الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المبحث الثالث:
شبهها بأبيها محمد صلى الله عليه وسلم
-.
10.
[1] قال الإمَامُ البُخَارِيُّ رحمه الله في «صَحِيْحِهِ» : حَدَّثَنَا مُوسَى، عَنْ أَبِي عَوَانَةَ، قال: حَدَّثَنَا فِرَاسٌ، عَنْ عَامِرٍ، عَنْ مَسْرُوقٍ، قال: حَدَّثَتْنِي عَائِشَةُ أُمُّ المُؤْمِنِيِنَ رضي الله عنها، قَالَتْ: إِنَّا كُنَّا أَزْوَاجَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم عِنْدَهُ جَمِيعَاً، لَمْ تُغَادَرْ مِنَّا وَاحِدَةٌ، فَأَقْبَلَتْ فَاطِمَةُ عليها السلام تَمْشِي، لا وَاللهِ مَا تَخْفَى مِشْيَتُهَا مِنْ مِشْيَةِ
…
رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم، فَلَمَّا رَآهَا رَحَّبَ قَالَ:«مَرْحَبَاً بِابْنَتِي» ثُمَّ أَجْلَسَهَا عَنْ يَمِينِهِ أَوْ عَنْ شِمَالِهِ، ثُمَّ سَارَّهَا، فَبَكَتْ بُكَاءً شَدِيدَاً، فَلَمَّا رَأَى حُزْنَهَا سَارَّهَا الثَّانِيَةَ، فَإِذَا هِيَ تَضْحَكُ، فَقُلْتُ لَهَا أَنَا مِنْ بَيْنِ نِسَائِهِ: خَصَّكِ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم بِالسِّرِّ مِنْ بَيْنِنَا، ثُمَّ أَنْتِ تَبْكِينَ، فَلَمَّا قَامَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم سَأَلْتُهَا: عَمَّا سَارَّكِ؟ قَالَتْ: مَا كُنْتُ لِأُفْشِيَ عَلَى رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم سِرَّهُ.
فَلَمَّا تُوُفِّيَ، قُلْتُ لَهَا: عَزَمْتُ عَلَيْكِ بِمَا لِي عَلَيْكِ مِنَ الحَقِّ لَمَّا أَخْبَرْتِنِي، قَالَتْ: أَمَّا الآنَ فَنَعَمْ، فَأَخْبَرَتْنِي، قَالَتْ: أَمَّا حِينَ سَارَّنِي فِي الأَمْرِ الأَوَّلِ، فَإِنَّهُ أَخْبَرَنِي:«أَنَّ جِبْرِيلَ كَانَ يُعَارِضُهُ بِالقُرْآنِ كُلَّ سَنَةٍ مَرَّةً، وَإِنَّهُ قَدْ عَارَضَنِي بِهِ العَامَ مَرَّتَيْنِ، وَلا أَرَى الأَجَلَ إِلَّا قَدِ اقْتَرَبَ، فَاتَّقِي اللهَ وَاصْبِرِي، فَإِنِّي نِعْمَ السَّلَفُ أَنَا لَكِ» قَالَتْ: فَبَكَيْتُ بُكَائِي
الَّذِي رَأَيْتِ، فَلَمَّا رَأَى جَزَعِي سَارَّنِي الثَّانِيَةَ، قَالَ:«يَا فَاطِمَةُ، أَلا تَرْضَيْنَ أَنْ تَكُونِي سَيِّدَةَ نِسَاءِ المُؤْمِنِينَ، أَوْ سَيِّدَةَ نِسَاءِ هَذِهِ الأُمَّةِ» .
[«الجامع الصحيح» للإمام البخاري (ص 1210)، كتاب الاستئذان، باب مَنْ ناجى بين يدي الناس، ومن لم يخبر بسرِّ صاحبه فإذا مات أخبر به، حديث رقم (6285)]
تخريج الحديث:
سيأتي تخريجه، وبيان طرقه، وزياداته في الباب الثالث: مسند فاطمة، حديث رقم (33).
