الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
من أحكام بيع الذهب
المجيب نزار بن صالح الشعيبي
القاضي بمحكمة الشقيق
المعاملات/ البيوع/بيع الذهب وشراؤه
التاريخ 01/11/1426هـ
السؤال
ما حكم من يعمل في شركة تعمل في مجال بيع وتصنيع الذهب والفضة، وهي تتعامل كما يلي:
1-
تبيع المصنوعات الذهبية والفضية للسائحين الأجانب غير المسلمين.
2-
المصنوعات على التراث الفرعوني.
3-
تبيع بالآجل إلى العملاء.
4-
تشتري بالآجل من الموردين، وليس هناك حل للبيع والشراء بالآجل، حيث إن حجم التعامل كبير جداً، ولا يمكن الدفع نقداً، سواء في البيع أو الشراء فهل يعتبر من يعمل في هذه الشركة -من محاسبين وصناع وعاملين- آثماً وماله حرام؟ أو أن الإثم يقع فقط على صاحب الشركة؟ وإن كان العاملون آثمين، فهل لهم من مخرج غير ترك العمل في ظل هذه الظروف الاقتصادية؟
الجواب
الحمد لله وحده والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، وبعد:
أخي السائل، لكي أجيبك على سؤالك أعتقد أنه يجب بيان حكم ما أشرت إليه من معاملات، وإليك البيان:
أولاً: المعاملة الأولى، وهي قيام الشركة بالبيع إلى سائحين أجانب غير مسلمين.
فأقول: لا يظهر لي مانع من ذلك؛ لأن الأصل في التعامل التجاري مع الكفار أيًّا كان معتقدهم الجواز، وكما يجوز بيع المصنوعات الذهبية والفضية للرجال والنساء للمسلمين، فيجوز ذلك أيضاً لغيرهم.
ثانياً: صياغة الذهب على التراث الفرعوني.
فأقول: الأصل في التعاطي مع أي تراث جاهلي أو غير مسلم الجواز، ما لم يصحبه ما يخالف شرعنا، كتصوير ذوات الأرواح مثلاً، أو أن يشتمل على رمز ديني عندهم كالصلبان مثلاً، فيحرم حينئذٍ، أما إذا خلا من ذلك فلا يظهر لي مانع من ذلك شرعاً؛ لأن هذا من جنس العادات وليس فيه تشبهٌ ولا يدخل في معناه، فلم يحرم علينا الأكل من طعام اشتهروا بصناعته ما لم يكن فيه ذبح، فلا يحل منه إلا ذبح الكتابي، وكذا الألبسة والتحدث ببعض كلمات لغتهم مالم يكن في ذلك تشبه.
واتخاذ بعض المصوغات الذهبية أو الفضية التي تحتوي على بعض الأشكال الهندسية، والنقوش التي اشتهر بها بعض الأمم الكافرة بالشرطين السابقين لا أرى فيه حرجاً، فلا حرج مثلاً من عمل هرمٍ على شكل الإهرامات في مصر، أو إناءٍ عليه بعض النقوش الصينيه؛ لأن الصحيح أيضاً من كلام أهل العلم جواز اتخاذ آنية الذهب والفضة، والمحرم فقط استعمالها، سواء كان الاستعمال بمباشرة الأكل والشرب فيها أو سائر أنواع الاستعمالات، أما مجرد الاتخاذ فلا أرى في ذلك حرجاً. والله أعلم.
ثالثاً: بيع الذهب بالآجل.
فأقول: في هذا تفصيل: فإذا كان الذهب خالصاً غير مصوغ كالسبائك فلا يجوز بيعه بالآجل بنقد، ويجوز بغير الذهب والفضة والأوراق النقدية.
أما إذا كان الذهب حليًّا فالصحيح جواز بيعه نسيئة (بالآجل) ، ولو كان العوض ذهباً أو فضة أو أوراقاً نقدية، وللشيخ الدكتور سلمان بن فهد العودة بحث في هذه المسألة، وقد بسط فيه القول وناقش القولين، ورجح في نهاية بحثه الجواز، وقد كان البحث عبارة عن جواب لسؤال سئل فيه عن جواز بيع الذهب بالتقسيط، ومن أراد التوسع في هذه المسألة فليراجع بحث الشيخ وهو منشور عبر هذا الرابط. (بيع الحلي بالتقسيط)
رابعاً: الشراء بالآجل من الموردين.
أقول: الجواب عن هذه الفقرة قد أشير إليه في الفقرة السابقة.
فبناءً على ما تقدم فإني أرى جواز العمل في هذه الشركة؛ لأن أصل نشاطها مباح، إلا أنه يجب التنبيه على أنه لا يجوز لأي عامل فيها عمل أي عمل خارج عن دائرة المباح، فلا يجوز للمحاسب فيها أن يوثق أو يجري حسابات لعقود محرمة؛ لقوله صلى الله عليه وسلم:"لعن الله آكل الربا ومؤكله وشاهديه وكاتبه " أخرجه أحمد (3725) ومسلم (1597) من حديث ابن مسعود –رضي الله عنه وبعضه في صحيح البخاري (5347) من حديث أبي جحيفة –رضي الله عنه.
ولا يجوز لصانع أن يصنع حليًّا تحتوي على صور لذوات الأرواح، أو يحمل شعاراً دينياً كافراً أو غير ذلك مما هو محرم في شرعنا، فإن أجبر على ذلك ولم يجد مخرجاً فعليه الاجتهاد في البحث عن عمل آخر، ومتى توفر له عمل يؤمن له قوته وقوت من يعول فعليه ترك عمله المحرم، هذا والله تعالى أعلم وصلى الله وسلم على نبينا محمد.