الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بسم الله الرحمن الرحيم
101- سُورَةُ الْقَارِعَةِ
اتَّفَقَتِ الْمَصَاحِفُ وَكُتُبُ التَّفْسِيرِ وَكُتُبُ السُّنَّةِ عَلَى تَسْمِيَةِ هَذِهِ السُّورَةِ «سُورَةَ الْقَارِعَةِ» وَلَمْ يُرْوَ شَيْءٌ فِي تَسْمِيَتِهَا مِنْ كَلَامِ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعَيْنِ.
وَاتُّفِقَ عَلَى أَنَّهَا مَكِّيَّةٌ.
وَعُدَّتِ الثَّلَاثِينَ فِي عِدَادِ نُزُولِ السُّوَرِ نَزَلَتْ بَعْدَ سُورَةِ قُرَيْشٍ وَقَبْلَ سُورَةِ الْقِيَامَةِ.
وَآيُهَا عَشْرٌ فِي عَدِّ أَهْلِ الْمَدِينَةِ وَأَهْلِ مَكَّةَ، وَثَمَانٍ فِي عَدِّ أَهْلِ الشَّامِ وَالْبَصْرَةِ، وَإِحْدَى عَشْرَةَ فِي عَدِّ أهل الْكُوفَة.
أغراضها
ذُكِرَ فِيهَا إِثْبَاتُ وُقُوعِ الْبَعْثِ وَمَا يَسْبِقُ ذَلِكَ مِنَ الْأَهْوَالِ.
وَإِثْبَاتُ الْجَزَاءِ عَلَى الْأَعْمَالِ وَأَنَّ أَهْلَ الْأَعْمَالِ الصَّالِحَةِ الْمُعْتَبَرَةِ عِنْدَ اللَّهِ فِي نَعِيمٍ، وَأَهْلَ الْأَعْمَالِ السَّيِّئَةِ الَّتِي لَا وَزْنَ لَهَا عِنْدَ اللَّهِ فِي قَعْر الْجَحِيم.
[1- 3]
[سُورَة القارعة (101) : الْآيَات 1 إِلَى 3]
بسم الله الرحمن الرحيم
الْقارِعَةُ (1) مَا الْقارِعَةُ (2) وَما أَدْراكَ مَا الْقارِعَةُ (3)
الِافْتِتَاحُ بِلَفْظِ الْقارِعَةُ افْتِتَاحٌ مَهَوِّلٌ، وَفِيهِ تَشْوِيقٌ إِلَى مَعْرِفَةِ مَا سَيُخْبَرُ بِهِ.
وَهُوَ مَرْفُوعٌ إِمَّا عَلَى الِابْتِدَاءِ ومَا الْقارِعَةُ خَبره وَيكون هُنَاكَ مُنْتَهَى الْآيَةِ.
فَالْمَعْنَى: الْقَارِعَةُ شَيْءٌ عَظِيمٌ هِيَ. وَهَذَا يَجْرِي عَلَى أَنَّ الْآيَةَ الْأُولَى تَنْتَهِي بِقَوْلِهِ:
مَا الْقارِعَةُ وَإِمَّا أَنْ تَكُونَ الْقارِعَةُ الْأَوَّلُ مُسْتَقِلًّا بِنَفْسِهِ، وَعُدَّ آيَةً عِنْدَ أَهْلِ الْكُوفَةِ فَيُقَدَّرَ خَبَرٌ
عَنْهُ مَحْذُوفٌ نَحْوَ: الْقَارِعَةُ قَرِيبَةٌ، أَوْ يُقَدَّرَ فِعْلٌ مَحْذُوفٌ نَحْوَ أَتَتِ الْقَارِعَةُ، وَيَكُونَ قَوْلُهُ:
مَا الْقارِعَةُ اسْتِئْنَافًا لِلتَّهْوِيلِ، وَجُعِلَ آيَةً ثَانِيَةً عِنْدَ أَهْلِ الْكُوفَةِ، وَعَلَيْهِ فَالسُّورَةُ مُسَمَّطَةٌ مِنْ ثَلَاثِ فَوَاصِلَ فِي أَوَّلِهَا وَثَلَاثٍ فِي آخِرِهَا وَفَاصِلَتَيْنِ وَسَطَهَا.
