الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
علماء الصحابة
المجيب د. محمد بن عبد الله القناص
عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم
التصنيف الفهرسة/ السيرة والتاريخ والتراجم/الصحابة الكرام
التاريخ 16/7/1425هـ
السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
سؤالي هو أني اختلفت أنا وأخي في من هو الأكثر علماً بأحاديث رسولنا صلى الله عليه وسلم، وعملاً وتمسكاً بسنته عليه الصلاة والسلام، هل هم الخلفاء الراشدون الأربعة رضي الله عنهم وخاصة أبو بكر رضي الله عنه أو العبادلة وهم معروفون؟ وجزاكم الله خيراً. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
الجواب
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وأله وبعد:
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.
الصحابة رضي الله عنهم هم سادة الأمة علماً وفقهاً وفهماً وفضلاً، قال ابن مسعود-رضي الله عنه: من كان منكم مستناً فليستن بمن قد مات، فإن الحي لا يؤمن عليه الفتنة، وأولئك أصحاب محمد، أبر هذه الأمة قلوباً، وأعمقها علماً، وأقلها تكلفاً، قوم اختارهم الله لإقامة دينه وصحبة نبيه فاعرفوا لهم حقهم، وتمسكوا بهديهم فإنهم كانوا على الهدى المستقيم.
وقال مجاهد: " العلماء أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم" وقال سعيد عن مجاهد في قوله تعالى: "وَيَرَى الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ الَّذِي أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ هُوَ الْحَقَّ"[سبأ: 6]، قال: أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم.
ويأتي في مقدمة الصحابة-رضي الله عنهم الخلفاء الراشدون: أبو بكر وعمر وعثمان وعلي رضي الله عنهم، فلهم مناقب وفضائل وخصائص تميزوا بها ولا يتسع المقام لبسطها.
وقد أمر النبي صلى الله عليه وسلم باتباع سنتهم، ففي سنن الترمذي (2600) من حديث الْعِرْبَاضِ بْنِ سَارِيَةَ قَالَ وَعَظَنَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَوْمًا بَعْدَ صَلَاةِ الْغَدَاةِ مَوْعِظَةً بَلِيغَةً ذَرَفَتْ مِنْهَا الْعُيُونُ وَوَجِلَتْ مِنْهَا الْقُلُوبُ فَقَالَ رجل إن هذه موعظة مُوَدِّع، فماذا تعهد إلينا يا رسول الله؟ قال صلى الله عليه وسلم:"أوصيكم بتقوى الله، والسمع والطاعة وإن عَبْدٌ حبشي، فَإِنَّهُ مَنْ يَعِشْ مِنْكُمْ يَرَى اخْتِلَافًا كَثِيرًا وَإِيَّاكُمْ وَمُحْدَثَاتِ الْأُمُورِ فَإِنَّهَا ضَلَالَةٌ فَمَنْ أَدْرَكَ ذَلِكَ مِنْكُمْ فَعَلَيْهِ بِسُنَّتِي وَسُنَّةِ الْخُلَفَاءِ الرَّاشِدِينَ الْمَهْدِيِّينَ عَضُّوا عَلَيْهَا بِالنَّوَاجِذِ "، قال الترمذي: هذا حديث حسن صحيح.
وخص عليه الصلاة والسلام أبا بكر وعمر رضي الله عنهما بالاقتداء بهما، كما جاء في سنن الترمذي (3595) من حديث حُذَيْفَةَ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: " اقْتَدُوا بِاللَّذَيْنِ مِنْ بَعْدِي أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ " قال الترمذي: هذا حديث حسن.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية- بعد أن ذكر الحديث السابق -: (ولم يجعل هذا لغيرهما، بل ثبت عنه أنه قال عليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين من بعدي تمسكوا بها وعضوا عليها بالنواجذ وإياكم ومحدثات الأمور فإن كل بدعة ضلالة فأمر باتباع سنة الخلفاء الراشدين وهذا يتناول الأئمة الأربعة وخص أبا بكر وعمر-رضي الله عنهما بالاقتداء بهما، ومرتبة المقتدى به في أفعاله وفيما سنه للمسلمين فوق سنة المتبع فيما سنه فقط) وقال ابن تيمية أيضاً: (أهل العلم متفقون على أن أبا بكر وعمر-رضي الله عنهما أعلم من سائر الصحابة-رضي الله عنهم وأعظم طاعة) الفتاوى الكبرى (4/270) ، وإذا كان العبادلة-رضي الله عنهم أو غيرهم من الصحابة-رضي الله عنهم نقل عنهم من الحديث ما لم ينقل عن الخلفاء الراشدين فإن ذلك بسبب تأخر وفاتهم، واحتياج الناس إلى ما عندهم في زمانهم، ولا يدل هذا على تقديمهم على الخلفاء الراشدين في الإمامة والعلم. قال ابن تيمية:(الذين تأخرت حياتهم من الصحابة-رضي الله عنهم، واحتاج الناس إلى علمهم، نقلوا عن النبي صلى الله عليه وسلم أحاديث كثيرة لم ينقلها الخلفاء الأربعة ولا أكابر الصحابة-رضي الله عنهم، لأن أولئك كانوا مستغنين عن نقلها؛ لأن الذين عندهم قد علموها كما علموها، ولهذا يروى لابن عمر وابن عباس وعائشة وأنس وجابر وأبي سعيد ونحوهم من الصحابة-رضي الله عنهم من الحديث ما لا يروى عن غيرهم ممن هو أعلم من هؤلاء كلهم، لكن هؤلاء احتاج الناس إليهم، لكونهم تأخرت وفاتهم وأدركهم من لم يدرك أولئك السابقين، فاحتاجوا أن يسألوهم واحتاج أولئك أن يعلموهم ويحدثوهم) . منهاج السنة (8/57) وذكر ابن تيمية في موضع آخر أن أبا هريرة رضي الله عنه أكثر رواية، وابن عباس-رضي الله عنهما أكثر فتيا، والخلفاء أعلم منهما، وهذا نص كلامه:(فابن عباس رضي الله عنهما كان أكثر فتيا منه - أي علي-رضي الله عنه وأبو هريرة-رضي الله عنه أكثر رواية منه وعلي-رضي الله عنه أعلم منهما، كما أن أبا بكر وعمر وعثمان أعلم منهما أيضا، فإن الخلفاء الراشدين-رضي الله عنهم قاموا من تبليغ العلم العام بما كان الناس أحوج إليه مما بلغه من بلغ بعض العلم الخاص " ينظر: مجموع فتاوى ابن تيمية (4/ 398 - 412) هذا والله الموفق والهادي إلى سواء السبيل.