الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
يقرئ الرسالة ومختصر خليل وألفية ابن مالك ولأمية الأفعال قراءة تحقيق، ويقرئ البرية
(8)
في قراءة نافع وغير ذلك. له حظ من علم الحديث والعروض وغير ذلك من الفنون إلا نادرا، والله أعلم. حج عام سبعة وخمسين ومائة وألف، وأتى بخزانة كتب نفيسة. قرأت عليه وأفادني وانتفعت بعلمه وكتبه، وهو من أشياخي.
توفي - رحمه الله تعالى - عام تسعة وسبعين ومائة وألف.
62 - [البشير بن الهادي (الايديلي)]
الطالب البشير بن الحاج الهادي [الايديلبي]
(9)
رحمه الله هو الشيخ الفقيه العالم المتفنن المقرئ، سيخنا عالم بلاد التكرور وفقيهها ومدرسها ومفتيها بلا مدافع، حريصا على العلم استفادة وإفادة، ولا يأنف على أخذه عن أقرانه، أفنى عمره في طلب العلم، أسهر جفونه في النظر، وأحيي ليله في تحصيله بالسهر، يعمر الأوقات فيه، فنهاره في التدريس والشرح والإفتاء، وليله في المطالعة، وكان على غاية اجتهاد، فكان يرى في عمامته أثر الدخان
(10)
لكثرة مطالعته بالليل. كان - رحمه الله تعالى - شيخا جوادا كريم الخلق حسن العشرة، حافظا حق الجار، [حسن الجواب]
(11)
حسن الفهم، سريع القلم، حسن الخط، مجتهدا في تحصيل الكتب كثير الاعتناء بها، حتى حصل منها بالنسخ والاستكتاب ما يحتاج إليه من كل فن، حتى حصل شرح كل كتاب قرأه، وإذا استعار كتابا اجتهد فيه حتى يقضي حاجته منه ويرده في أقرب مدة. أحيي العلم في بلاده من كثرة طلبة الفقه عنده، فصاروا علماء، واشتهر عمله في البلاد وطار صيته فيها شرقا وغربا وجنوبا وشمالا، فكانت النوازل والأسئلة
(8)
في هامش ج: لعله يقصد نطم ابن بري.
(9)
ساقط من ج.
(10)
في ج: دخان الحطب.
(11)
زيادة في ج.
ترد عليه من كل مكان، فيجيب عنها بالنصوص الصريحة والنقول الواضحة. حفظ القرآن وهو صغير، ثم صرف همته العلية وفكرته الزكية في تحصيل فنون العلم، يقرئها فنافنا حتى مهر فيها واشتهر. قرأ بالسبع على الشيخ العالم المقرئ الطالب عمر بن محمد بن بوه الايديلبي. وكان يحصل الشاطبية حفظا، مستحضرا لها يستشهد بها لحضورها عنده، ويقرئها الناس. ويقرأ الدّرر اللوامع لابن بري ويقرأ عليه السبع، وله ورد في القرآن، وهذا الفن عنده من أطيب فنونه وأوضحها، فتبارك الله أحسن الخالقين.
وقرأ دليل القائد والجزائرية والإضاءة والألفية في أوراق وأيمته
(12)
على الشيخ سيدي أحمد بن سيدي الصالح - رحمه الله تعالى - وقرأ الفقه على الفقيه الحاج عيسى، وهو أخذه عن الفقيه الحاج عثمان المجاور، وهو أخذه عن شيخ الشيوخ الفقيه أبي عبد الله سيدي محمد بن أبي بكر بن الهاشمي الغلاوي، وهو أخذه عن الفقيه العلامة أبي عبد الله سيد محمد بن المختار بن الأعمش العلوي - رحمهم الله تعالى -. يقرأ الرسالة ومختصر خليل وعلوم أصول الدين وأصول الفقه، ويقرأ لامية الزقاق والقواعد أعني المنهج، وأكثر ما يقرئ الناس مختصر خليل والألفية، فاشتغل باقرائهما عن إقراء فنون العلم غيرهما التي هي بقبضة يده - رحمه الله تعالى - ويقرئ ألفية العراقي الأثرية في علم الحديث. وقرأت عليه في المسجد وسمعت ممن أثق به من تلامذته أنه يحفظ ثلاثة أرباع من صحيح البخاري - رحمه الله تعالى - وقرأ الحكم العطائية على شيخنا الطالب الأمين، ويقرئ السلم في المنطق. وكان يقول رحمه الله:
أنا نحوي نحو الفقهاء، وما ذلك إلا تواضعا منه، وأما هو فكان يقرئ الألفيتين في النحو ألفية ابن مالك وألفية السيوطي، وكفى بهما نحوا.
وقرأ من اللغة بانت سعاد لكعب بن زهير - رضي الله تعالى عنه - وتخميس
(12)
في ج: بياض بين «و» و «أيمته» .
العشرينيات لابن مهيب، والهمزية والبردة للبوصيري، والشقراطية والمنفرجة ولا ميتي العرب والعجم، والدريدية واليوسية وغير ذلك. وما رأيت أكثر فيه من قول لا أدري حين سئل، ويقول إن مالكا - رحمه الله تعالى - سئل عن أربعين مسألة فأجاب في عشرها أربعة، فكيف بنا نحن - لطف الله تعالى بنا وبجميع المسلمين آمين. وما ذلك إلا من ورعه وتحريه في الفتيا - رحمه الله تعالى - ونفعنا به آمين. ولم تيبس دواته
(13)
منذ سنين عديدة، وسمعت أنها نحو ثلاثين سنة، والله أعلم. وكان يقول إنها من أوثق أعمالي عندي، ويستدل بالحديث عن أنس بن مالك - رضي الله تعالى عنه -، وعمران بن حصين والنعمان بن يشير - رضي الله تعالى عنهم -، وهو: يوزن يوم القيامة مداد العلماء ودم الشّهداء فيرجح مداد العلماء عن دم الشّهداء انتهى. ومعلوم أن أعلى ما للشهيد
(14)
دمه المهراق في سبيل الله، وأدنى ما للعالم مداده والله أعلم.
وكان - رحمه الله تعالى - ذابا على الشريعة، ناصرا لتواليف أيمة الفقه، فقال - رحمه الله تعالى - في جواب مسألة سئل عنها، أماما في مختصر سيدي خليل ونظم ابن عاصم - رحمهما الله تعالى - من النصوص، معمول به ومعول عليه في مذهب مالك - رحمه الله تعالى - ومن أبطل ما فيهما بالكلية فلا يعمل بقوله ولا يلتفت إليه، لأنهما لهما نحو خمسمائة عام تتعاطاهما الأيمة شرقا وغربا إلى الآن، ختى صارا في الفروع الظنية كالتواتر على صحة ما فيهما، فلم يقل أحد من العلماء فيهما ما قال هذا السيد من الإبطال، والأمة المحمدية لا تتفق على الضلال.
فلو كان ما فيهما باطلا لنقل إلينا، كما صرحوا بالكتب التي تحرم بها الفتوى. انتهى. وله فتاوى مجموعة انتفع الناس بها، ولله الحمد والمنة.
(13)
هي باللسان الدارج المحبرة.
(14)
في الأصل: في جميع النسخ (أعلى الشهداء) وهو لا ينسجم مع الضمير بعده ولا مع الجملة التالية.