الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ويقتصر على المجنس لأنه بمنزلة تخييرها والطهر الخالي عن الوقاع لإباحة الطلاق، أما حدوث الملك في مسائل الاستبراء من حرمة الوطئ ودواعيه إلى انقضاء حيضه أو بدلها فعده فخر الإِسلام رحمه الله تعالى من الثاني لأن حدوثه دليل سابق الملك الدال على شغل الرحمة أو دليل التمكن من الوطئ الدال على سقط زرع الغير وصاحب التقويم من الأول لأنه سبب مؤد إلى اختلاط المائن ثم كل منها علة اسمًا للوضع والإضافة الشرعيين وحكمًا لعدم التراخي لا معنى لأن المؤثر هو المشقة وخروج النجس الوطيء وخروج المنى والحدث وكله المحبة والبغض والحاجة إلى الطلاق لمريده فيه وشغل الرحم أو اختلاط المائن، والفقه المجوز للاقامتين أحد الأمور الثلاثة:
1 -
دفع الضرورة لتعذر الوقوف على حقيقة العلة كما في النوم والخبر عما في القلب وفي الاستبراء والنكاح والالتقاء والطهر الخالي.
2 -
دفع الحرج لتعسره مع إمكانه كما في السفر والمرض والمباشرة.
3 -
الاحتياط كما في دواعي الوطيء في الحرمات والعبادات.
وإما الباقي من السبعة العقلية فعله حكمًا فقط والإحكام أيضًا تقتضى ثبوته كالجزء الأخير من السبب الداعي القائم مقام المدعو فإن الحكم لا يضاف إليه بل إلى المجموع ولا يؤثر لأن المؤثر المدعو إليه ولكنه لا يتراخى عنه وذلك كاسترخاء المفاصل المستفاد من الهيئات المخصوصة ومنه الشرط الذي علق به فعند وجوده لا يتراخى عنه الحكم مع أنه ليس علة اسمًا ولا معنى.
وفيه بحث فإن العلية الحكمية تستدعي الترتيب الشرعي ولا يكفي الوجود الاتفاقي معه والشرط التعليقى لا يترتب الحكم عليه بل على التعليق ولذا كان الضمان على شهوده الشرط إذا رجع الكل وكذا إذا رجع شهود الشرط وحدهم عند الأكثر والحق أنه الشرط الذي في حكم العلة كما سيجيء أمثلته لأن الحكم مترتب عليه من غير وضع وتأثير.
وإما الشرط فلغة العلامة اللازمة ومنه أشراط الساعة والشروط للصكوك وشرعًا ما بتعلق به الوجود دون الوجوب أي يتوقف الثبوت عليه بلا تأثير ووضع (1).
وها هنا تحصيل وتقسيم
إما التحصيل فهو أن الشرط إما تعليقي ويسمى جعليًا وحصوله إما بأداة الشرط أو دلالته وإما حقيقى يتوقف عليه وجود المشروط وضعًا أو شرعًا.
(1) انظر /الإبهاج لابن السبكي (1/ 205).
فالأول: عدمه مانع عن انعقاد العلة علة فضلًا عن وجود الحكم عندنا وعن وجود الحكم عند الشافعي رحمه الله تعالى وسيأتي تمامه إن شاء الله تعالى ولا خلاف في أن عدم الثاني مانع عن وجود المشروط فتحقق أن الشرط مطلقًا رفع المانع كما أن عدمه نفس المانع وبذلك ينفصل عن العلة والسبب والركن فإن عدم الأولين ليس مانعًا وإن ثبوت الحكم بعلل وأسباب شتى.
تنويره أن عدم الطهارة والشهود مانع شرعي عن جواز الصلاة والنكاح لا عدم المصلي والخطاب إما عدم الركن عين عدم الحكم وكذا مثل عدم حفر البئر وشق الزق مانع من السقوط والسيلان فعدمهما وهو عبثهما رفع له بخلاف النقل والميعان ووضع الحجر وإشراع الجناح فليس شيء منه رفع المانع. وإما التقسيم فهو أنه خمسة أقسام: لأن ما هو رفع المانع في الحقيقة سواء كان جعليًا أو وضعيًا أن لم يلاحظ صحة إضافة الحكم إليه بل مجرد توقفه أو توقف انعقاد علته عليه فشرط محض كطهارة الصلاة وشهود النكاح والدخول المعلق به الطلاق وإن لو حظت فإن لم يعارضه علة تصلح لإضافة الحكم إليها كحفر البئر فشرط في حكم العلة وإن عارضته فإن كان التوقف عليه بتبعية التوقف على أمر بعده فشرط مجازي ويسمى شرطًا اسمًا للتوقف لا حكمًا لعدم إضافة الحكم إليه ثبوتًا كاحد المعلق بهما وإلا فيكون فعل المختار الغير المنسوب إليه متخللًا بينهما إذ لو لم يكن مختارًا كما في شق الزق أو كان منسوبًا إليه كفتح باب القفص بحيث أزعج الطير كان مما في حكم العلة وحين تخلله إن كان السابق مستقلًا بحاله فشرط في حكم السبب كفتح بابه لا بتلك الحيثية وإن كان رافعًا لخفاء العلة فشرط هو علامة كالاحصان الأول الشرط المحض فجعليه ككل ما علق به بأداته ويسمى الشرط صيغة أو بمعناه ويسمى الشرط دلالة والفرق أن الأول يجرى في المعين وغيره.
