الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المبحث السادس:
حالها في وفاة النبي صلى الله عليه وسلم
-.
20.
[1] قال الإمَامُ البُخَارِيُّ رحمه الله في «صَحِيْحِهِ» : حَدَّثَنَا مُوسَى، عَنْ أَبِي عَوَانَةَ، قال: حَدَّثَنَا فِرَاسٌ، عَنْ عَامِرٍ، عَنْ مَسْرُوقٍ، قال: حَدَّثَتْنِي عَائِشَةُ أُمُّ المُؤْمِنِيِنَ رضي الله عنها، قَالَتْ: إِنَّا كُنَّا أَزْوَاجَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم عِنْدَهُ جَمِيعَاً، لَمْ تُغَادَرْ مِنَّا وَاحِدَةٌ، فَأَقْبَلَتْ فَاطِمَةُ عليها السلام تَمْشِي، لا وَاللهِ مَا تَخْفَى مِشْيَتُهَا مِنْ مِشْيَةِ
…
رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم، فَلَمَّا رَآهَا رَحَّبَ قَالَ:«مَرْحَبَاً بِابْنَتِي» ثُمَّ أَجْلَسَهَا عَنْ يَمِينِهِ أَوْ عَنْ شِمَالِهِ، ثُمَّ سَارَّهَا، فَبَكَتْ بُكَاءً شَدِيدَاً، فَلَمَّا رَأَى حُزْنَهَا سَارَّهَا الثَّانِيَةَ، فَإِذَا هِيَ تَضْحَكُ.
فَقُلْتُ لَهَا أَنَا مِنْ بَيْنِ نِسَائِهِ: خَصَّكِ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم بِالسِّرِّ مِنْ بَيْنِنَا، ثُمَّ أَنْتِ تَبْكِينَ، فَلَمَّا قَامَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم سَأَلْتُهَا: عَمَّا سَارَّكِ؟
قَالَتْ: مَا كُنْتُ لِأُفْشِيَ عَلَى رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم سِرَّهُ.
فَلَمَّا تُوُفِّيَ، قُلْتُ لَهَا: عَزَمْتُ عَلَيْكِ بِمَا لِي عَلَيْكِ مِنَ الحَقِّ لَمَّا أَخْبَرْتِنِي، قَالَتْ: أَمَّا الآنَ فَنَعَمْ، فَأَخْبَرَتْنِي، قَالَتْ: أَمَّا حِينَ سَارَّنِي فِي الأَمْرِ الأَوَّلِ، فَإِنَّهُ أَخْبَرَنِي: «أَنَّ جِبْرِيلَ كَانَ يُعَارِضُهُ بِالقُرْآنِ كُلَّ سَنَةٍ مَرَّةً، وَإِنَّهُ قَدْ عَارَضَنِي بِهِ العَامَ مَرَّتَيْنِ، وَلا أَرَى الأَجَلَ إِلَّا قَدِ اقْتَرَبَ،
فَاتَّقِي اللهَ وَاصْبِرِي، فَإِنِّي نِعْمَ السَّلَفُ أَنَا لَكِ» قَالَتْ: فَبَكَيْتُ بُكَائِي الَّذِي رَأَيْتِ، فَلَمَّا رَأَى جَزَعِي سَارَّنِي الثَّانِيَةَ، قَالَ:«يَا فَاطِمَةُ، أَلا تَرْضَيْنَ أَنْ تَكُونِي سَيِّدَةَ نِسَاءِ المُؤْمِنِينَ، أَوْ سَيِّدَةَ نِسَاءِ هَذِهِ الأُمَّةِ» .
[«الجامع الصحيح» للإمام البخاري (ص 1210)، كتاب الاستئذان، باب مَنْ ناجى بين يدي الناس، ومن لم يخبر بسرِّ صاحبه فإذا مات أخبر به، حديث رقم
…
(6285)]
تخريج الحديث:
سيأتي تخريجه، وبيان طرقه، وزياداته في «الباب الثالث»:«مسند فاطمة» ، حديث رقم (33). وبمعناه من حديث أم سلمة رضي الله عنها في
…
«مسند فاطمة» حديث رقم (28).
وانظر في غريب حديث عائشة رضي الله عنها ما سبق في: المبحث الثالث.
ومن زياداته ماورد في «السنن» ، وغيرها، بإسناد حسن، من حديث عَائِشَةَ بِنْتِ طَلْحَةَ، عَنْ أُمِّ المؤمنين عَائِشَةَ رضي الله عنها أنها قالت: (مَا رَأَيْتُ أَحَدًا أَشْبَهَ سَمْتَاً، وَدَلَّاً، وَهَدْياً، بِرَسُولِ الله، فِي قِيَامِهَا وَقُعُودِهَا؛ مِنْ فَاطِمَةَ بِنْتِ رَسُولِ الله صلى الله عليه وسلم، وَكَانَتْ إِذَا دَخَلَتْ عَلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَامَ إِلَيْهَا فَقَبَّلَهَا وَأَجْلَسَهَا فِي مَجْلِسِهِ، وَكَانَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم إِذَا دَخَلَ عَلَيْهَا
قَامَتْ مِنْ مَجْلِسِهَا فَقَبَّلَتْهُ وَأَجْلَسَتْهُ فِي مَجْلِسِهَا، فَلَمَّا مَرِضَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم دَخَلَتْ فَاطِمَةُ فَأَكَبَّتْ عَلَيْهِ فَقَبَّلَتْهُ ثُمَّ رَفَعَتْ رَأْسَهَا فَبَكَتْ، ثُمَّ أَكَبَّتْ عَلَيْهِ ثُمَّ رَفَعَتْ رَأْسَهَا فَضَحِكَتْ»، فَقُلْتُ: «إِنْ كُنْتُ لَأَظُنُّ أَنَّ هَذِهِ مِنْ أَعْقَلِ نِسَائِنَا فَإِذَا هِيَ مِنَ النِّسَاءِ، فَلَمَّا تُوُفِّيَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم قُلْتُ لَهَا: أَرَأَيْتِ حِينَ أَكْبَبْتِ عَلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَرَفَعْتِ رَأْسَكِ فَبَكَيْتِ ثُمَّ أَكْبَبْتِ عَلَيْهِ فَرَفَعْتِ رَأْسَكِ فَضَحِكْتِ، مَا حَمَلَكِ عَلَى ذَلِكَ؟ قَالَتْ: إِنِّي إِذاً لَبَذِرَةٌ أَخْبَرَنِي أَنَّهُ مَيِّتٌ مِنْ وَجَعِهِ هَذَا فَبَكَيْتُ، ثُمَّ أَخْبَرَنِي أَنِّي أَسْرَعُ أَهْلِهِ لُحُوقاً بِهِ فَذَاكَ حِينَ ضَحِكْتُ.
* * *
21.
[2] قال الإمام البخاري رحمه الله في «صحيحه» : حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ، قال: حَدَّثَنَا حَمَّادٌ، عَنْ ثَابِتٍ، عَنْ أَنَسٍ رضي الله عنه، قَالَ: لَمَّا ثَقُلَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم جَعَلَ يَتَغَشَّاهُ، فَقَالَتْ فَاطِمَةُ عليها السلام: وَا كَرْبَ أَبَاهُ، فَقَالَ لَهَا:«لَيْسَ عَلَى أَبِيكِ كَرْبٌ بَعْدَ اليَوْمِ» .
فَلَمَّا مَاتَ قَالَتْ: يَا أَبَتَاهُ، أَجَابَ رَبًّا دَعَاهُ، يَا أَبَتَاهْ، مَنْ جَنَّةُ الفِرْدَوْسِ، مَأْوَاهْ يَا أَبَتَاهْ إِلَى جِبْرِيلَ نَنْعَاهْ، فَلَمَّا دُفِنَ، قَالَتْ فَاطِمَةُ عليها السلام: يَا أَنَسُ أَطَابَتْ أَنْفُسُكُمْ أَنْ تَحْثُوا عَلَى رَسُولِ الله صلى الله عليه وسلم التُّرَابَ.
[«الجامع الصحيح» للبخاري (ص 843)، كتاب المغازي، باب مرض النبي صلى الله عليه وسلم ووفاته، حديث (4462)]
تخريج الحديث:
سيأتي تخريجه، وبيان طرقه، وزياداته في «الباب الثالث»:
…
«مسند فاطمة» ، حديث رقم (2).
من زياداته: أنها ضمته إلى صدرها، وقالت: واكربَ أبتاه.
* * *
22.
[3] قال ابن سعد (ت 230 هـ) أخبرنا محمد بن عمر، قال: حدثني شبل بن العلاء، عن أبيه: أن النبي صلى الله عليه وسلم لما حضرته الوفاة بكت فاطمة عليها السلام ، فقال لها النبي صلى الله عليه وسلم:«لا تَبْكِي يا بُنَيَّة، قولي إذا مَا مِتُّ: إنَّا للهِ وإنَّا إليهِ رَاجِعُون؛ فَإنَّ لكُلِّ إنسَانٍ بها مِن كُلِّ مُصِيبَةٍ مَعُوْضَةً» ، قالت: ومِنكَ يا رسول الله؟ ، قال:«ومِنِّي» .
[«الطبقات الكبرى» لابن سعد (2/ 312)]
دراسة الإسناد:
ــ محمد بن عمر بن واقد الواقدي الأَسلميّ مولاهم، أبو عَبدالله المدني، قاضي بغداد.
متروك.
(1)
ــ شِبْل بن العلاء بن عبدالرحمن بن يعقوب الحُرَقِي الجهني مولاهم، أبو المفضل المدني.
ضعيف.
ترجم له البخاري في «التاريخ الكبير» ، وابن أبي حاتم في «الجرح والتعديل» ولم يذكرا فيه جرحاً ولا تعديلاً.
(1)
ستأتي ترجمته في الباب الثالث: مسند فاطمة، حديث رقم (13).
ذكره ابن حبان في «الثقات» وقال: روى عنه ابن أبي فديك نسخة مستقيمة. وقال في «مشاهير علماء الأمصار» : مستقيم الحديث جداً. واحتجَّ به في «صحيحه» .
وذكره ابن قطلوبغا في «الثقات» .
قال ابن عدي: روى أحاديث مناكير. وقال أيضاً: أحاديثه ليست بمحفوظة.
وقال الدارقطني ليس بالقوي، ويُخرَّج حديثه.
(1)
ــ العلاء بن عبدالرحمن بن يعقوب الحُرَقي الجهني مولاهم، أبو شِبْل المدني.
صدوق، ربما وهم.
قال الذهبي في «الميزان» : صدوق، مشهور.
وقال ابن حجر في «التقريب» : صدوق ربما وهم. (ت 132 هـ).
(2)
(1)
ينظر: «التاريخ الكبير» للبخاري (4/ 257)، «الجرح والتعديل» لابن أبي حاتم
…
(4/ 381)، «الثقات» لابن حبان (6/ 452) و (8/ 312)، «مشاهير علماء الأمصار» (ص 217)، «صحيح ابن حبان» (3/ 168) حديث (886)، «الكامل» لابن عدي (4/ 47)، «سؤالات البرقاني للدارقطني» (ص 86) رقم (223)،
…
و (ص 175) رقم (669)، «الثقات ممن لم يقع في الكتب الستة» لابن قطلوبغا
…
(5/ 208)، «لسان الميزان» (4/ 230).
(2)
ينظر: «ميزان الاعتدال» (3/ 112)، «مَن تُكُلِّم فيه وهو موثق» (ص 386) رقم
…
(253)، «تقريب التهذيب» (ص 465).
تخريج الحديث:
أخرجه: ابن سعد ـ كما سبق ـ وعنه: [البلاذري في «أنساب الأشراف» (1/ 553)].
الحكم على الحديث:
الحديث ضعيف جداً، فيه ثلاث علل: الواقدي: متروك، وشبل: ضعيف، والإرسال.
* * *
23.
