المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌[سورة البروج (85) : الآيات 1 إلى 9] - التحرير والتنوير - جـ ٣٠

[ابن عاشور]

فهرس الكتاب

- ‌78- سُورَةُ النَّبَأِ

- ‌أغراضها

- ‌[سُورَة النبإ (78) : الْآيَات 1 إِلَى 3]

- ‌[سُورَة النبإ (78) : آيَة 4]

- ‌[سُورَة النبإ (78) : آيَة 5]

- ‌[سُورَة النبإ (78) : آيَة 6]

- ‌[سُورَة النبإ (78) : آيَة 7]

- ‌[سُورَة النبإ (78) : آيَة 8]

- ‌[سُورَة النبإ (78) : آيَة 9]

- ‌[سُورَة النبإ (78) : آيَة 10]

- ‌[سُورَة النبإ (78) : آيَة 11]

- ‌[سُورَة النبإ (78) : آيَة 12]

- ‌[سُورَة النبإ (78) : آيَة 13]

- ‌[سُورَة النبإ (78) : الْآيَات 14 إِلَى 16]

- ‌[سُورَة النبإ (78) : الْآيَات 17 إِلَى 18]

- ‌[سُورَة النبإ (78) : آيَة 19]

- ‌[سُورَة النبإ (78) : آيَة 20]

- ‌[سُورَة النبإ (78) : الْآيَات 21 إِلَى 23]

- ‌[سُورَة النبإ (78) : الْآيَات 24 إِلَى 26]

- ‌[سُورَة النبإ (78) : الْآيَات 27 إِلَى 28]

- ‌[سُورَة النبإ (78) : آيَة 29]

- ‌[سُورَة النبإ (78) : آيَة 30]

- ‌[سُورَة النبإ (78) : الْآيَات 31 إِلَى 36]

- ‌[سُورَة النبإ (78) : آيَة 37]

- ‌[سُورَة النبإ (78) : آيَة 38]

- ‌[سُورَة النبإ (78) : آيَة 39]

- ‌[سُورَة النبإ (78) : آيَة 40]

- ‌79- سُورَةُ النَّازِعَاتِ

- ‌أغراضها

- ‌[سُورَة النازعات (79) : الْآيَات 1 إِلَى 9]

- ‌[سُورَة النازعات (79) : الْآيَات 10 إِلَى 11]

- ‌[سُورَة النازعات (79) : آيَة 12]

- ‌[سُورَة النازعات (79) : الْآيَات 13 إِلَى 14]

- ‌[سُورَة النازعات (79) : الْآيَات 15 إِلَى 19]

- ‌[سُورَة النازعات (79) : الْآيَات 20 إِلَى 24]

- ‌[سُورَة النازعات (79) : الْآيَات 25 إِلَى 26]

- ‌[سُورَة النازعات (79) : الْآيَات 27 إِلَى 29]

- ‌[سُورَة النازعات (79) : الْآيَات 30 إِلَى 32]

- ‌[سُورَة النازعات (79) : آيَة 33]

- ‌[سُورَة النازعات (79) : الْآيَات 34 إِلَى 41]

- ‌[سُورَة النازعات (79) : الْآيَات 42 إِلَى 45]

- ‌[سُورَة النازعات (79) : آيَة 46]

- ‌80- سُورَةُ عَبَسَ

- ‌أغراضها

- ‌[سُورَة عبس (80) : الْآيَات 1 إِلَى 4]

- ‌[سُورَة عبس (80) : الْآيَات 5 إِلَى 6]

- ‌[سُورَة عبس (80) : آيَة 7]

- ‌[سُورَة عبس (80) : الْآيَات 8 إِلَى 10]

- ‌[سُورَة عبس (80) : الْآيَات 11 الى 16]

- ‌[سُورَة عبس (80) : الْآيَات 17 إِلَى 22]

- ‌[سُورَة عبس (80) : آيَة 23]

- ‌[سُورَة عبس (80) : الْآيَات 24 إِلَى 32]

- ‌[سُورَة عبس (80) : الْآيَات 33 إِلَى 42]

- ‌81- سُورَةُ التَّكْوِيرِ

- ‌أغراضها

- ‌[سُورَة التكوير (81) : الْآيَات 1 إِلَى 14]

- ‌[سُورَة التكوير (81) : الْآيَات 15 إِلَى 21]

- ‌[سُورَة التكوير (81) : آيَة 22]

- ‌[سُورَة التكوير (81) : آيَة 23]

- ‌[سُورَة التكوير (81) : آيَة 24]

- ‌[سُورَة التكوير (81) : آيَة 25]

- ‌[سُورَة التكوير (81) : آيَة 26]

- ‌[سُورَة التكوير (81) : الْآيَات 27 إِلَى 28]

- ‌[سُورَة التكوير (81) : آيَة 29]

- ‌82- سُورَةُ الِانْفِطَارِ

- ‌أغراضها

- ‌[سُورَة الانفطار (82) : الْآيَات 1 إِلَى 5]

- ‌[سُورَة الانفطار (82) : الْآيَات 6 إِلَى 8]

- ‌[سُورَة الانفطار (82) : آيَة 9]

- ‌[سُورَة الانفطار (82) : الْآيَات 10 إِلَى 12]

- ‌[سُورَة الانفطار (82) : الْآيَات 13 إِلَى 16]

- ‌[سُورَة الانفطار (82) : آيَة 17]

- ‌[سُورَة الانفطار (82) : آيَة 18]

- ‌[سُورَة الانفطار (82) : آيَة 19]

- ‌83- سُورَةُ الْمُطَفِّفِينَ

- ‌أغراضها

- ‌[سُورَة المطففين (83) : الْآيَات 1 إِلَى 3]

- ‌[سُورَة المطففين (83) : الْآيَات 4 إِلَى 6]

- ‌[سُورَة المطففين (83) : الْآيَات 7 إِلَى 9]

- ‌[سُورَة المطففين (83) : الْآيَات 10 إِلَى 13]

- ‌[سُورَة المطففين (83) : الْآيَات 14 الى 17]

- ‌[سُورَة المطففين (83) : الْآيَات 18 إِلَى 21]

- ‌[سُورَة المطففين (83) : الْآيَات 22 إِلَى 28]

- ‌[سُورَة المطففين (83) : الْآيَات 29 إِلَى 35]

- ‌[سُورَة المطففين (83) : آيَة 36]

- ‌84- سُورَةُ الِانْشِقَاقِ

- ‌أغراضها

- ‌[سُورَة الانشقاق (84) : الْآيَات 1 إِلَى 6]

- ‌[سُورَة الانشقاق (84) : الْآيَات 7 إِلَى 15]

- ‌[سُورَة الانشقاق (84) : الْآيَات 16 إِلَى 19]

- ‌[سُورَة الانشقاق (84) : الْآيَات 20 إِلَى 21]

- ‌[سُورَة الانشقاق (84) : آيَة 22]

- ‌[سُورَة الانشقاق (84) : آيَة 23]

- ‌[سُورَة الانشقاق (84) : آيَة 24]

- ‌[سُورَة الانشقاق (84) : آيَة 25]

- ‌85- سُورَةُ الْبُرُوجِ

- ‌مِنْ أَغْرَاضِ هَذِهِ السُّورَةِ

- ‌[سُورَة البروج (85) : الْآيَات 1 إِلَى 9]

- ‌[سُورَة البروج (85) : آيَة 10]

- ‌[سُورَة البروج (85) : آيَة 11]

- ‌[سُورَة البروج (85) : آيَة 12]

- ‌[سُورَة البروج (85) : آيَة 13]

- ‌[سُورَة البروج (85) : الْآيَات 14 إِلَى 16]

- ‌[سُورَة البروج (85) : الْآيَات 17 إِلَى 18]

- ‌[سُورَة البروج (85) : الْآيَات 19 إِلَى 20]

- ‌[سُورَة البروج (85) : الْآيَات 21 إِلَى 22]

- ‌86- سُورَةُ الطَّارِقِ

- ‌أغراضها

- ‌[سُورَة الطارق (86) : الْآيَات 1 إِلَى 4]

- ‌[سُورَة الطارق (86) : الْآيَات 5 إِلَى 7]

- ‌[سُورَة الطارق (86) : الْآيَات 8 إِلَى 10]

- ‌[سُورَة الطارق (86) : الْآيَات 11 إِلَى 14]

- ‌[سُورَة الطارق (86) : الْآيَات 15 إِلَى 16]

- ‌[سُورَة الطارق (86) : آيَة 17]

- ‌87- سُورَةُ الْأَعْلَى

- ‌أغراضها

- ‌[سُورَة الْأَعْلَى (87) : الْآيَات 1 إِلَى 5]

- ‌[سُورَة الْأَعْلَى (87) : الْآيَات 6 إِلَى 7]

- ‌[سُورَة الْأَعْلَى (87) : آيَة 8]

- ‌[سُورَة الْأَعْلَى (87) : الْآيَات 9 إِلَى 13]

- ‌[سُورَة الْأَعْلَى (87) : الْآيَات 14 إِلَى 15]

- ‌[سُورَة الْأَعْلَى (87) : الْآيَات 16 إِلَى 17]

- ‌[سُورَة الْأَعْلَى (87) : الْآيَات 18 إِلَى 19]

- ‌88- سُورَةُ الْغَاشِيَةِ

- ‌أغراضها

- ‌[سُورَة الغاشية (88) : آيَة 1]

- ‌[سُورَة الغاشية (88) : الْآيَات 2 إِلَى 7]

- ‌[سُورَة الغاشية (88) : الْآيَات 8 إِلَى 10]

- ‌[سُورَة الغاشية (88) : آيَة 11]

- ‌[سُورَة الغاشية (88) : آيَة 12]

- ‌[سُورَة الغاشية (88) : الْآيَات 13 إِلَى 16]

- ‌[سُورَة الغاشية (88) : الْآيَات 17 إِلَى 20]

- ‌[سُورَة الغاشية (88) : الْآيَات 21 إِلَى 24]

- ‌[سُورَة الغاشية (88) : الْآيَات 25 إِلَى 26]

- ‌89- سُورَةُ الْفَجْرِ

- ‌أغراضها

- ‌[سُورَة الْفجْر (89) : الْآيَات 1 إِلَى 4]

- ‌[سُورَة الْفجْر (89) : آيَة 5]

- ‌[سُورَة الْفجْر (89) : الْآيَات 6 إِلَى 14]

- ‌[سُورَة الْفجْر (89) : الْآيَات 15 الى 20]

- ‌[سُورَة الْفجْر (89) : الْآيَات 21 الى 26]

- ‌[سُورَة الْفجْر (89) : الْآيَات 27 إِلَى 30]

- ‌90- سُورَةُ الْبَلَدِ

- ‌أغراضها

- ‌[سُورَة الْبَلَد (90) : الْآيَات 1 إِلَى 4]

- ‌[سُورَة الْبَلَد (90) : آيَة 5]

- ‌[سُورَة الْبَلَد (90) : الْآيَات 6 إِلَى 7]

- ‌[سُورَة الْبَلَد (90) : الْآيَات 8 إِلَى 10]

- ‌[سُورَة الْبَلَد (90) : الْآيَات 11 إِلَى 17]

- ‌[سُورَة الْبَلَد (90) : الْآيَات 18 إِلَى 20]

- ‌91- سُورَةُ الشَّمْسِ

- ‌أغراضها

- ‌[سُورَة الشَّمْس (91) : الْآيَات 1 إِلَى 8]

- ‌[سُورَة الشَّمْس (91) : الْآيَات 9 إِلَى 10]

- ‌[سُورَة الشَّمْس (91) : الْآيَات 11 الى 15]

- ‌92- سُورَةُ اللَّيْلِ

- ‌أغراضها

- ‌[سُورَة اللَّيْل (92) : الْآيَات 1 إِلَى 4]

- ‌[سُورَة اللَّيْل (92) : الْآيَات 5 إِلَى 11]

- ‌[سُورَة اللَّيْل (92) : الْآيَات 12 إِلَى 13]

- ‌[سُورَة اللَّيْل (92) : الْآيَات 14 إِلَى 21]

- ‌93- سُورَةُ الضُّحَى

- ‌أغراضها

- ‌[سُورَة الضُّحَى (93) : الْآيَات 1 إِلَى 3]

- ‌[سُورَة الضُّحَى (93) : آيَة 4]

- ‌[سُورَة الضُّحَى (93) : آيَة 5]

- ‌[سُورَة الضُّحَى (93) : الْآيَات 6 إِلَى 8]

- ‌[سُورَة الضُّحَى (93) : الْآيَات 9 إِلَى 11]

- ‌94- سُورَة الشَّرْح

- ‌أغراضها

- ‌[سُورَة الشَّرْح (94) : الْآيَات 1 إِلَى 4]

- ‌[سُورَة الشَّرْح (94) : الْآيَات 5 إِلَى 6]

- ‌[سُورَة الشَّرْح (94) : آيَة 7]

- ‌[سُورَة الشَّرْح (94) : آيَة 8]

- ‌95- سُورَةُ التِّينِ

- ‌أغراضها

- ‌[سُورَة التِّين (95) : الْآيَات 1 إِلَى 5]

- ‌[سُورَة التِّين (95) : آيَة 6]

- ‌[سُورَة التِّين (95) : الْآيَات 7 إِلَى 8]

- ‌96- سُورَةُ الْعَلَقِ

- ‌أغراضها

- ‌[سُورَة العلق (96) : الْآيَات 1 الى 5]

- ‌[سُورَة العلق (96) : الْآيَات 6 إِلَى 10]

- ‌[سُورَة العلق (96) : الْآيَات 11 إِلَى 12]

- ‌[سُورَة العلق (96) : الْآيَات 13 إِلَى 14]

- ‌[سُورَة العلق (96) : الْآيَات 15 إِلَى 16]

- ‌[سُورَة العلق (96) : الْآيَات 17 إِلَى 19]

- ‌97- سُورَةُ الْقَدْرِ

- ‌أغراضها

- ‌[سُورَة الْقدر (97) : آيَة 1]

- ‌[سُورَة الْقدر (97) : آيَة 2]

- ‌[سُورَة الْقدر (97) : آيَة 3]

- ‌[سُورَة الْقدر (97) : الْآيَات 4 إِلَى 5]

- ‌98- سُورَةُ لم يكن

- ‌أغراضها

- ‌[سُورَة الْبَيِّنَة (98) : الْآيَات 1 إِلَى 3]

- ‌[سُورَة الْبَيِّنَة (98) : آيَة 4]

- ‌[سُورَة الْبَيِّنَة (98) : آيَة 5]

- ‌[سُورَة الْبَيِّنَة (98) : آيَة 6]

- ‌[سُورَة الْبَيِّنَة (98) : الْآيَات 7 الى 8]

- ‌99- سُورَة الزلزال

- ‌أغراضها

- ‌[سُورَة الزلزلة (99) : الْآيَات 1 إِلَى 6]

- ‌[سُورَة الزلزلة (99) : الْآيَات 7 إِلَى 8]

- ‌100- سُورَةُ الْعَادِيَاتِ

- ‌أَغْرَاضُهَا

- ‌[سُورَة العاديات (100) : الْآيَات 1 إِلَى 8]

- ‌[سُورَة العاديات (100) : الْآيَات 9 إِلَى 10]

- ‌[سُورَة العاديات (100) : آيَة 11]

- ‌101- سُورَةُ الْقَارِعَةِ

- ‌أغراضها

- ‌[سُورَة القارعة (101) : الْآيَات 1 إِلَى 3]

- ‌[سُورَة القارعة (101) : الْآيَات 4 إِلَى 5]

- ‌[سُورَة القارعة (101) : الْآيَات 6 إِلَى 11]

- ‌102- سُورَةُ التَّكَاثُرِ

- ‌أغراضها

- ‌[سُورَة التكاثر (102) : الْآيَات 1 إِلَى 4]

- ‌[سُورَة التكاثر (102) : آيَة 5]

- ‌[سُورَة التكاثر (102) : الْآيَات 6 إِلَى 7]

- ‌[سُورَة التكاثر (102) : آيَة 8]

- ‌103- سُورَةُ الْعَصْرِ

- ‌أغراضها

- ‌[سُورَة الْعَصْر (103) : الْآيَات 1 إِلَى 3]

- ‌104- سُورَةُ الْهُمَزَةِ

- ‌أغراضها

- ‌[سُورَة الْهمزَة (104) : الْآيَات 1 الى 7]

- ‌[سُورَة الْهمزَة (104) : الْآيَات 8 إِلَى 9]

- ‌105- سُورَةُ الْفِيلِ

- ‌أغراضها

- ‌[سُورَة الْفِيل (105) : آيَة 1]

- ‌[سُورَة الْفِيل (105) : الْآيَات 2 إِلَى 5]

- ‌106- سُورَةُ قُرَيْشٍ

- ‌أغراضها

- ‌[سُورَة قُرَيْش (106) : الْآيَات 1 إِلَى 4]

- ‌107- سُورَةُ الْمَاعُونِ

- ‌أغراضها

- ‌[سُورَة الماعون (107) : الْآيَات 1 إِلَى 3]

- ‌[سُورَة الماعون (107) : الْآيَات 4 إِلَى 7]

- ‌108- سُورَةُ الْكَوْثَرِ

- ‌أغراضها

- ‌[سُورَة الْكَوْثَر (108) : الْآيَات 1 إِلَى 2]

- ‌[سُورَة الْكَوْثَر (108) : آيَة 3]

- ‌109- سُورَةُ الْكَافِرُونَ

- ‌أغراضها

- ‌[سُورَة الْكَافِرُونَ (109) : الْآيَات 1 إِلَى 3]

- ‌[سُورَة الْكَافِرُونَ (109) : آيَة 4]

- ‌[سُورَة الْكَافِرُونَ (109) : آيَة 5]

- ‌[سُورَة الْكَافِرُونَ (109) : آيَة 6]

- ‌110- سُورَةُ النَّصْرِ

- ‌أغراضها

- ‌[سُورَة النَّصْر (110) : الْآيَات 1 الى 3]

- ‌111- سُورَةُ الْمَسَدِ

- ‌أغراضها

- ‌[سُورَة المسد (111) : آيَة 1]

- ‌[سُورَة المسد (111) : آيَة 2]

- ‌[سُورَة المسد (111) : آيَة 3]

- ‌[سُورَة المسد (111) : الْآيَات 4 إِلَى 5]

- ‌112- سُورَةُ الْإِخْلَاصِ

- ‌أغراضها

- ‌[سُورَة الْإِخْلَاص (112) : آيَة 1]

- ‌[سُورَة الْإِخْلَاص (112) : آيَة 2]

- ‌[سُورَة الْإِخْلَاص (112) : آيَة 3]

- ‌[سُورَة الْإِخْلَاص (112) : آيَة 4]

- ‌113- سُورَةُ الْفَلَقِ

- ‌أغراضها

- ‌[سُورَة الفلق (113) : الْآيَات 1 إِلَى 2]

- ‌[سُورَة الفلق (113) : آيَة 3]

- ‌[سُورَة الفلق (113) : آيَة 4]

- ‌[سُورَة الفلق (113) : آيَة 5]

- ‌114- سُورَةُ النَّاسِ

- ‌أغراضها

- ‌[سُورَة النَّاس (114) : الْآيَات 1 إِلَى 6]

الفصل: ‌[سورة البروج (85) : الآيات 1 إلى 9]

وَإِشْعَارُ الْمُسْلِمِينَ بِأَنَّ قُوَّةَ اللَّهِ عَظِيمَةٌ فَسَيَلْقَى الْمُشْرِكُونَ جَزَاءَ صَنِيعِهِمْ وَيَلْقَى

الْمُسْلِمُونَ النَعِيمَ الْأَبَدِيَّ وَالنَّصْرَ.

وَالتَّعْرِيضُ لِلْمُسْلِمِينَ بِكَرَامَتِهِمْ عِنْدَ اللَّهِ تَعَالَى.

وَضُرِبَ الْمَثَلُ بِقَوْمِ فِرْعَوْنَ وَبِثَمُودَ وَكَيْفَ كَانَتْ عَاقِبَةُ أَمْرِهِمْ مَا كَذَّبُوا الرُّسُلَ، فَحَصَلَتِ الْعِبْرَةُ لِلْمُشْرِكِينَ فِي فَتْنِهِمُ الْمُسْلِمِينَ، وَفِي تَكْذِيبِهِمُ الرَّسُولَ صلى الله عليه وسلم وَالتَّنْوِيهِ بشأن الْقُرْآن.

[1- 9]

[سُورَة البروج (85) : الْآيَات 1 إِلَى 9]

بسم الله الرحمن الرحيم

وَالسَّماءِ ذاتِ الْبُرُوجِ (1) وَالْيَوْمِ الْمَوْعُودِ (2) وَشاهِدٍ وَمَشْهُودٍ (3) قُتِلَ أَصْحابُ الْأُخْدُودِ (4)

النَّارِ ذاتِ الْوَقُودِ (5) إِذْ هُمْ عَلَيْها قُعُودٌ (6) وَهُمْ عَلى مَا يَفْعَلُونَ بِالْمُؤْمِنِينَ شُهُودٌ (7) وَما نَقَمُوا مِنْهُمْ إِلَاّ أَنْ يُؤْمِنُوا بِاللَّهِ الْعَزِيزِ الْحَمِيدِ (8) الَّذِي لَهُ مُلْكُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَاللَّهُ عَلى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ (9)

فِي افْتِتَاحِ السُّورَةِ بِهَذَا الْقَسَمِ تَشْوِيقٌ إِلَى مَا يَرِدُ بَعْدَهُ وَإِشْعَارٌ بِأَهَمِّيَّةِ الْمُقْسَمِ عَلَيْهِ، وَهُوَ مَعَ ذَلِكَ يَلْفِتُ أَلْبَابَ السَّامِعِينَ إِلَى الْأُمُورِ الْمُقْسَمِ بِهَا، لِأَنَّ بَعْضَهَا مِنْ دَلَائِلِ عَظِيمِ الْقُدْرَةِ الْإِلَهِيَّةِ الْمُقْتَضِيَةِ تَفَرُّدَ اللَّهِ تَعَالَى بِالْإِلَهِيَّةِ وَإِبْطَالَ الشَّرِيكِ، وَبَعْضُهَا مُذَكِّرٌ بِيَوْمِ الْبَعْثِ الْمَوْعُودِ، وَرَمَزَ إِلَى تَحْقِيقِ وُقُوعِهِ، إِذِ الْقَسَمُ لَا يَكُونُ إِلَّا بِشَيْءٍ ثَابِتِ الْوُقُوعِ وَبَعْضُهَا بِمَا فِيهِ مِنَ الْإِبْهَامِ يُوَجِّهُ أَنْفُسَ السَّامِعِينَ إِلَى تَطَلُّبِ بَيَانِهِ.

وَمُنَاسَبَةُ الْقَسَمِ لِمَا أَقْسَمَ عَلَيْهِ أَنَّ الْمُقْسَمَ عَلَيْهِ تَضَمَّنَ الْعِبْرَةَ بِقِصَّةِ أَصْحَابِ الْأُخْدُودِ وَلَمَّا كَانَتِ الْأَخَادِيدُ خُطُوطًا مَجْعُولَةً فِي الْأَرْضِ مُسْتَعِرَةً بِالنَّارِ أَقْسَمَ عَلَى مَا تَضَمَّنَهَا بِالسَّمَاءِ بِقَيْدِ صِفَةٍ مِنْ صِفَاتِهَا الَّتِي يلوح فِيهَا لِلنَّاظِرِينَ فِي نجومها مَا سَمَّاهُ الْعَرَبُ بُرُوجًا وَهِيَ تُشْبِهُ دَارَاتٍ مُتَلَأْلِئَةً بِأَنْوَارِ النُّجُومِ اللَّامِعَةِ الشَّبِيهَةِ بِتَلَهُّبِ النَّارِ.

وَالْقَسَمُ بِالسَّمَاءِ بِوَصْفِ ذَاتِ الْبُرُوجِ يَتَضَمَّنُ قَسَمًا بِالْأَمْرَيْنِ مَعًا لِتَلْتَفِتَ أَفْكَارُ الْمُتَدَبِّرِينَ إِلَى مَا فِي هَذِهِ الْمَخْلُوقَاتِ وَهَذِهِ الْأَحْوَالِ مِنْ دَلَالَةٍ عَلَى عَظِيمِ الْقُدْرَةِ وَسَعَةِ الْعِلْمِ الْإِلَهِيِّ إِذْ خَلْقُهَا عَلَى تِلْكَ الْمَقَادِيرِ الْمَضْبُوطَةِ لِيَنْتَفِعَ بِهَا النَّاسُ فِي

ص: 237

مَوَاقِيتِ الْأَشْهُرِ وَالْفَصْلِ. كَمَا قَالَ تَعَالَى فِي نَحْوِ هَذَا: ذلِكَ لِتَعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ وَأَنَّ اللَّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ

[الْمَائِدَة: 97] .

وَأَمَّا مُنَاسَبَةُ الْقَسَمِ بِالْيَوْمِ الْمَوْعُودِ فَلِأَنَّهُ يَوْمُ الْقِيَامَةِ بِاتِّفَاقِ أَهْلِ التَّأْوِيلِ لِأَنَّ اللَّهَ وَعَدَ بِوُقُوعِهِ قَالَ تَعَالَى: ذلِكَ الْيَوْمُ الَّذِي كانُوا يُوعَدُونَ [المعارج: 44] مَعَ مَا فِي الْقَسَمِ بِهِ مِنْ

إِدْمَاجِ الْإِيمَاءِ إِلَى وَعِيدِ أَصْحَابِ الْقِصَّةِ الْمُقْسَمِ عَلَى مَضْمُونِهَا، وَوَعِيدِ أَمْثَالِهِمُ الْمُعَرَّضِ بِهِمْ.

وَمُنَاسَبَةُ الْقَسَمِ بِ شاهِدٍ وَمَشْهُودٍ عَلَى اخْتِلَافِ تَأْوِيلَاتِهِ، سَتُذْكَرُ عِنْدَ ذِكْرِ التَّأْوِيلَاتِ وَهِيَ قَرِيبَةٌ مِنْ مُنَاسَبَةِ الْقَسَمِ بِالْيَوْمِ الْمَوْعُودِ، وَيُقَابِلُهُ فِي الْمُقْسَمِ عَلَيْهِ قَوْلُهُ:

وَهُمْ عَلى مَا يَفْعَلُونَ بِالْمُؤْمِنِينَ شُهُودٌ وَالْبُرُوجُ: تُطْلَقُ عَلَى عَلَامَاتٍ مِنْ قُبَّةِ الْجَوِّ يَتَرَاءَى لِلنَّاظِرِ أَنَّ الشَّمْسَ تَكُونُ فِي سَمْتِهَا مُدَّةَ شَهْرٍ مِنْ أَشْهُرِ السّنة الشمسية، فالبرج: اسْمٌ مَنْقُولٌ مِنِ اسْمِ الْبُرْجِ بِمَعْنَى الْقَصْرِ لِأَنَّ الشَّمْسَ تَنْزِلُهُ أَوْ مَنْقُولٌ مِنَ الْبُرْجِ بِمَعْنَى الْحِصْنِ.

وَالْبُرْجُ السَّمَاوِيُّ يَتَأَلَّفُ مِنْ مَجْمُوعَةِ نُجُومٍ قَرِيبٌ بَعْضُهَا مِنْ بَعْضٍ لَا تَخْتَلِفُ أَبْعَادُهَا أَبَدًا، وَإِنَّمَا سُمِّيَ بُرْجًا لِأَنَّ الْمُصْطَلِحِينَ تَخَيَّلُوا أَنَّ الشَّمْسَ تَحِلُّ فِيهِ مُدَّةً فَهُوَ كَالْبُرْجِ، أَيِ الْقَصْرِ، أَوِ الْحِصْنِ، وَلَمَّا وَجَدُوا كُلَّ مَجْمُوعَةٍ مِنْهَا يُخَالُ مِنْهَا شَكْلٌ لَوْ أُحِيطَ بِإِطَارٍ لِخَطٍّ مَفْرُوضٍ لَأَشْبَهَ مُحِيطُهَا مُحِيطَ صُورَةٍ تَخَيُّلِيَّةٍ لِبَعْضِ الذَّوَاتِ مِنْ حَيَوَانٍ أَوْ نَبَاتٍ أَوْ آلَاتٍ، مَيَّزُوا بَعْضَ تِلْكَ الْبُرُوجِ مِنْ بَعْضٍ بِإِضَافَتِهِ إِلَى اسْمِ مَا تُشْبِهُهُ تِلْكَ الصُّورَةُ تَقْرِيبًا فَقَالُوا:

بُرْجُ الثَّوْرِ، بُرْجُ الدَّلْوِ، بُرْجُ السُّنْبُلَةِ مَثَلًا.

وَهَذِهِ الْبُرُوجُ هِيَ فِي التَّحْقِيقِ: سُمُوتٌ تُقَابِلُهَا الشَّمْسُ فِي فَلَكِهَا مُدَّةَ شَهْرٍ كَامِلٍ مِنْ أَشْهُرِ السَّنَةِ الشَّمْسِيَّةِ يُوَقِّتُونَ بِهَا الْأَشْهُرَ وَالْفُصُولَ بِمَوْقِعِ الشَّمْسِ نَهَارًا فِي الْمَكَانِ الَّذِي تَطْلُعُ فِيهِ نُجُومُ تِلْكَ الْبُرُوجِ لَيْلًا، وَقَدْ تَقَدَّمَ عِنْدَ قَوْلِهِ تَعَالَى: تَبارَكَ الَّذِي جَعَلَ فِي السَّماءِ بُرُوجاً فِي سُورَةِ الْفُرْقَانِ [61] .

وشاهِدٍ وَمَشْهُودٍ مُرَادٌ بِهِمَا النَّوْعُ. فَالشَّاهِدُ: الرَّائِي، أَوِ الْمُخْبِرُ بِحَقٍّ لِإِلْزَامِ مُنْكِرِهِ. وَالْمَشْهُودُ: الْمَرْئِيُّ أَوِ الْمَشْهُودُ عَلَيْهِ بِحَقٍّ. وَحُذِفَ مُتَعَلِّقُ الْوَصْفَيْنِ لِدَلَالَةِ

ص: 238

الْكَلَامِ عَلَيْهِ فَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ الشَّاهِدُ حَاضِرَ ذَلِكَ الْيَوْمِ الْمَوْعُودِ مِنَ الْمَلَائِكَةِ قَالَ تَعَالَى: وَجاءَتْ كُلُّ نَفْسٍ مَعَها سائِقٌ وَشَهِيدٌ [ق: 21] .

وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ الشَّاهِدُ اللَّهَ تَعَالَى وَيُؤَيِّدُهُ قَوْلُهُ: وَاللَّهُ عَلى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ أَوِ الرُّسُلُ وَالْمَلَائِكَةُ.

وَالْمَشْهُودُ: النَّاسُ الْمَحْشُورُونَ لِلْحِسَابِ وَهُمْ أَصْحَابُ الْأَعْمَالِ الْمُعَرَّضُونَ لِلْحِسَابِ لِأَنَّ الْعُرْفَ فِي الْمَجَامِعِ أَنَّ الشَّاهِدَ فِيهَا: هُوَ السَّالِمُ مِنْ مَشَقَّتِهَا وَهُمُ النَّظَّارَةُ الَّذِينَ يَطَّلِعُونَ

عَلَى مَا يَجْرِي فِي الْمَجْمَعِ، وَأَن الْمَشْهُود: هُوَ الَّذِي يَطَّلِعُ النَّاسُ عَلَى مَا يَجْرِي عَلَيْهِ.

وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ الشَّاهِدُ: الشَّاهِدِينَ مِنَ الْمَلَائِكَةِ، وَهُمُ الْحَفَظَةُ الشَّاهِدُونَ عَلَى الْأَعْمَالِ. وَالْمَشْهُودُ: أَصْحَابُ الْأَعْمَالِ. وَأَنْ يَكُونَ الشَّاهِدُ الرُّسُلَ المبلغين للأمم حِين يَقُولُ الْكُفَّارُ: مَا جَاءَنَا مِنْ بَشِيرٍ وَلَا نَذِيرٍ وَمُحَمَّدٌ صلى الله عليه وسلم يَشْهَدُ عَلَى جَمِيعِهِمْ وَهُوَ مَا فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: فَكَيْفَ إِذا جِئْنا مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ بِشَهِيدٍ وَجِئْنا بِكَ عَلى هؤُلاءِ شَهِيداً [النِّسَاء: 41] .

وَعَلَى مُخْتَلَفِ الْوُجُوهِ فَالْمُنَاسَبَةُ ظَاهِرَةٌ بَيْنَ شاهِدٍ وَمَشْهُودٍ وَبَيْنَ مَا فِي الْمُقْسَمِ عَلَيْهِ مِنْ قَوْلِهِ: وَهُمْ عَلى مَا يَفْعَلُونَ بِالْمُؤْمِنِينَ شُهُودٌ، وَقَوْلِهِ: إِذْ هُمْ عَلَيْها قُعُودٌ أَيْ حُضُورٌ.

وَرَوَى التِّرْمِذِيُّ مِنْ طَرِيقِ مُوسَى بْنِ عُبَيْدَةَ إِلَى أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «الْيَوْمُ الْمَوْعُودُ يَوْمُ الْقِيَامَةِ وَالْيَوْمُ الْمَشْهُودُ يَوْمُ عَرَفَةَ وَالشَّاهِدُ يَوْمُ الْجُمُعَةِ»

. أَيْ فَالتَّقْدِيرُ:

وَيَوْمٌ شَاهِدٌ وَيَوْمٌ مَشْهُودٌ. قَالَ التِّرْمِذِيُّ: هَذَا حَدِيثٌ لَا نَعْرِفُهُ إِلَّا مِنْ حَدِيثِ مُوسَى بْنِ عُبَيْدَةَ وَمُوسَى بْنُ عُبَيْدَةَ يَضْعُفُ فِي الْحَدِيثِ ضَعَّفَهُ يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ وَغَيْرُهُ مِنْ قِبَلِ حِفْظِهِ اهـ.

وَوَصْفُ «يَوْمٍ» بِأَنَّهُ «شَاهِدٌ» مُجَازٌ عَقْلِيٌّ، وَمَحْمَلُ هَذَا الْحَدِيثِ عَلَى أَنَّ هَذَا مِمَّا يُرَادُ فِي الْآيَةِ مِنْ وَصْفِ شاهِدٍ وَوَصْفِ مَشْهُودٍ فَهُوَ مِنْ حَمْلِ الْآيَةِ عَلَى مَا يَحْتَمِلُهُ اللَّفْظُ فِي حَقِيقَةٍ وَمَجَازٍ كَمَا تَقَدَّمَ فِي الْمُقَدِّمَةِ التَّاسِعَةِ.

وَجَوَابُ الْقَسَمِ قِيلَ مَحْذُوفٌ لِدَلَالَةِ قَوْلِهِ: قُتِلَ أَصْحابُ الْأُخْدُودِ عَلَيْهِ

ص: 239

وَالتَّقْدِيرُ أَنَّهُمْ مَلْعُونُونَ كَمَا لُعِنَ أَصْحَابُ الْأُخْدُودِ. وَقِيلَ: تَقْدِيرُهُ: أَنَّ الْأَمْرَ لَحَقٌّ فِي الْجَزَاءِ عَلَى الْأَعْمَالِ: أَوْ لَتُبْعَثُنَّ.

وَقِيلَ: الْجَوَابُ مَذْكُورٌ فِيمَا يَلِي فَقَالَ الزَّجَّاجُ: هُوَ إِنَّ بَطْشَ رَبِّكَ لَشَدِيدٌ [البروج:

12] (أَيْ وَالْكَلَام الَّذِي بَيْنَهُمَا اعْتِرَاضٌ قُصِدَ بِهِ التَّوْطِئَةُ لِلْمُقْسَمِ عَلَيْهِ وتوكيد التَّحْقِيق الَّذِي أَفَادَهُ الْقَسَمَ بِتَحْقِيقِ ذِكْرِ النَّظِيرِ) . وَقَالَ الْفَرَّاءُ: الْجَوَابُ: قُتِلَ أَصْحابُ الْأُخْدُودِ (أَيْ فَيَكُونُ قتل خَبرا لادعاء وَلَا شَتْمًا وَلَا يَلْزَمُ ذِكْرُ (قَدْ) فِي الْجَوَابِ مَعَ كَوْنِ الْجَوَابِ مَاضِيًا لِأَنَّ (قَدْ) تُحْذَفُ بِنَاءً عَلَى أَنَّ حَذْفَهَا لَيْسَ مَشْرُوطًا بِالضَّرُورَةِ) .

وَيَتَعَيَّنُ عَلَى قَوْلِ الْفَرَّاءِ أَنْ يَكُونَ الْخَبَرُ مُسْتَعْمَلًا فِي لَازِمِ مَعْنَاهُ مِنَ الْإِنْذَارِ لِلَّذِينَ يَفْتِنُونَ الْمُؤْمِنِينَ بِأَنْ يَحِلَّ بِهِمْ مَا حَلَّ بِفَاتِنِي أَصْحَابِ الْأُخْدُودِ، وَإِلَّا فَإِنَّ الْخَبَرَ عَنْ

أَصْحَابِ الْأُخْدُودِ لَا يَحْتَاجُ إِلَى التَّوْكِيدِ بِالْقَسَمِ إِذْ لَا يُنْكِرُهُ أَحَدٌ فَهُوَ قِصَّةٌ مَعْلُومَةٌ لِلْعَرَبِ.

وَانْتِسَاقُ ضَمَائِرِ جَمْعِ الْغَائِبِ الْمَرْفُوعَةِ مِنْ قَوْلِهِ: إِذْ هُمْ عَلَيْها قُعُودٌ إِلَى قَوْلِهِ:

وَما نَقَمُوا يَقْتَضِي أَنْ يَكُونَ أَصْحَابُ الْأُخْدُودِ وَاضِعِيهِ لِتَعْذِيبِ الْمُؤْمِنِينَ.

وَقِيلَ: الْجَوَابُ هُوَ جُمْلَةُ: إِنَّ الَّذِينَ فَتَنُوا الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِناتِ [البروج: 10] فَيَكُونُ الْكَلَامُ الَّذِي بَيْنَهُمَا اعْتِرَاضًا وَتَوْطِئَةً عَلَى نَحْوِ مَا قَرَّرْنَاهُ فِي كَلَامِ الزَّجَّاجِ.

وَقَوْلُهُ: قُتِلَ أَصْحابُ الْأُخْدُودِ صِيغَتُهُ تُشْعِرُ بِأَنَّهُ إِنْشَاءُ شَتْمٍ لَهُمْ شَتْمُ خِزْيٍ وَغَضَبٍ وَهَؤُلَاءِ لَمْ يُقْتَلُوا فَفِعْلُ قُتِلَ لَيْسَ بِخَبَرٍ بَلْ شَتْمٌ نَحْوَ قَوْلِهِ تَعَالَى: قُتِلَ الْخَرَّاصُونَ [الذاريات: 10] . وَقَوْلِهِمْ قَاتَلَهُ اللَّهُ، وَصُدُورُهُ مِنَ اللَّهِ يُفِيدُ مَعْنَى اللَّعْنِ وَيَدُلُّ عَلَى الْوَعِيدِ لِأَنَّ الْغَضَبَ وَاللَّعْنَ يَسْتَلْزِمَانِ الْعِقَابَ عَلَى الْفِعْلِ الْمَلْعُونِ لِأَجْلِهِ.

وَقِيلَ: هُوَ دُعَاءٌ عَلَى أَصْحَابِ الْأُخْدُودِ بِالْقَتْلِ كَقَوْلِهِ تَعَالَى: قُتِلَ الْإِنْسانُ مَا أَكْفَرَهُ [عبس: 17] وَالْقَتْلُ مُسْتَعَارٌ لِأَشَدِّ الْعَذَابِ كَمَا يُقَالُ: أَهْلَكَهُ اللَّهُ، أَيْ أَوْقَعَهُ فِي أَشَدِّ الْعَنَاءِ، وَأَيًّا مَا كَانَ فَجُمْلَةُ قُتِلَ أَصْحابُ الْأُخْدُودِ عَلَى هَذَا مُعْتَرِضَةٌ بَيْنَ الْقَسَمِ وَمَا بَعْدَهُ.

وَمَنْ جَعَلَ قُتِلَ أَصْحابُ الْأُخْدُودِ جَوَابَ الْقَسَمِ جَعَلَ الْكَلَامَ خَبَرًا وَقَدَّرَهُ

ص: 240

لَقَدْ قُتِلَ أَصْحَابُ الْأُخْدُودِ، فَيَكُونُ الْمُرَادُ مِنْ أَصْحَابِ الْأُخْدُودِ الَّذِينَ أُلْقُوا فِيهِ وعذبوا بِهِ وَيَكُونُ لَفْظُ أَصْحَابٍ مُسْتَعْمَلًا فِي مَعْنَى مُجَرَّدِ الْمُقَارَنَةِ وَالْمُلَازَمَةِ كَقَوْلِهِ تَعَالَى: يَا صاحِبَيِ السِّجْنِ [يُوسُف: 39] وَقد عَلِمْتَ آنِفًا تَعَيُّنَ تَأْوِيلِ هَذَا الْقَوْلِ بِأَنَّ الْخَبَرَ مُسْتَعْمَلٌ فِي لَازِمِ مَعْنَاهُ.

وَلَفْظُ أَصْحابُ يَعُمُّ الْآمِرِينَ بِجَعْلِ الْأُخْدُودِ وَالْمُبَاشِرِينَ لِحَفْرِهِ وَتَسْعِيرِهِ، وَالْقَائِمِينَ عَلَى إِلْقَاءِ الْمُؤْمِنِينَ فِيهِ.

وَهَذِهِ قِصَّةٌ اخْتَلَفَ الرُّوَاةُ فِي تَعْيِينِهَا وَفِي تَعْيِينِ الْمُرَادِ مِنْهَا فِي هَذِهِ الْآيَةِ.

وَالرِّوَايَاتُ كُلُّهَا تَقْتَضِي أَنَّ الْمَفْتُونِينَ بِالْأُخْدُودِ قَوْمٌ اتَّبَعُوا النَّصْرَانِيَّةَ فِي بِلَادِ الْيَمَنِ عَلَى أَكْثَرِ الرِّوَايَاتِ، أَوْ فِي بِلَادِ الْحَبَشَةِ عَلَى بَعْضِ الرِّوَايَاتِ، وَذُكِرَتْ فِيهَا رِوَايَاتٌ مُتَقَارِبَةٌ تَخْتَلِفُ بِالْإِجْمَالِ وَالتَّفْصِيلِ، وَالتَّرْتِيبِ، وَالزِّيَادَةِ، وَالتَّعْيِينِ وَأَصَحُّهَا مَا رَوَاهُ مُسْلِمٌ وَالتِّرْمِذِيُّ عَنْ صُهَيْبٍ أَنَّ النَّبِيءَ صلى الله عليه وسلم قَصَّ هَذِهِ الْقِصَّةَ عَلَى أَصْحَابِهِ. وَلَيْسَ فِيمَا رُوِيَ

تَصْرِيحٌ بِأَنَّ النَّبِيءَ صلى الله عليه وسلم سَاقَهَا تَفْسِيرًا لِهَذِهِ الْآيَةِ وَالتِّرْمِذِيُّ سَاقَ حَدِيثَهَا فِي تَفْسِيرِ سُورَةِ الْبُرُوجِ.

وَعَنْ مُقَاتِلٍ كَانَ الَّذِينَ اتَّخَذُوا الْأَخَادِيدَ فِي ثَلَاثٍ من الْبِلَاد بِنَجْرَان، وَبِالشَّامِ، وَبِفَارِسَ، أما الَّذِي بِالشَّامِ فَ (انْطَانْيُوسُ) الرُّومِيُّ وَأَمَّا الَّذِي بِفَارِسَ فَهُوَ (بُخْتَنَصَّرَ) وَالَّذِي بِنَجْرَانَ فَيُوسُفُ ذُو نُوَاسٍ وَلْنَذْكُرِ الْقِصَّةَ الَّتِي أَشَارَ إِلَيْهَا الْقُرْآنُ تُؤْخَذُ مِنْ «سِيرَةِ ابْنِ إِسْحَاقَ» عَلَى أَنَّهَا جَرَتْ فِي نَجْرَانَ مِنْ بِلَادِ الْيَمَنِ، وَإِنَّهُ كَانَ مَلِكٌ وَهُوَ ذُو نُوَاسٍ لَهُ كَاهِنٌ أَوْ سَاحِرٌ. وَكَانَ لِلسَّاحِرِ تِلْمِيذٌ اسْمُهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الثَّامِرِ وَكَانَ يَجِدُ فِي طَرِيقِهِ إِذَا مَشَى إِلَى الْكَاهِنِ صَوْمَعَةً فِيهَا رَاهِبٌ كَانَ يَعْبُدُ اللَّهَ عَلَى دِينِ عِيسَى عليه السلام وَيَقْرَأُ الْإِنْجِيلَ اسْمُهُ (فَيْمِيُونُ) بِفَاءٍ، فَتَحْتِيَّةٍ، فَمِيمٍ، فَتَحْتِيَّةٍ (وَضُبِطَ فِي الطبعة الأوروبية مِنْ «سِيرَةِ ابْنِ إِسْحَاقَ» - الَّتِي يَلُوحُ أَنَّ أَصْلَهَا الْمَطْبُوعَةَ عَلَيْهِ أَصْلٌ صَحِيحٌ، بِفَتْحٍ فَسُكُونٍ فَكَسْرٍ فَضَمٍّ) قَالَ السُّهَيْلِيُّ:

وَوَقَعَ لِلطَّبَرِيِّ بِقَافٍ عِوَضَ الْفَاءِ. وَقَدْ يُحَرَّفُ فَيُقَالُ مَيْمُونٌ بِمِيمٍ فِي أَوَّلِهِ وَبِتَحْتِيَّةٍ وَاحِدَةٍ، أَصْلُهُ مِنْ غَسَّانَ مِنَ الشَّامِ ثُمَّ سَاحَ فَاسْتَقَرَّ بِنَجْرَانَ، وَكَانَ مُنْعَزِلًا عَنِ النَّاسِ مُخْتَفِيًا فِي صَوْمَعَتِهِ وَظَهَرَتْ لِعَبْدِ اللَّهِ فِي قومه كرامات. وَكَانَ كُلَّمَا ظَهَرَتْ لَهُ كَرَامَةٌ دَعَا مَنْ ظَهَرَتْ لَهُمْ إِلَى أَنْ يَتَّبِعُوا النَّصْرَانِيَّةَ، فَكَثُرَ الْمُتَنَصِّرُونَ فِي نَجْرَانَ وَبَلَغَ ذَلِكَ الْمَلِكَ ذَا

ص: 241

نُوَاسٍ وَكَانَ يَهُودِيًّا وَكَانَ أَهْلُ نَجْرَانَ مُشْرِكِينَ يَعْبُدُونَ نَخْلَةً طَوِيلَةً، فَقَتَلَ الْمَلِكُ الْغُلَامَ وَقَتَلَ الرَّاهِبَ وَأَمَرَ بِأَخَادِيدَ وَجُمِعَ فِيهَا حَطَبٌ وَأُشْعِلَتْ، وَعُرِضَ أَهْلُ نَجْرَانَ عَلَيْهَا فَمَنْ رَجَعَ عَنِ التَّوْحِيدِ تَرَكَهُ وَمَنْ ثَبَتَ عَلَى الدِّينِ الْحَقِّ قَذَفَهُ فِي النَّارِ.