ومن زياداته ماورد في «السنن» ، وغيرها، بإسناد حسن، من حديث عَائِشَةَ بِنْتِ طَلْحَةَ، عَنْ أُمِّ المؤمنين عَائِشَةَ رضي الله عنها أنها قالت: (مَا رَأَيْتُ أَحَدَاً أَشْبَهَ سَمْتَاً، وَدَلَّاً، وَهَدْياً، بِرَسُولِ اللهِ، فِي قِيَامِهَا وَقُعُودِهَا؛ مِنْ فَاطِمَةَ بِنْتِ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم، وَكَانَتْ إِذَا دَخَلَتْ عَلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَامَ إِلَيْهَا فَقَبَّلَهَا وَأَجْلَسَهَا فِي مَجْلِسِهِ، وَكَانَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم إِذَا دَخَلَ عَلَيْهَا قَامَتْ مِنْ مَجْلِسِهَا فَقَبَّلَتْهُ وَأَجْلَسَتْهُ فِي مَجْلِسِهَا، فَلَمَّا مَرِضَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم دَخَلَتْ فَاطِمَةُ فَأَكَبَّتْ عَلَيْهِ فَقَبَّلَتْهُ ثُمَّ رَفَعَتْ رَأْسَهَا فَبَكَتْ، ثُمَّ أَكَبَّتْ عَلَيْهِ ثُمَّ رَفَعَتْ رَأْسَهَا فَضَحِكَتْ»، فَقُلْتُ: «إِنْ كُنْتُ لَأَظُنُّ أَنَّ هَذِهِ مِنْ أَعْقَلِ نِسَائِنَا فَإِذَا هِيَ مِنَ النِّسَاءِ، فَلَمَّا تُوُفِّيَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم قُلْتُ لَهَا: أَرَأَيْتِ حِينَ
أَكْبَبْتِ عَلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَرَفَعْتِ رَأْسَكِ فَبَكَيْتِ ثُمَّ أَكْبَبْتِ عَلَيْهِ فَرَفَعْتِ رَأْسَكِ فَضَحِكْتِ، مَا حَمَلَكِ عَلَى ذَلِكَ؟ قَالَتْ: إِنِّي إِذًا لَبَذِرَةٌ أَخْبَرَنِي أَنَّهُ مَيِّتٌ مِنْ وَجَعِهِ هَذَا فَبَكَيْتُ، ثُمَّ أَخْبَرَنِي أَنِّي أَسْرَعُ أَهْلِهِ لُحُوقاً بِهِ فَذَاكَ حِينَ ضَحِكْتُ.
وفي لفظ عند: البخاري في «الأدب المفرد» ، وابن راهوية، والنسائي في الموضع الثاني: ما رأيتُ أحداً من الناس كان أشبَهَ بالنبيِّ صلى الله عليه وسلم كلاماً، ولا حديثاً، ولا جِلْسَةً من فاطمة
…
غريب الحديث:
ــ (لَبَذِرَة): البذِر: الَّذِي يُفْشي السِّرَّ، ويُظْهر مَا يَسْمعه.
(1)
ــ (سَمْتَاً، و (دَلَّاً)، و (هَدْيَاً): ذكر ابن الأثير رحمه الله أنَّ الدَلَّ، والهَدْيَ، والسَّمْتَ عبارةٌ عن الحالة التي يكون عليها الإنسانُ من: السكينةِ، والوقَارِ، وحُسْنِ السِّيرَةِ والطرِيقَةِ، واستقَامَةِ المَنْظَرِ والهَيْئَةِ.
(2)
* * *
(1)
«النهاية في غريب الحديث» لابن الأثير (1/ 110).
(2)
«النهاية في غريب الحديث» (2/ 131)، وانظر أيضاً:(2/ 397)، و (5/ 253)،
…
و «غريب الحديث» لأبي عُبيد (3/ 384)، و «تهذيب اللغة» للأزهري (12/ 271)،
…
و (14/ 47).
11.
