عمر بن الخطاب رضي الله عنه.
ــ أخرجه: ابن سعد في «الطبقات الكبرى» (2/ 315) قال: أخبرنا محمد بن عمر، قال: أخبرنا هشام بن سعد، عن زيد بن أسلم، عن أبيه، قال: سمعت عمر رضي الله عنه يقول: ) لما كان اليوم الذي توفي فيه رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم بُويع لأبي بكر في ذلك اليوم ، فلما كان من الغد جاءت فاطمة إلى أبي بكر، معها علي، فقالت: ميراثي من رسول اللهِ أبي صلى الله عليه وسلم؟
فقال أبو بكر: أمن الرثة أو من العقد؟ قالت: فدك، وخيبر، وصدقاته بالمدينة، أرِثُهَا كما يرثُكَ بناتُكَ إذا مِتَّ.
فقال أبو بكر: أبوكِ والله خَيرٌ منِّي، وأنتِ والله خَيرٌ مِن بنَاتِي ، وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:«لا نورث ، ما تركنا صدقة» . يعني: هذه الأموال القائمة، فتعلَمِين أنَّ أباكِ أعطاكها؟ فوالله لئن قلتِ نعم لأقبلَنَّ قولَكِ ولأُصدِّقَنَّكِ؟
(1)
«العلل» للدراقطني (1/ 231) رقم (34).
قالت: جاءتني أم أيمن فأخبرتني أنه أعطاني فدَك. قال: فسمعتِه يقول هيَ لكِ؟
فإذا قلتِ: قد سمعتُه، فهي لكِ، فأنا أصدِّقُكِ، وأقبلُ قولَكِ.
قالت: قد أخبرتك ما عندي.
وهذا باطل، فيه الواقدي ـ وهو متروك ـ.
(1)
وسبق بيان هذه المسألة في المبحث الرابع.
4.
حديث أبي هريرة رضي الله عنه.
ــ أخرجه: أحمد في «مسنده» (1/ 241) رقم (79)، و (14/ 283) رقم (8636).
والترمذي في «جامعه» رقم (1609)، وفي «العلل الكبير» (2/ 688) رقم (286) عن علي بن عيسى.
والمروزي في «مسند أبي بكر الصديق» (ص 112) رقم (54) عن أبي خيثمة.
والبزار في «البحر الزخار» (1/ 80) رقم (26) عن إبراهيم بن زياد.
والبيهقي في «السنن الكبرى» (6/ 302) من طريق عباس الدوري.
(1)
ستأتي ترجمته في الباب الثالث: مسند فاطمة، الحديث رقم (13).
وابن عساكر في «معجمه» (1/ 413) رقم (497) من طريق الحارث بن أسامة، ويحيى بن أبي طالب.
سبعتهم: (الإمام أحمد، وعلي بن عيسى، وأبو خيثمة، وإبراهيم بن زياد، وعباس الدوري، والحارث بن أسامة، ويحيى بن أبي طالب) عن
…
عبد الوهاب بن عطاء قال: حدثنا محمد بن عمرو، عن أبي سلمة، عن أبي هريرة، أن فاطمة جاءت أبا بكر، وعمر، تسأل ميراثها من رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقالا: سمعنا رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «إني لا أورث» .
قالت: والله لا أكلمكما أبداً، فماتت ولا تكلمهما.
قال علي بن عيسى: معنى «لا أكلمكما» ، تعني: في هذا الميراث، أبداً أنتما صادقان.
(1)
(1)
قال ابن حجر في «فتح الباري» لابن حجر (6/ 202): (وتعقبه الشاشي بأن قرينة قوله غضبت، تدل على أنها امتنعت من الكلام جملةً، وهذا صريح الهجر).
وتعقبه المقريزي أيضاً في «إمتاع الأسماع» (13/ 158) بقوله: (تأويل علي بن عيسى بن يزيد البغدادي هذا، غير موافق عليه، فقد روى الليث، عن عقيل، عن ابن شهاب، عن عروة، عن عائشة:«طلبت فاطمة ميراثها في أبيها من أبي بكر، وفي الحديث: فوجدت فاطمة على أبي بكر في ذلك فهجرته فلم تكلِّمْه حتى توفيت» . اتَّفَقَ البخاريُّ ومسلمٌ على إخراج هذا الحديث، وهذه اللفظة فيه.
…
وروى إبراهيم بن سعد، عن صالح بن كيسان، عن ابن شهاب هذا الحديث بهذا الإسناد وفيه:«فغضبت فاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم فهجرت أبا بكر فلم تزل مهاجرته حتى توفيت» . واتفقا أيضاً على هذا الحديث، وانفرد البخاريُّ بهذا اللفظ دون مسلم).
وانظر: «جامع الآثار» لابن ناصر الدين (7/ 352 ـ 353).
وانظر ما سيأتي في: الباب الثاني: الفصل الثالث: المبحث الأول.
قال الترمذي: وقد روي هذا الحديث من غير وجه، عن أبي بكر الصديق، عن النبي صلى الله عليه وسلم.
هذا لفظ الترمذي من «جامعه» ، وليس عند أحمد قول فاطمة الأخير.
وأخرج الترمذي أيضاً في «جامعه» رقم (1608)، وفي «العلل الكبير» (2/ 688) رقم (286)، وفي «الشمائل» ـ ط. الغرب ـ رقم
…
(400)، والبزار في «البحر الزخار» (1/ 80) رقم (25) عن محمد بن المثنى قال: حدثنا أبو الوليد قال: حدثنا حماد بن سلمة، عن محمد بن عمرو، عن أبي سلمة، عن أبي هريرة قال: جاءت فاطمة إلى أبي بكر، فقالت: من يرثك؟ قال: أهلي، وولدي، قالت: فما لي لا أرث أبي؟ فقال أبو بكر: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «لا نورث» ، ولكني أعول من كان
…
رسول الله صلى الله عليه وسلم يعوله، وأنفق على من كان رسول الله صلى الله عليه وسلم ينفق عليه).
لفظ الترمذي. وقال في «جامعه» : (وفي الباب عن عمر، وطلحة، والزبير، وعبد الرحمن بن عوف، وسعد، وعائشة.
وحديث أبي هريرة حديث حسن غريب من هذا الوجه، إنما أسنده حماد بن سلمة، وعبد الوهاب بن عطاء، عن محمد بن عمرو، عن أبي سلمة، عن أبي هريرة.
وسألتُ محمداً ـ أي البخاري ـ عن هذا الحديث؟
فقال: «لا أعلم أحداً رواه عن محمد بن عمرو، عن أبي سلمة، عن أبي هريرة، إلا حمادُ بن سلمة» .
قال الترمذي: وقد رواه عبد الوهاب بن عطاء، عن محمد بن عمرو، عن أبي سلمة، عن أبي هريرة، نحو رواية حماد بن سلمة).
ولفظ البزار مختصراً.
ــ وأخرجه أحمد في «مسنده» (1/ 226) رقم (60) عن حدثنا عفان، قال: حدثنا حماد بن سلمة، عن محمد بن عمرو، عن أبي سلمة، أن فاطمة قالت لأبي بكر: من يرثك إذا مت؟ قال: ولدي وأهلي. قالت: فما لنا لا نرث النبي صلى الله عليه وسلم؟ قال: سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول: «إنَّ النبيَّ لا يُورَث» ، ولكني أعولُ مَن كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يَعولُ، وأُنفِقُ على من كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يُنفِق.
كذا مرسلاً، ليس فيه أبو هريرة.
قال البزار في «البحر الزخار» (1/ 80) رقم (26): (وهذا الحديث لا نعلم أحداً رواه فوصله إلا حماد بن سلمة، وعبد الوهاب؛ وغيرُهما يرويه عن محمد بن عمرو، عن أبي سلمة، مرسلاً).
وقد رجَّح الوجه المرسلَ الدراقطنيُّ، فقد سئل عن هذا الحديث كما في
…
«العلل» (1/ 218) رقم (25)، فقال:
(هو حديث رواه محمد بن عمرو، عن أبي سلمة، واختُلف عنه فيه:
فرواه حماد بن سلمة، من رواية أبي الوليد الطيالسي، ويحيى بن سلام، عنه، فأسنداه عنه، عن محمد بن عمرو، عن أبي سلمة، عن أبي هريرة، عن أبي بكر.
وخالفهما عفان بن مسلم، فرواه عن حماد بن سلمة، عن محمد بن عمرو، عن أبي سلمة، مرسلاً عن أبي بكر، لم يذكر فيه أبا هريرة.
وتابعه عبد العزيز بن محمد الدراوردي، وأنس بن عياض، وغيرُ واحد، عن محمد بن عمرو، عن أبي سلمة، لم يذكروا فيه أبا هريرة.
ورواه عبد الوهاب بن عطاء الخفاف، عن محمد بن عمرو، فأسنده عن أبي سلمة، عن أبي هريرة، عن أبي بكر، وعمر رضي الله عنهما، عن النبي صلى الله عليه وسلم.
وروى نحو هذا الحديث، وهذا المعنى، شيخٌ لأهل البصرة، يقال له:
سيف بن مسكين، حدَّث به عن سعيد بن أبي عروبة، عن قتادة، عن سعيد بن المسيب، عن أبي هريرة، عن أبي بكر.
وزاد فيه ألفاظاً لم يأت بها غيرُه.
وسيف بن مسكين، هذا ليس بالقوي.
(1)
ولم يُتابَع على روايته هذه عن سعيد.
وليس بمحفوظ عن قتادة من هذا الوجه، ولا غيره.
(2)
(1)
سيف بن مسكين السلمي، قال عنه ابن حبان:(شيخ من أهل البصرة، يروي عن سعيد بن أبي عروبة، ومعمر بن يزيد، عن قتادة، يأتي بالمقلوبات والأشياء الموضوعات، لا يحل الاحتجاج به؛ لمخالفته الثبات في الرويات، على قِلَّتها).
ينظر: «المجروحون» (1/ 441)، «لسان الميزان» (4/ 222).
(2)
حديث سيف بن مسكين الذي أشار إليه الدارقطني واستنكره:
أخرجه: ابن الأعرابي في «معجمه» (3/ 1112) رقم (2401)، وابن حبان في
…
«المجروحين» (1/ 441)، أخرجه الحاكم في «فضائل فاطمة» (ص 118) رقم
…
(155)، والخطيب في «الموضح» (2/ 151) طريق سيف بن مسكين، عن قتادة، عن سعيد بن المسيب، عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: لما قبض رسول الله صلى الله عليه وسلم أرسلت فاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى أبي بكر: من يرثُ الميت إذا مات؟
فأرسل إليها: يرثه أهلُه، وولدُه.
فأرسلت إليه: مالِرسول الله صلى الله عليه وسلم لم يرثْه أهلُه وولدُه؟ !
فأرسل إليها: إنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يترك أرضاً، ولا داراً، ولاعبداً، ولا أمةً، ولا ديناراً، ولادرهماً.
فأرسلت إليه: إن كان رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يترك أرضاً، ولا داراً، ولاعبداً، ولا أمةً، ولا ديناراً، ولادرهماً، فقد ترك «فَدَك» صافية محمدٍ، وسهم ذوي القربى.
فأرسل إليها: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم حدَّثني: «إن الله يُطعمُ النبي وأهلَه الطُّعمَةَ، فإذا قبَضَهُ، رُفِعَت عنهم» .
هذا لفظ الحاكم، وهو عند ابن الأعرابي، وابن حبان، مختصراً، والخطيب ذكر طرفاً منه.
وعند الحاكم رواه سيف، عن عمر بن عامر، والباقون ذكروا أنه رواه عن قتادة، فلا أدري أهو خطأ مطبعي أم تصحيف من مطبوعة «فضائل الحاكم» ، فإنها كثير التصحيف، أو من ضعف سيف، وعلى كلٍّ فالحديث ضعيف جداً.
والصحيح من هذا الحديث: المرسل؛ لكثرة من رواه من الحفاظ عن محمد بن عمرو، مرسلاً.
وروي عن حماد بن سلمة، عن محمد بن إسحاق، عن الزهري، عن أبي سلمة، عن أبي هريرة، عن أبي بكر.
وليس ذلك بمحفوظ، ولا هذا من حديث الزهري.
والصحيح ما تقدم ذكره عن حماد بن سلمة، عن محمد بن عمرو، عن أبي سلمة). انتهى كلام الدارقطني رحمه الله.
الحكم على الحديث:
الحديث ـ محل الدراسة ـ حديثٌ حَسَنٌ؛ لأجل الوليد بن جميع، وهو صدوق يهم.
واللفظة المنكرة، وهي قول أبي بكر:«بل أهله» ؛ لعلها من أوهام الوليد، وسبق بيان ذلك في التخريج ـ والله أعلم ـ.
غريب الحديث:
ــ (طُعْمَةً): قال الزمخشري: (الطعمة: الرزق وَالْأكل يُقَال: جعلت هَذِه الضَّيْعَة طعمة لفُلَان، وَيُقَال للمأدبة: الطعمة. وَكَأن الطّعْم وطعمة بِمَعْنى إِلَّا أَن الطعمة أخص مِنْهُ).
