الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ثلاثة عند محمَّد رحمه الله ومروي في النوادر أن الإِمام رجع إليه قبل موته بأيام لاختلافهما معنى فإن أحدهما قربة مقصودة خالية معنى الزجر والعقوبة والآخر كافر إما في ظاهر الرواية فيجب الوفاء بالمنذور كما هو الصحيح في نحو أن شفي الله مريضى مما يراد وقوعه ولا يرد تخيير موسى عليه السلام بين أن يرعى ثماني حجج أو عشرًا لأن الفضل كان برًا منه بدليل من عندك ولا تخييرنا في نافلة العصر بين الأربع والركعتين لأن في الكثير مزيد الثواب وفي القليل يسرًا ونظير التخيير عند اختلاف الجنس ولزوم الأقل عند اتحاده تخيير المولى عند جناية العبد بين الدفع والفداء كانت القيمة أقل أو أكثر لاختلافهما ولزوم الأقل من الأرش والقيمة عند جناية المدير لأن المقصود المالية.
المبحث الثالث في أحكام الحكم
فللوجوب أحكام:
أحدها: في الواجب على الكفاية وهو:
ما يحصل المقصود من شرعيته بمجرد حصوله فلذا يسقط بفعل البعض كالجهاد المقصود منه إعلاء كلمة الله بإذلال أعدائه إما العين فما لا يحصل المقصود من شرعيته لكل أحد لا بصدوره منه كتحصيل ملكة الخضوع للخالق بقهر النفس الإمارة بتكرار الأعراض عما عداه والتوجه إليه في الصلاة وحكمه الوجوب على الجميع أي على كل واحد وسقوطه بفعل البعض وليس رفع الحكم نسخًا مطلقًا بدليل شرعي متراخ وهذا ارتفاع بطريق عقلى لارتفاع شرطه وهو فقد المقصود وقيل: يجب على البعض فافترقوا فقيل أي بعض كان وقيل: بعض معين عند الله تعالى لنا: إثم الجميع بتركه ولهم أولا لو وجب على الجميع لما سقط بفعل البعض قلنا لا ثم اللزوم كما يسقط ما في ذمة الأصل بأداء الكفيل والاختلاف في طرق الاسقاط لا ينافي وحدة الساقط في الحقيقة كما في الكفاله ونحو قتل من ارتد فقتل نفسًا عمدًا عدوانًا إذ ليس متعددًا في الحقيقة بل في الاعتبار ويسقط من حيث الرد تارة بالنوبة وأخرى باستيفائه، ومن حيث القصاص تارة بالعفو مطلقًا أو على مال وأخرى باستيفائه.
وثانيًا: لو لم يجز الإيجاب على البعض لكان لاتهامه وهو ملغي كما في المخير على المختار.
قلنا: تأثيم المعين بترك منهم من أمور تعينه أي يترك الكل معقول وتأثيم المبهم بترك واجب معين غير معقول فلا يلزم من إلغائه ثمة الغاؤه ها هنا وليس القصد إلى تأثيم كل
واحد ابتداء كما في العين.
وثاكً: قوله تعالى {فَلَوْلَا نَفَرَ مِنْ كُلِّ فِرْقَةٍ مِنْهُمْ طَائِفَةٌ} (التوبة: من الآية 122) ففيه إيجاب على طائفة غير معينة قلنا مؤول بأن فعَل الطائفة مسقط للوجوب جمعًا بين الدليلين.
وثانيها: في الواجب المخير وهو الواجب بالأمر بواحد منهم من أمور معينة كخصال كفارة اليمين والخلق وجزاء الصد وسائر الكفارات مرتبة فالواجب عنده أحدها منهما وتحقيقه أن الواحد من تلك الأمور من حيث مفهومه الذي لا يتعداها معلوم ومن حيث تعدد ما صدق عليه منهم ومخبر فيه فمعنى وجوبه وجوب تحصيله في ضمن معين ما وإن كان نفسه واحدًا جنسيًا ومعنى تخييره التخير في إيقاعه بين المعينات وكان الواجب معلومًا كلف بإيقاعه معينًا والتوقف إيقاعه كذلك على خصوصيات خير بينها وقال بعض المعتزلة الواجب الجمع ويسقط بالواحد وجوب الباقي فأبو هاشم واضرابه على أن الثواب والعقاب لو أحد هو الأعلى الأول والأدنى في الآخر فالنزاع لفظي وغيرهم على أنهما لكل واحد فمعنوي وبعضهم الواجب معين عند الله تعالى وهو ما يفعله المكلف فيختلف وبعضم معين لا يختلف لكنه يسقط به وبالأخر سقوط الواجب بالنفل.
لنا: إمكان الإيجاب على الوجه المذكور ودلالة النص عليه وفي تمسك المعتزل بالنص قولًا بأن المعطوف على المأمور الواجب واجب مصادرة إما أن التخيير لو اقتضى وجوب الجميع لوجب الترويج من جميع الأكفاء الخاطبة عند أمرها به والإجماع على بطلانه وكذا في وجوب اعتاق واحد من جنس الرقبة للكفارة فطعن فيه الإِمام الرازي بأن وجوب الجميع جمعًا غير لازم وبدلًا غير مجمع على بطلانه وليس بشيء لأن وجوب الجميع بدلًا عين وجوب الواحد المبهم فالملازمة إنما هي على تقدير نقيض المدعي.
للمعتزلة الأولى: أولًا أن التكليف بغير المعين تكليف بالمجهول وعلم المكلف والمكلف بالمكلف به ضروري وبالمحال لأن غير المعين يستحيل وقوعه فكل واقع معين ولا قائل بأنه هو.
قلنا: مفهومه معلوم والإبهام في ذاته كما مر.
وثانيًا: بأن الواحد الدائر واجب ومخير فإن تعدد ألزم التخيير بين الواجب وغيره فيرتفع الوجوب لجواز اختيار الغير وعدم فعله وان اتحد ألزم اجتماع جواز الترك وعدم جوازه في شيء واحد قلنا نختار التعدد لأن الأحد الدائر إذا تعلق به الوجوب والتخيير
يأبى كون متعلقيهما واحدًا كتعلق الوجوب والحرمة في كافر أسلم على أختين تحته فتصرف الحرمة إلى معين والوجوب إلى تعيين آخر بمعنى أيهما عين حرم الآخر وها هنا الوجوب إلى الواحد الدائر والتخيير إلى المعينات وإنما يرتع الوجوب لو أمكن إيقاع الواجب لا في ضمن أفراده الكائنة من حيث التعين خيرًا له.
وثالثًا: بقياسه على الكفاية وإن وردت بلفظة التخيير نحو ليفعل سالم أو غانم بجامع حصول المصلحة بمبهم من فاعلين أو فعلين لاستوائها فيهما قلنا أولًا بأن بينهما فرقا ففى الكفاية إجماع على تأثيم الجميع ولا إجماع هنا على التأثيم بترك الكل أو بأنا لا نعلم صحة القياس وإنما يصح لو لم يكن فرق مؤثرًا ولا تم وجود العلة في الفرع وكيف ولازمها وهو التأثيم بالجميع منتف والسند لا يمنع.
وثانيًا: الفرق من جهة أخرى أن الجامع وإن اقتضى ظاهرًا جواز التعلق بالمبهم فيهما لكن ضرورة انتفاء لازمه وهو تأثيم المبهم لكونه غير معقول تضمنت إليه قصار المجموع علة مخالفة الظاهر والوجوب على الجميع ولا ضرورة هنا وإن التأثيم يترك مبهم من أمور معينة معقول وهذه الأدلة مختصة بالأولى لأن الأولى يقتضي علم المأمور بالمكلف به.
والثاني: عدم جواز التخيير بين الواجب وغيره وليسا في المذهبين الأخيرين والثالث ظاهر فللثانية وجوب علم الله بما يفعل لشموله وما يفعله كل هو الواجب عليه اتفاقًا فيختلف.
وللثالثة: وجوب علم الأمر بالمأمور به قلنا عنهما العلم بأنه أحد الأمور كاف بل لو لم يكن علم الأمر بالمبهم على أنه مبهم كان جهلًا ولا تفاوت بين المكلفين بالتكليف بل بالاختيار.
وثالثًا: في الموسع أي وقته وهو الذي يزيد وقته على الفعل فالجمهور على أن كل جزء منه وقت لأدائه وقال القاضي الواجب في كل جزء الفعل فيه أو العزم عليه فيما بعده إلى أن يبقي قدر ما يسعه فبتعيين الفعل وبعض الشافعية على أنه أول جزء فالتأخير قضاء وبعض الحنفية آخر جزء فالتقديم نفل يسقط الفرض كالزكاة المعجلة والكرخي على أنه نفل سقط أن لم يبق مكلفًا إلى آخر الوقت بأن يجن أو يموت وإن بقى علم أنه كان واجبًا وهذا الخلاف غير ما مر أن السبب عند الشافعية أول جزء في رواية وأخره في أخرى وعند أوله أن اتصل به الأداء وإلا فما اتصل به متنقلًا جزعًا فجزعًا إلى أن يتضيق فيتقرر عند زفر رحمه الله تعالى لاعتباره القدرة بالفعل وإلى آخر جزء فيتقرر فيه عند
غيره لأن إمكان القدرة كاف فيعتبر العوارض وبغير الفعل كمالًا ونقصانًا عنده وعند فواته ينتقل السببية إلى الكل كما هو أصله وذلك لاتفاق أصحاب ذلك الخلاف على أن الواقع في كل جزء أداء فهو في تقرر السبب لا أصله.
لنا: لولا تيقننا إيجاب الفعل معينًا بجميع الوقت من غير تخيير وتخصيص فهما تحكم وثانيًا لزوم التقديم على الوقت أو القضاء وكلاهما خلاف الإجماع.
للقاض أن للفعل أو العزم حكم خصال الكفارة.
قلنا: نقطع بالامتثال بخط وصية الفعل والإثم بترك العزم لكون وجوب العزم على فعل كل واجب عند تذكره إجمالًا وتفصيلًا من أحكام الأيمان لا لتخيير ولا تعلق له بالوقت إذ مجوز ترك واجب بعد عشرين سنة آثم وللتعضين دليلان مقلوبان بعضًا مفهومان من ثاني دليلي الجهور قلنا فيهما خلاف الإجماع إنما يلزم لو لم يكن التأخير والتعجيل كخصال الكفارة وهذا إنما يناسب التخيير بين الأداء والقضاء في الوقت وبين الأداء والتقديم في الوقت وللكرخي أن يقرر الوجوب بآخر الوقت مع التكليف عنده واجب ومع عدمه نفل وتنافيه الأحكام كوجوب نية الفرض وغيره.
تذنيبان:
1 -
قيل: إن فرضنا تقارن أول الصلاة بأول الوقت صحت عند الشافعية وعند الحنفية لا بد أن يتقدم جزء عليها لوجوب تقدم السبب. ورد بأن تقدمه ذاتي كتقدمة حركة الإصبع على حركة الخاتم ولا ينافيه التقارن، وأقول بعد تسليم الرواية وإمكان ألا يتقدم جزء لا يتجزأ أن معنى سببية الوقت كون العبادة شكر النعمة الوجود فيه ومن لوازم الشكر سبق النعمة ولأن المكنة بمعنى سلامة الأسباب هى الشرط للفعل لا الاستطاعة الحقيقة كما سيظهر وهي مقدمة والزمان المتوهم كاف للتقدم الزماني كما في خلق الله الزمان.
2 -
أن مؤخر الفعل عن جزء ظن الموت فيه عاص اتفاقًا ومؤد عند الجمهور وقاض عند القاض فإن أراد القضاء اللغوي الشامل كالأداء فلفظي وإلا فمعنوي فهو جعل الوقت المتعين بظنه ناسخًا والحق أنه أداء كجلس في بيت مظلم اعتقد قبل الوقت أنه لم يبق منه إلا قدر ما يسع الفرض فأخر عصى ثم خرج وعلم خطأ اعتقاده واوقعه في الوقت كان أداء فالأصل أن العصيان لا ينافي الأداء والعوارض لا تعارض الأصول وهذا بخلاف من أخر مع ظن السلامة ومات فجأة حيث لا يأثم إذ لا تأثيم بالجائز وشرط سلامة
العاقبة تكليف بالمحال عكس ما وقته العمر فإنه يأثم بالموت بعد تأخيره والألم يتحقق الوجوب ورابعها في مقدمة الواجب، وقبل التحرير تمهيدات:
أ- أن مقدمة الواجب ما يتوقف عليها فإن كان التوقف وجوبه فهو مقيد إما تحقيقًا بقيد وجوب السعي بنداء الصلاة والصلاة بدلوك الشمس أو تقديرا كالزكاة بحصول النصاب النامي وككل واجب بحصول محله والقدرة الممكنة وغيرها وإن كان صحته فهو المطلق أي بالنسبة إلى ما ليس قيدًا لوجوبه كتوقف الصلاة على الوضوء والزكاة على إفرازه والنكاح على الشهود وقيل: المطلق ما يجب في كل وقت وعلى كل حال فنوقض بالصلاة حيث لا تَجِب قبل الوقت وحال الحيض فزيد في كل وقت ما قدر الشارع إلا لمانع ولا يشمل غير الوقتيات ولا مثل الحج والزكاة في إيجاب ما يتوقف عليه صحتها من المقدمات.
ب- أن المقدورية قد تفسر بإمكان التحصيل فيخرج عنها تحصيل البدو الرحل والقدرة ونحوها وقد تعرف بإمكان الإتيان بها وتركها عند الإتيان بالواجب عقلًا وعرفًا كالوضوء للصلاة والأول أعم لتناوله مالًا يتناوله الثاني من الشرط العقلي كترك جميع الأضداد للواجب الغير الكف وفعل ضد واحد للكف والعرفي كغسل شيء من الرأس لغسل الوجه وستر شيء من الركبة لستر الفخذ والسبب العقلي كالذهاب إلى مكة للحج.
ج- أن التوقف إما عقلي أو عرفي كما مر أو شرعي بأن جعله الشارع شرطًا ففسر المقدورية بالأعم يجعله متناولًا للثلاث ومفسرها بالأخص يخصه بالثالث فنقول مقدمة الواجب المقيد لا يجب اتفاقًا كالاستطاعة للحج والنداء للجمعة ومقدمة المطلق وأخذ إذا كانت مغدورة بالتفسير الأعم فيها وفق التوقف عند الجمهور فيحترز بها عن محو الوضوء لمن لا يجد الماء أو لم يقدر على استعماله بل يجب بدله وهو التيمم وعلى فاقد الطهورين التشبه كالمربوط على سارية وبالأخص فيهما عند ابن الحاجب فيحترز عنه وعن الشروط العقلية والعرفية والأسباب فالثمرة في تناول حكم المسألة هذه الثلاثة عندهم وعنده الشرط الشرعي فقط، ورجح الأخير بأن ما لا يمكن تحصيله يخرج بقيد الإطلاق لكون الواجب بالنسبة إليه مقيدًا فلا يحتاج إلى قيد المقدورية احترازًا عنه وذلك مسلم في نحو تحصيل المحل والقدرة أم إلى نحو الوضوء والتيمم فلا لأن الموقوف عليهما الصحة لا الوجوب وقال بعض الجمهور وهم الواقفية إن كان سببًا يجب وشرطًا لا وقيل: لا مطلقًا فدعوى الاتفاق في وجوب السبب باطلة للجمهور أن الشرط لو لم يجب لجاز تركه مع وجوب المشروط وهو تكليف بالمحال، فكذا يجب السبب إذ لا قائل بوجوب
الشرط دون السبب ورد بأن المحال وجود المشروط مع عدم الشرط لا مع عدم إيجابه لجواز الإيجاب عند وجود الشرط كإيجاب الزكاة عند وجود النصاب وجوابه بأنه خلاف الظاهر لأن الواجب المطلق يقتض ظاهرًا وجوبه كل وقت فنفي عدم وجوبه عند عدم الشرط بخلاف إيجاب المقدمة فإن الأمر لا ينفيه ليس بشىء لما مر أن الواجب المطلق أعم من ذلك بوجوه نعم يمكن أن يقال أن مثله شرط الوجوب والكلام في شرط الصحة فكل مقدمة أن يقيد الوجوب بها فلا نزاع فيها وإلا ثبت الوجوب على كلا تقديري وجودها وعدمها والتكليف بهذه الحيثية لتضمنه الوجوب على تقدر عدم المقدمة مع توقف الوجود عليها تكليف بالمخ إما في المقدمة العقلية فظاهر وإما في العادية فلأن التكليف بالمخ يتناول المحال العادي في الامتناع بل هو في الحقيقة محل النزاع كما سيظهر وقالوا أيضًا كل ما يتوقف عليه الصحة شيء لا يحصل الامتثال وتفريغ الذمة بدونه وكل ما كان كذلك فهو واجب وقريب منه قولهم لو لم يجب لصح الأصل دونه ولما كان التوصل إلى الواجب واجبًا والجواب للصحيح عن الكل أن الثابت بها أن لا بد منه لا أنه مأمور به شرعًا بل ذلك منتف قطعيًا وإلا كان الشرط الفعلي أو العادي عبادة وليس كذلك اتفاقًا لا يقال الإجماع منعقد على وجوب تحصيل أسباب الواجب شرعًا كحز الرقبة لأنا تمتع بالإجماع وإن سلم ففي الأسباب فقط لا مطلقًا ولا لكونها وسيلة بل بدليل خارجي وليس هو الإجماع لأنا في طلب الداعي إليه ولا ضرورة الجبلة لأن ما لا بد منه كذلك ولا أن ليس في وسع لمكلف إلا مباشرة الأسباب لأنه ممنوع بل لأن المسببات قد لا تكون مقدورة فيصرف الأمر بها إلى أسبابها كجزء لرقبة ومنه إثبات وجوب النظر يتوقف معرفة الله تعالى عليه فإنه سبب لا شرط وبه علم دليل الواقفية ودليل ابن الحاجب إما على أن الشرط الشرعي واجب فإذ لولاه لوجد بدونه إتيان المأمور به بهذا وهو الصحة والصحة بدونه تنفي شرطيته هف ويرد منع أن الصحة موافقة هذا الأمر فقد بل جميع الأوامر الواردة في شأنه فيجوز أن يكون وجوب الشرط بأمر أخر بل لا بد منه للعلم بشرطيته إذا إيجابه بهذا الأمر يتوقف عليها ولئن سلم فيجوز التقييد التقديري لهذا الأمر بأمر آخر فلا يوجد بدونه موافقة هذا الأمر أيضًا، والثاني هو السلف على دليل الجمهور في الحقيقة مع جوابه لكن يرد الأول إذ ليس النزاع في وجوب الشرط عند المشروط في نفس الأمر كما مر بل في أن إيجاب المشروط إيجاب له، وجوابه أن الأوامر الواردة في شأن الواجب المطلق شروطًا وأسبابًا لبيان الشرطية والسببية لا للإيجاب مطلقًا
فإيجابها بأمر الواجب وهي لبيان تفاصيل الموجب يوضحه أن الأمر لو لم يرد بالمشروط وطالما يجب الإتيان بالشرط أصلًا فتاركهما يعطى الأمر بالمشروط من وجهين وإما على أن الشروط العقلية والعادية والأسباب لا تجب فلستة أوجه:
1 -
لو وجبت للزم تعقلها لأن تعلق الخطاب ملزوم شعور المخاطب ونحن نقطع بإيجاب الفعل مع عدم الالتفات إلى لوازمه عقلًا أو عرفًا وعبارة الذهول غنما تصح في الشاهد دون الغائب بخلاف الشرط الشرعي فإن الأمر طلب إيقاع الواجب مشروعًا وذلك بملاحظه ماله من الأركان والشرائط الشرعية.
2 -
لتعلق به طلب فعل ينتهض تركه سببًا للعقاب ولا يتعلق إذ لا موأخذة بتركه من حيث هو كما لا ثواب بفعله اتفاقًا وكل ما لم يتعلق به ليس بواجب لأن الحد والمحدود يتلازمان إما الشرع فقد تعلق به ذلك.
3 -
لامتنع التصريح بعدم إيجابه وليس هذا كأوجبت غسل الوجه لا شيء من الرأس ولا يرد منع اللزوم أن قدر على الواجب بدونه ومنع بطلان اللازم إن عجز إما الأول فلان الشرط العرفي كالعقلي عندهم وإما الثاني فلأن التصريح بعدم إيجابه إنما يمتنع لو قطعنا بملاحطه عند الإيجاب كما في الشرعي.
4 -
لعصي بتركه كالشرعي ونحن نقطع أن العصيان بترك غسل الوجه لا غسل شيء من الرأس وبرد الإيراد مع جوابه.
5 -
لصح قول الكعبي أن لا مباح لأن فعل الواجب الذي هو ترك الحرام لا يتم إلا بفعل المباح وفيه كلام سيجيء إن شاء الله تعالى.
6 -
لوجبت نية المقدمة إجمالًا كما في الشرعية ولا يجب لأن النية لتمييز العادة من العبادة وغير الشرعية ليست بعبادة اتفاقًا إما نفس النية فلتميزها بذاتها لم يحتج إلى النية كما في الوجود ونحوه وهذا يختص بمذهب المشترطين للنية بالشروط لا عند القائلين بأن الشروط يعتبر وجودها كيفما كان لا قصدًا قبل يندفع الكل بأن تعلق الخطاب بالإيقاع على الوجه الممكن عقلًا وعادة وشرعًا وأجيب بأنه إنما يسلم لو أثبت ملاحظة الأمر في كل والثواب بفعله والعقاب بتركه ورد بأنه مشترك الإلزام للنزاع فيها في الشرعية أيضًا ولفساد قياس الغائب على الشاهد في عدم الملاحظة.
والحق: أن الفرق الإجماع على كون الشرعية عبادة عند النية دون العقلية والعرفية وسائر الفروق تبتني عليه وللواقفية في إيجاب الأسباب دون الشروط أوّلًا ما مر وثانيًا أن
الأسباب مقتضية أو مقضية فيشتد تعلقها بخلاف الشروط.
قلنا: عن الأول انتفاء دليل من الشروط لا يقتضى انتفاء المدلول وعن الثاني أن مقتض الواجبية توقف الأصل عليه لا شدة التعلق ولا فرق في ذلك وللمانعين مطلقًا عدم ظهور التناول أو الانفهام ويظهر خلله عند تعقل أن تعقل الطلب بالايقاع على الوجه المشروع أو على الوجه الممكن.
تتمه: قيل كما أن من مقدمة الواجب ما يتوقف عليه وجوده بأحد التوقفات الثلاثة فمنها ما يتوقف عليه العلم به إما للالتباس كالإتيان بالصلوات الخمس عند ترك واحدة ونسيانها أو للتقارب كستر شيء من الركبة لستر الفخذ، وفيه بحث لأن العلم به أن كان واجبًا كان ما يتوقف عليه من سائر الصلوات واجبة وأنها نفل كيف وقد قيل لو قضى واحدة وصادف المتروكة سقط وإن الإتيان بسائرها وبستر المركبة مقدمة عادية لنفس القضاء وستر الفخذ كما مر والمختار فيها عدم الجواب ومما يونسها أمور:
1 -
اشتباه المنكوحة بغيرها يجب الكف عنهما إلى أوان رفعه.
2 -
قوله لزوجيته إحديكما طالق يكف عنهما إلى أوان البيان والطلاق يستدعى محلًا معينًا في الجملة لا معينًا شخصيًا ومحل الحرمة متعين في الأول في نفس الأمر لا ها هنا وعلم الله تعالى تابع للمعلوم.
3 -
الواجب غير المقدر كالطمأنينة في الركوع إذا زيد على قدر الواجب لا يوصف الزائد بالوجوب لجواز تركه ومنه الزائد على مطلق المسح في الرأس والخف عند الشافعية والحق خلافه لأن المسح إمرار اليد لغة فيستدعى لغة فيستدعي مقدارا فيكون محملا بينه حديث المغيرة أو آلته ولذا ذهب مالك إلى استيعاب الرأس ومحل الفرض في الخف واحد إلى أكثر الرأس والخف إما الحكم عليه بأنه الإصابة فليندفع الامالة.
وللحرمة حكمان
الأول: في الحرام المخبر وهو جواز أن يحرم واحد مبهم من أشياء معينة والتخيير في الترك كما كان في الواجب بالفعل فله أيها شاء جمعًا وبدلًا لا أن يفعل الكل خلافًا للمعتزلة.
الثاني: في اجتماع الوجوب والحرمة في الفعل الواحد إما الواحد بالجنس كالسجود لله تعالى وللشمس فمنعه المعتزلة فمن قال بأن الحسن والقبح لذات الفعل تمسك بلزوم اقتضاء الحقيقة الواحدة متنافيتين فإذا لورد قوله تعالى {لَا تَسْجُدُوا لِلشَّمْسِ وَلَا لِلْقَمَرِ}
(فصلت: من الآية 37) الآية. أجابوا: بأن الوجوب والحرمة لقصد التعطم لا للسجود وهذا تخصيص لدعواهم بأفعال الجوارح وجوابه بعد تسليم حكم العقل بوجهين:
1 -
منع اللزوم لجواز أن يكون الفعل مشككًا في أفراده والاقتضاءات المختلفة يكون منها.
2 -
أن الإجماع قبل ظهور المخالف منعقدٌ على أن الساجد للشمس عاص بالسجود والقصد معًا ومن قال منهم بأنهما للأوصاف والإضافات تثبث بلزوم اجتماع الضدين وليس بشيء لأن اختلافهما بوجوب المغايرة بين المتعلقين وإما الواحد بالشخص فعند اتحاد الجهة مستحيل قطعًا إلا عند بعض من جوز التكليف بالمخ وبعضهم منعه قولًا بأنه تكليف محال لاجتماع تجويز الفعل الذي يتضمنه الإيجاب وعدم التجويز وعند ما يكون له جهتان فإن كان بينهما لزوم فكذا لتعذر الامتثال بهما وإن لم يكن بل جمعهما المكلف باختياره كالصلاة في الدار المغصوبة فإن للأكوان التي يتضمنها جهتين كونها من هيئات الصلاة المأمور بها وكونها استيلاء على مال الغير ظلمًا ولا ملازمة بينهما وكذا رمي المكلف سهمًا إلى حربي فطرق مسلمًا أو بالعكس فقال الجمهور لا تصح الصلاة والقاضي على إنها لا تصح أي ليست طاعة لكن يسقط الطلب عندها لا بها أي طريق إلى سقوطه من غير تأثير قال الإِمام هذا حيدٌ عن التحصيل لأن الأعذار القاطعة للخطاب محصورة وسقوط التكليف عند المعصية لا أصل له في الشريعة، ورد بأن الفرض قد يسقط عند المعصية كشرب المجنون حتى جن وجوابه أن ذلك لرفع الأهلية لا لفعل ما كلف به مع بقائها وأحمد الجبائي وأكثر المتكلمين على إنها لا تصلح ولا تسقط.
لنا: أولًا: أن خياطة العبد المأمور بها في مكان نهي عن السكون فيه طاعة ومعصية من جهتين. وثانيًا: أن المانع اتحاد المتعلقين ولا اتحاد بين الصلاة والغصب ولا تلازم في الحقيقة وجمع المكلف لا يخرجهما عن الحقيقة، وقد يستدل ثالثًا: بلزوم أن لا يثبت بلزوم أن لا يثبت صلاة مكروهة وصوم مكروه وقد ثبتا كالصلاة في المواطن السبعة والصوم يوم الجمعة مفردًا وإنها ضد على غير أحمد لخلافه في صحتهما، وبيان للزوم أن الأحكام كلها متضادة فلو لم يجتمع مع الحرمة لم يجتمع مع الكراهة ورد الكون في الخير الذي هو شخص واحد في الخارج جزء للصلاة في الدار المغصوبة وعين الغصب وبالجملة ذاتي للجهتين فيتحد متعلق الوجوب والحرمة بحسب الوقوع وإن لم يكن بين الصلاة والغصب اتحاد في المفهوم ولا بين الجهتين تلازم بحسب الاعتبار كما مر فإن كان
الصلاة والصوم المكروهان كذلك منعنا صحتهما وإلا منعنا اللزوم والأولى الاكتفاء يمنع اللزوم وبيان أنهما ليسا كذلك كما في الكون الشخصي الذي في صلاة الحمام فمرجع الوجوب جزئيته ومرجع الكراهة وصف منفك عنه وهو خوف إصابة الرشاش أو لوسوسة الشياطين لكونه مأوىً لهم من حيث أنه محل انكشاف العورة وكما في الإمساك الشخصي يوم الجمعة فمرجع الوجوب جزئيته ومرجع الكراهية كونه مظنة الضعف المخل بعبادات ذلك اليوم وهذا لأن صحتهما متفق عليها عند غير أحمد فلا يتوجه منعها. ورابعًا: إنها لو لم تكن صحيحة لم يسقط معها أي عندها التكليف لأن سقوط القضاء عين الصحة أو ملزومها على المذهبين ونص القاضي على الإجماع على سقوط القضاء قبل الملزومية ممنوعة لأن سقوط القضاء عنده بجامع عدم الصحة في مذهب القاضي قلنا ذلك فيما يرفع الأهلية كما مر أن المجامع سقوط التكليف لا سقوط القضاء قال الإِمام كما نفل عنهم سقوط الطلب نقل إنها صلاة مأمور بها فكيف نخرقه في عين ما ينقله، ورد هذا أيضا بمنع الإجماع لمخالفة أحمد لا تعني أنها لقنع انعقاده حتى يرد قول الغزالي إنها حجة على أحمد لجوازه قبله أو بعده بل لأنه أقعد بمعرفة ما انعقد قبله من القاضي قال المقتول نسبة أمام للمسلمين التي الميتة الجاهلية إفك وتبديع كمجرد وهم وتواتر الإجماع في خراسان على قرب خمسمائة سنة إلى متوسط أو ضعيف في التقلبات مع عدم وصوله على قرب المائتين إلى المخالط لحملة الأنباء الأشد بحثًا فيها بعيد، وللقاضي والمتكلمين أعني البهشمية في نفى صحتها أولًا: اتحاد متعلقى الأمر والنهي فإن الكون لكونه جزأ الحركة والسكون الجزئين للصلاة مأمور به ولكونه عين الغصب منتهي عنه والضاد وعن المكلف هو الكون لا جهتاه فيلزم اجتماع المتقابلة في واحد بالشخص في زمان واحد، قلنا: امتناعه عند اتحاد الجهة لجواز كون شخص أبكم وابنًا من جهتين ولا اتحاد هنا كما في مثال الخياطة.
وثانيًا: إنها لو صحت لصح صوم يوم النحر المنذور لوجود المقتضي وارتفاع المانع فيهما حينئذ إما الأول ففيها الأمر بها من حيث إنها معلول لدلوك الشمس مثلًا وفيه اندراجه تحت قوله تعالى {وَلْيُوفُوا نُذُورَهُمْ} (الحج: من الآية 29) عند القائلين بانعقاده كالحنفية لكون التزامه قربة واقترانه بيوم العيد باختيار المكلف كنذر الصلاة في المساجد الثلاثة التي هي أفضل تنعقد ولا تجب فيه.
وإما عند الشافعية فلا مقتضى لعدم انعقاده فإن النذر التزام القربة وصوم يوم العيد
ليس قربة ولقوله عليه السلام لا نذر في معصية الله تعالى وظهر جوابه وإما الثاني فلعدم الاتحاد ها هنا كما ثمة كالصومية والوقوع يوم النحر.
قلنا أولًا لا نسلم الملازمة كيف وبينهما لزوم من أحد الطرفين لأن صوم يوم النحر مضاف لا ينفك عن مطلقة ولا يلزم من دفع الأقوى الملازم من جهة الصحة دفع الأضعف الجائز الانفكاك من الطرفين إياها. وثانيًا: يمنع اللزوم على مذهب الشافعية مستندًا بالفرق فإن نهى التحريم وإن اقتضى بطلان الذات فيهما فقد وجد في الصلاة دليل مخالفة الظاهر وهو لزوم التكليف المح فوجب صرف النهي إلى فساد الوصف كالنهي عن الطلاق في الحيض صرفه أمره عليه السلام بالرجعة له إلى وصف تطويل العدة والحق به كل طلاق يقضي إليه في الحرمة بخلاف الصوم المذكور المنذور فإنه لم ينعقد فلم يتناوله قوله تعالى {وَلْيُوفُوا نُذُورَهُمْ} (الحج: من الآية 29) ويمنع بطلان اللازم على مذهب الحنفية لأن النهي في كراهة فيرجع إلى صفة الإعراض عن ضيافة الله تعالى فيصح ذاته هذا كله فيما لا لزوم إما فيما هو فيه كمتوسط أرض مغصوبة على علم ببذل مجهوده في الخروج منها فحظ الأصول فيه بأن جواز تعلق الأمر والنهي معها بالخروج لو عدم جوازه فقال البهشمية تعلقان مغابة إذ لم يسقط الطلب عنه يوم القيمة وإن أتى بما وجب عليه كمن غصب مالًا غاب صاحبه ثم ندم وتاب لم يسقط حق الأدمي قلنا فيه التجويز وعدمه وهو تكليف هو محال فلا معصية إذا حرج بماهية شرطه من السرعة وسلوك أقرب الطرق وأقلها ضرًا وقال الإِمام باستصحاب حكم المعصية لتسبب فعله الاختياري إلى ما تورط فيه لا للنهي عنه حتى لو وقع بالإجبار سقط عنه المعصية وبه ظهر جواب مسألة أبي هاشم تحير فيه الفقهاء وهي توسط فتخص جمعًا من الجرحي جثم على واحد بحيث أن بقي هلك من تحبه وإن ذهب فآخرًا أن حكمه سقوط التكليف مع استمرار حكم العصيان.
قلنا: بعيد إذ لا معصية إلا بفعل منهي عنه أو ترك مأمور به والحصر عنده ممنوع لجواز أن تكون بتسبب منهي عنه بالاختيار وهو أقرب من التعصية بفعل الغير.
وللندب حكمان:
1 -
أن الأمر فيه أيضًا حقيقة عند القاضي وجماعة فيكون بينهما مشتركًا لفظيًا أو معنويًا ويكون حكمه التوقف خلافا للكرخي والجصاص ولا خلاف في استعمال الصيغة مجازًا، ولا لزوم أن يكون ترك المندوب معصية إذ لا معنى لها إلا مخالفة الأمر الظاهر أو