المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌[سورة يوسف (12) : الآيات 43 إلى 45] - التحرير والتنوير - جـ ١٢

[ابن عاشور]

فهرس الكتاب

- ‌[سُورَة هود (11) : آيَة 6]

- ‌[سُورَة هود (11) : آيَة 7]

- ‌[سُورَة هود (11) : آيَة 8]

- ‌[سُورَة هود (11) : آيَة 9]

- ‌[سُورَة هود (11) : آيَة 10]

- ‌[سُورَة هود (11) : آيَة 11]

- ‌[سُورَة هود (11) : آيَة 12]

- ‌[سُورَة هود (11) : آيَة 13]

- ‌[سُورَة هود (11) : آيَة 14]

- ‌[سُورَة هود (11) : الْآيَات 15 إِلَى 16]

- ‌[سُورَة هود (11) : آيَة 17]

- ‌[سُورَة هود (11) : الْآيَات 18 إِلَى 19]

- ‌[سُورَة هود (11) : آيَة 20]

- ‌[سُورَة هود (11) : الْآيَات 21 إِلَى 22]

- ‌[سُورَة هود (11) : آيَة 23]

- ‌[سُورَة هود (11) : آيَة 24]

- ‌[سُورَة هود (11) : الْآيَات 25 إِلَى 26]

- ‌[سُورَة هود (11) : آيَة 27]

- ‌[سُورَة هود (11) : آيَة 28]

- ‌[سُورَة هود (11) : آيَة 29]

- ‌[سُورَة هود (11) : آيَة 30]

- ‌[سُورَة هود (11) : آيَة 31]

- ‌[سُورَة هود (11) : الْآيَات 32 إِلَى 33]

- ‌[سُورَة هود (11) : آيَة 34]

- ‌[سُورَة هود (11) : آيَة 35]

- ‌[سُورَة هود (11) : آيَة 36]

- ‌[سُورَة هود (11) : آيَة 37]

- ‌[سُورَة هود (11) : الْآيَات 38 إِلَى 39]

- ‌[سُورَة هود (11) : آيَة 40]

- ‌[سُورَة هود (11) : آيَة 41]

- ‌[سُورَة هود (11) : الْآيَات 42 الى 43]

- ‌[سُورَة هود (11) : آيَة 44]

- ‌[سُورَة هود (11) : الْآيَات 45 إِلَى 47]

- ‌[سُورَة هود (11) : آيَة 48]

- ‌[سُورَة هود (11) : آيَة 49]

- ‌[سُورَة هود (11) : الْآيَات 50 إِلَى 52]

- ‌[سُورَة هود (11) : الْآيَات 53 الى 56]

- ‌[سُورَة هود (11) : آيَة 57]

- ‌[سُورَة هود (11) : آيَة 58]

- ‌[سُورَة هود (11) : الْآيَات 59 إِلَى 60]

- ‌[سُورَة هود (11) : آيَة 61]

- ‌[سُورَة هود (11) : آيَة 62]

- ‌[سُورَة هود (11) : آيَة 63]

- ‌[سُورَة هود (11) : الْآيَات 64 إِلَى 65]

- ‌[سُورَة هود (11) : الْآيَات 66 الى 68]

- ‌[سُورَة هود (11) : الْآيَات 69 إِلَى 73]

- ‌[سُورَة هود (11) : الْآيَات 74 إِلَى 76]

- ‌[سُورَة هود (11) : آيَة 77]

- ‌[سُورَة هود (11) : آيَة 78]

- ‌[سُورَة هود (11) : الْآيَات 79 إِلَى 80]

- ‌[سُورَة هود (11) : آيَة 81]

- ‌[سُورَة هود (11) : الْآيَات 82 إِلَى 83]

- ‌[سُورَة هود (11) : الْآيَات 84 إِلَى 86]

- ‌[سُورَة هود (11) : آيَة 87]

- ‌[سُورَة هود (11) : آيَة 88]

- ‌[سُورَة هود (11) : الْآيَات 89 إِلَى 90]

- ‌[سُورَة هود (11) : آيَة 91]

- ‌[سُورَة هود (11) : آيَة 92]

- ‌[سُورَة هود (11) : آيَة 93]

