الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
هل هذا داخل في (لا تبع ما ليس عندك)
؟
المجيب أحمد بن عبد الرحمن الرشيد
عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية
المعاملات/ البيوع/البيوع المنهي عنها
التاريخ 08/11/1425هـ
السؤال
بسم الله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد:
سؤالي هو: نحن مجموعة من التجار، ونعمل في مجال استيراد وبيع الأقمشة الرجالية، وعندما ترسل لنا الشركات التي نستورد منها الأقمشة عينات أو نماذج من البضاعة التي اشتريناها منها لكي نعرضها على الزبائن، يقوم زبائننا بتثبيت واختيار الأقمشة التي تناسبهم، وذلك يكون غالبًا قبل استلامنا للبضاعة، أي البضاعة إما تكون قيد الشحن أو لم تشحن بعد، نحن طبعًا نخبرهم بأن البضاعة لم تشحن، أو تبقى لها 15 يومًا إلى إن تصل إلى المرفأ أو إلى مستودعاتنا، الكمية، المواصفات، ونوع القماش الذي يختاره زبائننا محدد ومعلوم، نتفق مع الزبائن على أن يتم التسليم في تاريخ محدد، وفي حال:
1-
تأخرنا عن التسليم حسب الموعد المتفق عليه، لكلانا الخيار في إتمام البيع والتسليم والاستلام، أو رفض ذلك من أحد الطرفين أو كليهما، بدون أي إلزام من قبلنا بإجبار المشترين باستلام البضاعة أو أي تعويض يدفع من قبلنا إلى المشترين بسبب التأخر في التسليم.
2-
أن يكون هناك شروط أو شرط على كل من البائع والمشتري في حال حدوث أي تأخير في موعد تسليم البضاعة.
المطلوب معرفته:
1-
أي من الحالتين المذكورتين أعلاه صحيح وموافق للشرع.
2-
ماذا تسمى كل حالة منهما في الشرع؟
3-
وهل هاتان الطريقتان تندرجان تحت مبدأ (لا تبع ما ليس عندك؟) . أفيدونا جزاكم الله كل خير.
الجواب
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:
فإنه لا يجوز للإنسان أن يبيع ما لا يملكه كما دلت عليه النصوص الشرعية؛ لما في ذلك من إشاعة النزاع والخصومة بين الناس، والشرع الشريف يأمر بمنعهما وقطع دابرهما. وهذا الأمر يُطبق على جميع العقود، ومنها ما جاء في السؤال، وحكم العقد المسئول عنه لا يخلو من حالتين:
الحالة الأولى: إذا كنتم قد اشتريتم هذه الأقمشة ودخلت في ملككم وأصبحت تحت ضمانكم، ولكنها قيد الشحن أو لم تُشحن بعد، فإنه يجوز لكم بيعها وإن كانت لم تصل إليكم؛ لأنكم اشتريتموها وملكتموها ملكًا صحيحًا فجاز لكم بيعها. وإذا كان بيعكم للأقمشة بعد ملكها ملكًا شرعيًّا فما جاء في الصورة الأولى المتعلقة بالخيار جائزةٌ؛ لأن لكل من الطرفين الحق في اشتراط الخيار مدةً من الزمن، وكذلك ما جاء في الصورة الثانية فإنه جائزٌ إذا كانت الشروط لا تخالف النصوص الشرعية؛ لأن هذا من باب الشروط في البيع، وهي جائزة؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم:"المُسلِمون علَى شُرُوطِهم". رواه الترمذي (1352) وصححه. ومن الشروط التي لا تجوز أن يُشترط زيادة السعر على المشتري مقابل التأخير في السداد؛ لأن هذا من الرِّبا.
الحالة الثانية: إذا كنتم لم تملكوا هذه الأقمشة، وإذا جاءكم من يرغب في شرائها بعتموها عليه ثم سعيتم في شرائها، فإنه لا يجوز لكم هذا الأمر؛ لأن هذا من بيع ما لا يملكه الإنسان، والرسول صلى الله عليه وسلم قال لحكيم بن حزام:"لَا تَبِعْ مَا لَيْسَ عِندَك". رواه أصحاب السنن: أبو داود (3503) والترمذي (1232) وابن ماجه (2187) والنسائي (4613) .
وإذا كنتم لا تملكون هذه الأقمشة فإنه يمكنكم التعامل بعدد من العقود الشرعية التي تحقق مقصودكم وليس فيها مخالفةٌ لشيءٍ من أحكام البيع التي بيَّنها الله ورسوله صلى الله عليه وسلم، ومنها:
1-
التعامل ببيع السَّلَم، وذلك بأن يتم التعاقد بينكم وبين من يريد شراء هذه الأقمشة على بيع نوعٍِ موصوفٍ منها، ويُسلِّم المشتري الثمن في مجلس العقد، على أن يتم الاتفاق على وقت التسليم ومكانه، وبعد ذلك تسعون أنتم في تحصيل الأقمشة وجلبها من أماكن وجودها أو تصنيعها على الصفة المشترطة بين الطرفين، وهذا العقد جائز كما دلت عليه النصوص الشرعية، وإن كان من باب بيع مالا يملكه الإنسان إلا أن الشارع رخَّص فيه لحاجة الناس إليه، وفي هذا العقد يجوز لكل من الطرفين اشتراط بعض الأمور الشرعية على الطرف الآخر، ويجب الالتزام بها؛ لأن المسلمين على شروطهم.
2-
أن يكون بين الطرفين مواعدة على البيع والشراء في وقت معين، حيث يَعِدُ البائع بالبيع إذا ملك السلعة بثمن معين، ويَعِدُ المشتري بشرائها بالثمن نفسه، من غير أن يكون هناك عقدٌ ملزمٌ بين الطرفين، ولكل من الطرفين الخيار في التعاقد أو عدمه ولا يُجبر أحدهما بإتمام التعاقد؛ لأن المواعدة ليس فيها التزامٌ حقيقيٌّ وإنما هو التزامٌ أدبيٌّ، فإذا ملك البائع السلعة ملكًا شرعيًّا ثم تعاقد مع المشتري على البيع أصبح العقد لازمًا للطرفين ويأخذ أحكام البيع المعروفة. والبيع بالمواعدة بهذه الصورة لا بأس به عند أهل العلم. وإذا تمت المواعدة بين الطرفين على وقت معين وتأخر البائع أو المشتري أو لم يتأخر أحدٌ منهما فلكلٍ منهما الخيار؛ لأن المواعدة لا إلزام فيها.
أما ما يتعلق بالشروط على البائع أو المشتري إذا تأخر أحدٌ منهما، فإن كانت الشروط شرعية وكان المبيع مملوكًا للبائع فهي شروط صحيحة، أما إذا لم يكن المبيع مملوكًا للبائع فإنها شروطٌ باطلة؛ لأنه من باب بيع مالا يملكه الإنسان المنهي عنه، وإذا كان هذا البيع باطلًا فما بُني عليه من الشروط فهو باطلٌ، ويُستثنى من ذلك ما لو تم التعاقد بين الطرفين على وجه السلم المذكورة صفته قريبًا، فإن الشروط فيه صحيحة إذا كانت شرعيةً.
والله الموفق. وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه.