الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
عامًّا وخاصة فماهية العلم لكونها اعتبارية جعل تعريفها بالوحدة التي اعتبرها واضع علمه حدًّا له فجعل الموضوع كمادته والعرض الذاتي كصورته وأخذ باعتبارهما محمولان هما كونه علمًا بالموضوع وعلمًا به من الحيثية المخصوصة أو معلومًا هو الموضوع والحيثية المخصوصة إن كان العلم بمعنى المعلوم فجعلا جن سًا وفصلًا كالحيوان من بدن الإنسان والناطق من نفسه وتعريفها بالجهة العرضية المميزة المشتملة على شروط القبول رسمًا فمن مقدمة الشروع ما هو حد لكون التحديد بالأجزاء العقلية لا الخارجية حتى يمتنع فذات المسائل كأعضاء زيد وليس التحديد بها.
4 -
إن كل طالب كثرة كذلك حقه عقلًا أن يعرفها بتلك الجهة ليأمن فوات ما يعنى وضياع وقته فيما لا يعني. فنقول: فحق كل طالب علم أن يعرفه بإحدى الجهتين ليكون على بصيرة في شروعه، أي: بعد تحصيل معرفة إجمالية بجميع مسائله فيأمن الأمرين وفائدته لأمور.
1 -
أن يجزم بأن طلبه ليس عبثًا سواء فسر العبث بما لا فائدة فيجوز انتقاؤه عن فعل الموجب والمختار والغرض هي الفائدة المقصودة أو بما لا يقصد به فائدة ما ففعل الموجب عبث دون المختار سواء كانت الفائدة غرضًا إن لم يمكن تحصيلها إلا بذلك الفعل أولًا إن أمكن كفعل المختار عندنا، وإن كانت الفائدة عائدة إلى العباد دفعًا للاستكمال.
2 -
أن يزداد جده إذا كانت الفائدة مهمة.
3 -
أن لا يصرف فيه وقته إذا لم يعجبه وموضوعه لأمرين:
1 -
أن يحصل له البصير الكاملة بالتميز الذاتي فإن اشتمل تعرفه عليه جاز الاكتفاء بالذكر الضمني وإلا فحقه التصريح بالتصديق لموضوعيته.
2 -
أن يتميز المقصود بالذات عن المقصود بالعرض ليهتم به أكثر منه واستمداده الإجمالي أنه من أي علم يستمد ليرجع إليه عند روم تدقيق التحقيق، وإنما لم يجعله من المبادئ لأن البرهنة على المسائل لا تتوقف بعد معرفة المبادئ التفصيلية على بيان أنها من على كذا.
المقصد الأول في معرفة الماهية
لأصول الفقه معنيان إضافي حده بيان أجزائه المضاف والمضاف إليه والإضافة من حيث يصح تركيبها.
فالأصل في اللغة ما يبتني عليه غيره حسيًا كالبناء على الأساس أو عقليًا كالمعلول على علته والمنقول على المنقول عنه والمشتق على المشتق منه والجزئي على القاعدة الكلية ثم أطلق على الدليل والراجح والمستصحب والقاعدة بخصوصيتها (1).
وقيل: وعلى المحتاج إليه (2) فيحتمل أن يكون عرفًا للبعض ولا تشاح فيه يورد أنه غير مانع للفاعل والصورة والغاية والشروط وإن سلم عدم جواز التعريف بالأعم (3).
والفقه: قيل: معرفة النفس ما لها وما عليها (4)، فالمعرفة لكونها إدراك الجزئيات عن دليل يخرج التقليد وما لها وعليها ما أن يراد بهما ما ينتفع وما يتضرر به في الآخرة كالثواب وعدمه أو لعدم العقاب ووجوده وإما أن يراد ما يجوز وما يحرم وأيًّا ما كان فإن أريد عمومهما للاعتقاديات والوجدانيات اكتفى به وألا يزاد عملًا للاحتراز عنهما واحتمال المعاني الصحيحة يكفي لتصحيح لما قيل لا تظنن بكلمة خرجت من في أخيك سواءًا ما وجدت لها محملًا صحيحًا.
وقيل: هو العلم بالأحكام الشرعية العملية عن أدلتها التفصيلية (5) فالعلم وسيجيء تفسيره كالجنس لما مر أنها ماهيةٌ اعتباريةٌ وإلا كان جنسًا وخرج بالأحكام العلم بالحقائق والصنائع.