- ‌[سُورَة هود (11) : الْآيَات 94 إِلَى 95]

- ‌[سُورَة هود (11) : الْآيَات 96 إِلَى 97]

- ‌[سُورَة هود (11) : الْآيَات 98 إِلَى 99]

- ‌[سُورَة هود (11) : الْآيَات 100 إِلَى 101]

- ‌[سُورَة هود (11) : آيَة 102]

- ‌[سُورَة هود (11) : الْآيَات 103 إِلَى 104]

- ‌[سُورَة هود (11) : الْآيَات 105 إِلَى 108]

- ‌[سُورَة هود (11) : آيَة 109]

- ‌[سُورَة هود (11) : آيَة 110]

- ‌[سُورَة هود (11) : آيَة 111]

- ‌[سُورَة هود (11) : آيَة 112]

- ‌[سُورَة هود (11) : آيَة 113]

- ‌[سُورَة هود (11) : آيَة 114]

- ‌[سُورَة هود (11) : آيَة 115]

- ‌[سُورَة هود (11) : آيَة 116]

- ‌[سُورَة هود (11) : آيَة 117]

- ‌[سُورَة هود (11) : الْآيَات 118 إِلَى 119]

- ‌[سُورَة هود (11) : آيَة 120]

- ‌[سُورَة هود (11) : الْآيَات 121 إِلَى 122]

- ‌[سُورَة هود (11) : آيَة 123]

- ‌12- سُورَةُ يُوسُفَ

- ‌مِنْ مَقَاصِدِ هَذِهِ السُّورَةِ

- ‌[سُورَة يُوسُف (12) : آيَة 1]

- ‌[سُورَة يُوسُف (12) : آيَة 2]

- ‌[سُورَة يُوسُف (12) : آيَة 3]

- ‌[سُورَة يُوسُف (12) : آيَة 4]

- ‌[سُورَة يُوسُف (12) : آيَة 5]

- ‌[سُورَة يُوسُف (12) : آيَة 6]

- ‌[سُورَة يُوسُف (12) : آيَة 7]

- ‌[سُورَة يُوسُف (12) : آيَة 8]

- ‌[سُورَة يُوسُف (12) : آيَة 9]

- ‌[سُورَة يُوسُف (12) : آيَة 10]

- ‌[سُورَة يُوسُف (12) : الْآيَات 11 إِلَى 12]

- ‌[سُورَة يُوسُف (12) : الْآيَات 13 إِلَى 14]

- ‌[سُورَة يُوسُف (12) : آيَة 15]

- ‌[سُورَة يُوسُف (12) : الْآيَات 16 الى 18]

- ‌[سُورَة يُوسُف (12) : آيَة 19]

- ‌[سُورَة يُوسُف (12) : آيَة 20]

- ‌[سُورَة يُوسُف (12) : آيَة 21]

- ‌[سُورَة يُوسُف (12) : آيَة 22]

- ‌[سُورَة يُوسُف (12) : الْآيَات 23 إِلَى 29]

- ‌[سُورَة يُوسُف (12) : آيَة 30]

- ‌[سُورَة يُوسُف (12) : الْآيَات 31 إِلَى 32]

- ‌[سُورَة يُوسُف (12) : الْآيَات 33 إِلَى 34]

- ‌[سُورَة يُوسُف (12) : آيَة 35]

- ‌[سُورَة يُوسُف (12) : آيَة 36]

- ‌[سُورَة يُوسُف (12) : الْآيَات 37 إِلَى 38]

- ‌[سُورَة يُوسُف (12) : الْآيَات 39 إِلَى 40]

- ‌[سُورَة يُوسُف (12) : آيَة 41]

- ‌[سُورَة يُوسُف (12) : آيَة 42]

- ‌[سُورَة يُوسُف (12) : الْآيَات 43 إِلَى 45]

- ‌[سُورَة يُوسُف (12) : آيَة 46]

- ‌[سُورَة يُوسُف (12) : الْآيَات 47 إِلَى 49]

- ‌[سُورَة يُوسُف (12) : آيَة 50]

- ‌[سُورَة يُوسُف (12) : آيَة 51]