[4] قال البلاذري (ت 279 هـ) رحمه الله: وحُدِّثْتُ عن هشام ابن الكلبي، عن أبيه، عن أبي صالح أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم لمَّا اشتدَّ وجَعُه الذي توفي فيه، جعلت فاطمة عليها السلام تبكي، وتقول: بأبي أنت وأمي، أنت والله كما قال القائل:
(1)
وأبيض يستسقى الغمام بوجهه
…
ثمال اليتامى عصمة للأرامل
فأفاق صلى الله عليه وسلم فقال: هذا قول عمِّي: أبي طالب، وقرأ:
{وَمَا مُحَمَّدٌ
…
إِلَّا
…
رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَفَإِنْ مَاتَ أَوْ قُتِلَ انْقَلَبْتُمْ عَلَى أَعْقَابِكُمْ وَمَنْ يَنْقَلِبْ عَلَى عَقِبَيْهِ فَلَنْ يَضُرَّ
…
اللَّهَ شَيْئًا وَسَيَجْزِي اللَّهُ الشَّاكِرِينَ
…
} (سورة آل عمران، آية 144)
[«أنساب الأشراف» للبلاذري (1/ 553) رقم (1124)]
دراسة الإسناد:
ــ هشام بن محمد بن السائب الكَلْبي، أبوالمنذر الأخباري النسَّابة.
(1)
هذا البيت من قصيدة تُروى عن أبي طالب، انظر:«السيرة النبوية» لابن هشام ـ تحقيق السقا ـ (1/ 276)، و «طبقات فحول الشعراء» لابن سلَّام الجمحي (1/ 244) رقم
…
(336). و «صحيح البخاري» رقم (1008، 1009)، و «مسند أحمد» (9/ 485) رقم (5673).
قال الدارقطني، وغيره: متروك. وقال ابن عساكر: رافضي ليس بثقة.
(1)
ــ محمد بن السائب بن بِشْر الكَلْبي، أبو النَّضْر الكوفي، النسَّابة المفسِّر.
متهمٌ بالكذب، ورُمِيَ بالرَّفضِ.
(2)
ــ باذام، أبو صالح، مولى أم هانئ. ضعيف يُرسل.
(3)
تخريج الحديث:
ــ أخرجه البلاذري في «أنساب الأشراف» ــ كما سبق ـ ولم أجده عند غيره.
(4)
(1)
«لسان الميزان» (8/ 338).
(2)
«تهذيب الكمال» (25/ 246)، «تقريب التهذيب» (ص 510).
(3)
«تهذيب الكمال» (4/ 6)، «تقريب التهذيب» (ص 159).
(4)
فائدة: ورد مثل هذا الحديث في شأن أبي بكر رضي الله عنه: أخرج: ابن سعد في «الطبقات»
…
(3/ 197)، وابن أبي شيبة في «مصنفه» (13/ 310) رقم (26591)، وأحمد في
…
«مسنده» (1/ 206) رقم (26)، وابن أبي الدنيا في «المحتضرين» (ص 51) رقم
…
(37)، والمروزي في «مسند أبي بكر» (ص 91) رقم (39)، والبزار في «البحر الزخار» (1/ 128) رقم (58)، وغيرهم، من طُرُقٍ عن حماد بن سلمة، عن علي بن زيد، عن القاسم بن محمد، عن عائشة رضي الله عنه أنها تمثلت بهذا البيت وأبو بكر يقضِي:
وأبيض يستسقى الغمام بوجهه
…
ربيع اليتامى عصمة للأرامل
فقال أبو بكر رضي الله عنه: «ذاك رسول الله صلى الله عليه وسلم» .
ــ علي بن زيد بن جدعان: ضعيف. «تقريب التهذيب» (ص 432).
وجاءت القصة بلا إسناد عند الأديب المبرِّد (ت 285 هـ) رحمه الله قال: (وقال عمر بن غياث، عن الهلالي: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا أفرطت عليه الحمَّى في وجعه الذي توفي فيه، قالت فاطمة: بأبي وأمي. ثم تمثلت:
وأبيض يستسقى الغمام بوجهه
…
ثمال اليتامى عصمةٌ للأرامل
قال: فأفاق رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم فقال: ذلك قول عمِّك أبي طالب.
ثم قال صلى الله عليه وسلم: {وَمَا مُحَمَّدٌ
…
إِلَّا
…
رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ}
…
الآية.
(1)
(سورة آل عمران، آية 144)
الحكم على الحديث:
الحديث ضعيف جداً، فيه خمس علل:
جهالة شيخ البلاذري، وهشام ووالده متروكان، وضعف باذام، وإرساله.
(1)
«التعازي» للمبرد ـ تحقيق: إبراهيم الجمل ـ (ص 224).
24.
[5] قال أبو عبدالله الحاكم رحمه الله: حدثني أبو جعفر أحمد بن عبيد الأسدي الحافظ بهَمَذَان، قال: حدثنا إبراهيم بن الحسين، قال: حدثنا إسماعيل بن أبي أويس، قال: حدثنا موسى بن جعفر بن محمد بن علي، عن أبيه، عن جده أبي جعفر محمد بن علي بن الحسين، عن أبيه، عن علي رضي الله عنهم: أن فاطمة رضي الله عنها لما توفي رسول الله صلى الله عليه وسلم كانت تقول: وا أبتاه، من ربه ما أدناه؛ وا أبتاه، جنان الخلد مأواه؛ وا أبتاه ربُّه يكرِمُه إذا أتاه؛ وا أبتاه، الربُّ ورسُلُه يُسلِّمُ عليه حين يلقاه.
فلما ماتت فاطمة، قال علي بن أبي طالب رضي الله عنه:
لكلِّ اجتماعٍ من خَليلَين فُرْقةٌ
…
وكلُّ الذي دونَ الفِراق قَليلُ
وإنَّ افتقَادِي واحداً بعدَ واحِدٍ
…
دَليلٌ على أنْ لا يدُومَ خَلِيلُ
[«المستدرك على الصحيحين» للحاكم (3/ 178) رقم (4768)]
دراسة الإسناد:
ــ أحمد بن عبيد ـ ويُقال: ابن عبدالله ـ بن إبراهيم، أبو جعفر الأسدي الهمَذاني الأَسَداباذي.
صدوق.
قال صالح بن أحمد: كتبنا عنه، وهو صدوق، بصير بالأنساب والرجال.
وثقه: الخليلي. ووصفه الحاكم في الإسناد هنا بالحافظ. وذكره ابن قطلوبغا في «الثقات» .
قال الذهبي في «السير» : الإمام، المحدث، الحجة، الناقد.
وقال في «تاريخ الإسلام» : كان صدوقاً، حافظاً، مكثراً.
(ت 342 هـ).
(1)
ــ إبراهيم بن الحسين بن علي، أبو إسحاق الهمذاني الكسائي، المعروف بابن ديزيل، ويُلقَّب بدابة عفَّان، للزومه له، ويُعرف بِـ «سَيفَنة» .
(2)
ثقة، ثبت.
قال الحاكم: ثقة، مأمون. وقال الخليلي: كبير في هذا الشأن، عارف.
(1)
ينظر: «الإرشاد» للخليلي (2/ 659)، «سير أعلام النبلاء» (15/ 380)، «تاريخ الإسلام» (7/ 778)، «الثقات ممن لم يقع في الكتب الستة» لابن قطلوبغا (1/ 408)،
…
«الروض الباسم في تراجم شيوخ الحاكم» للمنصوري (1/ 238) رقم (100).
(2)
قال الذهبي في «تاريخ الإسلام» (6/ 707) عن لقب «سيفنة» : (وهو اسم طائر بمصر، لا يقع على شجرة إلا أكل ورقها حتى يعريها، وكذلك كان إبراهيم إذا قدم على شيخ لم يفارقه حتى يكتب جميع حديثه، فشبَّهُوه به). ومثله في «سير أعلام النبلاء»
…
(13/ 184).
وقال مسلمة: حافظ ثقة.
عُرف بشدة التثبت، قال صالح بن أحمد الحافظ: سمعت أبي يقول: سمعت علي بن عيسى يقول: إن الإسناد الذي يأتي به إبراهيم لو كان فيه أن لا يؤكل الخبز لوجب أن لا يؤكل، لصحة إسناده.
وقال الحاكم: بلغني أنه قال: كتبت حديث أبي جمرة، عن ابن عياش، عن عفان، وسمعته منه أربعمئة مرة.
قال الذهبي في «السير» : الإمام، الحافظ، الثقة، العابد
…
إليه المنتهى في الإتقان.
قال ابن حجر في «اللسان» : (ما علمتُ أحداً طعن فيه حتى وقفت في «جلاء الأفهام» لابن القيم تلميذ ابن تيمية، وذكر إبراهيم هذا فقال: إنه ضعيفٌ متكلَّمٌ فيه. وما أظنه إلا التبسَ عليه بغيره، وإلا فإن إبراهيم المذكور من كبار الحفاظ).
(ت 281 هـ).
(1)
(1)
ينظر: «الإرشاد» للخليلي (2/ 648)، «تاريخ دمشق» لابن عساكر (6/ 387)،
…
«تاريخ الإسلام» (6/ 707)، «سير أعلام النبلاء» (13/ 184)، «جلاء الأفهام» لابن القيم ـ ط. عالم الفوائد ـ (ص 33)، «لسان الميزان» (1/ 265)، «الثقات ممن لم يقع في الكتب الستة» لابن قطلوبغا (2/ 173).
ــ إسماعيل بن عبدالله بن عبدالله بن أويس بن مالك بن أبي عامر الأصبحي، أبو عبدالله بن أبي أويس المدني، «وهو ابن عم الإمام مالك بن أنس، وابن أخته، وزوج ابنته» .
(1)
صدوق، له مناكير.
وثَّقَهُ: الإمام أحمد وذكر أنه قام في الفتنة مقاماً محموداً.
ونُقِل عن أبي حاتم أنه قال: من الثقات
(2)
. وذكره ابن حبان في
…
«الثقات» .
تَوسَّطَ فيه: الإمام أحمد ـ في رواية ـ، وابن معين ـ في رواية الدارمي عنه ـ قالا: لا بأس به. زاد أحمد: وأبوه ضعيف في الحديث.
وفي رواية ابن أبي خيثمة عن ابن معين: صدوق، ضعيف العقل.
وقال مرة: ليس بذاك. يعني: أنه لا يحسن الحديث، ولا يعرف أن يؤديه، أو يقرأ من غير كتابه.
(3)
(1)
ذكر ذلك غيرُ واحد، انظر:«التعديل والتجريح» للباجي (1/ 370) رقم (71)،
…
و «ترتيب المدارك» للقاضي عياض (3/ 151).
(2)
أورده مغلطاي في «إكمال تهذيب الكمال» (2/ 183) نقلاً عن «الكمال» .
(3)
جاء هذا التفسير في «تهذيب الكمال» ، و «سير أعلام النبلاء» بعد كلمة ابن معين، ولم أجده في «التاريخ الكبير» لابن أبي خيثمة.
قال أبو حاتم ـ كما في «الجرح والتعديل» لابنه ـ: محله الصدق، وكان مغفلاً.
ضَعَّفهُ: ابن معين ـ في رواية معاوية بن صالح كما عند العقيلي ـ.
وقال مرة: ليس بشئ. وفي رواية أسامة الدقاق البصري عنه ـ كما عند العقيلي ـ: إسماعيل يُسوى فلسين. وفي رواية ابن محرز: ضعيف، أضعف الناس، لا يحل لمسلم أن يحدث عنه بشئ.
وضعفه أيضاً: النسائي، وقال مرة: ليس بثقة. وضعفه: الدراقطني. وقال في موضع كما في «سؤالات ابن بكير وغيره للدارقطني» : لا أختاره في الصحيح.
قال اللالكائي: (بالغ النسائي في الكلام عليه إلى أن يؤدي إلى تركه، ولعله بانَ له مالم يبن لغيره، لأن كلام هؤلاء كلهم يؤول إلى أنه ضعيف).
