الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
سماع الغناء
المجيب أ. د. صالح بن محمد السلطان
أستاذ الفقه بجامعة القصيم
التصنيف الفهرسة/ الآداب والسلوك والتربية/الأخلاق
التاريخ 11/7/1424هـ
السؤال
ما حكم سماع الغناء؟
الجواب
الغناء المسؤول عنه - حرام بالكتاب والسنة الصحيحة، وعليه الأئمة الأربعة وأتباعهم، فأما الكتاب فآيات منها:
(1)
قوله تعالى: "وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْتَرِي لَهْوَ الْحَدِيثِ لِيُضِلَّ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ وَيَتَّخِذَهَا هُزُواً أُولَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ مُهِينٌ وَإِذَا تُتْلَى عَلَيْهِ آيَاتُنَا وَلَّى مُسْتَكْبِراً كَأَنْ لَمْ يَسْمَعْهَا كَأَنَّ فِي أُذُنَيْهِ وَقْراً فَبَشِّرْهُ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ"[لقمان:6-7] .
قال عبد الله بن مسعود رضي الله عنه في تفسير لهو الحديث، والله الذي لا إله غيره هو الغناء يرددها ثلاث مرات.
قال الواحدي وغيره: أكثر المفسرين: على أن المراد بلهو الحديث: الغناء.
(2)
قوله تبارك وتعالى: "وَاسْتَفْزِزْ مَنِ اسْتَطَعْتَ مِنْهُمْ بِصَوْتِكَ وَأَجْلِبْ عَلَيْهِمْ بِخَيْلِكَ وَرَجِلِكَ وَشَارِكْهُمْ فِي الْأَمْوَالِ وَالْأَوْلادِ وَعِدْهُمْ وَمَا يَعِدُهُمُ الشَّيْطَانُ إِلَّا غُرُوراً"[الإسراء:64] .
قال مجاهد رحمه الله: صوته: الغناء والباطل.
(3)
قوله سبحانه وتعالى: "وَالَّذِينَ لا يَشْهَدُونَ الزُّورَ وَإِذَا مَرُّوا بِاللَّغْوِ مَرُّوا كِرَاماً"[الفرقان:72] .
قال محمد بن الحنفية: الزور هاهنا الغناء.
وأما السنة فعدة أحاديث منها:
(1)
ما رواه البخاري في صحيحه (5590) عن أبي عامر أو أبي مالك الأشعري رضي الله عنه أنه سمع النبي صلى الله عليه وسلم يقول: "ليكونن من أمتي أقوام يستحلون الحر والحرير والخمر والمعازف".
والمعازف جمع معزفة وهي كل آلة طرب ولهو.
وقوله: يستحلون أي يجعلون الحرام حلالاً بفعلهم، وهذا صريح في تحريم المعازف.
(2)
ما رواه الترمذي في سننه (1005) والحاكم في المستدرك (6908) والبيهقي في السنن الكبرى (4/69) واللفظ له عن جابر رضي الله عنه في قصة موت إبراهيم ابن النبي صلى الله عليه وسلم قوله صلى الله عليه وسلم: "إني لم أنه عن البكاء وإنما نهيت عن صوتين أحمقين فاجرين: صوت عند نغمة لهو ولعب مزامير شيطان، وصوت عند مصيبة، خمش وجوه، وشق جيوب، ورنة".
قال الترمذي حديث حسن وصححه ابن القيم وغيره.
وأما ما جاء عن السلف فكثير من ذلك: قول ابن مسعود رضي الله عنه: الغناء ينبت النفاق في القلب كما ينبت الماء الزرع.
وقال سعيد بن المسيب رحمه الله: إني لأبغض الغناء. وسئل عنه الإمام مالك فقال: إنما يفعله الفساق عندنا.
وقال الإمام الشافعي: وصحاب الجارية إذا جمع الناس لسماعها، فهو سفيه ترد شهادته، وقال: هو دياثة، فمن فعل ذلك كان ديوثاً.
وقال الإمام أحمد: الغناء ينبت النفاق في القلب لا يعجبني، ثم ذكر قول مالك: إنما يفعله الفساق عندنا.
وقال الفضيل بن عياض رحمه الله: الغناء رقية الزنا.
هذا كلام الأئمة والسلف في الغناء في وقتهم، فكيف لو رأوا غناء أهل هذا الزمان!! الذي إن لم يتضمن مجوناً وعشقاً تضمن شركاً وكفراً!! وأقل أحواله أن تصاحبه آلات العزف المحرمة وأداؤه من نساء أجنبيات قد كشفن عن عوراتهن وتزين بكل زينة مع تكسر في الحركات وخضوع بالقول وترنم في العبارات، فكيف يجرؤ عاقلاً على إباحته، قال العلام ابن القيم رحمه الله: ومن مكايد عدو الله ومصايده - أي الشيطان - سماع المكاء والتصدية والغناء بالآلات المحرمة، الذي يصد القلوب عن القرآن، ويجعلها عاكفة على الفسوق والعصيان، فهو قرآن الشيطان والحجاب الكثيف عن الرحمن، وهو رقية اللواط والزنا، وبه ينال العاشق الفاسق من معشوقه غاية المنى.
وقال: رحمه الله وأكثر ما يورث عشق الصور، واستحسان الفواحش، وإدمانه يثقل القرآن على القلب، ويكرهه إلى سماعه.
فإذا كان كذلك فلا ريب أن كل غيور يجنب أهله سماع الغناء، كما يجنبهن أسباب الريب، ومن طرق أهله إلى سماع رقية الزنا فهو أعلم بالإثم الذي يستحقه.
وبهذا يعلم حرمة الغناء ولو لم يكن فيه إلا هذه المفاسد لحكم العاقل بتحريمه، فكيف وقد جاءت النصوص بذلك.
اللهم أرنا الحق حقاً وارزقنا اتباعه وأرنا الباطل باطلاً وارزقنا اجتنابه، هذا ما تيسَّر نقله ومن طلب الزيادة فعليه بكتاب إغاثة اللهفان لابن القيم.