المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌التقسيم السادس لمتعلق الحكم باعتبار العذر المخرج عن أصله - فصول البدائع في أصول الشرائع - جـ ١

[الفناري]

فهرس الكتاب

- ‌ترجمة المصنف:

- ‌وصف النسخة الخطية

- ‌ الفاتحة

- ‌المقصد الأول في معرفة الماهية

- ‌المقصد الثاني في فائدته

- ‌المقصد الثالث في التصديق بموضوعية موضوعه

- ‌تمهيدات في قواعد الموضوع

- ‌تتمة:

- ‌المقصد الرابع

- ‌المقدمة الأولى: في عدة الموضوع وهيئتها

- ‌المقدمة الثانية: في المبادئ التفصيلية

- ‌المقصد الأول: في المبادئ الكلامية

- ‌الكلام في الاستدلال

- ‌الكلام في النظر من وجوه

- ‌الأول في تعريفه

- ‌الثاني في أقسامه

- ‌الثالث في شروطه

- ‌الرابع في أحكامه العائدة إلى إفادة المطلوب

- ‌الكلام في المدلول

- ‌ الأول في أنه يحد أولًا

- ‌الثاني: في حده

- ‌الثالث في القسمة المخرجة لمعناه الثاني مقدمة

- ‌الرابع في القسمة المخرجة لمعناه المتوسط في العموم والخصوص

- ‌الخامس في تقسيم هذين القسمين

- ‌الكلام في النظر الكاسب

- ‌الفصل الأول في كاسب التصور

- ‌الأول في تعريفه

- ‌الثاني في تقسيمه

- ‌وههنا تحصيلات:

- ‌الثالث في مادية الذاتي والعرضي

- ‌الرابع في تقسيم الذاتي

- ‌الخامس في تقسيم العرضي

- ‌السادس في خلل الحد المطلق والرسمي

- ‌خاتمة

- ‌الفصل الثاني في كاسب التصديق

- ‌أصول تنبيهية

- ‌المرام الثاني فيما يفيد اليقين منها وما يفيد

- ‌المرام الثالث في الأحكام

- ‌الأول في التناقض

- ‌الأول في تعريفه

- ‌الثاني في شرطه

- ‌الثالث في أحكامه:

- ‌الفصل الثاني في العكس المستقيم

- ‌الفصل الثالث في عكس النقيض

- ‌القسم الثاني في صورته

- ‌الفصل الأولفي الاقتراني

- ‌أحكام تنبيهية

- ‌الجزء الأول في الشكل الأول:

- ‌الجزء الثاني في الشكل الثاني

- ‌الجزء الثالث في الشكل الثالث

- ‌الجزء الرابع في الشكل الرابع

- ‌الفصل الثاني في القياس الاستثنائي

- ‌المقصد الثاني في المبادئ اللغوية

- ‌الكلام في تحديد الموضوعات اللغوية

- ‌الكلام في ترديدها إلى المفرد والمركب

- ‌الكلام في تقسيم المفرد من وجهين

- ‌الكلام في تقسيم المركب

- ‌خاتمة في تقسيم اختاره أصحابنا لعموم نظره وجموم ثمره

- ‌الكلام في الأقسام تفسيرًا واشتقاقًا

- ‌ففي المشترك مباحث

- ‌الأول: أنه واقع في اللغة

- ‌المبحث الثاني

- ‌المبحث الثالث

- ‌وفي الحقيقة والمجاز مباحث

- ‌والأول: في أماراتهما

- ‌المبحث الثاني في مجوز المجاز

- ‌المبحث الثالث

- ‌المبحث الرابع

- ‌المبحث الخامس في وقوع الحقائق

- ‌فروع ثلاثة على النقل

- ‌المبحث السادس في وقوع المجاز في اللغة والقرآن

- ‌المبحث السابع

- ‌وفي الاشتقاق مباحث

- ‌المبحث الأول

- ‌المبحث الثاني

- ‌المبحث الثالث

- ‌المبحث الرابع

- ‌المبحث الخامس

- ‌المبحث السادس

- ‌ومن المبادئ اللغوية مباحث حروف المعاني

- ‌المقدمة في تحقيق معنى الحرف وما به يتمايز الكلمات

- ‌القسم الأول في حروف العطف

- ‌القسم الثاني في حروف الجر (الباء)

- ‌وصنف من كلمات الجر كلمات القسم

- ‌القسم الثالث أسهاء الظروف فمع

- ‌من فروع الظروف

- ‌القسم الرابع كلمات الاستثناء

- ‌القسم الخامس كلمات الشرط

- ‌وفي الوضع مباحث

- ‌وأما المبادئ الأحكامية فأربعة أقسام

- ‌القسم الأول في الحاكم

- ‌القسم الثاني في الحكم تعريفًا وتقسيم وأحكامًا

- ‌الأول في تعريفه:

- ‌الثاني تقسيمه:

- ‌التقسيم الأول

- ‌التقسيم الثاني الحكم بحسب زمانه

- ‌التقسيم الثالث متعلق الحكم بحسب غايته

- ‌التقسيم الرابع بحسب تعلق الحكم به

- ‌تقسيم الحسن والقبيح ويستدعي تصويرا

- ‌التقسيم الخامس لمتعلق الحكم بنسبة بعضه إلى بعض

- ‌التقسيم السادس لمتعلق الحكم باعتبار العذر المخرج عن أصله

- ‌المبحث الثالث في أحكام الحكم

- ‌فللوجوب أحكام:

- ‌وللكراهة أحكام

- ‌وللإباحة أحكام

- ‌التقسيم السابع الجامع المحكم الشرعي على سوق أصحابنا

- ‌وهاهنا نقوض وأجوبة

- ‌وها هنا تحصيل وتقسيم

- ‌القسم الثالث في المحكوم فيه

- ‌تتمة في تقسيم القدرة وأحكام قسمتها

- ‌تقسيمها: أنها نوعان

- ‌مطلق وتسمى الممكنة

- ‌النوع الثاني الكامل

- ‌تقسيم المحكوم فيه على سوق أصحابنا

- ‌آخر التقاسيم

- ‌القسم الرابع في المحكوم عليه

- ‌الأول: اشترط في صحة التكليف فهم المكلف له

- ‌الثاني: المعدوم مكلف عند الأشاعرة

- ‌فصل بيان المحكوم عليه بالبحث عن الأهلية والأمور المعترضة عليها

- ‌الجزء الأول في الأهلية:

- ‌الجزء الثاني في الأمور المعترضة عليها

- ‌والحيض والنفاس

- ‌جمع وتفريق

الفصل: ‌التقسيم السادس لمتعلق الحكم باعتبار العذر المخرج عن أصله

هما وذا كاف لتحقق الفرق بين الآخرين به.

‌التقسيم الخامس لمتعلق الحكم بنسبة بعضه إلى بعض

وهو أن الفعل سواء كان وجوده حسبا ونعنى به ما ليس لاعتبار الشرع مدخل في وجود ذاته وقد يسمى وضعيًا فيتناول العقلي كالتصديق والنية والحسي الذي في نسبة الحكم إليه اعتبار زائد شرعي كالزنا فإن الحسنى منه الوطيء وكشرب الخمر وقتل المعصوم أو لم يكن حسيًا بل يكون الشرع اعتبر له وجودا من عدة أمور اعتبرها مقومات أركانا وشروطا عدم شيء منها يبطل وأمور أعتبرها أوصافا عدم شيء منها يفسدو بوجود الجميع يكون صحيحا مطلقا كالتصرفات الشرعية والعبادات قد يكون مع كونه متعلق حكم شرعى سببًا من حيث هو لحكم آخر كالزنا الحرام لوجوب الحد والبيع المباح للملك أو لإباحة التصرف وقد لا يكون كالكل ليس سببيته لبطلان الصوم من حيث هو بل لاستلزامه فوت الإمساك والصلاة واعترض بأن المراد بالسببية إما كونه علامة فذلك حق لكن في تسمية العلامة به بحيث للفرق بينهما بالإفضاء وعدمه أو تأثيره وذا باطل إما لأن الفعل الحادث لا يؤثر في الحكم القديم وجوابه أن التأثير في تعلق الحكم به وهو حادث لا يقال التعلق نسبة فلا يكون مقولا لغير المنتسبين لأن النسبة قد يكون أثر الغير هما كالأبوة والبنوة للتولد، وإما لأن تأثيره لكونه فعلا ما ترجيح بلا مرجح ولخصوصيته قول بالحسن والقبح العقليين. لا يقال بل بجعل الشرع لأن الترديد عائد في أن جعله لماذا وجوابه أن جعله بلا داع فقد مر جوازه، والحق أن السبب الموجب هو الله تعالى وإيجابه بأن عينه الشارع أمارة للوجوب تيسيرات لكون إيجابا غيبا عنه وسببيته كون تلك الإمارة بحيث أو علل الحكم به للاءم العقل وإن لم يعلم اقتضاؤه لولا ورود الشرع فبعد وروده حصل الاقتضاء الشرعي وهذا هو المعنى في أسباب الشرائع مطلقا.

‌التقسيم السادس لمتعلق الحكم باعتبار العذر المخرج عن أصله

فإن الفعل الجائز ان ثبت على وفق الدليل فعزيمة وإن ثبت على خلاف العذر فرخصة سواء وجب كأكل المتية للمضطر والقصر عندنا، أو ندب كالإفطار عند الشافعية في قول

ص: 240

أو أبيح كالإفطار في السفر عند من لم يفصل منهم ومن فصل قال أن تضرر المسافر ندب الإفطار وإن لم يتضرر ندب الصوم فلإباحته ويفسر المباح ما يتناول المندوب نحو ما أذن في فعله وتركه له ما لا مدح ولا ذم في طرفية قال أصحابنا العزيمة ما هو أصل أي غير متعلق بالعوارض من العزم وهو القصد المؤكد حتى قوله أعزم بينة يمين كاقسم خلافًا للشافعي رحمه الله لعدم اسم الله وصفته، ومنه أولو العزم أي الجد والصبر على شدائد الرسالة وقيل: من بيانه وأصول الشريعة في نهاية الأقسام السبعة أو التسعة والرخصة: ما ليس بأصل أي متعلق بها فلا واسطة بينهما وهي اليسر من رخص السعر عند تيسر الإصابة وحقيقة ما أطلق بعذر طرئ على دليل ثابت لولاه لثبت الأصل فبعذر خرج المباح عزيمته كما إذا تملك ملك ليغير وطرئ نحو التيمم عند فقد الماء والصيام عند فقد الرقية وعلى دليل ثابت أخرج المنسوخ ولولاه لثبت الأجمل المخصوص وعموم الأصل ليتناول العزائم الأربع، وقيل: بعد قيام المحرم وأورد بأنه تخصيص العلة وأجيب بأن المراد بالطلاق أن يعامل معاملة المباح لا الإباحة بالفعل ولذا وجبت عليه المغفرة وعدم المواخذة لا يقتضى الإباحة كما عند العفو، وقيل: المباح بعد قيام المحرم في حق من لا عذر له أو من حيث المعنى وهو الصحيح لأن كمال اليسر في صورة سقوط الخطر والعقوبة معا فالعزدمة سبعة إقسام إن كان التسمية بها باعتبار أصالتها فقط وح لا واسطة وأربعة إن كانت مع اعتبار نوعها في مقابلة الرخصة أما السبعة فلأن الفعل إما أولى من الترك أو لا والأول إن كان مع منع الترك فبدليل قطعي فرض وظني واجب وإلا فإن كان طريقة سلوكه في الدين فسنة وإلا فمندوب ونفل والثاني إما الترك أولى من الفعل فمع منع الفعل حرام وبدونه مكروه، وإما مستويان أي ثوابًا وعقابًا كما أريد الأولوية نوابا فلا يرد فعل البهائم والمجانين ونحوهما فمباح وإما الأربعة منها ففرض وواجب وسنة ونفل بأن الحرام والمكروه وكذا المباح على الأصح لا ينقلب رخصة حتى يسمى بالعزيمة في مقابلتها ويعنى به أن الرخصة أن كانت فعلا يجب كون تركه أحد هذه الأربعة وبالعكس لأن العزيمة في الأصل راجحة والرجحان فيها، فالمراد قبل ورود الرخصة إما بعده فقد يكون حراما كصوم المريض عند خوف الهلاك ولذا يأثم به فالفرض ما ثبت بدليل قطعي متنه وسنده يستحق العقاب تاركه بلا عذر الإكراه مطلقًا استخف فكفر أولًا فعصى كالإيمان والأركان الأربعة ومعناه لغة القطع والتقدير لانقطاعه عن الشبهة وعدم احتماله الزيادة والنقصان حتى من قال ومن جاء من عند الله وما جاء من عند غيره لا نومن وفي

ص: 241

التقدير نوع تيسير ذا التناهي يسر ونوع شدة محافظة ولذا سمى مكتوبة وحكمه اللزوم علمًا وعملًا فيكفر جاحده ويفسق تاركه عمدا بلا عذر ولا يكفر إلا إذا استخف والفاسق ربما يشمل الكافر، والواجب ما ثبت بدليل فيه متنا أو سندا كالفطرة والأضحية وتعديل الأركان وتعين الفاتحة والطهارة في الطواف والوتر من الوجوب وهو السقوط عملا أو لعدم العلم أو من الوجبة وهي الاضطراب إذ فيه شبهة وحكمه اللزوم عملا لا علمًا فلا يكفر جاحده ويضلل تاركه مستخفا غير راء للعمل به لا متأولا ويفسق بدونها فالفرق بينهما بين اسما وحكما بلا تحكم فالواجب إذا تفاوت الدليلان رعاية التفاوت بين مدلوليهما فيعمل فيما ثبت بالقطعى كقراءة ما تيسر من القرآن والركوع والسجود والطواف بالخبر الوارد فيها بوجه لا يتغير حكم القطعي وذلك بوجوب مدلول الخبر فمشونها كالشافعي رحمه الله ساه في حط رتبة ورفع درجته وهذا السعى والعمرة وعنده ركن وفريضة لقوله عليه السلام أن الله كتب عليكم السعى فاسعوا وقوله عليه السلام العمرة فريضة كفريضة الحج قلنا خبر الواحد فلا يثبت إلا الوجوب ولا يلزم القعدة إلا خبرة لأن خبرها مبين لمجمل الكلام ويعمل بالخبر الوارد في تأخير المغرب إلى العشاء بالمزدلفة وفي ترتيب الفوائت وفي الحطيم يوجه لا يعارض الكتاب فمصلي المغرب في الطريق بعيدها بالمزدلفة عند الإِمام ومحمد عملا به، فإذا لم يعد حتى طلع الفجر سقطت الإعادة وإلا لعارض الكتاب المقتضي جواز المغرب الموداة في وقتها وهذا يسقط الترتيب عند ضيق الوقت أو كثرة الفوائت والعارض الكتاب بتأخير الوقتية عن وقتها الثابت به وهذا يوجب الطواف من وراء الحطيم ليعمل بهما حتى لو تركه يؤمر بالإعادة مطلقا أو على الحطيم ما دام بمكة ولو رجع بجبر بالدم إما لو توجه في الصلاة على الحطيم لم يجز إذ لا يتأدى به ما ثبت فرضا بالكتاب وقد يطلق الواجب على الفرض كما يقال الزكاة واجبة وبالعكس نحو الوتر فرض أي عملا وهو ما يفوت بفوته الصحة كفساد الفجر بتذكر فائتة وقراءة الفاتحة فرض أي قريب منه ومسح ربع الرأس فرض أي أصله.

والسنة: الطريقة المسلوكة في الدين من غير افتراض ولا وجوب سواء سلكه الرسول أو غيره ممن هو علم في الدين من السنن وهو الطريق وحكمها أن يطالب بإقامتها من غير افتراض ولا وجوب فيستحق الأئمة بتركها وفيما صار من أعلام الدين كصلاة العيد والأذان والإقامة والصلاة بالجماعة شبه الوجوب ويشمل مطلقها سنة النبي عليه السلام

ص: 242

وغيره عندنا وعنده تختص بها ولذا حكم متمسكًا بقول سعيد كذا السنة بأن أرش ما دون النفس من النساء لا ينصف إلى الثلث بل فيما فوقه فارش ثلاث أصابع ثلاثون وأربع عشرون عنده وكذا في أنه لا يقتل الحر بالعبد لقول ابن عمر وابن الزبير رضي الله عنهم كذا السنة قلنا: مع الاحتمال لا يتم الاستدلال إذ يقال سنة العمرين، وقال عليه السلام:"عليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين من بعدي (1) " والأصل في الإطلاق الحقيقة فلا يرد إنها مقيدة والنزاع في المطلقة وكذا في قوله عليه السلام من سن سنة حسنة الحديث والتعميم ليس قرينه صارفه إذ هو فرع الاختصاص وهي ضربان:

1 -

سنة الهدى أي مكمل للدين تاركها يستوجب إساءه كالأربعة المذكورة والسنن الرواتب (2) ولذا لو تركها قوم عوتبوا أو أهل بلدة قوتلوا.

2 -

سنة الزوائد تاركها لا يستوجبها كتطويل أركان الصلاة وسيره عليه السلام في لباسه كالبيض وقيامه وقعوده كالاحتباء بيديه في المجلس وعلى ذا، قال محمَّد في كتاب الأذان تارة يكره ومرة أساء وهما لسنة الهدي وطورًا لا بأس وهو حكم سنة الزوائد ودفعة يعيد وهو حكم الوجوب.

والنفل: ما يثاب على فعله ولا يعاقب على تركه وهو الزيادة ومنه النفل للغنيمة والنافلة لولد الولد لزيادتهما على مقصود الجهاد والنكاح وهو دون سنن الزوائد فالزائد على الركعتين للمسافر نفل فلا يصح خلطها بالفرض كما في الفجر ولا ينتقض بصومه لأن المراد الترك دائما ولا بالزيادة على الآية أو الثلاث في القراءة مع أنها يقع فرضا لأنها كانت نفلا اتفلت بعد وجودها فرضا لدخولها تحت فاقرؤا ما تيسر كانقلاب اليمين سببًا للكفارة بعد ذوات البر وكما ينقلب بالشروع فرضا ولكونه مشروعا دائما لازم العجز فلازمه اليسر وصح راكبًا وقاعدًا فلم ينفل عن نوع رخصة، قال الشافعي رحمه الله تعالى فيجب أن يصدق حد النفل على بقائه بعد ابتدائه ويبطل المؤدى حكمًا لحقيقة فلا يكون أبطالا لعدم القصد كمن سقى زرعه ففسد زرع جاره بالترشيح ليس إتلافا فلا يجب قضاؤه كالمظنون ولا يعاقب على تركه قلنا يلزم بالشروع لقوله {وَلَا تُبْطِلُوا أَعْمَالَكُمْ} (محمَّد: من الآية 33) وذا إبطالٌ، وإن حصل بمباح كشق زق مملوك فيه دهن لغيره إما الترشيح فيضاف إلى رخاوة الأرض لا إلى فعله ولأن المودي صار مسلماُّ حقا

(1) أخرجه الطحاوي في شرح معاني الآثار (1/ 80)، والمروزي في السنة (1/ 257) ح (72).

(2)

انظر / التقرير والتحبير (2/ 199).

ص: 243

لله تعالى فوجب صونه ولا يمكن إلا بلزوم الباقي إذ لا صحة له بدون صحته ولا دور لأن الموقوف على صحة الباقي بقاء صحته، وهي على نفس صحة الأصل أو دور معية وإما أن الموت في أثناء العبادة لا يبطل بل يثاب بها لأنه منه فعارض غير المؤدي ورجح للإحتياط لأنه أصل الباب وإلا يرى أن النذر لما صار لله قولًا وجب لصيانته ابتداء الفعل فبالأولى أن يجب لصيانة ما صار له بابتداء الفعل بانتمائه للوجهين، والحرام ما يعاقب على فعله من الحرم والحريم لكونه ممنوعا وهو حرام لعينه أن كان منشأ الحرمة عينه كشرب الخمر وأكل الميتة وإلا فلغيره كأكل مال الغير والفرق أن النص تعلق في الأول بعينه فأخرج المحل عن قبول الفعل فعدمه لعدم محله كصب الماء لا من إطلاق المحل على الحال أو حذف المضاف وفي الثاني يلاقي الحرمة نفس الفعل والمحل قابل له كالمنع عن الشرب ففيه فرق بين الحكمين لفرق بين العبارتين والمكروه نوعان كراهة تنزيه وهو إلى الحل أقرب وكراهة تحريم وهو إلى الحرمة أقرب والفرق بينهما بوجهين:

1 -

أنهما بعد أن لا يعاقب فاعلهما يعاقب بالثاني أكثر.

2 -

أن يتعلق بالثاني محذور دون العقوبة بالنار كحرمان الشفاعة لقوله عليه السلام "من ترك سنتي لم تنله شفاعتي"(1)، وعند محمَّد رحمه الله تعالى الثاني حرام لكن بدليل ظني فيقابل الواجب، والمباح ما لا يثاب ولا يعاقب به فعلًا وتركًا وليس فيه لف ونشر كما ظن فالأقسام في الحقيقة تسعة وإما الرخصة فإن كانت مع قيام سبب العزيمة فحقيقة وإلا فجاز والحقيقة إن كانت مع عدم تراخي حكمه فأحق أي أثبت في حقيقة الرخصة أو أخلق إذ إنما يكتمل الرخصة بكمال العزيمة وإلا فعبرة والمجاز إن لم يكن له شبه حقيقة الرخصة بالنظر إلى غير محلها بل كان نسخًا فأتم في المجازية وإلا فغيره فهي أربعة أقسام: الأول: ما لقطعت المؤاخذة به مع قيام المحرم والحرمة إذ لمؤاخذة غير لازمة للحرمة كما مع العفو والأولى أن يقال المراد قيامها معنى وعدم المؤاخذة لذهابها صورة تيسيرًا وليذكر أن ما أعم من الفعل والترك وإن الرخصة في الفعل يستدعى العزيمة في الترك كما في نحو الإجراء وبالعكس كما في ترك الأمر بالمعروف فالمراد بالحرمة ترك العزيمة وذلك بالوجوب وتأويلها بالراجح ليتناول نحو ترك السنة حالة الخوف فإنها غير مندوبة سهوًا هنا لأن حكم هذا القسم لا يتناوله كما في المكره على إجراء كلمة الكفر على اللسان وإفطاره في رمضان وجنايته على إحرامه وعلى إتلاف مال الغير وسائر الحقوق المحترمة

(1) لم أجده.

ص: 244

كالدلالة على ماله ومال غيره وكما في ترك الخائف على نفسه الأمر بالمعروف وكما في تناول مال الغير مضطرًا فإن محمدا رحمه الله ألحقه بالعبادات المنصوصة وقال أن مات بالصبر كان مأجورًا إن شاء الله تعالى وحكمه أن يؤجر أن قتل بأخذ العزيمة إما الترخيص فلأن حق الغير لا يفوت إلا صورة لبقاء التصديق والقضاء والجزاء والضمان والإنكار بالقلب وحق لا نفسه يفوت صورة بخراب البنية ومعنى بزهوق الروح فله أن يقدم حقه وإما الأجران قتل فلأنة بذل نفسه حسبة في دينه لإقامة حقه وهذا مشروع كالجهاد على طمع الظفر أو النكاية أو إغراء المسلمين عليهم وقد فعله غير واحد من الصحابة ولم ينكره الرسول بل بشر بعضهم بالشهادة إما إذا علم بقتله من غير شيء من ذلك لا يسعه الإقدام ولو قتل لا يكون مثابًا لأنه ألقى نفسه في المهلكة من غير إعزاز للدين وفي بذل النفس إقامة للمعروف تفريق جمع الفسقة ظاهرًا فإن إسلامهم يدعو إلى أن ينكأ في قلوبهم وإن لم يظهروه.

الثاني: ما استبيح مع قيام سبب تراخي حكمه وليتذكر أن الاستباحة بمعنى مطلق الأذن لا بمعنى تساوي الطرفين لتنافي حكمه ولقربه من التساوي ما غيرت فيه لفظة الاستباحة وهذا إحدى فوائد تغيرها إلى سقوط المؤاخذة في الأول كفطر المسافر إذ سببه وهو شهود الشهر وتوجه الخطاب العام واثم لعموم قوله فمن شهد منكم الشهر فليصمه أي حضر ولذا الوادي كان فرضًا خلافًا للظاهرية فعندهم وجوبه متعلق بإدراك العدة فيلزمه عند إدراكها صام في السفر أو لا وهو منقول عن ابن عمر وابن عباس وأبي هريرة رضي الله عنهم لأن العدة للمسافر كرمضان المقيم ما كبر لصحابة رضي الله عنهم على الأول لعموم الآية فقوله {وَمَنْ كَانَ مَرِيضًا} لبيان الترخيص لا التخصيص والترخيص بتأخير وجوب الأداء الثابت بالخطاب يقتض تأخير حرمة الفطر وقيل: شهد بمعنى أقام والشهر ظرف لا مفعول به فلم يخصص منه إلا المريض والأصل في التخصيص الذي هو خلاف الأصل التقليل والأول أولى لوجوه الشهود بمعنى الحضور أكثر فإلى الحقيقة أقرب وإن حمل المنصوب المتردد على المفعول به أولى وإن في الثاني إضمار في والأصل عدمه وإن ما بعده للتخصيص حاصل بدلالة ذكر المريض والتخصيص يستدعي سبق التعميم وإلا فلا يناسب ذكر المسافر معه وحكم أن الأحد بالعزيمة أولى لكمال سببه وتردد في الرخصة لتأدية العزيمة معناها وهو اليسر من جهة موفقة المسلمين فإن البلية إذا عمت طابت فكيف إقامة العبادة بخلاف قصر الصلاة إلا أن يضعفه الصوم فيفضل الفطر حتى لو صبر

ص: 245

فمات كان آثمًا إما لفوت نفسه بمباشرته من غير حصول المقصود وهو إقامة حق الله بخلاف المقيم المكره على الفطر حتى قتل فإن فوته ثمه بمباشرة الظالم وهو مستديم للطاعة كالمجاهد أو لأن فيه تغير المشروع وهو إما التأخير أو جواز التعجيل على وجه يضمن يسرًا أو معناه أن مشروعية الصوم للارتياض ولم يحصل إما المسافر والمريض المكره على الإفطار فيجب عليهما ويأثمان بالصبر حتى الموت كالمضطر على أكل الميتة.

الثالث: المجاز الأتم كما وضع عنا بأصله من الأبصر والأغلال فالإصر وهو الثقل مثل لثقل تكليفهم والأغلال لأعمالهم الشاقة كالنوبة بقتل النفس وبت القضاء بالقصاص وغيرهما النسخ تخفيفًا بالرخصة مجازًا.

الرابع: ما سقط عنا مع مشروعيته لنا في محل آخر لأنه تأخر ومنه الصوم على التمريض الخائف للتلف لأنه صار غير مشروع في حقه كالسلم فأصل البيع في الأعيان لنهيه عليه السلام عن بيع مال ليس عند الإنسان وعن بيع الكالي بالكالي لكن سقط التعيين فيه تخفيفًا بحيث لم يبق مشروعًا بل العينية تفسده مع مشروعيته في غيره وكسقوط حرمة الخمر والميتة في حق المكره والمضر إلا في رواية عن أبي يوسف رحمه الله واحد قول الشافعي رحمه الله قاسا على الإكراه على الكفر وأكل مال الغير قلنا قوله تعالى {إِلَّا مَا اضْطُرِرْتُمْ} بعد قوله قد {وَقَدْ فَصَّلَ لَكُمْ مَا حَرَّمَ عَلَيْكُمْ} استثناء من الحرمة فالمحرم غير قائم بخلاف الثاني وقوله الأمر اكره وقلبه يطمئن بالإيمان مستثني من الغضب لامتها وذكر المغفرة في آخر آية فمن اضطر باعتبار زيادة التناول على قدر به إبقاء المهجة فإن رعايته واجبة ولأن حرمة الخمر لصيانة عقله ودينه والميتة لصيانة بدنه عن سراية الخبث ولا صيانة للبعض عند فوت الكل والثمرة في التأثيم إذا صبر فقتل عندنا والحنث إذا حلف لا يأكل حرامًا عندهما وحرمتهما باقية في غير حالة الضرورة وكسقوط غسل الرجلين في مدة المبيح لأنه غير مشروع حالة التخفف بل حالة التعري لأن الخف مانع لسرابه الحدث إلى القدم حكمًا فكيف يشرع غسله وليس معنى الرخصة تأدى الغسل بالمسح ليكون رافعًا وإلا لما اختلف بالمسح على الطهارة وغيرها كما في مسح الجبيرة وعلى الطهارة الكاملة عند الحدث وعدمها وكقصر السفر عندنا رخصة إسقاط فإتمام المسافر بنية الظهر لا يجوز كإتمام الفجر وبنية الظهر والنفل إساءة وترك القعدة الأولى مفسد وقال الشافعي رحمه الله رخصة ترفيه حقيقة حتى لو فأتت يقضي أربعًا في

ص: 246

قول مطلقًا وفي قول إذا قضي في الحضر لأن النبي عليه السلام سماه صدقة في حديث عمر رضي الله عنهما (1) والصدقة لا يتم إلا بالقبول ولذا قال فاقبلوا فقبل القبول على ما كان.

لنا وجوه:

1 -

أن التصدق بما لا يحتمل التمليك أصلًا وإن كان ممن لا يلزم طاعته إسقاط محض لا يرتد بالرد كعفو القصاص أو هبته أو تصدقه أو تمليكه من الولى وكهبة الزوج الطلاق أو النكاح أو تصدقهما أو تمليكهما من المرأة وقد سمي الإسقاط تصدقًا في قوله تعالى {وَأَنْ تَصَدَّقُوا خَيْرٌ لَكُمْ} (البقرة: من الآية 280) فمن يفترض طاعته أولى بأن لا يتوقف على القبول لأن تمليك الله في محل يقبله لا يرتد مطلقًا كالإرث بخلاف تمليكنا في الأعيان ففى لا يقبله إذا لم يكن من العبد فمن الله تعالى أولى فمعنى اقبلوا صدقته اعملوا بها وإما ما يحتمل التمليك من وجه دون آخر كقوله لمديونه تصدقت بالدين عليك أو ملكتك إياه فإن قبل أو سكت سقط وإن رد ارتد لأنه مال من وجه دون آخر فكذا تصدقه ابراء من وجه وتمليك من آخر حتى لم يصح تعليقه بالخطر كتمليك العين فعمل بالشبهين، وفي حديث عمر بحث شريف استرادي هو أن قوله أنقصر الصلاة ونحن آمنون مبني على أن القصر معلق بالخوف في القرآن فقال بعض أصحابنا كل من الحديث وسؤال عمر رضي الله عنه يدل على أن عدم الشرط لا يقتض عدم المشروط لأن عمر رضي الله عنه كان من أهل اللسان وأرباب البيان فلو دل على ذلك لفهم وما سأل ورد بالمنع إما الحديث فلان القول بمفهوم الشرط إذا لم يظهر فائدة أخرى كالخرم مخرج الغالب ها هنا إذا كان الخوف هو الغالب حينئذ وإما السوال فلجواز أن يكون مبنيًا على وقوع العمل على خلاف ما فهمه كما يدل عليه سياق القصة. والجواب عن الأول: أن عدم القول بمفهوم الشرط مع أنه أصل عندهم لخروجه مخرج الغالب كلام لا طعم له فإن تعليق رفع الجناح عن القصر بأمر غالب لا سيما الخوف يويد عدم رفعه عند عدمه لأن النادر كالمعدوم ولأن للضرورة المؤثرة في رفعه ربما يكون ناشئة من الغلبة.

وعن الثاني: بأنه لم نرض رأسا برأس حتى جعل سياق القصة دليلًا على فهمه خلاف ما عملوا به وهو ممنوع إذا لو كان سواله مبنيًا على هذه الدلالة لما صح الجواب بأنه صدقة فاقبلوها لأن المستدل بشيء لإيجاب يمنع مداوله من غير التحرض لدليله بل الجواب حاصل أن التقييد بالخوف لغلبته لا لاقتضاء عدمه عدم القصر إما إذا جعل ساكنًا

(1) أخرجه مسلم (1/ 478) ح (686).

ص: 247

عن حالة الأمن فسأل المعرفة حكمها صح الجواب بقبوله مطلقًا على أن عدم القول بمفهوم الشرط لخروجه مخرج الغالب مع تجويز فهم عمر رضي الله عنه مفهومه متنافيان أو اعتراف بأنه ليس من أهل اللسان والثاني ظاهر البطلان فتعين عدم القول به وهو المذهب المشيد الأركان.

2 -

أن معنى الرخصة وهو اليسر عين القصر إذ ليس الإكمال إلا مؤنة محضة وثواب أداء الفرض واحد لأنه بتسليم ما عليه لا بتكبير الأعداد كظهر العبد مع جمعة الحر وفجر المقيم قال عليه السلام "أفضل الصدقة جهد المقل (1) " فتصدق درهم ممن لا يملك غيره أفضل من آلاف ممن يملك أضعافها.

3 -

أن التخيير إنما يثبت للعبد إذ تضمن رفقًا وإلا فربوبية فإن اختيار العبد ضروري يثبت ضرورة الارتفاق والاختيار المطلق آلهي ولا رفق في التخيير لتعين القصر له بخلاف التخيير في أنواع الكفارة وجزاء الصيد والحلق لاختلافها وبخلاف رخصة الصوم فإن اليسر متعارض إذ مشقة السفر معارضة بخفة الشركة مع المسلمين ورفق الإقامة بمشقة الانفراد فصار الصوم أولى لأصالته وتمسك الشافعي رحمه الله تعالى في أن الفطر أولى في قول بظاهر الرخصة والعزيمة فيهما كما هو دأبه وإن قيل بأن الحق أن الصوم أفضل عنده قولًا واحدًا عند عدم التضرر والإفطار أن تضرر فعلى هذا الخلاف فقال لما تراخي وجوب الأداء إلى العدة ونفس الوجوب لا ينفك عنه عنده تأخرت العزيمة فينبغي أن لا يجوز قبلها كقول الظاهرية غير أنا تركناه في عدم الجواز للأحاديث الواردة فبقي في أفضلية الفطر ولا تراض في الصلاة فعزيمتها أولى قلنا الاعتبار للمعاني لا سيما في درك حدود القياس.

أصل مناسب: اختلاف الأجناس بحسب المعنى هو المعتبر لإفادة التخيير لا بحسب الصورة فلذا خير العبد بين الظهر والجمعة إذا أذن مولاه لها لأنهما مختلفان اسمًا وشرطًا ولذا لا يصح اقتداء ناوي إحديهما بناوي الأخرى بخلاف ظهر المقيم والمسافر مع أن لكل منهما رفقًا ليس للأخرى بل الجمعة هي الأصل له عند الأذن يكره لخلفه عنها وكذا التخيير من دخل الدار به بقوله إن دخلتها فعلي صيام سنة بين صيام سنة وتكفير بصوم

(1) ابن خزيمة (4/ 99) ح (2444)، ابن حبان في صحيحه (2/ 77) ح (361)، الحاكم في مستدركه (1/ 574) ح (1509)، البيهقي في الكبرى (4/ 180) ح (7561)، أبو داود (2/ 69) ح (1449)، النسائي في الكبرى (2/ 31) ح (8687) ح (2304)، أحمد في مسنده (2/ 358).

ص: 248