والثالث: يختص بغير المعين نحو المرأة التي أتزوجها أو التي تدخل منكن الدار طالق لنا فإن ترتيب الحكم على الوصف المعرف تعليق بخلاف هذه المرأة فيلغو في الأجنبية ويتنجز في المنكوحة لأن الوصف في المعين لغو إذ الإشارة أبلغ في التعريف وحقيقيه كشروط العبادات والمعاملات فإنها تتعلق بأسبابها ثم بشروطها كما يتوقف لزوم الشرائع على العلم بها أو ما يقوم مقامه من شيوع الخطاب في دارنا وإلا فلا قدرة فلا تلزم على من أسلم في دار الحرب فلا يجب قضاء ما مضي حين علم بها بخلاف من أسلم في دارنا فمضى بلا
علم بها قضى، ثم معناه لازم لصيغته في الأصح وقيل: إذا لم يكن الفائدة أخرى كإخراجه مخرج العادة الغالية، في {فَكَاتِبُوهُمْ إِنْ عَلِمْتُمْ فِيهِمْ خَيْرًا} (النور: من الآية 33) لأن الغالب أن الكتابة عند علم الخَير وإلا فجائز بدونه إجماعا وفي {أَنْ تَقْصُرُوا مِنَ الصَّلَاةِ إِنْ خِفْتُمْ} (النساء: من الآية 101) إذ كان الغالب هو الخوف حينئذ وإلا فالقصر في السفر غير موقوف عليه قلنا هذا إلغاء للشرط وكلام الله تعالى منزه عنه ويكفي بأنه خلاف الأصل الشائع بل الأمر بالكتابة للاستحباب وذا لا يوجد الآية وقرينته عطف على قوله وتوهم إما على القول بأن المراد إلا شاء من بدل الكتابة فظنوا ما على أنه الإيتاء من مال الصدقة فلأن الصرف إليه على التعين غير واجب عندنا، وهذا المراد بالقصر قصر الأحوال كالإيماء على الدابة وتخفيف القراءة والتسبيح والتعديل، وهو مقيد بالخوف لا قصر الذات بدليل قوله تعالى:{فَإِنْ خِفْتُمْ فَرِجَالًا} (البقرة: من الآية 239) الآية، وقوله تعالى {فَإِذَا اطْمَأْنَنْتُمْ فَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ} (النساء: من الآية 103) أي أدوها كما يليق بالحضر والقرآن يفسر بعضه بعضًا لا أن القرآن يوجب الشركة وأبعد من هذا فهم دلالة الشرط من قوله تعالى {وَرَبَائِبُكُمُ اللَّاتِي فِي حُجُورِكُمْ} (النساء: من الآية 23) ثم الاعتذار بما مر فإنه ليس بشرط ولا دلالة لأنه معرفة بالإضافة وإذا وكان شرط كالدخول بالأم لوجب تعليق الطلاق بعدم أحدهما إلا بعدم الثاني فقط كما وقع في قوله تعالى {فَإِنْ لَمْ تَكُونُوا دَخَلْتُمْ بِهِنَّ} (النساء: من الآية 23) بهن فاة الشرط اسما أي صيغة وحكما أي معنى لأن المشروط بالأمرين يرتفع عند ارتفاع أحدهما. والثاني الشرط الذي له حكم العلة فإن العلة أن صلحت لإضافة الحكم فيها وإلا أضيف إليه تشبيها له بها في تعلق الحكم ولكون علية العلل جعلية وفي الحقيقة إمارات وهذا أصل كبير له تفريع كثير: أ- شهود الشرط واليمين إذا رجعوا فالضمان على الثاني لأن اليمين علة أي في صدد ذلك أو لقضاء بوجود الشرط كما نترجح على السبب أيضًا عند رجوع شهود التخيير والاختيار في الطلاق والعتاق فيضمن شهود إلاختيار ولو رجع شهود الشرط وحدهم فإن قال فخر الإِسلام يجب أن يضمنه الخلفية الشرط عن العلة ونفاه شمس الأئمة وصدر الإِسلام مطلقًا إلا عند زفر ووجهه أن العلة وإن لم تصلح لاضافة الحكم لعدم التعدي تصلح لقطعها عن الشرط لكونها فعلا مختارًا كفتح باب القفص خلاف حفر البئر لعلة هناك طبع لا اختيار فيه وعلى هذا إنما يضمن شهود الشرط في المسألة الآتية على قول الإمام مع أن اليمين علة إختيارية لأنهم في المعنى شهود التخيير إذا التعليق بالشرط
الموجود تنجيز لا شهود الشرط وإنما ضمن المهر شهود الدخول بها وهو شرط لا شهود النكاح وهو علة عند رجوعهم لأنهم بإدخال عوض المهر في ملك الزوج ابتدؤا شهودًا لنكاح عن الضمان.