[2] قال أبو عبدالله الحاكم رحمه الله: أخبرنا الحسن بن محمد بن إسحاق المهرجاني، قال: حدثنا محمد بن زكريا بن دينار البصري، قال: حدثنا عبدالله بن المثنى، عن ثُمَامة بن عبدالله بن أنس، عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: سَألتُ أمِّيْ عن فاطمةَ بنتِ رسولِ الله صلى الله عليه وسلم؟
فقَالتْ: كانَتْ كالقَمَرِ لَيلةَ البَدْرِ، والشَّمْسِ كُفِرَ غَمَامَاً، إذا خرَج مِنَ السَّحَابِ؛ بيْضَاءَ مُشْرَبةً حُمْرَةً، لهَا شَعْرٌ أسوَدٌ، مِنْ أشَدِّ النَّاسِ بِرَسُوْلِ اللهِ صلى الله عليه وسلم شَبَهَاً، كانَتْ واللهِ كمَا قال الشاعِرُ:
بَيْضاءُ تسحَبُ من قِيَامِ شَعْرِهَا
…
وتَغِيْبُ فيْهِ وهُوَ جَثْلٌ أسْحَمُ
فَكَأنَّهَا فِيْهِ نَهَارٌ مُشْرِقٌ
…
وكَأنَّه لَيْلٌ عَليهَا مُظْلِمُ
(1)
(1)
البيتان للشاعر: بكر بن النطَّاح، وهما في:«الأمالي» للقالي (1/ 227)، «من غاب عنه المطرب» للثعالبي (ص 78)، «التذكرة الحمدونية» (5/ 304)، «شرح ديوان المتنبي» للعكبري (4/ 82)، «الجامع الكبير في صناعة المنظوم» لابن الأثير (ص 92)، «الحماسة البصرية» لأبي الحسن البصري (2/ 181).
وبكر بن النطاح هو ابن أبي حمار، أبو وائل الحنفي (ت حدود 200 هـ)، ترجمتُهُ في:
…
«طبقات الشعراء» لابن المعتز (ص 217)، «تاريخ بغداد» (7/ 576)، «فوات الوفيات» للكتبي (1/ 219)، «الوافي بالوفيات» للصفدي (10/ 137).
وقد ترجم له، وجمع شِعرَهُ: د. حاتم الضامن بعنوان «شعر بكر بن النطاح» ، والبيتان
…
فيه (ص 32).
ونُسِب البيتان: لأبي حية النمري في: «أمالي الزجاجي» (ص 101)، ولأبي الشيص في:
…
«البديع في نقد الشعر» لأسامة بن منقذ (ص 129)، ومن دون نسبة في:«عيون الأخبار» لابن قتيبة (4/ 27)، «الظرف والظرفاء» للوشَّاء (ص 223).
[«المستدرك على الصحيحين» للحاكم (3/ 176)، حديث رقم (4759)]
دراسة الإسناد:
ــ الحسن بن محمد بن إسحاق المهرجاني، ثقة.
(1)
ــ محمد بن زكريا بن دينار الغَلابي البصري الأخباري، ضَعِيفٌ، ورُمي بالوضع.
(2)
ــ عبدالله بن المثنى بن عبدالله بن أنس بن مالك، صدوق، كثير الغلط.
(3)
ــ ثُمَامة بن عبدالله بن أنس بن مالك، صدوق.
(4)
تخريج الحديث:
ــ أخرجه الحاكم في «المستدرك» ـ كما سبق ـ
(5)
، وفي «فضائل فاطمة» (ص 69)، حديث رقم (70)، و (ص 73) حديث (76) عن الحسن بن محمد بن إسحاق.
(1)
سبقت ترجمته في الحديث رقم (6).
(2)
سبقت ترجمته في الحديث رقم (3).
(3)
«تقريب التهذيب» (ص 354).
(4)
«تقريب التهذيب» (ص 173).
(5)
وذكر إسنادَ الحاكم كما سلف: ابنُ حجر في «إتحاف المهرة» (18/ 266) رقم
…
(23635).
ــ وأخرجه: السهمي في «تاريخ جرجان (ص 170) ترجمة (208) عن الحافظ أبي أحمد بن عدي، قال: حدثنا بندار بن إبراهيم بن عيسى أبو محمد الإستراباذي بجرجان.
كلاهما: (الحسن بن محمد، وبندار بن إبراهيم) عن محمد بن زكريا الغلابي، به.
في الموضع الثاني عند الحاكم في «فضائل فاطمة» ، وعند السهمي: زيادة: رواه محمد بن زكريا، عن العباس بن بكار
(1)
، عن عبدالله بن المثنى. فزاد «العباس بن بكار» .
ــ وعند السهمي قال أنس: (سألتني أم سلمة عن صفة فاطمة)! فجعل الوصف من أنس، وهو تصحيف ظاهر.
الحكم على الحديث:
الحديث موضوع، آفته: الغلابي، رُمِيَ بالوَضْعِ، والعباس بن بكَّار: وضَّاع ـ كما سبق ـ.
قال الذهبي في «تلخيص المستدرك» : (موضوع، وفي إسناده محمد بن زكريا الغَلَّابي).
(2)
(1)
العباس بن بكار، أبو الوليد الضبي البصري. وضَّاع. سبقت ترجمته في الحديث رقم (3).
(2)
وانظر «مختصر استدراك الذهبي» لابن الملقن (3/ 1632).
غريب الحديث:
ــ (كُفِر غماماً): أي: غُطَّى بالغمام، وهو السحاب، قال ابن الأثير: وأصل الكفر: تغطية الشيء تغطية تستهلكه.
(1)
ــ (جَثْلٌ): الجثل من الشعر: أشدُّه سَواداً وأغلَظُه، وَقيل: هُوَ مَا غلُظ مِنْهُ وقَصُر، وقيل: الملتف، الكثيرُ من الشَعَرِ.
وقال ابن فارس: يُقَالُ شَعْرٌ جَثْلٌ: كَثِيرٌ لَيِّنٌ.
(2)
ــ (أسْحَمْ): أي أسود.
(3)
* * *
(1)
«الزاهر في معاني كلمات الناس» للأنباري (1/ 118)، «مقاييس اللغة» لابن فارس
…
(5/ 191)، «النهاية» (4/ 187).
(2)
«تهذيب اللغة» للأزهري (11/ 16)، «الصحاح» للجوهري (4/ 1651)، «مقاييس اللغة» (1/ 505)، «المخصص» لابن سيده (1/ 78).
(3)
«مقاييس اللغة» (3/ 141)، «الفائق» للزمخشري (2/ 160)، «النهاية» لابن الأثير
…
(2/ 348).
الدراسة الموضوعية:
الذي صحَّ في الباب في تشبيه فاطمة بأبيها صلى الله عليه وسلم حديثٌ واحدٌ، وهو حديث عائشة رضي الله عنه، فقد جاء في لفظ البخاري:(تمشي، لا والله ماتخفى مِشيتُها من مِشيةِ رسولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم).
وفي لفظ عند «البخاري» (3623)، و «مسلم» (2450):(أقبلَتْ فاطمة تمشي كأنَّ مِشيتَها مشْيُ النبي صلى الله عليه وسلم).
وعند «مسلم» أيضاً (2450): (فأقبَلَت فاطمة تمشي، ما تُخْطِي مِشيَتَها من مِشيةِ رسول الله صلى الله عليه وسلم شيئاً).
وفي «السنن» ـ كما سبق ـ: (ما رأيتُ أحَداً أشبَهَ سَمْتَاً، وَدَلَّاً، وَهَدْياً، بِرسولِ اللهِ، فِي قِيَامِهَا وَقُعُودِهَا؛ مِنْ فَاطِمَةَ بِنْتِ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم).
وبوَّب عليه الحاكم في «فضائل فاطمة» (ص 69)(70) بقوله: (ذِكْرُ فضيلة أخرى لسيدة النساء: فاطمة، وهي صفتُها، وأنها لم يُشبِهها من النساء أحَدٌ).
