الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بسم الله الرحمن الرحيم
113- سُورَةُ الْفَلَقِ
سَمَّى النَّبِيءُ صلى الله عليه وسلم هَذِهِ السُّورَةَ: قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ رَوَى النَّسَائِيُّ عَنْ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ قَالَ: اتَّبَعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَهُوَ رَاكِبٌ فَوَضَعْتُ يَدِي عَلَى قَدَمِهِ فَقُلْتُ: أَقْرِئْنِي يَا رَسُولَ اللَّهِ سُورَةَ هُودٍ وَسُورَةَ يُوسُفَ، فَقَالَ: لَنْ تَقْرَأَ شَيْئًا أَبْلَغَ عِنْدَ اللَّهِ مِنْ «قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ وَقُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ» .
وَهَذَا ظَاهِرٌ فِي أَنَّهُ أَرَادَ سُورَةَ: قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ لِأَنَّهُ كَانَ جَوَابا عَن قَوْلِ عُقْبَةَ: أَقْرِئْنِي سُورَةَ هُودٍ إِلَخْ، وَلِأَنَّهُ عَطَفَ عَلَى قَوْلِهِ: قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ [الْفَلَقِ: 1] قَوْلَهُ: وقُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ [النَّاسِ: 1] وَلَمْ يُتِمَّ سُورَةَ: قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ عَنْوَنَهَا الْبُخَارِيُّ فِي «صَحِيحِهِ» : سُورَةَ قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ» بِإِضَافَةِ سُورَةِ إِلَى أَوَّلِ جُمْلَةٍ مِنْهَا.
وَجَاءَ فِي كَلَام بَعْضِ الصَّحَابَةِ تَسْمِيَتُهَا مَعَ سُورَةِ النَّاسِ «الْمُعَوِّذَتَيْنِ» .
رَوَى أَبُو دَاوُدَ وَالتِّرْمِذِيُّ وَأَحْمَدُ عَنْ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ قَالَ: «أَمَرَنِي رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَنْ أَقْرَأَ بِالْمُعَوِّذَاتِ
(بِكَسْرِ الْوَاوِ الْمُشَدَّدَةِ وَبِصِيغَةِ الْجَمْعِ بِتَأْوِيلِ الْآيَاتِ الْمُعَوِّذَاتِ، أَيْ آيَاتِ السُّورَتَيْنِ)
وَفِي رِوَايَةٍ: «بِالْمُعَوِّذَتَيْنِ فِي دُبُرِ كُلِّ صَلَاةٍ»
. وَلَمْ يَذْكُرْ أَحَدٌ مِنَ الْمُفَسِّرِينَ أَنَّ الْوَاحِدَةَ مِنْهُمَا تُسَمَّى الْمُعَوِّذَةَ بِالْإِفْرَادِ، وَقَدْ سَمَّاهَا ابْنُ عَطِيَّةَ سُورَةَ الْمُعَوِّذَةِ الْأُولَى، فَإِضَافَةُ «سُورَةٍ» إِلَى «الْمُعَوِّذَةِ» مِنْ إِضَافَةِ الْمُسَمَّى إِلَى الِاسْمِ، وَوَصْفُ السُّورَةِ بِذَلِكَ مَجَازٌ يَجْعَلُهَا كَالَّذِي يَدُلُّ الْخَائِفَ عَلَى الْمَكَانِ الَّذِي يَعْصِمُهُ مِنْ مُخِيفِهِ أَوْ كَالَّذِي يُدْخِلُهُ الْمَعَاذَ.
وَسُمِّيَتْ فِي أَكْثَرِ الْمَصَاحِفِ وَمُعْظَمِ كُتُبِ التَّفْسِيرِ «سُورَةَ الْفَلَقِ» .
وَفِي «الْإِتْقَانِ» : أَنَّهَا وَسُورَةَ النَّاسِ تُسَمَّيَانِ «الْمُشَقْشِقَتَيْنِ» (بِتَقْدِيمِ الشِّينَيْنِ
عَلَى
الْقَافَيْنِ) مِنْ قَوْلِهِمْ خَطِيبٌ مُشَقْشِقٌ اهـ. (أَيْ مُسْتَرْسِلُ الْقَوْلِ تَشْبِيهًا لَهُ بِالْفَحْلِ الْكَرِيمِ مِنَ الْإِبِلِ يَهْدِرُ بِشِقْشَقَةٍ وَهِيَ كَاللَّحْمِ يَبْرُزُ مِنْ فِيهِ إِذَا غَضِبَ) وَلَمْ أُحَقِّقْ وَجْهَ وَصْفِ الْمُعَوِّذَتَيْنِ بِذَلِكَ.
