الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
أعانت على إجهاض فماذا يلزمها للتوبة
؟
المجيب هاني بن عبد الله الجبير
قاضي بمحكمة مكة المكرمة
التصنيف الفهرسة/الجنايات
التاريخ 22/08/1425هـ
السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. وبعد:
ممرضة اشتركت أكثر من مرة في عمليات لإجهاض فتيات حملن من الزنى -والعياذ بالله-،وكذلك في عمليات لترقيع بكارة بعض الفتيات ليتمكنَّ من الزواج بلا فضيحة، وكانت تفعل ذلك عن جهل، حيث زعمن لها أنهن تبن مما سبق، وأنهن يردن الستر والزواج بدون فضيحة، ثم علمت أن هذا حرام، وهي تريد التوبة النصوح، فماذا عليها من كفارات؟ وكيف تفعل لتتوب؟ وماذا تفعل إن لم تملك مالاً يكفي الكفارات؟ وكذلك لو تتفضلون بتوجيه كلمة لنصح من تقع في مثل هذا ولو تحت تأثير الإشفاق على الفتيات من الفضيحة، أو من باب الخوف عليهن أن يقتلهن أهلهن إذا علموا بذلك. وجزاكم الله خيراً. والسّلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
الجواب
الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد:
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.
فالإجهاض إن كان بعد نفخ الروح في الجنين، فهو محرم وهو عند جمع من الصحابة رضي الله عنهم بعد مرور أربعة أشهر من الحمل، وعليه اتفق الفقهاء - كما نقله النووي وابن حجر وابن رجب- (جامع العلوم ص 51، فتح الباري 11/490)، ويدل له ظاهر الرواية المشهورة من حديث ابن مسعود رضي الله عنه والذي نصه:(إن أحدكم يجمع خلقه في بطن أمه أربعين يوماً نطفة، ثم يكون علقة مثل ذلك، ثم يكون مضغة مثل ذلك، ثم يرسل إليه الملك فينفخ فيه الروح" صحيح البخاري (3208) ، صحيح مسلم (2643) . ولا فرق في هذا التحريم أن يكون في بقاء الجنين خطراً عليه أو لا، وسواء كان الحمل سفاحاً أو لا، وسواء كان لستر جريمة الزنا أو غير ذلك من الأسباب؛ لأنه قتل للنفس، فلا يجوز بأي حال، قال تعالى:"وَلا تَقْتُلُوا النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ"[الإسراء: من الآية33] ، ويجب على من فعل ذلك أو شارك فيه أن يتوب إلى الله من ذلك ويستغفره، ويكثر من الأعمال الصالحة الماحية للسيئات، وليس في هذا القتل كفارة؛ لأنه عمد، والعمد لا كفارة فيه.
وأما الإجهاض قبل نفخ الروح فقد اختلف فيه أهل العلم ما بين التحريم والإباحة والكراهة، ولا شك أنه أقل من الإجهاض بعد الأربعة أشهر في حكمه وحقيقته، ولا يعتبر قتلاً لآدمي لكنه إفساد وتعرض بشيء له حرمة، يشهد لها أن الشرع جاء بتأخير تنفيذ الحد على الحامل حتى تضع حملها.
ولذا صدر قرار هيئة كبار العلماء رقم (140 في 20/6/1407هـ، والمتضمن: لا يجوز إسقاط الحمل في مختلف مراحله، إلا لمبرر شرعي وفي حدود ضيّقة جداً، إن كان الحمل في الطور الأول، وهي مدة الأربعين يوماً، وكان في إسقاطه مصلحة شرعية أو دفع ضرر متوقع. أما إسقاطه في هذه المدة خشية المشقة في تربية الأولاد أو خوفاً من العجز عن تكاليف معيشتهم أو تعليمهم، أو من أجل مستقبلهم، أو اكتفاء بما لدى الزوجين من أولاد فغير جائز) انتهى. والحقيقة أن إباحة إجهاض الحمل الناشئ عن الزنا يترتب عليه انتشار الفاحشة وشيوعها وسهولة الوصول إليها، وهو مؤدٍّ إلى تقليص الحياة الزوجية وانتشار الأمراض الفتاكة، لذا فإن على من مارس الإجهاض أن يتوب إلى الله -تعالى- ويستغفره، وهذه كفارة عمله، وأما الدية فإنها تلزم المرأة المجهضة ومن أعانتها معونة فعليه مباشرة عند مطالبة ورثة الجنين وهم عصبة أمه، ومقدارها عشر دية الأم هذا إن سقط الجنين بعد تخلّقه.
وكذلك رتق غشاء البكارة إذا كان تمزقه بسبب زنى الفتاة التي أقيم عليها الحد بموجبه أو تكرر منها هذا الفعل فهذا لا خلاف بين أهل العلم (من المعاصرين) على تحريمه. وهذا العمل يسهل ارتكاب الزنى، ويتضمن الاطلاع على العورات دون موجب ضروري وهو غش للزوج، والغش محرم، ولا يظهر لي أن من زالت بكارتها بسبب الزنى، ولو تابت أنه يجوز رتق بكارتها، وهذا الفعل مع أنه محرم شرعاً فهو ممنوع في التنظيمات الدولية الطبية وعلى من فعله أن يتوب توبة نصوحاً. [ولهاتين المسألتين تفصيل مطول لأنواع كل فعل كتبته في غير هذا الموضع] . والله الموفق.