الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الكذب لأخذ المال من دولة حربية
المجيب أ. د. سعود بن عبد الله الفنيسان
عميد كلية الشريعة بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية سابقاً
التصنيف الفهرسة/ الآداب والسلوك والتربية/ أدب الحديث/الكذب
التاريخ 25/12/1424هـ
السؤال
أخ مسلم يعيش في دولة كافرة، هذه الدولة الكافرة هي في حالة حرب مع المسلمين منذ فترة، والقتل بينها وبين المسلمين واقع كل يوم تقريباً، وهذا الأخ حاصل على جنسية تلك البلاد، ويمكن لهذا الأخ الحصول على مساعدات مالية من تلك الدولة إذا قال إنه لا يعمل، علماً أنه يعمل لحسابه الخاص ولا تعرف الدولة ذلك،
قبل أن تبدأ الحرب بين الدولة الكافرة والمسلمين، كان الشيخ ابن باز رحمه الله قد أفتى بعدم جواز أخذ مثل هذا المبلغ؛ لأن فيه كذباً وغشاً، ولكن هل بعد أن صارت هذه الدولة الكافرة حربية تحارب المسلمين فهل يتغير الحكم أم لا؟ وإذا كان أخذه لهذا المال بالكذب على الدولة الكافرة الحربية جائزاً، هل عليه توزيع الخمس على الفقراء المسلمين (يعني هل المال يعتبر فيئاً) ؟ وجزاكم الله خيراً.
الجواب
الكذب حرام لا يجوز مع المسلم أو الكافر على السواء، وهو رذيلة وفسق، فكيف إذا انضم إليه الغش والظلم، والله يقول:"يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ لِلَّهِ شُهَدَاءَ بِالْقِسْطِ وَلا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَى أَلَّا تَعْدِلُوا اعْدِلُوا هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ"[المائدة:8] ،
إن كانت تلك الدولة الكافرة أعلنت الحرب العسكرية على المسلمين، وقام أهل البلاد الإسلامية بالدفاع عن أنفسهم وبلادهم عسكرياً، سواء كان هذا الجهاد من المسلمين للدولة الكافرة جهاد طلب أو دفع، فما أخذه المسلم من الكافر حال القتال فهو غنيمة لا يجوز التصرف فيه إلا بعد قسمته من ولي الأمر، أما مجرد كفر الدولة وحربها للمسلمين سياسياً أو اقتصادياً ونحوه لا يجعل رعاياها حربيين؛ لأن الغنيمة لا تكون إلا في حرب (قتال) في سبيل الله مع كفار حربيين وجهاً لوجه، سواء كان الجهاد للدفع أو الطلب، ولا يعتبر هذا المال المكتسب بالكذب غنيمة ولا فيئاً، ولا يجوز أخذه، وإن أخذ لزم رده إلى صاحبه، وإن تعذر ذلك تصدق به على الفقراء والمحتاجين بنية التخلص منه لا للتقرب به إلى الله، فإن الله طيب لا يقبل من الكسب إلا ما كان طيباً، وإذا كانت الغنيمة من حرب شرعية مع الكفار فلا يؤخذ منها شيء إلا بعد قسمتها على المجاهدين وبإذن الإمام، وما أخذ قبل هذا فهو غلول قليلاً كان أو كثيراً "ما كان لنبي أن يغل ومن يغلل يأت بما غل يوم القيامة" [آل عمران: 161] ، وحديث صاحب الشملة التي أخذت من الغنيمة قبل القسمة وقاتل حتى قتل، وأثنى عليه الصحابة رضي الله عنهم خيراً، فأنكر عليهم الرسول صلى الله عليه وسلم قائلاً:"كلا والذي نفس محمد بيده إن الشملة لتلتهب عليه ناراً أخذها من الغنائم يوم خيبر لم تصبها المقاسم" قال: ففزع الناس، فجاء رجلٌ بشراكٍ، أو شراكين، فقال: يا رسول الله صلى الله عليه وسلم أصبت يوم خيبر، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"شراك أو شراكان من نار" رواه البخاري (4234) ، ومسلم (115) من حديث أبي هريرة رضي الله عنه، إذا كان هذا فيمن قاتل وقتل في سبيل الله لما أخذ من الغنيمة - ولو كان له حق فيها- ولكن قبل قسمتها فكيف بما دون ذلك مما ذكر في السؤال. والله أعلم.