ب- حلف إن كان قيد عبده رطلًا أو إن حله أحد فهو حر فشهد رجلان أنه رطل فقضى بعتقه فحل المولى فوجد أنقص ضمنًا فيمته عند الإِمام لنفاذ القضاء ظاهرًا وباطانًا عنده لأنه واجب عليه شرعًا بدليله فيجب تصحيحه بقدر الامكان وذلك بإثبات المشهود به سابقًا اقتضاء بخلاف ما إذا بأنا عبيدًا أو كفارًا لبطلان القضاء عند أبي حنيفة لا عندهما لعدم نفاذه باطنًا إذا لحجة باطلة حقيقة وصادقة بظاهر العدالة فيعتبر في وجوب العمل دون تنفيذ القضاء عملا بالشبهين فعتقه عند كما بحل القيد، فعنده وجب الضمان على شهود الشرط لعدم صلوح إضافته إلى العلة وهي اليمين إذ لا تعدي فيها لأنه تصرف المالك في ملكه.
ج- حفر البئر وشق الزق وقطع حبل القنديل كل منها شرط لأنه رفع المانع وليست فيها علة صالحة لحكم لأن السقوط والسيلان والثقل طبع لا اختيار فيها بخلاف إيقاعه نفسه والمشي سبب أقرب من الشرط لكنه مباح لا يصح ترتب ضمان العدوان عليه مع أنه غير واجب إما وضع الحجر وإشراع الجانح وترك هدم الحائط الماثل بعد المتقدم إلى صاحبه وذلك كاف والإشهاد لاحتياط الإثبات إن أنكر كما في الشفعة فمن الأسباب ألحقه بالعلل كما ذكرنا وإن كانت مثلما في ضمان المحال من النفس والمال لا في أجزائه الأفعال لأن شيئًا منه إليس برفع المانع بل أمور وجودية مقضية فإن عدم الحجر ليس يمانع عن الهلاك بالسقوط في ذلك الموضع لجوازه بسبب آخر بخلاف عدم البئر فإنه مانع عن السقوط في قعرها وكذا غيره.
بقية تفصيل حفر البئر من التهذيب: وإن حفر في ملكه فسقط غيره بالمشى إليه لا يضمن إذن أولا وأعلم به أولًا لعدم التعدي أو في دار غيره بغير إذنه فهلك الصاحب الدار شيء يضمن الحافر إلا إذا كان بإذنه وإذا هلك ثالث فإن دخل بغير إذن المالك يضمنه الحافر في قوله التعدية لا في قول لتعدي الساقط في دخوله وأنه مسبب وإن دخل بإذنه فإن أعلمه فلا ضمان وإلا يضمن الحافر وكذا وضع الحجر.
د- بذر بر غيره في أرض كان له لأن العلة طبع العناصر بتسخير الله تعالى بدون اختيار فلا يصلح للإضاة والبذر شرط اختياري يصلح لها. وقال الشافعى رحمه الله تعالى
لصاحب البذر لأنه نماء ملكه كولد الجارية وثمر الشجر وكما إذا ألقت الريح به في أرض فثبت والزرع كإصلاح الأشجار قلنا البر ليس علة لبقائه فكيف لهلاكه وانقلابه شيئا آخر إذ عند هلاكه لا يبقى برا بخلاف الجارية والشجر ومهلكه ضامن له ولضمانه يملكه ولذا كان له إذا زرع في أرض صاحب البذر أيضًا بإطلاق المبسوط وفيما ألقت الريح لا اختيار يغالبه فيغلبه.
