المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌(102) باب شفقة الرسول صلى الله عليه وسلم على أمته - فتح المنعم شرح صحيح مسلم - جـ ٢

[موسى شاهين لاشين]

فهرس الكتاب

- ‌(101) باب الشفاعة

- ‌(102) باب شفقة الرسول صلى الله عليه وسلم على أمته

- ‌(103) باب من مات على الكفر فهو في النار

- ‌(104) باب ما جاء في قوله تعالى: {وأنذر عشيرتك الأقربين} وأن الرسول صلى الله عليه وسلم لا يغني عن الكافرين شيئا

- ‌(105) باب شفاعة النبي صلى الله عليه وسلم لأبي طالب

- ‌(106) باب من مات على الكفر لا ينفعه عمل

- ‌(107) باب موالاة المؤمنين والبراءة من موالاة الكافرين

- ‌(108) باب دخول طوائف من المسلمين الجنة بغير حساب هم الذين لا يسترقون، ولا يتطيرون ولا يكتوون، وعلى ربهم يتوكلون

- ‌(109) باب نصف أهل الجنة من هذه الأمة

- ‌كتاب الطهارة

- ‌(110) باب فضل الوضوء

- ‌(111) باب لا تقبل صلاة بغير طهور ولا صدقة من غلول

- ‌(112) باب الوضوء من الحدث

- ‌(113) باب صفة الوضوء وكماله

- ‌(114) باب فضل إحسان الوضوء والمشي إلى المسجد والصلاة وانتظار الصلاة والجمعة إلى الجمعة

- ‌(115) باب الذكر المستحب عقب الوضوء

- ‌(116) باب إسباغ الوضوء وغسل الأعقاب

- ‌(117) باب فضل إحسان الوضوء

- ‌(118) باب فضل إحسان الوضوء

- ‌(119) باب السواك

- ‌(120) باب خصال الفطرة

- ‌(121) باب الاستنجاء وآداب قضاء الحاجة

- ‌(122) باب المسح على الخفين

- ‌(123) باب كراهة غمس المتوضئ يده المشكوك في نجاستها في الإناء قبل غسلها ثلاثا

- ‌(124) باب حكم نجاسة الكلب

- ‌(125) باب البول والاغتسال في الماء الراكد

- ‌(126) باب إزالة النجاسات إذا حصلت في المسجد

- ‌(127) باب حكم بول الطفل الرضيع

- ‌(128) باب حكم المني

- ‌(129) باب نجاسة الدم وكيفية غسله

- ‌(130) باب وجوب الاستبراء من البول وعقوبة من يتهاون فيه

- ‌كتاب الحيض

- ‌(131) باب مباشرة الحائض فوق الإزار والاضطجاع معها في لحاف واحد

- ‌(132) باب طهارة يد الحائض وسؤرها وحجرها

- ‌(133) باب حكم المذي

- ‌(134) باب وضوء الجنب قبل نومه وغسل فرجه قبل أكله أو شربه أو جماعه

- ‌(135) باب مني المرأة ووجوب الغسل عليها بخروجه

- ‌(136) باب الصفة الكاملة لغسل الجنابة

- ‌(137) باب القدر المستحب من الماء في غسل الجنابة

- ‌(138) باب استحباب إفاضة الماء ثلاثا في الغسل

- ‌(139) باب نقض ضفائر المرأة عند الغسل

- ‌(140) باب استعمال المرأة قطعة من المسك عند غسلها من الحيض

- ‌(141) باب المستحاضة وغسلها وصلاتها

- ‌(142) باب قضاء الحائض الصوم دون الصلاة

- ‌(143) باب حفظ العورة والتستر عند البول والاغتسال

- ‌(144) باب وجوب الغسل بالجماع وإن لم ينزل

- ‌(145) باب الوضوء مما مست النار ومن لحوم الإبل

- ‌(146) باب من تيقن الطهارة وشك في الحدث

- ‌(147) باب طهارة جلود الميتة بالدباغ

- ‌(148) باب التيمم

- ‌(149) باب المسلم لا ينجس

- ‌(150) باب أكل المحدث الطعام وذكر الله حال الجنابة

- ‌(151) باب ما يقول إذا دخل الخلاء

- ‌(152) باب نوم الجالس لا ينقض الوضوء

- ‌كتاب الصلاة

- ‌(153) بدء الأذان

- ‌(154) باب ألفاظ الأذان والإقامة وشفع الأذان وإيتار الإقامة

- ‌(155) باب استحباب اتخاذ مؤذنين للمسجد الواحد

- ‌(156) باب ما يقول إذا سمع الأذان

- ‌(157) باب فضل الأذان

- ‌(158) باب استحباب رفع اليدين حذو المنكبين مع تكبيرة الإحرام والركوع وفي الرفع من الركوع

- ‌(159) باب التكبير عند الرفع والخفض في الصلاة

- ‌(160) باب قراءة الفاتحة في كل ركعة

- ‌(161) باب البسملة

- ‌(162) باب وضع اليدين على الصدر في الصلاة

- ‌(163) باب التشهد في الصلاة

- ‌(164) باب الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم بعد التشهد

- ‌(165) باب التسميع والتحميد والتأمين

- ‌(166) باب ائتمام المأموم بالإمام

- ‌(167) باب استخلاف الإمام إذا عرض له عذر ونسخ القعود خلف الإمام القاعد لعذر ومرض رسول الله صلى الله عليه وسلم

- ‌(168) باب تقديم الجماعة من يصلي بهم إذا تأخر الإمام وتسبيح الرجل وتصفيق المرأة في الصلاة إذا نابهما شيء

- ‌(169) باب الأمر بتحسين الصلاة وإتمامها والخشوع فيها

- ‌(170) باب تحريم سبق الإمام بركوع أو سجود ونحوهما ومتابعة الإمام والعمل بعده

- ‌(171) باب النهي عن رفع البصر إلى السماء في الصلاة

- ‌(172) باب الأمر بالسكون في الصلاة والنهي عن الإشارة باليد فيها

- ‌(173) باب تسوية الصفوف وإقامتها وفضل الأول فالأول منها

- ‌(174) باب أمر المصليات وراء الرجال أن لا يرفعن رءوسهن من السجود حتى يرفع الرجال

- ‌(175) باب خروج النساء إلى المساجد إذا لم يترتب عليه فتنة وأنها لا تخرج مطيبة

- ‌(176) باب التوسط في القراءة في الصلاة الجهرية بين الجهر والإسرار إذا خاف من الجهر مفسدة

- ‌(177) باب الاستماع للقراءة

- ‌(178) باب الجهر في القراءة في الصبح والقراءة على الجن

الفصل: ‌(102) باب شفقة الرسول صلى الله عليه وسلم على أمته

(102) باب شفقة الرسول صلى الله عليه وسلم على أمته

367 -

عن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما؛ أن النبي صلى الله عليه وسلم تلا قول الله عز وجل في إبراهيم {رب إنهن أضللن كثيرا من الناس فمن تبعني فإنه مني} [إبراهيم: 36] الآية. وقال عيسى عليه السلام: {إن تعذبهم فإنهم عبادك وإن تغفر لهم فإنك أنت العزيز الحكيم} [المائدة: 118] فرفع يديه وقال "اللهم! أمتي أمتي" وبكى. فقال الله عز وجل: يا جبريل! اذهب إلى محمد، وربك أعلم، فسله ما يبكيك؟ فأتاه جبريل عليه السلام فسأله. فأخبره رسول الله صلى الله عليه وسلم بما قال. وهو أعلم. فقال الله: يا جبريل! اذهب إلى محمد فقل: إنا سنرضيك في أمتك ولا نسوؤك.