وذكره الإسماعيلي في «المدخل» فقال: كان ينسب في الخفة والطيش إلى ما أكره ذِكْره.
وقال ابن حزم: ضعيف.
قال الخليلي: (أكثر عنه البخاري في الصحيح
(1)
، وجماعةٌ من الأئمة
(1)
سيأتي كلام ابن حجر في «هدي الساري» عن أحاديثه في الصحيحين.
الحفاظ قالوا: كان ضعيف العقل. وروى عن الضعفاء مثل كثير بن عبدالله المزني، عن أبيه، عن جده، أحاديث أنكروها.
وعن أقرانه من أهل المدينة من الضعفاء.
وقوَّاه أبو حاتم الرازي أيضاً، وقال: كان ثبتاً في الحديث. خاله مالك).
واتُّهِم بالكذب: قال ابن معين ـ في رواية ابن أبي يحيى عنه ـ: ابن أبي أويس وأبوه يسرقان الحديث.
وفي رواية ابن الجنيد عنه: مخلِّط، يكذب، ليس بشئ.
وأورد ابن حجر السبب في ترك النسائي حديث إسماعيل
(1)
، ما نقل عن إسماعيل قوله: ربما كنتُ أضع الحديث لأهل المدينة إذا اختلفوا في شئ فيما بينهم.
علَّق ابن حجر في «تهذيب التهذيب» بقوله: (وهذا هو الذي بان للنسائي منه حتى تجنَّبَ حديثه، وأطلق القول فيه بأنه ليس بثقة. ولعل هذا كان من إسماعيل في شبيبته ثم انصلح.
وأما الشيخان فلا يُظنُّ بهما أنهما أخرجا عنه إلا الصحيح من حديثه،
الذي شارك فيه الثقات، وقد أوضحت ذلك في مقدمة شرحي على البخاري، واللهُ أعلم).
قال النضر بن سلمة المروزي
(1)
: ابن أبي أويس كذاب، كان يحدث عن مالك بمسائل عبدالله بن وهب.
ذكر ابن عدي أن إسماعيل روى عن خاله الإمام مالك غرائب لا يتابعه عليها أحد، وهو خير من أبيه.
علَّق الذهبي في «السير» بقوله: (الرجل وثب إلى ذلك البَرِّ، واعتمده صاحبا الصحيحين، ولاريب أنه كان صاحب أفراد ومناكير تنغمر في سعة ماروى، فإنه من أوعية العلم، وهو أقوى من عبدالله كاتب الليث).
قال الذهبي في «الميزان» : محدث مكثر، فيه لين. وقال في «المغني»: صدوق، له مناكير، ضعفه لذلك النسائي. وفي «تاريخ الإسلام»: استقرَّ الأمر على توثيقه، وتجنُّب ما يُنكر له.
ووصفه في «سير أعلام النبلاء» : بالإمام، الحافظ، الصدوق. وقال:
…
(وكان عالم أهل المدينة، ومحدثهم في زمانه، على نقص في حفظه وإتقانه، ولولا أن الشيخين احتجا به؛ لزحزح حديثه عن درجة الصحيح إلى درجة الحسن؛ هذا الذي عندي فيه).
(1)
المعروف بشاذان، وهو متهم بالكذب. انظر:«لسان الميزان» (8/ 273).
وقال في «مَن تُكُلِّم فيه وهو مُوثَّق أو صالح الحديث» : صدوق مشهور، ذو غرائب، وسمع منه الشيخان.
قال ابن حجر في «التقريب» : صدوق، أخطأ في أحاديث من حفظه.
وقال في «هدي الساري» : (
…
احتجَّ به الشيخان، إلا أنهما لم يُكثرا من تخريج حديثه، ولا أخرج له البخاري مما تفرَّد به سوى حديثين؛ وأما مسلم فأخرج له أقل مما أخرج له البخاري، وروى له الباقون سوى النسائي فإنه أطلق القول بضعفه، وروى عن سلمة بن شبيب ما يوجب طرح روايته
…
ورُوِّينا في «مناقب البخاري» بسند صحيح أنَّ إسماعيل أخرج له أُصُولَه وأذن له أن ينتقي منها، وأن يُعلِم له على ما يحدِّث به؛ ليحدث به ويعرض عما سواه؛ وهو مُشْعِرٌ بأنَّ ما أخرجه البخاري عنه هو من صحيح حديثه؛ لأنه كتب من أصوله، وعلى هذا لا يُحتَجُّ بشيء من حديثه غير ما في الصحيح، من أجل ما قدح فيه النسائي وغيرُه، إلا إن شاركه فيه غيره، فيعتبر فيه).
ومما يدل على انتقاء البخاري أيضاً، وعلى عدم صحة اتهامه بالكذب، ماذكره ابن حجر في موضع آخر من «هدي الساري» قال: (وقال محمد بن أبي حاتم: سمعت البخاري يقول: كان إسماعيل بن أبي أويس إذا انتخبتُ من كتابه نسَخَ تلك الأحاديث لنفسه، وقال: هذه الأحاديث انتخبَها محمدُ بنُ إسماعيل من حديثي
…
قال: وقال لي ابنُ أبي أويس: انظر في كُتُبي وجميعِ ما أملكُ لكَ وأنا شاكر لك أبداً ما دُمْتُ حيَّاً).
ولعل الأقرب في حاله ماذكره الذهبي في «المغني» : صدوق له مناكير.
يستثنى من ذلك أحاديثه في الصحيحين، لإجماع الأمة على صحة ما فيهما، ولانتقاء الشيخين من أحاديثه ما وافق عليه الثقات ـ والله أعلم ـ.
ومما يدل ـ أيضاً ـ على أنه حسن الحديث، احتجاج ابن خزيمة، وابن حبان، والضياء المقدسي به في كتبهم.
(1)
توفي سنة (226 هـ)، وقيل:(227 هـ).
(2)
(1)
«صحيح ابن خزيمة» رقم (83)، (1026)، (1846)، و «صحيح ابن حبان» رقم
…
(75)، (4794)، (6394)، (6862)، «الأحاديث المختارة» للضياء رقم (146)،
…
(198)، (1495)، (2180)، (2259)، (2621)، وغيرها.
(2)
ينظر: «تاريخ ابن معين» رواية الدارمي (ص 207) رقم (931)، ورواية ابن محرز
…
ـ ط. الفاروق ـ (ص 96) رقم (121)، رواية ابن الجنيد (ص 99) رقم (174)،
…
«الجرح والتعديل» (2/ 180)، «التاريخ الكبير» لابن أبي خيثمة (2/ 368) رقم
…
(3430) وما بعده، «الضعفاء والمتروكون» للنسائي رقم (42)، «الضعفاء» للعقيلي
…
(1/ 101)، «الثقات» لابن حبان (8/ 99)، «الكامل» لابن عدي (1/ 323)،
…
«سؤالات البرقاني للدارقطني» (ص 164) و (ص 191) رقم (637 و 711)،
…
«سؤالات الحاكم للدارقطني» (ص 121) رقم (267)، «سؤالات ابن بكير وغيره للدارقطني» (ص 40) رقم (2)، «الإرشاد» للخليلي (1/ 347)، «المحلى» لابن حزم (6/ 250)، «التعديل والتجريح» للباجي (1/ 370) رقم (71)، «ترتيب المدارك» للقاضي عياض (3/ 151)، «تهذيب الكمال» (3/ 124)، «سير أعلام النبلاء» (10/ 391)، «تاريخ الإسلام» (5/ 534)، «من تُكلِّم فيه وهو موثق أو صالح الحديث» (ص 102) رقم (33)، «ميزان الاعتدال» (1/ 222)، «المغني في الضعفاء» (1/ 119) رقم (638)، «إكمال تهذيب الكمال» لمغلطاي (2/ 183)، «الكشف الحثيث» للحلبي (ص 68) رقم (136)، «تهذيب التهذيب» (1/ 310)، «هدي الساري» (ص 391، 482)، «تقريب التهذيب» (ص 147).
ــ موسى بن جعفر بن محمد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب القرشي الهاشمي العلوي، أبو الحسن المدني الكاظم.
ثِقَةٌ.
قال أبو حاتم: ثقة، صدوق، إمام من أئمة المسلمين.
وذكر الذهبي في «الميزان» : أنَّ حديثَه قليل جداً.
وذكر أنه أورده لأن العقيلي ذكره في كتابه، وقال: حديثه غير محفوظ
…
ـ يعني في الإيمان ـ قال العقيلي: الحمل فيه على أبي الصلت الهروي. قال الذهبي: فإذا كان الحمل فيه على أبي الصلت، فما ذنب موسى حتى تذكره؟ !
وقال في «السير» : روايته يسيرة؛ لأنه مات قبل أوان الرواية.
قال ابن حجر في «التقريب» : صدوق، عابد.
والراجح أنه ثقة، ولم أقف على كلام فيه.
(ت 183 هـ).
(1)
(1)
ينظر: «الجرح والتعديل» (8/ 139)، «الضعفاء» للعقيلي (4/ 1308)، «تاريخ بغداد» (15/ 14)، «تهذيب الكمال» (29/ 43)، «سير أعلام النبلاء» (6/ 270)، «ميزان الاعتدال» (4/ 397)، «الكاشف» (4/ 360)، «تهذيب التهذيب» (10/ 339)،
…
«تقريب التهذيب» (ص 579).
ــ جعفر بن محمد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب،
…
أبو عبدالله، المعروف بالصادق.
ثقة.
(1)
ــ محمد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب، أبو جعفر الباقر.
ثقة، فاضل.
(2)
ــ علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب، زين العابدين.
ثقة، ثبت.
(3)
لم يدرك جدَّه عليَّ بنَ أبي طالب رضي الله عنهما. فهو منقطع.
(4)
تخريج الحديث:
ــ أخرجه الحاكم في «المستدرك» ـ كما سبق ـ، عن أحمد بن عبيد، عن إبراهيم بن الحسين، عن إسماعيل بن أبي أويس، عن موسى بن جعفر.
ــ وأخرجه أيضاً في «فضائل فاطمة» (ص 71) رقم (74) عن أحمد
(1)
ستأتي ترجمته في الباب الثالث: مسند فاطمة، حديث رقم (4).
(2)
ستأتي ترجمته في الباب الثالث: مسند فاطمة، حديث رقم (4).
(3)
ستأتي ترجمته في الباب الثالث: مسند فاطمة، حديث رقم (8).
(4)
«المراسيل» لابن أبي حاتم (ص 139) رقم (503).
بن عبيد، عن إبراهيم بن الحسين، عن إسماعيل بن أبي أويس، عن أبيه
(1)
، عن موسى بن جعفر، به. مثله.
ــ وفي «فضائل فاطمة» أيضاً (ص 79) رقم (92) عن أحمد بن عبيد، عن محمد بن إبراهيم بن زياد
(2)
، عن عمرو بن زياد
(3)
، عن موسى بن جعفر، به. مقتصراً على الجزء الأخير: إنشاد علي البيتين.
ــ وأخرجه ابن حبان في «الثقات» (9/ 234) قال: حدثني حبيب بنسأ، قال: حدثنا هشام بن كامل البِيْوَرْدِي، قال: حدثنا يزيد بن هارون، قال: حدثنا حميد الطويل، عن أنس بن مالك قال: (لمَّا ماتت فاطمة دخلَ عليٌّ فقال:
لكل اجتماع من خليلين فرقة
…
وكل الذي دون الفراق قليل
وإن افتقادي واحداً بعد واحدٍ
…
دليل على أن لا يدوم خليل
فلما حُملت الجنازة قام في المقبرة فقال: السلام عليكم يا أهل البلاء، أموالكم قُسمت، ودوركم سكنت، ونساؤكم نكحت، فهذا خبرُ ما عندنا فما خبرُ ما عندكم؟
(1)
عبدالله بن عبدالله أويس، صدوق يهم. «تقريب التهذيب» (ص 343).
