الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
حرف الزّاي
78 - [زيدان بن محمد بن أحمد الحسني]
سيدي مولاي زيدان بن سيدي محمد بن مولاي أحمد بن مولاي عبد الكريم بن سيدي حم المكني بابن الحاج بن مولاي الحسن بن مولاي محمد بن مولاي عبد الله بن مولاي محمد بن مولاي علي الشريف بن مولاي الحسن بن مولاي محمد بن مولاي الحسن بن مولاي قاسم بن مولاي محمد بن مولاي أبي القاسم بن مولاي محمد بن مولاي الحسن بن مولاي عبد الله بن مولاي أبي محمد بن مولاي عرفة بن مولاي الحسن بن مولاي أبي بكر بن مولاي علي بن مولاي الحسن بن مولاي أحمد بن مولاي إسماعيل بن مولاي القاسم بن مولاي محمد ذي النفس الزكية بن مولاي عبد الله الكامل بن مولاي الحسن المثنى بن مولاي الحسن السبط بن مولانا علي بن أبي طالب - كرم الله وجهه ورضي عنه - وابن فاطمة الزهراء البتول سيدة النساء عليها السلام. فبينه وبينها رضي الله عنها واحد وثلاثون أبا.
أحد الأولياء العاملين، والصلحاء المتقين، ذو جد واجتهاد، ولزوم أذكار وأوراد، ومبنى أمره على النية والصدق من الله تعالى، كشيخنا - أطال الله حياته، وأفاض علينا من بركاته آمين - فتراه يحب الشيء مجتهدا
في تحصيله، فإذ بان له فيه نهي كان أبعد الناس منه، فيكون منه مناط الثريا. قال بعض العلماء - رحمه الله تعالى -: ترك المنهيات [أشد من فعل الطاعات، فالطاعات يقدر عليها كل أحد، وترك المنهيات]
(1)
لا يقدر عليه إلاّ الصديقون. وكان مظهرا لنعم الله تعالى عليه، يلبس الملابس الحسنة الفاخرة، يأكل الطيبات من الحلال، ويقول: نحن دخلنا من الباب الواسع لا من الباب الضيق.
كان - رحمه الله تعالى - سخيا من الأسخياء، نجيبا من النجباء، وتقيا من الأتقياء، مشهورا بالفضل والصلاح وحسن الخلق والسخاء، عارفا بالسياسة بصيرا بأحوال الناس ينزل الناس منازلهم، حتى صار الناس كلهم سواء في محبته. له كرامات عديدة، ومفاخر مجيدة.
فمن كراماته - رحمه الله تعالى - طي الأرض له، كما شاهده من سافر معه، فشهد أهل الخبرة بالطريق يقولون الموضع الفلاني لا نأتيه إلا غدا، إن شاء الله، فما يتم اليوم حتى يقولوا ذلك الموضع خلفناه وراءنا.
والسحابة تمطر وراءهم وأمامهم ولا يصيبهم من المطر شيء، فكان أعجوبة زمانه في الكرامات وخرق العادات.
ومنها كلامه على الخواطر والضمائر، فلقد هم بعض إخوانه لما خاف من أمره أنه لا يصله إذا أتى أهله إلا بعد سبعة أيام حذرا من تغييره، وصور ذلك في نفسه وهو يسايره في الطريق، فقال له: الله أكبر، إذا أتى فلان أهله جلس في بيته ولا يصل إلينا نحن، فتعجب منه وعزم على أن لا يقطع زيارته بعدها.
ومنها تسخير الخلق له وانقيادهم، فترى الرجل البخيل يعطيه نفائس أمواله ويهديها له ويوده بها عن طيب نفس منه، والناس يعطونه في كل ما أمرهم، به، سواء كان بذل مال أو عمل أو خدمة، ويأتونه كل وقت
(1)
ما بين معقوفتين زيادة في ج وحدها.
بالهدايا. وكفى المهدي له فرحا إذا قبل هديته.
ومنها نزول الرفقة في الوقت الذي أحب النزول فيه من غير أن يأمرهم به كما شاهد من سافر معه، وكان يقول لا منة لأحد علينا، فمن أعطى شيئا إنما يريد أكثر منه.
ومنها كونه - رحمه الله تعالى - سيفا صارما من سيوف الله، لا يتعرض له برّ ولا فاجر إلاّ قطعه. ولذلك خاف الناس كلهم منه، فرهبوت خير من رحموت: أن ترهب خير من أن ترحم. وأخباره في ذلك مشهورة كخبره مع بني ادليم لما تعرضوا له في طريق تودن وأخذوا سيفه فاقتتلوا بينهم، وأغير على القوم الذين عندهم السيف وكان كل من كان السيف عنده يقتل به حتى تركوه معلقا في شجرة، وكخبره مع الرجل الذي سلبه لما أطلق لسانه بالكلام فيه. ومن عجائب أمره في ذلك أن من عطب من أجله يصير يعلم فلا يصحب أحدا إلا عطب معه. وكخبره مع بعض فقراء الشيخ في المنام أتاه بهر أسود فقال أقتله وضرب برأسه الجدار حتى مات، فما لبث ذلك الفقير أن سافر وهلك في الطريق عطشا. وأخباره في ذلك كثيرة.
ومنها إذا وقع بصر أحد عليه اجتمع له فيه الحب والخوف. وكان الناس إذا سمعوا بقدومه يحصل لهم الخوف حتى يلقونه (كذا) فيزول.
