الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
هل في هذا لمز للصحابة
؟
المجيب د. محمد بن سليمان المنيعي
عضو هيئة التدريس بجامعة أم القرى
التصنيف الفهرسة/ الآداب والسلوك والتربية/ أدب الحديث/السخرية
التاريخ 18/5/1425هـ
السؤال
ما رأي الشرع في مقولة رجل: (أسرتنا تتصف بخصال حميدة، ولو عشنا في عهد الرسول صلى الله عليه وسلم لكنا أفضل من الصحابة رضي الله عنهم؟)، وله قول آخر:(أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه كان متشدداً أو متزمتاً) ،نريد منكم الإجابة؛ حتى يطلع عليها ويراجع نفسه فيما قال.- جزاكم الله خيراً-.
الجواب
يقول الله -تعالى- في محكم التنزيل: "فلا تزكوا أنفسكم هو أعلم بمن اتقى"[النجم:32] ، وانظر - رحمك الله- فيمن قُتِل مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في ساحة الحرب دفاعاً عن الدين، ومع ذلك حين قال عنه صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم: فلان شهيد، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"كلا إني رأيته في النار في بردة غَلَّها" رواه مسلم (114) من حديث عمر بن الخطاب رضي الله عنه، وتأمل -أخي- في قول النبي صلى الله عليه وسلم:"إن العبد ليتكلم بالكلمة من سخط الله لا يلقي لها بالاً يهوي بها في جهنم"،وفي رواية:"يزل بها في النار أبعد مما بين المشرق" رواه البخاري (6477) من حديث أبي هريرة رضي الله عنه، وكان صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم وهم الذين ورد الثناء عليهم في مواضع عدة من الكتاب والسنة، وشهد الرسول صلى الله عليه وسلم لجملة منهم بالجنة، ومع ذلك يخشون على أنفسهم من النفاق، فهذا عمر بن الخطاب رضي الله عنه، وهو من العشرة المبشرين بالجنة، وأجمعت الأمة على أنه أفضل الأمة بعد أبي بكر الصديق رضي الله عنه ومع ذلك يسأل أبا حذيفة رضي الله عنه صاحب سر رسول الله صلى الله عليه وسلم:"هل عدني رسول الله صلى الله عليه وسلم من المنافقين؟ " ولذلك كانت عقيدة السلف الصالح أن المؤمن يجب عليه في الحياة أن يكون بين جانبي الرجاء والخوف، فلا يرجح جانباً على جانب كما قال -تعالى-:"يدعوننا رغباً ورهباً"[الأنبياء:90]، وقال:"ادعوا ربكم تضرعاً وخيفة"[الأعراف:55] ، تماماً كجناحي الطائر، فإذا حضرته الوفاة هناك يغلب جانب الرجاء، وعلى ذلك نقول لهذا الشخص اتق الله في نفسك فلا تزكها، ولا تشهد لها بالحسنى والطاعة، واعلم أن كلمة منك لا تلقي لها بالاً تهوي بها في جهنم، ولا تتأل على الله؛ لأنك لو كنت في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم لصرت كذا، فقد كان في عصره المشركون والمنافقون، وما نفعهم وجود الرسول صلى الله عليه وسلم بين أظهرهم، بل أقول لك: لو علم الله فيك خيراً لصحبة رسول الله صلى الله عليه وسلم لاختارك، وحيث لم يكن لم يخترك، فاتق الله، وأدب نفسك بأدب القرآن والسنة، واسأل ربك كثيراً في سجودك أن يثبت قلبك على الإيمان فأنت من حينك على خطر، وأما قولك في صحابة - رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخشى عليك زيغ القلب، وعذاب جهنم - والعياذ بالله-، وقد صح في البخاري (3673) ومسلم (2540) من حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:"لا تسبوا أصحابي؛ فلو أن أحدكم أنفق مثل أحد ذهباً ما بلغ مدّ أحدهم ولا نصيفه" واعلم أن الشيطان لا يزال بك حتى يوصلك إلى درجة الاستهزاء بهم، والسخرية منهم، وهنا تخرج من دينك، وتكفر بملتك، كما حصل للمنافقين الذين قالوا في إحدى المغازي مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ما رأينا أكبر بطوناً، ولا أجبن عند اللقاء مثل هؤلاء، يقصدون رسول الله صلى الله عليه وسلم وصحابته رضي الله عنهم فأنزل الحق - سبحانه- في محكم التنزيل:"قل أبالله وآياته ورسوله كنتم تستهزئون لا تعتذروا قد كفرتم بعد إيمانكم"[التوبة:65] .