(2)
الطيالسي الرازي. متروك. «لسان الميزان» (6/ 473).
(3)
الباهلي الثوباني، وضَّاع. «لسان الميزان» (6/ 206).
فهتف هاتف من قبرٍ: وعليكم السلام، ما أكلنا ربحنا، وما قدمنا وجدنا، وما خلفنا خسرنا).
أورده ابن حبان في ترجمة هشام، وقال عنه: شيخ يروي عن يزيد بن هارون، لم أرَ في حديثه ما في القلب منهُ، إلا شيئاً حدثني به حبيب
…
فذكره.
ومع استنكار ابن حبان له، قال ابن حجر في «لسان الميزان»
…
(8/ 337) أيضاً: الخبر موقوف، وهو ظاهر النكارة.
(1)
ــ وأخرجه ابن عساكر في «تاريخ دمشق» (27/ 394) من طريق البيهقي، عن أبي عبدالله الحاكم في «التاريخ» قال: سمعت مكي بن أحمد
(1)
وبنحو المروي عن علي، رُوِيَ عن عمر رضي الله عنهم، أخرجه: ابن أبي الدنيا في «الهواتف» (ص 97) رقم (100) قال: حدثني محمد بن العباس، قال: حدثنا مطهر بن النعمان، عن محمد بن جبير، أن عمر بن الخطاب، مرَّ ببقيع الغرقد فقال:«السلام عليكم يا أهل القبور، أخبار ما عندنا أن نساءكم قد تزوجن، ودوركم قد سكنت، وأموالكم قد فرقت» فأجابه هاتف: يا عمر بن الخطاب أخبار ما عندنا أنَّ ما قدمناه فقد وجدناه، وما أنفقناه فقد ربحناه وما خلفناه فقد خسرناه». وهو ضعيف.
ــ محمد بن جبير بن مطعم، ثقة. قال في «التهذيب»:(ولا يصح سماعه من عمر بن الخطاب، فإن الدارقطني نص على أن حديثه عن عثمان مرسل). «تهذيب التهذيب»
…
(9/ 92)، «تقريب» (ص 502).
ــ مطهر بن النعمان لم أجد له ترجمة.
البردعي
(1)
يقول: حدثنا أبو القاسم عبدالله بن الحسن بن عبد الرحمن البزاز بأطرابلس
(2)
،
قال: حدثنا علي بن القاسم المحدث
(3)
، قال: حدثنا أبو زيد النحوي
(4)
، قال: حدثنا سفيان بن عيينة، عن عبدالله بن دينار، عن سعيد بن المسيب، قال: دخلنا مقابر المدينة مع علي بن أبي طالب، فقام عليٌّ إلى قبر فاطمة وانصرف الناس، قال: فتكلم وأنشأ يقول:
لكل اجتماع من خليلين فرقة
…
وإن بقائي بعدكم لقليل
وإن افتقادي واحداً بعد واحدٍ
…
دليل أن لا يدوم خليل
أرى علل الدنيا عليَّ كثيرة
…
وصاحبها حتى الممات عليل
(1)
ثقة. «تاريخ دمشق» (60/ 236)، «الروض الباسم في تراجم شيوخ الحاكم»
…
(2/ 1302) رقم (1122).
(2)
ضعيف. «تاريخ دمشق» (27/ 394)، «ذيل ميزان الاعتدال» للعراقي (ص 302) رقم (474).
تنبيه: في النسخة التي اعتمدها محقق «ذيل الميزان» د. عبدالقيوم، بياض في الترجمة، تُستكمل من «تاريخ دمشق» .
(3)
يحتمل أنه الكندي قال أبو حاتم: ليس بالقوي، وقال العقيلي:(عن نعيم بن ضمضم إسناد شيعي فيه نظر، ولا يتابعه إلا من هو دونه أو نحوه). «الجرح والتعديل»
…
(6/ 201)، «الضعفاء» للعقيلي (3/ 969)، «لسان الميزان» (6/ 7).
(4)
سعيد بن أوس بن ثابت، أبو زيد النحوي البصري، صدوق له أوهام، ورمي بالقدر.
…
«تقريب التهذيب» (ص 268).
ثم نادى: يا أهل القبور من المؤمنين، تخبرونا بأخباركم، أم تريدون أن نخبركم؟
السلام عليكم ورحمة الله.
قال: فسمعنا صوتاً: وعليك السلام ورحمة الله وبركاته، يا أمير المؤمنين، خبِّرنا عمَّا كان بعدنا؟
فقال علي: أما أزواجكم فقد تزوجوا، وأما أموالكم فقد اقتسموها، وأما أولادكم فقد حُشروا في زمرة اليتامى، والبناء الذي شيدتم فقد سكنها أعداؤكم، فهذه أخباركم عندنا فما أخبار ما عندكم؟
فأجابه ميِّتٌ: قد تخرقت الأكفان، وانتثرت الشعور، وتقطعت الجلود، وسالت الأحداق على الخدود، وسالت المناخر بالقيح والصديد، وما قدمناه وجدناه، وما خلفناه خسرناه، ونحن مرتهنون بالأعمال.
قال البيهقي عقبه: (في إسناده قبل أبي زيد النحوي مَن يُجهل، والله أعلم).
والأثر فيه نكارة، وفيه ضعف من قبل عبدالله بن الحسن، وعلي بن القاسم، ولم أجد الحديث بغير هذا الإسناد، ومن المستغرب أن يتفرد به النحوي عن سفيان بن عيينة! مع غرابة القصة ـ والله أعلم ـ.
وروي من وجه آخر:
أخرجه: ابن عساكر في «تاريخ دمشق» (42/ 527): من طريق أبي بكر محمد بن أحمد بن عبد الرحمن بن محمد بن عمر
(1)
، قال: أخبرنا أبو بكر أحمد بن محمد بن موسى التميمي
(2)
، قال: حدثنا محمد بن أبي
(3)
سهل العطار، قال: حدثنا عبدالله بن محمد البلوي
(4)
، قال: حدثنا شيبان بن فروخ المسمعي
(5)
، عن أبي عمرو بن العلاء
(6)
، عن أبيه قال: وقف علي بن أبي طالب على قبر فاطمة رضي الله عنها فأنشأ يقول:
ذكرت أبا أروى فبِتُّ كأنني
…
برد الهموم الماضيات وكيل
لكل اجتماع من خليلين فرقة
…
وكل الذي قبل الممات قليل
(1)
هو الذكواني، ثقة. «التقييد» لابن نقطة (1/ 55)، «تاريخ الإسلام» (9/ 311).
(2)
العنبري، من شيوخ أبي نعيم الأصبهاني. «معرفة الصحابة» (5/ 2885)، تاريخ أصبهان» (1/ 195).
(3)
كذا وهو تصحيف، صوابه: محمد بن سهل العطار. كان يضع الحديث. «لسان الميزان»
…
(7/ 187).
(4)
كان يضع الحديث. «لسان الميزان» (4/ 563).
(5)
كذا، ولم أجده، ولعله تصحف من: الحبطي. صدوق يهم. «تقريب التهذيب»
…
(ص 303).
(6)
أبو عمرو بن العلاء بن عمار النحوي القارئ، ثقة من علماء العربية. (ت 154 هـ)، وهو ابن 86 سنة. «تقريب التهذيب» (ص 685).
وإن افتقادي واحداً بعد واحد
…
دليل على أن لا يدوم خليل
سيعرض عن ذكري وتنسى مودتي
…
ويحدث بعدي للخليل خليل
إذا انقطعت يوماً من العيش مدتي
…
فإن غناء الناكبات قليل
(1)
وهذا الحديث موضوع، آفته: العطار، والبلوي، وهما وضَّاعان.
وروي الحديث من وجه آخر:
ــ ورواه أحمد بن إسحاق بن إبراهيم بن نُبيط بن شَريط الأشجعي، عن أبيه، عن جدِّه، عن نُبيط، قال: لما توفيت فاطمة رضي الله عنها أنشأ علي بن أبي طالب رضي الله عنه يقول:
…
فذكر البيتين.
أخرجه: أبو الحسن أحمد بن القاسم اللكي المصري في «نسخة نبيط» (ص 58) رقم (63).
قال الذهبي: (أحمد بن إسحاق بن إبراهيم بن نبيط بن شريط. عن أبيه، عن جده بنُسخةٍ فيها بلايا
…
لا يحل الاحتجاج به، فإنه كذاب).
(2)
ووالده، وجده: مجهولان.
(1)
أورده ابن كثير في «البداية والنهاية» (11/ 122) بلا إسناد، عن أبي عمر بن العلاء، به.
(2)
«ميزان الاعتدال» (1/ 113).
وانظر: «الزيادات على الموضوعات» للسيوطي (2/ 783)، «الفوائد المجموعة» للشوكاني (ص 397) و (ص 425)، و «معرفة النسخ والصحف الحديثية» للشيخ: بكر أبو زيد (ص 88 ـ 89).
* الأبيات التي تمثَّلَ بها عليٌّ رضي الله عنه تناقلهما أهل الأدب باختلاف بينهم زيادة ونقصاً، وفي نسبتهما.
(1)
(1)
ذَكر أن عليَّ بنَ أبي طالب رضي الله عنه تمثَّل بهما: أبو الحسن علي بن محمد المدائني
…
(ت 224 هـ) في «التعازي» (ص 70) رقم (87)، وعنه: الزبير بن بكار في «الأخبار الموفقيات» (ص 193) رقم (106)، وابن عبد ربه في «العقد» (3/ 241)، والمسعودي في «مروج الذهب» (2/ 297)، والحصري القيرواني في «زهر الآداب» (1/ 82)، والطرطوشي في «سراج الملوك» (ص 14)، والشارعي في «مرشد الزوار» (1/ 73)، والنويري في «نهاية الأرب» (5/ 164)، والسخاوي في «ارتياح الأكباد» (ص 460).
ولفظ القيرواني:
أرى عِللَ الدُّنيا علىَّ كثيرةً
…
وصاحِبُها حتَّى المماتِ عَليلُ
لِكُلِّ اجتِمَاعٍ مِن خَليلينِ فُرْقَةٌ
…
وإنَّ الذي دُونَ الممَاتِ قَليلُ
وإنَّ افتِقَادِي فَاطِمَاً بعَد أحمدٍ
…
دَليلٌ على ألا يَدُومَ خَلِيلُ
وذكرها دون نسبة: الجاحظ (ت 255 هـ)«البيان والتبيُّن» (3/ 181)، وذكر قبلها:
ذكرت أبا أروى فبِتُّ كأنني
…
برَدِّ الأمور الماضيات وكيلُ
وفي «الحماسة البصرية» (1/ 248) أيضاً بلا نسبة، وقال: وتروى لعلي.
والمبرِّد (ت 285 هـ) في «الكامل» (3/ 1390) ذكر البيت الثاني فقط، وفي «التعازي» له (ص 207) وعزاه لعلي بن أبي طالب. وانظر حاشية محقق «الكامل» د. الدالي.
وذكرها ابن حمدون في «التذكرة الحمدونية» (4/ 237)، وقال: تمثل بهما علي
…
وتُروى لشقران السلاماني، وأولها:
ذكرت أبا أروى فبِتُّ كأنني
…
برَدِّ الهموم الماضيات كفيلُ
وقال ابن عبدالبر في «بهجة المجالس» (2/ 359): (يقال: إنها له، وقال ابن الأعرابي: هي أبيات لشقران السلاماني).
ونسبها: الزوزني في «قشْر الفَسْر» (1/ 86)، وابن عساكر في «تاريخ دمشق»
…
(23/ 123، 126) لشقران السلاماني. ذكرهما ابن عساكر أثناء ترجمته لشقران.
