الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وغيرهم، وأكثر الناس زيارة له الغرباء وأهل التل والمسافرون الذين يأتون بالتجارة من جهة الشمال، لما رأوا من بركاته كثيرا. ويأتون بالفتوحات وينحرون عند قبره ويتصدقون به على الفقراء والمساكين، وهو جد كنتة كلها: كنتة الحجر وكنتة أزواد. وأخرج الله تعالى من نسله كثيرا من الأولياء والصالحين وربما أتاه بعض ذريته، وأقام يزار، وتظهر عليه بركته.
ولم أقف على تاريخ وفاته، ولعله من أهل القرن العاشر والله أعلم، وقبره بجبل ولاتة الغربي قريبا من الديار جدا، رحمه الله تعالى ونفعنا به، آمين.
8 - [أحمد بابا التنبكتي]
سيدي أحمد بابا الفقيه بن الحاج أحمد بن الحاج أحمد بن عمر بن محمد أقيت بن عمر بن علي بن يحيى بن كدالة بن بكي بن نيق
(9)
بن لف بن يحيى بن تشت بن تنفر بن جبراي بن أكنبر بن انص بن أبي بكر بن عمر الصنهاجي الماسني رحمهم الله تعالى. جدّ رحمه الله واجتهد في بداية أمره في خدمة العلم حتى فاق جميع معاصريه، ولا يناظره في العلم إلا أشياخه، وشهدوا له بالعلم. واشتهر في الغرب أمره، وانتشر ذكره، وسلم له علماء الأمصار في الفتوى، وكان وقوفا عند الحق، ولو كان من أدنى الناس، ولا يداهن فيه ولو الأمراء
(10)
والسلاطين. وكان اسم محمد صلى الله عليه وسلم مكتوبا في عضده الأيمن خلقة بخط أبيض، قاله صاحب تاريخ السودان. وبيته بيت علم وصلاح، فشا فيهم العلم، ونشأ هو على ذلك فحفظ بعض الأمهات، وقرأ النحو على عمه أبي بكر الرجل الصالح، والتفسير والحديث والفقه والأصول والعربية والبيان وغيرها على شيخه العلامة محمد بغيع، ولازمه أكثر من عشرين سنة. وأخذ الحديث على
(9)
في أ: «نيف» بالفاء.
(10)
في أ: ولو «أولو الأمراء. . . .» وهو تحريف.
والده سماعا والمنطق، وقرأ الرسالة تفقها، ومقامات الحريري على غيرهما
(11)
، واشتهر بين الطلبة بالمهارة على كلل وملل في الطلب.
قال في ترجمة شيخه المذكور: فختمت عليه مختصر خليل بقراءتي وقراءة غيري عليه نحو ثمان مرات، وختمت عليه الموطا قراءة تفهم، وتسهيل ابن مالك قراءة بحث وتدقيق مدة ثلاث سنوات، وأصول السبكى بشرح المحلّي ثلاث مرات، قراءة تحقيق، وألفية العراقي بشرح مؤلفها، وتلخيص المفتاح بمختصر السعد مرتين، وصغرى السنوسي، وشرح الجزائرية له، وحكم ابن عطاء الله، مع شرح زروق لها، ونظم أبي مقرع، والهاشمية في التنجيم، مع شرحها، ومقدمة التاجوري فيه، ورجز المغيلي في المنطق، والخزرجية في العروض، بشرح الشريف السبتي، وكثيرا من تحفة الحكّام لابن عاصم مع شرحها لابنه، كلها بقراءتي. وقرأت عليه فرعيّ ابن الحاجب قراءة بحث، جميعه، وحضرته في التوضيح كذلك لم يفتني منه إلا من الوديعة إلى الأقضية، وكثيرا من المنتقى للباحي، والمدونة بشرح أبي الحسن الزرويلي
(12)
، وشفاء عياض، وقرأت عليه صحيح البخاري نحو النصف، وسمعته بقراءته، وكذلك صحيح مسلم كله، ودولا من مدخل ابن الحاج ودروسا من الرسالة والألفية وغيرها، وفسرت عليه القرآن العزيز، إلى أثناء سورة الأعراف، وسمعت بلفظه جامع المعيار للونشريسي كاملا، وهو في سفر كبير، ومواضع أخر منه، وباحثة كثيرا في المشكلات، وراجعته في المهمات، وأجازني بخطه [جميع ما يجوز له وعنه، وأوقفته على بعض تواليفي فسرّ به وقرّظ عليه بخطه]
(13)
بل كتب عني أشياء من أبحاثي، وسمعته يقول بعضها في درسه لإنصافه وتواضعه وقبوله الحق حيث تعين انتهى.
(11)
في ب: «وغيرهما» .
(12)
حرفت نسبة أبي الحسن في ج، فكتبت «الدليمي» .
(13)
ما بين معقوفتين ساقط من أ.
قال صاحبه الثقة أبو عبد الله محمد بن يعقوب الأيسي المراكشي في فهرسته: كان أخونا أحمد بابا من أهل العلم والفهم والإدراك التام الحسن، حسن التصنيف كامل الحظ من العلوم فقها وحديثا وعربية وأصولا وتاريخا منحيا
(14)
للاهتداء لمقاصد العلماء، مثابرا على التقييد والمطالعة، مطبوعا على التأليف، ألّف تواليف مفيدة جامعة، فيها أبحاث عقلية ونقلية. قال: حدثني بحديث الرحمة المسلسل بالأولية عن والده بسنده، وحديث المصافحة عن والده أيضا، وسمعت عليه أكثر صحيح مسلم بلفظه، ولم يفتني منه إلا القليل، وقرأت عليه الشفاء وعشرينيات الفزاري، وتخميس ابن مهيب لها، وشيئا من صحيح البخاري وسنن الترمذي، والموطا، وسمعت ألفية الحديث للعراقي عليه تفقها إلا أبياتا، وأوائل مختصر خليل، وأشياء من الابى على مسلم، وغير ذلك، وأجازني، وذاكرته في الأسانيد والرجال والتاريخ، وكان من أوعية العلم رحمه الله تعالى، وناولني المسلسل بالمالكية انتهى. وقال فيه صاحبه السيد الأستاذ المتواضع الناظم الناثر ذو الأخلاق الطاهرة، والشيم الفاخرة، الحاج أحمد بن الحاج محمد فهدي
(15)
بن أبي فهدي التواتي ثم المراكشي رحمه الله تعالى: لما
(16)
فتح الله تعالى عليّ بملاقاة عالم الدنيا ومعلمها، حامل لواء الأحاديث ومفهمها، رافع رواية مذهب الإمام مالك ومقدمها، العالم العلامة، المقبول الفاضل الفهامة، سيدي وبغيتي وهداي، ومسرجي ومثواي، ومهجتي وإياي، أبا العباس سيدي أحمد بابا، جعل الله تعالى أيامه للخير أسبابا، وفتح به إلى العلوم أبوابا، تلقيت منه ما فتح الله لي بالقبول، وألفيته علقة الوصول، فلازمت بابه المبارك ليالي وأياما، وشهورا وأعواما، وتضلعت من زمزمه بما فيه مقنع، وكنت معه كالذي يأكل ولا يشبع، فقرأت عليه رحمه الله تعالى القرآن العظيم بتفسير ذي
(14)
في أو ج: «منحيا» ، وفي ب:«مبيحا» ولعل الصواب «منحيا» كما أثبتناه».
(15)
سقطت من ب.
(16)
في أوب: «بما» وهو تحريف.
الجلالين المحلي والسيوطي في عامين مرتين قراءة تحقيق وتفهم وتدقيق، ثم الموطا للإمام مالك، ثم البخاري ومسلم، ثم اختصارهما للقرطبي، ثم الجامع الصغير للسيوطي مرارا، ثم الشفاء، ثم الخصائص للسيوطي، ثم العلوم الفاخرة ثم البدور السافرة، ثم ألفية الحديث مرارا، ثم دروسا كثيرة من الفقه في خليل والرسالة وتحفة الحكام، وغيرها من الكتب، ثم الكلاعي، وعدة من تواليفه رحمه الله، إلى غيرها مما حصلته من أجوبته وتقييده ومصنفاته وأبحاثه وفوائده، وأجازني جميع ذلك إجازة مطلقة من غير تقييد رحمه الله تعالى انتهى.
امتحن رحمه الله تعالى في طائفة من أهل سنه بثقافتهم في بلدهم في محرم عام اثنين وألف على يد محمود زرقون لما استولى على بلادهم، وجاء بهم أسارى في القيود فوصلوا مراكش أول رمضان من العام، واستقروا مع عيالهم في حكم الثقاف، إلى أن انصرم أمد المحنة، فسرحوا يوم الأحد الحادي والعشرين من رمضان عام أربعة وألف، ففرحت قلوب المؤمنين بذلك، جعلها الله تعالى لهم كفارة ذنوبهم.
قال صاحب الترجمة: ولما خرجنا من المحنة طلبوا مني الاقراء فجلست بعد الاباية بجامع الشرفاء بمراكش من أنوه جوامعها، أقرئ مختصر خليل قراءة بحث وتدقيق، ونقل وتوجيه، وكذا تسهيل ابن مالك، وألفية الحديث للعراقي، فختمت عليّ نحو عشر مرات، وتحفة الحكام لابن عاصم، وجمع الجوامع للسبكي، وحكم ابن عطاء الله، والجامع الصغير للجلال السيوطي قراءة تفهم مرارا، والصحيحين سماعا عليّ وإسماعا مرارا، ومختصرهما، وكذا الشفا والموطا والمعجزات الكبرى للسيوطي، وشمائل
(17)
الترمذي، والاكتفاء، لأبي الربيع الكلاعي، وغيرها. وازدحم عليّ الخلق وأعيان طلبتها،
(17)
ساقطة من أ.
ولازموني، بل قرأ عليّ قضاتها كقاضي الجماعة بفاس العلامة أبي القاسم بن أبي النعيم الغساني، وهو كبير ينيف على ستين؛ وكذا قاضي مكناسة
(18)
الرحلة المولف صاحبنا أبو العباس ابن القاضي
(19)
له رحلة للمشرق، ولقي فيها الناس، وهو أسن مني؛ ومفتي مراكش الرجراجي وغيرهم، وأفتيت فيها لفظا وكتبا بحيث لا توجّه فيها الفتوى غالبا إلا إليّ، وعينت لها مرارا فابتهلت إلى الله تعالى أن يصرفها عني، واشتهر اسمي في البلاد من سوس الأقصى إلى بجاية والجزائر وغيرها. وقد قال لي بعض طلبة الجزائر وقد قدم علينا مراكش: لا نسمع في بلادنا إلا باسمك فقط. وإنما ذلك كله مصداق قوله صلى الله عليه وسلم: إن الله لا ينزع العلم الحديث انتهى.
ألف رحمه الله تعالى تواليف عديدة مفيدة: شرح الصغرى في أربعة كراريس، والمأرب والمطلب، في أعظم أسماء الرب، تعالى، في كراسة، وكتاب شرح الصدور وتنوير القلوب، ببيان مغفرة ما نسب للجانب النبوي من الذنوب؛ ونشر العبير، بمعاني آية الصلاة على البشير النذير؛ ونيل الأمل في تفضيل النية على العمل [في شرح نية المؤمن أبلغ من عمله، وآخر فيه سماه غاية الأمل في تفضيل النية على العمل]
(20)
والمنهج المبين، في شرح حديث أولياء الله الصالحين المحبين، والبدور المسفرة، في شرح حديث الفطرة، وشرح مختصر خليل من الزكاة إلى أثناء النكاح، في سفرين وسماه المقصد الكفيل، بحل مقفل خليل.
وحاشية عليه سماها منن الرب الجليل، في تحرير مهمات خليل، في سفرين، ينقل منهما الأجهوري في شرحه على المختصر. وتنبيه الواقف، على تحرير وخصصت نية الحالف، في كراس، وإفهام
(18)
بياض في المخطوطات الثلاث.
(19)
صحف إسم إبن القاضي إلى إبن القاسم في المخطوطات الثلاث.
(20)
ما بين معقوفتين ساقط من أ.
السامع، بمعنى قول خليل في النكاح بالمنافع، وفتح الرزاق في مسألة الشك في الطلاق، وأنفس الأعلاق في فتح الاستغلاق، من كلام خليل في درك الصداق، والزند الوري، في مسألة تخيير المشتري، والكشف والبيان، في حكم أصناف مجلوب السودان، واللمع، في الإشارة في حكم طبغ؛ وترتيب جامع المعيار للونشريسي، كتب منه كراريس، وأجوبة الأسئلة المصرية، وفتح الصمد الفرد، في معنى محبة الله تعالى للعبد، وتعليق على أوائل الألفية. وآخر سماه النكت الوافية بشرح الألفية، وآخر سماه النكت الزكية، لم يكملا. وغاية الإجادة، في مساواة الفاعل للمبتدا في شرط الإفادة، في كراسة، وآخر سماه النكت المستجادة، في مساواتهما في سر الإفادة، والتحديث والتأنيس، في الاحتجاج بابن ادريس، يريد بألفاظه في العربية في ورقات، ونزول الرحمة في التحدث بالنعمة؛ ودرر الوشاح، بفوائد النكاح، وهو مختصر كتاب الوشاح للسيوطي وجلب النقمة لمجانبة الظلمة
(21)
وما رواه الرواة، في مجانبة الولاة، ونيل المرام، ببيان حكم الأقدام على الدعاء لما فيه من إيهام، وهو مأخوذ من مسودة تأليفه فتح القدير، للعاجز الفقير. في الكلام على دعاء محمد بن حمير، وتحفة الفضلاء، ببعض فضائل العلماء، ومختصره في عشرورقات بقالب الثمن، سماه مرآة التعريف، في فضل العلم الشريف، ودرر السلوك بذكر الخلفاء وأفاضل الملوك؛ ونيل الإبتهاج، بالذيل على الديباج؛ وكفاية المحتاج، في معرفة من ليس في الديباج؛ وترجمة السنوسي، في ثلاثة كراريس، وخمائل الزهر، في كيفية الصلاة على سيد البشر، والدر النضير في ألفاظ الصلاة على البشير النذير، فهذه تسعة وثلاثون تأليفا.
وقال صاحب الترجمة: ألفت عدة كتب تزيد على أربعين تأليفا انتهى. فأنا ما وقفت على أسماء الباقي من تواليفه. ولما ألف بعض
(21)
هكذا في المخطوطات الثلاث.