والمراد بها ها هنا النسب الحكمية بين الأشياء الخمسة، وأفعال المكلفين التي هي مورد الإيجاب والسلب لأنفسهما ليكون العلم بها تصديقات، ولا المفسر بخطاب الله تعالى المتعلق بأفعال المكلفين بالاقتضاء والتخيير أو ليندرج الوضعي كالتكليفي وهو الخطاب بتعلق شيء بشيء بالدليلية أو السببية أو الشرطية أو المانعية أو نحوها وذلك لئلا يورد تارة على تعريف الحكم بأن الحكم ما ثبت بالخطاب لا عينه فيجاب بأن المراد بالخطاب
(1) قاله أبو الحسن البصري في شرح العمد. انظر / المعتمد لأبي الحسن البصري (1/ 5).
(2)
قاله الإِمام فخر الدين الرازي في المحصل والمنتخب، وتبعه صاحب التحصيل. انظر / المحصول للرازي (1/ 9)، نهاية السول للإسنوي (1/ 7).
(3)
والثالث: ما يستند تحقيق الشيء إليه، قاله الشيخ سيف الدين الآمدي في الإحكام ومنتهى السول. انظر إحكام الأحكام للآمدي (1/ 8).
والرابع: ما منه الشيء، قاله صاحب الحاصل.
والخامس: منشأ الشيء، قاله بعضهم انظر / نهاية السول للإسنوي (1/ 7).
(4)
قاله صدر الشريعة. انظر / التنقيح ومعه التلويح على التوضيح (1/ 10).
(5)
انظر / المحصول للرازي (1/ 10)، المستصفى لحجة الدين الغزالي (1/ 4)، المعتمد لأبي الحسين البصري (1/ 4)، نهاية السول للإسنوي (1/ 22).
أيضًا ما ثبت به أو الحكم إيجاب وإطلاقه على الوجوب مجاز أو هو عين الوجوب بالذات، وإن كان غيره بالاعتبار وبأن الخطاب قديم والحكم حادث كالحل بالنكاح فيجاب تارةً بأن الحادث تعلق الحكم بفعل المكلف لا عينه، وطورًا بأن الحادث ظهوره وإن قدم تعلقه أيضًا وبخروج فعل الصبي فيجاب بأن تعلق الخطاب به باعتبار وليه ولا حكم فيما لا حكم على وليّه، وأخرى على حد الفقه بلزوم تكرار الشرعية فيجاب بأنه تعريف للحكم الشرعي وبخروج ما ثبت بالقياس والإجماع والسنة، فيجاب بأن كلًا منها كاشف عن الخطاب وبخروج نحو آمنوا ولزوم التكرارِ بين العملية والأفعال ويجاب عنهما بأن المراد بالأفعال ما يتناول الجوارح والقَلب وبالعملية ما يخصها فإن كل ذلك تكلف مستغنى عنه.
وخرج بالشرعية العقلية كالتماثل والاختلاف والحسية كحرارة النار والاصطلاحية كرفع الفاعل.
وبالعملية الاعتقادية إذ تسمى أصلية وكلامية كوجوب الإدمان وحجية الإجماع وليست من مسائلنا لأنه إثبات الموضوع والوجدانية كالأخلاق فإنها ملكات لا تتعلق بالمباشرة فهي أولى من الفرعية إلا أن يترادف بينهما اصطلاحًا وبالأخير أصول الفقه كالعلم بوجوب المأمور والخلاف كالعلم عن المقتضى والنافي وعلم المقلد.
وقوله قول مقلدي وظنونًا ليس بدليل أو ليس بتفصيلي والمراد العلم بلا واسطة إذ به الاستناد إلى الأدلة الأربعة عنده، وكذا علم الرسول وجبريل عليهما السلام لأن علمهما بالضرورة لا عن الأدلة، وربما قيل: هما عن الأدلة كوجوب الصلاة من {أَقِمِ الصَّلاةَ} [الإسراء: من الآية 78] لأنه من الغيب الذي لا ينفذ فيه ابتداء إلا علم الله لكن لا بالاستدلال لأن المؤيد من عند الله لا يحتاج إلى النظر بل بتوجه النفس أو الحدس أو قضايا قياساتها معها، فالمراد بعلم الرسول ما عدا مجتهداته إن جوز عليه الاجتهاد فقيد بالاستدلال احترازًا عنهما ومن فهمه مما قبله إما بالالتزام فذكره مقتضى صناعة التحديد أو دفع وهم الشمول، وإما بالمطابقة فذكره للتأكيد والبيان.