ويُروى أن عليَّاً تمثَّل بقولِ بعضِ بَني ضَبَّة:
أقول وقد فاضَت دموعي عزيزة
…
أرى الأرضَ تبقى والأخلاء تذهبُ
أخلَّاي لو غيرُ الممات أصابكم
…
جزِعتُ ولكن ما على الدهر مَعتَبً
ذكره: الطرطوشي في «سراج الملوك» (ص 14)، والشارعي في «مرشد الزوار»
…
(1/ 73)، والسخاوي في «ارتياح الأكباد» (ص 460).
الحكم على الحديث:
الحديث ضعيف، وعلته: إسماعيل بن أبي أويس، فهو وإن ترجح أنه صدوق إلا أن له مناكير، وقد رواه مرة عن موسى بن جعفر، ومرة عن والده، ووالده: صدوق يهم ـ كما سبق بيان ذلك ـ.
ومتابعة عمرو بن زياد لإسماعيل ضعيفة جداً، لأنها من طريق محمد بن إبراهيم الطيالسي وهو متروك.
وحديث أنس رضي الله عنه وما بعده، ما بين ضعيف منكر، وموضوع، وليس فيها الشاهد وهو قول فاطمة رضي الله عنها.
ويغني عنه حديث أنس بن مالك رضي الله عنه في الصحيحين، وقد سبق برقم (21).
* * *
25.
[6] قال ابن سعد رحمه الله أخبرنا محمد بن عمر، عن سفيان بن عيينة، عن عمرو بن دينار، عن أبي جعفر، قال: «ما رُؤيَتْ
(1)
فاطمةُ ضَاحِكةً بعْدَ رسُولِ الله صلى الله عليه وسلم إلا أنها قد تُمُورِي
(2)
في طَرَفِ فِيها».
[«الطبقات الكبرى» لابن سعد ـ ط. صادر ـ (2/ 312، 248)]
(1)
في مطبوعة «الطبقات» ـ ط. صادر ـ، وط. الخانجي (2/ 218، 271): ما رأيتُ. مبني للمعلوم، وكذا في مطبوعة «حلية الأولياء» (2/ 43)، وجامع الآثار لابن ناصر الدين ـ كما سيأتي ـ، وهو فيما يظهر خطأ من الطابع، فإن أبا جعفر لا يقول: ما رأيتُ وهو لم يدرك فاطمة، فاللفظة: ما رُؤيَت، مبني للمجهول.
والكلمة عند السابقين برسم واحد أو قريب، لذلك جاءت «ما رُئِيَت» أو «رؤيت» في مطبوعات: الطبراني، والصحابة لأبي نعيم ـ كما سيأتي في التخريج ـ، و «أسد الغابة»
…
(6/ 225)، و «تهذيب الكمال» (35/ 251)، و «التوضيح شرح الجامع الصحيح» لابن الملقن (20/ 206)، و «سبل الهدى والرشاد» للصالحي (11/ 49)، وغيرها.
(2)
في مطبوعتَي «الطبقات» : تمودي، بالدال، ولم أجد له معنى، وأظنه تصحيفاً، وعند ابن ناصر الدين الدمشقي في «جامع الآثار» (7/ 8) ـ وقد نقل إسنادَ ومتنَ ابن سعد ـ: تموري. بالراء. وغالب المصادر: امتروا.
وعند أبي نعيم في «الحلية» : افترت، وهو تصحيف، وجاء على الصواب عنده في «معجم الصحابة»: امتروا.
دراسة الإسناد:
ــ محمد بن عمر بن واقد الواقدي الأَسلميّ مولاهم، أبو عَبد الله المدني، قاضي بغداد.
متروك.
(1)
ـ سفيان بن عيينة بن أبي عمران، واسمه ميمون، الهلالي، أبو محمد الكوفي.
إِمَامٌ، حُجَّةٌ.
قال ابن سعد: ثقة ثبت، كثير الحديث، حجة.
قال ابن المديني: ما في أصحاب الزهري أتقن من ابن عيينة.
وأثنى عليه الثوري، والشافعي وغيرهما.
قال الذهبي في «الميزان» : أحد الثقات الأعلام، أجمعت الأمة على الاحتجاج به، وكان يدلس، لكن المعهود منه أنه لا يدلس إلا عن ثقة، وكان قوي الحفظ، وما في أصحاب الزهري أصغر سناً منه، ومع هذا فهو من أثبتهم.
وقال في «السير» : الإمام الكبير، حافظ العصر، شيخ الإسلام.
ورمي بالاختلاط بأَخَرَه.
(1)
ستأتي ترجمته في الباب الثالث: مسند فاطمة، حديث رقم (13).
قال محمد بن عبدالله بن عمار: سمعت يحيى بن سعيد يقول: اشهدوا أن سفيان بن عيينة اختلط سنة 97، فمن سمع منه في هذه السنة وبعدها، فسماعه لا شيء.
قال الذهبي في «السير» : (هذا منكر من القول، ولا يصح، ولا هو بمستقيم، فإن يحيى القطان مات في صفر من سنة 98، مع قدوم الوفد من الحج، فمَنْ الذي أخبره باختلاط سفيان، ومتى لحق أن يقول هذا القول، وقد بلغت التراقي، وسفيان حجة مطلقاً، وحديثه في جميع دواوين الإسلام).
وقال الذهبي أيضاً في «الميزان» : (روى محمد بن عبدالله بن عمار الموصلي، عن يحيى بن سعيد القطان قال: أشهدُ أن سفيان بن عيينة اختلط سنة سبع وتسعين ومئة، فمن سمع منه فيها فسماعه لا شيء. قلت (الذهبي): سمع منه فيها محمد بن عاصم
(1)
صاحب ذاك الجزء العالي، ويغلب على ظني أن سائر شيوخ أئمة الستة سمعوا منه قبل سنة سبع، فأما سنة ثمان وتسعين ففيها مات ولم يلقه أحدٌ فيها؛ لأنه توفي قبل قدوم الحاج بأربعة أشهر، وأنا استبعد هذا الكلام من القطان، وأعدُّه غلطاً من ابن عمار، فإن القطان مات في صفر من سنة ثمان وتسعين وقت قدوم الحاج، ووقت تحدثهم عن أخبار الحجاز، فمتى تمكن يحيى بن سعيد من أن يسمع اختلاط سفيان، ثم يشهد
(1)
الأصبهاني.
عليه بذلك، والموت قد نزل به؟ ! فلعله بلغه ذلك في أثناء سنة سبع، مع أن يحيى متعنت جداً في الرجال، وسفيان فثقةٌ مطلقاً، والله أعلم).
وتعقب ابنُ حجر كلامَ الذهبي فقال في «التهذيب» : (ابن عمار من الإثبات المتقين، وما المانع أن يكون يحيى بن سعيد سمعه من جماعة ممن حج في تلك السنة، واعتمد قولهم، وكانوا كثيراً، فشهد على استفاضتهم؟
وقد وجدتُ عن يحيى بن سعيد شيئاً يصلح أن يكون سبباً لما نقله عن ابن عمار في حق ابن عيينة، وذلك ما أورده أبو سعد ابن السمعاني في ترجمة
…
«إسماعيل بن أبي صالح المؤذن» من «ذيل تاريخ بغداد» بسندٍ له قوي إلى عبدالرحمن بن بشر بن الحكم، قال: سمعت يحيى بن سعيد يقول: قلت لابن عيينة: كنت تكتب الحديث وتحدث اليوم، وتزيد في إسناده، أو تنقص منه؟ فقال: عليك بالسماع الأول، فإني قد سمنت.
وذكر أبو معين الرازي في زيادة «كتاب الإيمان» لأحمد: أن هارون بن معروف قال له: إن ابن عيينة تغير أمره بأخرة، وإن سليمان بن حرب قال له: إن ابن عيينة أخطأ في عامة حديثه عن أيوب).
قال الشيخ عبدالرحمن المعلمي في «التنكيل» : (كان ابن عيينة بمكة، والقطان بالبصرة ولم يحج القطان سنة سبع، فلعله حج سنة ست، فرأى ابن عيينة قد ضعف حفظه قليلاً، فربما أخطأ في بعض مظان الخطأ من الأسانيد، وحينئذ سأله فأجابه كما أخبر بذلك عبدالرحمن بن بشر، ثم كأنه بلغ القطان
في أثناء سنة سبع، أو أوائل سنة ثمان، أن ابن عيينة أخطأ في حديثين فعدَّ ذلك تغيراً، وأطلق كلمة «اختلط» على عادته في التشديد.
وقد كان ابن عيينة أشهر من نار على علم، فلو اختلط الاختلاط الاصطلاحي لسارت بذلك الركبان، وتناقله كثير من أهل العلم، وشاع وذاع، وهذا «جزء محمد بن عاصم» سمعه من ابن عيينة في سنة سبع، ولا نعلمهم انتقدوا منه حرفاً واحداً، فالحق أن ابن عيينة لم يختلط، ولكن كَبُر سِنُّهُ، فلم يبق حفظه على ما كان عليه، فصار ربما يخطيء في الأسانيد التي لم يكن قد بالغ في إتقانها، كحديثه عن أيوب، والذي يظهر أن ذلك خطأ هين، ولهذا لم يعبأ به أكثر الأئمة، ووثقوا ابن عيينة مطلقاً).
والراجح في مسألة تغيُّر ابن عيينة واختلاطه أنه رحمه الله تغير تغيراً يسيراً، وهو المعتاد، ولا يصل إلى وصفه بالاختلاط ورَدَّ مروياته، كما حرره المعلمي رحمه الله.
وقد وُصِفَ بالتدليس، وصفَه بذلك: الإمام أحمد، والنسائي، وابن حبان، والدارقطني وغيرهم.
وذكره ابن حجر في المرتبة الثانية من مراتب المدلسين، وهم مَنْ احتمل الأئمة تدليسه، وأخرجوا له في الصحيح لإمامته، وقِلَّة تدليسه في جنب ما روى، كالثوري، أو كان لا يدلس إلا عن ثقة كابن عيينة.
قال ابن حجر في «تقريب التهذيب» : ثقة، حافظ، فقيه، إمام، حجة، إلا أنه تغير حفظه بأَخَرَة، وكان ربما دلَّس لكن عن الثقات .. وكان أثبت الناس في عمرو بن دينار.
خلاصة ما سبق أنه إمام حجة، ثقة حافظ. ت 198 هـ.
(1)
ـ عَمْرو بنِ دِينَار المكي، أبو محمد الأثرم الجُمَحي مولاهم.
ثِقَةٌ، ثَبْتٌ.
قال أحمد بن حنبل: كان شعبة لا يُقدِّم على عمرو بن دينار أحداً،
…
لا الحكم، ولا غيره، يعني في الثبت، قال: وكان عمرو مولى، ولكنَّ اللهَ شرَّفه بالعلم.
(1)
ينظر: «الطبقات» لابن سعد (5/ 497)، «العلل للإمام أحمد» رواية عبدالله (176)
…
و (1831)، «التاريخ الكبير» للبخاري (4/ 94)، «المعرفة والتاريخ» للبسوي
…
(1/ 185)، «ذكر المدلسين» للنسائي (18)، «الجرح والتعديل» (1/ 32)، «الإحسان بترتيب صحيح ابن حبان» (1/ 161)، «سؤالات الحاكم للدارقطني» (ص 122) رقم (269)، «تهذيب الكمال» (11/ 177)، «سير أعلام النبلاء» (8/ 454)، «ميزان الاعتدال» (2/ 161)، «جامع التحصيل» للعلائي (ص 186) رقم (250)، «تهذيب التهذيب» (4/ 117)، «تقريب التهذيب» (ص 395)، «تعريف أهل التقديس» رقم (52)، «الكواكب النيرات» رقم (27)، «التنكيل» للمعلمي (1/ 263)، «معجم المختلطين» لمحمد بن طلعت (ص 144)، «معجم المدلسين» لمحمد بن طلعت
…
(ص 218).
قال ابن عيينة: حدثنا عمرو بن دينار وكان ثِقةً ثِقةً ثِقةً.