والمراد بما في «الصحيحين» : أن مِشيتَها كهيئةِ مِشيَةِ النبيِّ صلى الله عليه وسلم.
(1)
(1)
«فتح الباري» (8/ 136).
وأما ما في «السنن» ، فهو أوسع دلالة مما في «الصحيحين» حيث ذَكَرتْ: الهَدْيَ والسَّمْتَ والدَلَّ، وسبق كلام ابن الأثير في معناها:(الحالة التي يكون عليها الإنسانُ من: السكينةِ، والوقَارِ، وحُسْنِ السِّيرَةِ والطرِيقَةِ، واستقَامَةِ المَنْظَرِ والهَيْئَةِ).
وقال النبي صلى الله عليه وسلم لجعفر بن أبي طالب رضي الله عنه: «أشبهتْ خَلْقِي وخُلُقِي» .
(1)
قال ابن حجر رحمه الله: (وأما شِبْهُه في الخُلُق بالضم، فخصوصيةٌ لجعفر، إلا أن يُقال إنَّ مثلَ ذلك حصَلَ لفاطمة عليها السلام، فإن في حديث عائشةَ ما يقتضي ذلك، ولكن ليس بصريح، كما في قصة جعفر هذه، وهي منقبة عظيمةٌ لجعفر، قال الله تعالى: {وَإِنَّكَ لَعَلَى
…
خُلُقٍ عَظِيمٍ
…
}
…
(سورة القلم، آية 4).
(2)
ولم أجد من أوردَ في المشبَّهين بالنبي صلى الله عليه وسلم خِلْقَةً ابنتَه فاطمة رضي الله عنها قبل ابن حجر (ت 852 هـ)
(3)
، ثم جاء بعده: ابن اللبودي
…
(1)
أخرجه: البخاري في «صحيحه» (ص 805)، كتاب المغازي، باب عمرة القضاء، حديث رقم (4251).
(2)
«فتح الباري» لابن حجر (7/ 507).
(3)
«فتح الباري» (7/ 97، 507).
(ت 896 هـ)
(1)
، والسخاوي (ت 902 هـ)
(2)
، والصالحي (ت 942 هـ)
(3)
، وابن طولون (ت 953 هـ)
(4)
، وأبو العباس أحمد شهاب الدين الرملي الشافعي (ت 957 هـ)
(5)
، والمناوي (ت 1031 هـ).
(6)
وجاء عن حذيفة بن اليمان رضي الله عنه أنه قال: (إنَّ أشبهَ النَّاسِ دَلَّاً وسَمْتَاً وهَدْيَاً برسولِ الله صلى الله عليه وسلم لابن أمِّ عَبْدٍ
(7)
، من حين يخرج من بيته إلى أن يرجع إليه، لا ندري ما يصنع في أهله إذا خلا).
(8)
(1)
في رسالته: «غاية المرام في المشبَهين بخير الأنام» وأشار إليها في كتابه: «النجوم الزواهر في معرفة الأواخر» (ص 40)، وذكرهم فيها أيضاً (40 ـ 43).
(2)
«استجلاب ارتقاء الغرف» (2/ 549).
(3)
«سبل الهدى والرشاد» (2/ 115).
(4)
«كشف اللثام عن المشبهين بخير الأنام عليه الصلاة والسلام» لابن طولون
…
(ت 953 هـ). حققها: د. حصة بنت عبدالعزيز الصغير، نُشرت الرسالة في مجلة «سنن» العدد الأول/ محرم/1431 هـ (1/ص 412 ـ 413).
(5)
ذكره عنه الصالحي في «سبل الهدى والرشاد» (2/ 117).
(6)
«الفتوحات السبحانية» (1/ 666).
(7)
«فتح الباري» (8/ 136).
(8)
أخرجه: البخاري في «صحيحه» (ص 1177) كتاب الأدب، باب في الهدي الصالح، حديث (6097)، وفي (ص 716) كتاب فضائل الصحابة، باب مناقب عبدالله بن مسعود رضي الله عنه، حديث (3762).
