الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
مراعاة العدد في الأذكار
المجيب عمر بن عبد الله المقبل
عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم
التصنيف الفهرسة/ الرقائق والأذكار/آداب الذكر
التاريخ 28/3/1425هـ
السؤال
أيهما أفضل: أن أقول: (سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر) ألف مرة في اليوم، أو أقول:(سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر عدد خلقه ورضا نفسه وزنة عرشه ومداد كلماته) مائه مرة في اليوم؟ وقد ورد في الحديث عن الرسول صلى الله عليه وسلم بما معناه من قال سبحان الله وبحمده مائة مرة غفرت خطاياه وإن كانت مثل زبد البحر، أو كما قال صلى الله عليه وسلم، هل المقصود من قالها مائة مرة في اليوم فقط أو المقصود أن يقولها الإنسان كل يوم صباحاً ومساءاً. وجزاكم الله خيراً.
الجواب
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد:
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.
أخي الكريم: أسأل الله تعالى أن يجعلني وإياك من الذاكرين الله كثيراً، وأن يجعلني وإياك ممن إذا ذكر الله وجلت قلوبهم.
يا محب: في باب الأذكار بعض الضوابط التي يعين الالتزام بها على الانتفاع بها - إن شاء الله- أذكر منها ما يناسب هذا المقام، وهي:
الضابط الأول: أن يراعي المسلم العدد، واللفظ الشرعي الذي جاءت به السنة في كل ذكر؛ لأن ذلك أفضل بالاتفاق، ومن أهل العلم من يرى أن من زاد على العدد، فإنه يقع في محذورين:
الأول: الوقوع في البدعة؛ لأن في ذلك نوع استدراك على صاحب الشرع.
الثاني: أنه يخشى عليه ألا يتحقق له الأجر أو الفائدة المرجوة من ذلك الذكر، قال الحافظ ابن حجر رحمه الله في (الفتح 2/384) عند شرحه ح (844) :"واستنبط من هذا أن مراعاة العدد المخصوص في الأذكار معتبرة" ا. هـ. وقال - أيضاً- في الفتح (11/116)
(6312)
: "ألفاظ الأذكار توقيفية، ولها خصائص وأسرار، لا يدخلها القياس، فتجب المحافظة على اللفظ الذي وردت به، وهذا اختيار المازري، قال: فيقتصر فيه على اللفظ الوارد بحروفه، وقد يتعلق الجزاء بتلك الحروف" ا. هـ.
الضابط الثاني: أن المفاضلة بين الأذكار تحتاج إلى نص يطمئن إليه الإنسان في التفضيل، ومن المتفق عليه بين أهل العلم - فيما أعلم- أن القرآن أفضل الذكر؛ لأنه كلام الله -تعالى-، أما بقية الأذكار فيقع فيها النزاع بين أهل العلم - رحمهم الله تعالى-، وثمة ضوابط أخرى يطول الجواب بذكرها، وفيما مضى كفاية في الإشارة إلى المقصود، إذا تقرر هذا - يا محب- فما سألت عنه: أيهما أفضل: أن أقول: "سبحان الله والحمد لله، ولا إله إلا الله، والله أكبر" ألف مرة في اليوم، أم أقول:"سبحان الله، والحمد لله، ولا إله إلا الله، والله أكبر، عدد خلقه، ورضا نفسه، وزنة عرشه، ومداد كلماته" مائة مرة في اليوم؟ الجواب عنه يستفاد مما مضى، ويمكن تلخيصه في أمور:
الأول: أن تحديد العدد في الذكرين يحتاج إلى دليل، ولا أعلم في الأذكار حديثاً صحيحاً استحب فيه الذكر ألف مرة، وأقصى ما صحت به الآثار هو المائة.
الثاني: المفاضلة بينهما على فرض ثبوت العدد وتحديده تحتاج إلى دليل واضح.
الثالث: أن الحديث الأول الذي أشرت إليه، ثبت في صحيح مسلم (3/1685) (2137) من حديث سمرة بن جندب رضي الله عنه بلفظ: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أحب الكلام إلى الله أربع: سبحانه الله، والحمد لله، ولا إله إلا الله، والله أكبر لا يضرك بأيهن بدأت".
وثبت - أيضاً- في صحيح مسلم (4/2072)(2695) من حديث أبي هريرة رضي الله عنه مرفوعاً بلفظ: "لأن أقول: سبحان الله، والحمد لله، ولا إله إلا الله، والله أكبر، أحب إلي مما طلعت عليه الشمس".
وأما الذكر الثاني: فقد ثبت في صحيح مسلم (4/2091)(2726) من حديث ابن عباس- رضي الله عنهما عن جويرية رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم خرج من عندها بكرة حين صلى الصبح، وهي في مسجدها، ثم رجع بعد أن أضحى، وهي جالسة، فقال:"ما زلت على الحال التي فارقتك عليها؟ " قالت: نعم، قال النبي صلى الله عليه وسلم:"لقد قلت بعدك أربع كلمات، ثلاث مرات، لو وزنت بما قلت منذ اليوم لوزنتهن: سبحان الله وبحمده عدد خلقه، ورضا نفسه، وزنة عرشه، ومداد كلماته".
فأنت ترى أن الذكر الأول لم يحدد بعدد، فهو مشروع بإطلاق، وأفضل ما يكون الذكر حينما يتواطأ القلب واللسان على الذكر.
وأما الذكر الثاني: فالنبي صلى الله عليه وسلم قال: "لقد قلت بعدك أربع كلمات، ثلاث مرات" فلو قلت هذا يكون الذكر أكثر من مرة ثلاث مرار من غير التزام لعدد معين، فقد أصبت - إن شاء الله- بحيث يكون الوقوف في كل مرة من قولك، لهذا الذكر ثلاث مرات.
واعلم أن من أسباب تفضيل هذه الأذكار، كونها اشتملت على صفات الكمال، ونعوت الجلال، لله الكبير المتعال سبحانه وتعالى.
وأما الأجر المترتب على قول: "سبحان الله وبحمده مائة مرة، وغفران ذنوبه ولو كانت كزبد البحر فهذا يتحقق بقول الإنسان هذا الذكر مرة واحدة في اليوم مائة مرة ولا يلزم أن يقال صباحاً ومساءاً وهذا نص حديث أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "من قال: سبحان الله وبحمده في يوم مائة مرة خطت خطاياه وإن كانت مثل زبد البحر" رواه البخاري (6405) ومسلم (2691) واللفظ للبخاري والله -تعالى- أعلم، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.