وكنت إذا وقع بصري عليه حصل لي من الخشية ما لم أقدره ووجدت في نفسي محبة له وسرورا به. وما اجتمع الحب والخوف في قلبي لأحد من الأولياء إلا له، إنما كنت أحبّ الولي ولا أخافه. وكان رحمه الله تعالى مهابا معظما عند الخاصة والعامة، فترى الجبابرة واللصوص يخافون منه ومذلون له ويخضعون ويطيعونه فيما يريد ويسلمون منه.
ومنها استقامته مع الشريعة، فكان مسددا موفقا في القول والعمل، أعطي قدرة في الكلام فلا يناظره أحد إلا أفحمه في الجواب، حتى كأنّ
الحجج تنزل على طرفي لسانه. ولا يمنع شيئا إلا كان موفقا فيه فقال لي يوما إذا أحب الله تعالى العبد أحل له الحرام فتعجبت وقلت في نفسي:
الحرام لا يحل أبدا، فأظهر الله تعالى ما قال لي في ذلك اليوم. وذلك أن أحد التوارق كان خفيرا لرفقة أتى بشاتين مغصوبتين إلى الرفقة وعرقبهما، فما لبثا أن جاء مسلم من الزوايا يطلب جلودهما وهما له، فقلت له:
نحن ما أمرنا اللص بأخذ الشاتين وقد صارتا لحما، فإن سمحت لنا في أكلها أكلنا، وإلا فلا، فقال إني أختارهما في إخواني عن اللصوص، وهما لا بد أن تأكلوهما أو يأكلهما اللص. ثم أخرج أحد منا جفنة من طبغ من ساندك وأعطاها له وقال له: هذا إنما أعطيته لك في السماح، فقال بالله الذي لا إله إلا هو إني لأختار هذه طبغ عنهما حيتين، فأحرى ميتتين. فهذا هو الحرام شاهدته حراما ثم شاهدته حلالا.
ومنها كونه رحمه الله تعالى مقصودا في حياته في الأزمات، وحاله في ذلك من أعظم الآيات، مجمعا على أمره في ذلك حتى صار الناس يبعثون له بالهدايا من الأمكنة البعيدة لنيل حوائجهم، فيجدون ثمرة ذلك كرامة مشهورة. ولقد قصدته بسبعين حاجة بين الدنيا والآخرة، قضي الله تعالى لي ما كان في الدنيا، وأرجو من كرمه تعالى أن يقضي لي باقيها كما قضى لي أولها. وجربت بركاته مرارا، وهو الذي أوصل ورد الشيخ مولاي عبد المالك لنا ولأهل بلادنا فجزاه الله تعالى بأحسن الجزاء.
قدم بلاد التكرور أربع مرات، وفي إحدى المرات طلعت مع أخ لي في الله على جبل يوم ثاني قدومه، ونمنا على صخرة، فلما استيقظنا قال لي إنه ورد علي وارد في منامي هذا، ورد علي قوله تعالى {سَنُرِيهِمْ آياتِنا فِي الْآفاقِ وَفِي أَنْفُسِهِمْ حَتّى يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الْحَقُّ،} فقلت له هذا إشارة إلى أن هذا السيد الذي قدم علينا تظهر عليه خوارق العادات والكرامات حتى يتبين للناس مقامه في الولاية، فكان ذلك والله أعلم. ورأى شيخنا الإمام عمر مم بن محمد بن أبي بكر الولاتي رحمه الله تعالى النبي صلى الله عليه وسلم في دار
من دور قصرنا، والناس يأتونه صباحا وعشيا يتبركون منه ويبركون صبيانهم، فقال الحمد لله النبي صلى الله عليه وسلم عندنا في قصرنا نتبرك منه كل وقت، وقصها علينا في المسجد، فعبرتها له بأن ابنه مولاي زيدان عندنا نتبرك منه صباحا وعشيا وفي كل وقت، فقال هذا هو الذي عندي في تعبيرها والحمد لله رب العالمين.
وبالجملة فمناقبه كثيرة يؤدّي تتبعها إلى الملل، وما نال هذا كله إلا ببركة شيخه مولاي عبد المالك وتعظيمه له وتصديق نيته فيه وطاعته له.
وكان يخدمه كثيرا، فكان يقول: أحب إلي من يضربني في مجلس فيه كثير من الناس ممّن يقول لي شيخنا، إنما شيخكم مولاي عبد المالك، إنما أنا رسوله أوصل لكم ورده، فلا تعطبوني وتعطبوا أنفسكم. ومن صدق نيته في شيخه أنه يقول: يا رب اجعل درجة شيخي فوق درجتي حتى في الجنة. وكفى هذا. صحب قطب زمانه شيخنا مولاي عبد المالك بن الشيخ مولاي عبد الله الركاني فظهرت بركته عليه، وأخذ عنه، وهو أخذ عن والده الشيخ عبد الله المذكور، عن سيدي محمد بن أبي زيان، عن سيدي مبارك العنبري، عن شيخ الطريقة وإمام الحقيقة سيدي محمد ابن ناصر الدرعي، رحمه الله تعالى ونفعنا بهم وأفاض علينا من بركاتهم آمين.
توفي رحمه الله في آخر شعبان عام اثنين ومائتين وألف، في موضع يقال له ايوالن
(2)
عند مسجد ابن عبد الكريم، بينه وبين اتوات نحو أربع رحلات رحمه الله تعالى ونفعنا به آمين.
(2)
في ج: إيواهن.