- ‌[سُورَة يُوسُف (12) : آيَة 52]

الفصل: ‌[سورة يوسف (12) : الآيات 43 إلى 45]

الضَّمِيرَانِ إِلَى مَا عَادَ إِلَيْهِ ضَمِيرُ وَقالَ أَيْ يُوسُفُ- عليه السلام أَنْسَاهُ الشَّيْطَانُ ذِكْرَ اللَّهِ، فَالذِّكْرُ الثَّانِي غَيْرُ الذِّكْرِ الْأَوَّلِ. وَلَعَلَّ كِلَا الِاحْتِمَالَيْنِ مُرَادٌ، وَهُوَ مِنْ بَدِيعِ الْإِيجَازِ. وَذَلِكَ أَنَّ نِسْيَانَ يُوسُفَ- عليه السلام أَنْ يَسْأَلَ اللَّهَ إِلْهَامَ الْمَلِكِ تَذَكُّرِ شَأْنِهِ كَانَ مِنْ إِلْقَاءِ الشَّيْطَانِ فِي أُمْنِيَتِهِ، وَكَانَ ذَلِكَ سَبَبًا إِلَهِيًّا فِي نِسْيَانِ السَّاقِي تَذْكِيرَ الْمَلِكِ، وَكَانَ ذَلِكَ عِتَابًا إِلَهِيًّا لِيُوسُفَ- عليه السلام عَلَى اشْتِغَالِهِ بِعَوْنِ الْعِبَادِ دُونَ اسْتِعَانَةِ رَبِّهِ عَلَى خَلَاصِهِ.

وَلَعَلَّ فِي إِيرَادِ هَذَا الْكَلَامِ عَلَى هَذَا التَّوْجِيهِ تَلَطُّفًا فِي الْخَبَرِ عَنْ يُوسُفَ- عَلَيْهِ

السَّلَامُ-، لِأَنَّ الْكَلَامَ الْمُوَجَّهَ فِي الْمَعَانِي الْمُوَجَّهَةِ أَلْطَفُ مِنَ الصَّرِيحِ.

وَالْبِضْعُ: مِنَ الثَّلَاثِ إِلَى التِّسْعِ.

وَفِيمَا حَكَاهُ الْقُرْآنُ عَنْ حَالِ سجنهم مَا ينبىء عَلَى أَنَّ السِّجْنَ لَمْ يَكُنْ مَضْبُوطًا بِسِجِلٍّ يُذْكَرُ فِيهِ أَسْمَاءُ الْمَسَاجِينِ، وَأَسْبَابُ سَجْنِهِمْ، وَالْمُدَّةُ الْمَسْجُونُ إِلَيْهَا، وَلَا كَانَ مِنْ وَزَعَةِ السُّجُونِ وَلَا مِمَّنْ فَوْقَهُمْ مَنْ يَتَعَهَّدُ أَسْبَابَ السَّجْنِ وَيَفْتَقِدُ أَمْرَ الْمَسَاجِينِ وَيَرْفَعُ إِلَى الْمَلِكِ فِي يَوْمٍ مِنَ الْأُسْبُوعِ أَوْ مِنَ الْعَامِ. وَهَذَا مِنَ الْإِهْمَالِ وَالتَّهَاوُنِ بِحُقُوقِ النَّاسِ وَقَدْ أَبْطَلَهُ الْإِسْلَامُ، فَإِنَّ مِنَ الشَّرِيعَةِ أَنْ يَنْظُرَ الْقَاضِي أَوَّلَ مَا يَنْظُرُ فِيهِ كُلَّ يَوْمٍ أَمر المساجين.