قال ابن كثير رحمه الله: (يعني أنه يُشبَّهُ بالنبيِّ صلى الله عليه وسلم في حَرَكَاتِه وسكناته وكلامه، ويتشبه بما استطاع من عبادته).
(1)
وقال أيضاً: (وقال غيره: كان ابن مسعود يُشَبَّهُ بالنبيِّ صلى الله عليه وسلم في هديِه ودَلِّهِ وسَمْتِهِ، وكان علقمةُ يُشبهه، وكان إبراهيمُ يُشبهُ علقمةَ، وكان منصور يُشبِه إبراهيم، وكان سفيانُ يُشبِهُ مَنصورَاً، وكان وكيعُ يُشبِهُ سفيان، وكان أحمدُ يُشبِهُ وكيعاً، وكان أبو داود يُشبِهُ أحمدَ بنَ حنبل).
(2)
وابنُ مسعود نَحيفٌ دَقيقٌ، لم يُشبَّه بالنبي صلى الله عليه وسلم في خِلقَته.
وقال ابن حجر رحمه الله: (وقد استشكل الداوودي الشارح بقول حذيفة في ابن مسعود قولَ مالك: «كان عُمَرُ أشْبَهَ الناس بهَدْيِ رسولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم، وأشبَهُ الناس بعُمَر: ابنُه عبدُالله، وبعبدِالله: ابنُه سالم» . قال الداودي: «وقول حذيفة يقدَّمُ على قول مالك، ويمكن الجمع باختلاف مُتعلَّقِ الشَّبَهِ، بِحَمْلِ شَبَهِ ابنِ مسعود بالسَّمْتِ وما ذُكِر معه؛ وقولِ مالكٍ بالقُوةِ في الدِّين ونحوها، ويُحتمل أن تكون مقالة حذيفة وقَعَتْ بعْدَ موتِ عُمَر، ويؤيد قول مالك ما أخرج البخاري في كتاب «رفع اليدين» عن جابر قال: «لم يكن أحدٌ منهم ألزمَ لطريقِ النبيِّ صلى الله عليه وسلم من عُمَرَ» .
(1)
«البداية والنهاية» (8/ 313).
(2)
«البداية والنهاية» (14/ 618).
وفي «السنن» و «مستدرك الحاكم» عن عائشة قالت: «ما رأيتُ أحَدَاً كان أشبَهَ سَمْتَاً وهَدْيَاً ودَلَّاً بِرسولِ الله صلى الله عليه وسلم من فاطمة عليها السلام» .قلتُ: ويُجْمَعُ بالحَمْلِ في هذا على النساء.
(1)
وأخرج «أحمد» عن عمر: «مَن سرَّهُ أن ينظر إلى هدي رسول اللهِ صلى الله عليه وسلم فليَنْظُر إلى هَدْيِ عَمْرو بنِ الأسود» . قلتُ: ويُجْمَعُ بالحمْلِ على مَنْ بَعْدَ الصحابة.
وعن عبد الرحمن بن جبير بن نفير: «حجَّ عمرو بن الأسود، فرآه ابنُ عمر يُصلي، فقال: ما رأيتُ أشبهَ صَلاةً ولا هَدْيَاً ولا خُشُوْعَاً ولا لِبْسَةً برسول الله صلى الله عليه وسلم من هذا الرجل). انتهى
(2)
(1)
والذي يظهر ـ والعلم عند الله ـ أنه لاحاجة لتأويل الداوودي؛ فلايمنع تعداد المشبَّهين بالنبي صلى الله عليه وسلم سمتاً وهدياً ودلَّاً، ويُحمَل (أشبه)، أفعل التفضيل هنا على أمرين: تقدير (مِنْ أشبه الناس)، وعلى اختلاف الناس في تقدير الشَّبَه ـ والله أعلم ـ.
(2)
«فتح الباري» (10/ 510).