-[المعنى العام]-

اصطفى الله أنبياءه من بين أممهم، وغرس في قلوبهم الرأفة والرحمة وحب الخير لمن بعثوا فيهم، وأعلاهم درجة في هذا الشأن نبينا محمد صلى الله عليه وسلم، لقد أوذي من أهل الطائف، وأغروا به سفهاءهم يتبعونه ويقذفونه بالحجارة حتى أدموا قدميه، ونزل عليه جبريل يقول: لو شئت أطبقت عليهم الأخشبين. فقال: إني لأرجو أن يخرج من أصلابهم من يعبد الله. اللهم اهد قومي فإنهم لا يعلمون. قال له جبريل: صدق من سماك الرءوف الرحيم؛ وفي هذا الحديث مثل رائع من شفقته صلى الله عليه وسلم على أمته، وحرصه على أن تكون خير الأمم، لقد قرأ قول إبراهيم عليه السلام:{فمن تبعني فإنه مني ومن عصاني فإنك غفور رحيم} [إبراهيم: 36] وقول عيسى عليه السلام: {إن تعذبهم فإنهم عبادك وإن تغفر لهم فإنك أنت العزيز الحكيم} [المائدة: 118] كل منهما يطلب المغفرة لأمته، فماذا عساه يفعل، وهو أكثر منهما شفقة، وأكبر منهما حرصا؟ لقد قرأ الآيتين في ليلة، وهو يبكي، ويتضرع إلى الله، ويرفع يديه إلى السماء ويقول: يا رب. أمتي. أمتي، ويسمع الله نداءه -وهو أعلم به وبما يرجوه- فيقول: يا جبريل، اذهب إلى محمد فقل له: ما يبكيك؟ وماذا تطلب من ربك؟ فسأله جبريل، فقال: أسأل الله أن يشفعني في أمتي، وأن يغفر لهم. فعاد جبريل بما سمع من محمد صلى الله عليه وسلم. فقال الله له: ارجع إلى محمد فقل له: إننا سنرضيك في أمتك، ولن نسوؤك فيها أبدا صلى الله عليه وسلم، وآتاه الوسيلة والفضيلة والمقام المحمود.

ص: 35

-[المباحث العربية]-

(تلا قول الله في إبراهيم) في القاموس: تلوت القرآن قرأته. اهـ. فالقارئ يتبع الكلام بعضه بعضا، و"في إبراهيم" فيها مضاف محذوف أي في سورة إبراهيم أو في مقالة إبراهيم.

{رب إنهن أضللن كثيرا من الناس} الضمير يرجع إلى الأصنام في قوله: {واجنبني وبني أن نعبد الأصنام} ولما أسند إليها ما يسند إلى العقلاء ذكرها بضمير العاقلات فقال: إنهن، ونسبة الإضلال إليها مجازية، أي تسببن في الضلال.

{فمن تبعني فإنه مني} الكلام على حذف مضاف، أي فمن تبع دعوتي فإنه من أمتي الناجين، وقيل: المعنى فإنه كبعضي في عدم الانفكاك.

{ومن عصاني} فيما جئت به عن ربي، أي لم يتبعني.

{فإنك غفور رحيم} دليل جواب الشرط المحذوف، والمذكور تعليل له، أي ومن عصاني فلا أدعو عليه، لأنك غفور رحيم.

(وقال عيسى عليه السلام قال النووي: هكذا هو في الأصول "وقال عيسى" قال القاضي عياض: قال بعضهم. قوله: "قال" هو اسم للقول لا فعل، يقال: قال قولا وقالا وقيلا، كأنه قال: وتلا قول عيسى. هذا كلام القاضي عياض. اهـ.

{إن تعذبهم فإنهم عبادك} قيل: جواب الشرط محذوف، والتقدير: إن تعذبهم فإنهم يستحقون ذلك، لأنهم عبادك وقد عبدوا غيرك.