الثالث: شرط له حكم السبب سابق اعترض بينه وبين الحكم فعل المختار غير منسوب إليه فخرج بالسابق الشرط التعليقي وبفعل المختار نحو سيلان المانع وبغير منسوب إليه نحو سير الدابة بعد سوقها والطيران بعد فتح باب القفص عند محمَّد رحمه الله تعالى وله فروع:
1 -
حل قيد عبد فأبق لم يضمن لأن إباقه اختياري تخلل ولم يحدث به فقطع الإضافة عن صاحب الشرط لا كما أمر عبد الغير فإنه استعمال كالاستخدام انقطاعها عن صاحب السبب فيمن أرسل دابة فجالت يمنه ويسره أو وقفت ثم سارت فاتلفت لم يضمن لانقطاع الإضافة وصيرورته كالمنفلتة فإنها بالنهار جبار وكذا بالميل عندنا إذ لا سبب كالإرسال ولا شرط كفتح باب الإصطبل ولا علة كالإتلاف من صاحبها خلافًا الشافعي رحمه الله تعالى لحديث البراء قلنا ذهاب الدابة اختياري لم يتولد من فعله كدلالة السارق ويويده "العجماء جبار" وحديث البراء مؤول بأن ناقته انفلتت بقصده إياها للأخذ ومسلم أن حفظ الدابة على أربابها ليلًا لكن من حيث الإثم بتركه ولا يلزم منه الضمان.
2 -
فتح باب القفص فطار على فوره أو باب الإصطبل فخرجت على فوره إذ لو مكثا ساعة لا ضمان إجماعا لم يضمن إلا عند محمَّد رحمه الله لتخلل فعل المختار (1) لا كالسقوط في مسألة حفر البئر بل كاسقاطه نفسه كمن مشى على جسر واه وضع بلا ولاية أو على موضع رش الماء فيه عالمًا بوهاء الجسر ووضعه بغير حق منه وبالرش هنا لا يضمن لأن العطب مضاف إلى اختياره أما غير عالم بهما فيضمن لأنه متعد وإذا وضع في ملكه لا ضمان مطلقا لعدم التعدي. وقال محمَّد رحمه الله تعالى طيرانه وخروجها على فوره هدر شرعا إذ النفار طبع فيجعل اختياره كعدمه لفساده كما إذا صاح بها فصار كسيلان ما في الزق إما لأعلى الفور فدليل ترك عادتهما وبذا بقطع الإضافة إلى الشرط
(1) انظر / المبسوط للسرخسي (11/ 14).
وليس شرعية الإهدار وطبعية النفار علنين صالحتين للاستدلال بالاستقلال كما ظن فأولا لأن الحكم وهو تلفهما يصلح إضافته إلى فعلهما في الجملة كنفارهما لأعلى الفور وثانيا أن الفرق بين الفور وعدمه بترك العادة لا يكفي حاصل لعموم النكتة الأولى فالأولى أن الثانية علة الأولى وتتم النكتة بهما فينطق الجواب بأنا قلنا هدر في الإيجاب على الغير إما لقطع الحكم عند فلا كالكلب يميل عن سنن الإرسال فيأخذ ما لا يحل، وكالدابة تجول بعد الإرسال كما وكصيد الحرم يخرج منه فينقطع إضافته إليه فيحل.
أصل متفرع: شارط ادعى الإضافة إلى العلة فالقول استحسانًا بخلاف صاحب العلة كالحافر إذا ادعى أن الهالك أسقط نفسه كان القول له لا للولي في دعوى السقوط لتمسكه بالأصل وهو الإضافة إلى العلة بخلاف الجارح إذا ادعى الموت بسبب آخر والقياس قول أبي يوسف رحمه الله تعالى الأول أنه للولي لتمسكه بظاهر أن الإنسان لا يهلك نفسه. قلنا: الظاهر يصلح دافعا لا موجبا لاستحقاق الدية على عاقلة الحافر.
3 -
أشلى كلبا على صيد ومملوك أو إنسان فقتله أو مزق ثيابه ولم يسق لا يضمن لاعتراض فعل المختار غير منسوب إليه لعدم السوق بخلاف سوق الدابة فإنه كسوقه وإما الإشلاء على صيد غير مملوك فجعل قتله كالذبح نقيا للحرج عن باب الصيد بقدر الإمكان إذا لذبح بالوجه المسنون متعذر في باب الصيد وضمان العد وإن شرع جبرا فيعتمد الفوات فلا يجب مع الشك ونظيره ألقى نارا في الطريق فهبت به الريح واحرقت شيئًا أو هوام فانتقلت ولدغت إنسانا فهلك لم يضمن لانقطاع نسبتها بالتحول كالدابة الجائلة في رباطها.
وفروع الثالث: نظير إرسال الدابة من قبيل السبب الحقيقي كدلالة السارق ذكرت تلفيقا بينه وبين الشرط في هذا التفصيل.
الرابع: شرط اسما أي صورة للتوقف عليه في الجملة لا حكمًا أي لا معنى لعدم إضافة الحكم إليه ثبوتا عنده كأول شرطين تعلق بهما ملاحظة ترتيبهما لا كأحد الشروط المتعددة مطلقا كما ظن فآخرهما شرط اسما وحكما كشروط سائر الأقسام وإما حكمًا لا اسما فلا وجود له إذ لا شرط بدون التوقف اللهم إلا أن يفسر الاسم بصورة أداة الشرط كما مر فيوجد كما في أن خفتم إذا حمل على قصر الذات.
قلنا الحاصل: أن نعتبر الاسم وهو الصيغة والمعنى وهو التوقف والحكم وهو الثبوت عنده ونسبع الأقسام العقلية كما في العلة فاسما فقط غلو لم يخف الله {وَلَوْ أَنَّ لِلَّذِينَ ظَلَمُوا مَا فِي
الْأَرْضِ} الآية ومعنى فقط كالنية للعبادة والقدرة للتكليف وحكما فقط نحو بتحر على صغر سنة ولا حكمًا فقط كأول المعلق بهما بأن ولا معنى فقط نحو أن خفتم مرادًا به قصر الذات ولا اسما فقط نحو المرأة التي أتزوجها طالق والجامع للثلاثة كآخر المعلق بهما بأن.
(فرع) إذا قال لامرأته إن دخلت هذه الدار وهذه فأنت كذا فدخلت إحديهما في غير ملكه فنكحها فالأخرى في ملكه تطلق خلافًا لزفر قياسًا لأحد الشرطين على الآخر إذ صيرهما شيئًا وأحدا والشرط يمنزلة العلة عنده ولذا لا يثبت الإحصان عنده إلا بشهادة رجلين ولا يقطع بخصومه المودع لأنها شرط ظهور السرقة فلا يجري النيابة كالشهادة فيها قلنا الملك شرط الإيجاب أو شرط الوقوع وحان الشرط الأول خالية عنهما وإلا كان شرط نفس الشرط وليس إذ لو دخلهما في غير ملكه انحلت اليمين أو لبقاء اليمين وليس وإلا لبطل بالإبانة قبلهما أما عند تمام الثاني فحال الوقوع ولذا يقال تعدد المقدم لا يقتضى تعدد الشرطية بخلاف تعدد التالي فيشترط الملك حالتئذ.
الخامس: شرط هو علامة وتحقيقه أن علامة الشيء معرفة وإنما يحتاج إلى المعرف ما فيه نوع خفاء كما جعل التكبير علامة لقصد الانتقال في الأركان فشرط الحكم إذا كان مظهرا لتحقق نفس العلة مع الخفاء في ذاكا أو لتحقق صفتها للخفاء فيها سمي شرطا هو علامة أما كونه شرطا فلتوقف تحقق الحكم على تحقق العلة الموصوفة الموقوف عليه والوقوف على الموقوف موقوف وإما كونه علامة فلأنه في الحقيقة شرط تحقق العلة لا الحكم مع أنه مظهره مثال ما كان مظهر النفس العلة الولادة المظهرة للعلوق الذي هو علة النسب بعد قيام الفراش أي النكاح الثابت أو حبل طاهر في العدة أو اقرار به من الزوج عند الإمام ومطلقا عندهما إذ لو أمكن الإطلاع على العلوق بسبب آخر لما كان إلى ادعاء الولادة والشهادة بها حاجة في إثبات النسب فلم تكن شرطه بل شرط طهور عليه فكانت أمارة لإيضاف النسب إليها ثبوتا بها ولا عندها ولذا قبلا شهادة القابلة عليها من غير الأمور الثلاثة إذ المقصود تعيين الولد حاصل وشهادتها تكفى له كما مع أحدهما قلنا الأمر كذا في حق صاحب الشرع لكونه علام الغيوب وفي حقنا لقامت الولادة الظاهرة مقام العلوق الباطن وجعلت علة للنسب فاشترط لها كمال الحجة كدعوى النسب ابتداء والأمر المبطن قبل ظهور كالعدم بالنسبة إلي كالخطاب النازل في حق من أسلم في دار الحرب إما مع أحدهما أسند إلى دليل ظاهر يثبت النسب شرعًا فالولادة علامة للنسب الثابت حاصل فتثبت بشهادة القابلة لتعيين الولد ثم لما جعلاها علامة مطلقة وأثناها بشهادة لقابلة
بشهادة القابلة ثبتا بها ما كان تبعًا لها استحسانا كالطلاق والعتاق المعلقين بها وكاستهلال الصبى حتى تثبت الإرث وإن لم يثبت شىء منها بشهادة امرأة ابتداء كما يثبت بشهادة القابلة أمومية الولد بعد ما قال إن كان يجارينى حمل فهو مني واللعان إذا نفى الزوج الولد والحد إذا كان النافي عبدا أو محدودا في قذف فإذا ثبت بها مثل الحد واللعان للتبعية فصل النزاع أولى قلنا قياسا الولادة المعلق بها شرط محضن فلا يثبت إلا بحجة كاملة كالمعلق وثبوتها بشهادة القابلة ليس مطلقا بل لضرورة عدم اطلاع الرجال عليها فلا يتعدى إلى ما تنفك الولادة عنه كالنسب وأمومية الولد واللعان عند النفي مع أنهما تتعلق بالفراش القائم والإقرار بحال الطلاق والعتاق والاستهلاك كشهادة المرأة على ثيابة الأمة المشتراه على أنهما بكر لا ترد بها بل يستحلف البائع بعد القبض رواية واحدة في الأصح وقالا أيضًا الاستهلاك علامة الحياة الخفية التي هي علة الإرث لا علتها ولا شرطها لتقدمها عليه فيقبل فيه شهادة القابلة كما في حق الصلاة على الموؤدة ويؤيده قبول علي رضي الله عنه شهادتها عليه قلنا نعم لو لاقامته مقام الحياة كما مر في الولادة والخبر محمول على حق الصلاة لأنه من أمور الدين وخبر الواحد فيها حجة بخلاف الميراث.
ومثال ما كان مظهرًا لصفة العلة الإحصان في الزنا وهو أمور سبعة أو أمران: الإِسلام والدخول بنكاح صحيح لمن هي مثله، والعقل والبلوغ لأهلية العقوبة والحرية شرط تكميلها فإنه مظهر لصفة الزنا التي هو بها علة وهي كونه بين مسلمين مستوفين للذة المتاع الحلال إذ هي الداعية إلى استحقاق مثل هذه العقوبة الفخيمة بعد أهليتها والإحصان ملزومها فيستدل به على ثبوتا فلأن العلم بوجوب الرجم يتوقف على العلم بالإحصان جعل شرطًا ولأنه معرف طبقه العلة وسابق عليها وعلى الحكم بالوسائط فضلا عن إضافة الحكم إليه ثبوتا عنده جعل علامة وهذا معنى قولهم إذا وجد الزنا لم يتوقف حكمه على إحصان يحدث بعده لا أن شرط الغير التعليقي يجب تأخيره عن صورة العلة وجهًا علم أن شروط الصلاة والنكاح ليست علامة وهذا الحفز والشق وغيرهما إذ ليس في شيء منها إزالة خفاء فهذا مطمح نظر الشيخين والقاضي أبي زيد فإن كلام المشايخ رموز ولا طعن علي الرمز والحمل على تسمية الشرط المتقدم علامة مطلقا في غاية البعد لو وجوب ظهور أثره إلي الأحكام وكون الاحصان شرطا في معنى العلة لوجود علة معارضة صالحة للإضافة كالزنا مع أنه عبارة عن خصال حميدة واجبة أو مندوبة فكيف يوجب العقوبة المحصنة ولكونه علامة لم يضمن شهود الإحصان إذا رجعوا بخلاف شهود
العلة والسرط الخالص فيما تقدم وعند زفر كشهود الزنا سواء لأن أصله أن للشرط حكم العلة لتعلق الحكم بهما نفع أن الأحضان بخصوصه ملحق بالزنا ولذا يقبل الشهادة عليه بدون الدعوى هنا لأعلى النكاح في سائر المواضع وصح الرجوع عن الإقرار به ووجب أن يسال القاضى الشهود عن ماهيته وكيفيته كالزنا في جميع ذلك. قلنا: إضافة الحكم إلى شهود الشرط فضلا عن العلامة مع صلاح العلة لها غير معقولة وشرط الحق وسببه من حقوق صاحبه فكما أن الحد حق الله تعالى صار الإحصان كذلك لجهة شرطيته فصح الرجوع عنه والسؤال للإجمال لوقوعه على معان ولذا أيضًا لم يشترط الذكورة في شهوده مع اشتراطها في شهود الزنا. وقال زفر: هو مكمل للعقوب فيعتبر موجب أصلها وقياسا على شهادة ذميين علي عبد مسلم زنى أو قذف بالزنا بأن مولاه الكافر أعتقه قبلهما وأنكره هو والمولى حيث لا يقبل في إقامة الحد مع أن شهادة الكافر على مثله مقبولة ولا شهادة على العبد بل له العتق والإحصان فحين لم يقبل هذه لا يقبل تلك فكان الإحصان في معنى العلة والمسألة مصورة في الأمة مطلقا وفي العبد على قولهما قلنا المكمل هو العلة أو صفتها لا أمارة صفتها وإلا أضيف الحكم إليها وخصوصه شهادة الكفار غير خصوصية شهادة النساء لأن الأولى في المشهود عليه فلا تقبل في المسلم والثانية في المشهود به فلا تقبل العقوبة وعلنها وشرط له حكم العلة فلا يلزم من رد الأولى فيما يتضرر المسلم تكثير محل الجناية لإثبات الحرية وإيجاب نفله من الجلد إلى الرجم والكافر لا يصلح لذلك رد الثانية فيما لا يضاف العقوبة إليه ثبوتا به أو عنده وإن لزم ضرر المسلم ضمنا والنساء تصلح للأضرار في الجملة.
وأما العلامة فلغة الأمارة كالميل والمنارة وشرعا ما يعرف الحكم به من غير تعلق وجوب ووجود به (1)، وهي إما محض أي خالص شوب الباقية قال على وجود خفي سابق كالتكبير للانتقال وكرمضان في قوله أنت طالق قبل رمضان بشهر وأما ما فيه معنى الشرط كالاحصان كما مر، وإما بمعني العلة كالعلن الشرعية التي هي امارات وإما علامة مجازا كالعلة الحقيقية والشرط الحقيقى ومن فروع العلامة المحضنة لا هو علامة فموضعه هنا لاثمة كما ظن جعل رحمه الله تعالى العجز عن إقامة البينة على زنا المقذوف علامة معرفة لسقوط الشهادة سابقًا بالقذف فبطل شهادته من حين القذف لأن سقوطها أمر حكمي خفي جاز أن يحكم بسبق وجوده عند العجز بخلاف الجلد فإنه فعل حسى لا
(1) انظر / أصول السرخسي (2/ 304).
يمكن الحكم بسبق وجوده على حين نفسه فضلا عن حسن العجز فيكون شرطًا له لا أمارة وذلك بناء على أن علة السقوط نفس القذف لأنه كبيرة وهتك العرض من الأصل عفته لمانع الدين والعقل فكان كسائر الكبائر في كونه سمة الفسق وكفايته في سقوط الشهادة بخلاف الجلد فدل هذا على أن العجز أمارة في حق السقوط شرط في حق الجلد وإن قلنا بتعليقها بالرمي والعجز معا قلنا الجزاء الثابت بالنص من الأمرين فعل كله مفوض إلى الإمام وهما الجلد ورد الشهادة لا سقوطها وقد اعترف أن العجز لا يصلح معرفا للفعل فيكون شرط له وبناؤه على أن القذف كبيرة فاسد لاحتمال أن يكون حسبه لم يمكن إثباته بالبينة ولم يكن مسموعا منهم لأنه إشاعة الفاحشة وبعد العجز يحتمل الحسبة وأصالة العفة لا تصلح علة لإيجاب العفة حتى تصلح علة لاستحقاق رد الشهادة كمجرد القذف وإلا لما قبلت بنية القاذف أصلًا لكن إطلاق الإقدام على دعوى الزنا لما كان بشرط الحسبة وذا بشهود حضور في البلد لا عن ضغينة وبشهود غيب وجب تأخيره إلى آخر المجلس أو ما يراه الإِمام كالمجلس الثاني في رواية عرابي يوسف رحمه الله تعالى ليتمكن من إحضارهم ثم لا يوخر الحكم الظاهر بالعجز لما يحتمل الوجود والأصح أن رعاية جهة الحسبة تقتض أن تقبل بنية القاذف بعد حده على الزنا فيحد له ويبطل رد شهادته قبل التقادم ويقتصر على الثاني بعده كشهادة رجل وامرأتين بسرقة يقبل في المال لا الحد وان قيل أيضًا بأنها لا يقبل بعد الإقامة لأنها حكم بكذب الشهود وكل شهادة حكم بكذبها لا يقبل أصلًا كما إذا رد شهادة الفاسق فأعاذها بعد التوبة. وأما المانع فلظهور معنى المنع لغة وشرعا لم يحتج إلى تعريفه بل قسم إلى مانع للسبب والمانع للحكم ومورد القسمة ما يوجب عدم الحكم أعني مانع الحكم مطلقا لا ما يمنعه بعد تحقق السبب ليتناول الأولين من الخمسة فالمانع للسبب ما يستلزم حكمه تخل تحكمه السبب كالدين في الزكاة فإن حكمه سببه وهو الغني مواساة الفقراء من فضل المال وحكمة الدين وهو وجوب تفريجِ الذمة عن المطالبتين تخل بها إذ لم يدع فضلا يواسي به ثم هو قسمان:
1 -
ما يمنع انعقاده سببًا أي علة كانقطاع وتر الرامي أو انكسار فوق سهمه حسا وبيع الحر وبيع الحر شرعا فحكمه الحرية وهي القدرة الحكمية تخل بحكمة البيع وهي إباحة الابتذال بالتصرف.
2 -
ما يمنع تمامه كالحائط الحائل بين الرامي والمرمي وكون الملك للغير في البيع
الفضولي العقد أصله ولذا لزم بإجازته ولم يتم في حق المالك ولذا بطل بموته ولم يتوقف على إجازة الورثة وإن ثم في حق العاقد حتى لم يقدر على إبطاله فإن حكمه ملك الغير وهي نفاذ تصرفه تخل بحكمة البيع وهي نفاذ تصرف المشتري من غير رضاه والمانع للحكم ما يستلزم حكمة تقتضى نقيض الحكم كالأبوة في القصاص يستلزم حكمه هي كون الأب سببًا لوجوده الآن يقتض أن لا يصير الابن سببا لعدمه ثم هو على ثلاثة أقسام:
1 -
ما يمنع ابتداء الحكم كالترس المانع للجرح وليس كالحائط لاتصاله بالمرمي دونه وخيار الشرط حتى لا يخرج بدل من له الخيار عن مليكه إذ حكمة الخيار وهي إمكان امتناعه تقتضي عدم خروجه وإنما جعل مانعا عن ابتدائه لا عن السبب ولا عن تمام الحكم أو لزومه لما عرف أن ضرورة الاحتزاز عن معنى القمار أوجبت نقله إلى الحكم فاندفعت بابتدائه.
2 -
ما يمنع تمامه كاندمال الجرح لأن تمامه بعدم المقاومة وقد قاوم بالاندمال وخيار الرؤية حتى يمكن الفسخ بلا قضاء ورضاء فحكمته وهي التيقن بالرضاء تقتضى تمكنه منه.
3 -
ما يمنع لزومه كصيرورة الجرح طبعا خامسا لم لمنع ابتداؤه وهو الجرح ولإتمامه لأنه بعدم المقاومة وذا بعدم الاندمال وقد حصل ومنع لزومه لأنه بالسراية فإن الرمي علة للمضي وهو للإصابة وهي للجراحة وهي لسيلان الدم وهو لزهوق الروح ولم يوجد وخيار العيب إذ لا يمنع تمامه فله أن يتصرف فيه كيف ما شاء ولا يرد وأو قبل القبض لا بقضاء أو رضاء ومنع لزومه لأن له أن يرد بأحدهما ولو بعض المبيع وبعد القبض فحمكته وهي الامتناع عن التضرر اقتضته والقاضى أبو زيد رحمه الله تعالى جعل أقسام الموانع أربعة بجعل خيار الرؤية والعيب مما يمنع لزوم الحكم لتمكن المشتري من الفسخ فيهما بعد ثبوت الملك في البدلين.
تنبيهات:
1 -
أن الشرط لما عرف أن عدمه مانع فأما مانع للسبب كالقدرة على التسلم عدمها ينافي حكمه البيع وهي إباحة الانتفاع أو مانع للحكم كالطهارة للصلاة ينافي عدمها حكمه الصلاة وهي تعظيم الباري تعالى.
2 -
الحكم وحكمته متلازمان فكذا منافاته مع منافاتها لأن تفيض الملزوم من الطرفين فلذا يعتبر المنافاة مرة بين الحكمين ونارة بين الحكمتين وأخرى بين القسمين المختلفين.