فَكَانَ أَصْحَابُ الْأُخْدُودِ مِمَّنْ عُذِّبَ مِنْ أَهْلِ دِينِ الْمَسِيحِيَّةِ فِي بِلَادِ الْعَرَبِ.

وَقِصَصُ الْأَخَادِيدِ كَثِيرَةٌ فِي التَّارِيخِ، وَالتَّعْذِيبُ بِالْحَرْقِ طَرِيقَةٌ قَدِيمَةٌ، وَمِنْهَا: نَارُ إِبْرَاهِيمَ عليه السلام. وَأَمَّا تَحْرِيقُ عَمْرِو بْنِ هِنْدٍ مِائَةً مِنْ بَنِي تَمِيمٍ وَتَلْقِيبُهُ بِالْمُحَرِّقِ فَلَا أَعْرِفُ أَنَّ ذَلِكَ كَانَ بِاتِّخَاذِ أُخْدُودٍ. وَقَالَ ابْنُ عَطِيَّةَ: رَأَيْتُ فِي بَعْضِ الْكُتُبِ أَنَّ أَصْحَابَ الْأُخْدُودِ هُوَ مُحَرِّقٌ وَآلُهُ الَّذِي حَرَقَ مِنْ بَنِي تَمِيمٍ مِائَةً.

والْأُخْدُودِ: بِوَزْنِ أُفْعُولٍ وَهُوَ صِيغَةٌ قَلِيلَةُ الدَّوَرَانِ غَيْرُ مَقِيسَةٍ، وَمِنْهَا قَوْلُهُمْ:

أُفْحُوصٌ مُشْتَقٌّ مِنْ فَحَصَتِ الْقَطَاةُ وَالدَّجَاجَةُ إِذَا بَحَثَتْ فِي التُّرَابِ مَوْضِعًا تَبِيضُ فِيهِ، وَقَوْلُهُمْ أُسْلُوبٌ اسْمٌ لطريقة، ولسطر النّخل، وَأُقْنُومٌ اسْمٌ لِأَصِلِ الشَّيْءِ. وَقَدْ يَكُونُ هَذَا الْوَزْنُ مَعَ هَاءِ تَأْنِيثٍ مِثْلَ أُكْرُومَةٍ، وَأُعْجُوبَةٍ، وَأُطْرُوحَةٍ وَأُضْحُوكَةٍ.

وَقَوْلُهُ: النَّارِ بَدَلٌ مِنَ الْأُخْدُودِ بَدَلَ اشْتِمَالٍ أَوْ بَعْضٍ مِنْ كُلٍّ لِأَنَّ الْمُرَادَ

بِالْأُخْدُودِ الْحَفِيرُ بِمَا فِيهِ.

والْوَقُودِ: بِفَتْحِ الْوَاوِ اسْمُ مَا تُوقَدُ بِهِ النَّارُ مِنْ حَطَبٍ وَنِفْطٍ وَنَحْوِهِ.

وَمَعْنَى ذاتِ الْوَقُودِ: أَنَّهَا لَا يُخْمَدُ لَهَبُهَا لِأَنَّ لَهَا وَقُودًا يُلْقَى فِيهَا كُلَّمَا خَبَتْ.

وَيَتَعَلَّقُ: إِذْ هُمْ عَلَيْها قُعُودٌ بِفِعْلِ قُتِلَ، أَيْ لُعِنُوا وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ حِينَ قَعَدُوا عَلَى الْأُخْدُودِ.

وَضَمِيرُ هُمْ عَائِدٌ إِلَى أَصْحَابِ الْأُخْدُودِ فَإِنَّ الْمَلِكَ يَحْضُرُ تَنْفِيذَ أَمْرِهِ وَمَعَهُ مَلَأُهُ، أَو أُرِيد بهم الْمَأْمُورُونَ مِنَ الْمَلِكِ. فَعَلَى احْتِمَالِ أَنَّهُمْ أَعْوَانُ الْمَلِكِ فَالْقُعُودُ الْجُلُوسُ كُنِّيَ بِهِ عَنِ الْمُلَازَمَةِ لِلْأُخْدُودِ لِئَلَّا يَتَهَاوَنَ الَّذِينَ يَحْشُونَ النَّار بتسعيرها، و (على) لِلِاسْتِعْلَاءِ الْمَجَازِيِّ لِأَنَّهُمْ لَا يَقْعُدُونَ فَوْقَ النَّارِ وَلَكِنْ حَوْلَهَا. وَإِنَّمَا عَبَّرَ عَنِ الْقُرْبِ وَالْمُرَاقَبَةِ بِالِاسْتِعْلَاءِ كَقَوْلِ الْأَعْشَى:

وَبَاتَ عَلَى النَّارِ النَّدَى وَالْمُحَلَّقُ

ص: 242

وَمِثْلُهُ قَوْلُهُ تَعَالَى: وَجَدَ عَلَيْهِ أُمَّةً مِنَ النَّاسِ يَسْقُونَ [الْقَصَص: 23] ، أَيْ عِنْدَهُ.

وَعَلَى احْتِمَالِ أَنْ يَكُونَ الْمُرَادُ بِ أَصْحابُ الْأُخْدُودِ الْمُؤْمِنِينَ الْمُعَذَّبِينَ فِيهِ، فالقعود حَقِيقَة و (على) لِلِاسْتِعْلَاءِ الْحَقِيقِيِّ، أَيْ قَاعِدُونَ عَلَى النَّارِ بِأَنْ كَانُوا يَحْرِقُونَهُمْ مَرْبُوطِينَ بِهَيْئَةِ الْقُعُودِ لِأَنَّ ذَلِكَ أَشَدُّ تَعْذِيبًا وَتَمْثِيلًا، أَيْ بَعْدَ أَنْ يُقْعِدُوهُمْ فِي الْأَخَادِيدِ يُوقِدُونَ النَّارَ فِيهَا وَذَلِكَ أَرْوَعُ وَأَطْوَلُ تَعْذِيبًا.

وَأُعِيدَ ضَمِيرُ هُمْ فِي قَوْلِهِ: وَهُمْ عَلى مَا يَفْعَلُونَ لِيَتَعَيَّنَ أَنْ يَكُونَ عَائِدًا إِلَى بَعْضِ أَصْحَابِ الْأُخْدُودِ.

وَضَمِيرُ يَفْعَلُونَ يَجُوزُ أَنْ يَعُودَ إِلَى أَصْحابُ الْأُخْدُودِ، فَمَعْنَى كَوْنِهِمْ شُهُودًا عَلَى مَا يَفْعَلُونَهُ: أَنْ بَعْضَهُمْ يَشْهَدُ لِبَعْضٍ عِنْدَ الْمَلِكِ بِأَنَّ أَحَدًا لَمْ يُفَرِّطْ فِيمَا وَكِّلَ بِهِ مِنْ تَحْرِيقِ الْمُؤْمِنِينَ، فَضَمَائِرُ الْجَمْعِ وَصِيغَتُهُ مُوَزَّعَةٌ.

وَيَجُوزُ أَنْ يَعُودَ الضَّمِيرُ إِلَى مَا تَقْتَضِيهِ دَلَالَةُ الِاقْتِضَاءِ مِنْ تَقْسِيمِ أَصْحَابِ الْأُخْدُودِ إِلَى أُمَرَاءَ وَمَأْمُورِينَ شَأْنُ الْأَعْمَالِ الْعَظِيمَةِ، فَلَمَّا أَخْبَرَ عَنْ أَصْحَابِ الْأُخْدُودِ بِأَنَّهُمْ قُعُودٌ عَلَى النَّارِ عَلِمَ أَنَّهُمُ الْمُوَكَّلُونَ بِمُرَاقَبَةِ الْعُمَّالِ. فَعُلِمَ أَنَّ لَهُمْ أَتْبَاعًا مِنْ سَعَّارِينَ وَوَزَعَةٍ فَهُمْ مَعَادُ ضَمِيرِ يَفْعَلُونَ.