وقال ابن الأثير: (الطعمة بالضم: شبه الرزق، يريد به ما كان له من الفيء وغيره. وجمعها طُعَمٌ).
(1)
* * *
(1)
ينظر: «الفائق» (2/ 363)، «النهاية» (3/ 126)، «لسان العرب» (12/ 365).
الدراسة الموضوعية:
دلَّت الأحاديث الصحيحة على أن النبي صلى الله عليه وسلم لا يورث، وماتركه، فهو صدقة.
وهو من خصائصه صلى الله عليه وسلم
(1)
،
وقد أجمع على ذلك الصحابة رضي الله عنهم، ومَن بعدهم، ولم يخالف في ذلك إلا الرافضة.
(2)
(1)
قال ابن الملقن: ما الحكمة في كون الأنبياء ــ عليهم الصلاة والسلام ـ لا يُورَثون؟ فيه أوجه:
أحدها: لئلا يتمنى قريبهم موتهم فيهلك بذلك.
ثانيها: لئلا ينفر الناس عنهم ويظنوا فيهم الرغبة في الدنيا وجمعها لوراثهم بهم.
ثالثها: لئلا يفتن بعض الذين أسلموا وتابعوهم بظنهم فيهم الرغبة والجمع لوراثهم.
«غاية السول في خصائص الرسول» لابن الملقن (ص 169)، وبنحوه في «التوضيح لشرح الجامع الصحيح» لابن الملقن أيضاً (18/ 385)، وانظر:«شرح النووي على مسلم» (12/ 74)، «منهاج السنة» لابن تيمية (4/ 207)، «فتح الباري» لابن حجر (12/ 8)، «الخصائص الكبرى» للسيوطي (2/ 249)، «جمع الوسائل في شرح الشمائل» لملا علي قاري (2/ 225).
فائدة: قال النووي: جمهور العلماء على أن جميع الأنبياء ــ صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين ـ لا يُورَثون
…
وذكر أن هذا هو الصواب. «شرح النووي على مسلم»
…
(12/ 81).
(2)
انظر: «منهاج السنة» لابن تيمية (4/ 220).
وقال ابن كثير في «الفصول في سيرة الرسول» (ص 328): (وقد أجمع على ذلك أهلُ الحلِّ والعَقْد، ولا التفات إلى خرافات الشيعة والرافضة، فإنَّ جهلَهم قد سارَتْ به الرُّكبَان).
ونقل الإجماع أيضاً: ابن بطال، وابن عبدالبر، وابو الوليد الباجي، وغيرهم.
انظر: «شرح صحيح البخاري» (5/ 265)، «التمهيد» لابن عبدالبر (8/ 160)،
…
و «المنتقى شرح الموطأ» للباجي (7/ 317)، و «الإمتاع بما تعلق بالنبي صلى الله عليه وسلم من إجماع» لأحمد بن غانم الأسدي (ص 152 ـ 155).
وقد خفيت هذه الأحاديث على زوجات النبي صلى الله عليه وسلم، أوَّل الأمر، وأرَدْنَ بعثَ عثمانَ إلى أبي بكر، ليسألَه عن ميراثهن، فأخبرتهن عائشة بالحديث.
قال ابن كثير رحمه الله: (والظاهر أن بقية أمهات المؤمنين وافقْنَها على ما روت).
(1)
وقد خَفِيَ أيضاً على فاطمة رضي الله عنها فجاءت تطالب أبا بكر رضي الله عنه بميراثها من أبيها صلى الله عليه وسلم، ويرد كثيراً على بعض الصحابة والتابعين، ومَن بعدهم، خفاءُ بعض النصوص النبوية، لكنها لا تخفى على جميعهم، ومن اليقين أن لا أحد يحيط بجميع نصوص الشريعة.
(1)
«البداية والنهاية» (8/ 186).
قال ابنُ تيمية رحمه الله: (وليُعلَم أنه ليس أحدٌ من الأئمة ـ المقبولين عند الأمة قبولاً عاماً ـ يتعمَّد مخالفة رسول الله صلى الله عليه وسلم في شيء من سنته؛ دقيقٍ ولا جليلٍ.
فإنهم متفقون اتفاقاً يقينياً على وجوب اتباع الرسول صلى الله عليه وسلم.
