الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
السندات الادخارية الحكومية
المجيب د. يوسف بن عبد الله الشبيلي
عضو هيئة التدريس بالمعهد العالي للقضاء
المعاملات/ البيوع/بيع الأسهم والسندات
التاريخ 15/3/1425هـ
السؤال
الحكم في السندات الادخارية التي تصدرها بعض الدول؟، ففي الولايات المتحدة تصدر الحكومة هذه السندات لتشجيع المواطنين على الادخار الذي يستطيع الاستفادة، يجب أن يكون مواطن أمريكي الجنسية، وهنالك تحديد للمبلغ الممكن الاشتراك به سنوياً لتعطى الفرصة للجميع للاشتراك في هذا الصندوق الادخاري التقاعدي، الحكومة قد وعدت فقط بالمحافظة على هذا المال من نقص قيمته بالتضخم الذي يحصل بمرور الزمن لا أكثر ولا أقل، ففي حال عدم حصول تضخم فإن كمية المال تبقى على حالها، وهكذا إذا زاد التضخم زاد المال، وإذا نقص التضخم نقص المال.
علماً أن الحكومة هي المسؤولة الأكبر عن التضخم، فمن العدل أن تعوض الحكومة عن هذا التضخم، وهي تعطي الفرصة لكل المواطنين للاشتراك، ليس هنالك أجل محدد، أو فوائد محددة كما هي الحال في السندات التقليدية، تخرج هذه السندات عن تعريف القروض الذي هو بأجل محدد وفائدة محددة، وخاصة أن الحكومة لم تحدد فائدة محددة لهذه السندات، أو مدة محددة يجب فيها إبقاء المال في هذه السندات كما في القروض، حيث يمكن سحب المال في أي وقت، وأيضاً تحديد مبلغ الاشتراك يتنافى مع نية الاقتراض، فقط المقترض يأخذ كل ما يستطع من أي شخص ليكفي حاجته دون تحديد، بالإضافة إلى أن الحكومة قالت إنها أصدرتها للتشجيع على الادخار فقط للمواطن حين تقاعده، وهي لا تعطيك أي شيء فوق معدل التضخم إن حصل، وهذا يحدد كل 6 أشهر.
الجواب
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد:
فهذه السندات حقيقتها أنها قروض؛ لأن الدولة تضمن رأس المال لمشتري السند، وكون الفائدة على هذه السندات غير محددة، أو أن مدة بقائها بيد المشتري غير مؤقتة بفترة معينة، أو أن المقصود منها التشجيع على الادخار، كل ذلك لا يخرجها عن كونها قرضاً، لأن حقيقة القرض: أنه دفع مالٍ ينتفع به ويرد بدله، وهذا التعريف ينطبق على السندات المذكورة، لأن آخذ المال متى ما ضمن قيمته للمعطي فهذا الأخذ يسمى قرضاً، فإذا شرط الدائن زيادة عند استرجاعه فهذه الزيادة من الربا سواء أكانت محددة أم غير محددة، لقوله تعالى:"فإن تبتم فلكم رؤوس أموالكم"[البقرة:279] ، فأمر الله الدائن بالاقتصار على رأس ماله دون زيادة، وقد أجمعت الأمة على أن كل قرض جر نفعاً للمقرض فهو ربا، وأما تبرير الزيادة بأنها مقابل التضخم فهذا الافتراض لا يبيح أخذها، وقد قيل مثل ذلك في الفوائد الربوية، فإن من النظريات التي قيلت في تبريريها: نظرية التضخم، أي أنها تعويض للدائن عما يحصل له من نقص في دينه بسبب التضخم، وهذا غير صحيح فإن الفوائد في الواقع هي وقود التضخم وسببه الرئيسي، والبديل الشرعي للتخلص من التضخم هو استثمار المال بالربح الحلال بدلاً من الفوائد المحرمة. والله أعلم.