وَعَلَى هَذَا الْوَجْهِ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ شُهُودٌ جَمْعَ شَاهِدٍ بِمَعْنَى مُخْبِرٍ بِحَقٍّ، وَأَنْ يَكُونَ بِمَعْنَى حَاضِرٍ وَمُرَاقَبٍ لِظُهُورِ أَنَّ أَحَدًا لَا يَشْهَدُ عَلَى فِعْلِ نَفْسِهِ.

وَجُمْلَةُ وَهُمْ عَلى مَا يَفْعَلُونَ بِالْمُؤْمِنِينَ شُهُودٌ فِي مَوْضِعِ الْحَالِ مِنْ ضَمِيرِ إِذْ هُمْ عَلَيْها قُعُودٌ كَأَنَّهُ قِيلَ: قُعُودٌ شَاهِدِينَ عَلَى فِعْلِهِمْ بِالْمُؤْمِنِينَ عَلَى الْوَجْهَيْنِ الْمُتَقَدِّمَيْنِ فِي مَعَادِ ضَمِيرِ يَفْعَلُونَ، وَفَائِدَةُ هَذِهِ الْحَالِ تَفْظِيعُ ذَلِكَ الْقُعُودِ وَتَعْظِيمُ جُرْمِهِ إِذْ كَانُوا يُشَاهِدُونَ تَعْذِيبَ الْمُؤْمِنِينَ لَا يَرْأَفُونَ فِي ذَلِكَ وَلَا يَشْمَئِزُّونَ، وَبِذَلِكَ فَارَقَ مَضْمُونُ هَذِهِ الْجُمْلَةِ مَضْمُونَ جُمْلَةِ: إِذْ هُمْ عَلَيْها قُعُودٌ بِاعْتِبَارِ تَعَلُّقِ قَوْلِهِ: بِالْمُؤْمِنِينَ شُهُودٌ وَفِي الْإِتْيَانِ بِالْمَوْصُولِ فِي قَوْلِهِ: مَا يَفْعَلُونَ بِالْمُؤْمِنِينَ مِنَ الْإِبْهَامِ مَا يُفِيدُ أَنَّ لِمُوقِدِي النَّارِ من الوزعة والعملة وَمن يُبَاشِرُونَ إِلْقَاءَ الْمُؤْمِنِينَ فِيهَا غِلْظَةً وَقَسْوَةً فِي تَعْذِيبِ الْمُؤْمِنِينَ وَإِهَانَتِهِمْ وَالتَّمْثِيلِ بِهِمْ، وَذَلِكَ زَائِدٌ عَلَى الْإِحْرَاقِ.

ص: 243

وَجُمْلَةُ وَما نَقَمُوا مِنْهُمْ إِلَّا أَنْ يُؤْمِنُوا بِاللَّهِ فِي مَوْضِعِ الْحَالِ وَالْوَاوُ وَاوُ الْحَالِ أَوْ عَاطِفَةٌ عَلَى الْحَالِ الَّتِي قبلهَا.

وَالْمَقْصُود التعجيب مِنْ ظُلْمِ أَهْلِ الْأُخْدُودِ أَنَّهُمْ يَأْتُونَ بِمِثْلِ هَذِهِ الْفَظَاعَةِ لَا لجرم من شَأْنِهِ أَنْ يُنْقَمَ مِنْ فَاعِلِهِ فَإِنْ كَانَ الَّذِينَ خَدَّدُوا الْأُخْدُودَ يَهُودًا كَمَا كَانَ غَالِبُ أَهْلِ الْيَمَنِ يَوْمَئِذٍ فَالْكَلَامُ مِنْ تَأْكِيدِ الشَّيْءِ بِمَا يُشْبِهُ ضِدَّهُ أَيْ مَا نَقَمُوا مِنْهُمْ شَيْئًا يُنْقَمُ بَلْ لِأَنَّهُمْ آمَنُوا بِاللَّهِ وَحْدَهُ كَمَا آمَنَ بِهِ الَّذِينَ عذبوهم. وَمحل التعجيب أَنَّ الْمَلِكَ ذَا نُوَاسٍ وَأَهْلَ الْيَمَنِ كَانُوا مُتَهَوِّدِينَ فَهُمْ يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَحْدَهُ وَلَا يُشْرِكُونَ بِهِ فَكَيْفَ يُعَذِّبُونَ قَوْمًا آمَنُوا بِاللَّهِ وَحْدَهُ مِثْلَهُمْ وَهَذَا مِثْلُ قَوْلِهِ تَعَالَى: قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتابِ هَلْ تَنْقِمُونَ مِنَّا إِلَّا أَنْ آمَنَّا بِاللَّهِ وَما أُنْزِلَ إِلَيْنا وَما أُنْزِلَ مِنْ قَبْلُ [الْمَائِدَة: 59] وَإِنْ كَانَ الَّذِينَ خَدَّدُوا الْأُخْدُودَ مُشْرِكِينَ (فَإِنَّ عَرَبَ الْيَمَنِ بَقِيَ فِيهِمْ مَنْ يَعْبُدُ الشَّمْسَ) فَلَيْسَ الِاسْتِثْنَاءُ مِنْ تَأْكِيدِ الشَّيْءِ بِمَا يُشْبِهُ ضِدَّهُ لِأَنَّ شَأْنَ تَأْكِيدِ الشَّيْءِ بِمَا يُشْبِهُ ضِدَّهُ أَنْ يَكُونَ مَا يُشْبِهُ ضِدَّ الْمَقْصُودِ هُوَ فِي الْوَاقِعِ مِنْ نَوْعِ الْمَقْصُودِ فَلِذَلِكَ يُؤَكَّدُ بِهِ الْمَقْصُودُ وَمَا هُنَا لَيْسَ كَذَلِكَ لِأَنَّ الْمَلِكَ وَجُنْدَهُ نَقَمُوا مِنْهُمُ الْإِيمَانَ بِاللَّهِ حَقِيقَةً إِنْ كَانَ الْمَلِكُ مُشْرِكًا.

وَإِجْرَاءُ الصِّفَاتِ الثَّلَاثِ عَلَى اسْمِ الْجَلَالَةِ وَهِيَ: الْعَزِيزِ. الْحَمِيدِ. الَّذِي لَهُ مُلْكُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ لِزِيَادَةِ تَقْرِيرِ أَنَّ مَا نَقَمُوهُ مِنْهُمْ لَيْسَ مِنْ شَأْنِهِ أَنْ يُنْقَمَ بَلْ هُوَ حَقِيقٌ بِأَنْ يُمْدَحُوا بِهِ لِأَنَّهُمْ آمَنُوا بِرَبٍّ حَقِيقٍ بِأَنْ يُؤْمَنَ بِهِ لِأَجْلِ صِفَاتِهِ الَّتِي تَقْتَضِي عِبَادَتَهُ وَنَبْذَ مَا عَدَاهُ لِأَنَّهُ يَنْصُرُ مَوَالِيَهُ وَيُثِيبُهُمْ وَلِأَنَّهُ يَمْلِكُهُمْ، وَمَا عَدَاهُ ضَعِيفُ الْعِزَّةِ لَا يَضُرُّ وَلَا يَنْفَعُ وَلَا

يَمْلِكُ مِنْهُمْ شَيْئًا فَيَقْوَى التَّعْجِيبُ مِنْهُمْ بِهَذَا.

وَجُمْلَةُ: وَاللَّهُ عَلى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ تَذْيِيلٌ بِوَعِيدٍ لِلَّذِينَ اتَّخَذُوا الْأُخْدُودَ وَبِوَعْدِ الَّذِينَ عُذِّبُوا فِي جَنْبِ اللَّهِ، وَوَعِيدٌ لِأَمْثَالِ أُولَئِكَ مِنْ كُفَّارِ قُرَيْشٍ وَغَيْرِهِمْ مِنْ كُلِّ مَنْ تَصَدَّوْا لِأَذَى الْمُؤْمِنِينَ وَوَعْدُ الْمُسْلِمِينَ الَّذِينَ عَذَّبَهُمُ الْمُشْرِكُونَ مِثْلَ بِلَالٍ وَعَمَّارٍ وصهيب وسميّة.

ص: 244