وعلى أنَّ كلَّ أحدٍ من الناس يؤخذ من قولِه ويُترك، إلا رسول الله صلى الله عليه وسلم.
ولكن إذا وُجِدَ لواحدٍ منهم قَولٌ قد جاء حَديثٌ صَحيحٌ بخلافه، فلا بُدَّ له من عُذْرٍ في تركه.
وجميع الأعذار ثلاثة أصناف:
أحدها: عدم اعتقاده أن النبي صلى الله عليه وسلم قاله.
والثاني: عدم اعتقاده إرادة تلك المسألة بذلك القول.
والثالث: اعتقاده أن ذلك الحكم منسوخ.
وهذه الأصناف الثلاثة تتفرع إلى أسباب متعددة:
(1)
السبب الأول:
أن لا يكون الحديث قد بلَغَهُ، ومَنْ لم يَبْلُغْه الحديثُ لم يُكلَّف أن يكون عالماً بمُوجبِه، وإذا لم يكن قد بلَغَهُ ــ وقد قال في تلك القضية بمُوجِب ظاهرِ
(1)
ذكر شيخ الإسلام عشرةَ أسباب.
آيةٍ أو حديثٍ آخر؛ أو بمُوجِب قياس؛ أو موجب استصحاب ــ، فقد يُوافِقُ ذلك الحديث تارةً، ويخالفُه أخرى.
وهذا السبب: هو الغالب على أكثر ما يوجد من أقوال السلف مخالفاً لبعض الأحاديث.
فإن الإحاطة بحديث رسول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم لم تكُن لأحَدٍ من الأمَّةِ.
وقد كان النبيُّ صلى الله عليه وسلم يحَدِّثُ؛ أو يفتي؛ أو يقضي؛ أو يفعل الشيء؛ فيسمعه أو يراه من يكون حاضراً، ويُبلِّغَه أولئك ـ أو بعضهم ـ لمن يبلغونه، فينتهي عِلمُ ذلك إلى مَنْ شاء اللُّهُ تعالى من العلماء، من الصحابة والتابعين، ومن بعدهم.
ثم في مجلس آخر: قد يُحَدِّثُ، أو يفتي، أو يقضي، أو يفعل شيئاً، ويشهدُه بعضُ مَن كان غائباً عن ذلك المجلس، ويُبلِّغُونَه لمن أمكنهم.
فيكون عند هؤلاء مِن العلم ما ليس عند هؤلاء، وعند هؤلاء ما ليس عند هؤلاء.
وإنما يتَفاضَلُ العلماء من الصحابة، ومن بعدهم، بكثرة العلم، أو جَوْدَتِه.
وأمَّا إحاطة واحِدٍ بجَميعِ حديثِ رسولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم ، فهذا لا
يمكن ادِّعَاؤه قطُّ.
واعتَبِرْ ذلك بالخلفاء الراشدين رضي الله عنهم الذين هُم أعلَمُ الأمَّةِ بأمور رسولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وسُنَّتِه وأحوالِه، خصوصاً الصِّدِّيقُ رضي الله عنه الذي لم يكن يُفَارِقُ رسولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم حضَراً ولا سفَراً، بل كان يكون معه في غالب الأوقات، حتى إنَّه يسمُر عنده بالليل في أمور المسلمين.
وكذلك عمر بن الخطاب رضي الله عنه ، فإنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم كثيراً ما كان يقول:«دخلتُ أنا، وأبو بكر، وعُمر» ، و «خرجتُ أنا، وأبو بكر، وعُمر).
ثم إنه ــ مع ذلك ـ .... فذكر ابن تيمية بعض المسائل التي خَفِيَتْ على الخلفاء الراشدين رضي الله عنهم
ثم قال رحمه الله: (وهذا بابٌ واسِعٌ يَبْلُغُ المنقول منه عن أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم عدداً كثيراً جداً.
وأما المنقول منه عن غيرهم، فلا يُمكن الإحاطة به؛ فإنه أُلُوفٌ.
فهؤلاء كانوا أعلم الأمة وأفقهها، وأتقاها وأفضلها، فمن بعدهم أنقص؛ فخفاء بعض السُّنَّةِ عليهم أولى فلا يحتاج إلى بيان.
فمن اعتقد أنَّ كلَّ حَديثٍ صَحيحٍ قد بلَغَ كلَّ واحِدٍ من الأئمة، أو إمَامَاً