[43- 45]

[سُورَة يُوسُف (12) : الْآيَات 43 إِلَى 45]

وَقالَ الْمَلِكُ إِنِّي أَرى سَبْعَ بَقَراتٍ سِمانٍ يَأْكُلُهُنَّ سَبْعٌ عِجافٌ وَسَبْعَ سُنْبُلاتٍ خُضْرٍ وَأُخَرَ يابِساتٍ يَا أَيُّهَا الْمَلَأُ أَفْتُونِي فِي رُءْيايَ إِنْ كُنْتُمْ لِلرُّءْيا تَعْبُرُونَ (43) قالُوا أَضْغاثُ أَحْلامٍ وَما نَحْنُ بِتَأْوِيلِ الْأَحْلامِ بِعالِمِينَ (44) وَقالَ الَّذِي نَجا مِنْهُما وَادَّكَرَ بَعْدَ أُمَّةٍ أَنَا أُنَبِّئُكُمْ بِتَأْوِيلِهِ فَأَرْسِلُونِ (45)

هَذَا عَطْفُ جُزْءٍ مِنْ قِصَّةٍ عَلَى جُزْءٍ مِنْهَا تَكْمِلَةً لِوَصْفِ خَلَاصِ يُوسُفَ- عليه السلام مِنَ السِّجْنِ.

ص: 279

وَالتَّعْرِيفُ فِي الْمَلِكُ لِلْعَهْدِ، أَيْ مَلِكُ مِصْرَ. وَسَمَّاهُ الْقُرْآنُ هُنَا مَلِكًا وَلَمْ يُسَمِّهِ فِرْعَوْنَ لِأَنَّ هَذَا الْمَلِكَ لَمْ يَكُنْ مِنَ الْفَرَاعِنَةِ مُلُوكِ مِصْرَ الْقِبْطِ، وَإِنَّمَا كَانَ مَلِكًا لِمِصْرَ أَيَّامَ حَكَمَهَا (الْهِكْسُوسُ) ، وَهُمُ الْعَمَالِقَةُ، وَهُمْ مِنَ الْكَنْعَانِيِّينَ، أَوْ مِنَ الْعَرَبِ، وَيُعَبِّرُ عَنْهُمْ مُؤَرِّخُو الْإِغْرِيقِ بِمُلُوكِ الرُّعَاةِ، أَيِ الْبَدْوُ. وَقَدْ مَلَكُوا بِمِصْرَ مِنْ عَامِ 1900 إِلَى عَامِ 1525 قَبْلَ مِيلَادِ الْمَسِيحِ- عليه السلام. وَكَانَ عَصْرُهُمْ فِيمَا بَيْنَ مُدَّةِ الْعَائِلَةِ الثَّالِثَةِ عَشْرَةَ وَالْعَائِلَةِ الثَّامِنَةِ عَشْرَةَ مِنْ مُلُوكِ الْقِبْطِ، إِذْ كَانَتْ عَائِلَاتُ مُلُوكِ الْقِبْطِ قَدْ بَقِيَ لَهَا حُكْمٌ فِي مِصْرَ الْعُلْيَا فِي مَدِينَةِ (طِيبَةَ) كَمَا تَقَدَّمَ عِنْدَ قَوْلِهِ تَعَالَى: وَقالَ الَّذِي اشْتَراهُ [سُورَة يُوسُف:

21] . وَكَانَ مَلِكُهُمْ فِي تِلْكَ الْمُدَّةِ ضَعِيفًا لِأَنَّ السِّيَادَةَ كَانَتْ لِمُلُوكِ مِصْرَ السُّفْلَى. وَيُقَدِّرُ الْمُؤَرِّخُونَ أَنَّ مَلِكَ مِصْرَ السُّفْلَى فِي زَمَنِ يُوسُفَ- عليه السلام كَانَ فِي مُدَّةِ الْعَائِلَةِ السَّابِعَةِ عَشْرَةَ.

فَالتَّعْبِيرُ عَنْهُ بِالْمَلِكِ فِي الْقُرْآنِ دُونَ التَّعْبِيرِ بِفِرْعَوْنٍ مَعَ أَنَّهُ عَبَّرَ عَنْ مَلِكِ مِصْرَ فِي زَمَنِ مُوسَى- عليه السلام بِلَقَبِ فِرْعَوْنَ هُوَ مِنْ دَقَائِقِ إِعْجَازِ الْقُرْآنِ الْعِلْمِيِّ. وَقَدْ وَقَعَ فِي التَّوْرَاةِ إِذْ عَبَّرَ فِيهَا عَنْ مَلِكِ مِصْرَ فِي زَمَنِ يُوسُفَ- عليه السلام فِرْعَوْن وَمَا هُوَ بِفِرْعَوْنَ

لِأَنَّ أُمَّتَهُ مَا كَانَتْ تَتَكَلَّمُ بِالْقِبْطِيَّةِ وَإِنَّمَا كَانَتْ لُغَتُهُمْ كَنْعَانِيَّةً قَرِيبَةً مِنَ الْآرَامِيَّةِ وَالْعَرَبِيَّةِ، فَيَكُونُ زَمَنُ يُوسُفَ- عليه السلام فِي آخِرِ أَزْمَانِ حُكْمِ مُلُوكِ الرُّعَاةِ عَلَى اخْتِلَافٍ شَدِيدٍ فِي ذَلِكَ.

وَقَوْلُهُ: سِمانٍ جَمْعُ سَمِينَةٍ وَسَمِينٍ، مِثْلَ كِرَامٍ، وَهُوَ وَصْفٌ لِ بَقَراتٍ.

وعِجافٌ جَمْعُ عَجْفَاءَ. وَالْقِيَاسُ فِي جَمْعِ عَجْفَاءَ عُجْفٌ لَكِنَّهُ صِيغَ هُنَا بِوَزْنِ فِعَالٍ لِأَجْلِ الْمُزَاوَجَةِ لِمُقَارِنِهِ وَهُوَ سِمانٍ. كَمَا قَالَ الشَّاعِرُ:

هَتَّاكُ أَخْبِيَةٍ وَلَّاجُ أَبَوِيَةٍ وَالْقِيَاسُ أَبْوَابٌ لَكِنَّهُ حَمَلَهُ عَلَى أَخْبِيَةٍ.

وَالْعَجْفَاءُ: ذَاتُ الْعَجَفِ بِفَتْحَتَيْنِ وَهُوَ الْهُزَالُ الشَّدِيدُ.

ص: 280

ووَ سَبْعَ سُنْبُلاتٍ مَعْطُوفٌ عَلَى سَبْعَ بَقَراتٍ. وَالسُّنْبُلَةُ تَقَدَّمَتْ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى:

كَمَثَلِ حَبَّةٍ أَنْبَتَتْ سَبْعَ سَنابِلَ فِي سُورَةِ الْبَقَرَةِ [261] .

وَالْمَلَأُ: أَعْيَانُ النَّاسِ. وَتَقَدَّمَ عِنْدَ قَوْلِهِ تَعَالَى: قالَ الْمَلَأُ مِنْ قَوْمِهِ فِي سُورَةِ الْأَعْرَافِ [60] .

وَالْإِفْتَاءُ: الْإِخْبَارُ بِالْفَتْوَى. وَتَقَدَّمَتْ آنِفًا عِنْدَ قَوْلِهِ: قُضِيَ الْأَمْرُ الَّذِي فِيهِ تَسْتَفْتِيانِ [سُورَة يُوسُف: 41] .

وفِي لِلظَّرْفِيَّةِ الْمَجَازِيَّةِ الَّتِي هِيَ بِمَعْنَى الْمُلَابَسَةِ، أَيْ أَفْتُونِي إِفْتَاءً مُلَابِسًا لِرُؤْيَايَ مُلَابَسَةَ الْبَيَانِ للمجمل.

وَتَقْدِيم لِلرُّءْيا عَلَى عَامِلِهِ وَهُوَ تَعْبُرُونَ لِلرِّعَايَةِ عَلَى الْفَاصِلَةِ مَعَ الِاهْتِمَامِ بِالرُّؤْيَا فِي التَّعْبِيرِ. والتعريف فِي لِلرُّءْيا تَعْرِيفُ الْجِنْسِ.

وَاللَّام فِي لِلرُّءْيا لَامُ التَّقْوِيَةِ لِضَعْفِ الْعَامِلِ عَنِ الْعَمَلِ بِالتَّأْخِيرِ عَنْ مَعْمُولِهِ.

يُقَالُ: عَبَرَ الرُّؤْيَا مِنْ بَابِ نَصَرَ. قَالَ فِي «الْكَشَّافِ» : وَعَبَرَتِ الرُّؤْيَا بِالتَّخْفِيفِ هُوَ الَّذِي اعْتَمَدَهُ الْإِثْبَاتُ. وَرَأَيْتُهُمْ يُنْكِرُونَ عَبَّرَتْ بِالتَّشْدِيدِ وَالتَّعْبِيرِ، وَقَدْ عَثَرْتُ عَلَى بَيْتٍ أَنْشَدَهُ الْمُبَرِّدُ فِي كِتَابِ «الْكَامِلِ» لِبَعْضِ الْأَعْرَابِ:

رَأَيْتُ رُؤْيَايَ ثُمَّ عَبَرْتُهَا

وَكُنْتُ لِلْأَحْلَامِ عَبَّارًا

وَالْمَعْنَى: فَسَّرَ مَا تَدُلُّ عَلَيْهِ وَأَوَّلَ إِشَارَاتِهَا وَرُمُوزَهَا.

وَكَانَ تَعْبِيرُ الرُّؤْيَا مِمَّا يَشْتَغِلُونَ بِهِ. وَكَانَ الْكَهَنَةُ مِنْهُمْ يَعُدُّونَهُ مِنْ عُلُومِهِمْ وَلَهُمْ قَوَاعِدُ فِي حَلِّ رُمُوزِ مَا يَرَاهُ النَّائِمُ. وَقَدْ وُجِدَتْ فِي آثَارِ الْقِبْطِ أَوْرَاقٌ مِنَ الْبَرْدِي فِيهَا ضَوَابِطُ وَقَوَاعِدُ لِتَعْبِيرِ الرُّؤَى، فَإِنَّ اسْتِفْتَاءَ صَاحِبَيِ السِّجْنِ يُوسُفَ- عليه السلام فِي رؤييهما ينبىء بِأَنَّ ذَلِكَ شَائِعٌ فِيهِمْ، وَسُؤَالُ الْملك أهل ملأَهُ تَعْبِير رُؤْيَاهُ ينبىء عَنِ احْتِوَاءِ ذَلِكَ الْمَلَأِ عَلَى مَنْ يُظَنُّ بِهِمْ عِلْمُ تَعْبِيرِ الرُّؤْيَا، وَلَا يَخْلُو مَلَأُ الْمَلِكِ مِنْ حُضُورِ كُهَّانٍ مِنْ شَأْنِهِمْ تَعْبِيرُ الرُّؤْيَا.

ص: 281

وَفِي التَّوْرَاةِ «فَأَرْسَلَ وَدَعَا جَمِيعَ سَحَرَةِ مِصْرَ وَجَمِيعَ حُكَمَائِهَا وَقَصَّ عَلَيْهِمْ حُلْمَهُ فَلَمْ يَكُنْ مَنْ يَعْبُرُهُ لَهُ» (1) . وَإِنَّمَا كَانَ مِمَّا يَقْصِدُ فِيهِ إِلَى الْكَهَنَةِ لِأَنَّهُ مِنَ الْمُغَيَّبَاتِ. وَقَدْ وَرَدَ فِي أَخْبَارِ السِّيرَةِ النَّبَوِيَّةِ أَنَّ كِسْرَى أَرْسَلَ إِلَى سُطَيْحٍ الْكَاهِنِ ليعبر لَهُ رُؤْيا أَيَّام ولادَة النبيء صلى الله عليه وسلم وَهِيَ مَعْدُودَةٌ مِنَ الْإِرْهَاصَاتِ النَّبَوِيَّةِ. وَحَصَلَ لِكِسْرَى فَزَعٌ فَأَوْفَدَ إِلَيْهِ عَبْدَ الْمَسِيحِ.

فَالتَّعْرِيفُ فِي قَوْله لِلرُّءْيا تَعْرِيفُ الْعَهْدِ، وَالْمَعْهُودُ الرُّؤْيَا الَّتِي كَانَ يَقُصُّهَا عَلَيْهِمْ عَلَى طَرِيقَةِ إِعَادَةِ النَّكِرَةِ مُعَرَّفَةً بِاللَّامِ أَنْ تَكُونَ الثَّانِيَةُ عَيْنَ الْأُولَى. وَالْمَعْنَى: إِنْ كُنْتُمْ تَعْبُرُونَ هَذِهِ الرُّؤْيَا.