وَفِي «تَفْسِير الْقُرْطُبِيّ» و «الْكَشَّاف» أَنَّهَا وَسُورَةَ النَّاسِ تُسَمِّيَانِ «المقشقشتين» (بِتَقْدِيم القافين عَلَى الشِّينَيْنِ) زَادَ الْقُرْطُبِيُّ: أَيْ تُبَرِّئَانِ مِنَ النِّفَاقِ، وَكَذَلِكَ قَالَ الطِّيبِيُّ، فَيَكُونُ اسْمُ الْمُقَشْقِشَةِ مُشْتَرِكًا بَيْنَ أَرْبَعِ سُوَرٍ هَذِهِ، وَسُورَةِ النَّاسِ، وَسُورَةِ بَرَاءَةَ، وَسُورَةِ الْكَافِرُونَ.
وَاخْتُلِفَ فِيهَا أَمَكِّيَّةٌ هِيَ أَمْ مَدَنِيَّةٌ، فَقَالَ جَابِرُ بْنُ زَيْدٍ وَالْحَسَنُ وَعَطَاءٌ وَعِكْرِمَةُ:
مَكِّيَّةٌ، وَرَوَاهُ كُرَيْبٌ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ. وَقَالَ قَتَادَةُ: هِيَ مَدَنِيَّةٌ، وَرَوَاهُ أَبُو صَالِحٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ.
وَالْأَصَحُّ أَنَّهَا مَكِّيَّةٌ لِأَنَّ رِوَايَةَ كُرَيْبٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ مَقْبُولَةٌ بِخِلَافِ رِوَايَةِ أَبِي صَالِحٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ فَفِيهَا مُتَكَلَّمٌ.
وَقَالَ الْوَاحِدِيُّ: قَالَ الْمُفَسِّرُونَ: إِنَّهَا نَزَلَتْ بِسَبَبِ أَنَّ لَبِيدَ بْنَ الْأَعْصَمِ سَحَرَ النَّبِيءَ صلى الله عليه وسلم، وَلَيْسَ فِي «الصِّحَاحِ» أَنَّهَا نَزَلَتْ بِهَذَا السَّبَبِ، وَبَنَى صَاحِبُ «الْإِتْقَانِ» عَلَيْهِ تَرْجِيحَ أَنَّ السُّورَةَ مَدَنِيَّةٌ وَسَنَتَكَلَّمُ عَلَى قِصَّةِ لَبِيدِ بْنِ الْأَعْصَمِ عِنْدَ قَوْلِهِ تَعَالَى: وَمِنْ شَرِّ النَّفَّاثاتِ فِي الْعُقَدِ [الفلق: 4] وَقَدْ قِيلَ إِنَّ سَبَبَ نُزُولِهَا وَالسُّورَةِ بَعْدَهَا: أَنَّ قُرَيْشًا نَدَبُوا، أَيْ نَدَبُوا مَنِ اشْتُهِرَ بَيْنَهُمْ أَنَّهُ يُصِيبُ النَّبِيءَ صلى الله عليه وسلم بِعَيْنِهِ فَأَنْزَلَ اللَّهُ الْمُعَوِّذَتَيْنِ لِيَتَعَوَّذَ مِنْهُمْ بِهِمَا، ذَكَرَهُ الْفَخْرُ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ وَلَمْ يُسْنِدْهُ.
وَعُدَّتِ الْعِشْرِينَ فِي عِدَادِ نُزُولِ السُّوَرِ، نَزَلَتْ بَعْدَ سُورَةِ الْفِيلِ وَقَبْلَ سُورَةِ النَّاسِ.
وَعَدَدُ آيَاتِهَا خَمْسٌ بِالِاتِّفَاقِ.
وَاشْتُهِرَ
عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ فِي «الصَّحِيحِ» أَنَّهُ كَانَ يُنْكِرُ أَنْ تَكُونَ «الْمُعَوِّذَتَانِ» مِنَ الْقُرْآنِ وَيَقُولُ: إِنَّمَا أُمِرَ رَسُولُ اللَّهِ أَنْ يَتَعَوَّذَ بِهِمَا
، أَيْ وَلَمْ يُؤْمَرْ