الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
تخلل الخمر
المجيب د. يوسف بن أحمد القاسم
عضو هيئة التدريس بالمعهد العالي للقضاء
التصنيف الفهرسة/الأطعمة والأشربة والصيد والذكاة
التاريخ 11/11/1424هـ
السؤال
ما حكم استخدام الخل المصنَّع يدوياً من الخمر؟ وجزاكم الله خيراً.
الجواب
الحمد لله وحده، وبعد:
فهنا مسألتان مشهورتان عند الفقهاء:
الأولى: تخلل الخمر بنفسه بدون علاج، يعني: استحالته من خمر إلى خل بدون فعل فاعل، وقد اتفق الفقهاء من الحنفية، والمالكية، والشافعية، والحنابلة، على جواز استعمال هذا الخل وشربه، انظر بدائع الصنائع (5/113) ، وحاشية الدسوقي (1/52) ، والمجموع
(2/526) ، والمغني (1/72) .
والمسألة الثانية: تخلل الخمر بفعل فاعل، يعني: استحالته من خمر إلى خل بالعلاج، وهذا هو مقصود السائل، كما أشار إليه بقول:(المصنَّع يدوياً)، وهذه المسألة محل خلاف بين أهل العلم على قولين:
الأول: ما ذهب إليه جمهور الفقهاء من المالكية في الراجح عندهم والشافعية، والحنابلة: وهو عدم جواز تخليل الخمر بالمعالجة، فإذا عولجت وتخللت بذلك، فإنه يجوز استعمالها وشربها عند المالكية، ويحرم ذلك عند الشافعية والحنابلة، والقول بالتحريم هو الأرجح دليلاً، لما رواه مسلم في صحيحه (3/1573)، عن أنس رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم سئل عن الخمر تتخذ خلاً؟ فقال:"لا"، قال النووي في شرحه على صحيح مسلم (13/152) تعليقاً على هذا الحديث: (هذا دليل الشافعي والجمهور، أنه لا يجوز تخليل الخمر، ولا تطهر بالتخليل، هذا إذا خللها بخبز، أو بصل، أو خميرة، أو غير ذلك مما يلقى فيها، فهي باقية على نجاستها، وينجس ما ألقي فيها، ولا يطهر هذا الخل بعده أبداً، لا بغسل ولا بغيره.." أ. هـ.
ومن أدلة التحريم أيضاً ما رواه أحمد (3/119) ، وأبو داود (3/326)، عن أنس بن مالك رضي الله عنهما أن أبا طلحة رضي الله عنه سأل النبي صلى الله عليه وسلم عن أيتام ورثوا خمراً؟ فقال: أهرقها، قال: أفلا أجعلها خلاً؟ قال: لا"، وهو حديث صحيح، كما قاله النووي في المجموع شرح المهذب، قال الخطابي في معالم السنن (5/260) تعليقاً على هذا الحديث:(في هذا دليل واضح أن معالجة الخمر حتى تصير خلاً غير جائز، ولو كان إلى ذلك سبيل لكان مال اليتيم أولى الأموال به، لما يجب من حفظه وتثميره والحيطة عليه، وقد كان نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن إضاعة المال، وفي إراقته إضاعته، فعلم بذلك أن معالجته لا تطهره، ولا ترده إلى المالية بحال) أ. هـ.
القول الثاني: ما ذهب إليه الحنفية، والمالكية في قول مرجوح في المذهب، وهو جواز تخليل الخمر بالمعالجة، وإذا عولج جاز شربه واستعماله، واستدلوا بأدلة لا تنهض إلى القول بالجواز؛ لأنه إما استدلال بدليل صحيح غير صريح، وإما بدليل صريح غير صحيح، ولهم أدلة أخرى من جهة المعنى، ولكنها لا تقوى على مخالفة الأحاديث الصحيحة الصريحة في ذلك. وأحيل السائل إلى مرجعين مهمين في هذه المسألة، وهما كتاب الاضطرار إلى الأطعمة والأدوية المحرمة للدكتور: عبد الله الطريقي، وكتاب المواد المحرقة والنجسة في الغذاء والدواء بين النظرية والتطبيق للدكتور: نزيه حماد، وقد رجح الثاني القول بالجواز، ورجح الأول القول بالتحريم، وهو ما صححه شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في مجموع الفتاوى [ (21/481) ] . والله تعالى أعلم.