وأما علم الله تعالى فإن كان الكلام النفسي هو المعنى المعبر عنه بالعبارات المختلفة كان الحكم بالنسبة إليه لا عن دليل، وإن كان النظم والمعنى جميعًا كان الحكم إنشاء وهو إيجاد معنى ينظم يقارنه في الوجود، والعلم تابع للمعلوم عندنا فكان علمه عن دليل كعلم الرسول في الخروج بالاستدلال.
وقبل الاختلاف في الاحتياج إلى زيادة قيد الاستدلال فيما إذا تعلق عن الأدلة بالعلم أما إذا تعلق بالأحكام أو الفرعية لأن لها معنى الوصفية فلا.
قلنا لو أريد قيد الحيثية أي العلم بالأحكام من حيث هي متفرعة عن الأدلة لم يكن فرق بين التعلقين وقد يقيد الأحكام بالتي لا يعلم كونها من الدين ضرورةً لإخراج مثل وجوب الصلاة والصوم وليس بصحيح لأنه منه إلا أن يصطلح وربما يزاد عليه قيد انضمام العمل لوجوه:
1 -
إن الحكمة التي هي في اللغة العلم مع العمل فسرها ابن عباس رضي الله عنه بالفقه.
2 -
مقارنة الخير الكثير بها في قوله تعالى {وَمَنْ يُؤْتَ الْحِكْمَةَ فَقَدْ أُوتِيَ خَيْرًا} [البقرة: من الآية 269] ولا يقارن العلم إلا بذلك.
3 -
دلالة موضع الاشتقاق نحو طبا فقيهًا بذوات إلا بلام.
4 -
أنه الفقه مندوب إليه بقوله تعالى {فَلَوْلا نَفَرَ} [التوبة: من الآية 122] وبالحديث والعلم المجرد عن العمل ليس كذلك بل مذموم لقوله تعالى {كمَثَلِ الْكَلْبِ} [الأعراف: من الآية 176] و {كمَثَلِ الْحِمَارِ} [الجمعة: من الآية 5] و {لِمَ تَقُولُونَ مَا لا تَفْعَلُونَ} [الصف: من الآية 2] وبالحديث.
5 -
أنه وصفهم بالإنذار المقصود به الحذر ولا يستحق فاعله مدحًا ولا فعله رواجًا إلا بالعمل لقوله تعالى {أَتَأمُرُونَ النَّاسَ} [البقرة: من الآية 44] الآية وعدم اشتراطه في الأمر بالمعروف أمر آخر لا ينافي هذا.
ولما كان ماهية العلم اعتبار انضمام العمل جزءًا من العلم والتحقيق أن كمال العلم بالعمل فالقولان اعتبار المكمل جزءًا وعدمه كما في العمل مع الإيمان ولا مساحة في التسمية لكن الأخير أنسب لغةً وشريعةً.
والفرق على مذهب الحنفية أن الإيمان بدون العمل منجٍ عن عقاب الكفر بالآتية والحديث إلا عند الخوارج والعلم بدونه ليس بمنج عن عقاب الفسق بل يقتضي شدته بالحديث.
وعلى مذهب الشافعية أن الإيمان مبطن له أحكام جارية بين العامة متعدية إلى الكافة فنبط بأمور ظاهرة تدل عليه كالإقرار من جملتها والعمل فعد من أجزائه مثله بخلاف العلم إذ ليس له حكم متعد ليحتاج إلى الأدلة الظاهرة فلم يجعل العمل من أجزائه تحصيل فالأركان عندهم ثلاثة لأنه إن لم يكن مقوّمًا فركن مكمل كالعمل في الفقه عند من يقول
به منا وفي الإيمان عند الشافعية وإن كان مقومًا فأما أبدًا ويسمى ركنًا أصليًا ولازمًا كالتصديق فيه والعمل عند الخوارج وكذا عند المعتزلة إما عدم دخوله في الكفر فلثبوت الواسطة أو في بعض الأحيان ويسمى ركنًا زائدًا كالإقرار فيه حالة الاختيار والنظم في القرآن في غير حالة الصلاة وما يلحق بها عند أبي حنيفة رحمه الله وفي غير حالة الضرورة عندهما ولا مشاحة في الاصطلاح.
وأورد على حدي الفقه بأن المراد بما في الأول وبالأحكام في الثاني أما كلها إن كان للاستغراق والمجموع إنما يراد بالكل المضاف إلى المعرف فأما لام الاستغراق فلكل فرد من أفراد المجموع حقيقة المجموع حقيقة الوحدان مجازًا وأما بعضها إن كان للعهد الخارجي كالأحكام المنصوصة والإجماعية أو الذهني كالنصف أو الأكثر منه كما قيل بجملة غالبة أو مطلق البعض وكذا إن كان للحقيقة لأن حقيقة الجمع أفراد أقلها ثلاثة والمهمل في حكم الجزئي فعلى الأول لا جمع إذ لا فقيه إن كان الاستغراق حقيقيًا أو ليس من قال لا أدري كما لك بفقيه إن كان عُرفيًا بأن أريد كل حكم يقع في الوجوب ويلتفت إليه ذهن المجتهد، وعلى الثاني فيه جهالة إذ لا دلالة ولا إحاطة بالكل أو ليس بمانع المقلد العالم بمثله أو ثلاث عن أدلتها.
وأجيب تارة: باختيار الأول وإرادة الاستغراق العرفي وكون المراد بالعلم التهيؤ القريب له وهو حصول ما يكفي في استعلام كل حكم من معرفة النصوص بمعانيها وسائر شروط الاجتهاد.
ورد بأن لا دلالة للفظ عليه وأن بعض الفقهاء لم يعلموا بعض الأحكام مدة حياتهم كأبي حنيفة رضي الله عنه لم يعلم دهرًا وجواز الخطأ في الاجتهاد وأن لا مساغ للاجتهاد في بعضها.
وأجيب: بأن الدلالة في العلم بالقوة القريبة عرفية وأن عدم العلم في الحالة الراهنة أو الخطأ فيها لا ينافي وجود التهيؤ لجواز أن يكون لتعارض الأدلة أو الوهم مع العقل أو موانع أُخر كعدم تيسير مدة مديدة يقتضيها أو فراغ فيها وأن عدم مساغ الاجتهاد فيما عدا المنصوصة والمجمع عليها مم بدلالة حديث معاذ رضي الله عنه (1).
(1) أخرجه الترمذي (3/ 616) - ح (1327)، والدارمي (1/ 72) - ح (168)، وأبو داود (3/ 303) - ح (3592)، والنسائي في الكبرى (3/ 468) - ح (5944)، والإمام أحمد في مسنده (5/ 230) - ح (22060)، والطبراني في الكبرى (20/ 170)، والخطيب في تاريخ بغداد (13/ 368).
وأخرى باختيار أن المراد مطلق البعض وبالعلم اليقين وبالأدلة الأمارات التي يمكن التوصل بصحيح النظر فيها إلى الظن بمطلوب خبري واليقين من الأدلة الظنية لا يحصل إلا لمجتهد يفيده ظن الحكم الجزم به في حقه وحق مقلديه أما ظنه الذي هو علة الجزم فوجداني وأما عليته فالإجماع المتواتر على أثر الجزم وهو وجوب العمل والفتوى، أو بأن رجحان المرجوح ممتنع فالأولى وجدانية والثانية ضرورية من الدين والحاصل من المقدمتين القطعيتين وهما هذا مظنوني مجتهدًا وكل ما هو كذلك فهو مجزومٌ به في حق مقلدي قطعي غاية الأمران الثابت قطعية في حقه وحق مقلديه لا في نفس الأمر ولذا لم يقطع بتخطئة المخالف اجتهادًا بالإجماع وجاز توليه مجتهد مخالف وذلك لا ينافي صدق تعلق اليقين به لأن صدق الشيء ببعض الاعتبارات طاف في أصل الصدق ومجزومية الحكم في حقه وحق مقلديه هي المرادة بالحكم بمجزومية وجوب العمل والفتوى لا أن الفقه هو العلم بوجوب العمل بالأحكام الخمسة من حيث تعلقها بأفعال المكلفين وفي حقه لا في نفس الأمر ليضره جواز كون وجوب العمل وجوبًا بما يظن أنه حكم الله تعالى كما في نحو خبر الواحد والتحقيق أن مناط الحكم قد يكون نفس المحل كحرمة لحم الخنزير وقد يكون وصفًا خارجًا كحرمة لحم المذكاة فإذا اشتبه مع لحم الميتة وكون ظن المجتهد مناطًا لقطعية الحكم من القبيل الثاني.
ثم الطعن في الإجماع بأن أدلته سمعية فلا يفيد اليقين وفي الدليل العقلي بالنقض بصور ظن يجب العمل فيها بخلافه كشهادة واحد عدل ليس بشيء لأن الحق أن الأدلة السمعية تفيد اليقين بالقرائن العقلية كتواتر القدر المشترك وأن المظنون يجب العمل به ما دام مطنونًا وعند المعارض الأقوى لم يبقَ مظنونًا. نعم يرد على الثاني أن امتناع رجحان المرجوح في نفس الأمر فيلزم أن يثبت به القطعية في نفس الأمر.
وجوابه: إنما يلزم أن لو كان الرجحان في نفس الأمر وهو ممنوع بل عند المستدل.
فإن رد بأن ما يستنبطه المقلد أيضًا قطعي حينئذ وهو خلاف الإجماع.
يجاب بأنه: إنما يلزم لو كان الرجحان الذي عنده معتبرًا وليس كذلك بالإجماع فما رأيه حتى يكون له عند.
ثم تفسير الأمارات بالأدلة الظنية لا محذور فيه إذا لم يجعل الأحكام الثانية بالأدلة القطعية من الفقه وإن جعلت كما هو الحق فاندراجها أما بأن المراد بالظن الراجح الشامل لجواز المرجوح ولعدمه أو بأن المراد إفادة الأدلة من حيث هي، والسمعية إنما يفيد
العقلية أما الجواب بأن المقلد المتمكن من استنباط الحكم عن الأمارات المراد فقيه ففاسد لأن ما يستنبطه إنما يكون علمًا لو أجمع على أثره وهو وجوب العمل موجب ظنه وليس كذلك وبأن المقلد فقيه وقول إمامه أمارة أفسد لأن التقليد ليس بحجة كالإلهام والأمارة حجة وإن سلم فكونه أمارة من حيث هو قول إمامه فليس بدليل تفصيلي ولئن سلم فالمراد الأمارات من الأدلة الأربعة.
ولما زعم البعض أن ذلك الإيراد وارد عدل إلى أنه العلم بكل الأحكام الشرعية العملية التي قد ظهر نزول الوحي بها والتي انعقد الإجماع عليها من أدلتها مع ملكة الاستنباط الصحيح منها فالعالم ببعض ذلك وغير العالم بشيء منه ليس فقيهًا وكذا على الجواب الأول أن لا تهيؤ بدون معرفتها وهذا المجتهد العالم ببعض الأحكام على الجواب الثاني فالحد متساويان ولا يقدح فيه عدم العلم بما نزل به الوحي ولم يظهر.
واعترض بأنه حينئذ علم بجملة تتزايد بالوحي والإجماع ويتناقص بالنسخ والإجماع على خلف خبر الواحد يومًا فيومًا فليس اسمًا لشيء معين.
وبأنه لا يصدق على فقه الصحابة رضي الله عنهم لعدم الإجماع في زمنه عليه السلام وبأنه لا يكون العلم بالأحكام القياسية فقهًا إلا بالنسبة إلى قائسها فهو بالنسبة إلى كل مجتهد شيء آخر.
وبأن الظهور ولو لواحد لا يكفي وإلا لم تكن الصحابة الراجعون إلى عائشة رضي الله عنها مثلًا فقهاء وللأعم الأغلب غير مضبوط.
والجواب على الأولين أن التزايد والتناقص غير قادح في التعين النوعي الكافي وإلا لقد جاء فيما مر أيضًا لأن التهيؤ لا يحصل إلا بمعرفة النصوص الثابتة بمعانيها والمسائل المجمع عليها المتزايدة المتناقصة إن كان وهي المراد.
وعن الثالث أن اعتبار المسائل القياسية لنفسه دور ولغيره للمجتهد لا يجوز.
وعن الرابع بأن ظهور نزول الوحي ثبوته لدى المجتهد في طلب الكل بوجع معتبر شرعًا قطعي كمحكمات الكتاب والسنة المتواترة والمشافه بها أو ظني كغيره منهما.
أو نقول نفس ظهوره لكن لأكثر أهل الحلّ والعقد وذلك مضبوط كالإجماع والأول هو هو.
والإضافة إن كان مضافها دالًا على معنى مشتقًا كان كمكتوب زيدًا وغيره كدق القصار يفيد الاختصاص باعتبار ذلك المعنى وإن لم يدل الأعلى الذات فمطلقًا.