الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الإجهاض خوفاً من الفضيحة
المجيب د. نايف بن أحمد الحمد
القاضي بمحكمة رماح
التصنيف الفهرسة/
الجنايات
التاريخ 02/05/1425هـ
السؤال
لي أخ يدرس في إحدى الدول الغربية، المهم أن أخي تلقى اتصالا من زوجته تخبره بأن ابنة خالها حملت سفاحاً، بعد أن تعرضت لعملية اغتصاب من قبل مديرها في العمل، وحملت من جراء هذا الفعل الشنيع (هذا ما قالته البنت الحامل والله أعلم) ، لذلك -وخوفاً من الفضيحة وطلب الستر- طلبت منه زوجته أن ترافق أباها بعد إلحاح منه، والبنت الحامل للسفر لإحدى الدول لإجراء عملية إجهاض، قبل أن تصبح فضيحة، ويصل الخبر إلى أهل البنت الحامل، وربما يؤدي ذلك إلى قتلها.
سؤالي: هل هذه تعتبر جريمة إزهاق روح؟ وهل يعتبر هو مؤاخذ عندما سمح لزوجته بالرضوخ لطلب والديها؟ وهل زوجته تعتبر مؤاخذة في هذا الفعل؟ والقصد كل القصد الستر.
أفيدونا -جزاكم الله خير الجزاء-، ووفقكم لما فيه خير وصالح هذه الأمة.
ملاحظة
…
لا أحد يعلم بالموضوع سوى أخي وزوجته وأبي الزوجة والبنت المعنية بالأمر.
الجواب
الحمد لله وحده، وبعد:
فقد صدر من هيئة كبار العلماء في المملكة العربية السعودية قراراً يبين حكم الإجهاض أورده بنصه لأهميته، "الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم وبعد:
فإن مجلس هيئة كبار العلماء يقرر ما يلي:
(1)
لا يجوز إسقاط الحمل في مختلف مراحله إلا لمبرر شرعي، وفي حدود ضيقة جداً.
(2)
إذا كان الحمل في الطور الأول وفي مدة الأربعين، وكان في إسقاطه مصلحة شرعية أو دفع ضرر متوقع جاز إسقاطه، أما إسقاطه في هذه المدة خشية المشقة في تربية الأولاد أو خوفاً من العجز عن تكاليف معيشتهم وتعليمهم، أو من أجل مستقبلهم أو اكتفاءً بما لدى الزوجين من الأولاد فغير جائز.
(3)
لا يجوز إسقاط الحمل إذا كان علقة أو مضغة حتى تقرر لجنة طبية موثوقة أن استمراره خطر على سلامة أمه، بأن يخشى عليها الهلاك من استمراره فجاز إسقاطه بعد استنفاذ كافة الوسائل لتلافي تلك الأخطار.
(4)
بعد الطور الثالث وبعد إكمال أربعة أشهر للحمل لا يحل إسقاطه حتى يقرر جمع من الأطباء المتخصصين الموثوقين أن بقاء الجنين في بطن أمه يسبب موتها، وذلك بعد استنفاذ كافة الوسائل لإنقاذ حياته، وإنما رخص الإقدام على إسقاطه بهذه الشروط دفعاً لأعظم الضررين، وجلباً لأعظم المصلحتين.
ويوصي المجلس بتقوى الله والتثبت في هذا الأمر، والله الموفق وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم. ا. هـ.
أما ما يتعلق بما ذكرته السائلة من خوف الفضيحة فليس مبرراً لإسقاط الحمل إن كان عمره زاد عن أربعين يوماً. وليس الحمل من سفاح عذراً لإباحة الإجهاض في تلك الحالة، وقد ذكر العلماء أن الزانية - ويدخل فيه المغتصبة - التي تسقط جنينها تجمع بين السوءتين: الزنا والقتل، وأن إسقاط الجنين هو من الوأد، قال -تعالى-:"وإذا الموؤدة سئلت بأي ذنب قتلت"[التكوير: 8-9] .
وقد روى عمران بن حصين رضي الله عنه: "أن امرأة من جهينة أتت النبي صلى الله عليه وسلم وهي حبلى من الزنا فقالت: يا نبي الله أصبت حداً فأقمه عليَّ، فدعا نبي الله صلى الله عليه وسلم وليها فقال: "أحسن إليها فإذا وضعت فأتني بها" ففعل فأمر بها نبي الله صلى الله عليه وسلم فشدت عليها ثيابها ثم أمر بها فرجمت ثم صلى عليها، فقال له عمر رضي الله عنه: تصلي عليها يا نبي الله وقد زنت؟ فقال: "لقد تابت توبة لو قسمت بين سبعين من أهل المدينة لوسعتهم، وهل وجدت توبة أفضل من أن جادت بنفسها لله -تعالى-"، رواه مسلم (1696) ، ومن هذا الحديث نستفيد أن للجنين حقاً في الحياة، ولو كان ابن زنا، فلو كان لا حرمة له لأمر النبي صلى الله عليه وسلم برجمها قبل أن تضع حملها.
ولو أسقطت المرأة جنينها فقد اتفق الفقهاء على أن الواجب في الجناية على جنين الحرة هو غرة؛ لما ثبت عنه صلى الله عليه وسلم من حديث أبي هريرة رضي الله عنه أن امرأتين من هذيل رمت إحداهما الأخرى بحجر فطرحت جنينها، فقضى فيه النبي صلى الله عليه وسلم بغرة عبد أو وليدة، رواه البخاري (5427) ، ومسلم (1681) ، والغرة عشر دية أمه، أي خمس من الإبل، ونصَّ الشافعية والحنابلة على وجوب الكفارة مع الغرة؛ لأنها إنما تجب حقاً لله -تعالى- لا لحق الآدمي؛ ولأنه نفس مضمونة بالدية، فوجبت فيه الكفارة، انظر: مختصر الخرقي (119) ، فتاوى ابن تيمية (34/159) و (160) أما لو سقط حياً فمات ففيه الدية كاملة والكفارة. ولما تقدم فإنه لا يجوز المشاركة في إسقاط الجنين، وأشير هنا إلى أن هذا الذي وقع للمرأة المذكورة ما هو إلا ثمرة من ثمار الاختلاط المحرم. والله -تعالى- أعلم، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه.