المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌[سورة الليل (92) : الآيات 5 إلى 11] - التحرير والتنوير - جـ ٣٠

[ابن عاشور]

فهرس الكتاب

- ‌78- سُورَةُ النَّبَأِ

- ‌أغراضها

- ‌[سُورَة النبإ (78) : الْآيَات 1 إِلَى 3]

- ‌[سُورَة النبإ (78) : آيَة 4]

- ‌[سُورَة النبإ (78) : آيَة 5]

- ‌[سُورَة النبإ (78) : آيَة 6]

- ‌[سُورَة النبإ (78) : آيَة 7]

- ‌[سُورَة النبإ (78) : آيَة 8]

- ‌[سُورَة النبإ (78) : آيَة 9]

- ‌[سُورَة النبإ (78) : آيَة 10]

- ‌[سُورَة النبإ (78) : آيَة 11]

- ‌[سُورَة النبإ (78) : آيَة 12]

- ‌[سُورَة النبإ (78) : آيَة 13]

- ‌[سُورَة النبإ (78) : الْآيَات 14 إِلَى 16]

- ‌[سُورَة النبإ (78) : الْآيَات 17 إِلَى 18]

- ‌[سُورَة النبإ (78) : آيَة 19]

- ‌[سُورَة النبإ (78) : آيَة 20]

- ‌[سُورَة النبإ (78) : الْآيَات 21 إِلَى 23]

- ‌[سُورَة النبإ (78) : الْآيَات 24 إِلَى 26]

- ‌[سُورَة النبإ (78) : الْآيَات 27 إِلَى 28]

- ‌[سُورَة النبإ (78) : آيَة 29]

- ‌[سُورَة النبإ (78) : آيَة 30]

- ‌[سُورَة النبإ (78) : الْآيَات 31 إِلَى 36]

- ‌[سُورَة النبإ (78) : آيَة 37]

- ‌[سُورَة النبإ (78) : آيَة 38]

- ‌[سُورَة النبإ (78) : آيَة 39]

- ‌[سُورَة النبإ (78) : آيَة 40]

- ‌79- سُورَةُ النَّازِعَاتِ

- ‌أغراضها

- ‌[سُورَة النازعات (79) : الْآيَات 1 إِلَى 9]

- ‌[سُورَة النازعات (79) : الْآيَات 10 إِلَى 11]

- ‌[سُورَة النازعات (79) : آيَة 12]

- ‌[سُورَة النازعات (79) : الْآيَات 13 إِلَى 14]

- ‌[سُورَة النازعات (79) : الْآيَات 15 إِلَى 19]

- ‌[سُورَة النازعات (79) : الْآيَات 20 إِلَى 24]

- ‌[سُورَة النازعات (79) : الْآيَات 25 إِلَى 26]

- ‌[سُورَة النازعات (79) : الْآيَات 27 إِلَى 29]

- ‌[سُورَة النازعات (79) : الْآيَات 30 إِلَى 32]

- ‌[سُورَة النازعات (79) : آيَة 33]

- ‌[سُورَة النازعات (79) : الْآيَات 34 إِلَى 41]

- ‌[سُورَة النازعات (79) : الْآيَات 42 إِلَى 45]

- ‌[سُورَة النازعات (79) : آيَة 46]

- ‌80- سُورَةُ عَبَسَ

- ‌أغراضها

- ‌[سُورَة عبس (80) : الْآيَات 1 إِلَى 4]

- ‌[سُورَة عبس (80) : الْآيَات 5 إِلَى 6]

- ‌[سُورَة عبس (80) : آيَة 7]

- ‌[سُورَة عبس (80) : الْآيَات 8 إِلَى 10]

- ‌[سُورَة عبس (80) : الْآيَات 11 الى 16]

- ‌[سُورَة عبس (80) : الْآيَات 17 إِلَى 22]

- ‌[سُورَة عبس (80) : آيَة 23]

- ‌[سُورَة عبس (80) : الْآيَات 24 إِلَى 32]

- ‌[سُورَة عبس (80) : الْآيَات 33 إِلَى 42]

- ‌81- سُورَةُ التَّكْوِيرِ

- ‌أغراضها

- ‌[سُورَة التكوير (81) : الْآيَات 1 إِلَى 14]

- ‌[سُورَة التكوير (81) : الْآيَات 15 إِلَى 21]

- ‌[سُورَة التكوير (81) : آيَة 22]

- ‌[سُورَة التكوير (81) : آيَة 23]

- ‌[سُورَة التكوير (81) : آيَة 24]

- ‌[سُورَة التكوير (81) : آيَة 25]

- ‌[سُورَة التكوير (81) : آيَة 26]

- ‌[سُورَة التكوير (81) : الْآيَات 27 إِلَى 28]

- ‌[سُورَة التكوير (81) : آيَة 29]

- ‌82- سُورَةُ الِانْفِطَارِ

- ‌أغراضها

- ‌[سُورَة الانفطار (82) : الْآيَات 1 إِلَى 5]

- ‌[سُورَة الانفطار (82) : الْآيَات 6 إِلَى 8]

- ‌[سُورَة الانفطار (82) : آيَة 9]

- ‌[سُورَة الانفطار (82) : الْآيَات 10 إِلَى 12]

- ‌[سُورَة الانفطار (82) : الْآيَات 13 إِلَى 16]

- ‌[سُورَة الانفطار (82) : آيَة 17]

- ‌[سُورَة الانفطار (82) : آيَة 18]

- ‌[سُورَة الانفطار (82) : آيَة 19]

- ‌83- سُورَةُ الْمُطَفِّفِينَ

- ‌أغراضها

- ‌[سُورَة المطففين (83) : الْآيَات 1 إِلَى 3]

- ‌[سُورَة المطففين (83) : الْآيَات 4 إِلَى 6]

- ‌[سُورَة المطففين (83) : الْآيَات 7 إِلَى 9]

- ‌[سُورَة المطففين (83) : الْآيَات 10 إِلَى 13]

- ‌[سُورَة المطففين (83) : الْآيَات 14 الى 17]

- ‌[سُورَة المطففين (83) : الْآيَات 18 إِلَى 21]

- ‌[سُورَة المطففين (83) : الْآيَات 22 إِلَى 28]

- ‌[سُورَة المطففين (83) : الْآيَات 29 إِلَى 35]

- ‌[سُورَة المطففين (83) : آيَة 36]

- ‌84- سُورَةُ الِانْشِقَاقِ

- ‌أغراضها

- ‌[سُورَة الانشقاق (84) : الْآيَات 1 إِلَى 6]

- ‌[سُورَة الانشقاق (84) : الْآيَات 7 إِلَى 15]

- ‌[سُورَة الانشقاق (84) : الْآيَات 16 إِلَى 19]

- ‌[سُورَة الانشقاق (84) : الْآيَات 20 إِلَى 21]

- ‌[سُورَة الانشقاق (84) : آيَة 22]

- ‌[سُورَة الانشقاق (84) : آيَة 23]

- ‌[سُورَة الانشقاق (84) : آيَة 24]

- ‌[سُورَة الانشقاق (84) : آيَة 25]

- ‌85- سُورَةُ الْبُرُوجِ

- ‌مِنْ أَغْرَاضِ هَذِهِ السُّورَةِ

- ‌[سُورَة البروج (85) : الْآيَات 1 إِلَى 9]

- ‌[سُورَة البروج (85) : آيَة 10]

- ‌[سُورَة البروج (85) : آيَة 11]

- ‌[سُورَة البروج (85) : آيَة 12]

- ‌[سُورَة البروج (85) : آيَة 13]

- ‌[سُورَة البروج (85) : الْآيَات 14 إِلَى 16]

- ‌[سُورَة البروج (85) : الْآيَات 17 إِلَى 18]

- ‌[سُورَة البروج (85) : الْآيَات 19 إِلَى 20]

- ‌[سُورَة البروج (85) : الْآيَات 21 إِلَى 22]

- ‌86- سُورَةُ الطَّارِقِ

- ‌أغراضها

- ‌[سُورَة الطارق (86) : الْآيَات 1 إِلَى 4]

- ‌[سُورَة الطارق (86) : الْآيَات 5 إِلَى 7]

- ‌[سُورَة الطارق (86) : الْآيَات 8 إِلَى 10]

- ‌[سُورَة الطارق (86) : الْآيَات 11 إِلَى 14]

- ‌[سُورَة الطارق (86) : الْآيَات 15 إِلَى 16]

- ‌[سُورَة الطارق (86) : آيَة 17]

- ‌87- سُورَةُ الْأَعْلَى

- ‌أغراضها

- ‌[سُورَة الْأَعْلَى (87) : الْآيَات 1 إِلَى 5]

- ‌[سُورَة الْأَعْلَى (87) : الْآيَات 6 إِلَى 7]

- ‌[سُورَة الْأَعْلَى (87) : آيَة 8]

- ‌[سُورَة الْأَعْلَى (87) : الْآيَات 9 إِلَى 13]

- ‌[سُورَة الْأَعْلَى (87) : الْآيَات 14 إِلَى 15]

- ‌[سُورَة الْأَعْلَى (87) : الْآيَات 16 إِلَى 17]

- ‌[سُورَة الْأَعْلَى (87) : الْآيَات 18 إِلَى 19]

- ‌88- سُورَةُ الْغَاشِيَةِ

- ‌أغراضها

- ‌[سُورَة الغاشية (88) : آيَة 1]

- ‌[سُورَة الغاشية (88) : الْآيَات 2 إِلَى 7]

- ‌[سُورَة الغاشية (88) : الْآيَات 8 إِلَى 10]

- ‌[سُورَة الغاشية (88) : آيَة 11]

- ‌[سُورَة الغاشية (88) : آيَة 12]

- ‌[سُورَة الغاشية (88) : الْآيَات 13 إِلَى 16]

- ‌[سُورَة الغاشية (88) : الْآيَات 17 إِلَى 20]

- ‌[سُورَة الغاشية (88) : الْآيَات 21 إِلَى 24]

- ‌[سُورَة الغاشية (88) : الْآيَات 25 إِلَى 26]

- ‌89- سُورَةُ الْفَجْرِ

- ‌أغراضها

- ‌[سُورَة الْفجْر (89) : الْآيَات 1 إِلَى 4]

- ‌[سُورَة الْفجْر (89) : آيَة 5]

- ‌[سُورَة الْفجْر (89) : الْآيَات 6 إِلَى 14]

- ‌[سُورَة الْفجْر (89) : الْآيَات 15 الى 20]

- ‌[سُورَة الْفجْر (89) : الْآيَات 21 الى 26]

- ‌[سُورَة الْفجْر (89) : الْآيَات 27 إِلَى 30]

- ‌90- سُورَةُ الْبَلَدِ

- ‌أغراضها

- ‌[سُورَة الْبَلَد (90) : الْآيَات 1 إِلَى 4]

- ‌[سُورَة الْبَلَد (90) : آيَة 5]

- ‌[سُورَة الْبَلَد (90) : الْآيَات 6 إِلَى 7]

- ‌[سُورَة الْبَلَد (90) : الْآيَات 8 إِلَى 10]

- ‌[سُورَة الْبَلَد (90) : الْآيَات 11 إِلَى 17]

- ‌[سُورَة الْبَلَد (90) : الْآيَات 18 إِلَى 20]

- ‌91- سُورَةُ الشَّمْسِ

- ‌أغراضها

- ‌[سُورَة الشَّمْس (91) : الْآيَات 1 إِلَى 8]

- ‌[سُورَة الشَّمْس (91) : الْآيَات 9 إِلَى 10]

- ‌[سُورَة الشَّمْس (91) : الْآيَات 11 الى 15]

- ‌92- سُورَةُ اللَّيْلِ

- ‌أغراضها

- ‌[سُورَة اللَّيْل (92) : الْآيَات 1 إِلَى 4]

- ‌[سُورَة اللَّيْل (92) : الْآيَات 5 إِلَى 11]

- ‌[سُورَة اللَّيْل (92) : الْآيَات 12 إِلَى 13]

- ‌[سُورَة اللَّيْل (92) : الْآيَات 14 إِلَى 21]

- ‌93- سُورَةُ الضُّحَى

- ‌أغراضها

- ‌[سُورَة الضُّحَى (93) : الْآيَات 1 إِلَى 3]

- ‌[سُورَة الضُّحَى (93) : آيَة 4]

- ‌[سُورَة الضُّحَى (93) : آيَة 5]

- ‌[سُورَة الضُّحَى (93) : الْآيَات 6 إِلَى 8]

- ‌[سُورَة الضُّحَى (93) : الْآيَات 9 إِلَى 11]

- ‌94- سُورَة الشَّرْح

- ‌أغراضها

- ‌[سُورَة الشَّرْح (94) : الْآيَات 1 إِلَى 4]

- ‌[سُورَة الشَّرْح (94) : الْآيَات 5 إِلَى 6]

- ‌[سُورَة الشَّرْح (94) : آيَة 7]

- ‌[سُورَة الشَّرْح (94) : آيَة 8]

- ‌95- سُورَةُ التِّينِ

- ‌أغراضها

- ‌[سُورَة التِّين (95) : الْآيَات 1 إِلَى 5]

- ‌[سُورَة التِّين (95) : آيَة 6]

- ‌[سُورَة التِّين (95) : الْآيَات 7 إِلَى 8]

- ‌96- سُورَةُ الْعَلَقِ

- ‌أغراضها

- ‌[سُورَة العلق (96) : الْآيَات 1 الى 5]

- ‌[سُورَة العلق (96) : الْآيَات 6 إِلَى 10]

- ‌[سُورَة العلق (96) : الْآيَات 11 إِلَى 12]

- ‌[سُورَة العلق (96) : الْآيَات 13 إِلَى 14]

- ‌[سُورَة العلق (96) : الْآيَات 15 إِلَى 16]

- ‌[سُورَة العلق (96) : الْآيَات 17 إِلَى 19]

- ‌97- سُورَةُ الْقَدْرِ

- ‌أغراضها

- ‌[سُورَة الْقدر (97) : آيَة 1]

- ‌[سُورَة الْقدر (97) : آيَة 2]

- ‌[سُورَة الْقدر (97) : آيَة 3]

- ‌[سُورَة الْقدر (97) : الْآيَات 4 إِلَى 5]

- ‌98- سُورَةُ لم يكن

- ‌أغراضها

- ‌[سُورَة الْبَيِّنَة (98) : الْآيَات 1 إِلَى 3]

- ‌[سُورَة الْبَيِّنَة (98) : آيَة 4]

- ‌[سُورَة الْبَيِّنَة (98) : آيَة 5]

- ‌[سُورَة الْبَيِّنَة (98) : آيَة 6]

- ‌[سُورَة الْبَيِّنَة (98) : الْآيَات 7 الى 8]

- ‌99- سُورَة الزلزال

- ‌أغراضها

- ‌[سُورَة الزلزلة (99) : الْآيَات 1 إِلَى 6]

- ‌[سُورَة الزلزلة (99) : الْآيَات 7 إِلَى 8]

- ‌100- سُورَةُ الْعَادِيَاتِ

- ‌أَغْرَاضُهَا

- ‌[سُورَة العاديات (100) : الْآيَات 1 إِلَى 8]

- ‌[سُورَة العاديات (100) : الْآيَات 9 إِلَى 10]

- ‌[سُورَة العاديات (100) : آيَة 11]

- ‌101- سُورَةُ الْقَارِعَةِ

- ‌أغراضها

- ‌[سُورَة القارعة (101) : الْآيَات 1 إِلَى 3]

- ‌[سُورَة القارعة (101) : الْآيَات 4 إِلَى 5]

- ‌[سُورَة القارعة (101) : الْآيَات 6 إِلَى 11]

- ‌102- سُورَةُ التَّكَاثُرِ

- ‌أغراضها

- ‌[سُورَة التكاثر (102) : الْآيَات 1 إِلَى 4]

- ‌[سُورَة التكاثر (102) : آيَة 5]

- ‌[سُورَة التكاثر (102) : الْآيَات 6 إِلَى 7]

- ‌[سُورَة التكاثر (102) : آيَة 8]

- ‌103- سُورَةُ الْعَصْرِ

- ‌أغراضها

- ‌[سُورَة الْعَصْر (103) : الْآيَات 1 إِلَى 3]

- ‌104- سُورَةُ الْهُمَزَةِ

- ‌أغراضها

- ‌[سُورَة الْهمزَة (104) : الْآيَات 1 الى 7]

- ‌[سُورَة الْهمزَة (104) : الْآيَات 8 إِلَى 9]

- ‌105- سُورَةُ الْفِيلِ

- ‌أغراضها

- ‌[سُورَة الْفِيل (105) : آيَة 1]

- ‌[سُورَة الْفِيل (105) : الْآيَات 2 إِلَى 5]

- ‌106- سُورَةُ قُرَيْشٍ

- ‌أغراضها

- ‌[سُورَة قُرَيْش (106) : الْآيَات 1 إِلَى 4]

- ‌107- سُورَةُ الْمَاعُونِ

- ‌أغراضها

- ‌[سُورَة الماعون (107) : الْآيَات 1 إِلَى 3]

- ‌[سُورَة الماعون (107) : الْآيَات 4 إِلَى 7]

- ‌108- سُورَةُ الْكَوْثَرِ

- ‌أغراضها

- ‌[سُورَة الْكَوْثَر (108) : الْآيَات 1 إِلَى 2]

- ‌[سُورَة الْكَوْثَر (108) : آيَة 3]

- ‌109- سُورَةُ الْكَافِرُونَ

- ‌أغراضها

- ‌[سُورَة الْكَافِرُونَ (109) : الْآيَات 1 إِلَى 3]

- ‌[سُورَة الْكَافِرُونَ (109) : آيَة 4]

- ‌[سُورَة الْكَافِرُونَ (109) : آيَة 5]

- ‌[سُورَة الْكَافِرُونَ (109) : آيَة 6]

- ‌110- سُورَةُ النَّصْرِ

- ‌أغراضها

- ‌[سُورَة النَّصْر (110) : الْآيَات 1 الى 3]

- ‌111- سُورَةُ الْمَسَدِ

- ‌أغراضها

- ‌[سُورَة المسد (111) : آيَة 1]

- ‌[سُورَة المسد (111) : آيَة 2]

- ‌[سُورَة المسد (111) : آيَة 3]

- ‌[سُورَة المسد (111) : الْآيَات 4 إِلَى 5]

- ‌112- سُورَةُ الْإِخْلَاصِ

- ‌أغراضها

- ‌[سُورَة الْإِخْلَاص (112) : آيَة 1]

- ‌[سُورَة الْإِخْلَاص (112) : آيَة 2]

- ‌[سُورَة الْإِخْلَاص (112) : آيَة 3]

- ‌[سُورَة الْإِخْلَاص (112) : آيَة 4]

- ‌113- سُورَةُ الْفَلَقِ

- ‌أغراضها

- ‌[سُورَة الفلق (113) : الْآيَات 1 إِلَى 2]

- ‌[سُورَة الفلق (113) : آيَة 3]

- ‌[سُورَة الفلق (113) : آيَة 4]

- ‌[سُورَة الفلق (113) : آيَة 5]

- ‌114- سُورَةُ النَّاسِ

- ‌أغراضها

- ‌[سُورَة النَّاس (114) : الْآيَات 1 إِلَى 6]

الفصل: ‌[سورة الليل (92) : الآيات 5 إلى 11]

[سُورَة اللَّيْل (92) : الْآيَات 5 إِلَى 11]

فَأَمَّا مَنْ أَعْطى وَاتَّقى (5) وَصَدَّقَ بِالْحُسْنى (6) فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْيُسْرى (7) وَأَمَّا مَنْ بَخِلَ وَاسْتَغْنى (8) وَكَذَّبَ بِالْحُسْنى (9)

فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْعُسْرى (10) وَما يُغْنِي عَنْهُ مالُهُ إِذا تَرَدَّى (11)

فَأَمَّا تَفْرِيعٌ وَتَفْصِيلٌ لِلْإِجْمَالِ فِي قَوْلِهِ: إِنَّ سَعْيَكُمْ لَشَتَّى [اللَّيْل: 4] فَحَرْفُ (أَمَّا) يُفِيدُ الشَّرْطَ وَالتَّفْصِيلَ وَهُوَ يَتَضَمَّنُ أَدَاةَ شَرْطٍ وَفِعْلَ شَرْطٍ لِأَنَّهُ بِمَعْنَى: مَهْمَا يَكُنْ مِنْ شَيْءٍ، وَالتَّفْصِيلُ: التَّفْكِيكُ بَيْنَ مُتَعَدِّدٍ اشْتَرَكَتْ آحَادُهُ فِي حَالَةٍ وَانْفَرَدَ بَعْضُهَا عَنْ بَعْضٍ بِحَالَةٍ هِيَ الَّتِي يُعْتَنَى بِتَمْيِيزِهَا. وَقَدْ تَقَدَّمَ تَحْقِيقُهُ عِنْدَ قَوْلِهِ تَعَالَى: فَأَمَّا الْإِنْسانُ إِذا مَا ابْتَلاهُ رَبُّهُ فِي سُورَةِ الْفَجْرِ [15] .

وَالْمُحْتَاجُ لِلتَّفْصِيلِ هُنَا هُوَ السَّعْيُ الْمَذْكُورُ، وَلَكِنْ جُعِلَ التَّفْصِيلُ بِبَيَانِ السَّاعِينَ

بِقَوْلِهِ: فَأَمَّا مَنْ أَعْطى لِأَنَّ الْمُهِمَّ هُوَ اخْتِلَافُ أَحْوَالِ السَّاعِينَ وَيُلَازِمُهُمُ السَّعْيُ فَإِيقَاعُهُمْ فِي التَّفْصِيلِ بِحَسَبِ مَسَاعِيهِمْ يُسَاوِي إِيقَاعَ الْمَسَاعِي فِي التَّفْصِيلِ، وَهَذَا تَفَنُّنٌ مِنْ أَفَانِينِ الْكَلَامِ الْفَصِيحِ يَحْصُلُ مِنْهُ مَعْنَيَانِ كَقَوْلِ النَّابِغَةِ:

وَقَدْ خِفْتُ حَتَّى مَا تَزِيدُ مَخَافَتِي

عَلَى وَعِلٍ فِي ذِي الْمَطَارَةِ عَاقِلِ

أَيْ عَلَى مَخَافَةِ وَعِلٍ.

وَمِنْهُ قَوْلُهُ تَعَالَى: وَلكِنَّ الْبِرَّ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ إِلَخْ فِي سُورَةِ الْبَقَرَةِ [177] .

وَقَوْلُهُ تَعَالَى: أَجَعَلْتُمْ سِقايَةَ الْحاجِّ وَعِمارَةَ الْمَسْجِدِ الْحَرامِ كَمَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ [التَّوْبَة: 19] الْآيَةَ، أَيْ كَإِيمَانِ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ.

وَانْحَصَرَ تَفْصِيلُ «شَتَّى» فِي فَرِيقَيْنِ: فَرِيقٍ مُيَسَّرٍ لِلْيُسْرَى وفريق مُيَسَّرٍ لِلْعُسْرَى، لِأَنَّ الْحَالَيْنِ هُمَا الْمُهِمُّ فِي مَقَامِ الْحَثِّ عَلَى الْخَيْرِ، وَالتَّحْذِيرِ مِنَ الشَّرِّ، وَيَنْدَرِجُ فِيهِمَا مُخْتَلِفُ الْأَعْمَالِ كَقَوْلِهِ تَعَالَى: يَوْمَئِذٍ يَصْدُرُ النَّاسُ أَشْتاتاً لِيُرَوْا أَعْمالَهُمْ فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقالَ ذَرَّةٍ خَيْراً يَرَهُ وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ فِي سُورَةِ الزَّلْزَلَةِ [6- 8] . وَيَجُوزُ أَنْ يُجْعَلَ تَفْصِيلُ «شَتَّى» هُمْ مَنْ أَعْطَى وَاتَّقَى وَصَدَّقَ بِالْحُسْنَى، وَمَنْ بَخِلَ وَاسْتَغْنَى وَكَذَّبَ بِالْحُسْنَى وَذَلِكَ عَدَدٌ يَصِحُّ أَنْ يَكُونَ بَيَانًا لِشَتَّى.

ص: 381

وَ (مَنْ) فِي قَوْلِهِ: مَنْ أَعْطى إِلَخْ وَقَوْلِهِ: مَنْ بَخِلَ إِلَخْ يَعُمُّ كُلَّ مَنْ يَفْعَلُ الْإِعْطَاءَ وَيَتَّقِي وَيُصَدِّقُ بِالْحُسْنَى. وَرُوِيَ أَنَّ هَذَا نَزَلَ بِسَبَبِ أَنَّ أَبَا بَكْرٍ اشْتَرَى بِلَالًا مِنْ أُمَيَّةَ بْنِ خَلَفٍ وَأَعْتَقَهُ لِيُنْجِيَهُ مِنْ تَعْذِيبِ أُمَيَّةَ بْنِ خَلَفٍ، وَمِنَ الْمُفَسِّرِينَ مَنْ يَذْكُرُ أَبَا سُفْيَانَ بْنَ حَرْبٍ عِوَضَ أُمَيَّةَ بْنِ خلف، وهم وَهَمٌ.

وَقِيلَ: نَزَلَتْ فِي قَضِيَّةِ أَبِي الدَّحْدَاحِ مَعَ رَجُلٍ مُنَافِقٍ سَتَأْتِي. وَهَذَا الْأَخير متقض أَنَّ السُّورَةَ مَدَنِيَّةٌ وَسَبَبُ النُّزُول لَا يخصص الْعُمُومَ.

وَحُذِفَ مَفْعُولُ أَعْطى لِأَنَّ فِعْلَ الْإِعْطَاءِ إِذَا أُرِيدَ بِهِ إِعْطَاءُ الْمَالِ بِدُونِ عِوَضٍ، يُنَزَّلُ مَنْزِلَةَ اللَّازِمِ لِاشْتِهَارِ اسْتِعْمَالِهِ فِي إِعْطَاءِ الْمَالِ (وَلِذَلِكَ يُسَمَّى الْمَالُ الْمَوْهُوبُ عَطَاءً) ، وَالْمَقْصُودُ إِعْطَاءُ الزَّكَاةِ.

وَكَذَلِكَ حُذِفَ مَفْعُولُ اتَّقى لِأَنَّهُ يُعْلَمُ أَنَّ الْمُقَدَّرَ اتَّقَى اللَّهَ.

وَهَذِهِ الْخِلَالُ الثَّلَاثُ مِنْ خِلَالِ الْإِيمَانِ، فَالْمَعْنَى: فَأَمَّا مَنْ كَانَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ كَمَا

فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: قالُوا لَمْ نَكُ مِنَ الْمُصَلِّينَ وَلَمْ نَكُ نُطْعِمُ الْمِسْكِينَ [المدثر: 43- 44] ، أَيْ لَمْ نَكُ مِنْ أَهْلِ الْإِيمَانِ.

وَكَذَلِكَ فِعْلُ بَخِلَ لَمْ يُذَكَرْ مُتَعَلَّقُهُ لِأَنَّهُ أُرِيدَ بِهِ الْبُخْلُ بِالْمَالِ.

واسْتَغْنى جُعِلَ مُقَابِلًا لِ اتَّقى فَالْمُرَادُ بِهِ الِاسْتِغْنَاءُ عَنِ امْتِثَالِ أَمْرِ اللَّهِ وَدَعْوَتِهِ لِأَنَّ الْمُصِرَّ عَلَى الْكُفْرِ الْمُعْرِضَ عَنِ الدَّعْوَةِ يَعُدُّ نَفْسَهُ غَنِيًّا عَنِ اللَّهِ مُكْتَفِيًا بِوَلَايَةِ الْأَصْنَامِ وَقَوْمِهِ، فَالسِّينُ وَالتَّاءُ لِلْمُبَالَغَةِ فِي الْفِعْلِ مثل سين اسْتِحْبَاب بِمَعْنَى أَجَابَ. وَقَدْ يُرَادُ بِهِ زِيَادَةُ طَلَبِ الْغِنَى بِالْبُخْلِ بِالْمَالِ، فَتَكُونُ السِّينُ وَالتَّاءُ لِلطَّلَبِ، وَهَذِهِ الْخِلَالُ كِنَايَةٌ عَنْ كَوْنِهِ مِنَ الْمُشْرِكِينَ.

وَالْحُسْنَى: تَأْنِيثُ الْأَحْسَنِ فَهِيَ بِالْأَصَالَةِ صِفَةٌ لِمَوْصُوفٍ مُقَدَّرٍ، وَتَأْنِيثُهَا مُشْعِرٌ بِأَنَّ مَوْصُوفَهَا الْمُقَدَّرَ يُعْتَبَرُ مُؤَنَّثَ اللَّفْظِ وَيَحْتَمِلُ أُمُورًا كَثِيرَةً مِثْلَ الْمَثُوبَةِ أَوِ النَّصْرِ أَوِ الْعِدَةِ أَوِ الْعَاقِبَةِ.

وَقَدْ يَصِيرُ هَذَا الْوَصْفُ عَلَمًا بِالْغَلَبَةِ فَقِيلَ: الْحُسْنَى الْجَنَّةُ، وَقِيلَ: كَلِمَةُ

ص: 382

الشَّهَادَةِ، وَقِيلَ: الصَّلَاةُ، وَقِيلَ: الزَّكَاةُ. وَعَلَى الْوُجُوهِ كُلِّهَا فَالتَّصْدِيقُ بِهَا الِاعْتِرَافُ بِوُقُوعِهَا وَيُكَنَّى بِهِ عَنِ الرَّغْبَةِ فِي تَحْصِيلِهَا.

وَحَاصِلُ الِاحْتِمَالَاتِ يَحُومُ حَوْلَ التَّصْدِيقِ بِوَعْدِ اللَّهِ بِمَا هُوَ حَسَنٌ مِنْ مَثُوبَةٍ أَوْ نَصْرٍ أَوْ إِخْلَافِ مَا تَلِفَ فَيَرْجِعُ هَذَا التَّصْدِيقُ إِلَى الْإِيمَانِ.

وَيَتَضَمَّنُ أَنَّهُ يَعْمَلُ الْأَعْمَالَ الَّتِي يَحْصُلُ بِهَا الْفَوْزُ بِالْحُسْنَى.

وَلِذَلِكَ قُوبِلَ فِي الشِّقِّ الْآخَرِ بِقَوْلِهِ: وَكَذَّبَ بِالْحُسْنى وَالتَّيْسِيرُ: جَعْلُ شَيْءٍ يَسِيرَ الْحُصُولِ، وَمَفْعُولُ فِعْلِ التَّيْسِيرِ هُوَ الشَّيْءُ الَّذِي يُجْعَلُ يَسِيرًا، أَيْ غَيْرَ شَدِيدٍ، وَالْمَجْرُورُ بِاللَّامِ بَعْدَهُ هُوَ الَّذِي يُسَهَّلُ الشَّيْءُ الصَّعْبُ لِأَجْلِهِ وَهُوَ الَّذِي يَنْتَفِعُ بِسُهُولَةِ الْأَمْرِ، كَمَا فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: وَيَسِّرْ لِي أَمْرِي [طه: 26] وَقَوْلِهِ: وَلَقَدْ يَسَّرْنَا الْقُرْآنَ لِلذِّكْرِ [الْقَمَر: 17] .

وَالْيُسْرَى فِي قَوْلِهِ: لِلْيُسْرى هِيَ مَا لَا مَشَقَّةَ فِيهِ، وَتَأْنِيثُهَا: إِمَّا بِتَأْوِيلِ الْحَالَةِ، أَيِ الْحَالَةِ الَّتِي لَا تَشُقُّ عَلَيْهِ فِي الْآخِرَةِ، وَهِيَ حَالَةُ النَّعِيمِ، أَوْ عَلَى تَأْوِيلِهَا بِالْمَكَانَةِ. وَقَدْ فُسِّرَتِ الْيُسْرَى بِالْجَنَّةِ عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ وَمُجَاهِدٍ. وَيَحْتَمِلُ اللَّفْظُ مَعَانِيَ كَثِيرَةً تَنْدَرِجُ فِي

مَعَانِي النَّافِعِ الَّذِي لَا يَشُقُّ عَلَى صَاحِبِهِ، أَيِ الْمُلَائِمُ.

وَالْعُسْرَى: إِمَّا الْحَالَةُ وَهِيَ حَالَةُ الْعسر والشدة، أَي الْعَذَاب، وَإِمَّا مَكَانَتُهُ وَهِيَ جَهَنَّمُ، لِأَنَّهَا مَكَانُ الْعُسْرِ وَالشَّدَائِدِ عَلَى أَهْلِهَا قَالَ تَعَالَى: فَذلِكَ يَوْمَئِذٍ يَوْمٌ عَسِيرٌ عَلَى الْكافِرِينَ غَيْرُ يَسِيرٍ [المدثر: 9، 10]، فَمَعْنَى:«نُيَسِّرُهُ» نُدَرِّجُهُ فِي عَمَلَيِ السَّعَادَةِ وَالشَّقَاوَةِ وَبِهِ فَسَّرَ ابْنُ عَطِيَّةَ، فَالْأَعْمَالُ الْيُسْرَى هِيَ الصَّالِحَةُ، وُصِفَتْ بِالْيُسْرَى بِاعْتِبَارِ عَاقِبَتِهَا لِصَاحِبِهَا، وَتَكُونُ الْعُسْرَى الْأَعْمَالَ السَّيِّئَةَ بِاعْتِبَارِ عَاقِبَتِهَا عَلَى صَاحِبِهَا فَتَأْنِيثُهُمَا بِاعْتِبَارِ أَنَّ كِلْتَيْهِمَا صِفَةُ طَائِفَةٍ مِنَ الْأَعْمَالِ.

وَحَرْفُ التَّنْفِيسِ عَلَى هَذَا التَّفْسِيرِ يَكُونُ مُرَادًا مِنْهُ الِاسْتِمْرَارُ مِنَ الْآنَ إِلَى آخِرِ الْحَيَاةِ كَقَوْلِهِ تَعَالَى: قالَ سَوْفَ أَسْتَغْفِرُ لَكُمْ رَبِّي [يُوسُف: 98] .

وَحَرْفُ (أَلْ) فِي «الْيُسْرَى» وَفِي «الْعُسْرَى» لِتَعْرِيفِ الْجِنْسِ أَوْ لِلْعَهْدِ عَلَى اخْتِلَافِ الْمَعَانِي.

ص: 383

وَإِذْ قَدْ جَاءَ تَرْتِيبُ النَّظْمِ فِي هَذِهِ الْآيَةِ عَلَى عَكْسِ الْمُتَبَادَرِ إِذْ جُعِلَ ضَمِيرُ الْغَيْبَةِ فِي «نُيَسِّرُهُ لِلْيُسْرَى» الْعَائِدُ إِلَى مَنْ أَعْطى وَاتَّقى هُوَ الْمُيَسَّرَ، وَجُعِلَ ضَمِيرُ الْغَيْبَةِ فِي «نُيَسِّرُهُ لِلْعُسْرَى» الْعَائِدُ إِلَى مَنْ بَخِلَ وَاسْتَغْنى هُوَ الْمُيَسَّرَ، أَيِ الَّذِي صَارَ الْفِعْلُ صَعْبُ الْحُصُولِ حَاصِلًا لَهُ، وَإِذْ وَقَعَ الْمَجْرُورَانِ بِاللَّامِ «الْيُسْرَى» وَ «الْعُسْرَى» ، وَهُمَا لَا يَنْتَفِعَانِ بسهولة من أَعلَى أَوْ مَنْ بَخِلَ، تَعَيَّنَ تَأْوِيلُ نَظْمِ الْآيَةِ بِإِحْدَى طريقتين:

الأولى: إِيفَاء فِعْلِ «نُيَسِّرُ» عَلَى حَقِيقَتِهِ وَجَعْلِ الْكَلَامِ جَارِيًا عَلَى خِلَافِ مُقْتَضَى الظَّاهِرِ بِطَرِيقِ الْقَلْبِ بِأَنْ يَكُونَ أَصْلُ الْكَلَامِ: فَسَنُيَسِّرُ الْيُسْرَى لَهُ وَسَنُيَسِّرُ الْعُسْرَى لَهُ وَلَا بُدَّ مِنْ مُقْتَضٍ لِلْقَلْبِ، فَيُصَارُ إِلَى أَنَّ الْمُقْتَضِيَ إِفَادَةُ الْمُبَالَغَةِ فِي هَذَا التَّيْسِيرِ حَتَّى جُعِلَ الْمُيَسَّرُ مُيَسَّرًا لَهُ وَالْمُيَسَّرُ لَهُ مُيَسَّرًا عَلَى نَحْوِ مَا وَجَّهُوا بِهِ قَوْلَ الْعَرَبِ: عَرَضْتُ النَّاقَةَ عَلَى الْحَوْضِ.

وَالثَّانِيَةُ: أَنْ يَكُونَ التَّيْسِيرُ مُسْتَعْمَلًا مَجَازًا مُرْسَلًا فِي التَّهْيِئَةِ وَالْإِعْدَادِ بِعَلَاقَةِ اللُّزُومِ بَيْنَ إِعْدَادِ الشَّيْءِ لِلشَّيْءِ وَتَيَسُّرِهِ لَهُ، وَتَكُونُ اللَّامُ مِنْ قَوْلِهِ: لِلْيُسْرى ولِلْعُسْرى لَامَ التَّعْلِيلِ، أَيْ نُيَسِّرُهُ لِأَجْلِ الْيُسْرَى أَوْ لِأَجْلِ الْعُسْرَى، فَالْمُرَادُ بِالْيُسْرَى الْجَنَّةُ وَبِالْعُسْرَى جَهَنَّمُ، عَلَى أَنْ يَكُونَ الْوَصْفَانِ صَارَا عَلَمًا بِالْغَلَبَةِ عَلَى الْجَنَّةِ وَعَلَى النَّارِ، وَالتَّهْيِئَةُ لَا تَكُونُ لَذَّاتِ الْجَنَّةِ وَذَاتِ النَّارِ فَتَعَيَّنَ تَقْدِيرُ مُضَافٍ بَعْدَ اللَّامِ يُنَاسِبُ التَّيْسِيرَ فَيُقَدَّرُ لِدُخُولِ الْيُسْرَى

وَلِدُخُولِ الْعُسْرَى، أَي سنعجّل بِهِ ذَلِكَ.

وَالْمَعْنَى: سنجعل دُخُول هَذِه الْجَنَّةَ سَرِيعًا وَدُخُولَ الْآخَرِ النَّارَ سَرِيعًا، بِشَبَهِ الْمُيَسَّرِ مِنْ صُعُوبَةٍ لِأَنَّ شَأْنَ الصَّعْبِ الْإِبْطَاءُ وَشَأْنَ السَّهْلِ السُّرْعَةُ، وَمِنْهُ قَوْلُهُ تَعَالَى: ذلِكَ حَشْرٌ عَلَيْنا يَسِيرٌ [ق: 44]، أَيْ سَرِيعٌ عَاجِلٌ. وَيَكُونُ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ قَوْلُهُ: فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْعُسْرى مُشَاكَلَةً بُنِيَتْ عَلَى اسْتِعَارَةٍ تَهَكُّمِيَّةٍ قَرِينَتُهَا قَوْلُهُ: «الْعُسْرَى» . وَالَّذِي يَدْعُو إِلَى هَذَا أَنَّ فِعْلَ «نُيَسِّرُ» نَصَبَ ضَمِيرَ مَنْ أَعْطى وَاتَّقى وَصَدَّقَ، وَضَمِيرَ مَنْ بَخِلَ وَاسْتَغْنى وَكَذَّبَ، فَهُوَ تيسير ناشىء عَنْ حُصُولِ الْأَعْمَالِ الَّتِي يَجْمَعُهَا مَعْنَى اتَّقى أَوْ مَعْنَى اسْتَغْنى، فَالْأَعْمَالُ سَابِقَةٌ لَا مَحَالَةَ. وَالتَّيْسِيرُ مُسْتَقْبَلٌ بَعْدَ حُصُولِهَا فَهُوَ

ص: 384

تَيْسِيرُ مَا زَادَ عَلَى حُصُولِهَا، أَيْ تَيْسِيرُ الدَّوَامِ عَلَيْهَا وَالِاسْتِزَادَةِ مِنْهَا.

وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ مَعْنَى الْآيَةِ: أَنْ يُجْعَلَ التَّيْسِيرُ عَلَى حَقِيقَتِهِ وَيُجْعَلَ الْيُسْرَى وَصْفًا أَيِ الْحَالَةُ الْيُسْرَى، وَالْعُسْرَى أَيِ الْحَالَةُ غَيْرُ الْيُسْرَى.

وَلَيْسَ فِي التَّرْكِيبِ قَلْبٌ، وَالتَّيْسِيرُ بِمَعْنَى الدَّوَامِ عَلَى الْعَمَلِ،

فَفِي «صَحِيحِ الْبُخَارِيِّ» عَنْ عَلِيٍّ قَالَ: «كُنَّا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ فِي بَقِيعِ الْغَرْقَدِ فِي جِنَازَةٍ فَقَالَ: مَا مِنْكُمْ مِنْ أَحَدٍ إِلَّا وَقَدْ كُتِبَ مَقْعَدُهُ مِنَ الْجَنَّةِ وَمَقْعَدُهُ مِنَ النَّارِ، فَقَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ أَفَلَا نَتَّكِلُ؟ فَقَالَ:

اعْمَلُوا فَكُلٌّ مُيَسَّرٌ لِمَا خُلِقَ لَهُ. أَمَّا أَهْلُ السَّعَادَةِ فَيُيَسَّرُونَ لِعَمَلِ أَهْلِ السَّعَادَةِ، وَأَمَّا أهل الشَّقَاء فَيُيَسَّرُونَ لِعَمَلِ أَهْلِ الشَّقَاءِ، ثُمَّ قَرَأَ: فَأَمَّا مَنْ أَعْطى وَاتَّقى وَصَدَّقَ بِالْحُسْنى فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْيُسْرى وَأَمَّا مَنْ بَخِلَ وَاسْتَغْنى وَكَذَّبَ بِالْحُسْنى فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْعُسْرى اهـ.

فَصَدْرُ الْحَدِيثِ لَا عَلَاقَةَ لَهُ بِمَا تَضَمَّنَتْهُ هَذِهِ الْآيَةُ لِأَنَّ

قَوْلَهُ: «مَا مِنْ أَحَدٍ إِلَّا وَقَدْ كُتِبَ مَقْعَدُهُ»

إِلَخْ مَعْنَاهُ قَدْ عَلِمَ اللَّهُ أَنَّ أَحَدًا سَيَعْمَلُ بِعَمَلِ أَهْلِ الْجَنَّةِ حَتَّى يُوَافِيَ عَلَيْهِ، أَوْ سَيَعْمَلُ بِعَمَلِ أَهْلِ النَّارِ حَتَّى يُوَافِيَ عَلَيْهِ،

فَقَوْلُهُ: «وَقَدْ كُتِبَ مَقْعَدُهُ»

جُعِلَتِ الْكِتَابَةُ تَمْثِيلًا لِعِلْمِ اللَّهِ بِالْمَعْلُومَاتِ عِلْمًا مُوَافِقًا لِمَا سَيَكُونُ لَا زِيَادَةَ فِيهِ وَلَا نَقْصَ، كَالشَّيْءِ الْمَكْتُوبِ إِذْ لَا يَقْبَلُ زِيَادَةً وَلَا نَقْصًا دُونَ الْمَقُولِ الَّذِي لَا يُكْتَبُ فَهُوَ لَا يَنْضَبِطُ.

فَنَشَأَ سُؤَالُ مَنْ سَأَلَ عَنْ فَائِدَةِ الْعَمَلِ الَّذِي يَعْمَلُهُ النَّاسُ، وَمَعْنَى جَوَابِهِ: أَنَّ فَائِدَةَ الْعَمَلِ الصَّالِحِ أَنَّهُ عُنْوَانٌ عَلَى الْعَاقِبَةِ الْحَسَنَةِ. وَذُكِرَ مُقَابِلُهُ وَهُوَ الْعَمَل السيّء إِتْمَامًا لِلْفَائِدَةِ وَلَا عَلَاقَةَ لَهُ بِالْجَوَابِ.

وَلَيْسَ مَجَازُهُ مُمَاثِلًا لِمَا اسْتُعْمِلَ فِي هَذِهِ الْآيَةِ لِأَنَّهُ فِي الْحَدِيثِ عُلِّقَ بِهِ عَمَلُ أَهْلِ

السَّعَادَةِ فَتَعَيَّنَ أَنْ يَكُونَ تَيْسِيرًا لِلْعَمَلِ، أَيْ إِعْدَادًا وَتَهْيِئَةً لِلْأَعْمَالِ صَالِحِهَا أَوْ سَيِّئِهَا.

فَالَّذِي يَرْتَبِطُ بِالْآيَةِ مِنَ اللَّفْظِ النَّبَوِيِّ هُوَ أَنَّ النَّبِيءَ صلى الله عليه وسلم أَعْقَبَ كَلَامَهُ بِأَنْ قَرَأَ: فَأَمَّا مَنْ أَعْطى وَاتَّقى الْآيَةَ لِأَنَّهُ قَرَأَهَا تَبْيِينًا وَاسْتِدْلَالًا لِكَلَامِهِ فَكَانَ لِلْآيَةِ تَعَلُّقٌ بِالْكَلَامِ النَّبَوِيِّ وَمَحَلُّ الِاسْتِدْلَالِ هُوَ قَوْلُهُ تَعَالَى: فَسَنُيَسِّرُهُ

ص: 385

فَالْمَقْصُودُ مِنْهُ إِثْبَاتُ أَن من شؤون اللَّهِ تَعَالَى تَيَسُّرًا لِلْعَبْدِ أَنْ يَعْمَلَ بِعَمَلِ السَّعَادَةِ أَوْ عَمَلِ الشَّقَاءِ سَوَاءٌ كَانَ عَمَلُهُ أَصْلًا لِلسَّعَادَةِ كَالْإِيمَانِ أَوْ لِلشَّقَاوَةِ كَالْكُفْرِ، أم كَانَ للْعَمَل مِمَّا يَزِيدُ السَّعَادَةَ وَيَنْقُصُ مِنَ الشَّقَاوَةِ وَذَلِكَ بِمِقْدَارِ الْأَعْمَالِ الصَّالِحَةِ لِمَنْ كَانَ مُؤْمِنًا لِأَنَّ ثُبُوتَ أَحَدِ مَعْنَيَيِ التَّيْسِيرِ يَدُلُّ عَلَى ثُبُوتِ جِنْسِهِ فَيَصْلُحُ دَلِيلًا لِثُبُوتِ التَّيْسِيرِ مِنْ أَصْلِهِ.

أَوْ يَكُونُ الْمَقْصُودُ مِنْ سَوْقِ الْآيَةِ الِاسْتِدْلَالَ عَلَى قَوْلِهِ: «اعْمَلُوا» لِأَنَّ الْآيَةَ ذَكَرَتْ عَمَلًا وَذَكَرَتْ تَيْسِيرًا لِلْيُسْرَى وَتَيْسِيرًا لِلْعُسْرَى، فَيَكُونُ الْحَدِيثُ إِشَارَةً إِلَى أَنَّ الْعَمَلَ هُوَ عَلَامَةُ التَّيْسِيرِ وَتَكُونُ الْيُسْرَى مَعْنِيًّا بِهَا السَّعَادَةُ وَالْعُسْرَى مَعْنِيًّا بهَا الشقاوة، وَمَا صدق السَّعَادَةِ الْفَوْز بِالْجنَّةِ، وَمَا صدق الشَّقَاوَةِ الْهُوِيُّ فِي النَّارِ.

وَإِذْ كَانَ الْوَعْدُ بِتَيْسِيرِ الْيُسْرَى لِصَاحِبِ تِلْكَ الصِّلَاتِ الدَّالَّةِ عَلَى أَعْمَالِ الْإِعْطَاءِ وَالتَّقْوَى وَالتَّصْدِيقِ بِالْحُسْنَى كَانَ سُلُوكُ طَرِيقِ الْمَوْصُولِيَّةِ لِلْإِيمَاءِ إِلَى وَجْهِ بِنَاءِ الْخَبَرِ وَهُوَ التَّيْسِيرُ فَتَعَيَّنَ أَنَّ التَّيْسِيرَ مُسَبَّبٌ عَنْ تِلْكَ الصِّلَاتِ، أَيْ جَزَاءٌ عَنْ فِعْلِهَا: فَالْمُتَيَسِّرُ: تَيْسِيرُ الدَّوَامِ عَلَيْهَا، وَتَكُونُ الْيُسْرَى صِفَةً لِلْأَعْمَالِ، وَذَلِكَ مِنَ الْإِظْهَارِ فِي مَقَامِ الْإِضْمَارِ.

وَالْأَصْلُ: مُسْتَيْسِرٌ لَهُ أَعْمَالُهُ، وَعُدِلَ عَنِ الْإِضْمَارِ إِلَى وَصْفِ الْيُسْرَى لِلثَّنَاءِ عَلَى تِلْكَ الْأَعْمَالِ بِأَنَّهَا مُيَسَّرَةٌ مِنَ اللَّهِ كَقَوْلِهِ تَعَالَى: وَنُيَسِّرُكَ لِلْيُسْرى فِي سُورَةِ الْأَعْلَى [8] .

وَخُلَاصَةُ الْحَدِيثِ أَنَّهُ بَيَانٌ لِلْفَرْقِ بَيْنَ تَعَلُّقِ عِلْمِ اللَّهِ بِأَعْمَالِ عِبَادِهِ قَبْلَ أَنْ يَعْمَلُوهَا، وَبَيْنَ تَعَلُّقِ خِطَابِهِ إِيَّاهُمْ بِشَرَائِعِهِ، وَأَنَّ مَا يَصْدُرُ عَنِ النَّاسِ مِنْ أَعْمَالٍ ظَاهِرَةٍ وَبَاطِنَةٍ إِلَى خَاتِمَةِ كُلِّ أَحَدٍ وَمُوَافَاتِهِ هُوَ عُنْوَانٌ لِلنَّاسِ عَلَى مَا كَانَ قَدْ عَلِمَهُ اللَّهُ، وَيَلْتَقِي الْمَهْيَعَانِ فِي أَنَّ الْعَمَلَ هُوَ وَسِيلَةُ الْحُصُولِ عَلَى الْجَنَّةِ أَوِ الْوُقُوعِ فِي جَهَنَّمَ.

وَإِنَّمَا خُصَّ الْإِعْطَاءُ بِالذِّكْرِ فِي قَوْلِهِ: فَأَمَّا مَنْ أَعْطى وَاتَّقى مَعَ شُمُولِ اتَّقى لِمُفَادِهِ، وَخُصَّ الْبُخْلُ بِالذِّكْرِ فِي قَوْلِهِ: وَأَمَّا مَنْ بَخِلَ وَاسْتَغْنى مَعَ شُمُولِ اسْتَغْنى لَهُ، لِتَحْرِيضِ الْمُسْلِمِينَ عَلَى الْإِعْطَاءِ، فَالْإِعْطَاءُ وَالتَّقْوَى شِعَارُ الْمُسْلِمِينَ مَعَ التَّصْدِيقِ بِالْحُسْنَى وَضِدُّ الثَّلَاثَةِ مِنْ شِعَارِ الْمُشْرِكِينَ.

ص: 386

وَفِي الْآيَةِ مُحَسِّنُ الْجَمْعِ مَعَ التَّقْسِيمِ، وَمُحَسِّنُ الطِّبَاقِ، أَرْبَعُ مَرَّاتٍ بَيْنَ أَعْطى وبَخِلَ، وَبَيْنَ اتَّقى، واسْتَغْنى، وَبَيْنَ وصَدَّقَ وكَذَّبَ وَبَيْنَ «الْيُسْرَى» وَ «الْعُسْرَى» .

وَجُمْلَةُ: وَما يُغْنِي عَنْهُ مالُهُ إِذا تَرَدَّى عَطْفٌ عَلَى جُمْلَةِ فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْعُسْرى أَيْ سَنُعَجِّلُ بِهِ إِلَى جَهَنَّمَ. فَالتَّقْدِيرُ: إِذَا تَرَدَّى فِيهَا.

وَالتَّرَدِّي: السُّقُوطُ مِنْ عُلُوٍّ إِلَى سُفْلٍ، يَعْنِي: لَا يُغْنِي عَنْهُ مَالُهُ الَّذِي بَخِلَ بِهِ شَيْئًا مِنْ عَذَابِ النَّارِ.

وَمَا يَجُوزُ أَنْ تَكُونَ نَافِيَةً. وَالتَّقْدِيرُ: وَسَوْفَ لَا يُغْنِي عَنْهُ مَالُهُ إِذَا سَقَطَ فِي جَهَنَّمَ، وَتَحْتَمِلُ أَنْ تَكُونَ اسْتِفْهَامِيَّةً وَهُوَ اسْتِفْهَامُ إِنْكَارٍ وَتَوْبِيخٍ. وَيَجُوزُ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ أَنْ تَكُونَ الْوَاوُ لِلِاسْتِئْنَافِ. وَالْمَعْنَى: وَمَا يُغْنِي عَنْهُ مَالُهُ الَّذِي بَخِلَ بِهِ.

رَوَى ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ عَنْ عِكْرِمَةَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: «أَنَّهُ كَانَتْ لِرَجُلٍ مِنَ الْمُنَافِقِينَ نَخْلَةٌ مَائِلَةٌ فِي دَارِ رَجُلٍ مُسْلِمٍ ذِي عِيَالٍ فَإِذَا سَقَطَ مِنْهَا ثَمَرٌ أَكَلَهُ صِبْيَةٌ لِذَلِكَ الْمُسْلِمِ فَكَانَ صَاحِبُ النَّخْلَةِ يَنْزِعُ مِنْ أَيْدِيهِمُ الثَّمَرَةَ، فَشَكَا الْمُسْلِمُ ذَلِكَ إِلَى النَّبِيءِ صلى الله عليه وسلم فَكَلَّمَ النَّبِيءُ صلى الله عليه وسلم صَاحِبَ النَّخْلَةِ أَنْ يَتْرُكَهَا لَهُمْ وَلَهُ بِهَا نَخْلَةٌ فِي الْجَنَّةِ فَلَمْ يَفْعَلْ، وَسَمِعَ ذَلِكَ أَبُو الدَّحْدَاحِ الْأَنْصَارِيُّ (1) فَاشْتَرَى تِلْكَ النَّخْلَةَ مِنْ صَاحِبِهَا بِحَائِطٍ فِيهِ أَرْبَعُونَ نَخْلَةً وَجَاءَ إِلَى النَّبِيءِ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: «يَا رَسُولَ اللَّهِ اشْتَرِهَا مِنِّي بِنَخْلَةٍ فِي الْجَنَّةِ فَقَالَ: نَعَمْ وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ، فَأَعْطَاهَا الرَّجُلَ صَاحِبَ الصِّبْيَةِ، قَالَ عِكْرِمَةُ قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى: وَاللَّيْلِ إِذا يَغْشى [اللَّيْل: 1] إِلَى قَوْلِهِ: لِلْعُسْرى

وَهُوَ حَدِيثٌ غَرِيبٌ، وَمِنْ أَجْلِ قَوْلِ ابْنِ عَبَّاسٍ: فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى: وَاللَّيْلِ إِذا يَغْشى قَالَ جَمَاعَةٌ: السُّورَةُ مَدَنِيَّةٌ وَقَدْ بَيَّنَّا فِي الْمُقَدِّمَةِ الْخَامِسَةِ أَنَّهُ كَثِيرًا مَا يَقَعُ فِي كَلَامِ الْمُتَقَدِّمِينَ قَوْلُهُمْ: فَأَنْزَلَ اللَّهُ فِي كَذَا قَوْلَهُ كَذَا، أَنَّهُمْ يُرِيدُونَ

(1) أَبُو الدحداح: ثَابت بن الدحداح البلوي، حَلِيف الْأَنْصَار، صَحَابِيّ جليل، قتل فِي وَاقعَة أحد، وَقيل: مَاتَ بعْدهَا من جرح كَانَ بِهِ حِين رَجَعَ النبيء صلى الله عليه وسلم من الْحُدَيْبِيَة، وَصلى عَلَيْهِ النبيء صلى الله عليه وسلم فِي الْمَدِينَة وَهُوَ الَّذِي صَاح يَوْم أحد لما أرجف الْمُشْركُونَ بِمَوْت النبيء صلى الله عليه وسلم: يَا معشر الْأَنْصَار إليّ إليّ أَنا ثَابت بن الدحداح إِن كَانَ مُحَمَّد قد قتل فَإِن الله حيّ لَا يَمُوت، فَقَاتلُوا عَن دينكُمْ فَإِن الله مظهركم وناصركم.

ص: 387