الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ممارسة الطبيب للإجهاض لأجل التدرب
المجيب أ. د. سعود بن عبد الله الفنيسان
عميد كلية الشريعة بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية سابقاً
التصنيف الفهرسة/الجنايات
التاريخ 9/8/1424هـ
السؤال
نحن ندرس الطب في بلد تقر قوانينه الإجهاض، والآن نحن مقبلون على فترة التطبيق في المستشفى، وعندما نطبق في قسم النساء والولادة، نمر على قسم تحديد النسل والعقم، وفيه تجري عمليات الإجهاض، بعضها تكون لها ما يبررها علمياً، كأن تكون هناك تشوهات في الجنين، أو موت الجنين في الرحم، أو ما شابه ذلك من الحالات، وفي حالات أخرى تأتي حسب طلب المريض، والقوانين في هذا البلد لا تمنع الإجهاض في أي فترة كانت إلا في المراحل المتأخرة جدا، هذا إذا كان الجنين لأبوين شرعيين، أما إذا كان غير ذلك فالأمر مجاز فيه على أي مرحلة عمرية وصل إليها الجنين.
على العموم، الطلبة المسلمون عادة لا يمرون على هذا القسم، ولكن أحد الأطباء السابقين أشار علينا أن تعلم كيفية الإجهاض مفيدة، لأنه قد يصادف الطبيب حالات تستوجب منه عمل الإجهاض، فلذا نريد منكم أن تبينوا لنا رأي الشارع الحكيم في هذه المسألة؟ وما حدود موقفنا منها؟ هل نشارك فيها؟ أم نكتفي بمشاهدتها؟ أم لا ندخلها أصلا؟ الرجاء الإسراع في الإجابة؛ نظراً لأن موعد التطبيق في هذا القسم قد اقترب جدا، مشكورين على تعاونكم.
الجواب
جاء في حديث عبد الله بن مسعود- رضي الله عنه في الصحيحين "إن أحدكم يجمع خلقه في بطن أمه أربعين يوماً نطفة، ثم يكون علقة مثل ذلك، ثم يكون مضغة مثل ذلك، ثم يرسل إليه الملك فينفخ فيه الروح، ويؤمر بأربع كلمات بكتب: رزقه، وعمله، وأجله، وشقي أو سعيد"، فدل الحديث على أن نفخ الروح يجعل الجنين كائناً حياً له حرمته وحقوقه الإنسانية، ولا يجوز الاعتداء عليه، ولو من أقرب الناس إليه، فلو تسببت الأم مثلاً في قتل جنينها بأي سبب لزمتها ديته وكفارة عتق رقبة، فالإجهاض بعد أربعة أشهر (120يوماً) كما في هذا الحديث هو قتل للنفس بغير حق، ويدخل في الوأد المحرم بقوله تعالى:"وَإِذَا الْمَوْؤُودَةُ سُئِلَتْ بِأَيِّ ذَنْبٍ قُتِلَتْ"(التكوير:8-9) ، وذكر بعض الفقهاء حرمة إسقاط الجنين بعد (80) يوماً، وقالوا: وإن لم تنفخ فيه الروح فقد تم فيه خلق الإنسان؛ أي تميزت هذه المضغة وتشكلت بشكل أعضاء الإنسان من عصب، ولحم، وعظم، وظهرت فيه صورته الجنسية من الذكورة والأنوثة، ونحوها، وهذا القول يتفق مع ما يراه الأطباء في عصرنا، وقد أفتى بعض الفقهاء اليوم بجواز الإجهاض إذا كان بقاء الجنين في بطن أمه خطراً محتماً على حياتها، أو قرر الأطباء المختصون أن الجنين سيتعرض لتشوهات خطيرة تجعل حياته - إن حيي - شقاء وعذاباً له، ولأهله، وذلك لأن الأم أصل في حياة الجنين، والجنين فرع عنها، فلا يضحى بالأصل من أجل الفرع، ولا تؤثر إجازة قوانين البلد للإجهاض على الحكم الشرعي بتحريمه، ولا أرى تشوه الجنين مبرراً للإجهاض بحال، فإن قتل النفس والمشاركة في ذلك حرام، ومهما كان الأمر فيبقى رأي الطب في تشوه الجنين أمراً احتمالياً ظنياً، فكم من طفل ولد مشوهاً فشفي، وكم من مولود قرر الأطباء أن فيه الحمى المنغولية فعافاه الله، ثم إن التشويه الخلقي وانفصام الشخصية ليس معيباً في كل حال، ولا عند كل الناس، فهو أمر نسبي يتفاوت الناس في تقبله والرضاء به.
وتأسيساً على ما سبق لا يجوز لكم تعلم الإجهاض إذا كان الجنين بلغ أربعة أشهر، ويجوز قبل هذه الفترة الزمنية للجنين إن كان ذلك لازماً من لوازم تخصصكم، وإن لم يكن فعليكم الاكتفاء بالمشاهدة عن طريق الصورة التلفزيونية الحية إن أمكن ذلك، وإن لم يمكن فلا بأس عليكم إن شاء الله، على أن يكون الجنين المراد في عملية الإجهاض لم تنفخ فيه الروح، والله أعلم.