وَإِعَادَةُ لَفْظِ الْقارِعَةُ إِظْهَارٌ فِي مَقَامِ الْإِضْمَارِ عَدَلَ عَنْ أَنْ يُقَال: القارعة مَاهِيَّة، لِمَا فِي لَفْظِ الْقَارِعَةِ مِنَ التَّهْوِيلِ وَالتَّرْوِيعِ، وَإِعَادَةُ لَفْظِ الْمُبْتَدَأِ أَغْنَتْ عَنِ الضَّمِيرِ الرَّابِطِ بَيْنَ الْمُبْتَدَأِ وَجُمْلَةِ الْخَبَرِ.
وَالْقَارِعَةُ: وَصْفٌ مِنَ الْقَرْعِ وَهُوَ ضرب جسم بِآخَرَ بِشِدَّةٍ لَهَا صَوْتٌ. وَأُطْلِقَ الْقَرْعُ مَجَازًا عَلَى الصَّوْتِ الَّذِي يَتَأَثَّرُ بِهِ السَّامِعُ تَأَثُّرَ خَوْفٍ أَوِ اتِّعَاظٍ، يُقَالُ: قَرَعَ فُلَانًا، أَيْ زَجَرَهُ وَعَنَّفَهُ بِصَوْتِ غَضَبٍ. وَفِي الْمَقَامَةِ الْأَوْلَى:«وَيَقْرَعُ الْأَسْمَاعَ بِزَوَاجِرِ وَعْظِهِ» .
وَأُطْلِقَتِ الْقارِعَةُ عَلَى الْحَدَثِ الْعَظِيمِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مِنَ الْأَصْوَاتِ كَقَوْلِهِ تَعَالَى:
وَلا يَزالُ الَّذِينَ كَفَرُوا تُصِيبُهُمْ بِما صَنَعُوا قارِعَةٌ [الرَّعْد: 31] وَقِيلَ: تَقُولُ الْعَرَبُ: قَرَعَتِ الْقَوْمَ قَارِعَةٌ، إِذَا نَزَلَ بِهِمْ أَمْرٌ فَظِيعٌ وَلَمْ أَقِفْ عَلَيْهِ فِيمَا رَأَيْتُ مِنْ كَلَامِ الْعَرَبِ قَبْلَ الْقُرْآنِ.
وَتَأْنِيثُ الْقارِعَةُ لِتَأْوِيلِهَا بِالْحَادِثَةِ أَوِ الْكَائِنَةِ.
ومَا اسْتِفْهَامِيَّةٌ، وَالِاسْتِفْهَامُ مُسْتَعْمَلٌ فِي التَّهْوِيلِ عَلَى طَرِيقَةِ الْمَجَازِ الْمُرْسَلِ الْمُرَكَّبِ لِأَنَّ هَوْلَ الشَّيْءِ يَسْتَلْزِمُ تَسَاؤُلَ النَّاسِ عَنْهُ.
فَ الْقارِعَةُ هَنَا مُرَادٌ بِهَا حَادِثَةٌ عَظِيمَةٌ. وَجُمْهُورُ الْمُفَسِّرِينَ عَلَى أَنَّ هَذِهِ الْحَادِثَةَ هِيَ الْحَشْرُ فَجَعَلُوا الْقَارِعَةَ مِنْ أَسْمَاءِ يَوْمِ الْحَشْرِ مِثْلَ الْقِيَامَةِ، وَقِيلَ: أُرِيدَ بِهَا صَيْحَةُ النَّفْخَةِ فِي الصُّوَرِ، وَعَنِ الضَّحَّاكِ: الْقَارِعَةُ النَّارُ ذَاتُ الزَّفِيرِ، كَأَنَّهُ يُرِيدُ أَنَّهَا اسْمُ جَهَنَّمَ.