وَثَّقَهُ: ابن سعد وزاد: ثبت، كثير الحديث، والعجلي،
…
وأبو حاتم، وزاد: ثقة، ثقة، وأبو زرعة، والنسائي وزاد: ثبت، وغيرهم. وذكره ابن حبان في «الثقات» .
قال الذهبي في «الميزان» : عالم الحجاز، حجة، وما قيل عنه من التشيع، فباطل.
قال ابن حجر في «تقريب التهذيب» : ثِقةٌ، ثَبتٌ.
(ت 125 هـ)، وقيل:(126 هـ).
(1)
ـ محمد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب القرشي الهاشمي،
…
أبو جعفر الباقر.
ثِقَةٌ. ولم يدرك جدَّه عليَّ بنَ أبي طالب.
(2)
(1)
ينظر: «الطبقات» لابن سعد (5/ 479)، «التاريخ الكبير» (6/ 328)، «الجرح والتعديل» (6/ 231)، «الثقات» لابن حبان (5/ 167)، «تهذيب الكمال» (22/ 5)، «سير أعلام النبلاء» (5/ 300)، «ميزان الاعتدال» (3/ 266)، «الكاشف»
…
(3/ 512)، «تهذيب التهذيب» (8/ 28)، «تقريب التهذيب» (ص 451).
(2)
ستأتي ترجمته في الباب الثالث: مسند فاطمة، حديث رقم (4).
تخريج الحديث:
ــ أخرجه ابن سعد في «الطبقات» ـ كما سبق ـ عن الواقدي.
ــ ويعقوب بن سفيان في «التاريخ» ـ كما في «جامع الآثار» لابن ناصر الدين (7/ 8) ـ عن أبي بكر الحميدي.
ــ والطبراني في «المعجم الكبير» (22/ 399) رقم (955)، وعنه:
…
[أبو نعيم في «معرفة الصحابة» (6/ 3191) رقم (7335)] من طريق عبدالرزاق الصنعاني.
ــ وأبو نعيم في «حلية الأولياء» (2/ 43)، و «معرفة الصحابة»
…
(6/ 3192) رقم (7336) من طريق عبدالجبار بن العلاء.
(1)
ــ والحاكم في «فضائل فاطمة» (ص 78) رقم (87) عن أحمد بن سليمان العباداني الموصلي
(2)
، عن علي بن حرب الطائي الموصلي.
(3)
خمستهم: (الواقدي، الحميدي، عبدالرزاق، عبدالجبار بن العلاء، علي بن حرب) عن ابن عيينة، به.
(1)
لا بأس به. «تقريب التهذيب» (ص 365).
(2)
صدوق تكلم في بعض حديثه؛ لسماعه وهو صغير. «لسان الميزان» (1/ 477)،
…
«الروض الباسم» للمنصوري (1/ 221) رقم (81).
(3)
صدوق. «تقريب التهذيب» (ص 430).
ــ لفظ الحميدي: ولقد امتروا يوماً في طرف نابها. قال أبو جعفر: ومكثت بعده ستة أشهر.
ــ لفظ عبدالرزاق نحوه، وأوله: مكثت بعده ثلاثة أشهر. وعند أبي نعيم من طريق عبدالرزاق: (كذا في رواية عبدالرزاق ثلاثة أشهر، وقال غيره: ستة أشهر).
(1)
ــ وعند أبي نعيم في «الحلية» ، و «الصحابة» من طريق عبدالجبار: قال: ومكثت بعده ستة أشهر. وفي «الصحابة» زيادة: وقال الزهري: ثلاثة أشهر.
ــ لفظ علي بن حرب: ما رأيت فاطمة ضاحكة بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا يوم أشرفت على الموت، وإنما مكثت بعده ستة أشهر.
قال سفيان: قال الزهري: وإنما مكثت فاطمة بعد النبي صلى الله عليه وسلم ثلاثة أشهر.
علَّق الحاكم بقوله: (هذا هو الصحيح من حياة فاطمة بعد أبيها، وإليه ذهب أحمد بن حنبل في «تاريخه»).
والزيادة التي تفرَّد بها علي بن حرب: إلا يوم أشرفت على الموت. زيادة ضعيفة، انفرد بها عن الرواة الذين رووا عن ابن عيينة، ومنهم الحفاظ: عبدالرزاق، والحميدي.
(1)
سيأتي بيان ذلك في الباب الأول: الفصل الخامس: المبحث الأول: وفاتها.
ولعل الضعف من الراوي عن علي بن حرب: أحمد بن سليمان العباداني ـ والله أعلم ـ.
والصواب أنها توفيت بعد أبيها صلى الله عليه وسلم بستة أشهر، كما في الصحيحين من حديث عائشة، وسيأتي بحث ذلك ـ إن شاء الله ـ في مبحث وفاتها.
الحكم على الحديث:
الحديث فيه ضعف من جهة إرساله، محمد بن علي بن الحسين لم يدرك جدَّه علي بنَ أبي طالب رضي الله عنه، والضعفُ هنا محتمَلٌ؛ لأن الحديث في السِّيَر، ومخرجه من آل البيت، وهم أعلم بها في هذا من غيرهم
(1)
، والدواعي متوفرة على نقله، وهذه الصفة من الشؤون التي يتناقلها آل الرجل جيلاً بعد جيل، والمدة الزمنية التي بقيت فاطمة بعد أبيها صلى الله عليه وسلم قليلة جداً، وقد فقدَت أمها قبلُ، وأخواتَها رضي الله عنهن، فالحزن لا يبرح قلبها، والسلوان بعيد
…
ـ والله أعلم ـ.
وسبق في التمهيد: المبحث السادس، ذكر مسألة احتمال المراسيل وما فيه ضَعفٌ يسير، فيما يتعلق بالسيرة ونحوها، وهذا الحديث منها.
(1)
وهذه من قرائن الترجيح عند الاختلاف، انظر:«هدي الساري» (ص 371)، «مجموع فتاوى ابن تيمية» (6/ 404).
غريب الحديث:
ــ (تموري) و (امتروا): امترى في الشيء: إِذا شك فيه. المراء: الجدال، والتماري والمماراة: المجادلة على مذهب الشك والريبة.
(1)
* * *
(1)
ينظر: «لسان العرب» (15/ 278)، «النهاية» (4/ 322)، «شمس العلوم» للحِمْيَري (9/ 6282)، «مجمع بحار الأنوار» للفَتَّنِي الهندي (4/ 568).
26.
[7] قال الطبراني رحمه الله: حدثنا منتصر بن محمد، قال: حدثنا إبراهيم بن سعيد، قال: حدثنا أبو أحمد الزبيري، قال: حدثنا عمرو بن ثابت، عن أبيه، عن سميع الزيات، عن سعيد بن زيد رضي الله عنه قال:«لمَّا قُبِضَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم كانت فاطمةُ تكشف رأسَها إذا دخلَ الغُلام، فإذا دخَل الرجلُ غطَّتْهُ» .
قال الطبراني: لا يُروى هذا الحديث عن سعيد بن زيد إلا بهذا الإسناد، تفرَّد به: إبراهيم بن سعيد.
[«المعجم الأوسط» للطبراني (8/ 265) رقم (8591)]
دراسة الإسناد:
ــ منتصر بن محمد بن المنتصر، أبو منصور البغدادي.
مجهول الحال.
روى عن: علي بن شبرمة، وإبراهيم بن سعيد، ومحمد بن بكار، وغيرهم.
روى عنه: الطبراني وأكثر عنه في «المعجمين» ، ومحمد بن مخلد، وزكريا بن يحيى.
ترجم له الخطيب، ولم يذكر فيه جرحاً ولا تعديلاً.
(1)
(1)
ينظر: «تاريخ بغداد» (15/ 362)، «إرشاد القاصي والداني إلى تراجم شيوخ الطبراني» للمنصوري (ص 652) رقم (1070).
ـ إبراهيم بن سعيد الجوهري، أبو إسحاق بن أبي عثمان الطبري الأصل، البغدادي.
ثِقَةٌ، حَافِظٌ.
سأل موسى بن هارون الإمام أحمد عن إبراهيم الجوهري؟ فقال: كثير الكتاب، كتب فأكثر، فاستأذنه في الكتابة عنه، فأذن له.
وثَّقَه: النسائي، والدارقطني، وابن حبان حيث ذكره في «الثقات» واحتج به في «صحيحه» ، وأبو يعلى الخليلي، والخطيب ولفظه:(كان مكثراً، ثقة، ثبتاً، صنف المسند).
واحتجَّ به مسلم في «صحيحه» .
قال ابن أبي حاتم: سمعت أبي يقول: كتبت عنه: وكان يذكره بالصدق.
ذكر ابن خراش أنه سمع حجاج بن الشاعر يقول: رأيت إبراهيم بن سعيد الجوهري عند أبي نعيم، وأبو نعيم يقرأ، وهو نائم، وكان الحجاج يقع فيه.
لأجل هذا الجرح من ابن خراش أورده الذهبي في «الميزان» ؛ للدفاع عنه، وتوثيقه، فقال:(لا عبرة بهذا، وإبراهيم حجة بلا ريب).
قال الذهبي في «السير» : (الإمام، الحافظ، المجوِّد، صاحب المسند الأكبر،
…
إلى أن قال: الرجلُ ثِقةٌ، حافِظٌ، وقد ليَّنه حجاج بن الشاعر بلا وجه).
قال ابن حجر في «تقريب التهذيب» : ثِقَةٌ، حَافِظٌ، تُكُلِّم فيه بلا حُجة
…
مات في حدود الخمسين ومئتين.
(1)
ــ محمد بن عبدالله بن الزبير بن عمر بن درهم الأسدي مولاهم،
…
أبو أحمد الزبيري الكوفي.
ثقة، ثبت، إلا أنه يخطئ في حديث الثوري.
وثَّقَه: ابن معين، والعجلي، ابن نمير، وزاد: صدوق، صحيح الكتاب، والترمذي وزاد: حافظ، وابن قانع.
وقال ابن معين في رواية، والنسائي: ليس به بأس. وقال ابن سعد،
…
وأبو زرعة: صدوق. زاد ابن سعد: كثير الحديث.
قال بندار: ما رأيت رجلاً قط أحفظ من أبي أحمد الزبيري.
قال أحمد: كان كثير الخطأ في حديث سفيان.
وقال أبو حاتم: حافظ للحديث، عابد، مجتهد، له أوهام.
ووصفه بالتشيُّع: العجلي. ولم أجده عند غيره ـ فالله أعلم ـ.
(1)
ينظر: «الجرح والتعديل» (2/ 104)، «الثقات» لابن حبان (8/ 83)، «تاريخ بغداد»
…
(6/ 618)، «طبقات الحنابلة» (1/ 239) رقم (93)، «تهذيب الكمال» (2/ 95)،
…
«سير أعلام النبلاء» (12/ 149)، «ميزان الاعتدال» (1/ 73)، «الكاشف»
…
(2/ 51)، «إكمال تهذيب الكمال» لمغلطاي (1/ 209)، «نهاية السول» (1/ 279)،
…
«تهذيب التهذيب» (1/ 123)، «تقريب التهذيب» (ص 128).
قال ابن حجر في «هدي الساري» : أحد الأثبات الثقات المشهورين من شيوخ أحمد بن حنبل.
وقال في «التقريب» : ثقة، ثبت، إلا أنه يخطئ في حديث الثوري.
وهو الراجح، لتوثيق من ذُكر، وأما من أنزله درجة فلعله لأجل أوهامه في حديث سفيان ـ كما قال الإمام أحمد ـ والإمام أحمد من تلامذة الزبيري، ومما يدل على توثيقه احتجاج الشيخين به في صحيحيهما، وأما أوهامه في حديث سفيان فقد قال ابن حجر في «هدي الساري»:(ما أظنُّ البخاري أخرج له شيئاً من أفراده عن سفيان).
روى له الجماعة، (ت 302 هـ).
