الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المكلف إنما يذم بتركه في جميع الوقت لا بتركه في جزء منه مع صدق التارك عليه لأن المطلقة الوقتية تستلزم المطلقة وبغرض الكفاية فإن المكلف إنما يذم بتركه إذا ظن أنه لم يأت به غيره سواء وجب على الجميع أو على واحد إما إذا ظن إتيان غيره به فلا وكذابًا لمخير على القول بأن كلًا واجب ويسقط بفعل أحدها البواقي وإما على القول بأن الواجب واحد منهم فتركه بترك الكل، ولذا عمت النكرة في سياق النفي فيذم تاركه بأي وجه كان قيل لكنه أبطل طرده فإن صلاة النائم والناسي وركعتي المسافر لا صومه فإنه واجب مخيرًا وموسع غير واجبه ويذم المكلف بتركها على تقدير انتفاع الأعذار وأجيب بأن سقوط الوجوب بالعذر لا ينافيه مع أن نفس الوجوب عندنا باق والمتراخي وجوب الأداء لكنه لا يتمشى في ركعتي المسافر ورد بأن سقوط وجوب الفعل في الكفاية بفعل البعض الآخر وفي الموسع بالفعل في وقت آخر كسقوط وجوب الفعل بالعذر فلو اعتبر السقوط بالعارض ولم يعد واجبًا لم يعد الكفاية والموسع أيضًا واجبين في هاتين الحالتين فلا يحتاج إلى إدراجهما بل يختل طرده بهما أيضًا وإن عد الساقط وجوبه لعارض واجبًا فليعد الساقط ذم تاركه مذمومًا تاركه فيذم تارك الكل مطلقًا فلا حاجة إلى ذلك القيد أصلًا وأجيب بأن ترك الكفاية والموسع لا يتغير بفعل الغير وفي وقت آخر وترك النائم ليس ترك النائم حين لا نوم فالمتغير ها هنا نفس الترك وثمه خارجي وبينهما بنون ورد بأنه لا يتمشى لو اعتبر السبب ترك المكلف لا ترك النائم وجوابه أن اعتبار المكلف مطلقًا يدخلها في الواجب فلا محذور في صدق حده عليها.
التقسيم الثاني الحكم بحسب زمانه
وهو إما أداء أو إعادة أو قضاء لأن الفعل قبل وقته لا وجوب له وفيما جاز فيه يسمى تعجيلًا كالزكاة قبل الحول وفي وقته أن فعل أولًا فأداء أو ثانيًا لخلل فيه كنقص الواجب أوله ولعذر في الثاني كإحراز فضيلة الجماعة فأعاده وقيل: في وقته أداء مطلقًا فالاعادة قسمه لا قسيمة والحج المأتي به بعد فاسد إعادة وتسميته قضاء مجاز لأن وقته العمر وربما يذهب إلى العكس لنعين السنة بعد حضور الميقات وبعد وقته قضاء أن كان لاستدراك ما يسبق له وجوب كالظهر المتروكة عمدًا أو سبب وجوب لكن مع إمكانه كصوم المسافر والمريض أو امتناعه عقلا كصلاة النائم والناسي أو شرعًا كصوم الحائض والنفساء لا كالصبي لأنه يمنع التكليف، وقيل: حقيقة القضاء في الأول ولا نزاع في التسمية المجازية ونية القضاء في البواقي والصحيح ما ذهب إليه مشايخنا من تحقق نفس
الوجوب في الجميع المنوط بإمكان الأداء كما في فاقد الطهورين والمحدث حال ضيق الوقت والسكران والمتراخي في البواقي وجوب الأداء وسنفسرهما إذ لا قضاء بل ولا الوقت لما لم يجب ولولا اعتبار الإمكان لكان النوم كالصبي مانعًا لعدم الفهم ولا فرق بالتقصير لأنه ضروري وتمسكهم بأن نفس الوجوب يمنع جواز الترك وهو مجمع عليه مبني على عدم الفرق بين جواز الترك والتأخير فالاستدراك في الكل لنفس الوجوب. فالأداء ما فعل أولًا في وقته المقدر له شرعًا (1).
فأوّلًا: أن قيد به احتراز عن الإعادة وفي وقته عما قبله وبعده والمقدر عن النوافل
المطلقة إذ لا أداء لها ولا قضاء إما الموقتة ففى وقتها أداء وبعده ليست قضاء فالأداء أعم
من الواجب من وجه لا القضاء، وقيل: وهذا القضاء لأن الرواتب وصلاة العبد بعد
وقتهما قضاء حقيقة لا مجازًا أو الأصح هو الأول لأن القضاء يعتمد وجوب الأداء
وقضاؤها بعد الإفساد عندنا للوجوب بالشروع وشرعًا عن المقدر لا شرعًا كالشهر الذي
عينه الإِمام للزكاة والجزء من الوقت الذي عينه المكلف للصلاة فليستا أداء من حيث هما
فيهما ولا قضاء من حيث هما بعدهما وقيل أولًا قيد للتقدير ليتناول قسيمة الإعادة
واحتراز عن الوقت المقدر شرعًا ثانيًا كوقت الذكر بعد الوقت وفيه بحث من وجوه:
1 -
وقت الذكر ليس مقدرًا فإنه تعيين الأول والآخر يؤيده قولهم القضاء فرض العمر
ونسبة الشارع إلى وقت الذكر لأنه الصالح لقضائه لا وقت النسيان.
2 -
أن تقييد التقدير بأولًا يخرج شهر الإِمام ووقت المكلف لأنهما مقدران ثانيًا فلا يبقي إلي شرعًا حاجة.
3 -
أن أولًا ها هنا مقابل ثانيًا في الإعادة وذلك قيد الفعل باعترافه فلهذه قرار بفعل، والإعادة ما فعل في وقته ثانيًا لخلل أو لأحد الأمرين على المذهبين (2)، والقضاء ما فعل بعد وقته المقدر شرعًا استدراكًا لما سبق (3) نفس وجوبه سواء سبق وجوب أدائه أولًا وكأنه المراد بما سبق له وجوب مطلقًا وإلا فالوجوب على غير المستدرك لا يفيد في حقه وقيل: لسبق وجوب أدائه وكأنه المراد بما سبق وجوبه على المستدرك والثمرة في الأمثلة البواقي المذكورة وقيد الاستدراك لإخراج إعادة المؤداة خارج الوقت وإعادة القضاء،
(1) انظر/ المحصول للرازي (1/ 27)، نهاية السول للإسنوي (1/ 109).
(2)
انظرلم المحصول للرازي (1/ 27)، نهاية السول للإسنوي (1/ 109).
(3)
بأن آخره عمدًا، انظر/ المحصول للرازي (1/ 271)، نهاية السول للإسنوي (1/ 109).
وقال أصحابنا رحمهم الله الإعادة لبطلان الأول أداء ولفساده ليست واجبة والأول هو الموقع عن الواجب والثاني جائز لأن الإتيان بالمأمور به على الكراهة يخرج عن العهدة كالطواف محدثًا خلافًا لهم والواجبات المطلقة كالزكاة والكفارات والنذور المطلقة أداء بالنص ولا توقيت فيها شرعًا فالأداء تسليم نفس الواجب بالأمر صريحة نحو أقيموا أو معناه نحو {وَللهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ} (آل عمران: من الآية 97) إلى من يستحقه كأداء الأمانات فإن أريد به وجوب الأداء وهو طلب إيجاد الواجب بالسبب بالخطاب وذلك بالأمر صح في الكل لأن للواجب به فعل خارجي وإن أريد نفس الوجوب وهو أن يتعلق بالمكلف الواجب بالسبب كالوقت وكانت إضافته إلى الأمر وسعًا لأنه سبب تعيين السبب فتصحيحه في العبادات والديون المطلقة بان أقرب طرق تفريغ الذمة أخذ حكم عينه وربما يفسر بتسليم عين المطلوب فيتناول المندوب وربما بتسليم عين الثابت بالأمر فيتناول المباح أيضًا وذلك مبني على جعل الأمر أي لفظ (أم ر) لا صيغته حقيقة في الندب أو الإباحة ولا بينهما ولهما القضاء كما مر والقضاء تسليم مثل الواجب من عنده بخلاف صرف دراهم الغير إلى قضاء دينه أو ظهر الأمس وإن كانت المماثلة أقوى فيه من النقل والمراد المماثلة في رفع لا نعلم لا في إحراز الفضيلة كما بين أداء المعذورين وغيرهم وهو في الموقتة بعد أوقاتها ولق غيرها مطلقًا كالأداء فيها أو مطلقًا ويستعمل أحدهما في الآخر لكن لأن القضاء لغة الإسقاط والإتمام صار استعماله في الأداء نحو {فَإذَا قَضيْتُمْ مَنَاسِكَكُمْ} (البقرة: من الآية. 200) حقيقة لغوية وإن كان مجازًا شرعيًا والأَداء ينبئ عن الاستقصاء وشدة الرعاية نحو الذئب يأدو للغزال يأكله لم يكن في القضاء ولا مجازًا محتاجًا إلى قرينه لغة أيضًا لا يقال فلا يصح القضاء بنية الأداء بعد الوقت على ظن بقائه ومنه نية الأسير صوم رمضان بالتحري وقد وقع بعده وإن صح عكسه كالأداء في الوقت بنية القضاء على ظن خروجه لأنا نقول ليست هذه مما نحن فيه لأن الجميع حقائق بل صحتها مبنية على وجود أصل النية والخطأ في الظن ومثله معفو.
تقسيمها: الأداء المحض بجميع الأوصاف المشروعة كامل وبعضها قاصر زائد قصوره أو ناقص وغير المحض شبيه بالقضاء وكذا القضاء المحض مع إدراك المماثلة فبمثل معقول كامل أو قاصر ومع عدمه فبمثل غير معقول وغير المحض قضاء يشبه الأداء وعدم اعتبار قسمي المعقول وغيره فيه ليس اعتبارا لعدمهما وكل من الستة يدخل في حقوق الله وحقوق العباد فالأقسام اثنا عشر ففي حقوق الله تعالى الأداء الكامل الصلاة بجماعة أن
سنت فيها كالتراويح والوتر في رمضان وإلا فصفة قصور كالإصبع الزائدة والقاصر الزائد قصوره كصلاة المنفرد لقصورها بسبع وعشرين درجة عنها بالجماعة ومن إمارته سقوط وجوب الجهر فإنه في الجهر به صفة كمال لوجوب السجدة بتركه سهوا ولئن جهر لا يحرز به ثواب الواجب لعدم وجوبه والناقص قصوره كصلاة المسبوق منفردًا فإنها أداء ولذا يقرأ ويسجد للسهو ويتغير قصرها إلى إلاكمال بالمغير كنية الإقامة أو دخول العصر للتوضيء قبل فراغ أمامه أو بعده وفائقة على صلاة المنفرد لأداء بعضها بالجماعة وبناء كلها على تحريمة الإمام ولذا لا يقتدي به بخلاف المنفرد وقوله عليه السلام "وما فاتكم فاقضوا (1) " مجاز ويروي فأتموه والشبيه بالقضاء صلاة اللاحق وهو الشارع مع الإِمام المتمم لا معه لعذر كالنوم أو الحدث والبناء وقتًا وهو الأصل بل وتحريمة وقضاء لما أنعقده له إحرام الإِمام لا يعنيه لفوت ملتزمة معه بل بمثله لعارض وهو التبع ويجوز إنصاف مجموع بمتضادين بل وواحد باعتبارين فالمسافر الذي اقتدى يمثله في الوقت فسبقه الحدث أو نام فانتبه فأقام أو دخل مصر لوضوء قبل فراغ الإمام يتم أربعًا باعتبار الأداء كما لو تكلم قبله أو بعده فإنه لابطاله يوجب الاستيناف موديًا وإن أقام بعد فراغه فركعتين يشبه القضاء الحاكي للأداء وعمل به بعده لفوت ملتزمه بآخره بخلاف المسبوق، وقد تأيد بالأصل وهو عدم التغير على أن التغير لم يثبت بالشك يؤيده مسألة الجامع من حلف أن صليت الجمعة مع الإِمام يحنث أن صلى لاحقًا إنما بعد سلامة لا مسبوقًا تركعه وعند زفر أربعًا لأنه كالمسبوق في انفراده حقيقة أو كالمعتدي حكمًا قلنا بل كالمقتدي والقاضي فيوفر خط الشبهين والقضاء يمثل معقول كامل كقضاء الفائتة بالجماعة والصوم بالصوم أو قاصركقضائها منفردًا، وفيه بحث لأن وصف الجماعة لا يثبت في الذمة لأنه سنة مؤكدة لها شبه الوجوب فلذا يثبت القصور في الأداء لفوته لأنبائه عن شدة الرعاية ولا يثبت في الذمة لسنته ولذاكره قضاء الصلوات علانية وحمل قضاؤه عليه السلام غداة ليلة التعريس بجماعة على أنه أداء من وجه ثان قبل الزوال حكم الصبح كما في قضاء سنة الفجر وتدارك ورد الليل فكان أن يكره الجماعة على القضاء لولا بناؤه على الفائت فالحق أنهما كاملان وبالجماعة أكمل ويمثل غير معقول ونعني به عدم تعقل المماثلة لا تفعل
(1) أخرجه ابن الجارود في المنتفى (1/ 84) ح (305)، وابن خزيمة في صحيحه (3/ 3) ح (1505)، وابن حبان في صحيحه (5/ 517) ح (2145)، والبيهقي في الكبرى (2/ 297) ح (321)، والنسائي كما الكبرى (1/ 30) ح (934)، والإمام أحمد في مسنده (2/ 238) ح (7249).
