الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
والنظر في مرآته لا سيما تصرف مملوك يأخذ قطرة من بحر لا ينزف لمالكه النصف بغاية الجود فالعقل يقتضي إباحته لا حرمته ولو سلم الضرر فعارض بتضرر الناجز والناجز والواجب دفعة عقلا ولا أولوية.
2 -
أنه خلق العبد وما ينتفع به فالحكمة تقتضى بإباحته وكيف ترى العقل يحكم يمنع أكرم الأكرمين من اغتراف غرفة من بحر لا ينزف لدفع العطش المهلك وتكليفه التعرض للهلاك كلا، والجواب بأنه ربما خلقه ليشتهيه فيصبر عنه فيثاب معارض بأنه خلقه أو ينفع به غيره فيبقى فيكون عرضة لاكتساب الثواب الكثير ودليل إبطالها بأنه إن أريد أن لا حكم بالحرج فسلم ولا يستلزم الحكم بعدم الحرج وإن أريد خطاب الشارع بعدم الحرج فلا شرع وإن أريد حكم العقل بالتنجيز يناقض ويجيء مثله في الحظر يجاب يمنع التناقض فإن المنفي حكم العقل فيه بخصوصه ولا ينافيه الحكم العام بالإباحة ودليل إبطال التوقف أن التوقف عن السمع مسلم ولتعارض الأدلة فاسد لبطلانها والجواب أنه لعدم الدليل على تعيين الحظر والإباحة في الفعل المعين وقد مر ما في فساد الأدلة وليعلم أن حكم بعض الفقهاء في مباح الأصل بالإباحة ليس إلا لأن عدم المدرك الشرعي مدرك شرعي في التحيز عندهم لقوله تعالى {قل لا أجد} الآية كما سيجيء فلا يلزم منه البناء على حكم العقل.
القسم الثاني في الحكم تعريفًا وتقسيم وأحكامًا
الأول في تعريفه:
قال الغزالي رحمه الله هو خطاب الله تعالى المتعلق بأفعال المكلفين (1) والخطاب توجيه الكلام نحو الغير للإفهام إذا ظهر ويطلق على نفس الكلام كما أن الكلام في الأزل يسمى خطابًا والمعنيان محتملان ها هنا والأول أولى لأنه الأصل وقيد إذا ظهر لادخال خطاب المعدوم على قول الشيخ والتعريف في أفعال المكلفين للجنس مجازًا فيتناول حكم كل مكلف بخصوصه كخواص النبي عليه السلام ولو لم يكن مجازًا لتناوله أيضًا لأن المتعلق بالجميع لا يجب تعلقه بكل فرد كما لا يجب بكل جزء لكن لا بانفراده ولو قال بفعل المكلف لتناوله بانفراده وظهوره لعدم التجوز فهو أولى وإما دفعه بان مقابلة الجمعين يقتض توزيع الآحاد فذلك لأن ذلك بين الأفعال والمكلفين
(1) انظر/ المستصفى للغزالي (1/ 55)، إحكام الأحكام للامدي (1/ 136)، المحصول للرازي (1/ 15)، فواتح الرحموت شرح مسلم الثبوت (1/ 54)، حاشية التلويح على التوضيع (1/ 13 - 16)، نهاية السول للإسنوي (1/ 47).
لا بينهما وبين الخطاب والكلام فيه إلا أن يفسر الخطاب بالخطابات لأن الإضافة قد تفيد العموم وليس مقتضاه تعلق كل خطاب بجمع من الأفعال كما ظن لما قلنا أن التعريف للجنس مجازًا لا للاستغراق وبذلك يندفع أيضًا ما قيل لا يندرج تحته حكم إذ لا حكم يتعلق بكل فعل لكل مكلف فالخطاب جنس وخرج باضافته خطاب غير الله تعالى وبوصفه خطابه المتعلق بذاته وصفاته وأفعاله قيل لكن بقي تحته مثل {وَاللهُ خَلَقَكُمْ وَمَا تَعْمَلُونَ} (الصافات: 96)، والقصص فلا يطرد فزيد بالاقتضاء أو التخيير والمعنى توجيه الكلام النفسي نحو المكلف باقتضاء الفعل أو تركه أو تخييره بينهما ليخرج ذلك ثم أورد الأحكام الوضعية على إنكاسه والوضع حكم الشارع يتعلق شىء بالحكم التكليفي وحصول صفة له باعتباره ككونه دليلًا أو سببًا وقتيًا أو معنويًا أو مانعًا للحكم أو السبب أو شرطًا لأحدهما أو غيرها فريد أو الوضع لتعميمه وربما يجاب عن الأول بأن قيد حيثية التكليف مرادًا أما إن تناول غير الوجوب والحرمة فظاهر وأما إن لم يتناوله فلان حيثية التكليف أعم من ثبوته كما فيهما أو سلبه كما في غيرهما وعن الثاني تارة يمنع خروج الأحكام الوضعية لأن المقصود منها الأحكام التكليفية وأخرى يمنع كونها من المحدود وأقول لو قيل بكفاية التكليف الضمني صح التعريف بلا احتياج إلى زيادة وإضمار فإن جميع خطابات الله تعالى يطلب بها شىء وأقله الاعتبار كما في القصص وفي {وَاللهُ خَلَقَكُمْ وَمَا تَعْمَلُونَ} (الصافات:96)، يراد فاعبدوني بدليل ما قبله على أن قيد الحيثية إنما يزاد عرفا في تعريفات الإضافيات لا مطلقًا وقد مر سائر أبحاثه في صدر الكتاب وقال الآمدي خطاب الشارع بفائدة شرعية فخرج الأخبار بالمحسوسات والمعقولات ولا يفسر الفائدة الشرعية بمتعلق الحكم فإنه دور ولا يعمم وإلا لاندراج الأخبار بما لا يحصى من المغيبات بل بما حصوله بالشرع فخرج الإخبارات لأن مفهومها حاصل ورد الشرع له أم لا لكنه يعلم بالشرع وتوقف حصوله على حكم الشرع لا يقتضى توقف فهمه على فهمه حتى يدور والتحقيقان تصور الحكم يتوقف على تصورها وتصورها على تصور الخطاب لا الحكم بل حصول ذات الفائدة على حصول ذات الحكم وهكذا حكم كل كلام إنشائي فإن الخبر كما أن له نسبة ذهنية فله نسبة خارجية يراد به إعلامها تطابقًا أولا ويمكن العلم بتلك الخارجية من غير الخبر والإنشاء لا يراد به الإعلام الذهنية كالطلب وذلك لا يحصل إلا منه فمثل كتب عليكم الصيام مما يصلح خيرًا وإنشاء تارة يكون حكمًا وأخرى لا قيل فيندرج في التعريف من الانشاء آت ما ليس حكمًا نحو فنعم