(1)
ــ عَمرو بن ثابت بن هُرمز البكري، أبو محمد، ويقال: أبو ثابت، وهو عمرو بن أبي المقدام الحداد، مولى بكر بن وائل.
ضَعيفٌ، رُمي بالرفض.
(1)
ينظر: «الطبقات الكبرى» لابن سعد (6/ 402)، «الثقات» للعجلي (2/ 242)،
…
«الجامع» للترمذي، بعد حديث (417)، «الجرح والتعديل» (7/ 297)، «الثقات» لابن حبان (9/ 58)، «تاريخ بغداد» (3/ 396)، «تهذيب الكمال» (25/ 476)،
…
«سير أعلام النبلاء» (9/ 529)، «تهذيب التهذيب» (9/ 254)، «هدي الساري»
…
(ص 439)، «تقريب التهذيب» (ص 518).
تركَ حديثَه: ابنُ المبارك وابنُ مهدي، وقال ابن المبارك: لا تحدِّثوا عنه، فإنه كان يسب السلف.
قال ابن معين: ليس بثقة، ولا مأمون، لا يكتب حديثه. وقال مرة: ليس بشئ. وقال مرة: ضعيف.
وضعَّفَهُ: أبو زرعة، وأبو حاتم، وزاد: يكتب حديثه، كان ردئ الرأي، شديد التشيع. وضعفه أيضاً: مسلم، والبسوي، والدارقطني، وغيرهم.
قال البخاري: ليس بالقوي عندهم.
قال ابن سعد: ليس هو عندهم في الحديث بشيء، ومنهم من لا يكتب حديثه؛ لضعفه ورأيه، وكان متشيعاً مفرطاً.
قال العجلي: شديد التَّشَيُّع، غالٍ فيه، واهي الحديث.
قال أبو داوود: رافضي خبيث. وقال مرة: رجل سوء. وقال مرة: ليس يشبه حديثه أحاديث الشيعة، وجعل يقول: يعني أن أحاديثه مستقيمة. وقال مرة: ليس في حديثه نكارة.
قال معاوية بن صالح عن ابن معين ـ كما في ضعفاء العقيلي ـ: عمرو بن ثابت لا يكذب في حديثه.
قال النسائي: متروك الحديث. وقال في موضع: ليس بثقة ولا مأمون.
قال البزار: كان يتشيع ولم يُترك.
قال ابن حبان: يروي الموضوعات عن الأثبات، لا يحل ذكره في الكتب إلا على سبيل الاعتبار. وقال ابن عدي: الضعف على رواياته بيِّن.
وصفَه بالغلو في التشيُّع: ابن سعد، وأبو حاتم، والعجلي، ووصفه بالرفض: أبو داوود.
قال الذهبي في «المغني» : متروك.
قال ابن حجر في «التقريب» : ضعيف، رمي بالرفض.
وهو الراجح، لأن غالب الأئمة على تضعيفه، ووصف بأنه لا يكذب، وهو شيعي غالٍ، وابن معين قال: لا يكتب حديثه، وأبو حاتم قال: يكتب حديثه. ومما يقوي رأي أبي حاتم قولُ أبي داوود: لا يشبه حديثه أحاديث الشيعة ـ والله أعلم ـ.
(1)
(1)
ينظر: «الطبقات» لابن سعد (6/ 383)، «تاريخ ابن معين رواية الدوري»
…
(2/ 440)، ورواية الدارمي (ص 140) رقم (520)، «التاريخ الكبير» للبخاري
…
(6/ 319)، «الكنى» لمسلم ـ ط. الفاروق ـ (1/ 123) رقم (483)، «الثقات» للعجلي (2/ 172)، «الجرح والتعديل» (6/ 223)، «سؤالات الآجري لأبي داوود»
…
(1/ 244، 341) رقم (333، 591)، «الضعفاء والمتروكون» للنسائي رقم (450)،
…
«الضعفاء» للعقيلي (3/ 981)، «المجروحون» لابن حبان (2/ 42)، «الكامل» لابن عدي (5/ 120)، «الضعفاء والمتروكون» للدارقطني (ص 309) رقم (402)،
…
«تهذيب الكمال» (21/ 553)، «ميزان الاعتدال» (3/ 257)، «المغني في الضعفاء»
…
(2/ 141)، «إكمال تهذيب الكمال» لمغلطاي (10/ 137)، «تهذيب التهذيب»
…
(8/ 8)، «تقريب التهذيب» (ص 449).
ــ ثابت بن هُرمز ويقال: هريمز،
(1)
البكري مولاهم، الكوفي،
…
أبو المقدام الحداد، مشهور بكنيته.
ثقة.
وثقه: ابن معين، وابن المديني، والإمام أحمد، وأبو داوود، والنسائي، والبسوي، وأحمد بن صالح، وذكره ابن حبان في «الثقات» .
قال أبو حاتم: صالح.
ذكر ابن القطان الفاسي الحديث الذي أخرجه أبو داود من طريق ثابت بن هرمز، وقال:(وهذا غاية في الصحة، فإن أبا المقدام: ثابت بن هرمز الحداد، والد عمرو ابن أبي المقدام، ثقة، قاله: ابن حنبل، وابن معين، والنسائي، ولا أعلم أحداً ضعَّفَه غير الدارقطني).
قلت: ولم أقف على كلام الدارقطني في أيٍّ مِن كُتُبِه في الحديث
(1)
فرَّقَ بينهم البخاريُّ في «التاريخ الكبير» ، وذكر في الموضع الثاني أن الإمام أحمد قال: هو ابن هرمز. وهو كذلك كما في «العلل» رواية ابنه عبدالله. وقال مغلطاي في «الإكمال» :
…
(وفي «أشياخ الثوري» تأليف مسلم بن الحجاج مجوداً: هرمز، ويقال: هريمز). وقال ابن حبان في ترجمة ثابت بن هريمز: (
…
ومن زعم أنه ثابت بن هرمز فإنما تورَّع عن التصغير).
والرجال.
قال الذهبي في «الكاشف» : ثقة. وقال في «الميزان» : ثقة احتج به النسائي.
قال ابن حجر في «التقريب» : صدوق يهم.
والراجح أنه ثقة، لتوثيق الأئمة السابق ذكرهم، وهو اختيار الذهبي ـ والله أعلم ـ.
(1)
ــ سميع الزيات، أبو صالح الكوفي، مولى عبدالله بن عباس رضي الله عنهما.
ثقة.
وثقه: ابن معين، وأبو زرعة، وذكره ابن حبان في «الثقات» . وصفه ابن سعد بأنه قليل الحديث.
(2)
(1)
ينظر: «تاريخ ابن معين» رواية الدوري (2/ 70)، «العلل للإمام أحمد» رواية عبدالله
…
(3/ 96) رقم (4355)، «التاريخ الكبير» للبخاري (2/ 171)، «المعرفة والتاريخ» للبسوي (3/ 89، 198)، «الجرح والتعديل» (2/ 459)، «الثقات» لابن حبان
…
(6/ 124)، «بيان الوهم والإيهام» لابن القطان (5/ 281)، «تهذيب الكمال»
…
(4/ 380)، «الكاشف» (2/ 189)، «ميزان الاعتدال» (1/ 342)، «إكمال تهذيب الكمال» لمغلطاي (3/ 84)، «تهذيب التهذيب» (2/ 16)، «تقريب التهذيب»
…
(ص 172).
(2)
ينظر: «الطبقات الكبرى» لابن سعد (6/ 227)، «التاريخ الكبير» للبخاري
…
(4/ 189)، «التاريخ الكبير» لابن أبي خيثمة (2/ 205) رقم (2441)، «الجرح والتعديل» (4/ 305)، «الثقات» لابن حبان (4/ 342).
ــ سعيد بن زيد بن عمرو بن نفيل القرشي العدوي رضي الله عنه.
صحابي جليل، وأحد العشرة المبشرين بالجنة.
وهو ابن عم عمر بن الخطاب بن نفيل، وصهره على أخته فاطمة بنت الخطاب رضي الله عنهم.
من المهاجرين الأولين، لم يشهد بدراً؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم بعثه هو وطلحة بن عبيدالله يتحسسان العير قبل أن يخرج من المدينة، فلم يشهدا بدراً، وضرب لهما بسهمهما وأجرهما.
كان يسكن الكوفة في زمان معاوية، ثم رجع إلى المدينة، وتوفي سنة
…
(51 هـ) بالعقيق، وحُمل فدفن في البقيع، وهو ابن ثلاث، وقيل: أربع وسبعين سنة.
(1)
تخريج الحديث:
ــ أخرجه الطبراني في «المعجم الأوسط» ـ كما سبق ــ ولم أجده عند غيره.
قال الطبراني عقبه: (لا يُروى هذا الحديث عن سعيد بن زيد إلا بهذا
(1)
ينظر: «الطبقات الكبرى» لابن سعد (3/ 379)، «معجم الصحابة» للبغوي (3/ 62)، «معرفة الصحابة» لأبي نعيم (1/ 140)، «تهذيب الكمال» (10/ 446)، «سير أعلام النبلاء» (1/ 124)، «الإصابة في تمييز الصحابة» (3/ 87).
الإسناد، تفرَّد به: إبراهيم بن سعيد).
الحكم على الحديث:
الحديث ضعيف، فيه علتان: شيخ الطبراني: مجهول الحال، وعمرو بن ثابت: ضعيف.
* * *
الدراسة الموضوعية:
الصحيح من أحاديث هذا المبحث، حديث عائشة رقم (20)، وحديث أنس بن مالك رقم (21) رضي الله عنهم، وحديث رقم (24) مما يُحتَمَل في الباب.
وقد ذُكر أنها رضي الله عنها وجدت على أبيها وجْداً عظيماً
(1)
،
وروى يزيد بن أبي زياد، عن عبدالله بن الحارث، قال: مكثت فاطمة بعد النبي صلى الله عليه وسلم ستة أشهر، وهي تذوب
(2)
، وما ضحكت بعده أبداً
(3)
، وما رُؤيت ضاحكة إلا تَبسُّماً حتى ماتت، وامتروا بطرف فيها، ويُروى أنها تبسمت قُبيل وفاتها عندما قيل لها عن النعش الذي يُصنع في الحبشة.
(4)
قال ابن كثير رحمه الله: (ويُقال: إنها لم تضحك في مدة بقائها بعده -
(1)
«أسد الغابة» (6/ 225).
وذكر محمد المنبَجِي (ت 785 هـ) في كتابه «تسلية أهل المصائب» (ص 86) أنه لم تُصَبْ امرأة في الوجود بما أصيبت به فاطمة، بفقد أبيها صلى الله عليه وسلم.
(2)
«سير أعلام النبلاء» (2/ 128)، «تاريخ الإسلام» (2/ 33)، «التحفة اللطيفة» للسخاوي (9/ 348).
(3)
«الثغور الباسمة» للسيوطي (ص 81)، «إتحاف السائل بما لفاطمة من المناقب» المنسوب للمناوي (ص 68).
(4)
«التوضيح لشرح الجامع الصحيح» لابن الملقن (20/ 206).
عليه الصلاة والسلام -، وإنها كادت تذوب مِن حُزنِها عليه، وشوقِها إليه).
(1)
قال القسطلاني رحمه الله في حالها: ما ضحِكت، وحُقَّ لها ذلك.
(2)
قال ابن ناصر الدين الدمشقي رحمه الله: (ورُويَ أنه لم يهْنَ لأهل المدينةِ عيشٌ في حياة فاطمة عليها السلام؛ لأنهم كانوا كُلمَّا رأوها كئِيبَةً حَزِينَةً؛ تجدَّدَ حُزْنُهُم، وكَدَّر عليهم عَيشَهم، إلى أن توفِّيتْ رضوان الله عليها.
وقيل: كانت دموعها على الدوام تجري، وربما كُلِّمَتْ ولا تدري!