عدمها وإلا لتناقض حجج الله تعالى فإن العقل منها وذا أمارة العجز كالفدية للصوم إذ لا نعقلها بينهما لا صورة لأنهما إمساك وإعطاء ولا معنى فإنهما إتعاب النفس بالكف عن الشهوة ودفع حاجة الفقير لا لأن أحدهما مفض إلى الإيجاع والآخر إلى الاشباع فيضادان إذ لا تضاد لاختلاف المتعلق بل رما قيل يتناسبهما من حيث أن إعطاء الشيء منع للنفس عن الارتفاق به وإذ اللازم منه تعقل عدم المماثلة وهو غير مراد فجوازها بقوله تعالى: {وَعَلَى الَّذينَ يُطقُونَهُ} (البقرة: من الآية 184) على أنه مختصر بحذف لا بإجماع القائلين بأنه ثابت وإن جواز احتمال يصومونه جهدهم ومبلغ وسعتهم وهم الشيخ الفاني ومن بمعناه في العجز المستدام فلا ينافيه الحمل على التخيير الثابت في بدء الإِسلام أن قيل بنسخه وكالإنفاق للحج لا صورة لأنهما تنقيص وقصد ولا معنى لأنهما إشباع الغير وتعظيم المكان فجوازه بحديث الخثعمية ولوروده في عجز الشيخوخة وإنها دائمة اشترط في فرضه العجز الدائم كما عن الميت وعن المريض مرض الموت لا في تطوعه لأن مبناه على التوسع ثم عن محمَّد رحمه الله تعالى وقوعه عن المأمور لأن النيابة لا يجرى في العبادة البدنية وللآمر ثواب النفقة ويسقط حجة لإقامة السبب وهو الإنفاق مقامه للعجز أو لأن الواجب حينئذ ما قدر عليه لا ما عجز عنه ولذا اشترط أهلية النائب فنجز إنابة الذمي له وأتما لم يسقط به فرض المأمور لأن شرطه الشبه لنفسه أو مطلقًا ولم يوجد قلنا بل للآمر بالنص المذكور وغيره ولذلك يضمن النفقة بالنبة لنفسه ويسقط لو حج عنه بلا إنفاق ما له لا يعكسه وليست بذنبه مخضة لعد الاستطاعة المالية من الممكنة فالتمثيل بالانفاق على الأول إذ على الثاني قام فعل غيره مقام فمثل نفسه فيقال لا مماثلة بين الفعلين أيضًا لأن معنى المباشرة أتعاب النفس وهو لا يحصل بفعل الغير.
وهاهنا أصل كلي: كل ما لا يعقل له مثل في معناه لا يقض إلا بنص فعند فواته يسقط كتعديل الأركان إذ لا مثل له منفردًا عنها لعرضته وأطالها لفواته قلب المعقول فلم يبق إلا الإثم ولرمي الجمار ووجوب السجود والذم بتركهما لجبر نقصان العبادة لا للبدلية وكجودة الدراهم إذ أديت الزكاة بزيوف تسقط إذ لا مثل لها صورة لعرضيتها ولا قيمة لأنها غير متقومة ع المقابلة بجنسها ولذا لا يصح أداء أربعة جياد عن خمسة زيوف لا عند زفر ولا يجب الزكاة بالحولان على ما قيمته مائتان ووزنه أقل واحتياط محمَّد لفي إيجاب قيمة الجودة لتقومها في الجملة كما إذا غصب جيادًا أو حابى قلبًا ووزنه عشرة
وقيمته عشرون بعشرة لا تسلم الزيادة أو باع لوصى درهما جيدًا بردى لا يجوز ولأن عدم اعتبارها للربا ولا ربا بين المولى وعبده ولأن فيه ربا نظرا إلى أن الواجب حق الفقير ولذا يضمن بالاستهلاك والحق كالحقيقة ولا الربا فيه نظرًا إلى أنه ليس ملكًا له حتى يصير مملكا إياه بما أخذ في اعتبارنا جهة الربا أن نفع للفقير إلا فلا كما في مسألتنا قلنا لما استفرضنا الله وملكنا جعلنا بمنزلة المكاتب أو الحر فيجري الربا والتفصيل منقوض بمسألة الحولان وكوقوف عرفة والأضحية وتكبيرًا التشريق بصفة الجهر لم يعرف شىء منها قربة إلا في زمانه وبفوته يتقرر حكم السقوط فلا يعود بعود مثل زمانه ولا يفتقض بإيجاب الفدية لصلاة الشيخ الفاني بلا نص حيث جعل كل صلاة يمنزلة صوم يوم في الصحيح قياسًا عليه والتصدق بعد أيام النحر بعين الشاة المعينة للتضحية بالنذر أو بشراء الفقير لها أو القيمة فيما إذا استهلكت تلك الشاة أو لم يضح الغني لأن وجوب الفدية عمل بأحوط الاحتمالين وهو تعليلها بالعجز في الصوم والصلاة مثله بل أهم بحسنها الذاتي فإن وجب به فيها وإلا فقداني بالمندوب ولذا لم يجزم محمَّد رحمه الله تعالى ورجي القبول كما إذا تطوع بها الوارث عمن لم يوص وأهمية الصلاة لم توجب الجزم بالوجوب فيها بدلالة النص وإن لم يعقل كوجوب الكفارة بالأكل والشرب لأن شرط الدلالة علم المعنى الموثر عقل تأثيره كالإبداء بالتأفيف أولًا كالجناية على الصوم في إيجاب الكفارة المكيفة ولا علم به هنا، قيل وفيها يجب إذ لا نعلم أن الجناية على الصوم هي المؤثرة بإطلاقها في إيجاب الكفارة وسيظهر جوابه إن شاء الله تعالى، وكذا التصدق بعد أيام النحر لأنها عبادة مالية ولذا شرط الغنى فيها فكما أن التضحية أصل بظاهر النص يحتمل أن يكون التصدق أصلًا كما في سائرها لكن لتطيب طعام الضيافة بنقل الخبث الثابت في مال الصدقة لإزالته الآثام ولذا حرم على النبي وانسابه والغنى إلى الدماء نقله الشارع إلى التضحية وهي بمجرد الإراقة عند محمَّد لأن المذبوح باق على ملكه يأكله ويضمن له مستهلكه ويورث عنه ويجوز بيعه والتصدق بثمنه لأنه سبيل الملك الخبث وبها وبإزالة حق التمول عند أبي يوسف، قيل: وعند الإِمام لأن القربة كما يتأدى بالدم يتأدى بأجزائها ولذا يشترط سلامتها ويجب التصدق بثمن ما باع منها وإبطال حق التمول لا يوجب بطلان أصل الملك؛ لأن القربة كما تتأدى بالدم تتأدى بأجزائها ولذا يشترط سلامتها ويجب التصدق بثمن ما باع منها وإبطال حق التمول لا يوجب بطلان أصل الملك فالتوفيق بين الأحكام فيما قالا والثمرة جواز الرجوع في هبة الشاة المضحاة عنده لا عندهما وإلا بطل القربة
بالعين غير أنا لم نعلم بالاحتمال المطون في معرضة المنصوص لمتيقن ما بقي الوقت وعملنا بعده احتياطًا لا على أنه مثل لها ولذا لم ينتقل الحكم إلى الأضحية في العام القابل خلاف الفدية لأن الحكم بالشيء إذا وقع بجهة الأصالة ولو من وجه لا يبطل بالشك فلا يرد الإيراد بأنه كما لا يصح اعتبار خلفية التصدق وإلا لوجب التضحية في العام القابل لا يصح اعتبار الأصالة وإلا لجاز التصدق في أيامها كصلاة الظهر في منزله وقت الجمعة لأن المعمول به احتمال اعتبار الاصالة لا نفسه والذي يشبه الأداء كان يأتي من أدرك الإمام في ركوع العيد بتكبيراته فيه إذا خاف فوته لو أتي بها قائمًا فيكبر فرضًا للافتتاح قائمًا وواجبًا للركوع هاويًا وللعيدية فيه بلا رفع يد إذ لا يترك سنة لسنة فهذا قضاء بأصله لفوت وقتها ولا مثل لها قربة فيه ليصرفه إلى ما عليه فينبغي أن تسقط كما روي عن أبي يوسف رحمه الله كما إذا ترك لقنوت من أدرك الإِمام في الركوع من وتر رمضان أو تركها الإمام أولًا يجوز قضاؤها فيه كما إذا ترك القراءة أو تكبير الافتتاح فجوز لشبه الأداء إذا لعبادة مما يثبت لشبهة الوجوب احتياطيًا لأن الركوع يشبه القيام لبقاء الانتصاف في النصف الأسفل وهو الفارق إذ قيام البعض به وحكمًا لأن إدراكه إدراك الركعة بل ولأن تكبير الركوع هنا واجب مثلها ولذا يجب بسهوه سجوده وهو عند الهوى فكان لها مثلًا فالحقت به بخلاف القنوت والقراءة والتحريمة وبخلاف الإِمام لقدرته على العود إلى القيام وكقضاء السورة الفائتة عن الأولين في الآخرين لشبه الأداء من حيث أن موضع القراءة جملة الصلاة ولذا يفسدها استخلاف الأمي في الآخرين إلا عند أبي يوسف رحمه الله وتعين الشفع الأول بخبر الواحد لا يرفع شبهة المحلية عن الثاني فوجب لشبه الأداء احتياطيًا إما الفاتحة الفائتة فتسقط لتعذر الاتيان بها في الثاني قضاء لعدم مشروعيتها فيه نفلًا مطلقًا بل مع جهة وجوب احتياطي لقوله عليه السلام لا صلاة إلا بفاتحة الكتاب ومثله لا يصرف إلى ما عليه ولا شبه أداء إذ لو لم تتكرر وقعت عن مستوى فيه جهة الوجوب ولو تكررت في ركعة خرجت عن المشروع ولا يدفعه اعتبار النقل لأنه من جهة القضاء على أن صورة التكرار فيها كافية بدعة وعكس عيسى ابن أبان الوجوب الفاتحة وإنها مشروعة في الجملة وسببه السورة السنة في غير موضعها بدعة وبهذا طعن يحيى في الجامع وظهر جوابه وروي الحسن قضائهما وعن أبي يوسف سقوطهما تركيبا فيهما من النكتتين.
وفي حقوق العباد الأداء الكامل كرد المغصوب كما غصب وتسليم المبيع كما بيع
وأداء الدين والمسلم فيه ورأس ماله وبدل الصرف كما ثبت وليس قضاء لأنه أقرب طرقه فجعل عينه حكمًا لتعذره حقيقة ولذا لم يكن قبضه في الصرف والسلم استبدالًا ويجبر على قبوله في غيرهما أيضًا ولا قاصرًا لأنه أداء أصلًا ووصفًا ومنه إطعام المغصوب مالكه بلا تغيير قاطع حقه ولا علم منه خلافًا للشافعي رحمه الله في القديم لوصول ملكه إليه صورة ومعنى لنفوذ كل تصرف له فيه غاية الأمر جهله يملكه أو بنفوذ تصرفه وذلك لا يبطل الأداء كأكله بنفسه وكذا إعتاقه بأمر الغاصب كإعتاقه بنفسه ظنًا أنه ملك الغير ونحوه قبول البايع للمشترى أعتق عبدي هذا فأعتقه من غير علم له الأداء بالرد المأمور به وهذا غرور إذ لا تحامي عن إتلاف ما يباح من مال الغير عادة ولئن كان أداء فقاصر لأنه ما أعاد إلا يد الإباحة قلنا المضمن غرر العقد كولد المغرور لا غيره كما مر والعادة لا على الديانة الصحيحة المفهومة من الحديث لغو وجهة الإباحة في هذه اليد ساقطة بالإجماع إذ لا يتصور مع الملك ولئن قصر الأداء فقد تم بالأكل وغيره. والقاصر كرد المغصوب مشغولا بالجناية على النفس أو الطرف أو بالدين للإذن أو لاستهلاك المال فلو هلك قبل الدفع أو البيع فيه بريء الغاصب لكونه أداء وإذا دفع أو قتل أو بيع فيه رجع المالك عليه بالقيمة وفاقًا قاصرًا وكتسليم مشغولًا بالدين والمبيعة حاملًا فلو بيع يرجع بكل الثمن أو هلكت بالولادة فينقصان العيب وفاقًا فيهما أو المبيع مشغولًا بالجناية وكذا رد المغصوبة حاملًا فلو هلك هو يرجع لكل ثمنه أو هي فقيمتها يوم علقت عند الإمام وعندهما تسليمه وردها أداء كامل أي تام فيرجع بنقصان العيب لهما في مباح الدم إنها كالعيب لا يمتنع تمام التسليم وإن مكن كمال الأداء لتعلق جزاء الجنابة بالآدمية ولذا صح شراؤه وإن أبى ولي القتيل، ولو تعلق بالمالية لقدر على منعه كالرهن فمورد البيع المالية وتلفها بالاستيفاء الاختياري وقع بعد ما دخل في ضمان المشتري فلا يستند إلى الجناية السابقة فلا ينتقض التسليم كما لو سلم للمبيع الزاني فمات بالجلد عند المشتري بخلاف الاستحقاق بملك أو دين أو رهن حيث لقي المالية وبخلاف الغصب فإن فسخ فعله ورده كما غريب وأجيب وفي الحامل أن الأصل في الحمل السلامة والهلاك مضاف إلى الطلق لا إلى الانفلاق كما لو حملت عند الغاضب فهلكت بها بعد الرد ضمن النقصان لأن هلاكها لضعف الطبعة عن دفعها لا بأول الحمى فإنه غير موجب لما بعده وقلنا بل كالاستحقاق لمنع لقامه لأنه لما زال يده بسبب عند البايع أضيف زواله المتلف لماليته اليد لأنه في معنى علة العلة والجلد ليس بمتلف بل التلف به لحرق الجلاد أو
لضعف المجلود غاية ما ذكراه صحة الشراء وهي لايمنع رجوع الثمن كما إذا اشترى عالمًا بحل دمه يرجع بالثمن في أصح الروايتين كالاستحقاق ولئن سلم فعلمه جعل مانعًا عملًا بشبهتي الاستحقاق والعيب حال الجهل والعلم إذ مع العلم التزام الضرر إما في الحامل فلئن سلم عدم رجوع الثمن في بيعها فلأن الأصل السلامة كما سلف وفي غصبها لا بد من فسخه وردها كما غصبت ومنه أداء الزيوف عن الجياد في الدين أداء للجنسية حتى لو تجوز بها في الصرف والسلم لا يكون استبدالا قبل القبض وقاصر لعدم الوصف فيردها قائمة إذا لم يعلم به حين الأخذ وإذا لم يتبدل المجلس في الصرف والسلم وإذا هلكت عند القابض يبطل حقه في الجودة عند الإِمام ومحمد قياسًا إذ لم يجز إبطال الأصل لوصفه كما مر كيف وإبطاله بتضمين القابض حقًا لنفسه إذ لا طالب والإنسان لا يضمن لنفسه واستحسن أبو يوسف رحمه الله تعالى رد مثل المقبوض لأن مثل الشىء كنفسه لا قيمة للربا إحياء لحقه في الوصف كالقدر ولو اعتبر جنسية المقبوض أسقط الرد حالة القيام أيضًا ولا نعلم بطلان التضمين لنفسه عند الفائدة كشري مال المضاربة أو كسب ما دونه المديون أو ماله مع مال غيره قلنا قياس عليهما مع الفارق وهو معنى التضمين فوجب على كل من الصاحبين الفرق بينه وبين مسألة الزكاة على التعاكس ففرق أبو يوسف رحمه الله تعالى بعدم إمكان تضمين الفقير ثمة لما قبضه إذ هي له كفاية من الله لا من المعطي ولذا لا يتمكن من ردها قائمة وطلب الجياد ولا من مطالبتها من الغني وبدون التضمين يتعذر اعتبارا الجودة ورب الدين يتمكن من مطالبته جبرًا أصلا ووصفًا ومحمد بأن تضمين القيمة ثمه لعدم مانع الربا بين المولى وعبده وهنا بين العباد.
والشبيه بانقضاءكالتسليم فيما تزوج امرأة على أبيها عبده فعتق إذ نفس العقد بقيد ملك العوضين فاستحق الأب بقضاء فوجب قيمته للعجز عن تسليمه وبطل ملكها وعتقه كما على عبد الغير ابتداء ثم أن ملكه المتزوج قبل القضاء بالقيمة وجب تسليمه إليها لأنه أداء لعين الملتزم حتى لو امتنع عنه بعد طلبها أو أبت عن القبول بعد دفعة يجبر بخلاف ما إذا استحق المبيع قبل التسليم فاشتري من المستحق لا يجبر عليه لانفساخ البيع الموقوف عنا وقيام النكاح ثمه لكنه يشبه القضاء لما علم من حديث بريرة رضي الله عنها أن تبدل الملك بمنزلة تبدل العين ولأن تعلق الحكم الشرعي بالشىء المملوك لا من حيث هو والألم يتغير كلحم الخنزير بل باعتبار مملوكيته فيتبدل مجموع بتبدله وهو المراد بالعين سواءٌ اعتبر مجرد الذات جزءًا أو مقيدًا فلذا لا يعنق عليها قبل تسليمه إليها لو القضاء لها
وينفذ فيه تصرفاته قبلهما قبلت الفسخ كالبيع والهبة أولًا كالكتابة والإعتاق ولم ينقض قابله كما ينقض تصرف المشتري في الدار المشفوعة لئلا يفوت حقه في التصرف بلا خلف كما فيها بالثمن إما إذا قضي بالقيمة وتعين حقها فيها فلا يعود كما في مثلي غصب فقضي بقيمته لانقطاع المثل ثم جاء ألوانه بخلاف القيمي الظاهر بعد القضاء بالقيمة بقول الغاصب مع يمينه والقضاء بمثل معقول ينقسم صحيحًا ها هنا إلى كامل المغصوب بمثله صورة ومعنى في المثليات قبل انقطاعها ومنه مثل القرض لا من الأداء كالدين لامكان أدائه باقرب وهو رد عين المقبوض وشبهه بالأداء لأن لبدل المقبوض حكم عينه كيلا يكون مبادلة الأجناس نسيئة ولذا لم يلزم فيه التأجيل كالإعارة عندنا خلاف الديون لا يقتضي عده أداء لأن ذلك لضرورة الاحتراز عن الربا فلا يتعداه نعم يقتضي عده شبيها به وكأنه فائدة الفصل فتذكر ما سلف أن عدم الاعتبار ليس اعتبارا للعدم وإلى قاصر وهو القضاء بالمثل معنى وهو القيمة فيما لا مثل له كالحيوان والنبات والعدديات المتفاوتة أوله مثل كالمقدر والمعدود المتقارب لكن انقطع فلم يوجد في الأسواق والأصل هو الأول ولا يصار إلى الثاني إلا عند تعذره لأنه المثل المطلق الثابت بنحو قوله تعالى: {بِمِثْلِ مَا اعْتَدَى عَلَيْكُمْ} (البقرة: من الآية 194) وفقهه تحقيق الجبر بكلا الوجهين، وعند العجز عن أحدهما يبقي الآخر المقدور ويؤيده الخبر المشهور وهو قوله عليه السلام:"من اعتق شقصًا له في عبد قوم عليه نصيب شريكه (1) " أن كان موشرًا وذهب المدنيون إلى تضمين القسم الثاني بمثله من جنسه معدلًا بالقيمة لأنه المثل صورة ومعنى ولضمان عائشة رضي الله عنه القصعة التي كسرتها لصفية واستحسنه النبي عليه السلام وعثمان أبال الأعرابي وفصلانه بمثلها لتعدي بني عنه بمشورة ابن مسعود رضي الله عنه قلنا الأول على سبيل المروة وإلا فالقصعتان للرسول عليه السلام أو لعلهما من العنديات المتقاربة والثاني علي سبيل الصلح شرعًا إذن مؤاخذة بجناية بني العم.
فرعان:
1 -
قال الإِمام لولي الرجل أن يقطع فيقتل من قطع يده قبل البرء عمدًا لأنه مثل كامل فيه المساواة في الفعل ومقصوده إلا أن يكتفي بالمقصود وقالا بقتله فقط لأن القتل بعد القطع قبل البرء من واحد على اتفاق صفتهما عمدًا وخطًا تحقيق لموجبه عند السراية فكانا جناية واحدة بخلاف لخلل البرء لأنه ينهى حكم أحدهما ومن اثنين لامتناع إضافة
(1) أخرجه البخاري (2/ 882) ح (2359)، ومسلم (2/ 1140) ح (1503).
فعل أحد إلى غيره وعند اختلاف الصفة إذ به يختلف الأثر كما يتعدد المحل فالصور اثنا عشر، عشر منها جنايتان والخطآن بشروط الاتحاد واحدة وفاقا فيهما قلنا القصاص جزء الفعل ولذا يقتل نفوس بواحدة لا كضمان المحل إذ يجب في مثله خطأ دية وفي قطع قوائم دابة ثم إئلافها قيمة فيجوز فيه اعتبار صورة الفعل لا سيما ولمعنى القتل شبهان لأنه كما يصلح محققًا لأثر القطح يصلح ما حياله بتفويت محله لتفوقه باستقلاله علة ويعضده جعل الذكاة قاطعة للسراية في قوله تعالى:{وَمَا أَكَلَ السَّبُعُ إِلَّا مَا ذَكَّيْتُمْ} (المائدة: من الآية 3) وفيما رمي صيدًا تاركًا للتسمية عمدًا وجرحه ثم ذكاء حل فموجبهما التخيير إذ اعتبار كونه ما حيا يقتضي التعدد كتخلل البرء.
2 -
قال الواجب عند ضمان المثلي المنقطع قيمته يوم القضاء بها لعدم تعذر المثل الكامل يقينًا إلا حينئذ لاحتمال أن يوجد أو يصبر عن المطالبة إلى أوانه بخلاف غير المثلي لأن المطالب بأصل السبب ثمة هو القيمة فيعتبر وقته. وقال أبو يوسف: رحمه الله تعالى الخلف يجب بموجب الأصل فالمثلي عند الانقطاع كغيره فيعتبر وقت السبب وقال محمَّد رحمه الله تعالى السبب أوجب المثل بدلًا عن رد العين لا القيمة وإلا لوجب بالسبب الواحد بدل وبدل فالمصير إليها للعجز عن المثل وذلك بالانقطاع فيعتبر آخر يوم له قلنا تعين الخلف بحسب وقت الانتقال كالتيمم أو المسح ولا ينافي كون وجوبه بسبب الأصل ثم لا بد لوجوب القيمة من سبب وليس نفس العجز لأن سبب القضاء سبب الأداء ولئن سلم فتعين العجز عند القضاء.
تذنيب: موضعه هنا لا يعد كما ظن المنافع ليست مثلًا معنى للأعيان خلافًا للشافعيٍ رضي الله عنه والثمرة إنها لا تضمن بالاتلاف ظلمًا وهو تصرفها وإتلاف الزوائد مضمن اتفاقًا والخلاف في غصبها كإمساك العين بلا استعمال ليس مبنيًا على هذا بل على أن زوائد الغصب لا تضمن عندنا لعدم إزالة اليد المحققة وتضمن عنده لاثبات اليد المبطلة فبالإتلاف احتراز عنه وظلمًا عن الإتلاف بالعقد كالإجارة فإنه مضمن له إنها أموال مثقومة إما حقيقة فلحقها لمصالح الأدمي بل قيام كل مصلحة بها ى بالذوات ولذا ما لا منفعة له ليس بمال وإما عرفا فلان الأسواق تقوم بها كما بالأعيان فيجري المؤجرات كالمبايعات وإما شرعا فلصلوحها مهرًا كما لو تزوج امرأة على رعي غنمها سنة لقوله تعالى {عَلَى أَنْ تَأْجُرَنِي ثَمَانِيَ حِجَجٍ} والأغنام كانت للبنت وأريد بأحدى ابنتي معينة منهما أو من اختلاف الشرائع وتضمينها بالعقود الصحيحة والفاسدة وليس ذلك بورود
العقد عليها إذ لا يصير به مالا متقومًا ليس به كالعقد على الميتة ولا لاحتياج العقد إلى تقومها والألم تقابل المال في عقد لم يتقوم فيه كالخلع فإن منافع البضع غير منقومة حال الخروج فدل إنها في نفسها أموال منقومة قلنا:
أولًا: ليست مالًا لأن المال ما ينتفع به لا بالإتلاف فإن الأكل ليس تمولا ولا شيء من المنافع كذلك لأنها أعراض لا تبقي زمانين ولا ينفع منع عدم البقاء في الأعراض بانها سفسطة لأنها ها هنا غير قارة فلا تبقي فلا يتصور فيها الإتلاف أيضًا.
وثانيًا: ليست متقومة والتقوم شرط الضمان لأن كل متقوم محرزًا إذ ما لا احراز له لا تقوم له كالصيد والحشيش والماء وكل محرز باق والمنفعة ليست كذلك أما إحرازها بإحراز ما قامت هي به فللمتلف لا للمالك فلا تضمن كزوائد الغصب عندنا على أنه ضمني لا يضمن كالحشيش النابت في الملك.
وثالثًا: إنها وان كانت أموالًا متقومة كما زعم بعض أصحابه أن التقوم عنده بالملكية لا بالإحراز فليست مثلًا للأعيان لأن التفاوت بين العرض والمعروض فاحش كما بين الدين والعين لأنه بالبقاء وعدمه لا بكثرة البقاء وقلته كما بين الحمد والبطيخ والدراهم ثم لا نعلم مالية كل ما يقوم به المصلحة والأسواق وتقومه لجواز أن يكون مما ينتفع به بالإتلاف أو مما يعتني ويدخر ولو زمانين إما قياس مقابلتها بالمال المنقوم ها هنا على مقابلتها في العقود صحت بدون التقوم بل بمجرد الاستبدال كالخلع والصلح عن دم العمد أولًا كالنكاح والإجارة لإثبات أصل المدعي أو قياس تقومها ها هنا على تقومها في العقد لإثبات مقدمة الدليل ففاسدان إما لأن لزوم المال في مقابلة غير المال وكذا تقومها ثمة بالنص لضرورة حاجة الناس على خلاف القياس فغيرها عليها لا يقاس مع أن العين في نحو الإجارة أقيمت مقام المنفعة إقامة السفر مقام المشقة قضاء لحوايج الناس فيما يكثر وجوده بخلاف العدوان فإن سبيله أن لا يوجد وهذا أصح من جعل المنفعة معقودًا عليها إذ لا يصح آجرتك منافع هذه الدار شهرًا على أن جعل المعدوم موجودا قلب الحقيقة ليس له في الشرع استمرار واما لأن فيها صحيحة كانت أو فاسدة إذ في التمييز خرج للعوام رضا يوثر في إيجاب الأصول كإيجاب المال في مقابلة غير المالك في نحو الخلع والفضول كبيع عبد قيمته ألف بألوف ولا رضا في العدوان وكل قياس لا يقوم إلا بوصف يقع به المفارقة باطل والذرق بين النكتتين أن الثانية أعم لدفعها القياس على العقود الفاسدة والتي أحد عوضيها غير مال متقوم شرعًا أيضًا كالخلع إذ لا ينظمهما التجويز
والتقويم الشرعيان وقيل: كل منهما لإبطال أحد القياسين إذ خلاف القياس لا يوجد في لزوم المال لما ليس بمال بعد تحقق الانتفاع فيهما والرضاء لا يؤثر إلى تقويم ما ليس لمتقوم والذي يساعده عبارة المشايخ هو الأول وكل من وجهي الخصوصية ممنوع قالوا التقوم يثبت في غير العقد أيضًا كما يجب على واطيء الجارية المشتركة نصف العقر لصاحبه وأيضًا إبطال حق المتعدى وصفًا وهو ظالم أولى من إبطال حق المالك أصلًا وهو مظلوم قلنا منافع البضع ملحقة بالأعيان عند الدخول في الملك كما سيجيء أو شبهة ملك اليمين أقوى من شبهة العقد والضمان عند الشبهة وإلا لوجب الحد لا العقر وحق الظالم فيما وراء ظلمه معصوم وإهداره يوجب ضرر لا وما له في الدنيا والآخرة للحوق حكم الشرع بيع إما حق المالك فما هدرناه بل أخرناه إلى دار الجزاء لعجزنا عن إقامته كحق الشتم والتأخير أهون من الأبطال ثم أوجبنا الحبس والتعزيز للزجر فلا يلزم فتح باب العدوان وبمثل غير معقول ضمان غير المال المتقوم به كضمان الآدمي به فلا مماثلة بين المالك المتبدل والمملوك المتبدل صورة ومعنى ولذا لم يشرع المال مثلًا وإن شرع صلحًا مع احتمال القود كما خير الشافعى الولي بينهما في الأخير لأن القود مصل صورة بحز الرقبة ومعنى بإفاتة الحإة واقرب إلى مقصود شرعية القصاص وهو "الإحياء فلا يزاحمه المال ويشرعه في الخطأ صيانة للدم عن الهدر لكونه عظيم الخطر منة على القاتل بسلامة نفسه له وقد قتل نفسًا مغصومة وعلى القتيل بأن لم يهدر ذمة وقاتله معذور لا للبدلية مخالفًا للقياس كالفدية لا يقال فينبغي أن لا يلحق به غيره وقد ألحق به كل عمد تعذر فيه القصاص لمعنى في المحل مع بقائه كما إذا قتل الأب ابنه أو عفي أحد ولييه أو صولح على شىء فالصلح نوع عفو بخلاف موت من عليه القصاص لفوت محله فليس في معنى الخطأ لأنا نقول المخصوص من القياس النص يلحق به ما في معناه من كل وجه وها هنا كذلك بل أولى لأن العمد بعد سقوط القصاص بالشبهة أحق بعدم الإهدار وإنما جاز الاقتصار على القتل المجرد فيما مر إجماعا مع القدرة على الأصل وهو القطع مع القتل لكونهما جنابة واحدة من جهة ومتعددة من أخرى خير بينهما ابتداء أو يقال كان لولي القتل إسقاطهما فإسقاط أحدهما أولى بالجواز أو خبر التنجيز الذي تمسك به يعارضه القطع وهو أن النفس بالنفس أصل سلف وفرعان له:
1 -
لا يضمن القود شاهد الزور بالعفو إذا رجع بعد القضاء ولا قاتل من عليه الفرد وأوجب الشافعى الدية فيهما لأن القصاص ملك متقوم وإن لم يكن مالا وإذا اعتبر صلح
القاتل عنه في المرض من جميع المال كما تضمن النفس في الخطأ بالدية قلنا ليس بمتقوم لأنه ملك استبقاء الحياة للأحياء فليس مالا ولا مما ثلاله وكون صلحه في المرض من الجميع لأن ما يحتاج إليه في بقائه لا يتعلق به حق وارثه لا لكونه متقومًا للولي والدية للصيانة عن الهدر وليس العفو إهدارًا بل حسنًا شرعًا نصًا.
2 -
لا يضمن للزوج من قتل زوجته الممسوسة ولا هي إذا ارتدت ولا من شهد بطلاقها بعد المس ثلاثًا وبيانيا ويضمن عنده مهر المثل لأن ملك النكاح متقوم ثبوتًا فيتقوم زوالا لأنه ينه كملك اليمين بل أولى لعدم حصوله مجانًا قلنا ليس يقال فضلًا عن التقوم والتقوم عند الثبوت لنفس البضع ضرورة بقاء العالم وجلالة لخطره لا الملك الوارد عليه ولذا يبطل بلا شهود وولي وعوض ويبطل خلع الصغيرة بمالها لا تزويج الصغير بماله فإن أثر الخطر ظهر عند الاستيلاء لا عند زواله وهذه أدلة أن التقوم عند الثبوت للخطر لا للذات وإلا لتقوم عند الزوال أيضًا كالمتقوم بالذات فعدم إمارات الخطر دليل عدم التقوم للخطر لا مطلقًا فلا يرد عدمها عند بطلان المتقوم بالذات وإنما يضمن شهود طلاق غير الممسوسة نصف المهر إذا رجع لا لأنه قيمته بل في طريق متقدمي أصحابنا لكون مهرها على شرف السقوط بارتدادها أو مطاوعة أهل الزوج فأكده وكأنه الزمه وهو غير مرضي لأنه مؤكد قبل الوطئ إذ النكاح لا يتعلق تمامه بالقبض ولا نعلم أن التأكيد مضمن ولذا لا يضمن من شهد بأخذ العوض على الواهب ثم رجع فالطريق لمتأخريهم أن عود البضع إليها بالفرقة لا من جهته ولا بانتهاء النكاح يسقط جميع المهر فالشهود بإضافة الفرقة إليه الزموا الزوج ذلك النصف أو قصروا يده عنه فأشبه الغصب كمن زنى بامرأة أبيه مكرها قبل المسيس فعزم الأب نصفه يرجع به على الابن كأنه ألزمه إياه لو قصر يده عنه والإكراه منع صيرورة الفرقة مضافة إليها والذي يشبه الأداء قضاؤه قيمة عبد بغير عينه تزوج عليه امراة لوجب الوسط عندنا وعنده مهر المثل لفساده بالجهالة كما في البيع قلنا قد يثبت الحيوان دينًا في الذمة كمائة من الإبل في الدية وكعبد أو أمة في غرقًا لجنين فينبت هنا لأن مبناه على المسامحة بخلاف البيع والجهالة يسير يتحمل في مثله للعلم بجنسه بخلاف الدابة والثوب غير أن الوسط لجهالة وصفه يعجز عن تسليمه إلا بتعينه وذلك بالتقوم فصار القيمة من وجه أصلًا ومزاحمة للمسمي فتسليمها لخلفيته بتسمية قضاء ولأصالته تعيينًا يشبه الأداء فيجبر على قبول أيهما أتى به بخلاف العبد المعين أو المكيل أي الموزون فإن القيمة فيها قضاء محض لا يجيز على قبولها إلا عند تعذر الأصل
كالغصب ثم هذه المزاحمة لكونها انتهائية مترتبة على العجز عن المسمي بنوع من الجهالة تضرب بعرق إلى الخلفية كما على عبد معين فاستحق أو هلك أو أبق ولزم قيمته ولم تفسد كما على عبد معين أو قيمته لجهالة المسمي ابتداء بجهالة القيمة لأنها دراهم مبهمة والتردد في نفس المسمي.
التقسيم المختص بالأداء:
هو بحسب وقته إما مطلق كالزكاة والعشر وغيرهما من فرض العمر، وإما موقت والمراد به ماله وقت محدود الأول والآخر وهوإن فضل وقته من كل وجه فظرف وإن ساواه فقدر به زيادة ونقصانًا فمعيار، وإن فضل من وجه دون آخر فمشكل إما فضل المؤدي عن الوقت فغير واقع لأنه تكليف بما لا يطاق إلا لغرض القضاء وكل من الظرف والمعيار إما سبب للوجوب أو ليس بسبب على زعم القوم وقسم من المعيار الذي ليس بسبب ليس بشرط للأداء والباقية شروط له ولذا عده الجمهور من المطلق كالنذر المطلق بالصوم ومنه يعلم أن المعيارية والظرفية لا يقتضي الشرطية للأداء وكون المحال شروطًا مسلم لكن للوجود ومن حيث هو محل مالًا للأداء ومن حيث هو معين فالمجموع ستة أقسام:
الأول: أداء الصلاة المكتوبة ويسمى الموسع وقته ظرف للمؤدي لفضله من أقل القدر المفروض منه وشرط للأداء لفوته بفوته وسبب للوجوب لأمور:
1 -
اختلاف الواجب الموجب لاختلاف الأداء باختلاف صفة الوقت صحة وفسادا فإن الأصل أن يختلف الحكم باختلاف سببه كالملك بالبيع صحة وفسادًا ليظهر في حل الوطئ وثبوت الشفعة وغيرهما.
2 -
دخول لام التعليل في قوله تعالى {أَقِمِ الصَّلَاةَ لِدُلُوكِ الشَّمْسِ} فإنه الأصل فيها دون الوقتية.
3 -
إضافتها إليه كصلاة الظهر إذ هي للاختصاص فمطلقها ينصرف إلى كماله وذا بالسببية للوجود ولئلا يلزم الجبر نقلت إلى سببية الوجوب.
4 -
تجدد الوجوب بتجدده فإن الدوران أمارة السببية.
5 -
بطلان التقديم عليه وأورد بالشرط ورد بجواز التقديم عليه كالزكاة قبل الحول ونظر بأن امتناع تقديم المشروط على الشرط ضروري والجواب لأن شرط وجوب الأداء فتقدم الجواز لا ينافيه وجوابه أن المراد أن الوقت لو كان شرط الوجوب لما نافى جواز
الأداء قبله كالحول ولما لم يجزأ إجماعًا علم أنه سببي.
وها هنا تحصيلات:
أ - أن معنى سببته أن الموجب وهو الله تعالى رتب الحكم الاصطلاحي وهو تعلق الإيجاب لا الحقيقي وهو نفسه فإنه قد تم عليه لظهور تيسيرا كما رتب الملك على الشراء والاحراق على النار عندنا ونسبته أن حضور الوقت الشريف والبقاء إليه يصلح داعيًا إلي تعطم الله بهيئة وضعت له أو دافعه لطغيان النفس بمنع سؤلها أو بذل شقيقها أو بالجمع بينهما.
ب - أنه سبب لنفس الوجوب لأن سببه الحقيقي الإيجاب القديم الذي رتبه على الوقت والأمر لطلب إيقاع ذلك المرتب الذي هو وجوب الأداء فهو به والفرق بين اشتغال الذمة بشيء ولزوم تفريغها عنه أو بين لزوم وجود الهيئة ولزوم إيقاعها أو بين لزوم الفعل ولزوم إيقاعه ظاهر إما مفهومًا فلأن الفعل سواء أريد به نفس المصدر أو الحاصل به نسبة إلى الفاعل هي باعتبار تعلقها بالفعل يسمى وقوعًا وبالفاعل إيقاعًا وأداء فالوجوب معتبرًا في الأول يسمى نفس الوجوب واشتغال الذمة وفي الثاني وجوب الأداء ولزوم تفريغها وأما وجودًا فلأن الشرع على الأول بالسبب ضبطًا للتكليف على العباد بدليل تمييز الأداء عن القضاء ووجوب القضاء والإثم بفوتهما في نحو من أغمي عليه من قبل الفجر إلى طلوع أول الشمس ومات قبل آخره والثاني بالمطالبة فالبدنية فيهما كالمالية فالمراد بنفس الوجوب لزوم الوقوع عن ذلك الشخص وهو لازم الايقاع في ذلك الوقت لكن وجوب اللازم لا يقتضي وجوب الملزوم كما في آخر جزء من الوقت ومبناه أن شرط التكليف ليس الاستطاعة بل القدرة بمعنى سلامة الأسباب والألات بل توهمها ففي المغمى عليه والنائم في جميع الوقت نفس الوجوب متحقق والألم يلزمهما القضاء ولا الاثم بفوتهما والوجوب في الجملة لا على هذا الشخص لا يقتضي تأثيمه بالترك فكيف بالفوت وليس ذا بالخطاب لأنه لمن لم يفهم لغو فبالوقت إذ غيرهما مع أنه لا يصلح سببًا بالإجماع وحصول العلم بسببية الوقت من الخطاب لا يقتضي كون نفس الوجوب بالخطاب ولا ينافي تقرر السببية في حق من لا يفهمه كما أن حصول العلم بأن الإتلاف سبب الضمان والنكاح سبب الحل لا يقتضي كون سببهما الخطاب ولا ينافي تقرر سببيتهما في حق الصبيان والمجانين أما وجوب الأداء فذكر فخر الإِسلام هنا أنه متراخ إلى زوال الغفلة وفي شرح مبسوطه أنه متحقق على وجه يكون وسيلة إلى وجوب القضاء
بتوهم حدوث الانتباه على نحو توهم القدرة في الجزء الأخير في نفس الوجوب لإيجاب القضاء ومبني الطريقين أن القضاء مبني على نفس الوجوب أو وجوب الأداء وجه الأولى أن وجوب الأداء بالخطاب وخطاب من لا يفهم لغو ولو يفعل بعد زوال الغفلة إن أريد الإقدام الآن على الفعل بعد وإن أريد الإلزام الجبري بعده فذا نفس الوجوب أو الإلزام الآن وطلب الفعل فذا تعجيل نفس الوجوب وتأخير وجوب الأداء الذي هو المدعى، وخطاب المعدوم أيضًا على هذه الاعتبارات وبذا صح بعث النبي عليه السلام إلى قيام القيامة وجه الثانية إن وجوب الأداء عليهما بعد فوت وقت الأداء غير معقول وإن القدرة الممكنة تشرط له لا لنفس الوجوب ولا للقضاء كما ستعلم فيلزم أن لا يشترط فيهما وإن القضاء وإن سلم ترتبه على نفس الوجوب فيتوسط وجوب الأداء أو فوت الأداء الواجب فيتحقق فيهما متراخيًا عن نفس الوجوب إلى أن يتضيق بحيث يسع للأداء بتوهم الانتباه ليجب القضاء وكذا في المريض والمسافر لأن الخطاب لهما بالتاخير إلى العدة لكن على وجه الجواز بدونه بالحديث ووجوب الأداء فيها لا ينافي جوازه قبلها به وبدلالة الترخص ولا نفس الوجوب قبلها لما مر أن وجوب الوقوع لا يستلزم وجوب الإيقاع كما في النائم ويكون إتيانًا بالمأمورية لكفاية الجواز في ذلك كما في الموسع والمخير وكذا في البيع بثمن غير معين فنفس وجوب الثمن في الحال وإلا اجتمع البدلان في ملك المشتري ووجوب الأداء عند المطالبة لا سيما مع الأجل وكما إذا أتلف الصبي المال فنفس الوجوب عليه ووجوب الأداء على وليه لأنه المطالب ومثله وجوب المهر في النكاح ووجوب التسليم في ثوب ألقته الريح في حجر إنسان وهذا أوفق لأن الوجوب جبري ووجوب الأداء متراخ إلى الطلب.
ج- أن السبب ليس كل الوقت وإلا فلو وقع الأداء فيه لتقدم على سببه أو بعده فتأخر عن وقته وكلاهما لا يجوز ولا مطلق الوقت يمعنى صحة سببية، أي وقت كان وإلا لصح سببية كل الوقت وقد بين امتناعه ولما فسد المؤدي بفساده إذ لا فساد في المطلق من حيث هو فبعد الكل لا يتخطى عن القليل وهو الجزء الذي لا يتجزى بلا دليل إذ لم يرد شرع بمقدار مخصوص ولا يقتضيه عقل فيكون أول جزء منه إذ لا يزاحمه ما بعده المعدوم لكن لا على وجه تقرر السببية إذا لم يتصل به الأداء وفيه خلاف الشافعي في قول وإلا لا نعلم بتأخيره ولم يجب على من صار أهلًا بعده ولم يتغير أحكامه بعده بنحو السفر والحيض وضدهما فأفاد نفس الوجوب وصحة الأداء خلافًا لأكثر العراقين من
أصحابنا فإن الوجوب عندهم بآخر الوقت لكونه المعتبر في تغير الأحكام قلنا ذلك لتقرر المسببة لا لأصلها ثم قال بعضهم المؤدى في أوله نقل يمنع لزوم الفرض كالتوضؤ قبل الوقت.
قلنا: قياس المقصود على الوسيلة وبعضهم موقوف إن بقي إلى الآخر مكلفًا كان فرضًا وإلا فنفلا كالزكاة العجلة حيث يستردها المالك قائمة من الساعي لو لم يحصل عند الحول ما بها بلغ قضايا وإن تصدق بها كانت نفلًا ولو بقي كانت فرضًا قلنا بنافيه الأحكام كالنية وغيرها وإنما لم يفد وجوب الأداء فلو مات في أوله لا شىء عليه لأنه متراخ إلى وقت الطلب وهو أن يتضيق بحيث لا يسع فيه إلا فرض الوقت فحينئذ ينتهي التخير ويتحقق المطالبة ويأثم بالتأخير إجماعًا وإن لم يتقرر السببية فاستحقاق الأداء قبل الجزء الأخير لاحتمال تقرر السببية على اعتبار الأداء فالتأثيم بتركه للزوم التفويت بخلاف ما قبل التضيق إلا عند زفر ونظيره الزكاة بعد الحول لا يطالب على الفور ولكن بشرط أن لا يفوته عن العمر وفي آخره يتعين ويأثم حاصل وقال الشافعي رحمه الله في رواية وجوب الأداء أيضًا فيه إذ هما معنى واحد في العبادات البدنية وقد مر فساده والثمرة في تغير الأحكام فمن حاضت بعد قدر يسع فيه فرضه لا يسقط قضاؤه عنده ثم أن اتصل الأداء به تقررت السببية عليه وإلا انتقلت جزعًا فجزعًا إلى ما يلي الأداء لكونه أولى بدلًا عما فات ولا يزاحمه ما هو آت لا على جميع ما سبق لأنه عن القليل بلا دليل والمنتفى عن الأول تقرر السببية والمنتقل أصلها فلا منافاة وهذا الموقوف على الأداء تقرر السببية لا أصلها فلا دور يتوقف الأداء على الوجوب الموقوف على السببية ثم إذ انتهت السببية إلى الجزء الأخير استقرت فيه إن وليه قدر الشروع وإن كان تأخير التخيير إلى أن يتضيق الوقت بالإجماع وهذا السببية عند زفر رحمه الله، وإلا كان تكليفًا بما لا يطاق وسيجيء جوابه إن شاء الله تعالى، فيعتبر حال المكلف عنده في الحيض والطهر والصبا والبلوغ والكفر والإِسلام وغيرها ويعتبر صفته في حق الصلاة كمالًا كما في الفجر فبطلوعها يبطل فرضيته عندهما، وأصله عند محمَّد رحمه الله ونقصانًا كما في العصر فبغروبها لا تبطل وقاس الشافعي رحمه الله تعالى الفجر على العصر ولحديث أبي هريرة رضي الله عنه وفرقنا من وجوه:
1 -
أن نقصان الأوقات الثلاثة لوقوع عبادة الشيطان فيها بعبادة الشمس وكانوا يعبدونها بعد الطلوع وقبل الغروب فقيل الطلوع كامل فيفسد ما التزم فيه باعتراض الفساد عليه وقبيل الغروب ناقص لا يفسد ما استؤنف فيه بذلك.
2 -
أن في الطلوع دخولًا في الكراهة وفي الغروب خروجًا عنها إذا الطلوع بظهورها حاجبها والغروب بخفاء آخرها.
3 -
إن العصر يخرج إلى وقت الصلاة لا الفجر والحديث مؤول بأنه لبيان الوجوب بإدراك جزء من الوقت وإن قل وباؤه رواية فيتم صلوته فالصحيح تأويل الطحاوي أنه كان قبل نهيه عن الصلاة في الأوقات الثلاثة وليس ذلك نهيًا عن التطوع كما بعد الفجر والعصر إذ قضاء الفوائت فيها لا يجوز ولذا انتظر عليه السلام غداة ليلة التعريس إلى ارتفاع الشمس ولا يرد مد العصر من أول وقته إلى أن تغرب قبل الفراغ حيث لا يفسد لأن شغل كل الوقت بالعبادة عزيمة فاتصال الفساد بالبناء جعل عفوًا للمقبل عليها لحصوله حكمًا قصدًا كمن قام إلى الخامسة في العصر يستحب له الالقام بخلاف الابتداء وعدم مقصوديته هو معنى تعذر الاحتراز عنه إذ لو أريد تعذر ترصد الموافقة بين آخر الصلاة والوقت كما ظن لم يكن إلى حديث البناء والاستشهاد بالقيام إلى الخامسة حاجة فالمراد اتصال الفساد البنائي بمجموع وقتى الاحمرار والغروب لا بالثاني فقط وبه تحقق أن بناء الفساد لازم الأخذ بالعزيمة لأن ابتداء الفساد من الوقت والباقط مبني على مثله فلا يشكل بالفجر إذ لا فساد في شيء من وقته، وقيل: كل جزء من الوقت سبب لكل جزء من الصلاة يلاقيه وهذا يشكل بالفجر ثم لو لم يؤد في آخره أيضًا انتقلت إلى كل الوقت في حق تكامل اللازم وعدمه لا في حق لزوم أصله أو وسفه لأن الضرورة الصارفة اندفعت ولا فساد فيه فوجب القضاء كاملًا فلا يقضي عصر الأمس لا في محض الوقت الناقص ولا بالشروع في الكامل وختمه فيه لأن ذات الوقت لا نقصان فيه وإنما يعتبر ناقصًا بوقوع الأداء فيه تشبيهًا بعبادة عبدة الشمس فإذا مضى خاليًا عنه كان كسائر الأوقات وبه يندفع الإشكال بأن الكل ينقص بنقصان البعض وبنحو إسلام الكافر وقت الإحمرار تم قضاء العصر في اليوم الثاني فيه لو ثبت أنه لا يجوز ويقرب منه الجواب بأن الفوات عن الوقت وصيرورته دينًا في الذمة توجب القضاء مطلقًا عن الوقت ولذا لا يجوز قضاء الاعتكاف في الرمضان الثاني وإنما ورد المنع فيها عما هو قربة مقصودة من شأنها شدة الرعاية واللزوم المطلق فلا يرد جواز سجدة التلاوة والنفل في أحدها بعد وجوبها في الآخر لأنها ليست قربة مقصودة وإن وصفوها بها بمعنى آخر ولذا لا يجب بالنذر والركوع ينوب عنها إنما المقصود منها ما يصلح تواضعًا وباب النفل واسع ولذا تجوز قاعدًا وراكبًا موميا مع القدرة وسره ما سيجيء أن منعته جبرت خرج عمومه لزومه
بالشروع لضرره صون المؤدي عن البطلان فلا يظهر في تكامل اللازم لا حالًا ولا مالًا.
ثم لا مدخل السببية كل الوقت في القصر ونحوه ولذا لو سافر في آخره وفاتت يقصر مع أن السبب كل الوقت، وله أحكام:
أ - أن جزأ من الوقت إما يتعين للسببية ضمنًا بالأداء لا تصدا بالقلب ولا تصدا بالفعل كخصال الكفارة لأن تعيين شرط أو سبب لم يعينه الشارع بنزع إلى الشركة في وضع المشروعات ولأن الإبهام لارتفاق العبد وتعيينه ينافيه إذ ربما لم يقدر على ما يعنيه.
ب - أن تأخير الواجب عنه بفوته لأنه شرط الأداء.
ج - جواز غير ذلك الواجب فيه لظرفيته معلومة في ذمة من عليه ومنافعه ملكه فيجوز صرفها إلى غيره كالمديون لا ينفى وجوب دين آخر أو قضاء وكان هو المشترك.
د - اشترط النية لأن الأداء به بصرف ماله إلى ما عليه في الوقت كما أن القضاء ذلك بعددها.
هـ - تعيين النية بفرض الوقت ليمتاز من سائر المحتملات وذلك بالقصد القلبي
وندب الذكر والاعتبار للقلب والأصح أن ذكر فرض الوقت شرط.
و- عدم سقوط التعيين بضيق الوقت لثبوته أصلًا سابقًا حين توسعه فلا يزول بعرض كالاغماء والجنون أن لم يوخذ قصدًا لأن العوارض لا تعارض الأصول كما لا تعارض الدخول في دار الحرب إذ قتل أحد المسلمين الآخر فيها العصمة الثابتة بدار الإِسلام ولا بالتقصير أن آخر قصد الآن سقوطه ترفيه لا يستحق بالتقصير ولأن سبب وجوب التعين باق عند ضيفه إذ لو قضى فرضًا أو أدى نقلًا عنده جاز.
الثاني: أداء صوم رمضان ويسمى المضيق وقته معيار لأنه مقدر به فلا يزيد ولا ينقص ومعرف به إذ النهار جزء مفهومه فلا ينقص عنه أو معروف مقداره به كالكيل أي مقدر به عندنا كما في نفس الأمر بخلاف الظرف وسبب لوجوبه لقوله تعالى: {فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ} (البقرة: من الآية 185) والترتيب على المشتق آية عليه المأخذ ولصحة الأداء للمسافر ولا خطاب في حقه فبالوقت إذ لا ثالث بالإجماع، ولسائر الطرق الأربعة السالفة فعند الأكثر الجزء الأول من كل يوم سبب لصومه لأن كل عبادة منفردة يتحلل بينها المنافي وذهب السرخسي إلى أن السبب مطلق شهود الشهر لظاهر النص والإضافة فأول جزء منه لئلا يتأخر ولذا يجب على أهل جن في أول ليلة قبل الصبح وأفاق بعد الشهر القضاء وسببية الليل لا يقتضي جواز الأداء فيه كمن أسلم في آخر
الوقت ولظاهر قوله عليه السلام «صوموا لرؤيته» (1) فإن المرد شهود الشهر لا حقيقتها إجماعا وشرط لأدائه لما مر.
وله أحكام:
أ - أن لا يشرع غيره فيه لأن الشرع لما وجب شغله به ومعايرته ينفي التعدد انتفى غيره فقالا لو نوى المسافر واجبًا آخرًا والنقل أو أطلق وقع عنه لأن نفس وجوبه ثابت عليه لعموم سببه بعموم نصه ولذا صح بلا توقف كالحج من الفقير لكمال سببه وهو البيت بخلاف الظهر المقيم يوم الجمعة في منزله والصلاة في أول الوقت على قول والزكاة قبل الحول لوجود سببها ذاتًا وهو النصاب لا وصفًا وهو النماء وفيه خلاف الظاهرية وحديثهم معارض بحديث أنس رضي الله عنه فيؤول بأنه عند خوف الهلاك كما هو مورده غير أن الشرع خص الترخص له بالفطر فالصوم الآخر نصب المشروع لانقياد الشرع فانعدم تعيينه كتبة الوصال وكذا المريض وقال بل عما نوى من واجب آخر إذ لا نعلم التخصيص فإنه إذا رخص تخفيف لإصلاح بدنه فلا صلاح دينه وهو قضاء دينه أولى ومشروعيته في حقه لا مطلقًا بل أن أتى بالعزيمة ولأن وجوب الأداء ساقط عنه فصار في حقه كشعبان ففى النفل روايتان بالنظر إليهما والأصح رواية بن سماعة وقوعه عن الفرض لا رواية الحسن قيل وكذا إطلاق النية والأصح فيه وقوعه عن رمضان رواية واحدة لأن الترخيص بتركه أو صيرورته كشعبان لا يتحقق بلا تصريح بغيره إما المريض فروى الكرخي أنه كالمسافر وهو المختار في الهداية، وأوله السرخسي بأنه فيما يضره الصوم كالحميات المطبقة ووجع العين والرأس وغيرها فتعلق ترخصه بخوف ازدياده إما فيما لم يضره كفساد الهضم والمبطلون فيتعلق ترخصه بحقيقة العجز لدفع الهلاك فإذا صام ظهر عدم عجزه وفات شرط الرخصة فيما لم يضره أصلًا وفيما يضره فبازدياد المرض كالمسافر وبخوف الهلاك كالصحيح وهذا أوضح من تأويل السرخسي وأقرب إلى التحقيق من قول شمس الأئمة أن الصحيح عن أبي حنيفة رضي الله عنه أن المريض مطلقا كالصحيح.
ب- أن تعيينه لا يغني عن تعيين العبد باختياره لكونه قربه وقال زفر رحمه الله تعالى التعين أوجب كون منافع العبد مستحقة لله تعالى لأن الأمر بالفعل متى تعلق بمحله بعينه فعلى أي وجه وجد الفعل وقع عن الجهة المستحقة كالأمر برد المغصوب والودايع وكهبة النصاب من الفقير المديون أو متفرقًا أو متعددًا أو على قوة مذهبهم وعمل أجير الموحد
(1) أخرجه البخاري (67412) ح (1810)، ومسلم (76212) ح (1081).
مطلقا والأجير المشترك في عين تعلق العقد به قلنا المراعي في العبادة ليس صورتها فقط بل ومعنى القربة ولا يحصل ذا بالجبر بل بصرف ماله على ما عليه وليس إلا بالنية فاندفع الكل إلا هبة النصاب وهي بجعل مجازًا عن الصدفة استحسانا لأنها عبادة تصلح له ولذا لا يتمكن من رجوعها أو نقول معنى تعيين الشرع نفي مشروعية المصرف إلى غيره أو عدم الصرف إلى شيء لاستحقاق منافعه وإلا كان جبرًا بخلاف غير العبادة والاختيار في نفس الفعل غير كاف بل في الصرف على الجهة المطلوبة وموضع الخلاف المقيم الصحيح إذا لم يحضره النية بشيء إما في المسافر والمريض وعند نية التهتك لا صوم بالاتفاق والكرخي ينكر أن هذا مذهبه ويحمله على كفاية النية الواحدة للشهر كقول مالك رحمه الله تعالى.
ج- أن تعيين أصله بالنية كاف والخطأ في وصفته كنية النفل أو واجب آخر غير مضر وقال الشافعي وصفه متنوع فرضا ونفلا وعبادة توثر في زيادة الثواب والعقاب كأصله فيشترط النية له نفيا كالتحيز كما فيه كالصلاة ولا يرد حج الفرض حيث يتأدى بمطلقها إجماعًا وبنية النفل عندي لأنه ثبت بدلالة حديث شبرمة مخالفا للقياس وأمر الحج عظيم الخطر لا يمكن إلحاق الصوم به قلنا بموجب العلة مسلم لكن التعيين الشرعي جعل الإطلاق تعيينا لا أن التعيين موضوع كالمتعين في مكانه ينال باسم جنسه والشرع اعتبر الصوم موجودًا وإلا يصب باسم نوعه أو معقوليته كافية ولذلك جعل نية الوصف المخالف لغوا مع ما يتضمنه من الأعراض إذ إبطال الأصل لبطلانه قلب المعقول فيبقى الإطلاق المعتبر موافقًا كما في الحج والمسألة مصورة فيما شك في اليوم الأول من رمضان فنوى نفلا أو واجبا آخر ثم تبين أنه منه وإلا فالإعراض لتضمنه أن لا أمر من الله تعالى بالصوم يخشى عليه الكفر كذا الرواية.
أن تثبيت النية ليس بشرط بل اقترنها بأكثر النهار كاف وقال الشافعى رحمه الله تعالى وجب شمولها كصوم القضاء بل أولى لإيجابه الكفارة دونه لأن أجزائه أيضًا قربة فيفسد لخلوه عن النية وسرى إلى الباقي لعدم التجزي لدخول إمساكات الأجزاء تحت خطاب واحد وإن تعدد وهو {أَتِمُّوا الصِّيَامَ} (البقرة: من الآية 187) ومثله يأخذ حكم الوحدة نحو فاطهروا في جواز نقل البله بخلاف أعضاء الوضوء ووجب ترجيح الفساد احتياطيا والنية المتقدمة تتعلق بالكل والمعترضة لا تتقدم كما في الصلاة وفيما بعد نصف النهار إلا في النفل لأنه منجز عندي قلنا لما ينجز صحة وفساد أو سقط قرن النية أوله وكله للعجز
إجماعًا صار ابتداؤه كبقاء الصلاة في التعذر وبقاؤه كابتدائها في عدمه فالعجز إذا جوز فصل النية عن الركن بالتقديم ولهما فضل الاستيعاب تقديرا ونقصان موجب الإخلاص حقيقة وهو الاقتران بالأداء فلان يجوز العجز الموجود في حق البعض بالإقامة بعد الصبح وفي حق الكل بعدم النية من الليل لا سيما ناسيا وفي يوم الشك لأن النية الفرض حزام والنفل لغو عنده فضل النية مع وصله بالركن أولى إما لأن نقصانه نية بقليل ورجحانه حقيقة في الإخلاص بكثير قائم مقام الكل فبذا يجب الكفارة للفطر كما روى عنهما ولا ضرورة داعية على ترك هذا الكل التقديري ولئن وجدي فليس له خلف فلم يجوزه بعد الزوال وترجيحنا بالكثرة في الوجود فهو أولى من ترجيحه بحال الفساد كما سيجيء وفضل تقديمها للمسارعة وإما لأن صيانة فضيلة لا درك لها ولا خلف ولا تفض إلى ترك أخرى أخرى واجبة وإن كان بنوع من الخلل كفضيلة الوقت ولذا قالوا التجويز مع الخلل أولى من التفويت كالعصر وقت الاحمرار والأداء مع النقصان أفضل من القضاء كالاعتكاف المنذور في رمضان وإن لم يكن مع الصوم القصدي ويدل عليه قوله عليه السلام "من فاته صوم يوم من رمضان لم يقضه صيام الدهر كله (1) " وليس هذا قولًا بإسقاط الشرط لإدراك الفضيلة بل بمشروعية النية على وجه لا يفضى إلى تركها كما كان بالتقديم على وجه لا يودي إلى فساد الصوم وقلنا لإدراك لهما ليخرج صوم القضاء ويفسد القياس عليه إذ لا ضرورة إلى صيانة وقته لاستوائها في حقه قلنا شرط التثبيت فيه ولا خلف لها ليخرج فضيلة غسل الرجل لأن المسح خلفه بدون شرط التعذر وتعجيل الصلاة أول الوقت ونحوهما ولا تفض على ترك أخرى ليخرج فضيلة الوقت أو الجمعة أو الجماعة في عدم جواز التيمم لخوف فوتها إذ يقضى إلى ترك الأداء بالتوضي ورعايته أخرى لما علم أن الطهارة أهم الشروط ولذا لا تترك بلا خلف بخلاف فضيلة الوقت ولا مع خلف إلا عند تعذرها بخلاف الجمعة أو الجماعة لا يقال فلها خلف وفضيلة الوقت لا خلف لها فهي بالرعاية أخرى والقضاء خلف للأداء لا لفضيلة الوقت لأنا نقول عند وجدان الماء لا خلف لها أيضًا فلا يعتبر الماء الموجود معدوما بفوت فضيلة العبادة وإن
(1) أخرجه البخاري معلقًا (2/ 683)، والترمذي (3/ 101) ح (723)، والدارمي (2/ 19) ح (1715)، والبيهقي في الكبرى (22814) ح (7854)، وأبو داود (2/ 314) ح (2396)، والنسائي في الكبرى (2/ 244) ح (3278)، وابن ماجه (1/ 535) ح (1672)، وابن أبي شيبة في مصنفه (3/ 110) ح (12569)، والإمام أحمد في مسنده (2/ 386) ح (9002).
اعتبر لفوت أصلها كما في صلاة الجنازة والعبد وإنما قيدنا الأخري بالأخرى ليخرج جواز ترك الترتيب عند تضيق الوقت؛ لأن فضيلة الوقت لثبوتها بالقطعي أخري بالرعاية من فضيلة الترتيب الثابتة بالظني ولذا اتفق ثمة واختلف هنا ولذا لا نعمل بالواجب على وجه يقضي إلى ترك الفرض وإنما لا نترك فضيلة الترتيب للجمعة أو الجماعة لأنها أقوى إذ مجرد تركها يبطل الصلاة دون مجرد تركهما أو لأن وقتهما بعد قضاء الفائتة إلا مع الضيق ونحوه، ثم هذا الترجيح كترجيح الخصم بالحال فيضعف تعارضنا به ويوجب عدم الكفارة كما روى عن أبي حنيفة رضي الله عنه بخلاف الترجيح الأول بالذات والأصح أن يقال التمسك في صحة نية صوم رمضان في النهار بضرورة صيانة فضيلة الوقت يوجب عدم لزوم الكفارة لئلا يتعدى عن موضع الضرورة وما قلنا بتقديم النية المتأخرة بل يتوقف الامساك على وجود النية في الأكثر وذا طريق مسلوك كتصرفات الفضولي ولتعليقات والوقتية المؤداه مع تذكر الفائتة عند الإِمام ولا بالإسناد وإن قيل به اعتبارا بالخيار في البيع لأن أثره إنما يظهر في الموجود لا المعدوم حتى لو هلك ما زاد بعد خيار المشتري في يد البايع ثم أجاز لا يسقط بمقابلته شيء من الثمن بل لإقامة الأكثر مقام الكل فإن النية يجب فيما قبل نصف النهار الصومي المعتبر من طلوع الفجر وهو الضحوة الكبرى فالأصح أن لا تصح أو نوى بعدها وقبيل الزوال ولا بفساد الجزء الأول لاحتمال صحته بالنية التقديرية لكون الامساك فيه أيضًا قربة تقديرية ولحقيقه أن الصوم قهر النفس بترك غذائه وتأخير عشائه إلى الغروب فكان ابتداء الركن من الضحوة معنى وما قبلها إمساك معتاد لا مشقة فيه لكن لا بد منه لتحقق الركن فكان تبعًا لا مشقة فيه لكن لا بد منه لتحقق الركن فكان تبعًا فيستتبعه نية تقديرًا كما يستتبع الأمير العكر والمولى العبيد في نبذ الإقامة.
هـ - أن يقدر الصوم بكل اليوم لمعياريته ولذا لا يقدر النفل ببعضه حتى لو أسلم أو ظهرت بعد الفجر لا ينتقل بصوم ذلك اليوم فلا يتأدى بالنية بعد الزوال بل قبله وقال الشافعى رضي الله عنه يصير صائمًا من حين نوى فيجوز بنية بعده في قول ومع المناني في أوله في قول لكن بشرط عدم الأكل ليحصل مخالفة بنية بعده في قول ومع المنافي في أوله في قول لكن بشرط عدم الأكل ليحصل مخالفة هوى النفس إلا عند القاشاني وذلك لأن مبنى النفل على النشاط ولذا لم يقدر الصدفة النافلة بخلاف الواجبة وقد وجد في الشرع إمساك بعض اليوم كما في الأضحى قلنا لتعظيم الضيافة بأن يقع أول المتناول من طعامها
ولذا لم يثبت في القرى لجواز التضحية بعد الصبح.
الثالث: كأداء الصلاة والصدقة المنذورتين في يوم بعينه وقته ظرف للمؤدي وشرط للأداء بمعنى فوته بفوته وسبب لوجوب الأداء وليس سببا للوجوب فإن سببه النذر وقيل: سبب لأن البقاء على كل وقت نعمة يستدعي الخدمة شكرًا غير أن الشرع رخص بتخصيص الإيجاب ببعض الأزمنة فإذا نذر أو شرع فقد أخذ بالعزيمة فإن النذر كالخطاب والوقت كالوقت وهذا يناسب قول محمَّد في العبادات البدنية حيث لا يجوز تقديمها على أوقاتها المعينة لا في المالية خلافا لزفر وكذا الخلاف في تعيين المكان والفقير والدرهم له أن أفعال العباد قد تخلو عن الحكم لعدم علمهم فلا يعتبر معانيها بل ألفاظها فيعتبر كل تعيين في النذر ببدنية أو مالية كما في النذر المعلق والمشروط والوصية التصدق على معنين إلا في رواية المحيط والأمر بتطليق امرأته هذه السنة بخلاف أوامر الله تعالى لاستحالة خلوها عن الحكم فيعتبر معاينها والأصل لنا أن إيجاب العبد معتبر بإيجاب الله تعالى فله أن إيجاب الله تعالى يوجب امتناع تقديم النية على أوقاتها المعينة بخلاف المالية كالزكاة وصدقة الفطر فكذا هذا يؤيد أن النذر جعل ما هو مشروع الوقت نفلا واجبًا والتعين بغير الوقت لم يشرع نفلًا إما يتبدل الوقت فيتبدل المشروع قلنا كون النذر معتبرا بإيجاب الله تعالى من جهة ما هو قربة فإيجاب الله يستلزمها مطلقا وإن عجزنا عن درك كيفيته لأن الامتثال يستلزم التعطم إيجاب العبد يعمل فيما اشتمل عليها ولذا لا يجب به ما ليس من جنس القربة المقصودة فضلًا عما ليس من جنس القربة كالنذر بالمعصية وبما ليس شيئًا منهما كصوم الوصال ولا جهة لها في تعيين الوقت والمكان والفقير والدرهم حتى فرق أبو حنيفة رضي الله عنه في أن من نذر صوم رجب فاستوعبه الجنون قضى بخلاف ومضان بأن لا قربة في تعيين العبد بخلاف تعيين الله تعالى فلا يكون للوقت المعين مدخل في سببية نفس الوجوب بل في سببية وجوب الأداء كما في الزكاة تيسيرا على العباد ولذا لو قال في الصحة ما ذاب لك على فلان فعلى فوجد الشرط في مرضه يلزمه من جميع المال فإذا عجله كان بعد نفس الوجوب فجاز وأيضًا لا يعتبر تعيين ما إلا من حيث يتعلق به ما هو المقصود وهو التيسير فلو هلك لدرهم المعين سقط ولو مات قبل الوقت المعين لا يلزمه أن يوصى إلا فيما يروي في الخلاصة وعلى ذلك جوازًا لصوم بمطلق النية وبها قبل الزوال وإن جاز لمن نذر صوم يوم النحر أداؤه فيه إما إذا تعلق التيسير بعدم اعتباره فلا كما في جواز التعجيل لاحتمال العجز في الوقت أو الموت قبله وجواز التصدق بمثله
أو الاعتكاف في مسجد آخر، ولو كان الوقت سببا لما صح نذر صوم يوم العيد لأنه التزام الحرام كما لا يصح نذر صوم يوم الحيض أو يوم الأكل إجماعًا وصوم يوم الخميس أو غدًا فوافق حيضها إلا عند زفر رحمه الله تعالى بخلاف صوم يوم يقدم فلان فأكل أو حاضت فيه فقدم فعندهما يقضي لأنه التزام منكر ذاتا لا عند محمَّد وزفر رحمه الله تعالى لأنه معروف وصفا كما قبله وإنما لا يقدم في المعلق والمشروط لوقوعه قبل الشرط والسبب والمضاف سبب في الحال ولا في الوصية والتوكيل لأن صحتهما لا بمعنى القربة بل بمعنى التمليك فعلم أن هذه المباحث آتية في الرابع أيضًا بل إلا ظهر في الصوم قول محمَّد إذا الوقت جزء مفهومه فلو لم يعتبر ذلك الوقت لم يكن الصوم عين الملتزم ولذا لم يلزم الصوم في الوقت المكروه بالشروع لفساد ذاته ولزمت الصلاة به فيه لأن الفساد في وصفها الخارج وهو يكون وقتها منسوبًا إلى الشيطان أيضًا إذا نذر به فيه وإن خرج عن العهدة بالأداء يحكم عليه بلزوم الإفطار وقضائه بل بعده اللزوم في روايه ابن المبارك عنه كمذهب زفر والشافعى أما إذا نذر بها فيه حكم بأدائها لأنه كما التزم لكن لم يفضل على القضاء لأن الفساد وإن لم يكن في المقوم ففط السبب فينقص بخلاف الصلاة في الأرض المغصوبة فإنها كاملة يؤدي بها ما وجب كاملا لأن الفساد لا في المقوم ولا في السبب.
فرع: عين درهما لفقير غدا فصرف اليوم غيره لأخر حتى لفقراء مكة فصرف إلى فقراء بلخ أو أن يتصدق به خبزًا فتصدق به لحما صار أداء خلافا لزفر رحمه الله تعالى وكذا لو نذر صلاة أو صدقة أو غيرهما في مكان فادة، في أفل من شرفه أو أن يعتق نسمة فاعتق خيرًا منها إلا فيما روى هشام في النسمة أو نذر أن يصلى بغير قراءة أو ركعة أو نصفها أو ثلاثًا يلزمه بها وثنتان وأربع إذا لتعيين لغو لعروضه والتزام بعض ما لا يتجزى التزام لكله وعنده ليس بلغو فلا يصح نذر غير المشروع فالأول هدر وفي الرابع يلزم شفع وإنما أهدر محمَّد رحمه الله تعالى نذر ركعتين بغير ظهر بخلافهما لأن الصلاة بغير طهارة لم يشرع أصلًا بخلافها بغير قراءة وذكر في القنية نذران يصلي سنة الفجر أربعًا لا يلزمه ولزمه أن يصلى أربعًا في وقت آخر كصوم يوم النحر.
وأقول: كان فساده أقوى مما في الأوقات الثلاثة ولذا شبهها بالصوم لأن الشرع اعتبر التنفل فيه إعراضا عن تكميل التوجه إلى الفرض كما اعتبر الصوم فيه إعراضًا عن الضيافة التي له بل أقوى ولذا حكم بعدم اللزوم فما فعله في وقت آخر أداء لا قضاء كأداء الصدقة المنذروة قبل ما عين من وقتها.
الرابع: أداء الصوم أو الاعتكاف المنذورين في وقت بعينه ويلحق به الحج المنذور في سنة بعينها وقته معيار لا سبب إذ سببه النذر واستوصوب إلحاقه بالخامس وفيه ما عرفته أن المناسب لمذهب محمَّد رحمه الله تعالى كون النذر سبب وجوب الأداء والوقت سبب نفس الوجوب معتبرًا بإيجاب الله تعالى كيف وبين القسمين فروق في الأحكام إذ هو شرط للأداء بمعنى فوته واذ من حكمه أن لا يبقى صوم الوقت نفلا لمعياريته فيصاب بمطلق الاسم ومع الخطأ في الوصف ويصح نيته قبل الزوال لكن إذا نوى عن واجب آخر نوى عن واجب آخر وقع عما نوى لأن التعيين بولاية الناذر يؤثر في حقه ولا يعدوا إلى حق صاحب الشرع كمن سلم مريدا لقطع الصلاة وعليه سجدة السهو لا يعمل إرادته.
الخامس: أداء صوم الكفارة والنذر المطلق ونحوه من القضاء قضاء الصوم عد من الموقت باعتبار تحد ذوقته بطرفي النهار بخلاف المطلق وقت معيار فقط لا شرط للأداء إذ لا قضاء له ولا سبب بل اعتبر السبب وقت النذر لم يبعد ومن حكمه وجوب النية لكونه قربة وتبيينها لأن الموضوع الأصلي في غير المعين النفل فماذا لم يبينها وقع المساك منه فلا ينتقل وبه أيضًا يعلم فساد قياس الخصم صوم رمضان عليه وان لا يفوت حتى بموت إذ ليس وقته معينا بل محددا فقط وإن لا ينطبق عليه الوقت ذكره فخر الإِسلام في شرح التقويم وهو الصحيح لا ما روى عن الكرخي أنه يتضيق عند أبي يوسف كالحج.
السادس: أداء وقته مشكل لاشتباهه بوجوه:
1 -
إذا فات عن العام الأول أشكل أداؤه لأن إدراك العام الثاني من عدمه غيره معلوم فلو مات فات فهو ظرف في نفسه وهو المذكور في التقويم.
2 -
أنه مع ظرفيته لأنها أفعال عرفت بأسمائها وصفاتها وهيئاتها وترتيبها وكل عبادة كذلك فوقتها ظرف يشبه المعيار إذ لم يشرع في سنة إلا فرد منه.
3 -
أنه مع ظرفيته عندهم كما سيجيء انه متردد بينها لتوسيع محمَّد وبين المعيارية لتضييق أبي يوسف ذاك مع التاثيم بالموت بعد التأخير لا كالصلاة ولتضييق هذا مع القول بالأداء متى فعل لا كالصوم فالثالث ثلاثة قال أبو يوسف وهو رواية بشر والمعلى وابن شجاع عن الإمام رضي الله عنه يتعين العام الأول كوقت الصلاة في تعين أوله وعدم مزاحمة الثاني المعدوم له مع قيامه مقام الأول حين وجوده وكونه أداء فيه غير أنه يأثم التأخير عنه بخلاف للفرق إلآتي وإن ارتفع بأدائه بعد وقال محمَّد بسعة التأخير بشرط أو لا يفوته عن
العمر كقضاء رمضان فإذا فوته أثم فالثمرة التأثيم بالتأخير وفرق بين ارتفاع الإثم بعد حصوله وبين عدم حصوله وإلا فالوجوب ثابت حتى وجب الإيصاء بالاحجاج كما وجب بالفدية لصوم القضاء والكفارة وقال الشافعى لا يأثم بالتأخير وإن مات.
وفي مستصفي الغزالي أن جواز التأخير عنده في الشاب الصحيح دون الشيخ والمريض ثم تعيين أبي يوسف احتياطي من بعد وجود ما يصلح مزاحمًا فلا ينافيه كونه في العام الثاني أداء لوجود المزاحم واجتهادي يظهر في المأثم الأصلي من الشارع كالصوم ليظهر في ابطال جهة التقصير أو اختيار النفل بنبته وتوسيع محمَّد ظاهري من استصحاب الحياة فلا ينافيه تأثيمه إذا مات قبل الأداء وليس كتأخير الصلاة من أول الوقت كما ظنه الخصم للبون البين فإن الكرخي هذا مبني على الخلاف في أن الأمر المطلق يقتض الفور أم عدمه المعبر عنه بالتراخي وأكثر المشايخ على وفاقهما في التراخي فهذه مبتدأة بحمد أنه فرض العمر وفاقًا ويتكرر وقته فيه وهو في كله أداء ويرتفع الإثم بكل أداء فإليه تعيينه في ضمنه كصوم القضاء ووقته النهار المتكررة وإلى العبد تعيينه بالفعل ولذا اصح نية النفل بخلاف صوم رمضان وحرفه اعتبار الحياة المحققة مستصحبة لإبقاء القدرة وعدم إبطالها بالموت الموهوم يؤيده أنه عليه السلام حج سنة عشر من الهجرة ونزلت فرضيته في ست منها قلنا لعام الأول وقت لحوق الخطاب فيتعين إذ الثاني لا يزاحمه للشك في إدراكه بتعارض الحياة والممات لاستوائهما في تلك المدة المديدة والساقط تعارضًا كالساقط حقيقة بخلاف تأخير صوم القضاء إلى اليوم الثاني قال الحياة إليه غالبة والفجأة نادرة لا يقال الظاهر بقاء الحياة كأصلها بالاستصحاب لأنا نقول وكذا الظاهر بعد ذوات العام الأول بقاء فواته وربما يقال أيضًا الظاهر بقاء الانفصال عن الثاني والأول أولى ومبناهما امتداد مدة العود فحرفه اعتبار الموهوم الحصول معدومًا في أن لا يرتفع الثابت به كما في المقصود. وإما أن كله أداء فلأن الاحتياط الداعي إلى تعيينه يرتفع بإدراك الثاني فيقوم مقامه ولذا يرتفع الاثم أيضًا لحصول المقصود وإما تأخيره عليه السلام فلاشتغاله بأمر الحروب وتقوية الإِسلام وربما يعلم بإعلام الله تعالى أنه يعيش إلى أن يعلم الناس مناسكه وإما شرعية نية النفل ممن عليه حجة الإِسلام لأن وقته ظرف في ذاته وشبه المعيار عارض للاحتياط والعوارض لا نعارض الأصول كما صح عند آخر وقت الصلاة نية نفل بفوتها واستحسن الشافعى الحجر عن التطوع اشفاقًا عليه وجريا على دأبه في حجر السفيه فجوزه بنية النفل كما جاز بإطلاقها وقابل وجاز أصله بلا نية في إحرام الرفقاء عن المغمي عليه والابن عن