(اذهب إلى محمد -وربك أعلم- فسله) جملة "وربك أعلم"، جملة معترضة بين المعطوف والمعطوف عليه، والمفضل عليه محمد وغيره، أي أعلم بما يبكيه من نفسه ومن غيره.

(فأخبره رسول الله بما قال -وهو أعلم- فقال الله) في الكلام حذف، وأصله. فأخبره رسول الله صلى الله عليه وسلم بما قال، فأخبر جبريل ربه -وهو أعلم- فقال الله .. إلخ.

فضمير "هو أعلم" لله تعالى.

(إنا سنرضيك في أمتك ولا نسوؤك) قال صاحب التحرير: "ولا نسوؤك" تأكيد للمعنى: أي لا نحزنك، لأن الإرضاء قد يحصل في حق البعض بالعفو عنهم، ويدخل الباقي النار، فقال تعالى: نرضيك، ولا ندخل عليك حزنا، بل ننجي الجميع. اهـ.

ص: 36

-[فقه الحديث]-

في ربط الآيتين ببكائه صلى الله عليه وسلم ودعائه قال بعضهم إن إبراهيم طلب المغفرة لمن عصى من أمته بقوله: {ومن عصاني فإنك غفور رحيم} وأن عيسى عرض بطلب المغفرة لقومه بقوله: {وإن تغفر لهم فإنك أنت العزيز الحكيم} فخشي صلى الله عليه وسلم على أمته، وأشفق على العصاة منها، فسأل فيها ربه وبكى. واستدل هذا القائل بالآيتين على أنهما (إبراهيم وعيسى) سألا المغفرة للكافر، وأن الشرك يجوز أن يغفر، وهذا القول مبني على ما قاله النووي من أن مغفرة الشرك كانت في الشرائع القديمة جائزة في أممهم، وإنما امتنعت في شرعنا.

وذهب بعضهم إلى أنه لا دليل في الآية على التعريض بطلب المغفرة للكافر، وسؤاله صلى الله عليه وسلم لا يدل على أن في الآية تعريضا لسؤال المغفرة للكافر، وكل ما هنالك أنه صلى الله عليه وسلم رأى أخويه قد سألا أو عرضا بسؤال المغفرة فطلبها لأمته، وقد روى النسائي والبيهقي عن أبي ذر قال:"صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ليلة فقرأ بآية، حتى أصبح يركع ويسجد بها {إن تعذبهم فإنهم عبادك وإن تغفر لهم فإنك أنت العزيز الحكيم} فلما أصبح قلت: يا رسول الله، مازلت تقرأ هذه الآية حتى أصبحت؟ قال: إني سألت ربي سبحانه وتعالى الشفاعة، فأعطانيها، وهي نائلة -إن شاء الله- من مات لا يشرك به شيئا" وعند ابن مردويه عن أبي ذر قال: قلت: يا رسول الله، قمت الليلة بآية من القرآن؟ قال:"دعوت الله سبحانه لأمتي". قال: فبماذا أجبت؟ قال: "أجبت بالذي لو اطلع كثير منهم عليه تركوا الصلاة".

والحكمة في إرسال جبريل لسؤاله إظهار شرف النبي صلى الله عليه وسلم.

-[ويؤخذ من هذا الحديث]-

1 -

كمال شفقته صلى الله عليه وسلم على أمته، واعتنائه بمصالحهم واهتمامه بأمرهم.

2 -

استحباب رفع اليدين في الدعاء.

3 -

البشارة العظيمة لهذه الأمة -زادها الله شرفا- بما وعدها الله تعالى.

4 -

بيان عظم منزلة النبي صلى الله عليه وسلم عند الله تعالى، وعظم لطفه به، وأنه بالمحل الأعلى، فيسترضى، ويكرم بما يرضيه، وهذا الحديث موافق لقوله تعالى:{ولسوف يعطيك ربك فترضى} [الضحى: 5].

والله أعلم

ص: 37