وما أحقها بما قاله أبو الحسن علي بن حسن بن علي بن ميمون النهري الشاعر السمسمي:
(3)
(1)
«البداية والنهاية» (9/ 489).
(2)
«إرشاد الساري» (6/ 472).
فائدة: ومن خرافات الصوفية الغلاة قول محمد كبريت (ت 1070 هـ) في كتابه «الجواهر الثمينة في محاسن المدينة» (ص 212) اشتد حزن فاطمة على موت النبي صلى الله عليه وسلم حتى ماتت كمداً بعده بستة أشهر، وبيتها مجاور لضريحه الشريف، ولم تُنقل عنها رؤيته في المدة التي تأخرتها عنه.
قلت: (إبراهيم): ذكَرَ ما سبق أثناء حديثه عن مسألة رؤية النبي صلى الله عليه وسلم بعد موته في اليقظة! !
وقوله «ماتت كمداً» ليس له أصل.
(3)
تصحف الاسم في مطبوعة «جامع الآثار» إلى: الشمسي، وكذا تصحف في مطبوعة
…
«سلوة الكئيب» إلى: السمسي، وصوابه: السمسمي، كما في مصادر ترجمته التالية.
دع مقلتي تبكي عليك بأدمُعٍ
…
إن البكاء شفاءُ قلب الموجع
ودع الدموع تكدُّ جفني في الهوى
…
من غاب عنه حبيبه لم يهجع
ولقد بكيتُ عليك حتى رقّ لي
…
من كان فيك يلومني وبكى معي
(1)
حُقَّ لها الحزن بفقد الطود الشامخ، وبفقد عائلتها كلها، ولا يوجد حنان وشفقة أعظم من شفقة أبيها النبي صلى الله عليه وسلم، ويزداد حزنها حينما تتذكره في كل حين، وتتذكر مواطن ذكراه، وهي قريبة الخطى إليها: مسكنه ومصلاه، ومواطئ غدوه ورواحه إليها، ومواضع احتفائه بها.
لما توفي النبي صلى الله عليه وسلم اشتدَّ حُزن الصحابة رضي الله عنهم عليه، وأظلمت المدينة عليهم، وأنكروا قلوبهم بعد دفنه، ورثوه بقصائد كثيرة.
(2)
(1)
«جامع الآثار» لابن ناصر الدين الدمشقي (7/ 8 ـ 9)، «سلوة الكئيب بوفاة الحبيب» له أيضاً (ص 165).
والأبيات في: «معجم الأدباء» (4/ 1818)، و «الوافي بالوفيات» للصفدي
…
(20/ 187)، و (21/ 197).
(2)
ينظر: «الطبقات الكبرى» لابن سعد (2/ 312)، «البداية والنهاية» (8/ 156)،
…
«جامع الآثار» لابن ناصر الدين الدمشقي (7/ 10)، «سلوة الكئيب بوفاة الحبيب» لابن ناصر الدين (ص 132)، «فتح الباري» لابن حجر (8/ 150)، «بهجة المحافل وبغية الأماثل» للعامري الحرَضي (ت 893 هـ)(2/ 114).
فائدة: توجد رسالتان جامعيتان عن مرض النبي صلى الله عليه وسلم ووفاته، وهما:
…
«الأحاديث الواردة في مرض النبي صلى الله عليه وسلم ووفاته، ، وأثر ذلك على أصحابه رضي الله عنهم ـ دراسة حديثية فقهية ـ» لعلي بن إبراهيم النهاري، ماجستير من الجامعة الإسلامية في المدينة النبوية (1418 هـ)، و «مرويات مرض النبي صلى الله عليه وسلم ووفاته» لأحمد بن ماهر بن عبدالمنان قاسم، ماجستير في الجامعة الأردنية (1412 هـ).
ثم طبع: «كنز الوفا في ذكر آخر أيام المصطفى صلى الله عليه وسلم ــ مرض الرسول صلى الله عليه وسلم ووفاته ووصاياه الأخيرة ـ» لعمر بن شفيق الندوي، ط. دارالبشائر الإسلامية في بيروت، ط. الأولى (1439 هـ).
عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: «لما كان اليوم الذي قدم فيه
…
رسُولِ الله صلى الله عليه وسلم المدينة أضاءَ منها كلُّ شيءٍ، فلما كان اليوم الذي مات فيه أظلمَ منها كلُّ شَيءٍ، قال: وما نفَضْنَا عن رسُولِ الله صلى الله عليه وسلم الأيدي حتى أنكرنَا قلوبَنا».
(1)
(1)
أخرجه: وابن ماجه في «سننه» رقم (1631)، والترمذي في «جامعه» رقم (3618)، وابن سعد في «الطبقات الكبرى» (1/ 234)، وأحمد في «مسنده» (21/ 330) رقم
…
(13830)، وعبد بن حميد في «مسنده» ـ كما في «المنتخب» (2/ 280) رقم (1287)، والبزار في «البحر الزخار» (13/ 291) رقم (6871)، وأبو يعلى في «مسنده»
…
(6/ 51) رقم (3296)، والروياني في «مسنده» (2/ 392) رقم (1386)، وابن حبان في «صحيحه» (14/ 601) رقم (6634)، والآجري في «الشريعة» (4/ 1623) رقم (1112) من طُرق عن جعفر بن سليمان، قال: حدثنا ثابت، عن أنس رضي الله عنه.
وإسناده حسن.
…
=
ـ جعفر بن سليمان الضبعي، قال الذهبي في «الكاشف» (2/ 209):(ثقة، فيه شئ، مع كثرة علومه، قيل: كان أمِّيَّاً، وهو من زهاد الشيعة). وقال ابن حجر في «التقريب»
…
(ص 179): (صدوق زاهد، لكنه كان يتشيع). أخرج له البخاري في الأدب المفرد، ومسلم، والأربعة.
قال الترمذي: (هذا حديث غريب صحيح). وقال ابن كثير في «البداية والنهاية»
…
(8/ 158): (إسناده على شرط الصحيحين، ومحفوظ من حديث جعفر بن سليمان، وقد أخرج له الجماعة، رواه الناس عنه كذلك).
قلت: قوله على شرط الشيخين ليس بصواب، فإن جعفراً لم يخرج له البخاري في
…
«صحيحه» .
ومع حزنهم الشديد على الفقد العظيم، والمصاب الجلل إلا أنهم ممتثلون هدي نبيِّهم وحبيبهم صلى الله عليه وسلم بالصبر والاحتساب، وعدم النياحة، فقد ذكر العلماء أنه لم يُنَحْ على رسول الله صلى الله عليه وسلم.
(1)
والزهراء الطيبة، البضعة النبوية، من كُمَّل النساء، فهي سيدة نساء الجنة، قابلت المصيبة بالصبر الجميل، مع حزنها العميق، فالحزن ودمع العين مما لايؤاخذ به الإنسان ولا يدخل في المحظور الشرعي إذا سَلِم من التسخط على القدر، والنياحة
…
فإذا كان حزن الصحابة رضي الله عنهم كما وُصِف، فكيف بابنته الوحيدة بعد وفاته صلى الله عليه وسلم، وبفقدِه فقدَت أموراً كثيرة: أبوة، ونبوة، فقدَتْ نورَ
(1)
ينظر: «البداية والنهاية» (8/ 157).
حياتها، وسعادتها وأنسها، وقبله فقدَتْ أمها وجميع أخواتها، فالحق أنها مصيبة عليها عظيمة، وهي مع إيمانها امرأة، والمرأة ضعيفة الجسم والتحمُّل، وإيمانها بالله عاصم لها من الزلل بعد المصيبة.
قال ابن رُشَيْق القَيرواني (ت 463 هـ) رحمه الله: (والنساء أشجى الناس قلوباً عند المصيبة، وأشدُّ جزعاً على هالك؛ لما ركب الله عز وجل في طباعهن من الخَوَر، وضعف العزيمة).
(1)
ولم يقع منها أو مِن أحد من الصحابة رضي الله عنهم نياحة، أو ما يخالف هدي النبي صلى الله عليه وسلم، وحديثها السابق من حديث عائشة، وأنس رضي الله عنهم ليس فيهما نياحة.
قال ابن حجر رحمه الله: (قولها: «واكرب أباه» في رواية مبارك بن فضالة، عن ثابت، عند النسائي:«واكرباه» ، والأول أصوب؛ لقوله في نفس الخبر:«ليس على أبيك كرب بعد اليوم» ، وهذا يدل أنها لم ترفع صوتها بذلك، وإلا لكان ينهاها
…
فلما دفن قالت فاطمة يا أنس إلخ وهذا من رواية أنس، عن فاطمة، وأشارت عليها السلام بذلك إلى عتابهم على إقدامهم على ذلك، لأنه يدل على
(1)
«العمدة في صناعة الشعر ونقده» (2/ 841).
خلاف ما عرفته منهم من رِقَّة قلوبهم عليه؛ لشدة محبتهم له، وسكت أنسٌ عن جوابها؛ رعاية لها، ولسان حاله يقول لم تطب أنفسنا بذلك، إلا أنا قهرناها على فعله، امتثالاً لأمرِه
…
ويستفاد من الحديث جواز التوجع للميت عند احتضاره بمثل قول فاطمة عليها السلام: «واكرب أباه» ، وأنه ليس من النياحة، لأنه صلى الله عليه وسلم أقرَّها على ذلك.
وأما قولها بعد أن قُبض: «وا أبتاه ، .. إلخ» ، فيؤخذ منه أن تلك الألفاظ إذا كان الميت متصفاً بها، لا يمنع ذكره لها بعد موته، بخلاف ما إذا كانت فيه ظاهراً، وهو في الباطن بخلافه، أو لا يتحقق اتصافه بها، فيدخل في المنع
…
).
(1)
قال ابن هبيرة (ت 560 هـ) رحمه الله: (وأما قول فاطمة رضي الله عنها:
…
«واكرب أبتاه» ، فإنَّ هذه الألف والهاء في كلام العرب يُسمَّيان حرفي ندبة؛ فلو قال غير فاطمة عليها السلام مثل هذا القول الجميل على ميِّتٍ، جَاز، ما لم تقل شيئاً يُسخط الرب، أو يتبع ذلك بنَوحٍ أو لطم خَدٍّ أو شق ثوب، ولْتَقُلْ هذا المرأة إذا قالَتْهُ وهي جالسة؛ لئلا تتَشَبَّهَ بالنادِبَةِ في قيامها.
وفي كلام فاطمة عليها السلام دليل على فصاحتها وصدقها؛ لأنها لم تقل:
(1)
«فتح الباري» لابن حجر (8/ 149).
«واكرباه» بل قالت: واكرب أبتاه، يعني الذي منه كربي).
(1)
قال ابن القيم رحمه الله ــ بعد بيان مسألة النياحة والندب ــ: (وأما الكلمات اليسيرة إذا كانت صدقاً لا على وجه النوح والتسخُّط، فلا تحرم، ولا تنافي الصبر الواجب، نص عليه أحمد
…
وذكرَ فِعلَ أبي بكر بعدَ وفاةِ النبيِّ صلى الله عليه وسلم، وقول فاطمة: «يا أبتاه أجاب
…
»
ثم قال: (وهذا ونحوه من القول الذى ليس فيه تظلُّم للمقدور، ولا تسخُّطٌ على الربِّ تعالى، ولا إسخاط له، فهو كمجرد البكاء).
(2)
قال ابن عثيمين رحمه الله: (فجعل يتغشاه الكرب، فتقول فاطمة رضي الله عنه:«وأكرب أباه» تتوجع له من كربه، لأنها امرأة، والمرأة لا تطيق الصبر
…
وقال: فجعلت رضي الله عنه تندبه، لكنه ندبٌ خفيف، لا يدل على التسخط من قضاء الله وقدره
…
وقولها: «أطابت أنفسكم أن تحثوا على رسول الله صلى الله عليه وسلم التراب» ؟ يعني من شدة وَجْدِها عليه، وحزنها، ومعرفتها بأن الصحابة