الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الإحسان إلى الكفار
المجيب د. محمد بن عبد الرحمن العمير
عضو هيئة التدريس بقسم الدراسات الإسلامية بجامعة الملك فيصل بالإحساء وعميد كلية التربية بالجامعة
الجهاد ومعاملة الكفار/مسائل متفرقة في الجهاد ومعاملة الكفار
التاريخ 24/12/1424هـ
السؤال
سأسافر في الفترة القريبة القادمة إلى إحدى الدول الأوربية؛ لغرض الدراسة، وأنوي أن أقوم أثناء فترة إقامتي ببعض الأعمال الخيرية، كزيارة مستشفيات المعاقين، أو دور المسنين، أو أي أعمال مشابهة، فما حكم الإحسان إلى ضعفاء الكفار؟ وكذلك ما حكم إعطائهم الصدقات؟
الجواب
الحمد لله، والصلاة والسلام على خاتم رسل الله، أما بعد:
في البداية أسأل الله -تعالى- لك الثبات على الحق، وأن يهديك سبيل السعادة والرشاد، وأن يوفقك في دراستك؛ لترجع رائدا من ريادات العلم والخير في أمتك المسلمة.
وأهنئك على ما وقر في قلبك من حب الخير، والتفكير في الوقوف مع المحتاج، فهذا من علامات جودة معدنك.
أما ما يتصل بسؤالك فإني أرى لك أن تبحث أول ما تبحث في غربتك عن صحبة صالحة ترتبط بالمسجد، تقيم معهم الصلاة، وتتعاونون على البر والتقوى.
وأما الإحسان إلى ضعفاء الكفار فأمر لا جناح فيه، يقول الله -تعالى-:"لا ينهاكم الله عن الذين لم يقاتلوكم في الدين ولم يخرجوكم من دياركم أن تبروهم وتقسطوا إليهم إن الله يحب المقسطين"[الممتحنة: 8] ،وزيارة دور المعاقين والمسنين ونحوهم من البر، وإن لم يكونوا مسلمين، وهو من الأعمال الصالحة التي يثاب فاعلها، خاصة إذا كان من مقاصد الزيارة دعوتهم إلى الإسلام؛ اقتداء بالنبي صلى الله عليه وسلم حين حضر عمه أبا طالب حال وفاته وعرض عليه الإسلام، فيما رواه البخاري (1360) ، ومسلم (24) من حديث المسيب بن حزن وكذا حين حضر صلى الله عليه وسلم الغلام اليهودي فدعاه إلى الإسلام فأسلم، فخرج النبي صلى الله عليه وسلم متهلل الوجه يقول:"الحمد لله الذي أنقذه من النار" رواه البخاري (1356) من حديث أنس رضي الله عنه.
وفي ظني أن هذا الباب مما يغفل عنه الكثيرون حين تتوجه هممهم في دعوة الشباب، والأقوياء رغبة في استثمار طاقاتهم إن هم أسلموا، وينسون أن من أهداف الدعوة تعبيد الناس لله -سبحانه- والعمل على تخليصهم من سبب الوقوع في النار، يستوي في ذلك القوي والضعيف، ولنا في عتاب الله لنبيه صلى الله عليه وسلم عبرة ودرس حين قال سبحانه:"عبس وتولى أن جاءه الأعمى"[عبس:1-2] ، فقد كان النبي صلى الله عليه وسلم مشغولاً بدعوة الملأ حين ناداه الأعمى فأعرض صلى الله عليه وسلم عنه، فعاتبه ربه.
والصدقة على الكفار المحتاجين لا بأس بها ما لم تكن صدقة واجبة، فإنها لا تدفع إلا لمسلم، أو كافر من المؤلفة قلوبهم. ومن الفقه عند دفعها لهم أن يغلب على الظن أنهم لن يستفيدوا منها في حرام.
وقبل الختام أهمس في أذنك: استثمر إقامتك في أوربا في الدعوة إلى الله، لكن لا تنس أن الإقامة بين ظهراني الكفار ليست مغنماً، وأن السبب الرئيسي في سفرك هو الدراسة، فأقبل عليها، وأعطها وافر اهتمامك، فحصِّل أكبر ما تستطيع من علم في أقصر ما تستطيع من وقت، فإذا قضيت مهمتك فعجل إلى أهلك ووطنك. حفظك الله ورعاك.