وَالْأَضْغَاثُ: جَمْعُ ضِغْثٍ- بِكَسْرِ الضَّادِ الْمُعْجَمَةِ- وَهُوَ: مَا جُمِعَ فِي حُزْمَةٍ وَاحِدَةٍ مِنْ أَخْلَاطِ النَّبَاتِ وَأَعْوَادِ الشَّجَرِ، وَإِضَافَتُهُ إِلَى الْأَحْلَامِ عَلَى تَقْدِيرِ اللَّامِ، أَيْ أَضْغَاثٌ لِلْأَحْلَامِ.

وَالْأَحْلَامُ: جَمْعُ حُلُمٍ- بِضَمَّتَيْنِ- وَهُوَ مَا يَرَاهُ النَّائِمُ فِي نَوْمِهِ. وَالتَّقْدِيرُ: هَذِهِ الرُّؤْيَا أَضْغَاثُ أَحْلَامٍ. شُبِّهَتْ تِلْكَ الرُّؤْيَا بِالْأَضْغَاثِ فِي اخْتِلَاطِهَا وَعَدَمِ تَمَيُّزِ مَا تَحْتَوِيهِ لَمَّا أُشْكِلَ عَلَيْهِمْ تَأْوِيلُهَا.

وَالتَّعْرِيفُ فِيهِ أَيْضًا تَعْرِيفُ الْعَهْدِ، أَيْ مَا نَحْنُ بِتَأْوِيلِ أَحْلَامِكَ هَذِهِ بِعَالِمِينَ.

وَجُمِعَتْ أَحْلامٍ بِاعْتِبَارِ تَعَدُّدِ الْأَشْيَاءِ الْمَرْئِيَّةِ فِي ذَلِكَ الْحُلْمِ، فَهِيَ عِدَّةُ رُؤَى.

وَالْبَاءُ فِي بِتَأْوِيلِ الْأَحْلامِ لِتَأْكِيدِ اتِّصَالِ الْعَامِلِ بِالْمَفْعُولِ، وَهِيَ مِنْ قَبِيلِ بَاءِ الْإِلْصَاقِ مِثْلَ بَاء وَامْسَحُوا بِرُؤُسِكُمْ [سُورَة الْمَائِدَة: 6] ، لِأَنَّهُمْ نَفَوُا التَّمَكُّنَ مِنْ تَأْوِيلِ

هَذَا الْحُلْمِ. وَتَقْدِيمُ هَذَا الْمَعْمُولِ عَلَى الْوَصْفِ الْعَامِلِ فِيهِ كَتَقْدِيمِ الْمَجْرُورِ فِي قَوْلِهِ: إِنْ كُنْتُمْ لِلرُّءْيا تَعْبُرُونَ.

(1) الإصحاح الْحَادِي وَالْأَرْبَعُونَ من سفر التكوين.

ص: 282

فَلَمَّا ظَهَرَ عَوَصُ تَعْبِيرِ هَذَا الْحُلُمِ تَذَكَّرَ سَاقَيِ الْمَلِكِ مَا جَرَى لَهُ مَعَ يُوسُفَ- عليه السلام فَقَالَ: أَنَا أُنَبِّئُكُمْ بِتَأْوِيلِهِ.

وَابْتِدَاءُ كَلَامِهِ بِضَمِيرِهِ وَجَعْلِهِ مُسْنَدًا إِلَيْهِ وَخَبَرُهُ فِعْلِيٌّ لِقَصْدِ اسْتِجْلَابِ تَعَجُّبِ الْمَلِكِ مِنْ أَنْ يكون الساقي ينبىء بِتَأْوِيلِ رُؤْيَا عَوِصَتْ عَلَى عُلَمَاءِ بَلَاطِ الْمَلِكِ، مَعَ إِفَادَةِ تَقَوِّي الْحُكْمِ، وَهُوَ إِنْبَاؤُهُ إِيَّاهُمْ بِتَأْوِيلِهَا، لِأَنَّ تَقْدِيمَ الْمُسْنَدِ إِلَيْهِ عَلَى الْخَبَرِ الْفِعْلِيِّ فِي سِيَاقِ الْإِثْبَاتِ يُفِيدُ التَّقَوِّي، وَإِسْنَادُ الْإِنْبَاءِ إِلَيْهِ مَجَازٌ عَقْلِيٌّ لِأَنَّهُ سَبَبُ الْإِنْبَاءِ، وَلِذَلِكَ قَالَ:

فَأَرْسِلُونِ. وَفِي ذَلِكَ مَا يَسْتَفِزُّ الْمَلِكَ إِلَى أَنْ يَأْذَنَ لَهُ بِالذَّهَابِ إِلَى حَيْثُ يُرِيدُ لِيَأْتِيَ بِنَبَأِ التَّأْوِيلِ إِذْ لَا يَجُوزُ لِمِثْلِهِ أَنْ يُغَادِرَ مَجْلِسَ الْمَلِكِ دُونَ إِذْنٍ. وَقَدْ كَانَ مُوقِنًا بِأَنَّهُ يَجِدُ يُوسُفَ- عليه السلام فِي السِّجْنِ لِأَنَّهُ قَالَ: أَنَا أُنَبِّئُكُمْ بِتَأْوِيلِهِ دُونَ تَرَدُّدٍ. وَلَعَلَّ سَبَبَ يَقِينِهِ بِبَقَاءِ يُوسُفَ- عليه السلام فِي السِّجْنِ أَنَّهُ كَانَ سِجْنَ الْخَاصَّةِ فَكَانَ مَا يَحْدُثُ فِيهِ مِنْ إِطْلَاقٍ أَوْ مَوْتٍ يَبْلُغُ مَسَامِعَ الْمَلِكِ وَشِيعَتِهِ.

وادَّكَرَ بِالدَّالِ الْمُهْمَلَةِ أَصْلُهُ: اذْتَكَرَ، وَهُوَ افْتِعَالٌ مِنَ الذِّكْرِ، قُلِبَتْ تَاءُ الِافْتِعَالِ دَالًا لِثِقَلِهَا وَلِتَقَارُبِ مَخْرَجَيْهِمَا ثُمَّ قُلِبَتِ الذَّالُ لِيَتَأَتَّى إِدْغَامُهَا فِي الدَّالِ لِأَنَّ الدَّالَ أَخَفُّ مِنَ الذَّالِ. وَهَذَا أَفْصَحُ الْإِبْدَالِ فِي ادَّكَرَ. وَهُوَ قِرَاءَة النبيء صلى الله عليه وسلم فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ [سُورَة الْقَمَر: 15] كَمَا فِي الصَّحِيحِ.

وَمَعْنَى بَعْدَ أُمَّةٍ بَعْدَ زَمَنٍ مَضَى عَلَى نِسْيَانِهِ وِصَايَةِ يُوسُفَ- عليه السلام.

وَالْأُمَّةُ: أُطْلِقَتْ هُنَا عَلَى الْمُدَّةِ الطَّوِيلَةِ، وَأَصْلُ إِطْلَاقِ الْأُمَّةِ عَلَى الْمُدَّةِ الطَّوِيلَةِ هُوَ أَنَّهَا زَمَنٌ يَنْقَرِضُ فِي مِثْلِهِ جِيلٌ، وَالْجِيلُ يُسَمَّى أُمَّةً، كَمَا فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ [سُورَة آل عمرَان: 110] عَلَى قَوْلِ مَنْ حَمَلَهُ عَلَى الصَّحَابَةِ.

وَإِطْلَاقُهُ فِي هَذِهِ الْآيَةِ مُبَالَغَةٌ فِي زَمَنِ نِسْيَانِ السَّاقِي. وَفِي التَّوْرَاةِ كَانَتْ مُدَّةُ نِسْيَانِهِ سَنَتَيْنِ.

وَضَمَائِرُ جَمْعِ الْمُخَاطَبِ فِي أُنَبِّئُكُمْ- فَأَرْسِلُونِ مُخَاطَبٌ بِهَا الْمَلِكُ عَلَى وَجْهِ التَّعْظِيمِ كَقَوْلِهِ تَعَالَى: قالَ رَبِّ ارْجِعُونِ [سُورَة الْمُؤْمِنُونَ: 99] .

ص: 283